الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 17 يونيو 2015

الطعن 294 لسنة 25 ق جلسة 26/3/2005 قتل عمد

هيئة المحكمة: الرئيس الحسيني الكناني والمستشاران علي الدميري ومجاهد الحصري.

المبادئ

1 - 
طعن . نقض . أوامر صاحب السمو رئيس الدولة . طعن النيابة العامة بناء على أوامر صاحب السمو رئيس الدولة . مفاده عدم انطباق ميعاد الطعن بالنقض بالنسبة له .
لما كان الثابت من الأوراق أن الطعن تم بناء على أوامر سامية عليا من صاحب السمو رئيس الدولة – حفظه الله – ومن ثم فإن ميعاد الطعن بالنقض المنصوص عليه في المادة (245/1) من قانون الإجراءات الجزائية لا ينطبق عليه – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – ويكون الدفع على غير أساس متعين الرفض.

2 - 
نيابة عامه . نقض . طعن . صحيفة الطعن بالنقض المرفوعة من النيابة العامة . توقيعها من وكيل أول النيابة واعتمادها من رئيس النيابة مؤداه الطعن مرفوع من ذي صفة .
لما كان الثابت من مطالعة صحيفة الطعن وصوره المرفوعة من النيابة العامة أنها وإن وقع عليه وكيل أول النيابة إلا أنها اعتمدت بتاريخ إيداع الصحيفة من رئيس نيابة النقض ومن ثم فإن الطعن يكون مرفوعا من ذي صفة، ويضحي الدفع على غير أساس متعين الرفض.

3 - 
محكمة الموضوع . إثبات . قتل عمد . لمحكمة الموضوع القضاء بالبراءة . شرطه – التشكك في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو عدم كفاية أدلة الثبوت . وجوب اشتمال حكمها ما يفيد فحصها الأدلة والإحاطة بظروف الدعوى – لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع وتقدير الأدلة والترجيح بينها . مثال : في قضاء بالبراءة من تهمة قتل عمد على غير سند صحيح من القانون
من المقرر - في قضاء هذه المحكمة – أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت إلا أنه يجب أن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الأدلة وأحاطت بظروف الدعوى والتزمت الحقائق الثابت بالأوراق، وأن يكون حكمها قائما على أسباب سائغة تتفق مع الشرع والعقل والمنطق وإلا كان حكمها معيبا مما يؤدي إلى بطلانه. كما إنه من المقرر أيضا – في قضاء هذه المحكمة – أنه وإن كان لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والترجيح بينها والأخذ بما تراه راجحاً منها إلا أن ذلك ليس على إطلاقه بل هو مشروط بأن تكون قد أحاطت بواقعة الدعوى وأدلتها عن بصر وبصيرة وأن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله.

4 - 
إثبات . حكم . شريعة إسلامية . قتل عمد . أولياء الدم . قسامة . القسامة ماهيته الأيمان المكررة في دعوى القتل . يقسم بها أولياء دم القتيل على المتهم أو يقسم بها المتهم على نفي القتل عنه . أساس ذلك شرعاً . الأصل في القسامة أنها شرعت لحفظ الدماء وصيانتها وحتى لا يفلت المجرمون من العقاب مثال : قضاء بالبراءة من تهمة قتل عمد لم يطبق أحكام الشريعة الإسلامية في القسامة وقد تحقق موجبها .
من المقرر شرعا أن القسامة في اصطلاح الفقهاء الأيمان المكررة في دعوى القتل يقسم بها أولياء دم القتيل على المتهم أو يقسم بها المتهم على نفي القتل عنه. وفي الدر المختار ج 10 ص 318 أن القسامة (شرعا اليمين بالله تعالى بسبب مخصوص وعدد مخصوص، على شخص مخصوص، على وجه مخصوص) وفي (المحلى) (هو في الشرع عبارة عن أيمان يقسم بها أولياء الدم على استحقاق دم صاحبهم) وهذا على رأي الإمام مالك والشافعي، وعند أبي حنيفة يقسم بها أهل المحلة على نفي القتل عنهم. وكان بدء القسامة في أيام الجاهلية بدأه أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم، كما في البخاري عن ابن عباس قال: إن أول قسامة كانت في الجاهلية لفينا بني هاشم، الحديث. ثم أقره الإسلام كما في قصة عبد الله بن سهل في خيبر، قال أبو عمر: كانت في الجاهلية فأقرها صلى الله عليه وسلم على ما كانت عليه في الجاهلية، رواه عبد الرزاق وابن وهب، وأخرج مسلم سنده إلى رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار أنه عليه الصلاة والسلام أقر القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية، ثم رواه عن ناس من الأنصار عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله. كذا في الزرقاني، مختصرا ج 4 ص 207. وعن سهل بن أبي حثمة قال انطلق عبد الله بن سهل ومحيصة بن مسعود إلى خيبر وهي يومئذ صلح فتفرقا فأتى محيصة إلى عبد الله بن سهل وهو يتشحط في دمه قتيلا فدفنه ثم قدم إلى المدينة فانطلق عبد الرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة ابنا مسعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذهب عبد الرحمن يتكلم فقال كبر كبر وهو حدث القوم فسكت فتكلما فقال أتحلفون وتستحقون قاتلكم أو صاحبكم ؟ فقالوا كيف نحلف ولم نشهد شيئا ولم نر ؟ قال فتبرئكم يهود بخمسين يميناً ؟ فقالوا كيف نأخذ أيمان قوم كفار فعقله النبي صلى الله عليه وسلم عنده. رواه الجماعة. وفي رواية متفق عليها: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته فقالوا: أمر لم نشهده كيف نحلف ؟ قال فتبرئكم يهود بأيمان خمسين منهم، قالوا يا رسول الله قوم كفار وذكر الحديث بنحوه. واختلف الفقهاء في القسامة فرأى الجمهور أن يعتبر القسامة كطريق من طرق الإثبات في جريمة القتل وعلى الأخص فقهاء المذاهب الأربعة والمذهب الظاهري، وأنكر بعض الفقهاء القسامة ومنهم سالم بن عبد الله وأبو قلابة وعمر بن عبد العزيز في إحدى رواياته باختلاف عنه. والأصل في القسامة أنها شرعت لحفظ الدماء وصيانتها، فالشريعة الإسلامية تحرص أشد الحرص على حفظ الدماء وعدم إهدارها. ولما كان القتل يكفر بينما تقل الشهادة عليه لأن القاتل يتحرى بالقتل مواضع الخلوات جعلت القسامة حتى لا يفلت المجرمون من العقاب وحتى تحفظ الدماء وتصان. ولقد كان من حرص الشريعة على حياطة الدماء ما دعا أحمد إلى القول بأن من مات من زحام يوم الجمعة أو في الطواف فديته في بيت المال. وبمثل هذا قال إسحاق وعمر وعلي فإن سعيداً يروي عن إبراهيم أن رجلاً قتل في زحام الناس بعرفة فجاء أهله إلى عمر فقال بينتكم على من قتله، فقال علي: يا أمير المؤمنين لا يطل دم امرئ مسلم إن علمت قاتله وإلا فأعطه ديته من بيت المال. ويرى الإمام مالك والشافعي وأحمد أن القسامة شرعت لإثبات الجريمة ضد الجاني كلما انعدمت أدلة الإثبات الأخرى أو لم تكن كافية بذاتها لإثبات الجريمة على الجاني، فإذا لم يكن مثلا إلا شاهد واحد على القتل أو لم يكن هناك شهود ولكن وجدت قرينة على أن القتل حصل من المتهم كان لولاة القتيل أن يثبتوا الجريمة على المتهم بطريق القسامة. ويرى أبو حنيفة أن القسامة ليست دليلاً مثبتا للفعل المجرم وإنما هي دليل نفي لأهل المحلة التي وجد فيها القتيل. وأنه من المتفق عليه أن القسامة لا تكون إلا في جريمة القتل فقط، فلا قسامة في جرح ولا في قطع عضو أو فقد منفعة. ومحلالقسامة عند مالك والشافعي وأحمد أن يكون القاتل معينا وأن يكون هناك لوث فإن كان القاتل مجهولاً فلا قسامة عند الأئمة الثلاثة. ويرى الإمام أبو حنيفة أن لا محل للقسامة إلا إذا كان القاتل مجهولاً فإن كان معلوما فلا قسامة ويتبع في إثبات الجريمة ونفيها طرق الإثبات العادية. واللوث عند الإمام مالك والشافعي هو أمر ينشأ عن غلبة الظن بصدق المدعي أو هو قرينة توقع في القلب صدق المدعي – شرح الزرقان ج 8 ص 50 – كوجود جثة القتيل في محل أعدائه أو تفرق جماعة عن قتيل أو رؤية المتهم على رأس القتيل. وقول واحد ممن تقبل شهادته لوث. وهناك خلاف بين المالكية والشافعية على مع يعتبر لوثا فالمالكية يعتبرون ادعاء المجني عليه على المتهم قبل وفاته لوثاً ولا يعتبره الشافعيون كذلك والإشاعة المتواترة لوث عند الشافعيين وليست كذلك عند المالكيين – واللوث عند الإمام أحمد على الرواية المرجوحة هو العداوة الظاهرة بين المقتول والمدعى عليه كنحو ما بين الأنصار ويهود خيبر وكل من بينه وبين المقتول ضغن يغل على الظن أنه قتله. واللوث على الرواية الراجحة عنده هو ما يغلب على الظن صدق المدعي كالعداوة المذكورة سابقاً وكأن يتفرق جماعة من قتيل فيكون ذلك لوثاً في حق كل واحد منهم وكأن يوجد قتيل ولا يوجد بقربه إلا رجل معه سيف أو سكين ملطخ بالدماء ولا يوجد غيره ممن يغلب على الظن أنه قتله. قال الإمام مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا، والذي سمعت ممن أرضى عن القسامة، والذي اجتمعت عليه الأئمة في القديم والحديث أن يبدأ بالأيمان المدعون في القسامة فيحلفون ... وأن القسامة لا تجب إلا بأحد أمرين، إما أن يقول المقتول ... دمي عند فلان أو يأتي ولاة الدم بلوث ... من بينة. وإن لم تكن قاطعة على النحو الذي يدعي عليه الدم. والقسامة عند الإمام مالك والشافعي وأحمد على أولياء القتيل لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (يحلف خمسون رجلاً منكم وتستحقون دم صاحبكم) وعلى هذا أن يحلف أولياء القتيل ابتداء خمسين يمينا. ويستحب أن يستظهر في ألفاظ اليمين في القسامة تأكيداً، فيقول الحالف والله الذي لا إله إلا هو عالم خائنة الأعين وما خفي الصدور إن اقتصر على لفظ والله كفى. ويشترط في اليمين أن تكون على البت وأن تكون قاطعة في ارتكاب المتهم الجريمة بنفسه أو بالاشتراك مع غيره وعلى الحالف أن يبين ما إذا كان الجاني قد تعمد الفعل أم لم يتعمده، فإن لم يحل المدعون حلف المدعى عليه خمسين يمينا وبرئ ويشترط في يمين المدعى عليه ما يشترط في يمين المدعي من البت والقطع ببراءته فيقول مثلاً والله ما قتلته ولا شاركت في قتله ولا فعلت سببا مات منه ولا كان سببا في موته ولا معينا في موته، فإن حلف المدعون استحقوا الدية ولا يستحقون القصاص طبقاً لمذهب الإمام الشافعي الجديد، وإن حلف المدعى عليه خمسون يميناً برئ، وإن لم يحلف المدعون ولم يرضوا أيمان المدعى عليهم برئ المتهمون، ويحلف من ولاة الدم أي المستحقين به خمسون رجلاً من العصبة، ولا يحلف في العمد أقل من رجلين ويستوي أن يكون العاصب وارثا أم غير وارث ولا تحلف النساء في العمد. وللولي إن كان واحداً أن يستعين بعاصبة ولو لم يكن عاصباً للقتيل كامرأة مقتولة ليس لها عصبة غير ابنها وله إخوة من أبيه فله أن يستعين بهم فإن قل عددهم أو نكل بعضهم روت الأيمان عليهم طبقاً للمذهب المالكي.

5 - 
قصاص . اختصاص . محاكم شرعية . شريعة إسلامية. جرائم القصاص والجرائم المنصوص عليها في المادة الأولى في قانون اختصاص المحاكم الشرعية تطبق عليها أحكام الشريعة الإسلامية حداً أو تعزيراً . مادتان 1 ، 2 من قانون اختصاص المحاكم الشرعية رقم 3 لسنة 1996.
من المقرر وفقا لمؤدى نص المادتين 1، 2 من القانون 3/96 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية أن جرائم القصاص والجرائم الأخرى المنصوص عليها في المادة الأولى منه تطبق عليه أحكام الشريعة الإسلامية حداً أو تعزيراً – (أوجز المسالك لموطأ مالك ج 15 ص 150 وما بعدها – التشريح الجنائي الإسلامي – عبد القادر عوده ص 321 وما بعدها)

الوقائع
حيث إن النيابة العامة أسندت إلى المتهمة – المطعون ضدها – ... – أنها في يوم 3/6/1999 بدائرة أبوظبي قتلت عمداً ... بأن بيَّتت النية على قتله، وما أن ظفرت به حدثت مشادة بينهما فقامت بحمله ودفعه خارج شرفة شقتها فسقط أرضاً فحدثت إصابته بالإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. وطلبت عقابها طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء والمادة 332/1 من قانون العقوبات الاتحادي. 
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أنه بتاريخ 3/6/1999 حوالي الساعة الخامسة والربع مساء إثر تلقي اتصال هاتفي من الشرطي /.... من أفراد التحريات يفيد سقوط المجني عليه من الطابق الخامس من البناية التي يسكن بها بشارع السلام وبأسفلها مخابز وحلويات الخليج. وتم نقل المجني عليه في حينه إلى المستشفى المركزي بسيارة الإسعاف. وانتقلت الشرطة إلى مكان الحادث حيث لوحظ أن المجني عليه سقط من شرفة شقته بالطابق الخامس على ألواح خشبية وضعت أسفل المبنى لحماية المشاة من أخطار البناية المجاورة التي تحت الإنشاء ثم سقط بعد ذلك على أرض الشارع، وكانت المتهمة تجلس أسفل البناية برفقة أفراد التحريات وبها آثار جروح بوجهها، وقد تم اصطحابها إلى الشقة رقم (504) محل الواقعة التي خصصها المجني عليه كسكن – وقامت المتهمة بفتح الباب الخارجي حيث يوجد ممر طويل وعلى يسار الداخل من باب الشقة يوج المجلس، حيث كان المجني عليه والمتهمة يجلسان ووجد على منضدة صغيرة به أوراق مدون عليها مسودة اتفاق للتنازل عن القضايا والتزام المتهمة بالسلوك الحسن واحترام الزوج وعدم التدخين، ولم يوجد بالمجلس أو محتوياته أي آثار للعنف، وفي نهاية الممر للداخل من باب الشقة – غرفة النوم الرئيسية وبها الشرفة التي سقط منها المجني عليه ولوحظ أنها غير مرتبة وفي حالة فوضى تدل على حدوث مشاجرة، حيث وجد كرسي التسريحة مهشماً ووجدت بعض أدوات التجميل وأوراق المحارم ملقاة على الأرض. وتمت هذه المعاينة بحضور السيد وكيل النيابة والتحريات والمختبر الجنائي والبصمة، وأثناء المعاينة تبين أن المجني عليه قد فارق الحياة في المستشفى – تم معاينة الجثة وسحب عينة من دم المتوفي وأرسلت إلى المختبر الجنائي لفحصها مخبرياً وجاء بنتيجة الفحص أن نسبة الكحول بدمه 95 % مليجرام – وقد نقلت المتهمة إلى المستشفى ...... يوم الواقعة للعلاج من الجروح التي أصيبت بها، وجاء بالتقرير الطبي أن بها (كدمات متفرقة على فروة الرأس ثلاث كدمات وكدمة أخرى على الحاجب الأيمن وألم في المرفق الأيمن وخدوش بسيطة على الذراع الأيسر) وبسؤال -/ ..... أرملة المجني عليه .... بمحضر جمع الاستدلالات أفادت بأنها تقيم بالشقة رقم 503 المجاورة لشقة المتهمة (الزوجة الثانية للمجني عليه) وأنه يوم الحادث كان بشقتها وخرج حوالي الساعة الثانية والنصف ظهراً لمقابلة أحد أصدقائه، ولدى عودته كانت داخل غرفة النوم ولم تره ولكنها سمعت صوتاً حيث كانت تقوم بالنداء على المجني عليه، وقد أخبرتها ابنته ...... بأن المتهمة قامت بسحب المجني عليه من على باب الشقة إلى شقتها وأغلقت الباب وأنها سمعت المجني عليه يقول يا ..... ألحقيني فقامت ابنته .... بطرق باب شقة المتهمة ولكنها لم تفتح وكان جهاز التسجيل لديها مفتوح بصوت مرتفع، وأضافت بأن المتهمة تقيم معها ابنة المجني عليها وعمرها ستة أشهر وكذلك ابنتها .... من زوج آخر وأن ابنتها .... اتصلت بها وأخبرتها بأن والدها سقط من الشقة، وقبلها بلحظات شاهدت المتهمة تخرج من الشقة وهي تحمل ابنتها الصغيرة وهي في حالة ارتباك وخوف - وأيدت هذه الأقوال بتحقيقات النيابة العامة.

المحكمة
بعد مطالعة الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص والمداولة. 
وبسؤال ...... – شقيق المجني عليه لأمه – بمحضر جمع الاستدلالات قرر أنه أثناء وقوع الحادث كان بمنطقة المصفح وأنه يعلم بوجود خلافات سابقة وقضايا بين أخيه (المجني عليه) والمتهمة. وبسؤال ....... - 12 سنه – ابنة المجني عليه – بمحضر جمع الاستدلالات وبتحقيقات النيابة العامة قررت بأنها أثناء تواجدها بالشقة عندما كان الباب مفتوحاً سمعت صوت والدها – المجني عليه – زوجة أبيها – المتهمة – تطلب منه الحضور وقامت بسحبه إلى داخل شقتها وأغلقت الباب وحدثت مشادة بينهما وسمعت والدها بعد ذلك يستغيث بها وبأمها فقامت بدق جرس الباب عدة مرات دون جدوى، وكان صوت المسجل مرتفعاً ثم شاهدت ابنه المتهمة من رجل سابق تخرج من الشقة وأخبرتها بأن والدتها والمجني عليه في شجار وأنها نزلت للاتصال بالشرطة فلحقت بها ولدى نزولها إلى الشارع شاهدت تجمهر من الناس ووالدها ملقى على الأرض. 
وبسؤال ..... (9 سنوات) ابنة المتهمة من زوج سابق – بمحضر جمع الاستدلالات أفادت بأنها كانت موجودة بالشقة نائمة واستيقظت على صوت صراخ وشجار بين أمها والمجني عليه وأن والدتها طلبت منها الاتصال بالشرطة. وبسؤال المذكورة بتحقيقات النيابة العامة قررت مضمون ما قررته بمحضر الشرطة. وبسؤال المتهمة .... بمحضر جمع الاستدلالات أنكرت ما نسب إليها وقررت أن المجني عليه طليقها وأن بحوزتها شهادة إثبات طلاق من المحكمة الشرعية بأبوظبي، وأنه حضر إليها للتفاهم على إلغاء القضايا المرفوعة منها عليه بالمحكمة وأنه حضر إليها حوالي الساعة الرابعة والربع ظهراً يوم 3/6/1999 ولدى دخوله الشقة قام بضمها إلى صدره ولكنها ابتعدت عنه وجلست بالصالون وجلس هو على الكرسي وأخبرها بأنه حضر للتفاهم وعاتبها على عصبيتها – وطلب منها الاتفاق على شروط التنازل عن القضايا المتبادلة بينهما، فردت عليه بأنه لا بد من حضور شاهد أو محامي لهذا الاتفاق فرفض وانهال عليها بالشتائم التي تناولت عرضها وأهلها ثم قام بضربها وسحبها من شعرها إلى غرفة النوم حيث قام بضربها بسلة المهملات، فاستغاثت بابنتها – ..... – وطلبت منها إبلاغ الشرطة فحاول منع ابنتها من النزول وأنها حاولت الهروب من الشقة ولكنه كان يتابعها، فتوجهت إلى النافذة للاستغاثة لكنه قام بضربها بالتسجيل على رأسها، وقال لها سوف أقتلك فهربت منه إلى غرفة الأولاد وأغلقت الباب خلفها، ثلاث دقائق خرجت من الغرفة حاملة ابنتها الصغيرة وذهبت إلى أحد الجيران بانتظار حضور الشرطة التي أبلغتها هاتفياً. وبسؤال المتهمة ....... بتحقيقات النيابة العامة أنكرت ما نسب إليها من اتهام مقررة أن المجني عليه زوجها ووالد ابنتها ..... – سبعة أشهر – وأنه طلقها في 20/3/1999 وأعادها بفتوى بتاريخ لا تذكره بالضبط، ويوم الحادث كانت زوجة وأنه عندما حضر إليها كان بالشقة ابنتها (.....) وعمرها تسع سنوات و........ عمرها سبعة أشهر وكانتا نائمتين، ثم تناقش معها حول تنازلها عن القضايا التي بينهما في المحكمة (قضايا نفقة ومسكن ومشاجرة بينهما وبين أهله) وأثناء الحديث حدثت مشادة بينهما وأخذ يسبها وأهلها بألفاظ نابية وأنها طلبت منه الخروج حيث كان في حالة سكر وأنها لا تستطيع التفاهم معه في هذه الحالة، وأنه لابد من وجود شهود للتفاهم بينهما وتوقيع الاتفاق. فتعدى عليها وضربها بجهاز التسجيل على رأسها وسحبها من شعرها بالقوة وأخذ يضربها بالأيدي وسلة المهملات وهي تستغيث وتحاول الهرب منه، وعندما استيقظت ابنتها ..... طلبت منها الاستغاثة والاتصال بالشرطة ثم دخلت غرفة البنات واحتمت بها ودخل هو غرفة النوم ولم تسمع صوته ثم خرجت وحملت ابنتها الصغيرة (.....) وهربت من الشقة بعدما أغلقتها عليه وقالت له إنها خارجة لإبلاغ الشرطة لضبطه وهو سكران وأضافت بأقوالها بأنه عندما ضربها بجهاز التسجيل مرتين على رأسها أمسكته من فانلته وحاولت دفعه، وأن ذلك كان وراء باب الشقة وأنكرت صلتها بالواقعة وأنها لم تقم بإلقائه وأنه هو الذي ألقى بنفسه من الشرفة لما أخبرته بأنها خارجة لإخبار الشرطة حيث كان في حالة سكر. وثبت من تقرير الطبيب الشرعي أن وفاة المجني عليه جنائية حدثت بسبب النزيف الداخلي الغزير داخل تجاويف الجسم والجمجمة نتيجة لكسور عظام الطرف السفلي الأيسر والحوض والفقرات والضلوع وقاعدة الجمجمة بسبب السقوط الجنائي من علو وتدل على طبيعة السقوط الجنائي هذه الإصابات والسحجات الظفرية المتكدمة الموصوفة بالتقرير بالكشف الظاهري بجلد العنق واليدين وبالشفة السفلى وحول الكوع الأيمن مما يشير إلى تعرض المتوفى المذكور للعنف الجنائي المتعمد بالضرب والدفع لإحداث سقوط من علو والمتسبب في وفاته، وكذلك تدل هذه الإصابات على المقاومة من المتوفى المذكور وحدوث تشابك مع الجاني المتسبب في وقوعه. وثبت من تقرير المختبر الجنائي أنه من المعاينة الظاهرية لجثة المتوفى والمعاينة الفنية للشقة محل النزاع ومكان سقوط المتوفى تبين الآتي: أولاً 1- جميع الإصابات السابق ذكرها بالبند ثالثاً من المعاينة الفنية بجثة المدعو /...... فيما عدا السحجات الظفرية بالعنق والصدر تنشأ عن الاحتكاك والارتطام بجسم صلب راض خشن السطح 2- لا يمكن الجزم بسبب الوفاة دون إجراء الصفة التشريحية 3- لم توجد بملابس المتوفى أي آثار بيولوجية يشتبه بها ووجدنا آثار مساحات متربة بأعلى الصدر بالدشداشة ولم توجد أي آثار أخرى أو تمزقات يشتبه بها بالملابس 4- عينة دم المتوفى تحتوي على كحول بنسبة 95 % مليجرام – ثانياً:- 1- لم توجد بالشقة رقم 504 محل الحادث أي آثار بيولوجية يشتبه فيها 2 - لم توجد ببلكونة غرفة النوم الرئيسية الواقعة إلى مكان سقوط المتوفى أي آثار على الأرض أو السور أو الملابس المنشورة على المنشر المتحرك داخل البلكونة تشير إلى حدوث عنف أو عراق داخل البلكونة مع الأخذ في الاعتبار المساحة الضيقة المتاحة للحركة بين السور الأيمن ومنشر الغسيل (عرض 50 سم). وأنه من كل ما سبق بالإضافة إلى مكان سقوط المتوفى على مسافة حوالي على مسافة حوالي 2 متر من الواجهة الخلفية فإنه يرجح بأن المتوفى قام بعبور سور البلكونة إلى الخارج ليسقط على الألواح الخشبية لممر المشاة ليرتطم به ثم ينزلق إلى الخارج ويسقط على الأرض. وبسؤال الطبيب الشرعي الدكتور ....... بتحقيقات النيابة العامة أفاد بأن الإصابات التي وردت بالتقرير تدل على حدوث عنف وقع على المجني عليه، وأن الإصابات التي نتجت عن السقوط تؤدي إلى موته وأن هذه الإصابات منها ما حدث داخل الشقة ومنها ما حدث نتيجة السقوط من علو وأن الإصابات الثابتة بمنطقة العنق هي التي أدت إلى دفعه واختلال توازنه وسقوطه من الشرفة وأن الإصابات المذكورة في ظاهر اليدين تدل على محاولته التمسك بشيء قد يكون سور الشرفة ثم الضغط على هذه المنطقة بأيدي الجاني لفكها من التمسك، وأن سور الشرفة منخفض ووزن المجني عليه خفيف جدا مما يسهل دفعه نظراً لنحافته وانتهى إلى أن الوفاة حدثت نتيجة للدفع من الجاني وسقوط المجني عليه من علو إلى الأرض مما أدى إلى إحداث الإصابات التي ذكرت بالتقرير، وأضاف إلى أن الإصابات التي في جسد المجني عليه تدل على الدفع وقد لا يكون الدفع حدث في الشرفة نفسها، وقد يكون بدأ في الغرفة والتي هي ملاصقة للشرفة الضيقة العرض وأن الإصابات التي بظاهر اليدين ترجح الضغط على اليدين بجعلها تنفك من شيء معين. وأفاد تفسيراً للواقعة أنه في توزيع الإصابات وطبيعتها في جسم المجني عليه فإن ذلك يدل على حدوث عنف جنائي وتشابك ومشاجرة معاصرة لحدوث الوفاة والسقوط بما يتصور معه وجود شبهة جنائية، وأن نسبة الكحول الموجودة في عينة دمه تدل على كون المذكور في حالة سكر بين نتيجة تناوله مواد كحولية مباشرة قبل السقوط والوفاة بفترة بسيطة تقل عن الساعة. 
وبسؤال الملازم خبير ....... من قسم الأدلة الجنائية بتحقيقات النيابة العامة قرر بأنه انتقل إلى مكان الحادث وتم معاينة الشقة ولم توجد آثار شجار داخل الشقة إلا في مدخل غرفة النوم ثم انتقل إلى البلكونة وعرضها لا يتجاوز مترا وعشرون سم وطولها 2.60 متر وارتفاع سورها متر وعشر سم من المتر، ويوجد بها منشر متحرك ثم مكان سقوط المتوفى والمسافة بين سقوطه على الألواح الخشبية والبناية حوالي مترين، وبسؤاله عما ذكره بالتقرير بأن سبب الوفاة هو أن المتوفى قام بعبور سور البلكونة إلى الخارج ليسقط على الألواح الخشبية بممر المشاة ثم يسقط على الأرض، قرر بأن الثابت علميا أنه لا يمكن تحديد دوافع السقوط في الإصابات أو حتى الصفة التشريحية للشخص الساقط ، ولكن يعتمد على الظروف المحيطة بالحادث ومعاينة مسرح الجريمة في تحديد دوافع السقوط ولم يتبين من محل السقوط وهو البلكونة (الشرفة) لحجرة النوم الرئيسية بالشقة أية آثار تفيد حدوث تشابك أو تدافع أو محاولات دفع ومقامة من المتوفى نظراً لضيق المسافة المتاحة فيها وأنها لا تتجاوز خمسون سم في وجود منشر الغسيل المتحرك، وأنه يستحيل حدوث شجار بين شخصين في ظل هذه الظروف وذكر أن في تصوره أن المجني عليه قد قام بعبور سور البلكونة والتدلي منه ثم السقوط وأنه سقط على قدميه استناداً إلى الإصابات الواردة بتقرير استشاري الطب الشرعي، علماً بأنه لا يمكن أن يسقط على قدميه إذا ما كان قد تم دفعه فعلاً إضافة إلى أنه لا يمكن أن يسقط على نفس المسافة والتي تقدر بمترين في واجهة البناية إذا ما كان قد تم دفعه فعلاً. وبسؤاله عما ورد بتقرير الطبيب الشرعي أن الإصابات في ظاهر يدي المجني عليه تدل على محاولته التمسك في شيء قد يكون سور الشرفة ثم الضغط على تلك المنطقة بأيدي المتهمة لفكها من التمسك، قرر بأن التصور بحدوث مشاجرة في البلكونة على ضوء ما ذكر في المعاينة أمر مستحيل، فإذا كان قد حدث للمتوفى دفع فعلاً علماً بأنه قصير القامة كما ورد بتقرير الطبيب الشرعي وارتفاع السور متر وعشرة سم وحتى يسقط المتوفى يجب دفعه بقوة كبيرة بأعلى من مستوى ثقل الجسم، وفي هذه الحالة لن تتاح له الفرصة التمسك بالسور أو التعلق به ولا يمكن أن يسقط على قدميه طبقاً لما ورد بتقرير الطبيب الشرعي كما لا يمكن أن يسقط على مسافة تقدر بمترين في واجهة البناية كما حدث فعلاً. وبسؤاله عن تعليله لما ورد بتقرير الطبيب الشرعي قرر أن الإصابات الواردة إجمالاً والتي أدت إلى الوفاة تنشأ عن السقوط من ارتفاع على القدمين وهو ما يتعذر تصوره إذا ما كان المتوفى قد تم دفعه في البلكونة من خلال التصوير السابق لمحل الحادث وإمكانية حدوث المشاجرة والدفع والسقوط بهذه الطريقة وعلى نفس البعد المذكور وهو 2 متر من واجهة البناية وأضاف بأقواله بأنه وطبقا لما ورد بأوراق التحقيق من وجود الغترة والعقال الخاص بالمتوفى بجواره على الأرض لا يتفق مع إمكانية دفع المجني عليه من البلكونة، وذلك لأن الفترة عادة في حالة السقوط ولخفة وزنها ولتأثير الرياح عليها فإنها تسقط بعيداً عن الجثة بل وفي أحيان كثير تعلق في واجهة البناية أو أي أشياء ترتبط بها أثناء سقوطها. 
وبإعادة سؤال استشاري الطب الشرعي حول ما ورد بتقرير المختبر الجنائي عن كيفية تصور سقوط المجني عليه – بتحقيقات النيابة العامة – قرر أنه لا يختلف في جزئية عبور المتوفى السور وسقوطه ولكن وجود الإصابات التي في جسده تدل على الدفع وقد لا يكون الدفع قد حدث في الشرفة نفسها لكن قد يكون بدأ في الغرفة والتي هي ملاصقة للشرفة الضيقة العرض. وبسؤاله عما إذا كان السبب المباشر لسقوط المتوفى نتيجة الدفع من المتهمة قرر بأنه سبب ترجيحي نظراً لوجود الإصابات الموصوفة، وقد يكون التشابك نفسه أدى إلى اختلال توازنه ولكن الإصابات التي بظاهر اليدين ترجح الضغط على اليدين، وهو ما جعله يرجح حدوثها في مثل محاولة الضغط على اليدين لجعلها تنفك من شيء معين. وبسؤاله عما إذا كان المتوفى قد سقط على قدميه أفاد باحتمال هذا ووجود الإصابات بالقدمين والحوض والركبتين وكانت في جسامتها أكثر من إصابات قبوة الجمجمة مما يرجح سقوطه بوضع مائل على القدمين ثم الركبتين ثم ارتطام الرأس بالأرض. 
كما حضر أولياء الدم بوكيل عنهم أمام محكمة أول درجة وطل القصاص. وقدم مذكرة طلب فيها حفظ حق الورثة بالرجوع بالحق المدني على المتهمة. 
ومحكمة جنايات أبوظبي الشرعية حكمت في القضية رقم 7148/99 جنايات أبوظبي بجلسة 30/9/2000 حضوريا بإدانة – المطعون ضدها – ...... لارتكابها جريمة قتل .... عمداً أخذا بتقرير الطب الشرعي ومعاقبتها شرعاً بإلزامها بالدية ومقدارها مائة وخمسون ألف درهم تدفع إلى ورثة المقتول حسب الأنصبة الشرعية ومعاقبتها تعزيراً بالسجن عشر سنوات وحفظ حق الورثة في الرجوع بالحق المدني على المتهمة – المحكوم عليها -. استأنفت المتهمة – المطعون ضدها – هذا الحكم بالاستئناف رقم 1557/2000 شرعي أبوظبي، واستمعت المحكمة المطعون في حكمها بجلسة 22/ /2001 لشهادة الدكتور .... – الخبير بالأدلة الجنائية – والذي أحال في شهادته إلى تقرير الخبرة المقدم في القضية، وأضاف أنه انتقل لمكان الحادث وعاينه وأثبت ذلك في تقريره. 
كما استمعت المحكمة بجلسة 16/9/2001 إلى أقوال الطبيب الشرعي الذي شهد على نحو ما هو ثابت بمحضر الجلسة بأنه حدث شجار بين المتهمة والمجني عليه قبل وقوع الجريمة لكنه لا يجزم بأن المتهمة قامت بإلقاء المجني عليه من البلكونة وأن الشخص الشارب للخمر وفي حالة مثل حالة المتوفى الشارب للخمر يتهيأ له أن الشرفة شارع لأنه غير متزن. وأضاف بأقواله بأنه لم يعاين الشرفة التي حدث منها سقوط المجني عليه ولا الشقة التي حدث فيها الشجار أصلاً. ومحكمة استئناف أبوظبي الشرعية حكمت بجلسة 20/10/2001 حضوريا بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وببراءة المستأنف – المطعون ضدها – ..... مما هو منسوب إليها. 
طعن النيابة العامة على هذا الحكم – بناء على أوامر سامية ليا من صاحب السمو رئيس الدولة – حفظه الله – بصحيفة طعن أودعت قلم كتاب هذه المحكمة في 2/6/2003، وقدمت المطعون ضدها مذكرة بدفاعها دفعت فيها بعدم قبول الطعن شكلاً للتقرير به بعد الميعاد المقرر قانون ومن غير ذي صفة وبرفض الطعن. 
وحيث إنه وعن الدفع المبدي من المطعون ضدها بعدم قبول الطعن شكلاً للتقرير به بعد الميعاد المقرر قانوناً، فإن هذا الدفع غير سديد ذلك أن الثابت من الأوراق أن الطعن تم بناء على أوامر سامية عليا من صاحب السمو رئيس الدولة – حفظه الله – ومن ثم فإن ميعاد الطعن بالنقض المنصوص عليه في المادة (245/1) من قانون الإجراءات الجزائية لا ينطبق عليه – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – ويكون الدفع على غير أساس متعين الرفض. 
وحيث إنه عن الدفع المبدي من المطعون ضدها بعدم قبول الطعن لرفعه من غير ذي صفة تأسيسا على أن الطعن المرفوع من النيابة العامة لم يوقعه رئيس نيابة على نحو ما توجبه المادة (245/2) من قانون الإجراءات الجزائية، فإن هذا الدفع غير صحيح، ذلك أن الثابت من مطالعة صحيفة الطعن وصوره المرفوعة من النيابة العامة أنها وإن وقع عليه وكيل أول النيابة إلا أنها اعتمدت بتاريخ إيداع الصحيفة من رئيس نيابة النقض ومن ثم فإن الطعن يكون مرفوعا من ذي صفة، ويضحي الدفع على غير أساس متعين الرفض. 
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية. 
وحيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال إذ أنه دلل على براءة المطعون ضدها بما لا يسيغه مما يعيبه ويوجب نقضه. وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة – أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت إلا أنه يجب أن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الأدلة وأحاطت بظروف الدعوى والتزمت الحقائق الثابت بالأوراق، وأن يكون حكمها قائما على أسباب سائغة تتفق مع الشرع والعقل والمنطق وإلا كان حكمها معيبا مما يؤدي إلى بطلانه. 
كما إنه من المقرر أيضا – في قضاء هذه المحكمة – أنه وإن كان لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والترجيح بينها والأخذ بما تراه راجحاً منها إلا أن ذلك ليس على إطلاقه بل هو مشروط بأن تكون قد أحاطت بواقعة الدعوى وأدلتها عن بصر وبصيرة وأن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله. 
كما أنه من المقرر شرعا أن القسامة في اصطلاح الفقهاء الأيمان المكررة في دعوى القتل يقسم بها أولياء دم القتيل على المتهم أو يقسم بها المتهم على نفي القتل عنه. وفي الدر المختار ج 10 ص 318 أن القسامة (شرعا اليمين بالله تعالى بسبب مخصوص وعدد مخصوص، على شخص مخصوص، على وجه مخصوص) وفي (المحلى) (هو في الشرع عبارة عن أيمان يقسم بها أولياء الدم على استحقاق دم صاحبهم) وهذا على رأي الإمام مالك والشافعي، وعند أبي حنيفة يقسم بها أهل المحلة على نفي القتل عنهم. وكان بدء القسامة في أيام الجاهلية بدأه أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم، كما في البخاري عن ابن عباس قال: إن أول قسامة كانت في الجاهلية لفينا بني هاشم، الحديث. ثم أقره الإسلام كما في قصة عبد الله بن سهل في خيبر، قال أبو عمر: كانت في الجاهلية فأقرها صلى الله عليه وسلم على ما كانت عليه في الجاهلية، رواه عبد الرزاق وابن وهب، وأخرج مسلم سنده إلى رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار أنه عليه الصلاة والسلام أقر القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية، ثم رواه عن ناس من الأنصار عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله. كذا في الزرقاني، مختصرا ج 4 ص 207. وعن سهل بن أبي حثمة قال انطلق عبد الله بن سهل ومحيصة بن مسعود إلى خيبر وهي يومئذ صلح فتفرقا فأتى محيصة إلى عبد الله بن سهل وهو يتشحط في دمه قتيلا فدفنه ثم قدم إلى المدينة فانطلق عبد الرحمن بن سهل ومحيصة وحويصة ابنا مسعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذهب عبد الرحمن يتكلم فقال كبر كبر وهو حدث القوم فسكت فتكلما فقال أتحلفون وتستحقون قاتلكم أو صاحبكم ؟ فقالوا كيف نحلف ولم نشهد شيئا ولم نر ؟ قال فتبرئكم يهود بخمسين يميناً ؟ فقالوا كيف نأخذ أيمان قوم كفار فعقله النبي صلى الله عليه وسلم عنده. رواه الجماعة. وفي رواية متفق عليها: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته فقالوا: أمر لم نشهده كيف نحلف ؟ قال فتبرئكم يهود بأيمان خمسين منهم، قالوا يا رسول الله قوم كفار وذكر الحديث بنحوه. واختلف الفقهاء في القسامة فرأى الجمهور أن يعتبر القسامة كطريق من طرق الإثبات في جريمة القتل وعلى الأخص فقهاء المذاهب الأربعة والمذهب الظاهري، وأنكر بعض الفقهاء القسامة ومنهم سالم بن عبد الله وأبو قلابة وعمر بن عبد العزيز في إحدى رواياته باختلاف عنه. والأصل في القسامة أنها شرعت لحفظ الدماء وصيانتها، فالشريعة الإسلامية تحرص أشد الحرص على حفظ الدماء وعدم إهدارها. ولما كان القتل يكفر بينما تقل الشهادة عليه لأن القاتل يتحرى بالقتل مواضع الخلوات جعلت القسامة حتى لا يفلت المجرمون من العقاب وحتى تحفظ الدماء وتصان. ولقد كان من حرص الشريعة على حياطة الدماء ما دعا أحمد إلى القول بأن من مات من زحام يوم الجمعة أو في الطواف فديته في بيت المال. وبمثل هذا قال إسحاق وعمر وعلي فإن سعيداً يروي عن إبراهيم أن رجلاً قتل في زحام الناس بعرفة فجاء أهله إلى عمر فقال بينتكم على من قتله، فقال علي: يا أمير المؤمنين لا يطل دم امرئ مسلم إن علمت قاتله وإلا فأعطه ديته من بيت المال. ويرى الإمام مالك والشافعي وأحمد أن القسامة شرعت لإثبات الجريمة ضد الجاني كلما انعدمت أدلة الإثبات الأخرى أو لم تكن كافية بذاتها لإثبات الجريمة على الجاني، فإذا لم يكن مثلا إلا شاهد واحد على القتل أو لم يكن هناك شهود ولكن وجدت قرينة على أن القتل حصل من المتهم كان لولاة القتيل أن يثبتوا الجريمة على المتهم بطريق القسامة. ويرى أبو حنيفة أن القسامة ليست دليلاً مثبتا للفعل المجرم وإنما هي دليل نفي لأهل المحلة التي وجد فيها القتيل. وأنه من المتفق عليه أن القسامة لا تكون إلا في جريمة القتل فقط، فلا قسامة في جرح ولا في قطع عضو أو فقد منفعة. ومحلالقسامة عند مالك والشافعي وأحمد أن يكون القاتل معينا وأن يكون هناك لوث فإن كان القاتل مجهولاً فلا قسامة عند الأئمة الثلاثة. ويرى الإمام أبو حنيفة أن لا محل للقسامة إلا إذا كان القاتل مجهولاً فإن كان معلوما فلا قسامة ويتبع في إثبات الجريمة ونفيها طرق الإثبات العادية. واللوث عند الإمام مالك والشافعي هو أمر ينشأ عن غلبة الظن بصدق المدعي أو هو قرينة توقع في القلب صدق المدعي – شرح الزرقاني ج 8 ص 50 – كوجود جثة القتيل في محل أعدائه أو تفرق جماعة عن قتيل أو رؤية المتهم على رأس القتيل. وقول واحد ممن تقبل شهادته لوث. وهناك خلاف بين المالكية والشافعية على مع يعتبر لوثا فالمالكية يعتبرون ادعاء المجني عليه على المتهم قبل وفاته لوثاً ولا يعتبره الشافعيون كذلك والإشاعة المتواترة لوث عند الشافعيين وليست كذلك عند المالكيين – واللوث عند الإمام أحمد على الرواية المرجوحة هو العداوة الظاهرة بين المقتول والمدعى عليه كنحو ما بين الأنصار ويهود خيبر وكل من بينه وبين المقتول ضغن يغل على الظن أنه قتله. واللوث على الرواية الراجحة عنده هو ما يغلب على الظن صدق المدعي كالعداوة المذكورة سابقاً وكأن يتفرق جماعة من قتيل فيكون ذلك لوثاً في حق كل واحد منهم وكأن يوجد قتيل ولا يوجد بقربه إلا رجل معه سيف أو سكين ملطخ بالدماء ولا يوجد غيره ممن يغلب على الظن انه قتله. قال الإمام مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا، والذي سمعت ممن أرضى عن القسامة، والذي اجتمعت عليه الأئمة في القديم والحديث أن يبدأ بالأيمان المدعون في القسامة فيحلفون ... وأن القسامة لا تجب إلا بأحد أمرين، إما أن يقول المقتول ... دمي عند فلان أو يأتي ولاة الدم بلوث ... من بينة. وإن لم تكن قاطعة على النحو الذي يدعي عليه الدم. والقسامة عند الإمام مالك والشافعي وأحمد على أولياء القتيل لقول الرسول صلى الله عليه وسلم (يحلف خمسون رجلاً منكم وتستحقون دم صاحبكم) وعلى هذا أن يحلف أولياء القتيل ابتداء خمسين يمينا. ويستحب أن يستظهر في ألفاظ اليمين في القسامة تأكيداً، فيقول الحالف والله الذي لا إله إلا هو عالم خائنة الأعين وما خفي الصدور إن اقتصر على لفظ والله كفى. ويشترط في اليمين أن تكون على البت وأن تكون قاطعة في ارتكاب المتهم الجريمة بنفسه أو بالاشتراك مع غيره وعلى الحالف أن يبين ما إذا كان الجاني قد تعمد الفعل أم لم يتعمده، فإن لم يحل المدعون حلف المدعى عليه خمسين يمينا وبرئ ويشترط في يمين المدعى عليه ما يشترط في يمين المدعي من البت والقطع ببراءته فيقول مثلاً والله ما قتلته ولا شاركت في قتله ولا فعلت سببا مات منه ولا كان سببا في موته ولا معينا في موته، فإن حلف المدعون استحقوا الدية ولا يستحقون القصاص طبقاً لمذهب الإمام الشافعي الجديد، وإن حلف المدعى عليه خمسون يميناً برئ، وإن لم يحلف المدعون ولم يرضوا أيمان المدعى عليهم برئ المتهمون، ويحلف من ولاة الدم أي المستحقين به خمسون رجلاً من العصبة، ولا يحلف في العمد أقل من رجلين ويستوي أن يكون العاصب وارثا أم غير وارث ولا تحلف النساء في العمد. وللولي إن كان واحداً أن يستعين بعاصبة ولو لم يكن عاصباً للقتيل كامرأة مقتولة ليس لها عصبة غير ابنها وله إخوة من أبيه فله أن يستعين بهم فإن قل عددهم أو نكل بعضهم روت الأيمان عليهم طبقاً للمذهب المالكي. 
وأن من المقرر وفقا لمؤدى نص المادتين 1، 2 من القانون 3/96 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية أن جرائم القصاص والجرائم الأخرى المنصوص عليها في المادة الأولى منه تطبق عليه أحكام الشريعة الإسلامية حداً أو تعزيراً – (أوجز المسالك لموطأ مالك ج 15 ص 150 وما بعدها – التشريح الجنائي الإسلامي – عبد القادر عوده ص 321 وما بعدها). 
لما كان ذلك وكان الثابت من مطالعة الأوراق ومن أقوال ..... – أرملة المجني عليه التي قررت بأنها تقيم بالشقة المجاورة لشقة المتهمة وأن المتهم يوم الحادث كان عندها بشقتها وخرج لمقابلة أحد أصدقائه ولدى عودته كانت داخل غرفة النوم ولم تره ولكنها سمعت صوت المتهمة حيث كانت تقوم بالنداء على المجني عليه وأخبرتها ابنتها ..... بأن المتهمة قامت بسحب المجني عليه من على باب الشقة وإدخاله إلى شقتها وقامت بغلق الباب وأنها سمعت المجني عليه يقول يا ..... الحقيني، فقامت ابنته أميرة بطرق الباب إلا أنها لم تفتح باب الشقة وأن ابنتها .... اتصلت بها وأخبرتها بأن والدها سقط من الشقة وقبلها بلحظات شاهدت المتهمة تخرج من الشقة وتحمل ابنتها وهي في حالة ارتباك وخوف، ومن أقوال ابنة المجني عليه – ....... و.... اللتان قررتا بنحو ما قررته الشاهدة السابقة وما ورد بالتقرير الطبي الشرعي الذي تضمن أن هناك فعل جنائي، وأنه من الممكن حدوثه من المتهمة ومن أقوال ..... – شقيق المجني عليه لأمه بأنه يعلم بوجود خلافات مسبقة بين المتهمة والمجني عليه. ومن اعتراف المتهمة بالتحقيقات من أنها كانت في شجار دائم مع المجني عليه وأن المجني عليه كان يريد قتلها مقررة بأن الشجار الذي حدث بينهما انفصل عن سقوط المجني عليه. كما إنها وجدت قرب جثة المجني عليه وهو يتشحط في دمه وعليها الأمارات الكافية بجسدها وجسده من اعترافها المفصل بحدوث الشجار السابق على حدوث سقوط المجني عليه، ومن ثم فإن موجب القسامة قد تحقق لوجوب لوث وقد اتهم أهلية المجني عليه المتهمة بقتله وإذ كان الثابت من مطالعة الأوراق أن المحكمة المطعون في حكمها عرضت يمين القسامة على المتهمة بجلسة 2/10/2001 فوافقت على حلفها إلا أنها أعرضت عن ذلك على سند من القول بأنالقسامة لا تكون إلا بطلب من أولياء الدم، وكان على المحكمة إزاء وجود اللوث وموجبات القسامة استدعاء أوليا الدم وتوجيه أيمان القسامة إليهم فإنهم حلفوها على نحو ما تقرر استحقوا دية المجني عليه وإن ردوها على المتهمة وقبلتها وحلفتها برئت. وإن لم يحلفوا ولم يردوها عليها برئت أيضاً. وإذ خالف الحكم المطعون فيه ذلك وقضى بالبراءة ولم يطبق أحكام الشريعة الإسلامية على واقعة الدعوى وهي القسامة لتحقق موجبها فإنه يكون قد خالف أحكام الشريعة الإسلامية والقانون بم يوجب نقضه، وعلى أن يكون مع النقض الإحالة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق