جلسة 27 من يناير سنة 2018
برئاسة السيد القاضي / محمد محمود محاميد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / علي سليمان، أحمد عبد الودود ووليد عثمان نواب رئيس المحكمة وعبد الهادي محمود .
-----------------
(18)
الطعن رقم 28024 لسنة 85 القضائية
(1) دخول عقار بقصد منع حيازته بالقوة . جريمة " أركانها " . قانون " تفسيره " .
الحيازة المنصوص عليها في المادة 369 عقوبات هي الحيازة الفعلية بغض النظر عن الملكية أو الحيازة الشرعية أو الأحقية في وضع اليد . علة ذلك ؟
مناط التأثيم في الجريمة المنصوص عليها بالمادة 369 عقوبات . ثبوت التعرض المادي للغير في الحيازة الفعلية للعقار بقصد منعها بالقوة أو ارتكاب جريمة فيه وتوافر علم الجاني بأن المكان الذي يدخله في الحيازة الفعلية لشخص آخر . القوة في تلك الجريمة . هي التي تقع على الأشخاص لا على الأشياء . نعي الطاعنين بعدم بيان الحكم أركان الجريمة . غير مقبول . ما دام أنه خلص في تدليل سائغ ومنطق مقبول إلى توافرها .
(2) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر . لا يعيبه . ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
عدم التزام محكمة الموضوع بسرد روايات كل الشهود . حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه .
اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم . لا يؤثر في سلامته . علة ذلك ؟
إحالة الحكم في بيان أقوال الشاهدين الثالث والرابع إلى ما أورده من أقوال الشاهد الثاني فيما اتفقوا فيه . مفاده ؟
(3) إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
تعييب إجراءات التحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة . لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه . غير مقبول .
(4) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . سلاح . دخول عقار بقصد منع حيازته بالقوة .
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله . ماهيته ؟
القضاء ببراءة الطاعنين من جريمة إحراز أسلحة نارية لخلو الأوراق من معاينة النيابة العامة لمكان الضبط . لا يتعارض مع القضاء بإدانتهم عن جريمة دخول عقار في حيازة آخر بقصد منع حيازته بالقوة أخذاً بأقوال شهود الإثبات .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1– لما كان المراد بالحيازة المنصوص عليها في المادة 369 من قانون العقوبات هي الحيازة الفعلية بغض النظر عن الملكية أو الحيازة الشرعية أو الأحقية في وضع اليد ، والعلة في ذلك ترجع إلى رغبة الشارع في منع الإخلال بالنظام العام من الأشخاص الذين يدعون بحق لهم ويحاولون الحصول عليه بأنفسهم ، وكان مناط التأثيم في جريمة دخول العقار المنصوص عليها في المادة السابقة هو ثبوت التعرض المادي للغير في حيازته لعقار حيازة فعلية بنية الافتئات عليها ، ومنع حيازته بالقوة أو ارتكاب جريمة فيه ، وهذا هو القصد الجنائي في الجريمة ، فيجب إذاً أن يتوافر علم الجاني بأن المكان الذي يدخله في الحيازة الفعلية لشخص آخر ، وأن يرمي إلى تحقيق واحد من الأمرين المشار إليهما ، كما أن المقصود بالقوة في هذه الجريمة هي ما يقع على الأشخاص لا على الأشياء . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن استعرض واقعة الدعوى وأدلتها خلص في تدليل سائغ ومنطق مقبول إلى توافر أركان الجريمة المنصوص عليها في المادة 369 من قانون العقوبات في حق الطاعنين ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير سديد .
2- من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ، ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وأن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به ، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ، ذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداها دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها ، فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشاهدين الثالث والرابع إلى ما أورده من أقوال الشاهد الثاني ، ولا يؤثر فيه أن يكون هذان الشاهدان لم يشتركا في إجراء التحريات التي أجراها الشاهد الثاني على فرض صحة ذلك ، إذ إن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوالهما إلى ما حصَّله من أقوال الشاهد الثاني فيما اتفقا فيه أنه التفت عن هذه التفصيلات ، مما ينحسر عن الحكم دعوى القصور في التسبيب في هذا الشأن .
3- لما كان ما يثيره الطاعنون من تعييب إجراءات التحقيق الذي جرى في المرحلــة السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين قد طلبوا إلى المحكمة تدارك هذا النقص ، فليس لهم من بعد أن ينعوا عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ، ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود .
4- لما كان التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان مفاد ما أورده الحكم من قضائه ببراءة الطاعنين من جريمة إحراز أسلحة نارية استناداً إلى خلو الأوراق من معايـنة النيــابة العامة لمكان الضبط لا يتعارض مع قضائه بإدانة الطاعنين عن جريمة دخول عقار في حيازة آخر بقصد منع حيــازته بالقوة ، أخذاً بأقوال شهود الإثبات التي اطمأن إليها ، ومن ثم فإن قالة التناقض تنحسر عن الحكم المطعون فيه ويكون ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد غير سديد .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـــع
اتهمت النيابة العامة كلاً من : 1- .... " طاعن " 2- .... " طاعن " 3- .... 4- .... " طاعن " 5- .... 6- .... بأنهم :
ــ استعرضوا القوة ولوَّحوا بالعنف قبل المجني عليه / .... ، وذلك بقصد ترويعه وتخويفه والإضرار بممتلكاته وحرمانه من الانتفاع بملكيته مما ألقى الرعب في نفسه وتسبب في تكدير أمنه وسلامته حال كون بعضهم حاملين لأسلحة نارية تالية الوصف وقد وقعت بناء على ذلك الجرائم الآتية :
المتهمون من الأول إلى الثالث : 1- أحرز كلٌ منهم بغير ترخيص سلاحاً نارياً غير مششخن " سلاح ناري يدوي مصنع محلياً " .
2- أحرز كلٌ منهم ذخائر طلقات مما تستعمل على السلاح الناري آنف الوصف بغير ترخيص بحيازته أو إحرازه .
المتهم الرابع : أحرز ذخائر عدد خمس طلقات مما تستعمل على سلاح ناري دون أن يكون مرخصاً له بحيازته أو إحرازه .
المتهمون جميعاً : 1- دخلوا عقاراً في حيازة المجني عليه/ .... ، وذلك بقصد منع حيازته بالقوة حال كونهم أكثر من شخصين يحمل بعضهم أسلحة نارية على النحو المبين بالأوراق . 2- شرعوا في الحصول بالتهديد على مبلغ نقدي من المجني عليه / .... .
3- أطلقوا أعيرة نارية داخل قرية .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
وادعى / .... " المجني عليه " مدنياً قبل المتهمين الأول والثاني والرابع بمبلغ عشرة آلاف جنيه وواحد على سبيل التعويض المدني المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت عملاً بالمادة 369/1 من قانون العقوبات ، مع إعمال المادة 30/2 من ذات القانون ، أولاً : حضورياً بمعاقبة كلٍ من .... ، .... ، .... ، .... ، .... ، وغيابياً لـــ .... بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عما أسند إليهم بشأن تهمة دخول عقار ومنع حيازته بالقوة وأمرت بمصادرة المضبوطات ، ثانياً : ببراءتهم جميعاً مما أسند إليهم عن باقي التهم وإثبات ترك المدعي بالحق المدني لدعواه المدنية .
فطعن المحكوم عليهم الأول والثاني والرابع في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمة دخول عقار في حيازة آخر بقصد منع حيازته بالقوة قد شابه القصور والتناقض في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بأنه خلا من بيان أركان الجريمة التي دانهم بها ، وأحال في بيان أقوال الشاهدين الثالث والرابع إلى مضمون ما حصله من أقوال الشاهد الثاني رغم اختلاف أقوالهم ، فضلاً عن أنهما لم يشاركا الشاهد الثاني في التحريات التي انفرد بإجرائها ، ولم يعبأ بدفاعهم بخلو الأوراق من معاينة لمكان الواقعة ، ورغم ذلك قضى ببراءتهم من تهمة إحراز أسلحة نارية استناداً إلى خلو الأوراق من تلك المعاينة ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها ، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ولا يماري الطاعنون في أن لها أصلها الثابت في الأوراق . لما كان ذلك ، وكان المراد بالحيازة المنصوص عليها في المادة 369 من قانون العقوبات هي الحيازة الفعلية بغض النظر عن الملكية أو الحيازة الشرعية أو الأحقية في وضع اليد والعلة في ذلك ترجع إلى رغبــة الشارع في منع الإخلال بالنظام العام من الأشخاص الذين يدعون بحق لهم ويحاولون الحصول عليه بأنفسهم ، وكان مناط التأثيم في جريمة دخول العقار المنصوص عليها في المادة السابقة هو ثبوت التعرض المادي للغير في حيازته لعقار حيازة فعليــة بنية الافتئات عليها ومنع حيازته بالقوة أو ارتكــاب جريمة فيه ، وهذا هو القصد الجنائي في الجريمة ، فيجب إذاً أن يتوافر علم الجاني بأن المكان الذي يدخله في الحيازة الفعليــة لشخص آخر ، وأن يرمي إلى تحقيق واحد من الأمرين المشار إليهما ، كما أن المقصود بالقوة في هذه الجريمة هي ما يقع على الأشخاص لا على الأشياء . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن استعرض واقعة الدعوى وأدلتها خلص في تدليل سائغ ومنطق مقبول إلى توافر أركان الجريمة المنصوص عليها في المادة 369 من قانون العقوبات في حق الطاعنين ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ، ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها ، وأن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به ، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، ولا يؤثر في هذا النظر اخــــــتـلاف الشهـــــود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم ، ذلك بأن لمحكمة الموضوع في سبيل تكوين عقيدتها تجزئة أقوال الشاهد والأخذ منها بما تطمئن إليه واطراح ما عداها دون أن يعد هذا تناقضاً في حكمها ، فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشاهدين الثالث والرابع إلى ما أورده من أقوال الشاهد الثاني ، ولا يؤثر فيه أن يكون هذان الشاهدان لم يشتركا في إجراء التحريات التي أجراها الشاهد الثاني على فرض صحة ذلك ، إذ إن مفاد إحالة الحكم في بيان أقوالهما إلى ما حصَّله من أقوال الشاهد الثاني فيما اتفقا فيه أنه التفت عن هذه التفصيلات ، مما ينحسر عن الحكم دعوى القصور في التسبيب في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنون من تعييب إجراءات التحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين قد طلبوا إلى المحكمة تدارك هذا النقص ، فليس لهم من بعد أن ينعوا عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ، ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود . لما كان ذلك ، وكان التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي الأمرين قصدته المحكمة ، وكان مفاد ما أورده الحكم من قضائه ببراءة الطاعنين من جريمة إحراز أسلحة نارية استناداً إلى خلو الأوراق من معايـنة النيابة العامة لمكان الضبط لا يتعارض مع قضائه بإدانة الطاعنين عن جريمة دخول عقار في حيازة آخر بقصد منع حيازته بالقوة أخذاً بأقوال شهود الإثبات التي اطمأن إليها ، ومن ثم فإن قالة التناقض تنحسر عن الحكم المطعون فيه ، ويكون ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد غير سديد . لمَّا كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ