الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 3 يونيو 2015

الطعن 10967 لسنة 65 ق جلسة 31 / 7 / 1997 مكتب فني 48 ق 126 ص 825

  برئاسة السيد المستشار / عادل قورة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / أحمد عبد الرحمن وعاطف عبد السميع نائبى رئيس المحكمة ورضا القاضى ومحمد عيد محجوب.
--------------
1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه إقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام إستخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة فى العقل والمنطق ولها أصلها الثابت فى الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة الشاهد، فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، ولما كانت المحكمة قد إطمأنت إلى أقوال شاهدى الاثبات وصحة تصويرهما للواقعة، فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة فى صورة الواقعة بدعوى عدم معقوليتها ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل مما يدخل فى سلطة محكمة الموضوع ولا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

2 - من المقرر أن المادة 91 من قانون الاجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 فيما إستحدثت من تسبيب الأمر بدخول المسكن أو تفتيشه لم ترسم شكلاً خاصاً للتسبيب، كما أن من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ إصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التى يوكل تقديرها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فإذا كانت هذه السلطة قد أصدرت أمرها بالتفتيش من بعد إطلاعها على محضر التحريات المقدم إليها من طالب الأمر بالتفتيش فإن الاستجابة لهذا الطلب تفيد أن تلك السلطة لم تصدر أمرها إلا بناء على إقتناعها بجدية وكفاية الأسباب أسباباً لأمرها هى دون حاجة إلى تصريح بذلك لما بين المقدمات والنتيجة من لزوم. وإذ كانت الحال فى الدعوى الماثلة وعلى ما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن النيابة العامة حين أصدرت أمرها بالتفتيش مثار الطعن إنما أصدرته من بعد إطلاعها على محضر التحريات المقدم إليها من الضابط طالب الأمر وما تضمنه من أسباب توطئة وتسويغاً لإصداره فإن بحسب أمرها ذلك كى يكون محمولاً على هذه الأسباب بمثابتها جزءاً منه وبغير حاجة إلى إيراد تلك الأسباب فى الأمر نفسه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان إذن التفتيش بما يتفق مع ما تقدم فإن النعى عليه فى هذا الشق يكون غير سديد.

3 - لما كان تعاصر صدور الإذن مع إذنين آخرين إختصا بمتهمين آخرين من رهط الطاعنين ليس فيه فى ذاته ما يحمل على الشك فى صحة أقوال الضابط طالب الأمر أو يقدح فى سلامة الاجراءات ما دامت الجهة الآمرة بالتفتيش قد رأت فى الإذن بالتفتيش. فإن ما يثيرانه فى هذا الصدد غير سديد.

4 - لما كانت المحكمة قد ردت على منازعة الطاعنين فى إجراءات الوزن والتحريز بقولها " والمحكمة تطمئن وبحق إلى أن المسحوق المخدر الذى ضبط المتهم محرزاً له هو الذى تم تحليله بمعرفة المعمل الكيماوى وذلك من واقع بيانات إستمارة الأشياء المرسلة للبحث والمحررة بمعرفة الكيمائى القائم بالتحليل والتى جاءت مطابقة لبيانات الحرز والأمر مرجعه إطمئنان المحكمة والتى تلتفت عن كل ما أثير فى هذا الصدد". وكان من المقرر أنه متى كانت المحكمة قد إطمأنت إلى أن العينة المضبوطة هى التى إرسلت للتحليل وصار تحليلها وإطمأنت كذلك إلى النتيجة التى إنتهى إليها التحليل - كما هو الحال فى الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هى قضت فى الدعوى بناء على ذلك.

5 - من المقرر أن إجراءات التحريز إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلان ما، بل ترك الأمر فى ذلك إلى إطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل وأن الاحراز المضبوطة لم تصل إليها يد العبث. وإذ كانت المحكمة قد أقامت قضاءها على عناصر صحيحة وسائغة وإطمأنت إلى عدم حصول عبث بالمضبوطات فإنه لا يقبل من الطاعنين ما يثيرانه فى هذا الصدد إذ لا يعدو فى حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.

6 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة الأخير أن الدفاع الحاضر مع الطاعنين قرر أن ليس لديه طلبات فى الدعوى وإختتم المحامون المترافعون مرافعاتهم بطلب البراءة، ومن ثم فليس للطاعنين من بعد أن ينعيا على المحكمة قعودها عن سماع شاهدى الاثبات وضم دفتر الأحوال وإجراء معاينة لمكان الضبط ولو كانا قد طلبا ذلك فى جلسات سابقة، وذلك لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تستغنى عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد فى حكمها على أقوالهم التى أدلوا بها فى التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث، ولما هو مقرر من أن الطلب الذى تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذى يقرع سمع المحكمة ويصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك والإصرار عليه فى طلباته الختامية، ولا كذلك فى الدعوى الماثلة طلب الطاعنين بضم دفتر الأحوال وإجراء المعاينة، ومع هذا فإن طلب المعاينة فى صورة الدعوى لا يتجه إلى نفى الفعل المكون للجريمة أو إثبات إستحالة حصول الواقعة كما رواها الشاهدان، وإنما المقصود به إثارة الشبهة فى الدليل الذى إطمأنت إليه المحكمة، ومن ثم فإنه يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته.

7 - لما كان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التى صحت لديه على ما إستخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعنين ولا عليه أن يتعقبهما فى كل جزئية من جزئيات دفاعهما لأن مفاد إلتفاته عنها أنه أطرحها.

8 - لما كان الدفع بتلفيق التهمة هو من الدفوع الموضوعية التى لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً إكتفاء بما تورده من أدلة الإثبات التى تطمئن إليها، فإن ما يثيره الطاعنان حول دلالة طمس التوقيع على محضر ضبط الجناية المشار إليها بأسباب الطعن، وبشأن تلفيق الاتهام، لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى وإستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.

9 - لما كان القصد الجنائى فى جريمة إحراز أو حيازة الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث إستقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته فى حكمها كافياً فى الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه مخدراً. وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن أيا من الطاعنين لم يدفع بإنتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه فى مدوناته كافياً فى الدلالة على إحراز الطاعنين للمخدر المضبوط مع كل منهما وعلى علمهما بكنهه ترتيباً على ذلك، فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم من قصور فى هذا الصدد يكون غير سديد.

10 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل فى بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة مع ما إستند إليه الحكم منها، وكان من المقرر كذلك أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود إن تعددت وبيان وجه أخذها بما إقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه. ولا يؤثر فى هذا النظر إختلاف الشهود فى بعض التفصيلات التى لم يوردها الحكم، ذلك بأن لمحكمة الموضوع فى سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه دون أن يعد هذا تناقضاً فى حكمها، وإذ كان الطاعنان لا يجادلان فى أن ما نقله الحكم من أقوال الضابط ....... له أصله الثابت فى الأوراق ولم يخرج الحكم عن مدلول شهادته فلا ضير على الحكم من بعد إحالته فى بيان أقوال الشاهد الثانى إلى ما أورده من أقوال الضابط المذكور ولا يؤثر فيه أن تكون أقوالهما إختلفت - على فرض صحة ذلك - بشأن بعض التفصيلات التى لم يحصلها الحكم إذ أن مفاد إحالة الحكم فى بيان أقوال الثانى إلى ما حصله من أقوال الأول فيما إتفقا فيه أنه إلتفت عن هذه التفصيلات مما تنحسر معه عن الحكم دعوى القصور فى التسبيب والخطأ فى الاسناد.

11 - لما كان تحدث الحكم عن الطاعنين بصيغة المفرد فى مواضع منه لا يغدو أن يكون على ما يبين من مدوناته المتكاملة مجرد خطأ مادى فى الكتابة لم يكن بذى تأثير على حقيقة تفطن المحكمة للواقع المعروض عليها، فإن ما يثيره الطاعنان فى هذا الصدد غير سديد.
------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أحرزا بقصد الإتجار جوهرا مخدرا "هيروين" فى غير الأحوال المصرح بها قانونا . وأحالتهما إلى محكمة جنايات العريش لمعاقبتهما طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمواد 1 ، 2 ، 38 ، 42/1  من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانونين رقمى 61 لسنة 1977 ، 122 لسنة 1989 والبند رقم 2 من الجدول رقم 1 مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنوات وتغريمهما مائتى ألف جنيه وبمصادرة المخدر المضبوط بإعتبار أن الإحراز مجردا من القصود .
فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض ..... إلخ .
--------------
المحكمة
حيث ينعى الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة إحراز مخدر الهيروين شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد, ذلك بأن الدفاع عن الطاعنين نازع في صورة الواقعة كما سطرها الضابطان ودفع ببطلان الإذن بالضبط والتفتيش لخلوه من التسبيب وتعاصر صدوره مع إذنين آخرين اختصا بمتهمين من رهط الطاعنين ولابتنائه على تحريات غير جدية خلت من تحديد مهنة الطاعنين وعنوانهما بالكامل, كما دفع ببطلان إجراءات التحريز وبحصول عبث بالأحراز ينبئ عن أن ما تم ضبطه غير ما تم تحليله, وطلب سماع شاهدي الإثبات ومعاينة مكان الضبط وضم دفتر الأحوال, بيد أن المحكمة ردت على تلك الدفوع بما لا يصلح رداً ولم تجب الدفاع إلى ما طلبه, ولم تعرض المحكمة لما أثاره الدفاع عن طمس التوقيع على محضر الضبط في الجناية رقم 102 لسنة 1964 التي كانت تنظر مع الجناية موضوع الطعن واستبداله بتوقيع ضابط الواقعة ودلالة ذلك, كما أغفلت إيراداً ورداً الدفع بتلفيق الاتهام بالرغم من أنه تأيد ببرقيات تسانده, ولم يستظهر الحكم القصد الجنائي لدى الطاعنين وعلمهما بكنة المخدر, وأحال في بيان أقوال الرائد ......... إلى ما أورده من أقوال الضابط .......... مع اختلاف الروايتين بشأن التحريات والإذن ووقت وكيفية الضبط ودور كل منهما فيه, وتحدث الحكم في مواضع منه عن متهم واحد بصيغة المفرد مع أن بالدعوى متهمين, وكل أولئك يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز مخدر الهيروين التي دان الطاعنان بها, وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها استمدها من أقوال ضابطي الواقعة وما أثبته تقرير المعمل الكيماوي, لما كان ذلك, وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها الثابت في الأوراق, وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكا لتقدير محكمة الموضوع ومتى أخذت بشهادة شاهد, فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها, ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهدي الإثبات وصحة تصويرهما للواقعة, فإن ما يثيره الطاعنان من منازعة في صورة الواقعة بدعوى عدم معقوليتها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض, لما كان ذلك, وكان من المقرر أن المادة 91 من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم 37 لسنة 1972 فيما استحدثت من تسبيب الأمر بدخول المسكن أو تفتيشه لم ترسم شكلاً خاصاً للتسبيب, كما أن من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لتسويغ إصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل تقديرها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع فإذا كانت هذه السلطة قد أصدرت أمرها بالتفتيش من بعد إطلاعها على محضر التحريات المقدم إليها من طالب الأمر بالتفتيش فإن الاستجابة لهذا الطلب تفيد أن تلك السلطة لم تصدر أمرها إلا بناء على اقتناعها بجدية وكفاية الأسباب التي أفصح عنها طالب الأمر في محضره وعلى اتخاذها بداهة هذه الأسباب أسباباً لأمرها هي دون حاجة إلى تصريح بذلك لما بين المقدمات والنتيجة من لزوم, وإذ كانت الحال في الدعوى الماثلة وعلى ما يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن النيابة العامة حين أصدرت أمرها بالتفتيش مثار الطعن إنما أصدرته من بعد إطلاعها على محضر التحريات المقدم إليها من الضابط طالب الأمر وما تضمنه من أسباب توطئة وتسويغا لإصداره فإن بحسب أمرها ذلك كي يكون محمولا على هذه الأسباب بمثابتها جزءا منه وبغير حاجة إلى إيراد تلك الأسباب في الأمر نفسه, لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه قد رد على الدفع ببطلان إذن التفتيش بما يتفق مع ما تقدم فإن النعي عليه في هذا الشق يكون غير سديد, لما كان ذلك, وكان تعاصر صدور الإذن مع إذنين آخرين اختصا بمتهمين آخرين من رهط الطاعنين ليس فيه في ذاته ما يحمل على الشك في صحة أقوال الضابط طالب الأمر أو يقدح في سلامة الإجراءات مادامت الجهة الآمرة بالتفتيش قد رأت في تحرياته واستدلالاته ما يفيد قيام الجريمة ونسبتها إلى الطاعنين مما يسوغ لها إصدار الإذن بالتفتيش, فإن ما يثيرانه في هذا الصدد غير سديد, لما كان ذلك, وكانت المحكمة قد ردت على منازعة الطاعنين في إجراءات الوزن والتحريز بقولها والمحكمة تطمئن وبحق إلى أن المسحوق المخدر الذي ضبط المتهم محرزا له هو الذي تم تحليله بمعرفة المعمل الكيماوي وذلك من واقع بيانات استمارة الأشياء المرسلة للبحث والمحررة بمعرفة الكيميائي القائم بالتحليل والتي جاءت مطابقة لبيانات الحرز والأمر مرجعه اطمئنان المحكمة والتي تلتفت عن كل ما أثير في هذا الصدد, وكان من المقرر أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن العينة المضبوطة هي التي أرسلت للتحليل وصار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل, كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك, هذا فضلا عما هو مقرر من أن إجراءات التحريز إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلان ما, بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل وأن الأحراز المضبوطة لم تصل إليها يد العبث, وإذ كانت المحكمة قد أقامت قضاءها على عناصر صحيحة وسائغة واطمأنت إلى عدم حصول عبث بالمضبوطات فإنه لا يقبل من الطاعنين ما يثيرانه في هذا الصدد إذ لا يعدو في حقيقته أن يكون جدلاً موضوعياً مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك, وكان البين من محضر جلسة المحاكمة الأخير أن الدفاع الحاضر مع الطاعنين قرر أن ليس لديه طلبات في الدعوى واختتم المحامون المترافعون مرافعاتهم بطلب البراءة, ومن ثم فليس للطاعنين من بعد أن ينعيا على المحكمة قعودها عن سماع شاهدي الإثبات وضم دفتر الأحوال وإجراء معاينة لمكان الضبط ولو كانا قد طلبا ذلك في جلسات سابقة, وذلك لما هو مقرر من أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمنا دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات مادامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث, ولما هو مقرر من أن الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية, ولا كذلك في الدعوى الماثلة طلب الطاعنين بضم دفتر الأحوال وإجراء المعاينة, ومع هذا فإن طلب المعاينة في صورة الدعوى لا يتجه إلى نفي الفعل المكون للجريمة أو إثبات استحالة حصول الواقعة كما رواها الشاهدان, وإنما المقصود به إثارة الشبهة في الدليل الذي اطمأنت إليه المحكمة, ومن ثم فإنه يعتبر دفاعاً موضوعياً لا تلتزم المحكمة بإجابته, لما كان ذلك, وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعنين ولا عليه أن يتعقبهما في كل جزئية من جزئيات دفاعهما لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها, وكان الدفع بتلفيق التهمة هو من الدفوع الموضوعية التي لا تستلزم من المحكمة رداً خاصاً اكتفاء بما تورده من أدلة الإثبات التي تطمئن إليها, فإن ما يثيره الطاعنان حول دلالة طمس التوقيع على محضر ضبط الجناية المشار إليها بأسباب الطعن, وبشأن تلفيق الاتهام, لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك, وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز أو حيازة الجوهر المخدر يتحقق بعلم المحرر أو الحائز بأن ما يحرزه أو يحوزه من المواد المخدرة, وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على علم المتهم بأن ما يحرزه مخدراً, وإذ كان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن أيا من الطاعنين لم يدفع بانتفاء هذا العلم, وكان ما أورده الحكم المطعون فيه في مدوناته كافيا في الدلالة على إحراز الطاعنين للمخدر المضبوط مع كل منهما وعلى علمهما بكنهه ترتيبا على ذلك, فإن ما ينعاه الطاعنان على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون غير سديد, لما كان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة شاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر مادامت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها, وكان من المقرر كذلك أن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه, ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم، ذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه وإطراح ما عداه دون أن يعد هذا تناقضا في حكمها, وإذ كان الطاعنان لا يجادلان في أن ما نقله الحكم من أقوال الضابط 000 له أصله الثابت في الأوراق ولم يخرج الحكم عن مدلول شهادته فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشاهد الثاني إلى ما أورده من أقوال الضابط المذكور ولا يؤثر فيه أن تكون أقوالهما اختلفت على فرض صحة ذلك - بشأن بعض التفصيلات التي لم يحصلها الحكم إذ أن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوال الثاني إلى ما حصله من أقوال الأول فيما اتفقا فيه أنه التفت عن هذه التفصيلات مما تنحسر معه عن الحكم دعوى القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد, لما كان ذلك, وكان تحدث الحكم عن الطاعنين بصيغة المفرد في مواضع منه لا يعدو أن يكون على ما يبين من مدوناته المتكاملة مجرد خطأ مادي في الكتابة لم يكن بذي تأثير على حقيقة تفطن المحكمة للواقع المعروض عليها, فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد غير سديد, ولما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق