جلسة 24 من سبتمبر سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ ناجي اسحق نقديموس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم عبد المطلب وأحمد عبد الباري سليمان ومحمود دياب وحسين الجيزاوي نواب رئيس المحكمة.
----------------
(139)
الطعن رقم 2715 لسنة 65 القضائية
(1) إجراءات "إجراءات التحقيق". نيابة عامة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
اختيار المحقق لمكان التحقيق. متروك لتقديره حرصاً على صالح التحقيق وسرعة إنجازه. شرط ذلك؟
خشية المتهم من سلطان وظيفة رجال الشرطة. لا يعد إكراهاً مبطلاً للاعتراف.
(2) قتل عمد. جريمة "العدول عنها".
مجرد إفصاح المتهم الثاني للمتهم الأول عن رغبته في عدم قتل المجني عليه. في الوقت الذي تحفز فيه الأخير لقتله وسرقة أمواله. دون أن يأتي بأفعال إيجابية تكشف عن إرادته في عدم إتمام تنفيذ الجريمة أو يحول بين المتهم الأول وتنفيذه قصده المصمم عليه. لا يعد عدولاً اختيارياً عن ارتكابها.
(3) قتل عمد. سرقة. "سرقة بإكراه". مسئولية جنائية.
عدم تدخل المتهم في الاعتداء على المجني عليه أثناء قيام المتهم الآخر بقتله. لا ينفي مساهمته في جريمة القتل العمد. ما دام ظل باقياً بمكان الحادث بجانب المتهم الآخر حاملاً أداة أعدت لاستعمالها في تلك الجريمة حتى تمامها.
(4) نقض "الطعن للمرة الثانية". محكمة النقض "نظرها الدعوى والحكم فيها".
مثال لحكم صادر بالإدانة من محكمة النقض لدى نظرها موضوع الدعوى في جريمة قتل عمد مع سبق الإصرار.
(5) مسئولية مدنية.
توافر أركان المسئولية المدنية. أثره؟ المادة 163 مدني.
2 - من المقرر أن مجرد إفصاح المتهم الثاني للمتهم الأول عن رغبته في عدم قتل المجني عليه وقت وجودهما داخل شقة المجني عليه، وفي الوقت الذي كان فيه المتهم الأول متحفزاً لارتكاب الفعل الإجرامي، ويتحين الفرصة لتنفيذ الجريمة المتفق عليها فيما بينهما وهي قتل المجني عليه وسرقة أمواله، دون أن يأتي المتهم الثاني من الأفعال الإيجابية ما يكشف عن إرادته في عدم إتمام تنفيذ الجريمة، أو يحول بين المتهم الأول وبين تنفيذ قصده المصمم على قتل المجني عليه لا يعد ذلك منه عدولاً اختيارياً عن المضي في ارتكاب جريمة القتل.
3 - من المقرر أن عدم تدخل المتهم في الاعتداء على المجني عليه أثناء قيام المتهم الأول بتسديد الطعنات بالسكين، لا ينفي مساهمته في ارتكاب جريمة القتل العمد، ما دام أنه قد ظل باقياً على مسرح الحادث بجانب المتهم الأول حاملاً للأداة الأخرى - مفتاح أنبوبة البوتاجاز - التي كانت معدة لاستعمالها في ارتكاب جريمة القتل العمد، وحتى أتم المتهم الأول تنفيذ تلك الجريمة بإحداث إصابات المجني عليه التي أدت إلى قتله.
4 - من حيث إنه عن أوجه الدفوع والدفاع المبداة من المدافع عن المتهم الأول فإن المحكمة لم تعول على ما جاء بمحضر معاينة النيابة العامة للآثار التي وجدت بالشقة محل الحادث أو ما ورد بها بخصوص أوصاف جثة المجني عليه، وتطمئن إلى أن الجثة التي تم تشريحها بمعرفة الطبيب الشرعي هي جثة المجني عليه.... كما تطمئن إلى ما جاء بنتيجة تقرير قسم الأدلة الجنائية من أن البصمات التي عثر عليها بأكواب الشاي المضبوطة هي بصمات لأصابع أيدي المتهمين الأول والثاني، أخذاً بما جاء بالدليلين الفنيين - سالفي البيان - في هذا الخصوص - أما ما يثيره الدفاع من عدم وجود تقرير المعمل الجنائي الخاص ببيان نوع فصيلة الدم التي وجدت بنصل السكين المضبوطة، فإنه يكفي للرد عليه أن المحكمة قد اقتنعت بأن إصابات المجني عليه قد حدثت من مثل السكين المضبوط أخذاً بالأدلة القولية والفنية المستمدة من أقوال الشهود والتقرير الطبي الشرعي التي اطمأنت إليها، وما دام أن المتهم لم يطلب من هذه المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن، ولا ترى هي من جانبها حاجة إليه - وأنه عن قالة الدفاع بشأن التناقض بين الدليلين القولي المستمد من أقوال المتهمين والفني المستمد من التقرير الطبي الشرعي بالنسبة لأطوال نصل السكين، فإن هذا التناقض لا أثر له على عقيدة هذه المحكمة فيما اقتنعت به من أن إصابات المجني عليه التي أدت إلى وفاته قد حدثت من مثل السكين المضبوط - أما عن الدفع المبدى بشأن بطلان اعتراف المتهم الأول المنسوب إليه بتحقيقات النيابة العامة، لأنه كان تحت تأثير إكراه معنوي بسبب إجراء التحقيق معه بمعرفة النيابة العامة بقسم الشرطة، فهو مردود بأن المحكمة تطمئن إلى صحة اعتراف المتهم الأول بتلك التحقيقات وصدقه ومطابقته للحقيقة والواقع. إذ أن المتهم الأول أدلى بأقوال تفصيلية اشتملت على كافة وقائع الدعوى والظروف التي أحاطت بها، مما يفصح عن أن اعترافه قد صدر منه عن طواعية واختيار وإرادة حرة. ولا ترى المحكمة في أوراق الدعوى ما يفيد أن المتهم الأول قد أشار إلى حصول إكراه وقع عليه لإجباره على الإدلاء باعترافه في مرحلة التحقيق السابقة على المحاكمة، ولا يغير من ذلك أن التحقيق معه بمعرفة النيابة العامة قد تم بقسم الشرطة، إذ أن اختيار المحقق لمكان التحقيق متروك لتقديره حرصاً على صالح التحقيق وسرعة إنجازه، ولا ترى المحكمة أن إجراء ذلك التحقيق في قسم الشرطة، كان له أثر على إرادة المتهم حين أدلى باعترافه، ما دام أنه لم يثبت أن سلطان رجال الشرطة قد استطال إليه بالأذى مادياً أو المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً، ومن ثم فإن المحكمة تطرح كافة ما أثاره المتهم الأول من أوجه الدفوع والدفاع - على النحو السالف ذكره - ولا تجد فيها ما ينال من صحة الأدلة القولية والفنية التي اطمأنت إليها وأخذت بها، أو ما يغير من وجه اقتناعها به وخاصة ما شهدت به الشاهدة..... وما قرره الحدث..... في خصوص واقعة الدعوى، وتعرف كل منهما على المتهم الذي تمكن من معرفته أثناء إجراء عملية العرض القانوني التي تمت بواسطة النيابة العامة. أما عما أثاره الدفاع عن المتهم الثاني من دفع بالتناقض بين ما جاء بمعاينة النيابة العامة لجثة المجني عليه وما ورد بالتقرير الطبي الشرعي بشأن أوصاف الجثة، والدفع بتناقض أقوال الشاهدة...... وما قررته بشأن تعرفها على المتهم الثاني، والدفع ببطلان الاعتراف المنسوب إليه لأنه كان وليد إكراه إذ تعرض للتعذيب بقسم الشرطة وأن وكيل النيابة لم يثبت ما به من إصابات، فإن ذلك كله مردود بما سبق الرد عليه بشأن أوجه الدفاع والدفوع المبداة من المتهم الأول - على النحو المار بيانه - وتضيف المحكمة في خصوص دفع المتهم الثاني ببطلان اعترافه أنه لم يفصح عن طريقة التعذيب التي تعرض لها بقسم الشرطة وشخص من قام بذلك والآثار التي نجمت عن التعذيب والتي لم تثبت بتحقيقات النيابة العامة أثناء استجوابه. كما أنه لم يكشف عن ذلك الإكراه الذي وقع عليه والآثار التي نتجت عنه بمرحلة المحاكمة السابقة. مما يتعين معه إطراح ذلك الدفع والالتفات عنه. أما عما يثيره الدفاع عن المتهم الثاني من أنه عدل عن فكرة القتل، فإن ذلك مردود بأن مجرد إفصاح المتهم الثاني للمتهم الأول عن رغبته في عدم قتل المجني عليه وقت وجودهما داخل شقة المجني عليه، وفي الوقت الذي كان فيه المتهم الأول متحفزاً لارتكاب الفعل الإجرامي، ويتحين الفرصة لتنفيذ الجريمة المتفق عليها فيما بينهما وهي قتل المجني عليه وسرقة أمواله، دون أن يأتي المتهم الثاني من الأفعال الإيجابية ما يكشف عن إرادته في عدم إتمام تنفيذ الجريمة، أو يحول دون المتهم الأول وبين تنفيذ قصده المصمم على قتل المجني عليه لا يعد ذلك منه عدولاً اختيارياً عن المضي في ارتكاب جريمة القتل كما أن عدم تدخله في الاعتداء على المجني عليه أثناء قيام المتهم الأول بتسديد الطعنات بالسكين، لا ينفي مساهمته في ارتكاب جريمة القتل العمد، ما دام أنه قد ظل باقياً على مسرح الحادث بجانب المتهم الأول حاملاً للأداة الأخرى - مفتاح أنبوبة البوتاجاز - التي كانت معدة لاستعمالها في ارتكاب جريمة القتل العمد، وحتى أتم المتهم الأول تنفيذ تلك الجريمة بإحداث إصابات المجني عليه التي أدت إلى قتله. ومن ثم فإنه يتعين إطراح كافة أوجه الدفوع والدفاع المبداة من المتهم الثاني للأسباب المار بيانها.
من حيث إنه عن نية القتل، فهي ثابتة في حق المتهمين من اتفاقهما على قتل المجني عليه بغرض سرقة أمواله وتصميمهما على ذلك، ومن ذهابهما إلى شقته بعد أن أيقنا وجوده بها بمفرده، وكان المتهم الأول حاملاً للسكين والمتهم الثاني حاملاً لمفتاح أنبوبة البوتاجاز، وهي الآلات التي أعدت لاستخدامها في تنفيذ جريمتهما المتفق عليها، ومن قيام المتهم الأول بطعن المجني عليه بتلك السكين ثلاث طعنات في ظهره وصدره، بقصد إزهاق روحه، فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية وقد أحدثت إصابة الصدر تمزق بالرئة اليسرى ونزيف غزير بها وصدمة، مما يكشف عن أن المتهم الأول كان يسدد الطعنات لجسد المجني عليه بشدة وعنف بدلالة ما اعترف به في التحقيقات من أنه كان عقب كل طعنه ينتزع السكين من جسد المجني عليه لإخراجها منه، وهو ما يقطع وبيقين بانصراف نيته إلى إزهاق روح المجني عليه، وكان المتهم الثاني موجوداً على مسرح الحادث وقت قيام المتهم الأول بطعن المجني عليه بالسكين، ويحمل معه مفتاح أنبوبة البوتاجاز الذي أعد لاستخدامه في الاعتداء على المجني عليه، فإن المحكمة تستخلص من ذلك كله ومن الظروف والملابسات التي أحاطت بواقعة الدعوى والأدلة القولية والفنية التي ساقتها - على النحو السالف بيانه - ثبوت نية القتل في حق المتهمين الأول والثاني ثبوتاً كافياً. من حيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فهو متوافر في حق المتهمين الأول والثاني من تفكيرهما خلال أيام سابقة على تاريخ الحادث في قتل المجني بغرض سرقة أمواله، وتدبرهما لهذا الأمر في هدوء وروية، ثم اتفاقهما على ذلك الأمر، وقد ظلا يوم الحادث يبحثان عن المجني عليه ويترقبان عودته إلى مسكنه، ولما أيقنا من عودته إليه ووجوده بمفرده في شقته، صعدا إليه وهما يحملان الآلات التي أعدت لتنفيذ جريمة القتل، وقد خبأ المتهم الأول السكين في ملابسه، وخبأ المتهم الثاني مفتاح أنبوبة البوتاجاز في ملابسه، ولما سنحت الفرصة لهما أثناء وجودهما مع المجني عليه بشقته، أسرع المتهم بتسديد الطعنات بالسكين لجسم المجني عليه بقصد إزهاق روحه، وقد تحقق هذا القصد بإحداث إصابات المجني عليه التي أودت بحياته، فإن ظرف سبق الإصرار - بما يعنيه من تدبر وروية وإعمال الفكر في هدوء - يكون ثابتاً في حق المتهمين.
ومن حيث إنه بجلسة..... قررت المحكمة إرسال أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي، وحددت جلسة...... للنطق بالحكم. وقد ورد تقرير فضيلة مفتي الجمهورية المؤرخ...... الذي انتهى فيه إلى أن جزاء المتهمين...... و...... هو الإعدام قصاصاً لقتلهما المجني عليه..... عمداً جزاء وفاقاً، إذ القتل أنفى للقتل.
ومن حيث إن المحكمة وقد اطمأنت إلى سائر الأدلة القولية والفنية التي ساقتها على النحو السالف بيانه. واقتنعت بها وصحت لديها على ثبوت جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار في حق المتهمين، بعد أن وفرت لهما - في إجراءات هذه المحاكمة - في حقهما في الدفاع على النحو الذي يتطلبه القانون، بأن ندبت لكل منهما محام ترافع في الدعوى بعد الاطلاع على أوراقها، وأبدى ما عن له من أوجه الدفوع والدفاع، والتي عرضت لها هذه المحكمة - إيراداً ورداً - على النحو الذي أوردته فيما سلف - ولم تر فيها ما ينال من صحة الأدلة التي اطمأنت إليها وأخذت بها، فإنه ولكل ما تقدم، يكون قد ثبت في يقين المحكمة أن المتهمين: 1 -..... 2 -..... في يوم..... بدائرة قسم...... قتلا ...... عمداً مع سبق الإصرار، بأن عقدا العزم على قتله وصمما على ذلك وأعد لهذا الغرض سكيناً ومفتاح أنبوبة بوتاجاز، وتوجها بمسكنه حين تأكدا من وجوده به بمفرده، والتقيا به ولما فرغا من حديثهما معه وحانت لهما فرصة تنفيذ قصدهما المصمم عليه، عندما توجه المجني عليه لباب الشقة لتوديعهما، طعنه المتهم الأول بالسكين في ظهره وصدره، قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، وكان المتهم الثاني موجوداً على مسرح الحادث حاملاً لمفتاح أنبوبة البوتاجاز حتى تمكن المتهم الأول من تسديد الطعنات بجسد المجني عليه بالسكين. ويتعين ذلك وبإجماع الآراء عقابهما عملاً بالمادة 230 من قانون العقوبات، والمادتين 304/ 2، 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية.
ومن حيث إنه عن السكين المضبوطة، فإن المحكمة تقضي بمصادرتها عملاً بنص المادة 30 من قانون العقوبات.
ومن حيث إنه عن المصروفات الجنائية فيلزم بها المحكوم عليهما عملاً بنص المادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية.
5 - لما كانت المادة 163 من القانون المدني قد نصت على أن "كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض" ويبين من هذا النص أن عناصر المسئولية المدنية هي الخطأ والضرر وعلاقة السببية، وكان خطأ المتهمين..... و..... قد تمثل في الفعل العمدي وهو طعن المجني عليه - مورث المدعين بالحقوق المدنية - بالسكين وقد تسبب هذا الخطأ في إلحاق الضرر بالمجني عليه، وهو إصابته بالإصابات التي أدت إلى وفاته، وقد توافرت علاقة السببية بين الخطأ والضرر، إذ أن خطأ المتهمين - سالفي الذكر - السالف بيانه - هو الذي أدى مباشرة إلى وفاة المجني عليه، وهي النتيجة المترتبة على ذلك الفعل. ولما كان ذلك الخطأ قد سبب بدوره للمدعين بالحقوق المدنية ضرراً بوفاة مورثهم، فإنه يتعين إجابة المدعين بالحقوق المدنية إلى طلبهم.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما: قتلا..... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية على قتله وأعدا لذلك جسماً صلباً حاداً "سكين" وترصدا له حتى أيقنا وجوده بمسكنه وما أن ظفرا به حتى انهال عليه الأول طعناً قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي أودت بحياته. وأحالتهما إلى محكمة جنايات السويس لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعت زوجة المجني عليه عن نفسها وبصفتها وصية على ابنتها..... مدنياً قبل المتهمين بإلزامهما بأن يؤديا لها مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قررت بجلسة..... بإجماع الآراء إرسال أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي وحددت جلسة 27/ 12/ 1993 للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 230، 231، 232 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالإعدام شنقاً حتى الموت وبإلزامهما متضامنين بأن يؤديا للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت ومصادرة السكين المضبوطة. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض (قيد بجدولها برقم... لسنة.. ق) كما عرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة بالرأي. وقضت محكمة النقض أولاً: بعدم قبول الطعن المقدم من المحكوم عليهما شكلاً. ثانياً: بقبول عرض النيابة العامة للقضية شكلاً، وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة جنايات السويس لتفصل فيها من جديد دائرة أخرى. ومحكمة الإعادة قررت بجلسة.... إرسال الأوراق إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي في موضوع الدعوى وحددت جلسة.... للنطق بالحكم.
وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمادتين 230، 231 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالإعدام شنقاً عما أسند إليهما وبمصادرة السكين المضبوطة وبإلزامهما متضامنين بأن يؤديا للمدعية بالحقوق المدنية مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض (للمرة الثانية) كما عرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة بالرأي. وبجلسة..... قضت محكمة النقض أولاً: بعدم قبول الطعن المقدم من المحكوم عليهما شكلاً. ثانياً: قبول عرض النيابة العامة للقضية وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتحديد جلسة..... لنظر الموضوع. وبالجلسة المحددة وما تلاها من جلسات سمعت المرافعة على ما هو مبين بالمحضر وبجلسة..... قررت المحكمة إرسال الأوراق إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي في موضوع الدعوى وحددت جلسة..... - اليوم - للنطق بالحكم مع استمرار حبس المتهمين.
المحكمة
من حيث إن واقعة الدعوى حسبما استخلصتها المحكمة من مطالعة الأوراق وما تم فيها من تحقيقات تتحصل في أن المتهمين.... و..... انتويا قتل المجني عليه..... ليتمكنا من سرقة أمواله التي يحتفظ بها في مسكنه، وقد تدبرا هذا الأمر في هدوء وروية لمدة استغرقت أسبوعين سابقين على تاريخ الحادث، وبعد أن استقر تفكيرهما على قتل المجني عليه وصمما على ذلك بغرض سرقة أمواله، رسما خطة لتنفيذ الفعل الإجرامي تمثلت في تحين الفرصة التي يكون المجني عليه فيها موجوداً بمفرده داخل شقته - حال غياب زوجته التي تدرس بإحدى الكليات الجامعية بمدينة الزقازيق - وأعد لارتكاب جريمة القتل المصمم عليه سكيناً - وهي أداة قاتلة بطبيعتها - ومفتاح أسطوانة بوتاجاز، وأخذا يحومان حول مسكن المجني عليه لمدة يومين متتاليين، وفي صباح يوم الحادث الموافق..... وبعد أن تأكدا من وجود المجني عليه بشقته، صعدا إلى الشقة، وكان المتهم الأول يخفي السكين بجيب بنطاله الخلفي واحتفظ المتهم الثاني بمفتاح أنبوبة البوتاجاز داخل كمر بنطاله، وطرقا باب الشقة ففتح لهما المجني عليه واستقبلهما بالترحاب وأعد لهما مشروب الشاي، وأثناء حديثهما معه اشتكى له المتهم الثاني من ضيق ذات اليد وعجزه عن سداد الرسوم المدرسية ورغبته في العمل بالمخبز الذي يمتلكه المجني عليه، وقد وعده المجني عليه بمساعدته للخروج من ضائقته المالية، وأرسل في طلب شراء السجائر لتقديمها إليهما، ولما هما بالانصراف تقدمهما المجني عليه لفتح باب الشقة، وعندئذ عاجله المتهم الأول بطعنة من السكين التي كان يحملها في ظهره من الناحية اليمنى من أعلى، فحاول المجني عليه الهروب للاستغاثة بالجيران فلاحقه المتهم الأول ومنعه من فتح باب المسكن وأمسكه بيده اليسرى من أسفل ذقنه وعاجله بطعنة أخرى في صدره من الناحية اليسرى، ولما حاول المجني عليه التوجه إلى ناحية شرفة المسكن للاستغاثة بالجيران دفعه المتهم الأول من الخلف فسقط على الأرض في الصالة وعندما حاول النهوض والإمساك بالمتهم الأول طعنه الأخير طعنة ثالثة في ظهره بجانب الطعن الأولى، ولما حاول المجني عليه الاستغاثة بجيرانه لنجدته فزع المتهمان وألقى المتهم الأول بالسكين وهربا من مكان الحادث، وأخذاً يتنقلان من بلدة لأخرى حتى تمكن رجال الشرطة من القبض عليهما بتاريخ ..... بجهة قرية ...... عند عودتهما لمدينة.....، وقد أورد تقرير الصفة التشريحية الخاص بالمجني عليه أن إصاباته بالصدر والظهر حيوية حديثة ذات طبيعة طعنية وقطعية وتحدث من الضرب والطعن بجسم صلب ذو حافة كسكين ومطواة، وهي جائزة الحدوث من مثل السكين المضبوطة، وأن وفاته إصابية نشأت عن الإصابة الطعنية المشاهدة بأعلا يسار الصدر وما أحدثته من تمزق بالرئة اليسرى وما أحدثه من نزيف غزير وصدمة. ومن حيث إن الواقعة على الصورة السالف بيانها قد توافرت الأدلة على ثبوتها في حق المتهمين من أقوال الشهود النقيب ..... والنقيب.... و..... وما قرره الحدث..... بالتحقيقات، ومن اعتراف المتهمين بتحقيقات النيابة العامة وما جاء بتقرير الصفة التشريحية ومن تقرير قسم الأدلة الجنائية بمديرية أمن..... فقد شهد النقيب ...... رئيس وحدة مباحث قسم شرطة..... بأن تحرياته السرية التي قام بها مع فريق البحث واشترك فيها الشاهد الثاني قد أكدت أن المتهمين هما مرتكبي حادث قتل المجني عليه....، فاستصدر إذناً من النيابة العامة لضبطهما، وقد تم ضبطهما بواسطة إحدى الكمائن التي أعدت لذلك، وبمواجهتهما بما أسفرت عنه التحريات أقرا بارتكابهما واقعة قتل المجني عليه بقصد سرقة أمواله، بأن اتفقا على ذلك، وتوجها سوياً لمسكن المجني عليه لتنفيذ اتفاقهما، وقد استضافهما الأخير، وحين أرادا الانصراف توجه المجني عليه إلى باب الشقة لتوديعهما، وفي ذلك الوقت قام المتهم الأول بإخراج سكين من ملابسه وطعن بها المجني عليه في ظهره ثم أمسك برقبته من الخلف بذراعه اليسرى وطعنه طعنة أخرى في صدره، وعندما تمكن المجني عليه من الإفلات منه واتجه إلى شرفة المسكن للاستغاثة بجيرانه لاحقه ذلك المتهم وسدد إليه طعنة ثالثة في ظهره، وأسرع المتهمان بالهرب خشية القبض عليهما دون أن يتمكنا من سرقة مال المجني عليه.
وشهد النقيب..... ضابط مباحث قسم شرطة...... بمضمون ما شهد به الشاهد الأول وشهدت..... بأنها في صباح يوم الحادث كانت تقوم بتنظيف مدخل مسكنها وسمعت صوت استغاثة صادراً من المجني عليه طالباً النجدة من جاره.... وينادي على الحدث.... لغلق باب المسكن الخارجي، ثم شاهدت شخصين يخرجان مسرعين من ذلك الباب إلى الطريق، كما شاهدت المجني عليه وقد تمكن من النزول إلى الطريق وسقط على الأرض وهو ينزف دماً، وأضافت أنها استطاعت تحديد أوصاف هذين الشخصين. كما أنها تعرفت على المتهم الثاني.... حال إجراء عملية العرض القانوني بواسطة النيابة العامة. وقرر..... بالتحقيقات بأنه في يوم الحادث نادى عليه المجني عليه وطلب منه شراء علبة سجائر فاشتراها له وصعد إلى شقته وأعطاها له، وبعد فترة من الوقت سمع المجني عليه يطلب منه إغلاق الباب الخارجي فأسرع إلى ذلك الباب وحينئذ شاهد شخصين يهرولان وقد دفعه أحدهما فأسقطه على الأرض وفرا هاربين ولم يستطع اللحاق بهما، وعند عودته وجد المجني عليه ملقى على الأرض والدماء تنزف من صدره، وأنه استطاع تحديد أوصاف هذين الشخصين، وقد تعرف على المتهمين عند عرضهما عليه عرضاً قانونياً بمعرفة النيابة العامة.
وقد اعترف المتهم الأول.... بالتحقيقات بأن المتهم الثاني..... وهو زميل له في الدراسة، أخبره بأن المجني عليه زوج ابنة خالته، وأنه يحتفظ بأموال كثيرة في مسكنه، وأنه سوف يحاول اصطناع نسخة من مفتاح شقة المجني عليه لكي يسرقا تلك الأموال، إلا أن المتهم الثاني لم يفلح في اختلاس مفتاح الشقة من زوجة المجني عليه، وأفضى إليه بذلك منذ أسبوعين سابقين على تاريخ الحادث، فاتفقا سوياً على الذهاب إلى شقة المجني عليه أثناء وجوده بها لقتله وسرقة نقوده، وفي اليوم السابق على يوم الحادث أرادا تنفيذ خطتهما، إلا أنهما لم يجدا المجني عليه بشقته، فعقدا العزم على تنفيذ تلك الخطة في اليوم التالي، واتفقا على تجهيز سكين ومفتاح أنبوبة بوتاجاز وحقيبة جلد خالية لوضع ما قد يسرقاه بها بعد أن يقتلا المجني عليه، وتقابلا في يوم الحادث، وكان هو حاملاً للسكين، وكان المتهم الثاني يحمل مفتاح الأنبوبة بين طيات ملابسه، وتوجها لمسكن المجني عليه وطرقا باب شقته فلم يجدا بها أحد، وأخذا يبحثان عن المجني عليه حتى وجداه بحظيرة الماشية المملوكة له، فانتظرا حتى تأكدا من مغادرته للحظيرة وصعوده إلى شقته، وبعد فترة قصيرة من الوقت صعدا إليه وطرقا باب الشقة ففتح لهما المجني عليه، وأثناء جلوسهما معه، تحدث المتهم الثاني عن ظروفه المالية المتعثرة وعدم إمكانه دفع مصروفات المدرسة، وأفصح للمجني عليه عن رغبته في العمل لديه بالمخبز الخاص به، فرحب المجني عليه بذلك، وقدم لهما مشروب الشاي ولفافات التبغ، وبعد ذلك أعلنا للمجني عليه عن رغبتهما في الانصراف، فسبقهما إلى باب الشقة لتوديعهما، فأسرع هو بإخراج السكين التي كان يحملها معه بجيب بنطاله الخلفي وطعن بها المجني عليه في ظهره من الناحية اليمنى من أعلى، وحاول المجني عليه الخروج من باب الشقة لكي يستنجد بجيرانه فأسرع خلفه لمنعه من فتح ذلك الباب، وأمسك به بيده اليسرى من أسفل ذقنه ورفع رقبته لأعلى وطعنه بذات السكين في صدره من الناحية اليسرى، فحاول المجني عليه الوصول لشرفة الشقة لطلب النجدة، فجرى إليه لمنعه من ذلك ودفعه فسقط على الأرض، ثم قام وأراد الإمساك به فطعنه بالسكين طعنه ثالثة في ظهره بجانب الطعن الأولى، وأمسك به من ذراعه الأيمن لمنعه من الوصول إلى الشرفة حتى مزق فانلته إلا أن المجني عليه جرى إلى تلك الشرفة وأخذ يصيح لطلب النجدة، فألقى هو بالسكين في صالة الشقة وفر والمتهم الثاني إلى خارج المسكن، وتمكنا من الهروب خارج المسكن، وتمكنا من الهروب خارج مدينة..... وقد تم ضبطهما عند عودتهما إليها، وأضاف بأنه والمتهم الثاني كانا قد اتفقا على قتل المجني عليه بغرض سرقة أمواله، وأنه كان يقصد من ضرب المجني عليه بالسكين إزهاق روحه وكان عقب كل طعنه في جسد المجني عليه، يجذب السكين لإخراجها من جسده، واستطرد بأنه والمتهم الثاني لم يتمكنا من سرقة أموال المجني عليه. وقد اعترف المتهم الثاني.... أنه منذ مدة سابقة على تاريخ الحادث، أخذ والمتهم الأول يفكران في كيفية سرقة أموال المجني عليه، وهو زوج لإحدى قريباته، إلى أن هداهما تفكيرهما إلى قتل المجني عليه لتنفيذ ذلك الغرض، واتفقا على ذلك، وفي يوم الحادث حضر إليه المتهم الأول ومعه حقيبة جلدية بها سكين ومفتاح أنبوبة بوتاجاز لتنفيذ ما اتفقا عليه، وتوجها إلى مسكن المجني عليه، ولما لم يجداه به انتظرا قدومه، وتوجها مرة أخرى لمسكنه فلم يجداه، فذهبا إلى بيت آخر للمجني عليه فوجداه به فانتظرا حتى يصعد إلى شقته وحرصا آنذاك على أن لا يراهما، ولما تأكدا من وجوده بشقته صعدا إليه. وقبل أن يلتقيا به، أخرج هو المفتاح - المار ذكره - ووضعه في كمر بنطاله، وأخذ المتهم الأول السكين ووضعها في جيب بنطاله الخلفي. ولما طرقا باب الشقة فتح لهما المملوك له، فرحب بهما وأدخلهما الشقة وأعد لهما مشروب الشاي، وأرسل في طلب شراء لفافات التبغ وقدمها لهما، وفي ذلك الوقت وأثناء غياب المجني عليه داخل الشقة بعيداً عنهما لانشغاله بتقديم واجب الضيافة لهما، أفضى هو إلى المتهم الأول برغبته في عدم قتل المجني عليه، إلا أن المتهم الأول لم يستجب لذلك، وأفصح عن قصده في تنفيذ القتل، وعندما طلبا من المجني عليه الإذن بالانصراف، توجه المجني عليه لفتح باب الشقة، وسار المتهم الأول خلفه وأخرج السكين من جيبه وطعن بها المجني عليه في ظهره، ولم يحرك هو ساكناً في ذلك الوقت، ولما حاول المجني عليه فتح باب الشقة أمسك به المتهم الأول من رقبته وطعنه بتلك السكين مرة أخرى في صدره من الناحية اليسرى، ثم حاول المجني عليه الدخول لشرفة الشقة فأمسك به المتهم الأول من ملابسه حتى مزق فانلته، ولكن المجني عليه تمكن من الوصول إلى تلك الشرفة، فأسرع هو بالهروب من باب الشقة وخلفه المتهم الأول وتمكنا من الهرب إلى خارج مدينة.....، وقد تم ضبطهما بواسطة رجال الشرطة عند عودتهما إلى تلك المدينة.
وقد ثبت من تقرير الصفة التشريحية الخاص بالمجني عليه، أنه وجدت بجثته إصابات حيوية حديثة عبارة عن جروح حادة الحواف بأعلا يسار مقدم الصدر وأعلا يمين الصدر ومنتصف يمين الظهر، وأن تلك الإصابات بالصدر والظهر حيوية حديثة ذات طبيعة طعنية وقطعية وتحدث من الضرب والطعن بجسم صلب ذو حافة حادة كسكين أو مطواة وهي جائزة الحدوث من مثل السكين المضبوطة ومن مثل التصوير والتاريخ الوارد بالأوراق، وأن وفاة المجني عليه إصابية نشأت عن الإصابة الطعنية المشاهدة بأعلا يسار الصدر وما أحدثته من تمزق بالرئة اليسرى وما أحدثته من نزيف غزير وصدمة. وجاء بتقرير قسم الأدلة الجنائية أن البصمات المرفوعة من على أكواب الشاي المضبوطة بمسكن المجني عليه وجدت مطابقة لبصمات المتهمين. ومن حيث إن المتهمين حضرا بجلسة المحاكمة أمام هذه المحكمة، وقد ندبت المحكمة لكل منهما محام للدفاع عنه، وحضرت المدعية بالحقوق المدنية ومعها محاميها، وصممت على طلباتها في الدعوى المدنية، وشرح الدفاع عن المتهم الأول ظروف الدعوى، وتناول دفاعه أوجه الطعن على ما جاء بمعاينة النيابة العامة بشأن وصف جثة المجني عليه والآثار التي وجدت بالشقة محل الحادث، وما ورد بتقرير المعمل الجنائي بشأن البصمات التي وجدت على أكواب الشاي، وعاب على تحقيقات النيابة العامة القصور في إحضار تقرير المعمل الجنائي بخصوص نوع فصيلة الدم التي وجدت بنصل السكين، والبصمات التي كانت بمقبضها، وأن التناقض في خصوص أطوال نصل السكين من شأنه أن يقيم التعارض بين أقوال المتهمين والدليل الفني، وشكك في أقوال الشاهدة.... والحدث..... ودفع بأن اعتراف المتهمين كانت تحت تأثير ضغط معنوي لإجراء التحقيق معهما بمعرفة النيابة العامة بقسم الشرطة. والدفاع عن المتهم الثاني دفع بالتناقض بين ما جاء بمعاينة النيابة العامة لجثة المجني عليه وما ورد بالتقرير الطبي الشرعي بشأن أوصافها، وشكك في أقوال الشاهدة..... وما قررته بشأن تعرفها على المتهم الثاني، ودفع ببطلان الاعتراف المنسوب إليه لأنه كان وليد إكراه، إذ تعرض للتعذيب داخل قسم الشرطة، ولم يثبت وكيل النيابة ما به من إصابات، وأن المتهم الثاني قد عدل عن فكرة القتل.
ومن حيث إنه عن أوجه الدفوع والدفاع المبداة من المدافع عن المتهم الأول فإن المحكمة لم تعول على ما جاء بمحضر معاينة النيابة العامة للآثار التي وجدت بالشقة محل الحادث أو ما ورد بها بخصوص أوصاف جثة المجني عليه، وتطمئن إلى أن الجثة التي تم تشريحها بمعرفة الطبيب الشرعي هي جثة المجني عليه.... كما تطمئن إلى ما جاء بنتيجة تقرير قسم الأدلة الجنائية من أن البصمات التي عثر عليها بأكواب الشاي المضبوطة هي بصمات لأصابع أيدي المتهمين الأول والثاني، أخذاً بما جاء بالدليلين الفنيين - سالفي البيان - في هذا الخصوص - أما ما يثيره الدفاع من عدم وجود تقرير المعمل الجنائي الخاص ببيان نوع فصيلة الدم التي وجدت بنصل السكين المضبوطة. فإنه يكفي للرد عليه أن المحكمة قد اقتنعت بأن إصابات المجني عليه قد حدثت من مثل السكين المضبوط، أخذاً بالأدلة القولية والفنية المستمدة من أقوال الشهود والتقرير الطبي الشرعي التي اطمأنت إليها، وما دام أن المتهم لم يطلب من هذه المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الشأن، ولا ترى هي من جانبها حاجة إليه - وأنه عن قالة الدفاع بشأن التناقض بين الدليلين القولي المستمد من أقوال المتهمين والفني المستمد من التقرير الطبي الشرعي بالنسبة لأطوال نصل السكين، فإن هذا التناقض لا أثر له على عقيدة هذه المحكمة فيما اقتنعت به من أن إصابات المجني عليه أدت إلى وفاته قد حدثت من مثل السكين المضبوط - أما عن الدفع المبدى بشأن بطلان اعتراف المتهم الأول المنسوب إليه بتحقيقات النيابة العامة، لأنه كان تحت تأثير إكراه معنوي بسبب إجراء التحقيق معه بمعرفة النيابة العامة بقسم الشرطة، فهو مردود بأن المحكمة تطمئن إلى صحة اعتراف المتهم الأول بتلك التحقيقات وصدقه ومطابقته للحقيقة والواقع. إذ أن المتهم الأول أدلى بأقوال تفصيلية اشتملت على كافة وقائع الدعوى والظروف التي أحاطت بها، مما يفصح عن أن اعترافه قد صدر منه عن طواعية واختيار وإرادة حرة. ولا ترى المحكمة في أوراق الدعوى ما يفيد أن المتهم الأول قد أشار إلى حصول إكراه وقع عليه لإجباره على الإدلاء باعترافه في مرحلة التحقيق السابقة على المحاكمة، ولا يغير من ذلك أن التحقيق معه بمعرفة النيابة العامة قد تم بقسم الشرطة، إذ أن اختيار المحقق لمكان التحقيق متروك لتقديره حرصاً على صالح التحقيق وسرعة إنجازه، ولا ترى المحكمة أن إجراء ذلك التحقيق في قسم الشرطة، كان له أثر على إرادة المتهم حين أدلى باعترافه، ما دام أنه لم يثبت أن سلطان رجال الشرطة قد استطال إليه بالأذى مادياً أو معنوياً، هذا فوق أن خشية المتهم من سلطان وظيفة رجال الشرطة، لا يعد من الإكراه المبطل للاعتراف لا معنى ولا حكماً، ومن ثم فإن المحكمة تطرح كافة ما أثاره المتهم الأول من أوجه الدفوع والدفاع - على النحو السالف ذكره - ولا تجد فيها ما ينال من صحة الأدلة القولية والفنية التي اطمأنت إليها وأخذت بها، أو ما يغير من وجه اقتناعها به وخاصة ما شهدت به الشاهدة.... وما قرره الحدث.... في خصوص واقعة الدعوى، وتعرف كل منهما على المتهم الذي تمكن من معرفته أثناء إجراء عملية العرض القانوني التي تمت بواسطة النيابة العامة. أما عما أثاره الدفاع عن المتهم الثاني من دفع بالتناقض بين ما جاء بمعاينة النيابة العامة لجثة المجني عليه وما ورد بالتقرير الطبي الشرعي بشأن أوصاف الجثة، والدفع بتناقض أقوال الشاهدة..... وما قررته بشأن تعرفها على المتهم الثاني، والدفع ببطلان الاعتراف المنسوب إليه لأنه كان وليد إكراه إذ تعرض للتعذيب بقسم الشرطة وأن وكيل النيابة لم يثبت ما به من إصابات، فإن ذلك كله مردود بما سبق الرد عليه بشأن أوجه الدفاع خصوص دفع المتهم الثاني ببطلان اعترافه أنه لم يفصح عن طريقة التعذيب التي تعرض لها بقسم الشرطة وشخص من قام بذلك والآثار التي نجمت عن التعذيب والتي لم تثبت بتحقيقات النيابة العامة أثناء استجوابه. كما أنه لم يكشف عن ذلك الإكراه الذي وقع عليه والآثار التي نتجت عنه بمرحلة المحاكمة السابقة. مما يتعين معه إطراح ذلك الدفع والالتفات عنه. أما عما يثيره الدفاع عن المتهم الثاني من أنه عدل عن فكرة القتل، فإن ذلك مردود بأن مجرد إفصاح المتهم الثاني للمتهم الأول عن رغبته في عدم قتل المجني عليه وقت وجودهما داخل شقة المجني عليه، وفي الوقت الذي كان فيه المتهم الأول متحفزاً لارتكاب الفعل الإجرامي، ويتحين الفرصة لتنفيذ الجريمة المتفق عليها فيما بينهما وهي قتل المجني عليه وسرقة أمواله، دون أن يأتي المتهم الثاني من الأفعال الإيجابية ما يكشف عن إرادته في عدم إتمام تنفيذ الجريمة، أو يحول بين المتهم الأول وبين تنفيذ قصده المصمم على قتل المجني عليه لا يعد ذلك منه عدولاً اختيارياً عن المضي في ارتكاب جريمة القتل كما أن عدم تدخله في الاعتداء على المجني عليه أثناء قيام المتهم الأول بتسديد الطعنات بالسكين، لا ينفي مساهمته في ارتكاب جريمة القتل العمد، ما دام أنه قد ظل باقياً على مسرح الحادث بجانب المتهم الأول حاملاً للأداة الأخرى - مفتاح أنبوبة البوتاجاز - التي كانت معدة لاستعمالها في ارتكاب جريمة القتل العمد، وحتى أتم المتهم الأول تنفيذ تلك الجريمة بإحداث إصابات المجني عليه التي أدت إلى قتله. ومن ثم فإنه يتعين إطراح كافة أوجه الدفوع والدفاع المبداة من المتهم الثاني للأسباب المار بيانها.
من حيث إنه عن نية القتل، فهي ثابتة في حق المتهمين من اتفاقهما على قتل المجني عليه بغرض سرقة أمواله وتصميمهما على ذلك، ومن ذهابهما إلى شقته بعد أن أيقنا وجوده بها بمفرده، وكان المتهم الأول حاملاً للسكين والمتهم الثاني حاملاً لمفتاح أنبوبة البوتاجاز، وهي الآلات التي أعدت لاستخدامها في تنفيذ جريمتهما المتفق عليها، ومن قيام المتهم الأول بطعن المجني عليه بتلك السكين ثلاث طعنات في ظهره وصدره، بقصد إزهاق روحه، فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية وقد أحدثت إصابة الصدر تمزق بالرئة اليسرى ونزيف غزير بها وصدمة، مما يكشف عن أن المتهم الأول كان يسدد الطعنات لجسد المجني عليه بشدة وعنف بدلالة ما اعترف به في التحقيقات من أنه كان عقب كل طعنة ينتزع السكين جسد المجني عليه لإخراجها منه، وهو ما يقطع وبيقين بانصراف نيته إلى إزهاق روح المجني عليه، وكان المتهم الثاني موجوداً على مسرح الحادث وقت قيام المتهم الأول بطعن المجني عليه بالسكين، ويحمل معه مفتاح أنبوبة البوتاجاز الذي أعد لاستخدامه في الاعتداء على المجني عليه، فإن المحكمة تستخلص من ذلك كله ومن الظروف والملابسات التي أحاطت بواقعة الدعوى والأدلة القولية والفنية التي ساقتها - على النحو السالف بيانه - ثبوت نية القتل في حق المتهمين الأول والثاني ثبوتاً كافياً. ومن حيث إنه عن ظرف سبق الإصرار فهو متوافر في حق المتهمين الأول والثاني من تفكيرهما خلال أيام سابقة على تاريخ الحادث في قتل المجني بغرض سرقة أمواله، وتدبرهما لهذا الأمر في هدوء وروية، ثم اتفاقهما على ذلك الأمر، وقد ظلا يوم الحادث يبحثان عن المجني عليه ويترقبان عودته إلى مسكنه، ولما أيقنا من عودته إليه ووجوده بمفرده في شقته، صعدا إليه وهما يحملان الآلات التي أعدت لتنفيذ جريمة القتل، وقد خبأ المتهم الأول السكين في ملابسه، وخبأ المتهم الثاني مفتاح أنبوبة البوتاجاز في ملابسه، ولما سنحت الفرصة لهما أثناء وجودهما مع المجني عليه بشقته، أسرع المتهم بتسديد الطعنات بالسكين لجسم المجني عليه بقصد إزهاق روحه، وقد تحقق هذا القصد بإحداث إصابات المجني عليه التي أودت بحياته، فإن ظرف سبق الإصرار - بما يعنيه من تدبر وروية وإعمال الفكر في هدوء - يكون ثابتاً في حق المتهمين.
ومن حيث إنه بجلسة..... قررت المحكمة إرسال أوراق القضية إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي، وحددت جلسة.... للنطق بالحكم. وقد ورد تقرير فضيلة مفتي الجمهورية المؤرخ..... الذي انتهى فيه إلى أن جزاء المتهمين..... و...... هو الإعدام قصاصاً لقتلهما المجني عليه ..... عمداً جزاء وفاقاً، إذ القتل أنفى للقتل.
ومن حيث إن المحكمة وقد اطمأنت إلى سائر الأدلة القولية والفنية التي ساقتها - على النحو السالف بيانه - واقتنعت بها وصحت لديها على ثبوت جريمة القتل العمد مع سبق الإصرار في حق المتهمين، بعد أن وفرت لهما - في إجراءات هذه المحاكمة - حقهما في الدفاع على النحو الذي يتطلبه القانون، بأن ندبت لكل منهما محام ترافع في الدعوى بعد الاطلاع على أوراقها، وأبدى ما عن له من أوجه الدفوع والدفاع، والتي عرضت لها هذه المحكمة - إيراداً ورداً - على النحو الذي أوردته فيما سلف - ولم تر فيها ما ينال من صحة الأدلة التي اطمأنت إليها وأخذت بها، فإنه ولكل ما تقدم، يكون قد ثبت في يقين المحكمة أن المتهمين: 1 -...... 2 -...... في يوم..... بدائرة قسم..... قتلا..... عمداً مع سبق الإصرار، بأن عقدا العزم على قتله وصمما على ذلك وأعد لهذا الغرض سكيناً ومفتاح أنبوبة بوتاجاز، وتوجها بمسكنه حين تأكدا من وجوده به بمفرده، والتقيا به ولما فرغا من حديثهما معه وحانت لهما فرصة تنفيذ قصدهما المصمم عليه، عندما توجه المجني عليه لباب الشقة لتوديعهما، طعنه المتهم الأول بالسكين في ظهره وصدره، قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته، وكان المتهم الثاني موجوداً على مسرح الحادث حاملاً لمفتاح أنبوبة البوتاجاز حتى تمكن المتهم الأول من تسديد الطعنات بجسد المجني عليه بالسكين. ويتعين لذلك وبإجماع الآراء عقابهما عملاً بالمادة 230 من قانون العقوبات، والمادتين 304/ 2، 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية.
ومن حيث إنه عن السكين المضبوطة، فإن المحكمة تقضي بمصادرتها عملاً بنص المادة 30 من قانون العقوبات.
ومن حيث إنه عن المصروفات الجنائية فيلزم بها المحكوم عليهما عملاً بنص المادة 313 من قانون الإجراءات الجنائية.
ومن حيث إنه عن الدعوى المدنية المقامة من..... - زوجة المجني عليه - عن نفسها وبصفتها وصية على ابنتها.... قاصرة المجني عليه.....، بموجب قرار الوصاية - المرفق بالأوراق - ومن والدة المجني عليه -...... وشقيقه........ - بموجب الإعلام الشرعي - المرفق بأوراق الدعوى - بطلب إلزام المتهمين متضامنين بأن يؤديا إليهم مبلغ واحد وخمسون جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت.
ومن حيث إن المدعية بالحقوق المدنية.... عن نفسها وبصفتها سالفة الذكر، قد حضرت بجلسة المحاكمة أمام هذه المحكمة وحضر معها الأستاذ/..... المحامي. والذي سبق حضوره بجلسات المحاكمة السابقة عن باقي المدعين بالحقوق المدنية - والدة المجني عليه وشقيقه - سالفي الذكر - بموجب توكيل خاص مودع.
ومن حيث إنه لما كانت المادة 163 من القانون المدني قد نصت على أن "كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض" ويبين من هذا النص أن عناصر المسئولية المدنية هي الخطأ والضرر وعلاقة السببية، وكان خطأ المتهمين..... و..... قد تمثل في الفعل العمدي وهو طعن المجني عليه - مورث المدعين بالحقوق المدنية - بالسكين وقد تسبب هذا الخطأ في إلحاق الضرر بالمجني عليه، وهو إصابته بالإصابات التي أدت إلى وفاته، وقد توافرت علاقة السببية بين الخطأ والضرر، إذ أن خطأ المتهمين - سالفي الذكر - السالف بيانه - هو الذي أدى مباشرة إلى وفاة المجني عليه، وهي النتيجة المترتبة على ذلك الفعل. ولما كان ذلك الخطأ قد سبب بدوره للمدعين بالحقوق المدنية ضرراً بوفاة مورثهم، فإنه يتعين إجابة المدعين بالحقوق المدنية إلى طلبهم بإلزام المتهمين.... و..... - متضامنين - بأن يؤديا إليهم مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المدني المؤقت، عملاً بالمادتين 163، 169 من التقنين المدني.
ومن حيث إنه عن مصاريف الدعوى المدنية شاملة مقابل أتعاب المحاماة، فإن المحكمة تلزم بها المتهمين عملاً بنص المادة 320 من قانون الإجراءات الجنائية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق