برئاسة السيد المستشار/ حماد الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ شكري العميري، عبد الصمد عبد العزيز، محسن فضلي نواب رئيس المحكمة وعبد العزيز فرحات.
-----------------
1 - إن مفاد نص المادة 253 من قانون المرافعات أنه يجوز للخصوم كما هو الشأن بالنسبة للنيابة ولمحكمة النقض إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع، ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن
2 - إن مؤدى نص المادة 109 منه (من قانون المرافعات) أن الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها من النظام العام وتحكم به المحكمة من تلقاء نفسها، ويجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى، ومن أجل ذلك تعتبر مسألة الاختصاص الولائي قائمة في الخصومة ومطروحة دائما على محكمة الموضوع، وعليها أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها، ويعتبر الحكم الصادر منها في الموضوع مشتملا على قضاء ضمني باختصاصها، ولائيا، ومن ثم فإن الطعن بالنقض على الحكم الصادر منها يعتبر واردا على القضاء الضمني في مسألة الاختصاص، سواء أثارها الخصوم في الطعن أو لم يثيروها أبدتها النيابة أو لم تبديها. باعتبار أن هذه المسألة - وفي جميع الحالات - تعتبر داخلة في نطاق الطعون المطروحة على هذه المحكمة (محكمة النقض).
3 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن للدولة على الأموال العامة حق استعمالها أو استثمارها، ويجري ذلك وفقا لأوضاع وإجراءات القانون العام، وأن تصرف السلطة الإدارية في الأموال العامة لانتفاع الأفراد بها لا يكون إلا على سبيل الترخيص. وهذا يعتبر بذاته وبطبيعته مؤقتا وغير ملزم للسلطة العامة التي لها دائما لداعي المصلحة العامة الحق في إلغائه والرجوع فيه قبل حلول أجله، وذلك من الأعمال الإدارية التي يحكمها القانون العام، ولا تخضع للقانون الخاص وكون الترخيص يمنح للمنتفع مقابل رسم يدفعه للجهة الإدارية المختصة لا يخرج المال العام عن طبيعته، ولا يجعل الترخيص عقد إيجار - حتى ولو وصفته بذلك الجهة الإدارية - إذ العبرة في تكييف الرابطة التي تربطها بالمنتفع بالمال العام هو بحقيقة الواقع وحكم القانون، ما دام العقد قد تعلق بمال عام وكانت جهة الإدارة تهدف إلى تحقيق مصلحة عامة.
4 - إذ كان الثابت بالأوراق أن النادي ....... قد خصصت له أرض مملوكة للدولة لإقامة منشآته عليها، وكان مفاد المادة الثانية من القانون 41 لسنة 1972 بإصدار قانون الهيئات الخاصة العاملة في ميدان رعاية الشباب، والمادة 72 من القانون 77 لسنة 1975 بإصدار قانون الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة أن النوادي الرياضية من الهيئات الخاصة ذات النفع العام، وأن المشرع قد أحاط نشاطها بتنظيم تغيا به تكوين شخصية الشباب بصورة متكاملة وبث روح القومية بين أعضائها، وأسبغ عليها - تحقيقا لهذا الهدف - بعض امتيازات السلطة العامة، بما يستخلص منه أن تخصيص الأرض المملوكة للدولة لإقامة منشآت النادي ...... هو بغرض المنفعة العامة، ومن ثم فإن تخصيص النادي - بدوره - عين النزاع للطاعنة (المنتفعة) لا يكون إلا على سبيل الترخيص بالانتفاع بمال عام، وهو ما يحكمه القانون العام ويخرج عن نطاق القانون الخاص، ويختص القضاء الإداري - دون القضاء العادي - بنظر ما يعرض بشأنه من منازعات، ولا يغير من هذا النظر، أن يكون النادي - لا الجهة الإدارية - هو المتعاقد مع الطاعنة.
5 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الدولة وإن كانت تتولى إدارة الأموال العامة، إلا أن ذلك لا يمنعها من أن تعهد بإدارتها واستغلالها إلى فرد أو شركة أو هيئة، ولا يعدو هؤلاء أن يكونوا معاونين للدولة ونائبين عنها فلا يكون لهم من الحقوق ما ليس لها ودون أن يعد هذا الأسلوب غير المباشر في إدارة المال تنازلا أو تخليا من الدولة عنه بل تظل ضامنة ومسئولة عن إدارته واستغلاله.
6 - إذ كان الحكم المطعون فيه وإن انتهى - صحيحا - إلى اعتبار العلاقة بين الطاعنة (المنتفعة) والمطعون ضده بصفته (النادي الرياضي) محكومة بقواعد القانون العام لورودها على مال عام، إلا أنه مضى إلى الفصل في موضوع النزاع قاضيا ضمنا باختصاصه ولائيا به، وبالمخالفة لقواعد الاختصاص الولائي الآمرة، بما يعيبه ويوجب نقضه.
7 - إذ كانت المادة 269/1 من قانون المرافعات تنص على أنه "إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة"، فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم اختصاص القضاء العادي - ولائيا - بنظر الدعوى، واختصاص مجلس الدولة - بهيئة قضاء إداري - بنظرها دون الإحالة، إعمالا لصريح نص المادة سالفة البيان.
-----------------------
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده بصفته أقام على الطاعنة الدعوى رقم 8213 لسنة 1999 مدني الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بطردها من الوحدة رقم (5) الكائنة أسفل مدرجات الدرجة الثالثة بالنادي الأوليمبي المصري, وقال بياناً لها إنه تاريخ 31/8/1988 أجر للطاعنة العين المذكورة لمدة عشر سنوات, ولخضوع العلاقة لأحكام القانون المدني التي تقضي بانتهاء العقد بانتهاء مدته, ولعدم رغبته في تجديده فقد أنذرها بذلك وبتسليم العين المؤجرة, إلا أنها أبت, فأقام الدعوى، قضت محكمة أول درجة للمطعون ضده بطلباته، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 2431 لسنة 56 ق استئناف الإسكندرية، وبتاريخ 29/11/2000 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض, وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم اختصاص القضاء العادي - ولائياً - بنظر الدعوى, وأبدت الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدي من النيابة أن العقد - مثار النزاع - ترخيص للطاعنة بالانتفاع بمال عام, هو الأرض المخصصة من قبل الدولة للنادي الأوليمبي - المطعون ضده - وهو من الأعمال الإدارية التي يحكمها القانون العام ولا يخضع للقانون الخاص, وينعقد الاختصاص بنظر ما يثور بشأنه من منازعات للقضاء الإداري دون القضاء العادي.
وحيث إن هذا الدفع في محله, ذلك أنه لما كان مفاد نص المادة 253 من قانون المرافعات أنه يجوز للخصوم كما هو الشأن بالنسبة للنيابة ولمحكمة النقض إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع, ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن. وكان مؤدى نص المادة 109 منه أن الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها من النظام العام وتحكم به المحكمة من تلقاء نفسها، ويجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى, ومن أجل ذلك تعتبر مسألة الاختصاص الولائي قائمة في الخصومة ومطروحة دائماً على محكمة الموضوع, وعليها أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها ويعتبر الحكم الصادر منها في الموضوع مشتملاً على قضاء ضمني باختصاصها ولائياً, ومن ثم فإن الطعن بالنقض على الحكم الصادر منها يعتبر وارداً على القضاء الضمني في مسألة الاختصاص، سواء أثارها الخصوم في الطعن أو لم يثيروها أبدتها النيابة أو لم تبديها, باعتبار أن هذه المسألة - وفي جميع الحالات - تعتبر داخلة في نطاق الطعون المطروحة على هذه المحكمة, وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن للدولة على الأموال العامة حق استعمالها أو استثمارها, ويجري ذلك وفقاًَ لأوضاع وإجراءات القانون العام, وأن تصرف السلطة الإدارية في الأموال العامة لانتفاع الأفراد بها لا يكون إلا على سبيل الترخيص, وهذا يعتبر بذاته وبطبيعته مؤقتاً وغير ملزم للسلطة العامة التي لها دائماً لداعي المصلحة العامة الحق في إلغائه والرجوع فيه قبل حلول أجله, وذلك من الأعمال الإدارية التي يحكمها القانون العام, ولا تخضع للقانون الخاص وكون الترخيص يمنح للمنتفع مقابل رسم يدفعه للجهة الإدارية المختصة لا يخرج المال العام عن طبيعته, ولا يجعل الترخيص عقد إيجار - حتى ولو وصفته بذلك الجهة الإدارية - إذ العبرة في تكييف الرابطة التي تربطها بالمنتفع بالمال العام هو بحقيقة الواقع وحكم القانون ما دام العقد قد تعلق بمال عام وكانت جهة الإدارة تهدف إلى تحقيق مصلحة عامة. لما كان ذلك, وكان الثابت بالأوراق أن النادي الأوليمبي قد خصصت له أرض مملوكة للدولة لإقامة منشأته عليها, وكان مفاد المادة الثانية من القانون 41 لسنة 1972 بإصدار قانون الهيئات الخاصة العاملة في ميدان رعاية الشباب, والمادة 72 من القانون 77 لسنة 1975 بإصدار قانون الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة أن النوادي الرياضية من الهيئات الخاصة ذات النفع العام, وأن المشرع قد أحاط نشاطها بتنظيم تغياً به تكوين شخصية الشباب بصورة متكاملة وبث روح القومية بين أعضائها, وأسبغ عليها - تحقيقاً لهذا الهدف - بعض امتيازات السلطة العامة, بما يستخلص منه أن تخصيص الأرض المملوكة للدولة لإقامة منشآت النادي الأوليمبي هو بغرض المنفعة العامة, ومن ثم فإن تخصيص النادي - بدوره - عين النزاع للطاعنة لا يكون إلا على سبيل الترخيص بالانتفاع بمال عام, وهو ما يحكمه القانون العام ويخرج عن نطاق القانون الخاص, ويختص القضاء الإداري - دون القضاء العادي - بنظر ما يعرض بشأنه من منازعات, ولا يغير من هذا النظر, أن يكون النادي - لا الجهة الإدارية - هو المتعاقد مع الطاعنة، لما هو مقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الدولة وإن كانت تتولى إدارة الأموال العامة, إلا أن ذلك لا يمنعها من أن تعهد بإدارتها واستغلالها إلى فرد شركة أو هيئة, ولا يعدو هؤلاء أن يكونوا معاونين للدولة ونائبين عنها فلا يكون لهم من الحقوق ما ليس لها ودون أن يعد هذا الأسلوب غير المباشر في إدارة المال تنازلاً أو تخلياً من الدولة عنه بل تظل ضامنة ومسئولة عن إدارته واستغلاله, وإذ كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه وإن انتهى - صحيحاً - إلى اعتبار العلاقة بين الطاعنة والمطعون ضده بصفته محكومة بقواعد القانون العام لورودها على مال عام, إلا أنه مضى إلى الفصل في موضوع النزاع قاضياً ضمناً باختصاصه ولائياً به, وبالمخالفة لقواعد الاختصاص الولائي الآمرة, بما يعيبه ويوجب نقضه.
لما كان ذلك, وكانت المادة 269/1 من قانون المرافعات تنص على أنه "إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة, فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم اختصاص القضاء العادي - ولائياً - بنظر الدعوى، واختصاص مجلس الدولة - بهيئة قضاء إداري - بنظرها دون الإحالة, إعمالاً لصريح نص المادة سالفة البيان.
حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده بصفته أقام على الطاعنة الدعوى رقم 8213 لسنة 1999 مدني الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بطردها من الوحدة رقم (5) الكائنة أسفل مدرجات الدرجة الثالثة بالنادي الأوليمبي المصري, وقال بياناً لها إنه تاريخ 31/8/1988 أجر للطاعنة العين المذكورة لمدة عشر سنوات, ولخضوع العلاقة لأحكام القانون المدني التي تقضي بانتهاء العقد بانتهاء مدته, ولعدم رغبته في تجديده فقد أنذرها بذلك وبتسليم العين المؤجرة, إلا أنها أبت, فأقام الدعوى، قضت محكمة أول درجة للمطعون ضده بطلباته، استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 2431 لسنة 56 ق استئناف الإسكندرية، وبتاريخ 29/11/2000 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة على هذا الحكم بطريق النقض, وقدمت النيابة مذكرة دفعت فيها بعدم اختصاص القضاء العادي - ولائياً - بنظر الدعوى, وأبدت الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدي من النيابة أن العقد - مثار النزاع - ترخيص للطاعنة بالانتفاع بمال عام, هو الأرض المخصصة من قبل الدولة للنادي الأوليمبي - المطعون ضده - وهو من الأعمال الإدارية التي يحكمها القانون العام ولا يخضع للقانون الخاص, وينعقد الاختصاص بنظر ما يثور بشأنه من منازعات للقضاء الإداري دون القضاء العادي.
وحيث إن هذا الدفع في محله, ذلك أنه لما كان مفاد نص المادة 253 من قانون المرافعات أنه يجوز للخصوم كما هو الشأن بالنسبة للنيابة ولمحكمة النقض إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ولو لم يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو في صحيفة الطعن متى توافرت عناصر الفصل فيها من الوقائع والأوراق التي سبق عرضها على محكمة الموضوع, ووردت هذه الأسباب على الجزء المطعون فيه من الحكم وليس على جزء آخر منه أو حكم سابق عليه لا يشمله الطعن. وكان مؤدى نص المادة 109 منه أن الدفع بعدم اختصاص المحكمة لانتفاء ولايتها من النظام العام وتحكم به المحكمة من تلقاء نفسها، ويجوز الدفع به في أية حالة كانت عليها الدعوى, ومن أجل ذلك تعتبر مسألة الاختصاص الولائي قائمة في الخصومة ومطروحة دائماً على محكمة الموضوع, وعليها أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها ويعتبر الحكم الصادر منها في الموضوع مشتملاً على قضاء ضمني باختصاصها ولائياً, ومن ثم فإن الطعن بالنقض على الحكم الصادر منها يعتبر وارداً على القضاء الضمني في مسألة الاختصاص، سواء أثارها الخصوم في الطعن أو لم يثيروها أبدتها النيابة أو لم تبديها, باعتبار أن هذه المسألة - وفي جميع الحالات - تعتبر داخلة في نطاق الطعون المطروحة على هذه المحكمة, وكان من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن للدولة على الأموال العامة حق استعمالها أو استثمارها, ويجري ذلك وفقاًَ لأوضاع وإجراءات القانون العام, وأن تصرف السلطة الإدارية في الأموال العامة لانتفاع الأفراد بها لا يكون إلا على سبيل الترخيص, وهذا يعتبر بذاته وبطبيعته مؤقتاً وغير ملزم للسلطة العامة التي لها دائماً لداعي المصلحة العامة الحق في إلغائه والرجوع فيه قبل حلول أجله, وذلك من الأعمال الإدارية التي يحكمها القانون العام, ولا تخضع للقانون الخاص وكون الترخيص يمنح للمنتفع مقابل رسم يدفعه للجهة الإدارية المختصة لا يخرج المال العام عن طبيعته, ولا يجعل الترخيص عقد إيجار - حتى ولو وصفته بذلك الجهة الإدارية - إذ العبرة في تكييف الرابطة التي تربطها بالمنتفع بالمال العام هو بحقيقة الواقع وحكم القانون ما دام العقد قد تعلق بمال عام وكانت جهة الإدارة تهدف إلى تحقيق مصلحة عامة. لما كان ذلك, وكان الثابت بالأوراق أن النادي الأوليمبي قد خصصت له أرض مملوكة للدولة لإقامة منشأته عليها, وكان مفاد المادة الثانية من القانون 41 لسنة 1972 بإصدار قانون الهيئات الخاصة العاملة في ميدان رعاية الشباب, والمادة 72 من القانون 77 لسنة 1975 بإصدار قانون الهيئات الأهلية لرعاية الشباب والرياضة أن النوادي الرياضية من الهيئات الخاصة ذات النفع العام, وأن المشرع قد أحاط نشاطها بتنظيم تغياً به تكوين شخصية الشباب بصورة متكاملة وبث روح القومية بين أعضائها, وأسبغ عليها - تحقيقاً لهذا الهدف - بعض امتيازات السلطة العامة, بما يستخلص منه أن تخصيص الأرض المملوكة للدولة لإقامة منشآت النادي الأوليمبي هو بغرض المنفعة العامة, ومن ثم فإن تخصيص النادي - بدوره - عين النزاع للطاعنة لا يكون إلا على سبيل الترخيص بالانتفاع بمال عام, وهو ما يحكمه القانون العام ويخرج عن نطاق القانون الخاص, ويختص القضاء الإداري - دون القضاء العادي - بنظر ما يعرض بشأنه من منازعات, ولا يغير من هذا النظر, أن يكون النادي - لا الجهة الإدارية - هو المتعاقد مع الطاعنة، لما هو مقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن الدولة وإن كانت تتولى إدارة الأموال العامة, إلا أن ذلك لا يمنعها من أن تعهد بإدارتها واستغلالها إلى فرد شركة أو هيئة, ولا يعدو هؤلاء أن يكونوا معاونين للدولة ونائبين عنها فلا يكون لهم من الحقوق ما ليس لها ودون أن يعد هذا الأسلوب غير المباشر في إدارة المال تنازلاً أو تخلياً من الدولة عنه بل تظل ضامنة ومسئولة عن إدارته واستغلاله, وإذ كان ذلك, وكان الحكم المطعون فيه وإن انتهى - صحيحاً - إلى اعتبار العلاقة بين الطاعنة والمطعون ضده بصفته محكومة بقواعد القانون العام لورودها على مال عام, إلا أنه مضى إلى الفصل في موضوع النزاع قاضياً ضمناً باختصاصه ولائياً به, وبالمخالفة لقواعد الاختصاص الولائي الآمرة, بما يعيبه ويوجب نقضه.
لما كان ذلك, وكانت المادة 269/1 من قانون المرافعات تنص على أنه "إذا كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص وعند الاقتضاء تعين المحكمة المختصة التي يجب التداعي إليها بإجراءات جديدة, فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم اختصاص القضاء العادي - ولائياً - بنظر الدعوى، واختصاص مجلس الدولة - بهيئة قضاء إداري - بنظرها دون الإحالة, إعمالاً لصريح نص المادة سالفة البيان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق