جلسة 5 من يناير سنة 1997
برئاسة السيد المستشار/ مقبل شاكر نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد علي عبد الواحد ومحمد طلعت الرفاعي وعادل الشوربجي وحسين الصعيدي نواب رئيس المحكمة.
-----------------
(3)
الطعن رقم 19050 لسنة 63 القضائية
إثبات "بوجه عام". قتل خطأ. قوة الأمر المقضي. محكمة النقض "نظرها موضوع الدعوى والحكم فيها". إجراءات "إجراءات التحقيق".
أصل البراءة قاعدة أساسية. لا ترخص فيها. أثر ذلك: عدم ثبوت واقعة الجريمة بغير دليل يقيني جازم لا يدع مجالاً لشبهة أو شك.
وجوب أن يكون الدليل مؤدياً إلى ما رتب عليه من نتائج في غير تعسف ولا تناقض.
حيازة القضاء في الموضوع قوة الأمر المقضي. لا يحول دون النيابة العامة ومواصلة التحقيق في الدعوى والتصرف فيها بالنسبة للجاني الحقيقي. أساس ذلك؟
مثال لحكم صادر بالبراءة من محكمة النقض في جريمة قتل خطأ لدى نظرها موضوع الدعوى.
وثبت من قرار الشركة........ الصادر في 29 من يناير سنة 1984 تكليف المتهم المهندس........ بالعمل يوم 30 من يناير سنة 1984 بشركة....... في مهمة صيانة الحفارات وتجديد قطع الغيار اللازمة، ومن كتابها المؤرخ 29 من يناير سنة 1984 إخطاره بذلك التكليف وإيفاد سيارة الشركة إليه صباح اليوم التالي لأداء تلك المهمة - كما ثبت من كتاب شركة....... إلى الشركة....... أن المتهم باشر وأنجر - بدءاً من الساعة الثامنة من صباح يوم 30 من يناير سنة 1984 حتى الساعة الثالثة والنصف من مساء اليوم ذاته بمصانع الشركة بـ........ مهمة صيانة وتجديد قطع الغيار اللازمة للحفارات الأمريكية....... وحيث إن أصل البراءة يعتبر قاعدة أساسية في النظام الاتهامي، لا ترخص فيها، تفرضها حقائق الأشياء وتقتضيها الشرعية الإجرائية وحماية الفرد في مواجهة صور التحكم والتسلط والتحامل. بما يحول دون اعتبار واقعة تقوم بها الجريمة ثابتة بغير دليل جاد قاطع يبلغ مبلغ الجزم واليقين ولا يدع مجالاً لشبهة انتفاء التهمة أو الشك فيها، ودون ذلك لا ينهدم أصل البراءة. وكان من المقرر أنه من اللازم في أصول الاستدلال أن يكون الدليل الذي يعول عليه الحكم مؤدياً إلى ما رتبه عليه من نتائج في غير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق. وكان الاتهام قبل المتهم قائماً على مجرد دليل تحكمي هو ملكيته للسيارة أداة الحادث والذي حجب الاتهام عن مواجهة عناصر الدعوى الخاصة بمقارفة المتهم أو عدم مقارفته للجريمة، بمظاهرها الواقعية وخصائصها المادية، إذ هي مناط التأثيم وعلته. وإذ تطرح المحكمة هذا الاتهام لما ثبت من المحضر رقم...... لسنة 1984 جنح قسم....... من سرقة هذه السيارة قبل وقوع الحادث وأنها ظلت في حيازة سارقها إلى حين ضبطها في تاريخ لاحق للحادث، ومن اعتراف سارقها بسرقتها في تاريخ يتفق وتاريخ الحادث ومن المكان عينه الذي قرره المتهم الماثل - مصداقاً لقوله - ومن ضبط السيارة في المكان الذي أرشد السارق عن إخفائها فيه، ومن اعترافه بمقارفته الحادث، وما ثبت من تكليف المتهم بالعمل يوم الحادث بالشركة...... وإيفاد سيارة جهة عمله إليه صباح ذلك اليوم لأداء المهمة المكلف بها، وما ثبت من كتاب تلك الشركة من مباشرته العمل بها وقت وقوع الحادث، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ آخذ المتهم عن التهم المسندة إليه وهي القتل الخطأ ونكوله عن مساعدة المجني عليه وقيادة سيارة بحالة ينجم عنها الخطر قد جانبه الصواب ويتعين إلغاؤه والقضاء ببراءة المتهم من تلك التهم عملاً بنص المادة 304 فقرة أولى من قانون الإجراءات الجنائية، وأنه وإن كان هذا القضاء في الموضوع حائزاً قوة الأمر المقضي، إلا أن ذلك لا يحول دون النيابة العامة ومواصلة التحقيق في الدعوى والتصرف فيها بالنسبة للجاني الحقيقي، إقراراً لسلطة الدولة في العقاب متى اكتملت أدلته وتحققت شرائطه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه أولاً: تسبب خطأ في وفاة...... وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه بأن قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر فصدم المجني عليه وأحدث إصابته المبينة بالأوراق والتي أودت بحياته ونكل عن مساعدته مع تمكنه من ذلك. ثانياً: لم يهتم بمن أصيب في الحادث بسيارته. ثالثاً: قاد سيارة بحالة ينجم عنها الخطر. وطلبت عقابه بالمادة 238/ 1 - 2 من قانون العقوبات والمواد 1، 2، 3، 4، 63، 67، 74/ 6 - 7 من القانون رقم 66 لسنة 1973 المعدل بالقانون 210 لسنة 1980.
ومحكمة جنح...... قضت حضورياً اعتبارياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لوقف التنفيذ. استأنف. ومحكمة..... الابتدائية -بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض (وقيد بجدول المحكمة برقم..... لسنة.... القضائية) ومحكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإعادة القضية إلى محكمة...... الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى ومحكمة الإعادة (بهيئة أخرى) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم مائتي جنيه.
فطعن الأستاذ/...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض - للمرة الثانية -، محكمة النقض قضت بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وحددت جلسة.... لنظر الموضوع وكلفت النيابة بإعلان المتهم..... الخ.
المحكمة
من حيث إن محكمة النقض سبق أن قضت بنقض الحكم المطعون فيه - لثاني مرة - وحددت جلسة لنظر الموضوع إعمالاً لحكم المادة 45 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقرار بقانون رقم 57 لسنة 1959.
وحيث إن الاستئناف المقام من المتهم مقبول شكلاً.
ومن حيث إن واقعة الدعوى مستخلصة من أوراقها وما تم فيها من تحقيقات تتحصل في أنه في حوالي الساعة التاسعة والنصف من صباح يوم..... بدائرة مركز..... - محافظة..... حال عبور المجني عليه...... قائداً دراجته بطريق القاهرة الإسكندرية الزراعي السريع صدمته السيارة رقم..... ملاكي الإسكندرية - المملوكة للمتهم...... - فلقي المجني عليه حتفه بينما فرت السيارة هاربة مخلفة لوحة معدنية حاملة رقمها.
وحيث إن المتهم نفى مقارفته الجريمة وضمن دفاعه أن وقت وقوع الحادث كان يباشر مهمة صيانة وتجديد قطع الغيار اللازمة للحفارات الأمريكية...... بمصانع شركة...... مكلفاً من جهة عمله...... وأنه كان قد توجه صباح ذلك اليوم لأداء تلك المهمة بسيارة جهة عمله تاركاً سيارته أمام مسكنه......، والتي تبين سرقتها في المساء منه لدى عودته بعد انتهاء مهمته، فبادر إلى الإبلاغ عن السرقة.
وحيث إنه ثبت من المحضر رقم..... لسنة 1984 جنح قسم..... أنه حرر في الساعة السادسة والنصف من مساء يوم 30 من يناير سنة 1984 عن بلاغ..... عن سرقة سيارته رقم..... ملاكي الإسكندرية من أمام مسكنه...... وأنه قيد جنحة سرقة ضد مجهول. وثبت من ملحق هذا المحضر محرراً في 12 من مايو سنة 1984 بمعرفة الرائد..... الضابط بمديرية أمن القاهرة ضبط المتهم..... المسجل خطر سرقة سيارات واعترافه في تاريخه بسرقة تلك السيارة منذ حوالي ثلاثة أشهر ونصف وبارتكابه الحادث، كما أثبت محرره إرشاد المتهم المذكور عن مكان مقارفته سرقة السيارة من أمام العقار...... وضبط السيارة في المكان الذي أرشد عن إخفائها فيه.
وثبت من قرار..... الصادر في 29 من يناير سنة 1984 تكليف المتهم المهندس .... بالعمل يوم 30 من يناير سنة 1984 بشركة....... في مهمة صيانة الحفارات وتجديد قطع الغيار اللازمة، ومن كتابها المؤرخ 29 من يناير سنة 1984 إخطاره بذلك التكليف وإيفاد سيارة الشركة إليه صباح اليوم التالي لأداء تلك المهمة - كما ثبت من كتاب شركة...... إلى الشركة....... أن المتهم باشر وأنجر - بدءاً من الساعة الثامنة من صباح يوم 30 من يناير سنة 1984 حتى الساعة الثالثة والنصف من مساء اليوم ذاته بمصانع الشركة...... مهمة صيانة وتجديد قطع الغيار اللازمة للحفارات الأمريكية......
وحيث إن أصل البراءة يعتبر قاعدة أساسية في النظام الاتهامي، لا ترخص فيها، تفرضها حقائق الأشياء وتقتضيها الشرعية الإجرائية وحماية الفرد في مواجهة صور التحكم والتسلط والتحامل، بما يحول دون اعتبار واقعة تقوم بها الجريمة ثابتة بغير دليل جاد قاطع يبلغ مبلغ الجزم واليقين ولا يدع مجالاً لشبهة انتفاء التهمة أو الشك فيها، ودون ذلك لا ينهدم أصل البراءة. وكان من المقرر أنه من اللازم في أصول الاستدلال أن يكون الدليل الذي يعول عليه الحكم مؤدياً إلى ما رتبه عليه من نتائج في غير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق. وكان الاتهام قبل المتهم قائماً على مجرد دليل تحكمي هو ملكيته للسيارة أداة الحادث والذي حجب الاتهام عن مواجهة عناصر الدعوى الخاصة بمقارفة المتهم أو عدم مقارفته للجريمة، بمظاهرها الواقعية وخصائصها المادية، إذ هي مناط التأثيم وعلته. وإذ تطرح المحكمة هذا الاتهام لما ثبت من المحضر رقم.... لسنة 1984 جنح قسم..... من سرقة هذه السيارة قبل وقوع الحادث وأنها ظلت في حيازة سارقها إلى حين ضبطها في تاريخ لاحق للحادث، ومن اعتراف سارقها بسرقتها في تاريخ يتفق وتاريخ الحادث ومن المكان عينه الذي قرره المتهم الماثل - مصداقاً لقوله - ومن ضبط السيارة في المكان الذي أرشد السارق عن إخفائها فيه، ومن اعترافه بمقارفته الحادث، وما ثبت من تكليف المتهم بالعمل يوم الحادث بشركة..... وإيفاد سيارة جهة عمله إليه صباح ذلك اليوم لأداء المهمة المكلف بها، وما ثبت من كتاب تلك الشركة من مباشرته العمل بها وقت وقوع الحادث، ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ آخذ المتهم عن التهم المسندة إليه وهي القتل الخطأ ونكوله عن مساعدة المجني عليه وقيادة سيارة بحالة ينجم عنها الخطر قد جانبه الصواب ويتعين إلغاؤه والقضاء ببراءة المتهم من تلك التهم عملاً بنص المادة 304 فقرة أولى من قانون الإجراءات الجنائية، وأنه وإن كان هذا القضاء في الموضوع حائزاً قوة الأمر المقضي، إلا أن ذلك لا يحول دون النيابة العامة ومواصلة التحقيق في الدعوى والتصرف فيها بالنسبة للجاني الحقيقي، إقراراً لسلطة الدولة في العقاب متى اكتملت أدلته وتحققت شرائطه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق