جلسة 29 من سبتمبر سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ محمد محمد زايد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ سري صيام ومحمد حسام الدين الغرياني ومحمد شتا وأحمد عبد القوي نواب رئيس المحكمة.
-----------------
(146)
الطعن رقم 4467 لسنة 66 القضائية
(1) نقض "أسباب الطعن. إيداعها".
عدم تقديم الطاعنة أسباب طعنها. أثره: عدم قبول الطعن شكلاً. أساس ذلك؟
(2) حكم "بيانات حكم الإدانة".
لا محل للنعي على الحكم بالإجمال ما دام قد استوفى في بيان الواقعة وأدلة الثبوت ما توجبه المادة 310 إجراءات.
(3) إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم إيراد نص تقرير الخبير كاملاً. لا ينال من سلامة الحكم.
(4) إثبات "شهود". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم تعويله على قول للشاهد. لم يورده في بيان مؤدى شهادته التي عولت عليها في الإدانة. غير مقبول.
(5) استدلالات. مأمورو الضبط القضائي "اختصاصاتهم".
عدم اشتراط القانون فترة زمنية محددة لإجراء التحريات.
إجراء مأمور الضبط القضائي التحريات بنفسه. غير لازم. حقه في الاستعانة. برجال السلطة العامة والمرشدين السريين.
(6) استدلالات. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير جدية التحريات. موضوعي. المجادلة في ذلك أمام النقض. غير مقبولة.
(7) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم تعويله على قول للشاهدين لم ينقله عنهما. غير مقبول.
(8) قتل عمد. قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل. أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر نية القتل.
(9) سبق إصرار. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سبق الإصرار. ماهيته؟
مثال للتدليل على توافر سبق الإصرار في حق الطاعنين في جريمة قتل عمد.
(10) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تقدير صحة الاعتراف وقيمته في الإثبات. موضوعي. ما دام سائغاً.
(11) إجراءات "إجراءات المحاكمة". محضر الجلسة. إثبات. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه. ماهيته؟
مثال لتسبيب سائغ في رفض طلب مناقشة الطبيب الشرعي.
(12) إجراءات "إجراءات التحقيق". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة. لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم.
مثال.
(13) نيابة عامة. نقض "ميعاده". إعدام.
اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام. دون التقيد بميعاد محدد أو مبنى الرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها.
(14) إعدام. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟
2 - لما كان الحكم قد استوفى في بيان الواقعة وأدلة الثبوت ما توجبه المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية فإنه يبرأ مما يدعيه الطاعن الأول من إجمال في هذا البيان ويكون لا محل لما يثيره في هذا الصدد.
3 - من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه.
4 - لما كان الحكم لم يورد في بيان مؤدى شهادة النقيب.... التي عول عليها في الإدانة قولاً عن ضعف بنية المجني عليه أو عن مبادرة الطاعن بالاعتراف له، فإن ما يثيره الطاعن الأول في شأن القول يكون غير ذي موضوع.
5 - من المقرر أن القانون لا يوجب حتماً أن يكون رجل الضبط القضائي قد أمضى وقتاً طويلاً في التحريات، وأن له أن يستعين فيما يجريه منها بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين دون أن يكون ملزماً بالإفصاح عن هذه المصادر ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقله إليه.
6 - لما كان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع، فإن المجادلة في تعويل الحكم على أقوال النقيب..... التي استقاها من تحرياته بدعوى أن هذه التحريات تمت في فترة وجيزة ولم يفصح عن مصدرها تتمحض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا يقبل أمام محكمة النقض.
7 - لما كان الحكم لم ينقل عن الشاهدين.... و.... أن الأول أبصر المجني عليه ميتاً وأن الثاني سمع أن المجني عليه مات مخنوقاً، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل.
8 - من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم قد استظهر نية القتل في حق الطاعنين بقوله: "وحيث إنه عن توافر نية إزهاق روح المجني عليه في حق المتهمين فهي ثابتة في حقهما من اتحاد إرادتهما واتجاهها إلى قتل المجني عليه باتفاقهما المسبق وإخلاء المتهمة الثانية مسرح الجريمة وإصرار المتهم الأول على خنق المجني عليه وكتم أنفاسه حتى كان له ما أراد رغم مقاومة المجني عليه واستغاثته فضلاً عن اعتراف المتهمين بالتحقيقات الذي جاء متفقاً مع تحريات الشرطة وتقرير الصفة التشريحية". وكان ما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوى وفيما سلف - على السياق المتقدم - يكفي في استظهار نية القتل، فإنه يكون قد برئ من دعوى القصور في التسبيب.
9 - لما كان الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين بقوله: "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار في الواقعة فإن مناط قيام هذا الظرف هو أن يرتكب الجاني الجريمة وهو هادئ البال بعد إعمال فكره في هدوء وروية أي يجب أن يسبق الجريمة زمن ما يكون المتهم قد فكر فيه ورتب ما عزم عليه ووازن بين مزاياه وأخطاره وتدبر عواقبه ثم يخرج من ذلك مصمماً على ارتكاب الجريمة وتستدل المحكمة على توافره في حق المتهمين من اعترافهما بالتحقيقات وإعدادهما للجريمة قبل ارتكابها ورغبتهما في تحقيق مصلحة يبغيانها هي الزواج بعد التخلص من المجني عليه زوج المتهمة الثانية"، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنتاج. فإن الحكم بما حصله في بيان واقعة الدعوى وما أورده مما سلف يكون قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بما يقيمه في حق الطاعنين.
10 - من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، فلها بهذه المثابة أن تقرر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة فإن تعييب الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل.
11 - لما كان الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة بتاريخ..... التي تمت فيها المرافعة وصدر بها قرار المحكمة بإحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي وتحديد جلسة..... للنطق بالحكم الذي صدر بها فعلاً، أن المدافع عن الطاعن طلب في مستهل مرافعته مناقشة الطبيب الشرعي غير أنه أتم مرافعته دون أن يصر على هذا الطلب في طلباته الختامية مما يفقده خصائص الطلب الجازم الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه، ومع ذلك فإن الحكم عرض له ورد عليه في قوله: "وحيث إنه عن طلب مناقشة الطبيب الشرعي لخلو التقرير من كيفية حدوث الواقعة ولقصوره في تحديد الإصابات الموجودة بجثة المجني عليه والعلامات المصاحبة للوفاة بالصورة الواردة بالتقرير فالمحكمة لا ترى موجباً لذلك لوضوح التقرير وتبيانه لسبب وفاة المجني عليه والإصابات الموجودة بجثة المجني عليه وجزمه بأن الإصابات الموجودة بجثة المجني عليه حيوية حديثة في مجموعها وهي تشير إلى عنف أو مقاومة، وقد حدثت في تاريخ يتفق وتاريخ الوفاة وتتمشى وإصابات الوجه والعنق مع كون الوفاة نتيجة أسفكسيا الخنق وكتم النفس الأمر الذي جاء متفقاً مع اعترافات المتهمين وشهادة الشاهد الثالث والسابق إيراد مؤداها مما تنتفي العلة في طلب مناقشته لكونه غير منتج في الدعوى وكفاية ما استخلصته المحكمة من أدلة الإثبات والوقائع التي ثبت لديها لتكوين عقيدتها في الدعوى مطمئنة الوجدان....". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم مما سلف يعتبر كافياً وسائغاً في رفض طلب الطاعن مناقشة الطبيب الشرعي، فإن شبهة الإخلال بحق الدفاع تكون منتفية.
12 - لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن الأول قد أثار أن النيابة العامة لم تجر معاينة تصويرية للحادث إلا أنه لم يطلب من المحكمة إجراء هذه المعاينة، فضلاً عن أن النيابة العامة - كما يبين من المفردات - أجرت معاينة لمكان الحادث أرفق بها رسم تخطيطي تضمنت أن منزل المجني عليه يكون من طابق واحد ومن ثم فلا يحق للطاعن أن يثير شيئاً في شأن خلو الأوراق من معاينة تصويرية ومن بيان ارتفاع منزل المجني عليه ووجود إضاءة أمامه إذ لا يعدو ذلك أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً لتعييب الحكم.
13 - من المقرر أن تجاوز النيابة العامة للميعاد المقرر لعرض القضية المحكوم فيها بالإعدام على محكمة النقض بمذكرة مشفوعة برأيها لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل تتصل محكمة النقض بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية وإن لم يثبت تاريخ تقديم مذكرتها التي انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليهما.
14 - لما كان الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين المحكوم عليهما بالإعدام بها وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية، كما جاء الحكم خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وصدر من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما أولاً: المتهم الأول: قتل عمداً..... مع سبق الإصرار بأن بيت النية وعقد العزم على قتله بأن توجه إليه في مسكنه الذي أيقن سلفاً وجوده فيه وبعد أن تأكد من نومه دلف إليه وما أن ظفر به حتى أطبق بيديه على عنقه قاصداً من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته. ثانياً: المتهمان اشتركا في اتفاق جنائي الغرض منه ارتكاب جناية قتل المجني عليه سالف الذكر بأن اتفقا على أن يتوجه المتهم الأول إلى مسكن المجني عليه لقتله بعد أن تترك المتهمة الثانية مسكنها مصطحبة أولادها حتى ينفرد به ويتمكن من إتمام ما اتفق عليه على النحو المبين بالأوراق. وأحالتهما إلى محكمة جنايات الإسماعيلية لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. فقررت المحكمة بإجماع الآراء إحالة أوراق القضية إلى فضيلة المفتي لإبداء الرأي وحددت جلسة للنطق بالحكم وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 41، 48/ 1 - 2، 230، 231 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من القانون ذاته - بإعدام المتهمين شنقاً عما أسند إليهما، بعد أن أضافت إلى الوصف الوارد بأمر الإحالة بالنسبة إلى المتهمة الثانية - اشتركت مع المتهم الأول بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة على ارتكاب الجريمة موضوع التهمة الأولى بأن اتفقت معه على ارتكابها وحرضته على ذلك وساعدته بعمل سهل له ارتكاب الجريمة بأن أخلت له مسكن المجني عليه واصطحبت أولادها إلى مكان آخر وقد وقعت الجريمة بناء على هذا الاتفاق وذلك التحريض وتلك المساعدة على النحو المبين تفصيلاً بالأوراق.
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة بطلب إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما... الخ
المحكمة
من حيث إن الطاعنة الثانية وإن قررت بالطعن في الميعاد، إلا أنها لم تودع أسباباً لطعنها مما يتعين معه القضاء بعدم قبول طعنها شكلاً عملاً بحكم المادة 34 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959.
ومن حيث إن الطاعن الأول ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والاشتراك في اتفاق جنائي قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه أجمل في بيان واقعة الدعوى وأدلة الثبوت، وأشار إلى نتيجة تقرير الصفة التشريحية دون أن يورد ما تضمنه من وصف إصابات المجني عليه وموضعها وما وجد بجسده من سحجات وكيفية حدوث الخنق وكتم النفس معاً والساعة التي تم فيها الكشف الطبي، وذلك ليتسنى التحقيق من ملاءمة هذه العناصر لباقي أدلة الدعوى، وعول الحكم على ما ذكره النقيب...... عن ضعف بنية المجني عليه مع أن معاينة النيابة وتقرير الصفة التشريحية كليهما لم يشرا إلى ذلك، وعلى قوله بتحقيقات النيابة العامة أن الطاعن بادر بالاعتراف له مع أنه لم يثبت ذلك بمحضره، وعلى تحرياته وقد تمت في فترة وجيزة ولم يحدد الضابط مصدرها، وعلى أقوال الشاهد.... أنه أبصر المجني عليه ميتاً دون أن يذكر كيف تحقق من موته، وعلى شهادة...... أنه سمع أن المجني عليه مات مخنوقاً دون الإفصاح عن كيفية تحديده وسيلة القتل، ولم يدلل الحكم على نية القتل وظرف سبق الإصرار بما يقيمها في حق الطاعن سيما وأن اعترافه كان وليد إكراه مادي ومعنوي من الشرطة، وأطرح طلب الطاعن مناقشة الطبيب الشرعي برد غير سائغ، كما خلت الأوراق من المعاينة التصويرية للحادث وبيان ارتفاع منزل المجني عليه ووجود إضاءة أمامه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى في قوله: "إن علاقة صداقة ربطت بين المتهم الأول..... والمجني عليه..... وظل المتهم يتردد على مسكن المجني عليه في أوقات مختلفة إلى أن نشأت بينه وبين زوجة المجني عليه المتهمة الثانية.... علاقة عاطفية وتوطدت العلاقة الآثمة بينهما إلى الحد الذي وصلا فيه إلى أن أياً منهما لا يكبح جماح نفسه عن الآخر وأحلا ما حرمه الله واندفعا في علاقة جنسية آثمة في غيبة الزوج المجني عليه وفي مخدعه حتى أنهما كان يمارسان الرذيلة في شهر رمضان واستمر الحال على ذلك إلى أن تطور الحديث فيما بينهما إلى التفكير في وجوب التخلص من المجني عليه بقتله حيث تواعدا على الزواج بعد ذلك، وأعملا الفكر في هدوء وروية ورتبا وتدبرا سوياً ما عقدا عليه العزم وخرجا من ذلك مصممين على ارتكاب الجريمة وأعدا لذلك عدتهما وحددا ميقاتها وطريقة تنفيذها بأن يقوم المتهم الأول بقتل المجني عليه بخنقه أثناء نومه في سريره بمفرده بعد أن تقوم المتهمة الثانية بإخلاء مسكن الزوجية واصطحاب أولادها معها إلى بلدتها حتى يخلو المكان للمتهم الأول. وإمعاناً من المتهمة الثانية على تحريض المتهم الأول على ارتكاب الجريمة وشد أزره قامت بتهديده بأنها ستشعل النار بنفسها إذا لم يقم بتنفيذ ما اتفقا عليه، إلى أن كان مساء يوم..... المحدد لارتكاب الجريمة فقامت المتهمة الثانية بإخلاء مسكن الزوجية واصطحبت معها أولادها إلى بلدتها بميت غمر حتى يخلو المكان للمتهم الأول الذي وصل إلى مسكن المجني عليه حوالي الساعة التاسعة مساء مع علمه بأنه متواجد بمفرده حسب الاتفاق مع المتهمة الثانية، وظل ساهراً مع المجني عليه حتى ساعة متأخرة من الليل حتى غلب المجني عليه النعاس ودخل إلى غرفة نومه بينما ظل المتهم في غرفة أخرى، وقبيل الفجر بعدما ظن المتهم أن المجني عليه استغرق في نومه طرق باب حجرته ففتح له المجني عليه حيث خرج من حجرة النوم إلى الصالة فانقض عليه المتهم وأمسك برقبته بكلتا يديه وضغط عليها بشدة، إلا أن المجني عليه ظل يقاومه حتى استطاع التخلص منه والاستغاثة، إلا أن المتهم تمكن من السيطرة عليه والإمساك برقبته مرة أخرى وقام بخنقه حتى تأكد من موته ثم قام بوضع جثته فوق سريره وأثناء ذلك سمع طرقاً بالباب فحاول الهرب من نافذة حجرة النوم إلا أن تجمع الأهالي منعه من ذلك فعاد إلى داخل المسكن حيث تم القبض عليه بمعرفة الشاهد الثالث". وقد ساق الحكم على ثبوت الواقعة بالتصوير سالف البيان أدلة مستمدة من أقوال الشهود.... و...... والنقيب...... ومن اعتراف المتهمين في تحقيقات النيابة العامة ومما أورده تقرير الصفة التشريحية، وحصل الحكم مؤدى هذه الأدلة تحصيلاً سليماً له أصله الثابت في الأوراق - على ما يبين من الاطلاع على المفردات - ثم خلص إلى إدانة الطاعن الأول بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار والاشتراك في اتفاق جنائي وإلى إدانة الطاعنة الثانية بجريمتي الاشتراك في الجريمة الأولى وبالجريمة الثانية وأنزل عليهما العقاب بالمواد المنطبقة من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان الحكم - على السياق المتقدم - قد استوفى في بيان الواقعة وأدلة الثبوت ما توجبه المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية فإنه يبرأ مما يدعيه الطاعن الأول من إجمال في هذا البيان ويكون لا محل لما يثيره في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل من تقرير الصفة التشريحية أن وفاة المجني عليه نتيجة اسفكسيا الخنق وكتم النفس باليدين وأن إصاباته تشير في مجموعها إلى إصابات رضية حيوية حديثة نشأت من المصادمة بجسم راض وخشن في بعض منها وهي تشير إلى عنف أو مقاومة وقد حدثت في تاريخ يتفق وتاريخ الوفاة وتتمشى إصابات الوجه والعنق مع كون الوفاة نتيجة اسفكسيا الخنق وكتم النفس. فإن الحكم يكون قد نقل عن التقرير ذاك وصف إصابات المجني عليه التي أثبت أنها تتفق مع الوسيلة التي تم بها القتل وتلك التي تشير إلى حدوث عنف أو مقاومة، وعلى نحو يفصح عن إمكان حدوث فعل القتل بالخنق وكتم النفس معاً ويكون ما يدعيه الطاعن الأول من إغفال الحكم لعناصر التقرير تلك غير صحيح. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه، فإن منعى الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم لم يورد في بيان مؤدى شهادة النقيب..... التي عول عليها في الإدانة قولاً عن ضعف بنية المجني عليه أو عن مبادرة الطاعن بالاعتراف له، فإن ما يثيره الطاعن الأول في شأن القول يكون غير ذي موضوع. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن القانون لا يوجب حتماً أن يكون رجل الضبط القضائي قد أمضى وقتاً طويلاً في التحريات، وأن له أن يستعين فيما يجريه منها بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين دون أن يكون ملزماً بالإفصاح عن هذه المصادرة ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقله إليه، وكان تقدير جدية التحريات من المسائل الموضوعية التي تستقل بها محكمة الموضوع، فإن المجادلة في تعويل الحكم على أقوال النقيب..... التي استقاها من تحرياته بدعوى أن هذه التحريات تمت في فترة وجيزة ولم يفصح عن مصدرها تتمحض جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا يقبل أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم لم ينقل عن الشاهدين...... و...... أن الأول أبصر المجني عليه ميتاً وأن الثاني سمع أن المجني عليه مات مخنوقاً، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذا القصد من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم قد استظهر نية القتل في حق الطاعنين بقوله: "وحيث إنه عن توافر نية إزهاق روح المجني عليه في حق المتهمين فهي ثابتة في حقهما من اتحاد إرادتهما واتجاهها إلى قتل المجني عليه باتفاقهما المسبق وإخلاء المتهمة الثانية مسرح الجريمة وإصرار المتهم الأول على خنق المجني عليه وكتم أنفاسه حتى كان له ما أراد رغم مقاومة المجني عليه واستغاثته فضلاً عن اعتراف المتهمين بالتحقيقات الذي جاء متفقاً مع تحريات الشرطة وتقرير الصفة التشريحية"، وكان ما أورده الحكم في بيان واقعة الدعوى وفيما سلف - على السياق المتقدم - يكفي في استظهار نية القتل، فإنه يكون قد برئ من دعوى القصور في التسبيب. لما كان ذلك، وكان الحكم قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار في حق الطاعنين بقوله: "وحيث إنه عن ظرف سبق الإصرار في الواقعة فإن مناط قيام هذا الظرف هو أن يرتكب الجاني الجريمة وهو هادئ البال بعد إعمال فكره في هدوء وروية أي يجب أن يسبق الجريمة زمن ما يكون المتهم قد فكر فيه ورتب ما عزم عليه ووازن بين مزاياه وإخطاره وتدبر عواقبه ثم يخرج من ذلك مصمماً على ارتكاب الجريمة وتستدل المحكمة على توافره في حق المتهمين من اعترافهما بالتحقيقات وإعدادهما للجريمة قبل ارتكابها ورغبتهما في تحقيق مصلحة يبغيانها هي الزواج بعد التخلص من المجني عليه زوج المتهمة الثانية"، وكان من المقرر أن سبق الإصرار حالة ذهنية تقوم بنفس الجاني قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما هي تستفاد من وقائع وظروف خارجية يستخلصها القاضي منها استخلاصاً ما دام موجب هذه الوقائع والظروف لا يتنافر عقلاً مع هذا الاستنساخ، فإن الحكم بما حصله في بيان واقعة الدعوى - على السياق الذي سلف بيانه - وما أورده مما سلف يكون قد دلل على توافر ظرف سبق الإصرار بما يقيمه في حق الطاعنين. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض لدفع الطاعنين باعترافهما لصدوره تحت تأثير الإكراه وأطرحه بقوله "وحيث إنه عن الدفع ببطلان الاعتراف الصادر من المتهمين على سند من صدوره تحت ضغط وإكراه فقد جاء مرسلاً وقد خلت الأوراق مما يشير إلى وقوع إكراه أو ضغط على المتهمين فضلاً عن أن المحكمة تطمئن إلى صحة وسلامة الاعتراف الصادر من المتهمين وتأخذ به وتعول عليه في قضائها لصدوره أمام سلطة التحقيق دون إكراه أو ضغط ولاتفاقه مع ما جاء بشهادة الشاهد الثالث وما ورد بتقرير الصفة التشريحية والسابق إيراد مؤداها، ومن ثم فإن المحكمة تقضي برفض الدفع". وإذ كان هذا الذي رد به الحكم على ما أثير بشأن الإكراه المبطل للاعتراف سائغاً في تنفيده وإطراحه، وكان من المقرر أن الاعتراف في المواد الجنائية هو من العناصر التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير صحتها وقيمتها في الإثبات، فلها بهذه المثابة أن تقرر عدم صحة ما يدعيه المتهم من أن الاعتراف المعزو إليه قد انتزع منه بطريق الإكراه بغير معقب عليها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة - وهو الحال في الدعوى - فإن تعييب الحكم في هذا الخصوص لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة بتاريخ..... التي تمت فيها المرافعة وصدر بها قرار المحكمة بإحالة أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الجمهورية لإبداء الرأي وتحديد جلسة..... للنطق بالحكم الذي صدر بها فعلاً، أن المدافع عن الطاعن طلب في مستهل مرافعته مناقشة الطبيب الشرعي غير أنه أتم مرافعته دون أن يصر على هذا الطلب في طلباته الختامية مما يفقده خصائص الطلب الجازم الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه، ومع ذلك فإن الحكم عرض له ورد عليه في قوله: "وحيث إنه عن طلب مناقشة الطبيب الشرعي لخلو التقرير من كيفية حدوث الواقعة ولقصوره في تحديد الإصابات الموجودة بجثة المجني عليه والعلامات المصاحبة للوفاة بالصورة الواردة بالتقرير فالمحكمة لا ترى موجباً لوضوح التقرير وتبيانه لسبب وفاة المجني عليه والإصابات الموجودة بجثة المجني عليه وجزمه بأن الإصابات الموجودة بجثة المجني عليه حيوية حديثة في مجموعها وهي تشير إلى عنف أو مقاومة، وقد حدثت في تاريخ يتفق وتاريخ الوفاة وتتمشى وإصابات الوجه والعنق مع كون الوفاة نتيجة اسفكسيا الخنق وكتم النفس الأمر الذي جاء متفقاً مع اعترافات المتهمين وشهادة الشاهد الثالث والسابق إيراد مؤداها مما تنتفي العلة في طلب مناقشته لكونه غير منتج في الدعوى وكفاية ما استخلصته المحكمة من أدلة الإثبات والوقائع التي ثبتت لديها لتكوين عقيدتها في الدعوى مطمئنة الوجدان...". لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم مما سلف يعتبر كافياً وسائغاً في رفض طلب الطاعن مناقشة الطبيب الشرعي، فإن شبهة الإخلال بحق الدفاع تكون منتفية. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة بتاريخ..... أن المدافع عن الطاعن الأول قد أثار أن النيابة العامة لم تجر معاينة تصويرية للحادث إلا أنه لم يطلب من المحكمة إجراء هذه المعاينة، فضلاً عن أن النيابة العامة - كما يبين من المفردات - أجرت معاينة لمكان الحادث أرفق بها رسم تخطيطي تضمنت أن منزل المجني عليه يكون من طابق واحد، ومن ثم فلا يحق للطاعن أن يثير شيئاً في شأن خلو الأوراق من معاينة تصويرية ومن بيان ارتفاع منزل المجني عليه ووجود إضاءة أمامه إذ لا يعدو ذلك أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً لتعييب الحكم. لما كان ما تقدم، فإن الطعن المقدم من الطاعن الأول يكون برمته على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ومن حيث إنه من المقرر أن تجاوز النيابة العامة للميعاد المقرر لعرض القضية المحكوم فيها بالإعدام على محكمة النقض بمذكرة مشفوعة برأيها لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل تتصل محكمة النقض بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي تضمنه النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة لهذه القضية وإن لم يثبت تاريخ تقديم مذكرتها التي انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم فيما قضى به من إعدام المحكوم عليهما.
ومن حيث إن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين المحكوم عليهما بالإعدام بها وساق عليها أدلة سائغة مردودة إلى أصلها في الأوراق ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها وقد صدر الحكم بالإعدام بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم وفقاً للمادة 381/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية. كما جاء الحكم خلواً من مخالفة القانون أو الخطأ في تطبيقه أو تأويله وصدر من محكمة مشكلة وفق القانون ولها ولاية الفصل في الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يغير ما انتهى إليه هذا الحكم، ومن ثم يتعين مع قبول عرض النيابة إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليهما.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق