الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 17 يونيو 2015

الطعن 283 لسنة 28 ق جلسة 5/8/2007 قتل عمد

هيئة المحكمة: الرئيس الحسيني الكناني والمستشاران إمام البدري والمصطفى بنسلمون.

المبادئ
1 - سلطة محكمة الموضوع في القضاء بالبراءة عند تشككها في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت بشرط تضمين حكمها ما من شأنه الإفادة بتمحيصها الأدلة وإحاطتها بظروف الدعوى والتزامها الحقائق الثابتة بالأوراق وإقامة هذا الحكم على أسباب سائغة لها معين في الأوراق.

2 - سلطة محكمة الموضوع في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والترجيح بينها والأخذ بما تراه راجحا منها إلا أن ذلك ليس على إطلاقه بل هو مشروط بإحاطتها بواقعة الدعوى وأدلتها عن بصر وبصيرة وتبيان الحقيقة المقتنعة وإقامة قضائها على أسباب سائغة.

3 - تحديد مفهوم القسامة في اصطلاح الفقهاء وفقا لما هو مقرر شرعا وفي الدر المختار وفي المحلي.

4 - بدء القسامة في الجاهلية وإقراره فيما بعد من قبل الإسلام.

5 - اعتبار الأصل في القسامة أنها مشرّعة لحفظ الدماء وصيانتها عدم إهدار هذا.

6 - اعتبار الأمام مالك والشافعي وأحمد أن القسامة شرعة لإثبات الجريمة ضد الجاني عند انعدام أدلة الإثبات الأخرى أو عدم كفايتها بحد ذاتها لإثبات الجريمة على الجاني.

7 - اعتبار أبو حنيفة إن القسامة ليست دليلا مثبتا للفعل المحرم إنما هي دليل نفي لأهل المحلة الموجود فيها القتيل.

8 - اللوث عند الإمام مالك والشافعي هو أمر ناشئ عن غلبة الطعن بصدق المدعي أو هو قرينة موقعة في القلب صدق المدعي كوجود جثة القتيل في محل أعدائه.

9 - تعيب الحكم بالقصور المبطل والفساد في الاستدلال عند عدم تبيان المحكمة الأمور المستندة إليها للقول بثبوت صدور الاعترافات بالإكراه وما هو وجه التناقض بينها وماديات الدعوى ووقائعها.

10 - تعيب حكم محكمة الإحالة عن مخالفتها المسألة القانونية المثبتة من قبل المحكمة العليا.

المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وتلاوة تقرير التلخيص والمداولة. 
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية. 
وحيث إن الوقائع ـ حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق ـ تتحصل في أن النيابة العامة أحالت كلاً من 1 - ...... ـ مطعون ضده ( 1 ) ـ 2 - ..... ـ مطعون ضده ( 2 ) ـ 3 - .... 4 - ..... إلى المحاكمة الجنائية لأنهم بتاريخ سابق على 10/4 / 1997 وأيام لاحقة عليه بدائرة الفجيرة : - 
المتهم الأول: 1 - قتل مع المتهم المتوفى ..... المجني عليه .... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن عقدا العزم وبيتا النية على قتله بأن أعدا لذلك سلاحاً نارياً معمراً ( رشاش ) واستدرجاه إلى منطقة مديفي بخورفكان وأطلق عليه المتهم الأول عياراً نارياً في قدمه فسقط على الأرض وحملاه في سيارة المتهم المتوفى سالف الذكر إلى مكان ارتكاب الحادث وأطلق عليه المتهم الأول عدة أعيرة من السلاح آنف الذكر في أنحاء متفرقة من جسده قاصداً قتله فأحدث به الإصابات التي أودت بحياته على النحو المبين تفصيلاً بالتحقيقات. 2 - خطف مع المتهم المتوفى سالف الذكر المجني عليه سالف الذكر وكان ذلك باستعمال القوة وبقصد الانتقام على النحوالمبين بوصف التهمة الأولى وأفضى ذلك إلى موت المجني عليه على النحو الموضح بالتحقيقات . 3 - أخفى مع المتهم المتوفى سالف الذكر جثة المجني عليه سالف الذكر بعد أن قتلاه وعلى النحو المبين بوصف التهمة الأولى وذلك بأن وضعاه تحت الجبل وغطياه بالحجارة والرمال ولكي لا تكتشف معالم جريمتهما على الموضح بالتحقيقات. 4 - حاز سلاحاً نارياً (رشاش) دون الحصول على ترخيص بذلك من السلطة المختصة قانوناً. 
المتهمان الثاني والثالث : اشتركا بطريق الاتفاق والمساعدة والتحريض مع المتهم الأول والمتهم المتوفى سالف الذكر على ارتكاب الجريمة المبينة بوصف التهمة الأولى بأن أمداهما بسلاح ناري ( رشاش ) وحرضهما واتفق معهما الثاني على ارتكابها وقد تمت تلك الجريمة بناءً على هذا الاتفاق والتحريض وتلك المساعدة على النحو المبين تفصيلاً بالتحقيقات . 
المتهمان الثالث والرابع: 1 - حازا سلاحاً نارياً ( رشاش ) بقصد الاتجار دون الحصول على ترخيص بذلك من السلطة المختصة قانوناً. 2 - حازا ذخائر تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون الحصول على ترخيص بذلك من السلطة المختصة قانوناً. 
وطلبت النيابة العامة عقاب المتهمين طبقاً لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء والمواد 344 ، 333 ، 332 ، 331 ، 271 ، 47 ، 45 فقرة أولى وثانية ( بنود 6، 3، 2) وفقرة ثالثة من قانون العقوبات والمواد 1 ، ج ، 2/1 ، 36 فقرة أولى بند (أ) وفقرة ثانية 37 ، 39 من القانون الاتحادي 11 لسنة 1976 في شأن الأسلحة النارية والذخائر . 
وبتاريخ 17/10/2004 حكمت محكمة جنايات الفجيرة حضورياً وبالإجماع على المتهمين بالآتي : المتهم الأول : إدانته بتهمة قتل المجني عليه عمداً وعدواناً مع سبق الإصرار والترصد وبقتله قصاصاً بالوسيلة المتاحة في الدولة على أن يتم التنفيذ في حضور ولي الدم أومن يمثله قانوناً . المتهم الثاني : السجن المؤبد عن التهمة المسندة إليه . المتهم الثالث : السجن لمدة عشر سنوات عن تهمة التحريض والاشتراك وبعدم اختصاص المحكمة بنظر تهمة حيازة السلاح والذخائر المنسوبة للمتهمين الثالث والرابع وإعادة الأوراق للنيابة العامة فيما يتعلق بهذه التهمة لإحالتها للمحكمة المختصة وفقاً لنص المادة 142 من قانون الإجراءات الجزائية . 
استأنف المحكوم عليهم والنيابة العامة لدى محكمة استنئاف الفجيرة بالاستئنافات 368 ، 373 ، 379 ، 383/2004 والتي قضت فيها بجلسة 3/1/2005 حضورياً وبإجماع الآراء: 1 - في موضوع الاستئناف رقم 368/2004 المرفوع من المتهم الأول ... بإلغاء عقوبة قتله قصاصاً الصادر بها الحكم المستأنف وبإدانة المتهم المذكور بالجرائم المنسوبة إليه وعقابه عنها بالسجن المؤبد. 2 - وفي موضوع الاستئناف رقم 383/2004 المرفوع من المتهم الثاني .... بتعديل الحكم المستأنف إلى معاقبته بالسجن لمدة خمسة عشر عاماً عما هو منسوب إليه بدلاً من السجن المؤبد 3 - وفي موضوع الاستئناف رقم 373/2004 المرفوع من المتهم ... بإلغاء عقوبة سجنه عشر سنوات الصادر بها الحكم المستأنف وببراءته من تهمة الاشتراك بطريق المساعدة في قتل المجني عليه 4 - في الاستئناف 379/2004 المرفوع من النيابة العامة برفضه . وفي 26/1/2005 أودع الطاعن .... الطعن رقم 56/27 شرعي جزائي بطلب نقض الحكم والبراءة واحتياطيا النقض والإحالة ، كما أودع الطاعن .. بتاريخ 31/1/2005 الطعن رقم 61/27 نقض شرعي بطلب النقض والإحالة . كما أودعت النيابة العامة الطعن رقم 66/27 نقض شرعي بتاريخ 2/2 / 2005 بطلب نقض الحكم جزئياً وتصحيحه بالقضاء بالدية المستحقة لأولياء الدم. 
وبتاريخ 14/1/2006 قضت هذه المحكمة في الطعون 56/27 ق شرعي و61/27 ق شرعي و66/27 ق شرعي بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة الاستئناف التي أصدرت الحكم المطعون فيه لتفصل فيه مجدداً مشكلة من قضاة آخرين . 
وبجلسة 28/6 / 2006 قضت محكمة الإحالة ـ محكمة استئناف الفجيرة ـ حضورياً وبالإجماع : - 
أولاً : في موضوع الاستئنافات أرقام 368 و373 و383/2004 س جزاء الفجيرة المرفوعة من المستأنفين ..... و .... و ..... بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به ضدهم والقضاء مجدداً بإعلان براءتهم مما أسند لكل منهم . 
ثانياً : في موضوع الاستئناف رقم 379/2004 س جزاء الفجيرة المرفوع من النيابة العامة برفضه . 
وفي 12/7 / 2006 أودعت النيابة العامة الطعن الماثل بطلب نقض الحكم المطعون فيه والفصل في موضوع الطعن أو الإحالة ورد المطعون ضده الثاني برفضه . 
وحيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة القانون والفساد في الاستدلال ذلك أن محكمة الاستئناف انتهت إلى براءة المطعون ضدهما مستندة في ذلك إلى أن تقرير الطبيب الشرعي لم يقطع بأن الجثة التي عثر عليها هي للمجني عليه نايف عبدالله أو يقطع بسبب الوفاة ولم يبين ما إذا كان القتل قد تم بالسلاح المضبوط من عدمه وخلص من كل ذلك إلى عدم الاعتداد باعتراف المطعون ضدهما لعدم مطابقته للواقع ولحصوله نتيجة ظروف قهرية ونفسية وإعياء شديد مما يشكك في صحة إسناد الواقعة للمتهمين ، وذلك دون أن تستدعي المحكمة الطبيب الشرعي لمناقشته في أسباب ما انتهى إليه لبيان مدى اتفاقه مع ما لحق علم التحاليل من تطور حديث وأصدرت حكمها بالبراءة دون أن تأمر باتخاذ أي إجراء من إجراءات التحقيق اللازمة للوصول إلى الحقيقة ، فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه أهدر اعترافات المطعون ضدهما على سند مما أورده من أنها أخذت في ظروف قهرية وفي إعياء شديد وظروف نفسية حرجة مما يشكك في صحتها وذلك دون أن يستظهر ماهية تلك الظروف القهرية أو النفسية أو يبين صورة الإعياء الشديد المدعى به كما لم يبين بأسبابه وجود تناقض بين تلك الاعترافات وماديات الدعوى ووقائعها . مما يعيب ذلك الحكم ويستوجب نقضه. 
وحيث إن هذا النعي سديد ، ذلك إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة ـ أنه وإن كان لمحكمة الموضوع أن تقضي بالبراءة متى تشككت في صحة إسناد التهمة إلى المتهم أو لعدم كفاية أدلة الثبوت إلا أنه يجب أن يشتمل حكمها على ما يفيد أنها محصت الأدلة وأحاطت بظروف الدعوى والتزمت الحقائق الثابتة بالأوراق وأن يكون حكمها قائماً على أسباب سائغة تتفق مع الشرع والعقل والمنطق وإلا كان حكمها معيباً بالقصور مما يؤدي إلى بطلانه . 
كما إنه من المقرر أيضاً في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والترجيح بينها والأخذ بما تراه راجحاً منها إلا أن ذلك ليس على إطلاقه بل هو مشروط بأن تكون قد أحاطت بواقعة الدعوى وأدلتها عن بصر وبصيرة وأن تبين الحقيقة التي اقتنعت بها وأن تقيم قضاءها على أسباب سائغة تكفي لحمله، 
فضلاً عن أنه من المقرر شرعاً أن القسامة في اصطلاح الفقهاء الأيمان المكررة في دعوى القتل يقسم بها أولياء دم القتيل على المتهم أو يقسم بها المتهم على نفي القتل عنه . وفي الدر المختار جـ 10 صـ 318 أن القسامة شرعاً ( اليمين بالله تعالى بسبب مخصوص ، وعدد مخصوص ، على شخص مخصوص ، على وجه مخصوص ) وفي " المحلى " هو في الشرع عبارة عن (إيمان يقسم بها أولياء الدم على استحقاق دم صاحبهم) وهذا رأي الإمام مالك والشافعي وعند أبي حنيفة يقسم بها أهل المحلة على نفي القتل عنهم. 
وكان بدء القسامة في الجاهلية ثم أقره الإسلام كما في قصة عبدا لله بن سهل في خيبر ، قال أبو عمر: كانت في الجاهلية فأقرها صلى الله عليه وسلم على ما كانت عليه في الجاهلية. 
واختلف الفقهاء في القسامة فرأى الجمهور أن يعتبر القسامة كطريق من طرق الإثبات في جريمة القتل وعلى الأخص فقهاء المذاهب الأربعة والمذهب الظاهري ، وأنكر بعض الفقهاء القسامة ومنهم ... و ... وعمر بن عبد العزيز في إحدى رواياته باختلاف عنه . 
والأصل في القسامة أنها شرعت لحفظ الدماء وصيانتها وعدم إهدارها . 
ولما كان القتل يكثر بينما تقل الشهادة عليه لأن القاتل يتحرى بالقتل مواضع الخلوات جعلت القسامة حتى لا يفلت المجرمون من العقاب وحتى تحفظ الدماء وتصان . 
ويرى الإمام مالك والشافعي وأحمد أن القسامة شرعت لإثبات الجريمة ضد الجاني كلما انعدمت أدلة الإثبات الأخرى أولم تكن كافية بذاتها لإثبات الجريمة على الجاني ، فإن لم يكن مثلاً إلا شاهد واحد على القتل أولم يكن هناك شهود ولكن وجدت قرينة على أن القتل حصل من المتهم كان لولاة القتيل أن يثبتوا الجريمة على المتهم بطريق القسامة . 
ويرى أبو حنيفة أن القسامة ليست دليلاً مثبتاً للفعل المجرم وإنما هي دليل نفي لأهل المحلة التي وجد فيها القتيل، 
ومحل القسامة عند مالك والشافعي وأحمد أن يكون القاتل معيناً وأن يكون هناك لوث فإن كان القاتل مجهولاً فلا قسامة عند الأئمة الثلاثة خلافاً للإمام أبي حنيفة . 
واللوث عند الإمام مالك والشافعي هو أمر ينشأ عن غلبة الظن بصدق المدعي أوهوقرينة توقع في القلب صدق المدعي ( شرح الزرقاني جـ 8 صـ 50 ) كوجود جثة القتيل في محل أعدائه أو تفرق جماعة عن قتيل أو رؤية المتهم على رأس القتيل. 
وقول واحد ممن تقبل شهادتهم لوث . وهناك خلاف بين المالكية والشافعية على ما يعتبر لوثا فالمالكية يعتبرون إدعاء المجني عليه على المتهم قبل وفاته لوثاً ولا يعتبره الشافعيون كذلك والإشاعة المتواترة عند الشافعية لوث وليست كذلك عند المالكية ـ واللوث عند الإمام أحمد هي العداوة الظاهرة بين المقتول والمدعى عليه كنحوما بين الأنصار ويهود خيبر وكل من بينه وبين المقتول ضغن يغلب على الظن أنه قتله . قال الإمام مالك : الأمر المجتمع عليه عندنا والذي سمعت ممن أرضى في القسامة والذي اجتمعت عليه الأئمة في القديم والحديث أن يبدأ بالإيمان المدعون في القسامة فيحلفون وأن القسامة لا تجب إلا بأحد أمرين ، إما أن يقول المقتول دمي عند فلان أو يأتي ولاة الدم بلوث من بينة وإن لم تكن قاطعة على النحو الذي يدعي عليه الدم . والقسامة عند الإمام مالك والشافعي وأحمد على أولياء الدم لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( يحلف خمسون رجلاً منكم وتستحقون دم صاحبكم ) وعلى هذا أن يحلف أولياء القتيل ابتداءً خمسين يميناً . ويستحب أن يستظهر في ألفاظ اليمين في القسامة تأكيداً ، فيقول الحالف والله الذي لا إله إلا هو عالم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ، فإن اقتصر على لفظ والله كفى . ويشترط في اليمين أن تكون على البت وأن تكون قاطعة في ارتكاب المتهم الجريمة بنفسه أو بالاشتراك مع غيره وعلى الحالف أن يبين ما إذا كان الجاني قد تعمد الفعل أم لم يتعمده، فإن لم يحلف المدعون حلف المدعى عليه خمسين يميناً وبرئ . ويشترط في يمين المدعى عليه ما يشترط في يمين المدعي من البت والقطع ببراءته فيقول مثلاً والله ما قتلته ولا شاركت في قتله ولا فعلت سبباً مات منه ولا كان سبباً في موته ولا معيناً في موته . فإن حلف المدعون استحقوا الدية ولا يستحقون القصاص طبقاً لمذهب الإمام الشافعي الجديد، وإن حلف المدعى عليه خمسون يميناً برئ وإن لم يحلف المدعون ولم يرضوا إيمان المدعى عليهم برئ المتهمون . ويحلف من ولاة الدم أي المستحقين به خمسون رجلاً من العصبة ولا يحلف في العمد أقل من رجلين ويستوي أن يكون العاصب وارثاً أم غير وارث ولا تحلف النساء في العمد. وللولي إن كان واحداً أن يستعين بعاصبه ولو لم يكن عاصباً للقتيل كامرأة مقتولة ليس لها عصبة غير ابنها وله إخوة من أبيه فله أن يستعين بهم فإن قل عددهم أو نكل بعضهم ترد الإيمان عليهم طبقاً للمذهب المالكي . وأن من المقرر وفقاً لمؤدى نص المادتين 1 و2 من القانون 3/96 بشأن اختصاص المحاكم الشرعية أن جرائم القصاص والجرائم الأخرى المنصوص عليها في المادة الأولى منه تطبق عليها أحكام الشريعة الإسلامية حداً وتعزيراً. 
لما كان ذلك وكان يبين من الأوراق أن الحكم الناقض السابق الصادر عن هذه المحكمة بإحالة القضية إلى محكمة الاستئناف مُصدرة الحكم المطعون فيه (قبل الإحالة) للفصل فيه مجدداً وذلك لسماع شهادة الطبيب الشرعي استجلاءً لما ورد في تقريره المرفق بالأوراق وكانت محكمة الإحالة لم تتقيد بذلك التوجيه حيث لم تستمع لتلك الشهادة ، وبالرغم من ذلك قضت بالبراءة سنداً على (أن تقرير الطب الشرعي لم يقطع بأن الجثة التي عثر عليها هي للمجني عليه ... أو يقطع بسبب الوفاة ولم يبين ما إذا كان القتل قد تم بسبب السلاح المضبوط من عدمه) وخلص من كل ذلك إلى (عدم الاعتداد باعتراف المطعون ضدهما بما نسب إليهما لعدم مطابقته للواقع ولحصوله نتيجة ظروف قهرية ونفسية وإعياء شديد مما يشكك في صحة إسناد الواقعة لهما) مما تكون معه تلك المحكمة قد حجبت نفسها عن تقصي ثبوت الجريمة في حق المطعون ضدهما من عدمه مُهدرة ما قُدم أمامها من بينات تتمثل في الاعتراف المنسوب إليهما وتقرير الطب الشرعي الذي كان يمكن استجلاء الحقيقة فيه بسماع شهادة محرره ، كما أهدرت دلالة المستند المرفق بأوراق الدعوى والذي أشار إلى أن رخصة قيادة باسم القتيل ............ قد تم العثور عليها في جيب الملابس التي كان يرتديها، وكذلك ما ثبت من الأوراق من أن المطعون ضدهما هما من أرشدا على جثة القتيل في مكان دفنها في الجبل وعلى السلاح المستعمل في الحادث حسب اعترافهما، ولم تبين المحكمة ما استندت إليه في ثبوت صدور تلك الاعترافات بالإكراه ، وما هو وجه التناقض بينها وماديات الدعوى ووقائعها ، مما يعيب حكمها بالقصور المبطل والفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه . 
فضلاً عن ذلك فإن اتهام ولي دم القتيل للمطعون ضدهما بقتل ابنه لما بينهم من عداوة واعتراف المطعون ضدهما اللاحق بذلك وإرشادهما على الجثة ـ كل ذلك يشكل على الأقل لوثاً يوجب القسامة حسب مذهب الإمام مالك المعمول به في الدولة وكان على محكمة الموضوع إتباع ذلك الإجراء عملاً بالسلطة المخولة لها في المادة الثانية من القانون 3 لسنة 1996 المشار إليها أعلاه تطبيقاً لحكم الشرع وحتى لا يضيع دم امرئ مسلم هدراً. 
ولما كانت محكمة الإحالة قد خالفت هذا النظر ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وإنه ولئن كان الطعن للمرة الثانية إلا أن محكمة الإحالة لم تلتزم بما ورد في الحكم الناقض السابق كما إن النقض في هذه المرة اشتمل على سبب ثاني جديد هو إغفال محكمة الموضوع إتباع إجراءات يمين القسامة على النحو المشار إليه أعلاه وصولاً لوجه الحق في الدعوى وصوناً للدماء من أن تُهدر. 
وإذ جاء الحكم المطعون فيه خلافاً لذلك وقضى بالبراءة ولم يطبق أحكام الشريعة الإسلامية على واقعة الدعوى بإعمال القسامة مع تحقق موجبها فإنه يكون قد خالف أحكام الشريعة الإسلامية ، كما خالف القانون بعدم إحاطته بواقع الدعوى عن بصر وبصيرة على النحو الذي سلفت الإشارة إليه ، مما يعيبه ويستوجب نقضه والإحالة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق