جلسة 9 من مارس سنة 1999
برئاسة السيد المستشار/ محمد وليد الجارحي - نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ محمود رضا الخضيري، سعيد شعلة، عبد الباسط أبو سريع - نواب رئيس المحكمة، وعبد المنعم محمود.
----------------
(71)
الطعن رقم 11704 لسنة 66 القضائية
أموال. جمعيات.
أموال الجمعيات التعاونية للبناء والإسكان. حق التصرف فيها. قصره على جمعياتها العمومية.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الثالث أقام الدعوى 820 لسنة 1988 مدني أسوان الابتدائية على الطاعنة بطلب الحكم بطردها من قطعة الأرض المبينة المساحة والحدود بصحيفة دعواه وبإزالة ما عليها من مبان ومنشآت، وقال بياناً لدعواه إنه تملك هذه الأرض بطريق الشراء من محافظة أسوان بالعقد المسجل برقم 2253 لسنة 1988 توثيق أسوان، وإذ فوجئ بالطاعنة تضع يدها عليها وتقوم بتسويرها وإقامة مبانٍ عليها بغير سند فقد أقام الدعوى للحكم له بما سلف ذكره من طلبات. وأقامت الطاعنة الدعوى 1147 لسنة 1988 مدني أسوان الابتدائية على المطعون ضدهما الأول والثاني بطلب الحكم بتثبيت ملكيتها لما أقامته من مبان على الأرض موضوع النزاع وباعتماد الشهادة الصادرة من الجمعية المطعون ضدها الرابعة بتخصيص هذه الأرض لها. تدخل المطعون ضده الثالث في هذه الدعوى طالباً رفضها على سند من أنه المالك لقطعة الأرض سالفة البيان. كما أقامت الطاعنة الدعوى 1142 لسنة 1989 مدني أسوان الابتدائية على المطعون ضدهم بطلب الحكم بمحو تسجيل العقد المسجل برقم 2253 لسنة 1988 توثيق أسوان المتضمن بيع المطعون ضدهما الأول والثاني قطعة الأرض ذاتها إلى المطعون ضده الثالث تأسيساً على أن المطعون ضدها الرابعة - جمعية سهيل للإسكان التعاوني - خصصت لها تلك القطعة وتسلمتها فعلاً، قررت محكمة أول درجة ضم الدعاوى الثلاث، وبعد أن ندبت خبيراً قدم تقريره حكمت برفض الدعويين 1147 لسنة 1988 و1142 لسنة 1988 وفي الدعوى 820 لسنة 1988 قضت بالطلبات. استأنفت الطاعنة الحكم بالاستئناف رقم 733 لسنة 12 قنا. وبتاريخ 5/ 11/ 1996 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى بهما الطاعنة على الحكم المطعون فيه القصور، ومخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه على أن بيع قطعة أرض النزاع تسري بشأنه أحكام بيع أملاك الدولة الخاصة ومن ثم يكون بيع محافظة أسوان لها للمطعون ضده الثالث متفقاً وصحيح القانون، في حين أن هذه الأرض مملوكة للجمعية المطعون ضدها الرابعة ملكية تعاونية ولا يجوز لغيرها التصرف فيها طبقاً لأحكام القانون رقم 14 لسنة 1981، وإذ قام دفاعها - الطاعنة - على أن الجمعية سالفة الذكر قد خصصت تلك الأرض لها وسلمتها إياها دون المطعون ضده الثالث الذي خصصت له قطعة أخرى، وأيدت ذلك بالشهادة الصادرة من الجمعية في 25/ 9/ 1991 فالتفت الحكم عن ذلك الدفاع الجوهري بزعم أن رئيس الجمعية - يملك تعديل التخصيص - في حين أنه لا يملك مثل هذا التعديل المخول للجمعية العمومية فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة الثانية من القانون رقم 14 لسنة 1981 بشأن التعاون الإسكاني على أن "أموال الجمعيات التعاونية للبناء والإسكان العقارية والمنقولة مملوكة لها ملكية تعاونية بصفتها الاعتبارية...... ولا يجوز لأية جهة التصرف فيها على خلاف أحكام هذا القانون"، وفي المادة 4/ 1 منه على أن "تتمتع الملكية التعاونية بكافة الضمانات المدنية والجنائية المقررة للملكية العامة"، وفي المادة 27 من القانون ذاته على أن "الجمعية العمومية هي صاحبة الحق في التصرف في العقارات والتنازل عن الحقوق ولا يجوز لها التفويض في هذا الاختصاص" - يدل على أن المشرع أسبغ الحماية القانونية على أموال الجمعيات التعاونية للبناء والإسكان ولم يجز لغير جمعياتها العمومية حق التصرف في أموالها. ولما كان الثابت في الأوراق - وحصله الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه - أن الطاعنة تمسكت في دفاعها أمام محكمة الموضوع بأن الجمعية المطعون ضدها الرابعة هي المالكة لقطعة الأرض موضوع النزاع وصاحبة الحق في التصرف فيها، وأنها خصصتها لها وسلمتها إياها وأن الجمعية كانت قد خصصت للمطعون ضده الثالث قطعة أخرى بيد أنه غير الحقيقة في قرار التخصيص المؤرخ 23/ 4/ 1986 بأن عدل رقم القطعة المخصصة له من 32 إلى 29 افتئاتاً على حقوقها، وساعده في ذلك رئيس مجلس إدارة الجمعية الذي لا يملك إجراء هذا التعديل، وقدمت تأييداً لدفاعها شهادة صادرة من الجمعية تفيد أن الأرض مخصصة لها، وكان البين من الحكم الابتدائي الذي أحال الحكم المطعون فيه على أسبابه أنه رفض الدفع المبدى من المطعون ضدهما الأول والثاني بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة على سند من أن تلك الأرض مملوكة للدولة، ثم عاد وأقام قضاءه على أنه وإن كان قانون الإسكان التعاوني قد جعل أموال الجمعيات التعاونية للبناء والإسكان مملوكة لها ملكية تعاونية، إلا أنه خلا من بيان كيفية نقل الملكية لأعضائها من تاريخ التخصيص الصادر لهم ومن ثم يتعين الرجوع في هذا الصدد إلى القواعد المتعلقة ببيع أملاك الدولة الخاصة. لما كان ذلك، وكان هذا الذي أقام الحكم قضاءه عليه لا يبين منه أن المحكمة حسمت المسألة الأساسية التي يدور حولها النزاع وهي ما إذا كانت قطعة الأرض المشار إليها مملوكة للدولة ملكية خاصة فيكون لها أن تبيعها للمطعون ضده الثالث، أم مملوكة للجمعية المعنية بالذكر فلا يحق لأحد غير جمعيتها العمومية التصرف فيها - سيما والثابت في تقرير الخبير المندوب في الدعوى (ص 6) أنه لا يعرف سبباً لقيام الوحدة المحلية بإجراءات بيع أرض خصصت للجمعية وقبض الثمن - فإن الحكم فضلاً عن مخالفته القانون وخطئه في تطبيقه يكون مشوباً بقصور في أسبابه الواقعية يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيقه للقانون، مما يوجب نقضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق