برئاسة السيد المستشار/ حماد الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ شكري العميري، عبد الصمد عبد العزيز، محسن فضلي نواب رئيس المحكمة وعبد العزيز فرحات.
-----------------------
1 - المقصود بإلغاء التشريع أو نسخه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو رفع حكم قانوني بحكم قانوني آخر متأخر عنه بما يترتب عليه إبطال العمل بالتشريع الأول وتجريده من قوته الملزمة، والإلغاء - على ما تقضي به المادة الثانية من القانون المدني يكون إما صراحة أو ضمنا بأن يشتمل التشريع اللاحق على نص يتعارض مع التشريع السابق، أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده، ويقصد بالتعارض - في هذا الخصوص - أن يكون النصان واردين على محل واحد مما يستحيل معه إعمالهما معا.
2 - إن النص في القرار الجمهوري رقم 836 لسنة 57 بتعديل شروط وبيع الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة لمستأجريها لإقامة المصانع عليها على أن "يكون للمستأجر الحق في طلب شراء الأرض بعد مرور سنتين من تاريخ إقامة المصنع وإعداده إعدادا كاملا من آلات وإدارة وتشغيل، وأن يتم البيع بالثمن المقرر وقت بداية التأجير" مفاده أن المشرع قدر - تحقيقا لسياسة البلاد والتي تأخذ الحكومة بأسبابها - أن يوفر ميزة لمستأجري الأراضي المشار إليها إن هم أقاموا عليها المصانع مع إعدادها إعدادا كاملا بما فيه التشغيل، هي أحقيتهم في طلب شرائها بعد مرور سنتين على الإعداد والتشغيل ضمانا لجديتهم. وأن يتم البيع بالثمن المقرر وقت بداية التأجير، فوازن بذلك غرما بغنم.
3 - إذ صدر القرار الجمهوري رقم 549 لسنة 76 بالترخيص للمحافظين في بيع أملاك الدولة الخاصة بالممارسة لبعض الجهات - بعد موافقة اللجنة التنفيذية للمحافظة - ومنها "طالبو الشراء من أصحاب المشروعات الصناعية وذلك بدون اشتراط إقامة المصنع وإدارته وتشغيله قبل البيع استثناء من أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 836 لسنة 57" فإنه يكون قد خاطب به فئة تغاير تلك المخاطبة بالقرار آنف البيان، ووازن كذلك بين أطرافه فأعفى طالبوا الشراء من شرط إقامة المصانع قبل البيع وجعل الثمن في المقابل بالممارسة، ومن ثم فإن القرارين المذكورين لا يختلطان ولا يندمجان ولا ينسخ اللاحق منهما السابق، ولورودهما على محلين مختلفين بما يستحيل عقلا قيام التعارض بينهما.
4 - إذ كان القرار الجمهوري رقم 836 لسنة 57 لم يتعرض لكيفية التعاقد بالبيع، فإن القواعد المنظمة لبيع أملاك الدولة الخاصة تكون واجبة الإعمال. ومؤداها - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ونزولا على حكم المادة 29 من قانون الحكم المحلي رقم 43 لسنة 1979 والمواد 8، 17، 18 من لائحة شروط بيع أملاك الدولة الحرة الصادرة في 31/8/1902 - أن التعاقد بشأنها لا يتم بين الحكومة وبين طالب الشراء إلا بالتصديق عليه ممن يملكه، وهو معقود - بالنسبة لواقعة النزاع - للمحافظين دون سواهم كل في دائرة اختصاصه، إذ أن هذا التصديق هو القبول بالبيع وبالتالي فلا يسوغ. في صحيح النظر - اعتبار القرار الجمهوري رقم 836 لسنة 1957 بما توافر عليه من شروط إيجابا من الحكومة أو وعدا منها بالبيع، بما لا يصح معه القول بتمام العقد أو انعقاده بقوة القانون، ولا يجوز من ثم للقاضي إلزام الحكومة بإتمامه أو ترتيب آثار العقد البات على مجرد طلب المستأجر الشراء كاحتساب ما سدده من أجرة جزءا من الثمن، وإنما يكون للقاضي تقرير أحقيته في طلب شراء الأرض بالثمن المقرر لها وقت بداية التأجير - متى توافرت شرائطها على ما سلف بيانه - ويقوم الحكم النهائي حجة للموجب على الحكومة حين ترى - من جانبا - قبول إيجابه.
5 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه متى كان الحكم المطعون فيه سليما في نتيجته التي انتهى إليها، فإنه لا يبطله ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية، إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذه الأسباب بغير أن تنقضه.
6 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى تأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من أحقية الطاعن في الطعن المنضم رقم .... في شراء قطعة الأرض (المملوكة للدولة ملكية خاصة) التي أقام عليها مصانعه اعتبارا من تاريخ إعداده وتشغيله بالثمن المقرر لها وقت بداية التأجير، ورفض طلبه إلزام الحكومة بإتمام البيع واحتساب ما دفع من أجرة جزءا من الثمن، فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون.
7 - دفاع قانوني يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع، فلا تجوز إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة (محكمة النقض).
------------------------
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين قد استوفيا شروطهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعنين - تتحصل في أن الطاعن في الطعن رقم 5095 لسنة 63 ق بصفته المدير المسئول لشركة مصانع ...... للألومنيوم أقام على كل من وزير المالية ومحافظ الإسكندرية بصفتيهما - الطاعنين في الطعن رقم 4780 لسنة 63 ق - الدعوى رقم ..... لسنة 1986 مدني الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم أولاً - بأحقيته في شراء قطعة الأرض الموضحة بالصحيفة والبالغ مساحتها 15723.44 متراً مربعاً بثمن مقداره أثنا عشر جنيهاً للمتر المربع, وبإلزامهما بإتمام هذا البيع اعتباراً من 1/6/1983. ثانياً: بأحقيته في احتساب ما سدد من إيجار اعتباراً من التاريخ سالف الذكر جزءاً من الثمن. وقال بياناً لها إنه استأجر الأرض مثار النزاع والمملوكة للدولة ملكية خاصة لإقامة مصانعه عليها, وقدر ثمنها وقت التأجير باثني عشر جنيهاً للمتر المربع, وبعد أن شيد المصنع الذي خصصت له تلك الأرض وبدأ في التشغيل والإنتاج اعتباراً من 1/6/1981 تقدم بطلب شرائها لأحقيته في ذلك واستيفائه الشروط الواردة بالقرار الجمهوري رقم 836 لسنة 1957 والتي تخوله شراءها بالثمن المقدر لها وقت التأجير، إلا أن محافظة الإسكندرية امتنعت عن إتمام البيع, ومن ثم أقام دعواه. قضت المحكمة بأحقيته في شراء الأرض مثار النزاع بثمن مقداره أثنا عشر جنيهاً للمتر المربع اعتباراً من 1/1/1984 وألزمت المدعى عليهما بصفتيهما بإتمام البيع ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، استأنف الطاعنان في الطعن رقم 4780 لسنة 63 ق هذا الحكم بالاستئناف رقم .... سنة 46 ق الإسكندرية, كما استأنفه المطعون ضده فيه - الطاعن في الطعن المنضم رقم 5095/63 ق - لدى ذات المحكمة بالاستئناف رقم ..... سنة 46 ق, فيما قضى به من رفض طلبه اعتبار ما سدده من أجرة الأرض جزءاً من الثمن, وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين حكمت بتاريخ 29/3/1993 برفض الاستئناف الأخير, وفي الاستئناف الأول بإلغاء الشق الخاص بإلزام المستأنفين فيه بإبرام عقد البيع ورفض هذا الطلب، وتأييد الحكم فيما عدا ذلك، طعن الطاعنان في الطعن الأول بصفتيهما في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 4780 لسنة 63 ق, كما طعن فيه الطاعن في الطعن المنضم بصفته بالطعن رقم 5095 لسنة 63 ق. وقدمت النيابة مذكرة في كل من الطعنين أبدت فيهما الرأي برفضهما وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرهما, وفيها قررت ضمهما, والتزمت النيابة رأيها.
وحيث إن كل من الطعنين أقيم على سببين ينعى الطاعنان في الطعن الأول رقم 4780/63 ق بالوجه الأول من السبب الأول وبالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والقصور في التسبيب والتناقض وفي بيان ذلك يقولان إنه متى كانت أحكام بيع أملاك الدولة الخاصة آمرة, ومن ثم تسري بأثر فوري على ما لم يستقر نهائياً من مراكز أو وقائع قائمة وإن نشأت قبل صدورها, وكان القرار الجمهوري رقم 549 لسنة 1976 قد رخص للمحافظين ببيع العقارات المملوكة للدولة بطريق الممارسة - وبعد موافقة اللجنة التنفيذية للمحافظة - لطالبي الشراء من أصحاب المشروعات الصناعية، دون اشتراط إقامة المصنع أو إعداده وتشغيله قبل البيع، استثناء من أحكام القرار الجمهوري رقم 836 لسنة 1957، ونص على خضوع هذه البيوع - فيما عدا إجراءات الممارسة - لباقي الشروط والقواعد المنظمة للتصرف في أملاك الدولة الخاصة ومنها - طبقاً للائحة شروط بيع أملاك الميري - إلا يتم ركن القبول إلا بالتصديق عليه ممن يملكه, وكانت محافظة الإسكندرية لم تطرح - وقت صدور القرار رقم 549/76 أرض النزاع للبيع بالممارسة ولم يصدر قبول من المحافظ المختص لإيجاب المطعون ضده بشرائها, فإن هذا القرار آنف الإشارة - لا القرار السابق له - يحكم واقعة النزاع, وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى بأحقية المطعون ضده في شراء الأرض بشروط القرار رقم 836 لسنة 57 فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث ينعى الطاعن في الطعن المنضم رقم 5095/63 ق بسببي طعنه على ذات الحكم الخطأ في فهم القانون وتطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه لما كان القرار رقم 549/76 - المشار إليه آنفا - لم ينسخ أو يعدل من أحكام القرار رقم 836/57 حيث إن لكل مجال تطبيقه، وكان قد استأجر أرض النزاع لإقامة مصنعه، وبعد تشييده وإعداده للتشغيل والإنتاج, فقد طلب - بعد مرور سنتين على ذلك - شراءها بما يكون معه القرار رقم 836/1957 هو الذي يحكم واقعة النزاع وهو الذي يكسبه مركزه القانوني، ويضحى عقد إيجاره - بهذه المثابة - منطوياً على وعد بالبيع ينظم أحكامه القرار المذكور، وقد اشتمل على إيجاب من الحكومة صادفه قبول منه بإظهار رغبته في الشراء في المدة المحددة فانعقد العقد بقوة القانون، ولا يعدو طلبه الحكم بإلزام المطعون ضدهما بإتمام عقد البيع, أن يكون بتنفيذ التزام الواعد جبراً إذ نكل عن وعده مع توافر شروط تمامه ليقوم الحكم النهائي مقام العقد - وعلى ما تقضي به المادة 102 من القانون المدني - بما كان يوجب على محكمة الموضوع إجابته إلى طلبه بإلزام المطعون ضدهما بإتمام البيع واحتساب ما سدد من قيمة إيجارية جزءاً من الثمن غير أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر، على قول إن القرار رقم 549/76 الذي أعفى المستأجر لأرض الدولة من شرط إقامة المصنع يسري على واقعة النزاع بما نص عليه من اشتراط أن يكون البيع بالممارسة وإلا ينعقد العقد إلا بقبول ممن يملكه وهو المحافظ - بعد موافقة اللجنة التنفيذية - وأنه لا سبيل في ظله إلى إلزام الحكومة على قبول البيع، وهذا الذي قرره الحكم من خلط بين القرارين لا يوافق صحيح القانون, ويتناقض مع ما انتهى إليه منطوقه ذاته من تأييد للحكم الابتدائي فيما قضى به من أحقية الطاعن في شراء الأرض بالثمن المقرر وقت بداية التأجير, بما يتضمنه حتماً من التسليم بوجوب تطبيق القرار الجمهوري رقم 836/57 - دون غيره, الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي بتلك الأسباب برمتها مردود, ذلك أنه لما كان المقصود بإلغاء التشريع أو نسخه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو رفع حكم قانوني بحكم قانوني آخر متأخر عنه بما يترتب عليه إبطال العمل بالتشريع الأول وتجريده من قوته الملزمة والإلغاء - على ما تقضي به المادة الثالثة من القانون المدني - يكون إما صراحة أو ضمناً بأن يشتمل التشريع اللاحق على نص يتعارض مع التشريع السابق, أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده, ويقصد بالتعارض - في هذا الخصوص أن يكون النصان واردين على محل واحد مما يستحيل معه إعمالهما معاً, وكان النص في القرار الجمهوري رقم 836 لسنة 57 بتعديل شروط بيع الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة لمستأجريها لإقامة المصانع عليها على أن "يكون للمستأجر الحق في طلب شراء الأرض بعد مرور سنتين من تاريخ إقامة المصنع وإعداده إعداداً كاملاً من آلات وإدارة وتشغيل, وأن يتم البيع بالثمن المقرر وقت بداية التأجير" مفاده أن المشرع قدر - تحقيقاً لسياسة تصنيع البلاد والتي تأخذ الحكومة بأسبابها - أن يوفر ميزة لمستأجري الأراضي المشار إليها إن هم أقاموا عليها المصانع مع إعدادها إعداداً كاملاً بما فيه التشغيل, هي أحقيتهم في طلب شرائها بعد مرور سنتين على الإعداد والتشغيل - ضماناً لجديتهم - وأن يتم البيع بالثمن المقرر وقت بداية التأجير، فوازن بذلك غرماً بغنم, وإذ صدر القرار الجمهوري رقم 549 لسنة 76 بالترخيص للمحافظين في بيع أملاك الدولة الخاصة بالممارسة لبعض الجهات - بعد موافقة اللجنة التنفيذية للمحافظة - ومنها "طالبوا الشراء من أصحاب المشروعات الصناعية وذلك بدون اشتراط إقامة المصنع وإدارته وتشغيله قبل البيع استثناء من أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 836 لسنة 57 ق" فإنه يكون قد خاطب به فئة تغاير تلك المخاطبة بالقرار آنف البيان, ووازن كذلك بين أطرافه فأعفى طالبوا الشراء من شرط إقامة المصانع قبل البيع, وجعل الثمن في المقابل بالممارسة, ومن ثم فإن القرارين المذكورين لا يختلطان ولا يندمجان ولا ينسخ اللاحق منهما السابق, ولورودهما على محلين مختلفين بما يستحيل - عقلاً - قيام التعارض بينهما.
وإذ كان ذلك, وكان القرار رقم 836 لسنة 57 لم يتعرض لكيفية التعاقد بالبيع فإن القواعد العامة المنظمة لبيع أملاك الدولة الخاصة تكون واجبة الإعمال ومؤداها - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ونزولاً على حكم المادة 29 من قانون الحكم المحلي رقم 43 لسنة 1979 والمواد 8, 17, 18 من لائحة شروط بيع أملاك الدولة الحرة الصادرة في 31/8/1902 - أن التعاقد بشأنها لا يتم بين الحكومة وبين طالب الشراء إلا بالتصديق عليه ممن يملكه, وهو معقود - بالنسبة لواقعة النزاع - للمحافظين دون سواهم كل في دائرة اختصاصه, إذ أن هذا التصديق هو القبول بالبيع وبالتالي فلا يسوغ - في صحيح النظر - اعتبار القرار الجمهوري رقم 836/57 بما توافر عليه من شروط إيجاباً من الحكومة أو وعداً منها بالبيع, بما لا يصح معه القول بتمام العقد أو انعقاده بقوة القانون. ولا يجوز من ثم للقاضي إلزام الحكومة بإتمامه أو ترتيب آثار العقد البات على مجرد طلب المستأجر الشراء كاحتساب ما سدده من أجرة جزءاً من الثمن، وإنما يكون للقاضي تقرير أحقيته في طلب شراء الأرض بالثمن المقرر لها وقت بداية التأجير - متى توافرت شرائطها على ما سلف بيانه - ويقوم الحكم النهائي حجة للموجب على الحكومة حين ترى - من جانبها - قبول إيجابه.
وإذا كان ذلك, وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه متى كان الحكم المطعون فيه سليماً في نتيجته التي انتهى إليها, فإنه لا يبطله ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية, إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذه الأسباب بغير أن تنقضه, وكان الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى تأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من أحقية للطاعن في الطعن المنضم رقم 5095/63 ق في شراء قطعة الأرض التي أقام عليها مصانعه اعتباراً من تاريخ إعداده وتشغيله بالثمن المقرر لها وقت بداية التأجير, ورفض طلبه إلزام الحكومة بإتمام البيع واحتساب ما دفع من أجرة جزءاً من الثمن, فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون, ويضحى النعي عليه - في هذا الصدد - على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين - بالطعن رقم 4780/63 ق - ينعيان بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله, ذلك أنه إذ قضى بأحقية المطعون ضده في شراء مسطح 15723.24 متراً مربعاً بثمن مقداره أثنا عشر جنيهاً للمتر المربع, دون أن يستبعد منها مساحة 3161.44 متراً مربعاً تبين غصب المطعون ضده لها وإدخالها ضمن مصنعه مجاوزاً بذلك ما رخص له به, فكان يتعين على الحكم المطعون فيه ألا يسحب حكم القرار الجمهوري 836/57 - على فرض انطباقه - على تلك المساحة المغتصبة التي يحق للطاعنين بيعها بالمزايدة أو الممارسة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول, ذلك أنه متى خلت الأوراق مما يفيد سبق تمسك الطاعنين بما جاء به, وهو دفاع قانوني يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع, فلا تجوز إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة.
وحيث إنه لما تقدم, يتعين رفض الطعنين.
حيث إن الطعنين قد استوفيا شروطهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعنين - تتحصل في أن الطاعن في الطعن رقم 5095 لسنة 63 ق بصفته المدير المسئول لشركة مصانع ...... للألومنيوم أقام على كل من وزير المالية ومحافظ الإسكندرية بصفتيهما - الطاعنين في الطعن رقم 4780 لسنة 63 ق - الدعوى رقم ..... لسنة 1986 مدني الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم أولاً - بأحقيته في شراء قطعة الأرض الموضحة بالصحيفة والبالغ مساحتها 15723.44 متراً مربعاً بثمن مقداره أثنا عشر جنيهاً للمتر المربع, وبإلزامهما بإتمام هذا البيع اعتباراً من 1/6/1983. ثانياً: بأحقيته في احتساب ما سدد من إيجار اعتباراً من التاريخ سالف الذكر جزءاً من الثمن. وقال بياناً لها إنه استأجر الأرض مثار النزاع والمملوكة للدولة ملكية خاصة لإقامة مصانعه عليها, وقدر ثمنها وقت التأجير باثني عشر جنيهاً للمتر المربع, وبعد أن شيد المصنع الذي خصصت له تلك الأرض وبدأ في التشغيل والإنتاج اعتباراً من 1/6/1981 تقدم بطلب شرائها لأحقيته في ذلك واستيفائه الشروط الواردة بالقرار الجمهوري رقم 836 لسنة 1957 والتي تخوله شراءها بالثمن المقدر لها وقت التأجير، إلا أن محافظة الإسكندرية امتنعت عن إتمام البيع, ومن ثم أقام دعواه. قضت المحكمة بأحقيته في شراء الأرض مثار النزاع بثمن مقداره أثنا عشر جنيهاً للمتر المربع اعتباراً من 1/1/1984 وألزمت المدعى عليهما بصفتيهما بإتمام البيع ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، استأنف الطاعنان في الطعن رقم 4780 لسنة 63 ق هذا الحكم بالاستئناف رقم .... سنة 46 ق الإسكندرية, كما استأنفه المطعون ضده فيه - الطاعن في الطعن المنضم رقم 5095/63 ق - لدى ذات المحكمة بالاستئناف رقم ..... سنة 46 ق, فيما قضى به من رفض طلبه اعتبار ما سدده من أجرة الأرض جزءاً من الثمن, وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين حكمت بتاريخ 29/3/1993 برفض الاستئناف الأخير, وفي الاستئناف الأول بإلغاء الشق الخاص بإلزام المستأنفين فيه بإبرام عقد البيع ورفض هذا الطلب، وتأييد الحكم فيما عدا ذلك، طعن الطاعنان في الطعن الأول بصفتيهما في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 4780 لسنة 63 ق, كما طعن فيه الطاعن في الطعن المنضم بصفته بالطعن رقم 5095 لسنة 63 ق. وقدمت النيابة مذكرة في كل من الطعنين أبدت فيهما الرأي برفضهما وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظرهما, وفيها قررت ضمهما, والتزمت النيابة رأيها.
وحيث إن كل من الطعنين أقيم على سببين ينعى الطاعنان في الطعن الأول رقم 4780/63 ق بالوجه الأول من السبب الأول وبالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والقصور في التسبيب والتناقض وفي بيان ذلك يقولان إنه متى كانت أحكام بيع أملاك الدولة الخاصة آمرة, ومن ثم تسري بأثر فوري على ما لم يستقر نهائياً من مراكز أو وقائع قائمة وإن نشأت قبل صدورها, وكان القرار الجمهوري رقم 549 لسنة 1976 قد رخص للمحافظين ببيع العقارات المملوكة للدولة بطريق الممارسة - وبعد موافقة اللجنة التنفيذية للمحافظة - لطالبي الشراء من أصحاب المشروعات الصناعية، دون اشتراط إقامة المصنع أو إعداده وتشغيله قبل البيع، استثناء من أحكام القرار الجمهوري رقم 836 لسنة 1957، ونص على خضوع هذه البيوع - فيما عدا إجراءات الممارسة - لباقي الشروط والقواعد المنظمة للتصرف في أملاك الدولة الخاصة ومنها - طبقاً للائحة شروط بيع أملاك الميري - إلا يتم ركن القبول إلا بالتصديق عليه ممن يملكه, وكانت محافظة الإسكندرية لم تطرح - وقت صدور القرار رقم 549/76 أرض النزاع للبيع بالممارسة ولم يصدر قبول من المحافظ المختص لإيجاب المطعون ضده بشرائها, فإن هذا القرار آنف الإشارة - لا القرار السابق له - يحكم واقعة النزاع, وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى بأحقية المطعون ضده في شراء الأرض بشروط القرار رقم 836 لسنة 57 فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث ينعى الطاعن في الطعن المنضم رقم 5095/63 ق بسببي طعنه على ذات الحكم الخطأ في فهم القانون وتطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه لما كان القرار رقم 549/76 - المشار إليه آنفا - لم ينسخ أو يعدل من أحكام القرار رقم 836/57 حيث إن لكل مجال تطبيقه، وكان قد استأجر أرض النزاع لإقامة مصنعه، وبعد تشييده وإعداده للتشغيل والإنتاج, فقد طلب - بعد مرور سنتين على ذلك - شراءها بما يكون معه القرار رقم 836/1957 هو الذي يحكم واقعة النزاع وهو الذي يكسبه مركزه القانوني، ويضحى عقد إيجاره - بهذه المثابة - منطوياً على وعد بالبيع ينظم أحكامه القرار المذكور، وقد اشتمل على إيجاب من الحكومة صادفه قبول منه بإظهار رغبته في الشراء في المدة المحددة فانعقد العقد بقوة القانون، ولا يعدو طلبه الحكم بإلزام المطعون ضدهما بإتمام عقد البيع, أن يكون بتنفيذ التزام الواعد جبراً إذ نكل عن وعده مع توافر شروط تمامه ليقوم الحكم النهائي مقام العقد - وعلى ما تقضي به المادة 102 من القانون المدني - بما كان يوجب على محكمة الموضوع إجابته إلى طلبه بإلزام المطعون ضدهما بإتمام البيع واحتساب ما سدد من قيمة إيجارية جزءاً من الثمن غير أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر، على قول إن القرار رقم 549/76 الذي أعفى المستأجر لأرض الدولة من شرط إقامة المصنع يسري على واقعة النزاع بما نص عليه من اشتراط أن يكون البيع بالممارسة وإلا ينعقد العقد إلا بقبول ممن يملكه وهو المحافظ - بعد موافقة اللجنة التنفيذية - وأنه لا سبيل في ظله إلى إلزام الحكومة على قبول البيع، وهذا الذي قرره الحكم من خلط بين القرارين لا يوافق صحيح القانون, ويتناقض مع ما انتهى إليه منطوقه ذاته من تأييد للحكم الابتدائي فيما قضى به من أحقية الطاعن في شراء الأرض بالثمن المقرر وقت بداية التأجير, بما يتضمنه حتماً من التسليم بوجوب تطبيق القرار الجمهوري رقم 836/57 - دون غيره, الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي بتلك الأسباب برمتها مردود, ذلك أنه لما كان المقصود بإلغاء التشريع أو نسخه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو رفع حكم قانوني بحكم قانوني آخر متأخر عنه بما يترتب عليه إبطال العمل بالتشريع الأول وتجريده من قوته الملزمة والإلغاء - على ما تقضي به المادة الثالثة من القانون المدني - يكون إما صراحة أو ضمناً بأن يشتمل التشريع اللاحق على نص يتعارض مع التشريع السابق, أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده, ويقصد بالتعارض - في هذا الخصوص أن يكون النصان واردين على محل واحد مما يستحيل معه إعمالهما معاً, وكان النص في القرار الجمهوري رقم 836 لسنة 57 بتعديل شروط بيع الأراضي المملوكة للدولة ملكية خاصة لمستأجريها لإقامة المصانع عليها على أن "يكون للمستأجر الحق في طلب شراء الأرض بعد مرور سنتين من تاريخ إقامة المصنع وإعداده إعداداً كاملاً من آلات وإدارة وتشغيل, وأن يتم البيع بالثمن المقرر وقت بداية التأجير" مفاده أن المشرع قدر - تحقيقاً لسياسة تصنيع البلاد والتي تأخذ الحكومة بأسبابها - أن يوفر ميزة لمستأجري الأراضي المشار إليها إن هم أقاموا عليها المصانع مع إعدادها إعداداً كاملاً بما فيه التشغيل, هي أحقيتهم في طلب شرائها بعد مرور سنتين على الإعداد والتشغيل - ضماناً لجديتهم - وأن يتم البيع بالثمن المقرر وقت بداية التأجير، فوازن بذلك غرماً بغنم, وإذ صدر القرار الجمهوري رقم 549 لسنة 76 بالترخيص للمحافظين في بيع أملاك الدولة الخاصة بالممارسة لبعض الجهات - بعد موافقة اللجنة التنفيذية للمحافظة - ومنها "طالبوا الشراء من أصحاب المشروعات الصناعية وذلك بدون اشتراط إقامة المصنع وإدارته وتشغيله قبل البيع استثناء من أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 836 لسنة 57 ق" فإنه يكون قد خاطب به فئة تغاير تلك المخاطبة بالقرار آنف البيان, ووازن كذلك بين أطرافه فأعفى طالبوا الشراء من شرط إقامة المصانع قبل البيع, وجعل الثمن في المقابل بالممارسة, ومن ثم فإن القرارين المذكورين لا يختلطان ولا يندمجان ولا ينسخ اللاحق منهما السابق, ولورودهما على محلين مختلفين بما يستحيل - عقلاً - قيام التعارض بينهما.
وإذ كان ذلك, وكان القرار رقم 836 لسنة 57 لم يتعرض لكيفية التعاقد بالبيع فإن القواعد العامة المنظمة لبيع أملاك الدولة الخاصة تكون واجبة الإعمال ومؤداها - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ونزولاً على حكم المادة 29 من قانون الحكم المحلي رقم 43 لسنة 1979 والمواد 8, 17, 18 من لائحة شروط بيع أملاك الدولة الحرة الصادرة في 31/8/1902 - أن التعاقد بشأنها لا يتم بين الحكومة وبين طالب الشراء إلا بالتصديق عليه ممن يملكه, وهو معقود - بالنسبة لواقعة النزاع - للمحافظين دون سواهم كل في دائرة اختصاصه, إذ أن هذا التصديق هو القبول بالبيع وبالتالي فلا يسوغ - في صحيح النظر - اعتبار القرار الجمهوري رقم 836/57 بما توافر عليه من شروط إيجاباً من الحكومة أو وعداً منها بالبيع, بما لا يصح معه القول بتمام العقد أو انعقاده بقوة القانون. ولا يجوز من ثم للقاضي إلزام الحكومة بإتمامه أو ترتيب آثار العقد البات على مجرد طلب المستأجر الشراء كاحتساب ما سدده من أجرة جزءاً من الثمن، وإنما يكون للقاضي تقرير أحقيته في طلب شراء الأرض بالثمن المقرر لها وقت بداية التأجير - متى توافرت شرائطها على ما سلف بيانه - ويقوم الحكم النهائي حجة للموجب على الحكومة حين ترى - من جانبها - قبول إيجابه.
وإذا كان ذلك, وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أنه متى كان الحكم المطعون فيه سليماً في نتيجته التي انتهى إليها, فإنه لا يبطله ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية, إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذه الأسباب بغير أن تنقضه, وكان الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى تأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من أحقية للطاعن في الطعن المنضم رقم 5095/63 ق في شراء قطعة الأرض التي أقام عليها مصانعه اعتباراً من تاريخ إعداده وتشغيله بالثمن المقرر لها وقت بداية التأجير, ورفض طلبه إلزام الحكومة بإتمام البيع واحتساب ما دفع من أجرة جزءاً من الثمن, فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة صحيحة في القانون, ويضحى النعي عليه - في هذا الصدد - على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين - بالطعن رقم 4780/63 ق - ينعيان بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله, ذلك أنه إذ قضى بأحقية المطعون ضده في شراء مسطح 15723.24 متراً مربعاً بثمن مقداره أثنا عشر جنيهاً للمتر المربع, دون أن يستبعد منها مساحة 3161.44 متراً مربعاً تبين غصب المطعون ضده لها وإدخالها ضمن مصنعه مجاوزاً بذلك ما رخص له به, فكان يتعين على الحكم المطعون فيه ألا يسحب حكم القرار الجمهوري 836/57 - على فرض انطباقه - على تلك المساحة المغتصبة التي يحق للطاعنين بيعها بالمزايدة أو الممارسة، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول, ذلك أنه متى خلت الأوراق مما يفيد سبق تمسك الطاعنين بما جاء به, وهو دفاع قانوني يخالطه واقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع, فلا تجوز إثارته لأول مرة أمام هذه المحكمة.
وحيث إنه لما تقدم, يتعين رفض الطعنين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق