الطعن 17274لسنة 61 ق إدارية عليا جلسة 19 / 3 / 2016
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
الدائرة الثانية- موضوع
بالجلسة المنعقدة علنا برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ سالم عبد
الهادي محروس جمعة نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ أحمد عبد الحميد حسن عبود نائب رئيس
مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ كامل سليمان محمد سليمان نائب رئيس
مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ حسام محمد طلعت محمد السيد نائب رئيس
مجلس الدولة
وعضوية السيد الأستاذ المستشار/ سامح جمال وهبة نصر نائب رئيس مجلس
الدولة
وحضور السيد الأستاذ المستشار/ مصطفى حسين عقل مفوض الدولة
وسكرتارية السيد/ مجدي محمد عامر أمين السر
أصدرت الحكم الآتي
في الطعن رقم 17274 لسنة 61 قضائية. عليا
---------
الوقائع
في يوم الثلاثاء الموافق 6/1/2015 أودع وكيل الطاعنة قلم كتاب هذه
المحكمة تقريراً بالطعن الماثل طلب في ختامه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع
بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 305 لسنة 2014 الصادر بتاريخ 2/9/2014 المنشور
بالجريدة الرسمية بالعدد (35) مكرر (ب) بتاريخ 2/9/2014 فيما تضمنه من تخطي
الطاعنة في التعيين في وظيفة معاون نيابة إدارية بهيئة النيابة الإدارية مع ما
يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وذلك على سند أنها حاصلة على ليسانس الحقوق من كلية الحقوق جامعة
القاهرة دفعة 2009 بتقدير عام جيد جداً بنسبة 84.89%، وقد أعلنت هيئة النيابة
الإدارية عن مسابقة للتعيين في وظيفة معاون نيابة بالهيئة من الحاصلين على درجة
الليسانس من خريجي كليات الحقوق والشريعة والقانون والشرطة، فتقدمت بأوراقها لشغل
هذه الوظيفة واجتازت جميع الاختبارات التي أجريت في هذا الشأن، إلا أنها فوجئت
بصدور القرار المطعون فيه دون أن يتضمن تعيينها رغم أن القرار شمل من هم أقل منها
في التقدير ومن هم أقل منها في مجموع الدرجات، مما يدل على أن الجهة الإدارية
المطعون ضدها قد تعسفت في استخدام السلطة التقديرية المنوطة بها قانوناً، مما حدا
بها إلى إقامة طعنها للحكم لها بما سلف بيانه من طلبات .
وقد أعلن تقرير الطعن على النحو المقرر قانوناً .
وجرى تحضير الطعن بهيئة مفوضي الدولة وأودعت تقريراً مسبباً بالرأي
القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس
الجمهورية رقم 305 لسنة 2014 فيما تضمنه من تخطي الطاعنة في التعيين بوظيفة معاون
نيابة إدارية مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عدا
الرسوم.
وجرى تداول الطعن أمام المحكمة على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة
9/1/2016 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة 19/3/2016 ومذكرات ومستندات لمن
يشاء في شهر، وخلال الأجل المضروب أودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاع المطعون
ضدهم، وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطاعنة تطلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار
رئيس الجمهورية رقم 305 لسنة 2014 فيما تضمنه من عدم تعيينها في وظيفة معاون نيابة
إدارية بهيئة النيابة الإدارية وما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام الجهة المطعون
ضدها المصروفات.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً.
ومن حيث أنه عن موضوع الطعن فإن المادة (35 مكرراً) من القانون رقم
117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المعدل
بالقانون رقم 12 لسنة 1989 على أنه "يكون شغل وظائف أعضاء النيابة الإدارية
سواء بالتعيين أو الترقية بقرار من رئيس الجمهورية، ويعين نواب رئيس الهيئة وسائر
الأعضاء بعد موافقة المجلس الأعلى للنيابة الإدارية
.........".
وتنص المادة (38 مكرراً) من ذات القانون المضافة بالقانون رقم 39 لسنة
1974 والمستبدلة بالقانون رقم 12 لسنة 1989 على أنه "يكون شأن أعضاء النيابة
الإدارية فيما يتعلق بشروط التعيين والمرتبات والبدلات وقواعد الترقية والندب
والإعارة والإجازات والاستقالة والمعاشات شأن أعضاء النيابة العامة".
وتنص المادة (38) من قانون السلطة القضائية الصادر بالقانون رقم 46
لسنة 1972 على أنه "يشترط فيمن يولى القضاء:
(1) أن يكون له متمتعاً بجنسية جمهورية مصر العربية، وكامل الأهلية
المدنية.
(2) ألا تقل سنه عن ........
(3) أن يكون حاصلاً على إجازة الحقوق من إحدى كليات الحقوق بجامعات
جمهورية مصر العربية أو على شهادة أجنبية معادلة لها، وأن ينجح في الحالة الأخيرة
في امتحان المعادلة طبقاً للقوانين واللوائح الخاصة بذلك.
(4) ألا يكون قد حكم عليه من المحاكم أو مجالس التأديب لأمر مخل بالشرف
ولو كان قد رد إليه اعتباره.
(5) أن يكون محمود السيرة حسن السمعة.
كما تنص المادة (116) من ذات القانون على أنه " يشترط فيمن يعين
مساعداً بالنيابة العامة أن يكون مستكملاً الشروط المبينة في المادة (38) على ألا
تقل سنه عن إحدى وعشرين سنة.
ويشترط فيمن يعين معاوناً بالنيابة العامة أن يستكمل هذه الشروط على
ألا تقل سنه عن تسع عشرة سنة ....".
كما نص القانون رقم 17 لسنة 2007 بتعديل بعض أحكام قانون السلطة
القضائية الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 وقوانين الهيئات القضائية في مادته
الرابعة على أنه "يشترط فيمن يعين معاوناً للنيابة العامة، وفي سائر الوظائف
المقابلة لها بالهيئات القضائية المشار إليها في المادة الأولى، أن يكون حاصلاً على
إجازة الحقوق المنصوص عليها في البند (3) من المادة (38) من قانون السلطة القضائية
بتقدير "جيد" على الأقل، وذلك بالنسبة إلى الوظائف التي يتم شغلها بعد
العمل بأحكام هذا القانون".
وقد أشير في المادة الأولى من القانون رقم 17 لسنة 2007 المشار إليه
إلى القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات
التأديبية المعدل بالقانون رقم 12 لسنة 1989.
وقد نشر القانون رقم 17 لسنة 2007 بالجريدة الرسمية العدد 18 بتاريخ 8
مايو 2007 وعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره طبقاً لنص المادة الخامسة منه.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة، وعلى ضوء ما قضت به دائرة توحيد المبادئ
بالمحكمة الإدارية العليا المشكلة طبقا لنص المادة (54 مكرراً) من قانون مجلس
الدولة رقم 47 لسنة 1972، قد جري على أن اجتياز مقابلة اللجنة المشكلة لمقابلة
المتقدمين للتعيين بالوظائف القضائية يكون شرطاً لازماً يضاف إلى شروط التعيين
المنصوص في القانون والتي تنحصر في التمتع بجنسية جمهورية مصر العربية، والحصول
على إجازة الحقوق، وعدم صدور أحكام من المحاكم أو مجالس التأديب في أمر مخل بالشرف
ولو تم رد الاعتبار، وطيب السمعة وحسن السيرة، وأن تلك اللجنة غير مقيدة في اختيار
المتقدمين سوى بمدى توافر الأهلية اللازمة لشغل الوظيفة القضائية المتقدمين إليها،
فهي لا تتقيد بأي اختبارات سابقة تتعلق بالقدرات والعناصر الدالة على توافر أو عدم
توافر تلك الأهلية، وأن سلطتها في الاختيار تكون سلطة تقديرية لا يحدها سوى استهداف
المصلحة العامة، وليس من شك أن القول بغير ذلك إنما يؤدي إلى إهدار كل قيمة لعمل
لجان المقابلة وحلول المحكمة محلها بناء على ضوابط يضعها القاضي ليحدد على أساسها
مدى توافر الأهلية اللازمة لشغل الوظيفة، وتلك نتيجة يأباها التنظيم القضائي ومبدأ
الفصل بين السلطات، وإذ كانت تلك المهمة التي أسندت إلى اللجنة لم تقترن بطريق
صريحة قاطعة ومعيار واضح يحدد لها كيفية أداء مهمتها واستخلاص الأهلية اللازمة
لشغل الوظيفة، فإن ذلك لا يعني حتماً أنها مارست عملها دون ضوابط أو معايير، فلا
جدال في أنها استعانت بالعرف العام الذي يحيط تولي الوظائف القضائية، والوظائف
التي يضفي عليها المشرع هذه الصفة، بمعايير دقيقة وضوابط قاطعة وصفات سامية، بيد
أنه يبقى من غير المسموح به أن تحل المحكمة نفسها محل اللجنة في إعمال تلك
المعايير والضوابط واستخلاص تلك الصفات، وأن سلطة اللجنة التقديرية في مجال التعيين
في الوظائف القضائية سيظل على وجه الدوام واجباً يبتغي وجه الصالح العام باختيار
أكفأ العناصر وأنسبها، وهو أمر سيبقى محاطاً بإطار المشروعية التي تتحقق باستهداف
المصلحة العامة دون سواها وذلك بالتمسك بضرورة توافر ضمانات شغل الوظيفة والقدرة
على مباشرة مهامها في إرساء العدالة دون ميل أو هوى، وأن تلك السلطة التقديرية هي
وحدها التي تقيم الميزان بين حق كل من توافرت فيه الشروط العامة المنصوص عليها في
القانون في شغل الوظائف القضائية وبين فاعلية مرفق القضاء وحسن تسييره، فلا يتقلد
وظائفه إلا من توافرت له الشروط العامة وحاز بالإضافة إليها الصفات والقدرات
الخاصة التي تؤهل لممارسة العمل القضائي على الوجه الأكمل، ومن ثم فإنه إذا أتيحت
للمتقدم فرصة مقابلة اللجنة المنوط بها استخلاص مدى أهليته في تولي الوظيفة
القضائية- والمشكلة من قمم الجهة القضائية التي تقدم لشغل وظائفها- فإنه لا يكون
أمامه إن أراد الطعن على القرار الصادر بتخطيه في التعيين سوى التمسك بعيب
الانحراف بالسلطة، وعندئذ يقع على عاتقه عبء إثبات هذا العيب.
وحيث إنه لا مندوحة من أن يترك لأعضاء تلك اللجان، بما أوتوا من حكمة
السنين التي رقت بهم في وظائف القضاء حتى بلغت منتهاها وأضحوا شيوخاً لرجال القضاء
أن يسبروا أغوار شخصية كل متقدم لشغل الوظيفة القضائية لاستخلاص مدي توافر الصفات
والقدرات الخاصة التي تؤهله لممارسة العمل القضائي على الوجه الأكمل، والتي يتعذر
على الأوراق والشهادات أن تثبتها أو تشير إليها لاختيار أفضل العناصر لتولي
الوظيفة القضائية التي تتطلب في شاغلها فضلا عن الكفاءة العلمية أعلى قدر من
الحيدة والنزاهة والتعفف والاستقامة والبعد عن الميل والهوى، والترفع عن الدنايا
والمشتبهات، والقدرة على مجاهدة النفس الأمارة بالسوء في ظل ظروف الحياة الصعبة
وضغوطها التي تجعل من النفوس الضعيفة فريس للأهواء والنزوات وتسخير المناصب
القضائية الحساسة لتحقيق أهدافها والانحراف بها عن جادة الصالح العام وتلك
اعتبارات وعناصر يتعذر على الشهادات الإدارية أن تنطق بها، كما يتعذر على القوانين
واللوائح أن تضع لها قيوداً أو ضوابط يمكن التقيد بها، فلا مناص من أن توضع
مسئولية اختيار العناصر المناسبة لشغل تلك الوظائف أمانة في عنق شيوخ القضاء
يتحملونها أمام الله وضمائرهم ولا معقب عليهم في ذلك من القضاء ما لم يقم الدليل
صراحة على الانحراف بالسلطة أو التعسف في استعمالها تحقيقاً لأهداف خاصة.
كما أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه لا يشترط شكلاً معيناً لإجراء
المقابلة الشخصية فليس بلازم أن يكون هناك محضراً مكتوباً بل يكفي أن تتاح للمتقدم
فرصة مقابلة اللجنة المعنية لتقييمه والحكم على مدى صلاحيته لشغل الوظيفة القضائية
التي يتقدم لشغلها ومن ثم فإن على المحكمة أن تستوثق من إتاحة الفرصة للمتقدم
للمثول أمام اللجنة لتحديد مدى توافر الأهلية المتطلبة لشغل الوظيفة دون تعقيب
عليها طالما أنها تغيت الصالح العام وليس السبيل الوحيد للفصل في الدعوى هو تقديم
محضر المقابلة الشخصية بل يمكن إثبات اجتياز المرشح للمقابلة الشخصية من عدمه بأي
مستند آخر صادر عن الجهة القضائية يفيد اجتياز أو عدم اجتياز المرشح للمقابلة
الشخصية التي أجريت معه، فإذا ما حوت الأوراق ما يمكن المحكمة من الفصل في الدعوى
في ضوء ما استقر عليه قضاؤها من أن الطاعن قد اجتاز المقابلة الشخصية من عدمه بأي وسيلة
فلها أن تقضي في ضوء ذلك دون مخالفة ما استقر عليه قضاؤها في هذا الشأن.
ومن حيث أنه على هدي ما تقدم ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعنة
حاصلة على ليسانس الحقوق من كلية الحقوق جامعة القاهرة قسم الدراسة القانونية
باللغة الإنجليزية دور مايو دفعة 2009 بتقدير عام جيد جداً مع مرتبة الشرف بنسبة
84.89% وقد أعلنت هيئة النيابة الإدارية عن مسابقة للتعيين في وظيفة معاون نيابة
إدارية، فتقدمت بأوراقها لشغل هذه الوظيفة، وقد اتخذت الجهة الإدارية المطعون ضدها
بشأنها موقفاً جدياً ببحث طلبها، وعقدت لها المقابلة الشخصية واجتازتها بنجاح على
نحو ما هو ثابت من كتاب الأمين العام للمجلس الأعلى للنيابة الإدارية المؤرخ
13/6/2015 المقدم بحافظة مستندات الطاعنة بجلسة 28/11/2015، ثم صدر القرار المطعون
فيه دون أن يتضمن تعيينها في هذه الوظيفة، وأن هيئة النيابة الإدارية لم تفصح عن
سبب عدم تعيين الطاعنة سوى القول بأنها غير ملزمة بتعيين جميع المرشحين الذين
اجتازوا المقابلة الشخصية فضلاً عن تعيين الطاعنة بهيئة قضايا الدولة، وهي حجة
داحضة لا تقوم لها قائمة، وقد خلت الأوراق من الإشارة إلى ظهور أية شواهد أو
إجراءات تؤثر على سمعتها هي وأسرتها أو تنال من جدارتها الاجتماعية أو الشخصية،
ومن ثم يكون القرار المطعون فيه رقم 305 لسنة 2014 فيما تضمنه من عدم تعيين
الطاعنة في وظيفة معاون نيابة إدارية بهيئة النيابة الإدارية، قد استخلص استخلاصاً
غير سائغ من أصول لا تنتجه قانوناً، ووقع مخالفاً لصحيح حكم القانون، فاقداً لركن
السبب، الأمر الذي لا مناص معه من القضاء بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار،
وأن كان ذلك لا يغل يد الجهة المطعون ضدها في اتخاذ بعض الإجراءات للتثبت من
صلاحية الطاعنة ومنها التحريات الأمنية وإجراء الكشف الطبي عليها.
وحيث إن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته عملاً بحكم المادة (184/1) من
قانون مرافعات.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار رئيس
الجمهورية رقم 305 لسنة 2014 فيما تضمنه من عدم تعيين الطاعنة في وظيفة معاون
نيابة إدارية بهيئة النيابة الإدارية وما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين
بالأسباب، وألزمت الجهة المطعون ضدها المصروفات.
صدر هذا الحكم وتلي علنا بجلسة يوم السبت 10 من جماد أخر لسنة 1437
هجرية الموافق 19/3/2016 ميلادية بالهيئة المبينة بصدره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق