جلسة 15 من نوفمبر سنة 1998
برئاسة السيد المستشار/ طلعت الإكيابي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أنور محمد جابري وأحمد جمال الدين عبد اللطيف وفريد عوض نواب رئيس المحكمة. ومحمد محمود إبراهيم.
----------------
(181)
الطعن رقم 3919 لسنة 62 القضائية
(1) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى موضوعي. ما دام سائغاً.
(2) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
إحالة الحكم في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد أخر. لا يعيبه ما دامت متفقة مع ما استند إليه منها.
اختلاف عدم اتفاق أقوال شهود الإثبات مع أقوال المجني عليها في بعض تفاصيلها. غير قادح في سلامة الحكم ما دام أنه حصل تلك الأقوال بما لا تناقض فيه.
(3) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
للمحكمة الأخذ برواية شخص ينقلها عن آخر متى رأت أنها صدرت منه حقيقة وأنها تمثل واقع الدعوى.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. لا يقبل التصدي له أمام النقض.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اطمئنان المحكمة لأقوال المجني عليها. مفاده: إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
النعي بتناقض أقوال المجني عليها وأقوال باقي الشهود في قول مرسل مجهل دون تحديده. غير مقبول.
(5) إثبات "شهود". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
للمحكمة الاستغناء عن سماع شهود الإثبات بقبول المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً. لا يحول عدم سماعهم دون الاعتماد على أقوالهم متى كانت مطروحة على بساط البحث.
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها. غير جائز.
(6) إثبات "شهود". محاماة. وكالة. دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". محكمة الجنايات "الإجراءات أمامها". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
ما يقرره الوكيل بحضور موكله. بمثابة ما يقرره الموكل. ما لم ينفه بنفسه بالجلسة. أساس ذلك؟
الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه. ماهيته؟
الدفاع وأن تعدد المدافعون. وحدة لا تتجزأ. ما لم يكن الدفاع مقسماً بينهم.
عدم تمسك الطاعن بأن الدفاع أنقسم على وكيليه. إغفال المحكمة الرد على طلب تمسك به أحد المدافعين عنه وتنازل عنه آخر لا إخلال بحق الدفاع.
(7) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". إجراءات "إجراءات المحاكمة". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة بإجابة طلب أبدي أمام هيئة سابقة أو الرد عليه ما دام مقدمه لم يصر عليه أمامها.
(8) حكم "بيانات الديباجة" "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". محضر الجلسة. نيابة عامة.
الخطأ في بيان طلبات النيابة بديباجة الحكم. لا يعيبه. علة ذلك؟
بيان طلبات النيابة في محاضر الجلسات غير واجب.
(9) عقوبة "العقوبة المبررة". هتك عرض". تسجيلات. ارتباط. نقض "المصلحة في الطعن".
نعي الطاعن بشأن جريمة الحصول خلسة على تسجيل أحاديث للمجني عليها تتضمن أموراً مخلة بشرف والدها والتهديد بإفشائها. غير مجد. ما دام الحكم دانه بجريمة هتك عرض وأوقع عليه عقوبتها عملاً بالمادة 32 عقوبات بوصفها الجريمة الأشد.
(10) هتك عرض. ظروف مشددة. عقوبة "العقوبة المبررة". نقض "المصلحة في الطعن".
جريمة هتك العرض التي يكون فيها الجاني من المتولين تربية المجني عليها. ما يشترط لتحققها؟
نعي الطاعن بأنه لا شأن له بتعليم المجني عليها ولا سلطة له عليها لعدم تكليفه بإعطائها دروساً خاصة. غير مجد. ما دام الحكم أوقع عليه عقوبة تدخل في نطاق العقوبة المبينة بالفقرة الأولى من المادة 269/ 2 عقوبات.
(11) هتك عرض. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم تعويله في تقدير سن المجني عليها بما ورد بقائمة أدلة الثبوت وخلو الملف من شهادة ميلادها. غير مقبول. ما دام ثبت وجودها بمفردات الدعوى وتحصيل الحكم لها من واقع إطلاعه عليها.
2 - لما كان لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ولا يقدح في سلامة الحكم - على فرض صحة ما يثيره الطاعن - عدم اتفاق أقوال شهود الإثبات مع أقوال المجني عليها في بعض تفاصيلها ما دام الثابت أنه حصل تلك الأقوال بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته.
3 - لما كان من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من أخذ رواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى، وكانت المحكمة قد بينت في حكمها من التناقض الذي يبطله ومن ثم فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية للشهادة السماعية على النحو الذي ذهب إليه في تقرير أسباب طعنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا يقبل التصدي له أمام محكمة النقض.
4 - لما كان اطمئنان المحكمة لأقوال المجني عليها وشهود الإثبات يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، هذا فضلاً عن أن الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن أوجه التناقض بين أقوال المجني عليها وأقوال باقي الشهود بل ساق قوله مرسلاً مجهلاً فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.
5 - لما كان من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بأقوال شهود الإثبات الواردة بالتحقيقات وأمرت المحكمة بتلاوتها فتليت ولم يثبت أن الطاعن قد اعترض على ذلك فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماعهم.
6 - لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن أول من ترافع عن الطاعن اختتم مرافعته طالباً البراءة وقدم مذكرة بدفاعه أورى بأسباب طعنه أنها تضمنت طلباً احتياطياً بسماع أقوال شهود الإثبات ثم تلاه محام ثان ترافع في الدعوى وانتهى إلى طلب البراءة ولم يتمسك بذلك الطلب الاحتياطي ودون اعتراض من الطاعن ولا تعقيب عن طلب سماع الشهود وكان كل ما يقرره الوكيل بحضور موكله وعلى ما يقضى به نص المادة 79 من قانون المرافعات - يكون بمثابة ما يقرره الموكل نفسه، إلا إذا نفاه أثناء نظر القضية في الجلسة، وكان الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه، هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وكان الدفاع - وإن تعدد المدافعون - وحدة لا تتجزأ، لأن كل مدافع إنما ينطق بلسان موكله ما لم يكن الدفاع مقسماً بينهم. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يشر في أسباب طعنه إلى أن الدفاع انقسم على وكيليه اللذين لم يشيرا بدورهما إلى شيء من ذلك في مرافعتهما التي لا تفصح بدورها عنه، فإن النعي على الحكم بقالة إغفال المحكمة الرد على ذلك الطلب الاحتياطي لا يكون له محل.
7 - لما كان من المقرر أن المحكمة لا تكون ملزمة بإجابة طلب أو الرد عليه إلا إذا كان من قدمه قد أصر عليه، وكان الثابت من الاطلاع على محاضر الجلسات أن الطاعن لم يتمسك أمام الهيئة الجديدة التي نظرت الدعوى وأصدرت الحكم المطعون فيه بطلب ضم التحقيقات التي أجرتها مديرية التربية والتعليم ببور سعيد والذي قد أبداه أمام هيئة سابقة، فلا يكون له أن يطالب هذه الهيئة بالرد على دفاع لم يبد أمامها، ومن ثم يكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص في غير محله.
8 - لما كان من المقرر أن خطأ الحكم أو قصوره في بيان طلبات النيابة العامة بديباجته لا يعيبه لأنه خارج عن دائرة استدلاله، وهو من بعد لا يعدو أن يكون خطأ مادياً من كاتب الجلسة لا يخفى على قارئ الحكم، كما وأن القانون لم يتضمن نصاً يوجب بيان تلك الطلبات في محاضر الجلسات، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد من عدم إثبات التهمة الثانية في ديباجة الحكم ومحاضر الجلسات يكون غير قويم.
9 - لما كان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة لأشدها فإن لا مصلحة له فيما يثيره بشأن جريمة الحصول خلسة على تسجيل أحاديث للمجني عليها تتضمن أموراً مخلة بشرف والدها والتهديد بإفشائها ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة هتك العرض وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد.
10 - لما كان من المقرر أنه لا يشترط لتشديد العقاب في جريمة هتك العرض التي يكون فيها الجاني من المتولين تربية المجني عليه مع غيره من التلاميذ أو أن تكون في مدرسة أو معهد تعليم بل يكفي أن تكون عن طريق إلقاء دروس خاصة على المجني عليه ولو كان ذلك في مكان خاص ومهما يكن الوقت الذي قام فيه الجاني بالتربية قصيراً، وسيان أن يكون في عمله محترفاً أو في مرحلة التمرين ما دامت له ولاية التربية بما تستتبعه من ملاحظة وما تستلزمه من سلطة، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير قويم، هذا فضلاً عن أن الحكم أوقع على الطاعن عقوبة تدخل في نطاق العقوبة المبينة بالفقرة الأولى من المادة 269 من قانون العقوبات فإن مصلحة الطاعن فيما يثيره من كونه لا شأن له بتعليم المجني عليها ولا سلطة له عليها لعدم تكليفه بإعطائها دروساً خاصة تكون منتفية ولا جدوى مما ينعاه على الحكم في هذا الشأن.
11 - لما كان البين من المفردات المضمومة أن ضمن مفرداتها المعلاة شهادة ميلاد المجني عليها والثابت بها أنها من مواليد 11/ 2/ 1976 وقد حصل الحكم ذلك من واقع إطلاعه على تلك الشهادة. ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن من تعويله في تقدير سن المجني عليها بما ورد بقائمة أدلة الثبوت وخلو الملف من شهادة ميلادها، لا يكون صحيحاً.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه هتك عرض..... التي لم يبلغ عمرها ست عشرة سنة كاملة بالتهديد بأن وعدها بالزواج والنجاح بالدراسة مع وعيده بالرسوب واحتضنها ولامس ثدييها وقبلها حال كونه من المتولين تربيتها على النحو المبين بالتحقيقات. وأحالته إلى محكمة بور سعيد لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 269، 309 مكرراً، 309 مكرراً (1) الفقرتين 2، 4 من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17، 32 من ذات القانون - بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليه مع تعديل الوصف المسند إلى المتهم بجعله هتك عرض صبية لم يبلغ سنها ثماني عشرة سنة كاملة بغير تهديد حال كونه من المتولين تربيتها والحصول خلسة على حديث تسجيلي لها يتضمن أموراً مخلة بشرف والدها وتهديده بإفشائه ليحمله على الموافقة على تزويجها له.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.... إلخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي هتك عرض صبية لم يبلغ سنها ثماني عشرة سنة كاملة بغير تهديد حال كونه من المتولين تربيتها، والحصول خلسة على حديث تسجيلي لها يتضمن أموراً مخلة بشرف والدها وتهديده بإفشائه ليحمله على الموافقة على تزويجها له، قد شابة البطلان والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق. ذلك أنه اعتنق تصوير المجني عليها للواقعة على الرغم من أنه لا يتفق والعقل والمنطق إذ لا يتصور أن يباشر الطاعن فعلته مع المجني عليها في المسكن الذي تقيم فيه زوجته وأولاده، وأحال في بيان مضمون شهادة كل من..... و...... و..... إلى شهادة كل من المجني عليها..... و..... رغم أن شهادتهم سماعية وتناقض أقوال المجني عليها، كما وأن محضر الجلسة أثبت به تلاوة أقوال شهود الإثبات دون بيان لأقوالهم، وأغفلت المحكمة الرد على طلب الدفاع الاحتياطي الذي ضمنه مذكرته المقدمة في ختام مرافعته بشأن سؤال شهود الإثبات، كما وأن المحكمة عدلت عن قرار سابق لها بضم التحقيقات الإدارية التي أجريت مع الطاعن بناء على طلب الدفاع دون أن تشير في حكمها إلى أن الدفاع عدل عن هذا الطلب أو تبرر هذا العدول، وأدانته بتهمة الاستحصال خلسة على تسجيل من المجني عليها يخدش شرف والدها رغم خلو ديباجة الحكم ومحضر الجلسة من وصف ذلك الاتهام ودون بيان ما حوته تلك التسجيلات من أحاديث ودون أن يعرض لدفاع الطاعن من أن تلك التسجيلات أجريت في حضور المجني عليها مما ينفى الحصول عليها خلسة، وأعمل في حق الطاعن الظرف المشدد المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 269 من قانون العقوبات باعتبار أنه من المتولين تربية المجني عليها حال أنه لا تربطه بها أية رابطة قانونية أو واقعية يتوافر بها هذا الظرف، وأخيراً عول الحكم في تقدير سن المجني عليها على ما ورد بقائمة أدلة الثبوت المقدمة من النيابة العامة على أنها من مواليد 12/ 2/ 1976 لخلو الملف من شهادة ميلاد المجني عليها الذي أورد الحكم أنه اطلع عليها ودون عرضها على الطبيب الشرعي لتقدير سنها، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأقام عليهما في حقه أدلة مستمدة من أقوال المجني عليها وشهود الإثبات وشهادة ميلاد المجني عليها وهو أدلة سائغة تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وإذ كانت الصورة التي أشارت إليها المحكمة في حكمها لا تخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي فإن نعي الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ذلك وكان لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ولا يقدح في سلامة الحكم - على فرض صحة ما يثيره الطاعن - عدم اتفاق أقوال شهود الإثبات مع أقوال المجني عليها في بعض تفاصيلها ما دام الثابت أنه حصل تلك الأقوال بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته. كما وأنه من المقرر أنه ليس في القانون ما يمنع المحكمة من أخذ رواية ينقلها شخص عن آخر متى رأت أن تلك الأقوال قد صدرت منه حقيقة وكانت تمثل الواقع في الدعوى، وكانت المحكمة قد بينت في حكمها واقعة الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها، وقد خلا حكمها من التناقض الذي يبطله ومن ثم فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية للشهادة السماعية على النحو الذي ذهب إليه في تقرير أسباب طعنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا يقبل التصدي له أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان اطمئنان المحكمة لأقوال المجني عليها وشهود الإثبات يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، هذا فضلاً عن أن الطاعن لم يكشف بأسباب طعنه عن أوجه التناقض بين أقوال المجني عليها وأقوال باقي الشهود بل ساق قوله مرسلاً مجهلاً فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تستغني عن سماع شهود الإثبات إذا ما قبل المتهم أو المدافع عنه ذلك صراحة أو ضمناً دون أن يحول عدم سماعهم أمامها من أن تعتمد في حكمها على أقوالهم التي أدلوا بها في التحقيقات ما دامت هذه الأقوال مطروحة على بساط البحث، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن النيابة العامة والدفاع اكتفيا بأقوال شهود الإثبات الواردة بالتحقيقات وأمرت المحكمة بتلاوتها فتليت ولم يثبت أن الطاعن قد اعترض على ذلك فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن سماعهم. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن أول من ترافع عن الطاعن اختتم مرافعته طالباً البراءة وقدم مذكرة بدفاعه أورى بأسباب طعنه أنها تضمنت طلباً احتياطياً بسماع أقوال شهود الإثبات ثم تلاه محام ثان ترافع في الدعوى وانتهى إلى طلب البراءة ولم يتمسك بذلك الطلب الاحتياطي ودون اعتراض من الطاعن ولا تعقيب عن طلب سماع الشهود وكان كل ما يقرره الوكيل بحضور موكله وعلى ما يقضى به نص المادة 79 من قانون المرافعات - يكون بمثابة ما يقرره الموكل نفسه، إلا إذا نفاه أثناء نظر القضية في الجلسة، وكان الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه، هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية، وكان الدفاع - وإن تعدد المدافعون - وحدة لا تتجزأ، لأن كل مدافع إنما ينطق بلسان موكله ما لم يكن الدفاع مقسماً بينهم. لما كان ذلك، وكان الطاعن لم يشر في أسباب طعنه إلى أن الدفاع انقسم على وكيليه اللذين لم يشيرا بدورهما إلى شيء من ذلك في مرافعتهما التي لا تفصح بدورها عنه، فإن النعي على الحكم بقالة إغفال المحكمة الرد على ذلك الطلب الاحتياطي لا يكون له محل. لما كان ذلك وكان من المقرر أن المحكمة لا تكون ملزمة بإجابة طلب أو الرد عليه إلا إذا كان من قدمه قد أصر عليه، وكان الثابت من الاطلاع على محاضر الجلسات أن الطاعن لم يتمسك أمام الهيئة الجديدة التي نظرت الدعوى وأصدرت الحكم المطعون فيه بطلب ضم التحقيقات التي أجرتها مديرية التربية والتعليم ببور سعيد والذي قد أبداه أمام هيئة سابقة، فلا يكون له أن يطالب هذه الهيئة بالرد على دفاع لم يبد أمامها، ومن ثم يكون منعى الطاعن على الحكم في هذا الخصوص في غير محله. لما كان ذلك وكان من المقرر أن خطأ الحكم أو قصوره في بيان طلبات النيابة العامة بديباجته لا يعيبه لأنه خارج عن دائرة استدلاله، وهو من بعد لا يعدو أن يكون خطأ مادياً من كاتب الجلسة لا يخفى على قارئ الحكم، كما وأن القانون لم يتضمن نصاً يوجب بيان تلك الطلبات في محاضر الجلسات، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد من عدم إثبات التهمة الثانية في ديباجة الحكم ومحاضر الجلسات يكون غير قويم. لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعن جريمة واحدة وعاقبه بالعقوبة لأشدها فإن لا مصلحة له فيما يثيره بشأن جريمة الحصول خلسة على تسجيل أحاديث للمجني عليها تتضمن أموراً مخلة بشرف والدها والتهديد بإفشائها ما دامت المحكمة قد دانته بجريمة هتك العرض وأوقعت عليه عقوبتها عملاً بالمادة 32 من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يشترط لتشديد العقاب في جريمة هتك العرض التي يكون فيها الجاني من المتولين تربية المجني عليه مع غيره من التلاميذ أو أن تكون في مدرسة أو معهد تعليم بل يكفي أن تكون عن طريق إلقاء دروس خاصة على المجني عليه ولو كان ذلك في مكان خاص ومهما يكن الوقت الذي قام فيه الجاني بالتربية قصيراً، وسيان أن يكون في عمله محترفاً أو في مرحلة التمرين ما دامت له ولاية التربية بما تستتبعه من ملاحظة وما تستلزمه من سلطة، ومن ثم يكون منعى الطاعن في هذا الخصوص غير قويم، هذا فضلاً عن أن الحكم أوقع على الطاعن عقوبة تدخل في نطاق العقوبة المبينة بالفقرة الأولى من المادة 269 من قانون العقوبات فإن مصلحة الطاعن فيما يثيره من كونه لا شأن له بتعليم المجني عليها ولا سلطة له عليها لعدم تكليفه بإعطائها دروساً خاصة تكون منتفية ولا جدوى مما ينعاه على الحكم في هذا الشأن. لما كان ذلك، وكان البين من المفردات المضمومة أن ضمن مفرداتها المعلاة شهادة ميلاد المجني عليها والثابت بها أنها من مواليد 11/ 2/ 1976 وقد حصل الحكم ذلك من واقع اطلاعه على تلك الشهادة. ومن ثم فإن ما ينعاه الطعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون صحيحاً. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق