الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 7 مايو 2017

عدم دستورية قرار محافظ الإسكندرية رقم 98 لسنة 1996 لعدم نشره

الطعن 104 لسنة 26 ق " دستورية " المحكمة الدستورية العليا جلسة 1 / 4 /2017
منشور في الجريدة الرسمية العدد 14 مكرر أ في 10/ 4/ 2017 ص 3
باسم الشعب 

المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الأول من أبريل سنة 2017م، الموافق الرابع من رجب سنة 1438هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم حشيش وسعيد مرعي عمرو ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور حمدان حسن فهمي والدكتور محمد عماد النجار والدكتور عبد العزيز محمد سالمان نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 104 لسنة 26 قضائية "دستورية".

----------------
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل – حسبما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن الشركة المدعية كانت قد تعاقدت مع محافظ الإسكندرية بتاريخ 1998/5/21 على استغلال أرض الحديقة الدولية بالإسكندرية، وقامت، تبعا لذلك، بزيادة الرقعة الزراعية والمنشآت السياحية بها، وكانت تقوم بسداد مطالبات توريد المياه للمدعى عليه الرابع بسعر (60) قرشا للمتر المكعب، يضاف إليه مبلغ (21) قرشا مقابل الصرف الصحي، إلا أنها فوجئت بتاريخ 2001/4/11 بمطالبته لها بسداد مبلغ (102331.6) جنيها فروق أسعار توريد المياه عن الفترة من يناير 1999 حتى مارس 2001، على سند من أن الشركة المدعية تعتبر شركة خاضعة لقانون ضمانات وحوافز الاستثمار. وإذ لجأت الشركة المدعية للجنة التوفيق في المنازعات الإدارية بطلب براءة ذمتها من هذه المطالبة، التي أوصت برفض الطلب، فأقامت أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية الدعوى رقم 4019 لسنة 2002 مدني کلي، طلبا للحكم ببراءة ذمتها من دين المطالبة، واستندت في ذلك إلى سابقة قضاء المحكمة الدستورية العليا بجلسة 2000/5/6 في القضية رقم 87 لسنة 20 قضائية "دستورية" بعدم دستورية قراري محافظ الإسكندرية رقمي 274 لسنة 1991 و33 لسنة 1995 فيما تضمناه من زيادة تعريفة بيع المياه لشركات الاستثمار عما هو مقرر للشركات والمحلات التجارية. وقد انتدبت محكمة الموضوع خبيرا في تلك الدعوى انتهى في تقريره إلى أن المدعى عليه الرابع يستند في زيادة تعريفة بيع المياه للشركة المدعية إلى القرار الصادر منه برقم 109 لسنة 1996، ولم يستند إلى القرارين المحكوم بعدم دستوريتهما، وأن هذا القرار حدد سعر بيع المياه للاستخدام الإنتاجي والاستثماري، الذي يشمل الأغراض السياحية والاستثمارية، بما يزيد على ما هو مقرر للشركات والمحال التجارية، وانتهى التقرير إلى عدم أحقية الشركة في دعواها، لأنها خاضعة للفقرة رقم (4) من القرار المشار إليه، فدفعت الشركة بعدم دستورية هذا القرار فيما قرره من زيادة سعر بيع المياه للشركات التي تعمل في المجالات الاستثمارية والسياحية عن غيرها من الشركات والمحال التجارية، وإذ قدرت تلك المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للشركة المدعية بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقامت الدعوى المعروضة

بتاريخ الرابع من مايو سنة 2004، أقامت الشركة المدعية هذه الدعوى، بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبا للحكم بعدم دستورية قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمرفق مياه الإسكندرية رقم 109 لسنة 1996، فيما قرره من زيادة أسعار بيع المياه للشركات ذات الأغراض السياحية والاستثمارية، عما هو مقرر للشركات والمحال التجارية الأخرى
وقدمت كل من هيئة قضايا الدولة والمدعى عليه الرابع مذكرة، طلبا فيهما الحكم برفض الدعوى
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

-------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة

وحيث إن قرار محافظ الإسكندرية رقم 98 لسنة 1996 ينص في المادة الثانية منه على أن "رفع تعريفة مياه الشرب لكافة الاستخدامات اعتبارا من أول يناير 1996 بنسبة 20% وذلك على النحو التالي
نوعيات الاستخدامات شهريا السعر الحالي السعر الجديد اعتبارا من 1996/1/1 
4- الاستخدام الإنتاجي الاستثماري
يشمل الأغراض السياحية والاستثمارية مثل: المستشفيات الخاصة، فنادق الدرجة الأولى، الملاهي، دور اللهو، مطاعم الدرجة الأولى، شركات الاستثمار والمناطق الحرة، المناطق السياحية. 85 102 
وحيث إن قرار رئيس الجمهورية رقم 1639 لسنة 1968 بإنشاء الهيئة العامة لمرفق مياه الإسكندرية، قد نص في مادته الأولى على تبعية هذه الهيئة لوزير الإسكان والمرافق، كما نص في مادته الرابعة على اختصاصها باقتراح تعريفة بيع المياه، وفي المادة السادسة على سريان هذه التعريفة بعد اعتمادها من الوزير المختص. ثم عدلت تبعية هذه الهيئة إلى محافظ الإسكندرية بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 2420 لسنة 1971، ومن ثم غدا محافظ الإسكندرية - دون غيره – هو المختص بإصدار القرارات المتضمنة تعريفة بيع المياه بالإسكندرية
وحيث إن من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة في شأن دستورية النصوص التشريعية المطعون فيها لا يحول بينها رد هذه النصوص إلى الأصول التي أنبتتها كلما آل إبطالها إلى زوال ما تفرع عنها، أو اتصل بها اتصال قرار. متى كان ذلك، وكان قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمرفق مياه الإسكندرية رقم 109 لسنة 1996، قد أورد في ديباجته الإشارة إلى قرار محافظ الإسكندرية رقم 98 لسنة 1996 الصادر بتاريخ 1996/2/18 بشأن اعتماد التعريفة الجديدة للمياه والصرف الصحي بمحافظة الإسكندرية، وردد في نصوص مواده ذات ما ورد في هذا القرار الأخير. وكان اختصاص تلك الهيئة في هذا الشأن – حسبما ورد بالمادة الرابعة من قرار إنشائها – هو اقتراح تعريفة بيع المياه، والتي لا تسري إلا بعد اعتمادها من المحافظ المختص، والتي صدر بشأنها قرار محافظ الإسكندرية رقم 98 لسنة 1996 المار ذکره، ومن ثم فإن هذا القرار - فيما ورد به من زيادة أسعار بيع المياه من الهيئة المدعى عليها الرابعة – يمثل السند اللائحي المقرر قانونا لإقرار هذه التعريفة، ويغدو بذلك مطروحا حكما على هذه المحكمة، ومحلا لرقابتها الدستورية في هذه الدعوى، لارتباطه الذي لا يقبل الفصل أو التجزئة بالقرار المطعون عليه الصادر من رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمرفق مياه الإسكندرية
وحيث إن المقرر – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية، وهي شرط لقبولها، مناطها ارتباطها بصلة منطقية بالمصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة الدستورية لازما للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، والمطروحة أمام محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان النزاع في الدعوى الموضوعية يدور حول محاسبة الشركة المدعية؛ باعتبارها شركة تعمل في المجالات السياحية والاستثمارية، عن قيمة استهلاكها من المياه بأسعار تزيد على ما هو مقرر بالنسبة للشركات والمحال التجارية الأخرى، فإن المصلحة في الدعوى المعروضة تكون متحققة، ويتحدد نطاقها فيما تضمنه البند (4) من قرار محافظ الإسكندرية رقم 98 لسنة 1996، من زيادة أسعار بيع المياه للأغراض السياحية والاستثمارية على ما هو مقرر للشركات والمحال التجارية الأخرى
وحيث إن الشركة المدعية تنعي على القرار المطعون فيه، في النطاق المحدد سلفا، مخالفته للمواد (4، 8، 32، 34، 40) من دستور سنة 1971، بمقولة أنه أخل بالمساواة بين الشركات التي تعمل في مجال السياحة والاستثمار، والشركات التجارية الأخرى، واعتدى على الملكية الخاصة
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التحقق من استيفاء النصوص التشريعية لأوضاعها الشكلية، يعتبر أمرا سابقا بالضرورة على الخوض في عيوبها الموضوعية، كما أن الأوضاع الشكلية، سواء في ذلك تلك المتعلقة باقتراحها أو إقرارها أو إصدارها أو نفاذها، إنما تتحدد على ضوء ما قررته في شأنها أحكام الدستور المعمول به حين صدورها، فمن ثم فإن نصوص الدستور الصادر عام 1971 الذي صدر القرار المطعون فيه في ظل العمل بأحكامه، تكون هي الواجبة التطبيق في شأن مدى استيفاء ذلك القرار لأوضاعه الشكلية
وحيث إن الدولة القانونية – وعلى ما تنص عليه المادة (65) من الدستور الصادر عام 1971 - هي التي تتقيد في ممارستها لسلطاتها أيا كانت وظائفها أو غاياتها، بقواعد قانونية تعلو عليها، وتردها على أعقابها إن هي جاوزتها، فلا تتحلل منها، وكان مضمون القاعدة القانونية التي تعتبر إطارا للدولة القانونية، تسمو عليها وتقيدها، إنما يتحدد من منظور المفاهيم الديمقراطية التي يقوم عليها نظام الحكم على ما تقضي به المواد (1، 3، 4) من ذلك الدستور
وحيث إن إخطار المخاطبين بالقاعدة القانونية بمضمونها يعتبر شرطا لإنبائهم بمحتواها، وكان نفاذها بالتالي يفترض إعلانها من خلال نشرها، وحلول الميعاد المحدد لبدء سريانها. وكان ذلك مؤداه أن دخول القاعدة القانونية مرحلة التنفيذ مرتبط بواقعتين تجريان معا وتتكاملان؛ هما نشرها وانقضاء المدة التي حددها المشرع لبدء العمل بها
وحيث إن من المقرر أن نشر القاعدة القانونية ضمان لعلانيتها وذيوع أحكامها واتصالها بمن يعنيهم أمرها، وامتناع القول بالجهل بها، وكان هذا النشر يعتبر كافلا وقوفهم على ماهيتها ومحتواها ونطاقها، حائلا دون تنصلهم منها، ولو لم يكن علمهم بها قد صار يقينيا، أو كان إدراكهم لمضمونها واهيا. وكان حملهم قبل نشرها على النزول عليها – وهم من الأغيار في مجال تطبيقها – متضمنا إخلالا بحرياتهم أو الحقوق التي كفلها الدستور لهم، دون التقيد بالوسائل القانونية التي حدد تخومها وفصل أوضاعها، فقد تعين القول بأن القاعدة القانونية التي لا تنشر، لا تتضمن إخطارا كافيا بمضمونها ولا بشروط تطبيقها، فلا تتكامل مقوماتها التي اعتبر الدستور تحققها شرطا لجواز التدخل بها لتنظيم الحقوق والواجبات على اختلافها، وعلى الأخص ما اتصل منها بصون الحرية الشخصية، والحق في الملكية
وحيث إن كل قاعدة قانونية لا تكتمل في شأنها الأوضاع الشكلية التي تطلبها الدستور فيها، كتلك المتعلقة باقتراحها أو إقرارها أو إصدارها أو شروط نفاذها، إنما تفقد مقوماتها باعتبارها کذلك، فلا يستقيم بنيانها. وكان تطبيقها في شأن المشمولين بحكمها – مع افتقارها لقوالبها الشكلية – لا يلتئم ومفهوم الدولة القانونية التي لا يتصور وجودها ولا مشروعية مباشرتها لسلطاتها، بعيدا عن خضوعها للقانون وسموه عليها باعتباره قيدا على كل تصرفاتها وأعمالها
وحيث إنه متى كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن قرار محافظ الإسكندرية رقم 98 لسنة 1996 المطعون فيه، لم ينشر في الجريدة الرسمية "الوقائع المصرية" بالمخالفة لنص المادة (188) من الدستور الصادر عام 1971، ومن ثم فإن تطبيقه على المخاطبين بأحكامه – ومنهم الشركة المدعية – قبل نشره، يزيل عنه صفة الإلزام، فلا يكون له قانونا من وجود لمخالفته المواد (64، 65، 188) من ذلك الدستور، متعينا لذلك القضاء بعدم دستوريته برمته، وبسقوط قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمرفق مياه الإسكندرية رقم 109 لسنة 1996، لارتباطه بقرار المحافظ المشار إليه ارتباطا لا يقبل الفصل أو التجزئة، لينهدم بجميع أحكامه تبعا للقضاء بعدم دستورية هذا القرار
وحيث إن مقتضى حكم المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 – بعد تعديلها بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 168 لسنة 1998 - هو عدم تطبيق النص المقضي بعدم دستوريته على الوقائع اللاحقة لليوم التالي لتاريخ نشر الحكم الصادر بذلك، وكذلك على الوقائع السابقة على هذا النشر، إلا إذا حدد الحكم الصادر بعدم الدستورية تاريخا آخر لسريانه. لما كان ذلك، وتقديرا من المحكمة للآثار المالية التي تترتب على إعمال الأثر الرجعي للحكم بعدم دستورية القرار المطعون فيه، وسقوط قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة المار ذكره، فإنها تعمل الرخصة المخولة لها بنص الفقرة الثالثة من المادة (49) من قانونها، وتحدد اليوم التالي لنشر هذا الحكم تاريخا لإنفاذ أثاره، دون إخلال باستفادة الشركة المدعية منه
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة
أولا: بعدم دستورية قرار محافظ الإسكندرية رقم 98 لسنة 1996، وسقوط قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمرفق مياه الإسكندرية رقم 109 لسنة 1996
ثانيا: تحديد اليوم التالي لنشر هذا الحكم تاريخا لإنفاذ آثاره
ثالثا: إلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق