الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 14 يونيو 2015

الطعن 10830 لسنة 65 ق جلسة 21 / 7 / 1997 مكتب فني 48 ق 122 ص 790

  برئاسة السيد المستشار / محمد محمد زايد رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين /سري صيام ومحمد حسام الدين الغريانى ومحمد شتا وأحمد عبد القوى نواب رئيس المحكمة.
-----------------
1 - لما كان الحكم المطعون فيه لم يعول فى إدانة الطاعن على شئ مما أسفر عنه التصنت على المحادثات أو المقابلات الخاصة أو على ثمة تسجيلات، وكان ما أورده الحكم من أقوال ...... عضو الرقابة الادارية إنما هو تحصيل لما شهد به ما إتصل بسمعه وبعده مباشرة من أقوال المبلغ وعند قيامه باجراءات الضبط ولم يورد الحكم شيئاً عما تلقاه الشاهد من أجهزة التسجيل. كما أن الحكم لم يعول فى قضائه بالإدانة على شئ مما قرره الطاعن عند إستجواب النيابة العامة له، فإنه لا يجدى الطاعن ما يدعيه بشأن تلك الاجراءات، ويكون غير منتج النعى على الحكم بأنه أعرض عن الدفع ببطلان إجراءات المراقبة والتسجيل وببطلان إستجواب الطاعن أمام النيابة العامة.

2 - لما كان ما نصت عليه المادة الثامنة من القانون رقم 54 لسنة 1964 بإعادة تنظيم الرقابة الادارية من أنه "يجوز للرقابة الادارية أن تجرى التحريات والمراقبة السرية بوسائلها الفنية المختلفة كلما رأت مقتضى ذلك، وإذا أسفرت التحريات والمراقبة عن أمور تستوجب التحقيق أحيلت الأوراق إلى النيابة الإدارية أو النيابة العامة حسب الأحوال بإذن من رئيس الرقابة الإدارية أو من نائبه، وعلى النيابة الإدارية أو النيابة العامة إفادة الرقابة الإدارية بما إنتهى إليه التحقيق، ويتعين الحصول على موافقة رئيس المجلس التنفيذى (رئيس مجلس الوزراء) بالنسبة إلى الموظفين الذين فى درجة مدير عام فما فوقها أو الموظفين الذين تجاوز مرتباتهم الأصلية 1500 جنيهاً سنوياً عند إحالتهم للتحقيق" لا يعدو أن يكون تنظيماً للعمل فى الرقابة الادارية ولا يعتبر قيداً على حرية النيابة العامة فى إجراء التحقيق، إذ هى تباشره وتتصرف فيه وفقاً لقانون الإجراءات الجنائية، فطالما كانت الجريمة التى باشرت الرقابة الإدارية إجراء التحريات والمراقبة بشأنها من الجرائم التى لا يخضع رفع الدعوى الجنائية عنها أو ضد المتهم بارتكابها لأى من القيود الواردة فى قانون الإجراءات الجنائية، فإن ما تتخذه النيابة العامة من إجراءات يكون بمنأى عن أى طعن، ولو كانت الرقابة الإدارية قد أحالت الأوراق إليها دون أن تتقيد بما نصت عليه المادة الثامنة - المار ذكرها - لأن من حق النيابة العامة أن تتخذ ما تراه من إجراءات ولو أبلغت إليها الجريمة من أحاد الناس، ومن ثم فإن النعى على الحكم فى هذا الصدد يكون غير سديد.

3 - لما كان البين من الأوراق أن المبلغ يدعى ...... فإن ما ورد بوصف الاتهام من أنه يدعى ...... لا يعدو أن يكون من الأخطاء المادية، ومن ثم فإن تصحيح المحكمة هذا الخطأ لا يتناول ذات الواقعة الجنائية التى أبدى الطاعن دفاعه فيها فلا يصح الطعن على الحكم من هذه الناحية. هذا إلى أن الخطأ فى تحصيل أقوال شهود الاثبات الذى يرد فى القائمة التى تقدمها النيابة العامة - بفرض حصوله - لا يصلح سبباً للطعن بالنقض طالما أن الحكم المطعون فيه قد سلم من هذا العيب.

4 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم - مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات - مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه دون رقابة عليها من محكمة النقض، وكان مؤدى قضاء المحكمة بإدانة الطاعن إستناداً إلى أقوال المبلغ وعضو هيئة الرقابة الإدارية والسائق "الشاهد الرابع" هو إطراح ضمنى لجميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، فإن ما يثيره الطاعن من تشكيك فى أقوال هؤلاء الشهود إنما ينحل إلى جدل موضوعى لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض، أما ما قيل بشأن التناقض بين أقوال الشهود فحسب الحكم فى ذلك أنه أورد أقوالهم التى عول عليها بما لا ينطوى على ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد.

5 - لما كانت الفقرة الثانية من المادة السابعة من قانون إنشاء محاكم أمن الدولة الصادر بالقانون رقم 105 لسنة 1980 تنص على أن يكون للنيابة العامة - بالاضافة إلى الاختصاصات المقررة لها سلطات قاضى التحقيق فى تحقيق الجنايات التى تختص بها محكمة أمن الدولة العليا، ومن ثم فإنه يكون لها وفقاً لما نصت عليه المادة 142 من قانون الاجراءات الجنائية أن تأمر بحبس المتهم إحتياطياً لمدة خمسة عشر يوماً وأن تأمر بعد سماع أقوال المتهم بمد الحبس مدة أو مدداً أخرى لا يزيد مجموعها على خمسة وأربعين يوماً، أما ما إستلزمه هذا النص من سماع أقوال النيابة العامة فلا محل له - فى هذه الحالة - بعد أن إجتمعت النيابة العامة باختصاصاتها وسلطات قاضى التحقيق عملاً بأحكام القانون رقم 105 لسنة 1980 المشار إليه.

6 - لما كان القانون لا يشترط فى جريمة الرشوة أن يكون الموظف وحده المختص بجميع العمل المتصل بالرشوة بل يكفى أن يكون له علاقة به أو يكون له نصيب من الاختصاص يسمح بتنفيذ الغرض من الرشوة، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل من أقوال رئيس مصلحة ...... بوزارة الاقتصاد أن الطاعن يعمل مديراً عاماً لتلك المصلحة وأنه المختص بتوقيع أوراق ومذكرات إدارة تأسيس الشركات بالمصلحة، ويقوم بعرضها على لجنة التأسيس ويحضر إجتماعاتها ويشرف على تنفيذ قراراتها، وكان الحكم قد أثبت فى حق الطاعن أنه طلب وأخذ الرشوة مقابل إتخاذ إجراءات عرض مستندات الشركة الخاصة بالمبلغ على اللجنة المختصة للموافقة على تأسيسها، فإن ما أورده الحكم من ذلك كاف وسائغ فى الرد على ما أثاره الطاعن بشأن عدم إختصاصه بالعمل الذى دفعت الرشوة فى مقابل أدائه.

7 - لما كان البين من الأوراق أن النيابة العامة أسندت للطاعن أنه طلب وأخذ مبلغ ستمائة وخمسين جنيهاً على سبيل الرشوة وهى بذاتها الواقعة التى دارت عليها المرافعة بجلسات المحاكمة وقضى الحكم بإدانته عنها، فإن زعم الطاعن بأن الحكم أضاف وقائع لم يشملها وصف الاتهام يكون غير صحيح.

8 - من المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن الفرق بين نص المادة 103 من قانون العقوبات ونص المادة 105 منه أنه إذا وجد إتفاق بين الموظف وصاحب المصلحة على أداء العمل مقابل الجعل إنطبقت المادة 103 من قانون العقوبات يستوى فى ذلك أن يكون العطاء سابقاً أو معاصراً لأداء العمل أو لاحقاً عليه ما دام أداء العمل كان تنفيذاً لاتفاق سابق إذ أنه نية الاتجار بالوظيفة فى هذه الحالة تكون قائمة منذ البداية، أما إذا كان أداء العمل - أو الامتناع عنه أو الاخلال بواجبات الوظيفة - غير مسبوق باتفاق بين الراشى والمرتشى فإن العطاء اللاحق فى هذه الحالة تنطبق عليه المادة 105 من القانون المذكور. وكان البين مما حصله الحكم المطعون فيه أن المبلغ إلتجأ إلى الطاعن لتذليل العقبات التى إعترضت تأسيس الشركة فطلب الطاعن وأخذ منه المبالغ التى بينها الحكم لتيسير إجراءات التأسيس، فإن الحكم إذ أخذ الطاعن بنص المادة 103 آنفة الذكر يكون قد طبق القانون على الواقعة تطبيقاً صحيحاً ويكون النعى عليه بأن المادة 105 من قانون العقوبات كانت الأولى بالتطبيق بعيداً عن محجة الصواب.
--------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه بصفته موظفا عموميا ..... طلب وأخذ عطية لأداء عمل من أعمال وظيفته بأن طلب وأخذ من ...... مبلغ ستمائة وخمسون جنيها على سبيل الرشوة مقابل اتخاذ إجراءات عرض مستندات الشركة المشار إليها على اللجنة المختصة للموافقة على تاسيسها , وأحالته إلى محكمة أمن الدولة العليا بالقاهرة لمعاقبته طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضوريا عملا بالمادة 103 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة سبع سنوات وتغريمه مبلغ ألف جنيه عما أسند إليه .
فطعن الأستاذ ...... المحامى نيابة عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
----------------
   من حيث إن مبنى ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الرشوة شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وأخطأ في تطبيق القانون, ذلك بأن الطاعن دفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير إذن من رئيس مجلس الوزراء على نحو ما استوجبه قانون إعادة تنظيم الرقابة الإدارية, وببطلان الاتهام إذ أخطأت النيابة العامة اسم المجني عليه وأسندت إلى بعض الشهود ما يخالف أقوالهم بالتحقيقات, وببطلان الإذن الصادر بمراقبة الهواتف وبإجراء التسجيلات لصدوره استناداً إلى تحريات غير جادة وقبل أن تتحقق النيابة من وقوع الجريمة, وببطلان إجراءات المراقبة والتسجيل للبدء بها قبل صدور الإذن ولإنفراد المبلغ بإجراء بعضها دون رقابة من مأمور الضبط القضائي ولإجراء المراقبة على هاتف وعلى شخص لم يشملهما الإذن. هذا إلى أن الخبير استبعد - لدى تفريغ التسجيلات - بعض العبارات المسجلة من تلقاء نفسه واستمع عضو الرقابة الإدارية للتسجيلات دون إذن من النيابة, كما أن الهاتف الخاص بالطاعن كان معطلاً في الفترة التي قيل بالمراقبة في خلالها, وتمسك الطاعن بوجود تناقض بين أقوال الشهود الذين عولت المحكمة على أقوالهم وبين أقوال الشهود الآخرين, وبتواطؤ عضو الرقابة الإدارية مع الشاهد الرابع على تلفيق الاتهام له, وببطلان استجواب النيابة العامة لعدم حيدة من أجراه إذ وجه إليه أسئلة إيحائية عن وقائع لا أصل لها في الأوراق, وببطلان إنفراد النيابة العامة بمد الحبس الاحتياطي الذي اختص المشرع به قاضي التحقيق بعد سماع أقوال النيابة العامة, كما دفع الطاعن بأنه غير مختص بالعمل الذي قيل بأنه طلب الرشوة لأدائه وتمسك بوهن الدليل المستمد من أقوال المبلغ, فرد الحكم على بعض هذا الدفاع بما لا يصلح رداً وأعرض عن سائره دون رد, وعول في إدانة الطاعن على ما شهد به عضو الرقابة الإدارية مما سمعه من شريط التسجيل الباطل, ولم تلفت المحكمة نظر الطاعن إلى تعديلها التهمة بإضافة المبلغ المقال بدفعها قبل واقعة الضبط, وعاقبه بموجبه المادة 103 من قانون العقوبات حال أن المادة 105 منه كانت الأولى بالتطبيق, وكل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد حصل واقعة الدعوى بما مجمله أن ........ تردد على مصلحة الشركات التابعة لوزارة الاقتصاد لإنجاز إجراءات تأسيس شركة, وإذ صادفته عقبات لدى بعض العاملين بالمصلحة والتجأ إلى المتهم بصفته مديراً عاماً بها وقابله بأحد المحال العامة وبمكتبه, طلب الأخير وأخذ منه مبلغ ثلاثمائة جنيه على سبيل الرشوة لإتمام الإجراءات المطلوبة ثم طلب منه مبلغ ثلاثمائة وخمسين جنيه أخرى لأحد أعضاء اللجنة المختصة بالموافقة على التأسيس, فأبلغ الأول هيئة الرقابة الإدارية. ثم أن المتهم أخذ منه مائة جنيه أخرى وواعده على مقابلته بطريق صلاح سالم ليدفع له باقي المبلغ, وفي الموعد المحدد وبناء على إذن من النيابة العامة تمكن عضو بهيئة الرقابة الإدارية من القبض على المتهم عند تسليمه المبلغ المذكور. وأورد الحكم على ثبوت هذه الواقعة أدلة سائغة استقاها من أقوال المبلغ وأربعة من شهود الإثبات. لما كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه لم يعول في إدانة الطاعن على شيء مما أسفر عنه التصنت على المحادثات أو المقابلات الخاصة أو على ثمة تسجيلات, وكان ما أورده الحكم من أقوال ... عضو الرقابة الإدارية إنما هو تحصيل لما شهد به ما اتصل بسمعه وبعده مباشرة من أقوال المبلغ وعند قيامه بإجراءات الضبط ولم يورد الحكم شيئاً عما تلقاه الشاهد من أجهزة التسجيل. كما أن الحكم لم يعول في قضائه بالإدانة على شيء مما قرره الطاعن عند استجواب النيابة العامة له, فإنه لا يجدي الطاعن ما يدعيه بشأن تلك الإجراءات, ويكون غير منتج النعي على الحكم بأنه أعرض عن الدفع ببطلان إجراءات المراقبة والتسجيل وببطلان استجواب الطاعن أمام النيابة العامة. لما كان ذلك, وكان ما نصت عليه المادة الثامنة من القانون رقم 54 لسنة 1964 بإعادة تنظيم الرقابة الإدارية من أنه ((يجوز للرقابة الإدارية أن تجري التحريات والمراقبة السرية بوسائلها الفنية المختلفة كلما رأت مقتضى لذلك, وإذا أسفرت التحريات والمراقبة عن أمور تستوجب التحقيق أحيلت الأوراق إلى النيابة العامة حسب الأحوال بإذن من رئيس الرقابة الإدارية أو من نائبه, وعلى النيابة الإدارية أو النيابة العامة إفادة الرقابة الإدارية بما انتهى إليه التحقيق, ويتعين الحصول على موافقة رئيس المجلس التنفيذي (رئيس مجلس الوزراء) بالنسبة إلى الموظفين الذين في درجة مدير عام فما فوقها أو الموظفين الذين تجاوزت مرتباتهم الأصلية 1500 جنيهاً سنوياً عند إحالتهم للتحقيق)) لا يعدو أن يكون تنظيماً للعمل في الرقابة الإدارية ولا يعتبر قيداً على حرية النيابة العامة في إجراء التحقيق, إذ هي تباشره وتتصرف فيه وفقاً لقانون الإجراءات الجنائية, فطالما كانت الجريمة التي باشرت الرقابة الإدارية أجرى التحريات والمراقبة بشأنها من الجرائم التي لا يخضع رفع الدعوى الجنائية عنها أو ضد المتهم بارتكابها لأي من القيود الواردة في قانون الإجراءات الجنائية, فإن ما تتخذه النيابة العامة من إجراءات يكون بمنأى عن أي طعن, ولو كانت الرقابة الإدارية قد أحالت الأوراق إليها دون أن تتقيد بما نصت عليه المادة الثامنة - المار ذكرها - لأن من حق النيابة العامة أن تتخذ ما تراه من إجراءات ولو أبلغت إليها الجريمة من آحاد الناس, ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك, وكان البين من الأوراق أن المبلغ يدعى .... فإن ما ورد بوصف الاتهام من أنه يدعى .... لا يعدو أن يكون من الأخطاء المادية, ومن ثم فإن تصحيح المحكمة هذا الخطأ لا يتناول ذات الواقعة الجنائية التي أبدى الطاعن دفاعه فيها فلا يصح الطعن على الحكم من هذه الناحية. هذا إلى أن الخطأ في تحصيل أقوال شهود الإثبات الذي يرد في القائمة التي تقدمها النيابة العامة - بفرض حصوله - لا يصلح سبباً للطعن بالنقض طالما أن الحكم المطعون فيه قد سلم من هذا العيب. لما كان ذلك, وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم - مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات - مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه دون رقابة عليها من محكمة النقض, وكان مؤدى قضاء المحكمة بإدانة الطاعن استناداً إلى أقوال المبلغ وعضوية هيئة الرقابة الإدارية والسائق ((الشاهد الرابع)) هو إطراح ضمني لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها, فإن ما يثيره الطاعن من تشكيك في أقوال هؤلاء الشهود إنما ينحل إلى جدل موضوعي لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض, أما ما قيل بشأن التناقض بين أقوال الشهود فحسب الحكم في ذلك أنه أورد أقوالهم التي عول عليها بما لا ينطوي على ما يثيره الطاعن في هذا الصدد. لما كان ذلك, وكانت الفقرة الثانية من المادة السابعة من قانون إنشاء محاكم أمن الدولة الصادر بالقانون رقم 105 لسنة 1980 تنص على أن يكون للنيابة العامة - بالإضافة إلى الاختصاصات المقررة لها سلطات قاضي التحقيق في تحقيق الجنايات التي تختص بها محكمة أمن الدولة العليا, ومن ثم فإنه يكون لها وفقاً لما نصت عليه المادة 142 من قانون الإجراءات الجنائية أن تأمر بحبس المتهم احتياطياً لمدة خمسة عشر يوماً وأن تأمر بعد سماع أقوال المتهم بمد الحبس مدة أو مدداً أخرى لا يزيد مجموعها على خمسة وأربعين يوماً, أما ما استلزمه هذا النص من سماع أقوال النيابة العامة فلا محل له - في هذه الحالة - بعد أن اجتمعت النيابة العامة باختصاصاتها وسلطات قاضي التحقيق عملاً بأحكام القانون رقم 105 لسنة 1980 المشار إليها. لما كان ذلك, وكان القانون لا يشترط في جريمة الرشوة أن يكون الموظف وحده المختص بجميع العمل المتصل بالرشوة بل يكفي أن يكون له علاقة به أو يكون له نصيب من الاختصاص يسمح بتنفيذ الغرض من الرشوة, وكان الحكم المطعون فيه قد حصل من أقوال رئيس مصلحة 0000 بوزارة الاقتصاد أن الطاعن يعمل مديراً عاماً لتلك المصلحة وأنه المختص بتوقيع أوراق ومذكرات إدارة تأسيس الشركات بالمصلحة ويقوم بعرضها على لجنة التأسيس ويحضر اجتماعاتها ويشرف على تنفيذ قراراتها, وكان الحكم قد أثبت في حق الطاعن أنه طلب وأخذ الرشوة في مقابل اتخاذ إجراءات عرض مستندات الشركة الخاصة بالمبلغ على اللجنة المختصة للموافقة على تأسيسها, فإن ما أورده الحكم من ذلك كاف وسائغ في الرد على ما أثاره الطاعن بشأن عدم اختصاصه بالعمل الذي دفعت الرشوة في مقابل أدائه ويكون منعى الطاعن في هذا الشأن على غير أساس. لما كان ذلك, وكان البين من الأوراق أن النيابة العامة أسندت للطاعن أنه طلب وأخذ مبلغ ستمائة وخمسين جنيهاً على سبيل الرشوة وهي بذاتها الواقعة التي دارت عليها المرافعة بجلسات المحاكمة وقضى الحكم بإدانته عنها, فإن زعم الطاعن بأن الحكم أضاف وقائع لم يشملها وصف الاتهام يكون غير صحيح. لما كان ذلك, وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الفرق بين نص المادة 103 من قانون العقوبات ونص المادة 105 منه أنه إذا وجد اتفاق بين الموظف وصاحب المصلحة على أداء العمل مقابل الجعل انطبقت المادة 103 من قانون العقوبات يستوي في ذلك أن يكون العطاء سابقاً أو معاصراً لأداء العمل أو لاحقاً عليه ما دام أداء العمل كان تنفيذاً لاتفاق سابق إذ أن نية الاتجار بالوظيفة في هذه الحالة تكون قائمة منذ البداية, أما إذا كان أداء العمل - أو الامتناع عنه أو الإخلال بواجبات الوظيفة - غير مسبوق باتفاق بين الراشي والمرتشي فإن العطاء اللاحق في هذه الحالة تنطبق عليه المادة 105 من القانون المذكور. وكان البين مما حصله الحكم المطعون فيه أن المبلغ التجأ إلى الطاعن لتذليل العقبات التي اعترضت تأسيس الشركة فطلب الطاعن وأخذ منه المبالغ التي بينها الحكم لتيسير إجراءات التأسيس, فإن الحكم إذا أخذ الطاعن بنص المادة 103 آنفة الذكر يكون قد طبق القانون على الواقعة تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي عليه بأن المادة 105 من قانون العقوبات كانت الأولى بالتطبيق بعيداً من محجة الصواب. لما كان ما تقدم, فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق