الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 21 أكتوبر 2021

الطعن 5826 لسنة 51 ق جلسة 24 / 9 / 2008 إدارية عليا مكتب فني 53 ج 2 ق 208 ص 1589

جلسة 24 من سبتمبر سنة 2008

السيد الأستاذ المستشار/ محمد منير السيد أحمد جويفل نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة.
والسادة الأساتذة المستشارون/ سامي أحمد محمد الصباغ ومحمد محمود فرج حسام الدين ومحمد البهنساوى محمد الرمام وحسن عبد الحميد البرعي وحسن سلامة أحمد محمود ود/ حمدي حسن محمد الحلفاوي نواب رئيس مجلس الدولة.

-------------

(الدائرة السادسة) 

(208)

الطعنان رقم 5826 لسنة 51 القضائية عليا

جامعات - جامعة الأزهر - دراسات عليا - مدى جواز تضمن لائحة كلية الطب بنين قواعد أكثر تيسيرًا من قواعد لائحة كلية الطب بنات.
المواد(8) و(18) و(40) من دستور 1971 - المادتان (112) و(222) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم (103) لسنة 1961 بشأن إعادة الأزهر والهيئات التي يشملها، الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم (250) لسنة 1975 - اللائحة الداخلية لكلية الطب بنين بجامعة الأزهر، الصادرة بقرار شيخ الأزهر رقم (914) لسنة 1990، المعدلة بقراره رقم (665) لسنة 1998 (الملغاة لاحقًا بقراره رقم 809 لسنة 2003).
أعطى المشرع شيح الأزهر الاختصاص بإصدار اللوائح الداخلية لكل كلية أو معهد تابع لجامعة الأزهر بناء على اقتراح من مجلس الكلية أو المعهد وموافقة مجلس الجامعة، وتتضمن تلك اللوائح تحددي نظام الدراسة بالكلية أو المعهد، ووضع القواعد الخاصة بالامتحانات - يجوز أن تختلف أحكام لائحة داخلية بكلية ما عن الأحكام التي تتضمنها أحكام لائحة كلية أخرى إذا كانت طبيعة وموضوعات الدراسة بهما مختلفتين - الكليات المتماثلة في نطاق الجامعة الواحدة تحكمها لوائح موحدة،، سواء تعلقت بالدراسات المنهجية أو الدراسات العليا، وتتماثل فيها المقررات والأقسام العلمية دون تمييز بين كلية وأخرى - كليات الطب بجامعة الأزهر بنين وبنات وحدة واحدة من حيث المناهج والأقسام العلمية المتماثلة - ترتيبًا على ذلك: لا يجوز إفراد أحكام خاصة تتعلق بتحديد نظام الدراسة والقواعد الخاصة بالامتحانات في قسم (الدكتوراه) باللائحة الداخلية لكلية الطب بنين بجامعة الأزهر تكون أكثر يسرًا وتيسيرًا من ذات القواعد في اللائحة الداخلية لكلية الطب بنات بذات الجامعة - أساس ذلك: عدم الإخلال بمبدأ المساواة المنصوص عليه دستوريًا - مؤدى هذا: يتعين تطبيق ذات القواعد الميسرة الخاصة بامتحان درجة (الدكتوراه) الوارد في لائحة كلية الطب بنين بعد تعديلها على طلبات قسم (الدكتوراه) بكلية بنات التي لم يتم تعديل لائحتها لتتضمن ذات القواعد - تطبيق.


الإجراءات

في يوم السبت الموافق 12/ 2/ 2005 أودع الأستاذ/ ....... المحامي المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلاً عن الطاعنة بموجب التوكيل العام الرسمي رقم.... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرًا بالطعن قيد بجدولها برقم 5526 لسنة 51ق. ع في الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري بالقاهرة (الدائرة العاشرة) في الدعوى رقم 10136 لسنة 58ق بجلسة 26/ 12/ 2004 الذي قضى برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعية المصروفات.
وطلبت الطاعنة في تقرير طعنها - ولما أوردته من أسباب - تحديد أقرب جلسة ممكنة أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا لتأمر بصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبإحالة الطعن إلى دائرة الموضوع بالمحكمة الإدارية العليا لتقضي فيه بقبوله شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جامعة الأزهر المصروفات.
وتم إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضدهما بصفتيهما على النحو المبين بالأوراق. وأعدت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلاً ورفضه موضوعًا وإلزام الطاعن المصروفات.
وتم تداول الطعن أمام الدائرة السادسة فحص طعون بالمحكمة الإدارية العليا بجلسات المرافعة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، حيث قدمت الطاعنة بجلسة 27/ 9/ 2006 حافظة مستندات طويت على المستند الوارد بيانه على غلافها، ثم قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى الدائرة السادسة موضوع بالمحكمة الإدارية العليا التي نظرته بجلسات المرافعة على النحو الثابت بمحاضر جلساتها، حيث قدمت الطاعنة حافظة مستندات بجلسة 4/ 4/ 2007 وطويت على مستند وحيد، ثم قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 21/ 5/ 2008 وصرحت بالاطلاع وتقديم مذكرات ومستندات إلى ما قبل تلك الجلسة بأربعة أسابيع، وخلال هذا الأجل قدمت جامعة الأزهر حافظة مستندات طويت على المستندات الوارد بيانها على غلافها. وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة قانونًا.
من حيث إن الطاعنة تطلب الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جامعة الأزهر المصروفات.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن الطاعنة كانت قد أقامت ضد المطعون ضدهما الدعوى رقم 10136 لسنة 58ق أمام دائرة القضاء الإداري بالقاهرة، طلب في ختام عريضتها الحكم بقبولها شكلاً وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر بتاريخ 7/ 9/ 2003 عن رئيس جامعة الأزهر بسحب قراره المؤرخ 11/ 8/ 2003 فيما تضمنه من وجوب تعديل نتيجة امتحانها في درجة الدكتوراه دور أبريل 2002 عن راسبة إلى ناجحة، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وتعويضها التعويض المناسب عن الأضرار التي لحقت فيها من وراء هذا القرار، سواء كانت أضرارًا مادية أو معنوية وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وذالك على سند من القول أنها قد أدت امتحان درجة الدكتوراه دور أبريل عام 2002 بكلية الطب - بنات - جامعة الأزهر، وحصلت من الممتحن الأول على 60 درجة والثاني على 61 درجة والثالث على 61 درجة والرابع على 20 درجة والخامس على 30 درجة والسادس على 65 درجة، وبذلك يكون المجموع 297 درجة أي بنسبة 49.5%، وبالتالي تكون راسبة، إلا أنه إذا ما طبقت عليها المادة 59 من قرار فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر رقم 665 لسنة 1998 فإنه يتعين استبعاد درجة الممتحنين الرابع والخامس واحتساب متوسط الدرجة على الممتحنين الأربعة الباقية، فإنها تحصل على 61.75%، وتكون بذلك ناجحة بدلاً من رسوبها، إلا أنه تم الرد عليها بأن المادة 59 سالفة الذكر تتعلق باللائحة الداخلية لكلية الطب بنين وليس لكلية الطب بنات، وبالتالي لا يحق لها ذلك، رغم أنه تم بحث موضوعهًا من جانب المستشار القانوني لرئيس جامعة الأزهر الذي انتهى في رأيه القانوني إلى أحقيتها في ذلك، واعتمد هذا الرأي من السلطة المختصة بجامعة الأزهر بتاريخ 11/ 8/ 2003، إلا أن الجامعة عادت وسحبت هذا القرار وسحبت قرار تعديل نتيجتها من راسبة إلى ناجحة وذلك بالقرار المطعون فيه المؤرخ 7/ 9/ 2003.
ونعت المدعية على القرار المطعون فيه مخالفته للدستور والقانون الأمر الذي حداها على التظلم منه فور علمها به في 9/ 12/ 2003 واللجوء إلى لجنة فض المنازعات بالطلب رقم 4966 لسنة 2003 التي أوصت بأحقيتها في ذلك، إلا أن الجامعة لم تستجب لطلبها، الأمر الذي حداها على إقامة هذه الدعوى للحكم لها بطلباتها سالفة البيان.
وبجلسة 26/ 12/ 2004 أصدرت محكمة أول درجة حكمها (المطعون فيه) الذي قضى برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه على أساس أن لكل من كلية الطب بنات جامعة الأزهر وكلية الطب بنين بذات الجامعة لائحة داخلية خاصة بها، وأن المادة التي تطلب المدعية تطبيق حكمها على حالتها إنما وردت باللائحة الداخلية لكلية الطب بنين بجامعة الأزهر الصادرة بقرار فضيلة شيخ الأزهر رقم 665 لسنة 1998، وبالتالي لا يجوز استعارة هذه المادة وتطبيقها على طالبات كلية طب بنات جامعة الأزهر، الأمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه قد صدر سليمًا غير مرجح الإلغاء، الأمر الذي ينتفي معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ هذا القرار وبالتالي يتعين الحكم برفض هذا الطلب.
ونظرًا لأن هذا القضاء لم يلق قبولاً من الطالبة المذكورة فقد طعنت عليه بالطعن الماثل ناعية عليه مخالفة القرار المطعون فيه ومن بعده الحكم المطعون فيه للقانون؛ وذلك لإخلالهما بمبدأ المساواة المنصوص عليه دستوريًا، إذ إن أفراد لائحة خاصة بطلبة كلية الطب بنين بجامعة الأزهر تتضمن أحكامًا ميسرة بالنسبة لطلبة درجة الدكتوراه من البنين، دون أن يوجد مثيل لهذه الأحكام الميسرة في لائحة كلية الطب بنات - قسم الدكتوراه فيه إخلال بمبدأ المساواة بين البنين والبنات دون استناد إلى ما يبرره، خصوصًا وأن جامعة الأزهر نفسها قد طبقت لائحة كلية الطب بنين بجامعة الأزهر (قسم الدكتوراه) على طالبات قسم الدكتوراه بقسم طب الأطفال، وبالتالي فلا يوجد مبرر قانوني لهذه التفرقة، الأمر الذي يجعل تلك التفرقة تحكمية لا أساس لها من القانون. واختتمت الطاعنة تقرير طعنها بطلباتها سالفة البيان.
وحيث إن حقيقة طلبات الطاعنة - وفقًا للتكييف القانوني الصحيح لها - هو طلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بامتناع جامعة الأزهر عن إعادة تشكيل لجنة لامتحانها في المواد سالفة الذكر المؤهلة لنيل درجة الدكتوراه في الأشعة التشخيصية على نحو ما قضت به المادة 59 من اللائحة الداخلية لطلبة كلية طب الأزهر بنين مع ما يترتب على ذلك من آثار. وإلزام الجامعة المطعون ضدها المصروفات.
ومن حيث إن طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه - وفقًا لما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا في ضوء المادة 49 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 - يشترط للاستجابة له توافر ركنين مجتمعين: أحدهما - ركن الجدية بأن يكون القرار المطعون فيه بحسب الظاهر من الأوراق معيبًا بعدم المشروعية مما يرجح إلغاءه عند نظر الموضوع. وثانيهما - ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذه أو الاستمرار في تنفيذه نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضى بإلغائه أو التعويض عنه.
ومن حيث إنه عن ركن الجدية فإن المادة (8) من دستور جمهورية مصر العربية الصادر بتاريخ 11 من سبتمبر 1971 تنص على أن: "تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين".
وتنص المادة 18 من الدستور على أن: "التعليم حق تكفله الدولة....".
وتنص المادة 40 من هذا الدستور على أن: "المواطنون لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقدة".
ومن حيث إن المادة 112 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها، الصادر بقرار رئيس الجمهورية رقم 250 لسنة 1975 تنص على أن: "تصدر لكل كلية أو معهد لائحة داخلية بقرار من شيخ الأزهر بناء على اقتراح مجلس الكلية أو المعهد وموافقة مجلس الجامعة...... وتتضمن هذه اللائحة الموضوعًات الآتية:.... (جـ) تحديد نظام الدراسة بالكلية أو المعد.......... (و) وضع القواعد الخاصة بالامتحانات في الكلية أو المعهد".
وتنص المادة 222 منها على أنه: "مع مراعاة أحكام هذه اللائحة واللوائح الداخلية للكليات أو المعاهد تمنح الجامعة بناء على اقتراح الكليات والمعاهد المختصة دبلومات الدراسات العليا ودرجات التخصص (الماجستير) والعالمية (الدكتوراه) المقررة وفقًا لما يأتي: أولاً - .....ثانيًا - ( أ )...... (ب) درجة العالمية (الدكتوراه) وتقوم أساسًا على البحث المبتكر....... وتحدد اللوائح الداخلية للكليات والمعاهد فروع التخصص وأقسام الدراسة لدرجات التخصص والعالمية التي تمنحها.....".
ومن حيث إنه إذا كان المشرع قد أعطى لشيخ الأزهر الاختصاص بإصدار اللوائح الداخلية لكل كلية أو معهد تابع لجامعة الأزهر بناء على اقتراح مجلس الكلية أو المعهد وموافقة مجلس جامعة الأزهر، وأن تتضمن تلك اللوائح تحديد نظام الدراسة بالكلية أو المعهد ووضع القواعد الخاصة بالامتحانات في تلك الكلية أو المعهد. وإنه إذا كان من المألوف أن تختلف أحكام لائحة داخلية خاصة بكلية ما أو معهد معين عن الأحكام التي تتضمنها لائحة داخلية كلية أخرى أو معهد آخر إذا كانت طبيعة وموضوعًات الدراسة بهما تختلف كل واحدة عن الأخرى، إلا أنه ليس من المتصور إفراد أحكام خاصة تتعلق بتحديد نظام الدراسة والقواعد الخاصة بالامتحانات بقسم الدكتوراه باللائحة الداخلية لكلية الطب جامعة الأزهر بنين أكثر يسرًا وتيسيرًا على طلبة هذا القسم، وتختلف عن تلك القواعد الواردة باللائحة الداخلية لقسم الدكتوراه بكلية طب بنات جامعة الأزهر بنات، خصوصًا وأن كليات الطب بجامعة الأزهر بنين وبنات وهي وحدة واحدة من حيث المناهج والأقسام العلمية والمتماثلة واللوائح التي كانت تحكمها، سواء كنت تتعلق بطب بنين أو بنات، خاصة وأن الكليات المتماثلة في نطاق الجامعة الواحدة إنما تحكمها لوائح موحدة، سواء تعلقت بالدراسات المنهجية أو الدراسات العليا، فضلاً عن تماثل المقررات والأقسام العلمية دون تمييز بين كلية وأخرى، خصوصًا إذا كانتا متناظرتين وتابعتين لجامعة واحدة هي جامعة الأزهر، الأمر الذي يغدو معه إفراد أحكام لطلبة قسم الدكتوراه بكلية الطب بنين بجامعة الأزهر أكثر يسرًا وسهولة لطلبة هذا القسم مقارنة بالأحكام التي تتضمنها اللائحة الداخلية لقسم الدكتوراه بكلية الطب بنات، لا لشيء إلا لأن هؤلاء ذكور وأولاء إناث مخالفًا لمبادئ المساواة وتكافؤ الفرص بين الطلبة والطالبات، الأمر الذي يجب معه على جامعة الأزهر أن تطبق تلك الأحكام الواردة باللائحة الداخلية (قسم الدكتوراه) بكلية الطب بنين على الطالبات المماثلات لهم بقسم الدكتوراه بكلية الطب بنات جامعة الأزهر، ويغدو امتناع الجامعة عن ذلك مخالفًا للقانون.
ومن حيث إن البين من ظاهر الأوراق أن فضيلة شيخ الأزهر قد أصدر قراره رقم 665 لسنة 1998 بتعديل المواد 10، 38، 54، 55، 58، 59 من اللائحة الداخلية لكليات الطب للبنين جامعة الأزهر الصادرة بقرار فضيلته رقم 914 لسنة 1990، وأصبحت المادة 59 من هذه اللائحة تنص بعد تعديلها على أن: "يشترط لنجاح الطالب في امتحان العالمية (الدكتوراه) أن يحصل على 60% في كل بند من الاختبارات المقررة، وذلك بأخذ المتوسط بتقديرات لجنة الامتحان. وفي حالة تباين الدرجات في اللجنة أو في الدرجة الواحدة عن الدرجة التي تليها بأكثر من 20% يقوم رئيس القسم بإعادة التصحيح بلجنة أخرى ممن يليهم في الأقدمية ويؤخذ متوسط الدرجات".
بينما ظلت اللائحة الداخلية لكلية الطب بنات جامعة الأزهر الصادرة بقرار فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر رقم 914 لسنة 1990 على حالتها دون أن يشملها بالتعديل على نحو ما فعله بالنسبة للمادة 59 من اللائحة الداخلية لكلية الطب بنين جامعة الأزهر بقراره رقم 665 لسنة 1998 الذي تقضي بأنه "في حالة تباين الدرجات في اللجنة أو في الدرجة الواحدة عن الدرجة التي تليها بأكثر من 20% يقوم رئيس القسم بإعادة التصحيح بلجنة أخرى ممن يليهم في الأقدمية ويؤخذ متوسط الدرجات". وظلت المادة 45 من اللائحة الداخلية لكلية طب بنات الأزهر تنص على أن: "على الطالبة أن تقدم نتائج بحوثها رسالة تقبلها لجنة الحكيم بعد مناقشتها فيها. وعلى الطالبة اجتياز الامتحانات التالية بعد قبول الرسالة وإجازتها: 1 - اختباران تحريريان مدة كل منهما ثلاث ساعات 2 - اختبار عملي 3 - اختبار شفهي. ويشترط لنجاح الطالبة في امتحان العالمية (الدكتوراه) أن تحصل على 60% في كل بند من الاختبارات المقررة، وذلك بأخذ المتوسط لتقديرات أعضاء لجنة الامتحان. وبالنسبة للاختبارين التحريرين يشترط حصول الطالبة على 40% على الأقل في كل اختبار تحريري على حدة، على ألا يقل مجموع درجات الاختبارين التحريريين معًا عن 60%".
وذلك يبين أن الأحكام التي أوردتها اللائحة الداخلية لطلبة كلية الطب بنين جامعة الأزهر بالنسبة لقسم الدكتوراه أفضل وأكثر تميزًا عن الأحكام الواردة باللائحة الداخلية لكلية الطب بنات بذات الجامعة، مما يشكل إخلالاً بمبدأ المساواة الذي يجب أن تؤكده وتحترمه جامعة الأزهر سواء بالنسبة للبنين أو البنات، وذلك بأن تطبق التعديل الذي أدخله فضيلة شيخ الأزهر على اللائحة الداخلية لكلية الطب بنين الأزهر الصادرة بقراره رقم 914 لسنة 1990 وذلك بموجب قراره رقم 665 لسنة 1998 على طالبات قسم الدكتوراه بكلية الطب بنات جامعة الأزهر، الذي يقضي بأنه في حالة تباين الدرجات في اللجنة أو في الدرجة الواحدة عن الدرجة التي تليها بأكثر من 20% يقوم رئيس القسم بإعادة التصحيح بلجنة أخرى ممن يليهم في الأقدمية ويؤخذ متوسط الدرجات، ويضحى قرار جامعة الأزهر بعدم تطبيق هذا التعديل على طالبات قسم الدكتوراه كلية طب بنات الأزهر - بحسب الظاهر من الأوراق - مخالفًا للقانون.
ومن حيث إن البين من ظاهر الأوراق أن الطالبة الطاعنة تقدمت لأداء امتحان درجة الدكتوراه دور أبريل سنة 2002 بقسم الأشعة التشخيصية بكلية طب بنات الأزهر تحت رقم جلوس 37، حيث حصلت الطاعنة من الممتحن الأول على 60 درجة، والثاني على 61 درجة، والثالث على 61 درجة، والرابع على 20 درجة والخامس على 30 درجة، والسادس على 65 درجة، فيكون مجموعها الكلي 297 درجة بنسبة 49.5%، وبذلك تكون راسبة. ولما كان البين من ذلك أن الفرق بين الدرجة التي منحها الممتحن الثالث والممتحن الرابع تزيد على 20%، كما أن الفرق بين الدرجة التي منحها لها الممتحن الخامس والممتحن السادس أكبر كذلك من نسبة 20%، ولذلك كان يتعين على جامعة الأزهر أن تعمل بشأن الطاعنة حكم المادة 59 من اللائحة الداخلية لكلية الطب قسم الدكتوراه بنين بجامعة الأزهر الصادر بقرار فضيلة شيخ الأزهر رقم 914 لسنة1990 معدلة بقرار فضيلة شيخ الأزهر رقم 665 لسنة 1998، وذلك بأن تقوم الأستاذة الدكتورة رئيسة قسم الأشعة التشخيصية بكلية الطب بنات بإعادة تصحيح إجابات الطاعنة بلجنة أخرى تشكل من أساتذة قسم الأشعة التشخيصية التالين في الأقدمية للأستاذة الدكاترة الذين أجروا الامتحانات السابقة مع الطاعنة ثم يؤخذ متوسط الدرجات. وإذ امتنعت جامعة الأزهر عن إعمال وتطبيق حكم المادة 59 سالفة الذكر على حالة الطاعنة فإن قرارها هذا يكون قد جاء - بحسب الظاهر من الأوراق - غير قائم على سند من القانون مرجح الإلغاء عند الفصل في طلب إلغائه، الأمر الذي يتوافر به ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ هذا القرار، فضلاً عن توافر ركن الاستعجال لما يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه واستمرار تنفيذه من أضرار تمس المستقبل العلمي والعملي للطاعنة لا يمكن تداركها فيما لو قضى بإلغاء هذا القرار، الأمر الذي يتعين معه الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبما يؤكد سلامة ما تقدم أن فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر قد أدرك التباين بين أحكام لائحة كلية الطب جامعة الأزهر قسم الدكتوراه بنين وأحكام لائحة كلية الطب بنات قسم الدكتوراه جامعة الأزهر، وذلك بأن أصدر قراره رقم 809 لسنة 2003 بتاريخ 29/ 7/ 2003 باللائحة الموحدة لكليات الطب جامعة الأزهر بنين وبنات، حيث أزال التعارض الذي كان قائمًا بين اللائحتين قبل صدور اللائحة الموحدة.
وليس صحيحًا ما تذرع به الحكم المطعون فيه من عدم جواز استعارة المادة 59 من اللائحة الداخلية لكلية الطب بنين جامعة الأزهر بعد تعديلها بقرار فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر رقم 665 لسنة 1998 وتطبيقها على حالة الطاعنة بحسبانها طالبة بقسم الدكتوراه بكلية الطب بنات بذات الجامعة؛ وإذ يبين من الأوراق - مذكرة المستشار القانوني لجامعة الأزهر - أن اللائحة الداخلية لكلية الطب بنين (قسم الدكتوراه) بجامعة الأزهر تطبق على طالبات الدراسات العليا بقسم طب الأطفال بكلية الطب بنات جامعة الأزهر، وانتهى في مذكرته إلى أنه لا يوجد مبرر قانوني للتمييز بين الأقسام العلمية في نطاق الكلية الواحدة من خلال تطبيق اللائحة على بعض الأقسام دون البعض الآخر، الأمر الذي يخل بمبدأ المساواة بين ذوي المراكز القانونية المتماثلة، مما يتعين معه تطبيق نص المادة 59 الواردة بلائحة كلية طب بنين جامعة الأزهر على حالة الطاعنة بإعادة تشكيل لجنة لإعادة امتحان الطاعنة في المواد سالفة البيان على نحو ما أشير إليه تفصيلاً.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد قضى بغير ما تقدم فإنه يكون قد صدر مخالفًا للقانون خليقًا بالإلغاء، والقضاء مجددًا بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب.
ومن حيث إن جامعة الأزهر تكون بذلك قد خسرت الطعن فمن ثم حق إلزامها المصروفات عملاً بحكم المادة 184 مرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار على نحو ما هو مبين بالأسباب، وألزمت جامعة الأزهر المصروفات.


الطعن 2070 لسنة 52 ق جلسة 1 / 3 / 1983 مكتب فني 34 ق 57 ص 294

جلسة 1 من مارس سنة 1983

المؤلفة برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد العزيز الجندي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد حمدي، أحمد محمود عبد المنعم البنا ومحمد الصوفي عبد الجواد.

----------------

(57)
الطعن رقم 2070 لسنة 52 القضائية

 (1)استئناف "ميعاده" "نظره والحكم فيه". قوة الأمر المقضي. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التقرير بالاستئناف بعد الميعاد والقضاء بقبوله شكلاً. عدم الطعن عليه بالنقض. يحصن الحكم.
(2) ضرب بسيط. عاهة مستديمة. جريمة. ارتباط "الجرائم المرتبطة". عقوبة "تطبيقها".
مقتضى تطبيق المادة 32 عقوبات في حالة الجرائم المرتبطة أن يحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم. توقيع عقوبة الجريمة الأخف على المتهم لا يمنع من محاكمته عن الجريمة الأشد. علة ذلك.
 (3)محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير. موضوعي.
(4) إثبات "شهود" "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال شاهد. مفاده إطراح جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.

--------------
1 - لما كان ما يثيره الطاعن - من أن استئناف النيابة للدعوى الجنائية للحكم الصادر من محكمة الجنح قد تقرر به بعد الميعاد وأن محكمة الجنح المستأنفة أخطأت بقبوله شكلاً - في غير محله ما دام أن الطاعن لم يطعن في ذلك الحكم الاستئنافي بطريق النقض لما يدعيه من خطأ قانوني, وإذ فوت على نفسه الطعن بهذا الطريق فإن القضاء بقبول الاستئناف شكلاً يجب احترامه لأنه قد حاز نهائياً قوة الشيء المقضي به، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض دفاع الطاعن في هذا الخصوص فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
2 - مقتضى تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات في حالة الجرائم المرتبطة أن يحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم، فإذا كان الطاعن قد عوقب من محكمة الجنح عن الجريمة الأخرى وهي الضرب البسيط فإن ذلك لا يمنع من محاكمته عن جناية إحداث عاهة مستديمة المرتبطة بها، لأن العقوبة التي قضي بها عن الجنحة ليست هي التي يقررها القانون للجريمتين المرتبطتين وهي عقوبة جناية العاهة بوصفها أشد العقوبتين، ولذلك تكون محاكمة الطاعن عن جناية إحداث العاهة هي الوسيلة إلى التطبيق الصحيح للقانون, ويضحى ما يثيره الطاعن من مخالفة ذلك لقواعد الارتباط غير سديد.
3 - متى كان الحكم قد أثبت أن الطاعن اعتدى على المجني عليه بالضرب بعصا على عينه اليمنى وأحدث بها إصابة أدت إلى استئصالها أخذاً بما جاء بتقرير قسم الرمد بالمستشفى الجامعي وباقي التقارير الطبية التي أشار إليها الحكم والتي اطمأن إليها في حدود سلطته التقديرية وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة إليها وما دامت قد اطمأنت إلى ما جاء بها فلا يجوز مجادلتها في ذلك ولا محل لما يدعيه الطاعن من ضرورة توقيع الكشف الطبي على المجني عليه بمعرفة الطبيب الشرعي ذلك أن التقارير الطبية التي عول عليها الحكم - صادرة هي الأخرى من أهل الخبرة المختصين فنياً بإبداء الرأي فيما تصدت له وأثبتته وليس ثمة ما يوجب أن يكون توقيع الكشف الطبي وإثبات إصابات المصابين بموجب تقارير من الطبيب الشرعي دون غيره من الأطباء المتخصصين، هذا فضلاً عن أن الدفاع عن الطاعن لم يطلب من المحكمة ندب الطبيب الشرعي لإبداء الرأي في الإصابة. مما يضحى معه ما يثيره في هذا الخصوص غير سديد.
4 - وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: ضرب.... بعصا على عينه اليمنى فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي والتي نشأ عنها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي استئصال تلك العين حسب ورودها في التقرير الطبي.
وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالقيد والوصف الواردين بتقرير الاتهام؛ فقرر ذلك.
ومحكمة جنايات...... قضت حضورياً عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحداث عاهة مستديمة قد شابه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع والقصور في التسبيب، ذلك أنه أثار أمام المحكمة دفاعاً مؤداه - أنه سبق أن حوكم عن هذه الواقعة أمام محكمة جنح..... وعاقبته عنها وعن وقائع أخرى مرتبطة بالحبس شهراً مع الشغل، وأن استئناف النيابة العامة لذلك الحكم قد تقرر به بعد الميعاد فلم تفطن المحكمة الاستئنافية لذلك، وحكمت بقبول استئناف النيابة وإلغاء الحكم المستأنف بالنسبة لواقعة إصابة المجني عليه..... وعدم اختصاص المحكمة بنظرها وأيدت الحكم بالحبس شهراً مع الشغل عن باقي الوقائع - ورفضت المحكمة هذا الدفاع بحجة أنه لا سبيل إلى بحثه بعد أن فوت الطاعن على نفسه الطعن على ذلك الحكم بطريق النقض مع أنه لم يكن بحاجة للطعن بهذا الطريق طالما أن الأمر سيكون مآله إلى محكمة الجنايات، كما وقع الحكم في خطأ آخر ذلك أن الواقعة محل الاتهام مرتبطة بالوقائع التي سبق أن عوقب عنها الطاعن من محكمة الجنح بحكم نهائي تحول حجيته دون معاقبته مرة أخرى لما في ذلك من إخلال بقاعدة أن الجرائم المرتبطة يحكم فيها بعقوبة واحدة، هذا إلى أن المجني عليه لم يعرض على الطبيب الشرعي ولا تسعف الأوراق الطبية التي عول عليها الحكم في إسناد العاهة لأي واقعة من واقعات الاعتداء التي حدثت من الطاعن ومن المتهم الآخر، كما أن الحكم المطعون فيه أدان الطاعن رغم أنه لم يقع منه أي اعتداء، كل ذلك يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحداث عاهة مستديمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان ما يثيره الطاعن - من أن استئناف النيابة للدعوى الجنائية للحكم الصادر من محكمة الجنح قد تقرر به بعد الميعاد وأن محكمة الجنح المستأنفة أخطأت بقبوله شكلاً - في غير محله ما دام أن الطاعن لم يطعن في ذلك الحكم الاستئنافي بطريق النقض لما يدعيه من خطأ قانوني, وإذ فوت على نفسه الطعن بهذا الطريق فإن القضاء بقبول الاستئناف شكلاً يجب احترامه لأنه قد حاز نهائياً قوة الشيء المقضي به، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض دفاع الطاعن في هذا الخصوص فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون. لما كان ذلك وكان مقتضى تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات في حالة الجرائم المرتبطة أن يحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم، فإذا كان الطاعن قد عوقب من محكمة الجنح عن الجريمة الأخرى وهي الضرب البسيط فإن ذلك لا يمنع من محاكمته عن جناية إحداث عاهة مستديمة المرتبطة بها، لأن العقوبة التي قضي بها عن الجنحة ليست هي التي يقررها القانون للجريمتين المرتبطتين وهي عقوبة جناية العاهة بوصفها أشد العقوبتين، ولذلك تكون محاكمة الطاعن عن جناية إحداث العاهة هي الوسيلة إلى التطبيق الصحيح للقانون, ويضحى ما يثيره الطاعن من مخالفة ذلك لقواعد الارتباط غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم قد أثبت أن الطاعن اعتدى على المجني عليه بالضرب بعصا على عينه اليمنى وأحدث بها إصابة أدت إلى استئصالها أخذاً بما جاء بتقرير قسم الرمد بالمستشفى الجامعي وباقي التقارير الطبية التي أشار إليها الحكم والتي اطمأن إليها في حدود سلطته التقديرية وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة إليها وما دامت قد اطمأنت إلى ما جاء بها فلا يجوز مجادلتها في ذلك ولا محل لما يدعيه الطاعن من ضرورة توقيع الكشف الطبي على المجني عليه بمعرفة الطبيب الشرعي ذلك أن التقارير الطبية التي عول عليها الحكم - صادرة هي الأخرى من أهل الخبرة المختصين فنياً بإبداء الرأي فيما تصدت له وأثبتته وليس ثمة ما يوجب أن يكون توقيع الكشف الطبي وإثبات إصابات المصابين بموجب تقارير من الطبيب الشرعي دون غيره من الأطباء المتخصصين، هذا فضلاً عن أن الدفاع عن الطاعن لم يطلب من المحكمة ندب الطبيب الشرعي لإبداء الرأي في الإصابة. مما يضحى معه ما يثيره في هذا الخصوص غير سديد. لما كان ذلك، وكان وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب، ومتى أخذت بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد إطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان الحكم قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال المجني عليه واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهد بها، وكان ما أورده سائغاً في العقل ومقبولاً في بيان كيفية حدوث الإصابة، ولا تثريب على المحكمة فيما اقتنعت به من إمكان حصولها على الصورة التي قررها المجني عليه والتي تأيدت بالتقارير الطبية، فإن ما يثيره الطاعن من أن الحكم أدانه دون أن يقع منه أي اعتداء ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.

الطعن 9277 لسنة 66 ق جلسة 2 / 6 / 2009

برئاسة السيد المستشار/عبد العال السمان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / جرجس عدلى ، مصطفى مرزوق صلاح الجبالى وسالم سرور نواب رئيس المحكمة .

وبحضور رئيس النيابة السيد / أحمد محمود موافى .

وأمين السر السيد / أحمد مصطفى النقيب .

-------------

" المحكمة "

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر / جرجس عدلى نائب رئيس المحكمة والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى 1633 سنة 1991 مدنى محكمة بنى سويف الابتدائية على الطاعن بصفته بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدى إليه مبلغ خمسين ألف جنيه تعويضاً عما لحقه من أضرار مادية وأدبية نتيجة إصابته في حادث سيارة مملوكة له وأدين تابعه قائدها بحكم بات ، وجه الطاعن للمطعون ضده الثانى دعوى فرعية للحكم له بما عسى أن يحكم به عليه ، حكمت المحكمة في الدعوى الأصلية بالتعويض الذى قدرته وبرفض
دعوى الضمان الفرعية استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف 811 سنة 37ق بنى سويف ، كما استأنفه الطاعن بالاستئناف 841 سنة 33ق وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين قضت بالتأييد طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم المطعون فيه عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والتناقض وفى بيان ذلك يقول إن مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه هي مسئولية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور وتقوم على فكرة الضمان القانوني فالمتبوع في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون ، ومن ثم فإنه يحق للمتبوع الرجوع على تابعه محدث الضرر بما وفاه من تعويض للمضرور عملاً بنص المادة 175 من القانون المدنى وإذ كانت إصابة المطعون ضده الأول وليدة خطأ المطعون ضده الثاني على النحو الثابت في الحكم الجنائى الذى أدانه عن الواقعة التى تسببت في إحداث الضرر والذى استند إليه الحكم في إلزام الطاعن بالتعويض في الدعوى الأصلية وإلى كونه حارساً على السيارة مرتكبة الحادث فإنه من حقه الرجوع بدعوى الضمان على المطعون ضده الثانى بما حكم به عليه لصالح المضرور وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر تأسيساً على أن الطاعن حارس على السيارة ولا يجوز له الرجوع على تابعه فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى سديد ذلك أن مسئولية مالك السيارة التي أحدثت الضرر هي مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه قائد السيارة ومؤداها أن يكون مالك السيارة كفيلاً متضامنا لقائد السيارة في أداء التعويض الذى يحكم به عليه ولا يجوز أن يسوى في الحكم بين الكفيل المتضامن والمدين المتضامن لأن تضامن الكفيل مع المدين لا يجعله مديناً أصليا بل يبقى التزامه تبعياً للمدين الأصلى ، وأن مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة هى مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور وهي تقوم على فكرة الضمان القانوني فالمتبوع يعتبر في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون وليس العقد ومن ثم فإن للمتبوع الحق في أن يرجع على تابعه محدث الضرر بما يفى به من التعويض للمضرور ، كما يرجع الكفيل المتضامن على المدين الذي كفله لأنه مسئول عنه وليس مسئولاً معه وهذه القاعدة هى التى قننها المشرع في المادة 175 من القانون المدني التي تقضى بأن للمسئول عن عمل الغير حق الرجوع عليه في الحدود التى يكون فيها هذا الغير مسئولاً عن تعويض الضرر ولم يقصد المشرع بتلك المادة أن يستحدث للمتبوع دعوى شخصية جديدة يرجع بها على تابعه . لما كان ذلك ، وكان الثابت من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه فيما قضى به من إلزام الطاعن بتعويض المضرور عن إصابته أنه أسس قضاءه بالتعويض التزاما بحجية الحكم الجنائى الذى أدان المطعون ضده الثاني تابعه فيما نسب إليه من تسببه خطأ في إصابة المطعون ضده الأول وإلى أن الطاعن يعتبر مسئولاً باعتباره حارساً على السيارة مرتكبة الحادث . لما كان ذلك ، وكان ما صدر من المطعون ضده الثانى من خطأ وفق مسئوليته عن الضرر الموجب للتعويض المقضي به لا يعدو أن يكون خطأ شخصياً يسأل عنه التابع وبالتالى يحق للمتبوع الكفيل المتضامن معه حتى ولو كان حارساً للسيارة الرجوع عليه بما يوفيه عنه من تعويض للمضرور عملاً بنص المادة 175 من القانون المدني وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ورفض دعوى الضمان الفرعية تأسيساً على أن الطاعن باعتباره حارساً على السيارة مرتكبة الحادث فلا يجوز له الرجوع على تابعه بالتعويض المقضي به فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه .
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه ولما تقدم وكان الثابت أن المطعون ضده الثانى مسئول عن رد ما يوفيه الطاعن عنه ومن ثم يتعين إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى الفرعية والقضاء بإلزام المستأنف ضده الثانى بأن يؤدى للمستأنف ما قضى به من تعويض في الدعوى الأصلية .
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وألزمت المطعون ضده الثانى بالمصروفات ومائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة وحكمت في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى الفرعية والقضاء بإلزام المستأنف ضده الثانى بأن يؤدى للمستأنف ما قضى به من تعويض في الدعوى الأصلية وبالمصروفات عن درجتى التقاضى عن الدعوى الفرعية ومائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
أمين السر نائب رئيس المحكمة
الهيئة المبينة بصدر هذا الحكم هى التى سمعت المرافعة ووقعت على المسودة أما الهيئة التى نطقت به فهى مشكلة برئاسة السيد المستشار / جرجس عدلى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / مصطفى مرزوق ، صلاح الجبالى وسالم سرور و عادل خلف نواب رئيس المحكمة

الطعن 214 لسنة 60 ق جلسة 21 / 2 /1991 مكتب فني 42 ق 55 ص 397

جلسة 21 من فبراير سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم البنا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ الدكتور علي فاضل حسن وعبد الوهاب الخياط وعبد اللطيف أبو النيل نواب رئيس المحكمة وأحمد جمال عبد اللطيف.

------------------

(55)
الطعن رقم 214 لسنة 60 القضائية

(1) إثبات "خبرة". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
عدم إيراد الحكم نص تقرير الخبير بكامل أجزائه. لا يعيبه.
(2) إثبات "بوجه عام". جريمة "أركانها". رابطة السببية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". ضرب "أحدث عاهة".
رابطة السببية. استقلال قاضي الموضوع بتقدير توافرها. المجادلة في ذلك أمام النقض غير جائزة.
مثال لتسبيب سائغ للتدليل على توافر رابطة السببية في جريمة ضرب أحدث عاهة.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تطابق أقوال الشهود على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها. غير لازم. كفاية أن يكون من شأنها أن تؤدي إليها باستنتاج سائغ تجريه المحكمة.
(4) إثبات "بوجه عام".
مبدأ تساند الأدلة في المواد الجنائية. مؤداه؟
(5) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير الأدلة ووزن أقوال الشهود. موضوعي.
لمحكمة الموضوع الإعراض عن قالة شهود النفي. ما دامت لا تثق بما شهدوا به.
الجدل في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(6) ارتباط. جريمة "عقوبة الجرائم المرتبطة". دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها". حكم "حجيته". قوة الأمر المقضي. ضرب "أحدث عاهة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تطبيق المادة 32 عقوبات. مقتضاه الحكم بالعقوبة المقررة لأشد الجرائم المرتبطة. سبق معاقبة الطاعن عن الجنحة المرتبطة بجناية إحداث العاهة المستديمة. لا يمنع محاكمته عن تلك الجناية. علة ذلك؟

---------------
1 - من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه.
2 - لما كان إثبات علاقة السببية في المواد الجنائية، مسألة موضوعية ينفرد بتقديرها قاضي الموضوع، فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض، ما دام الحكم قد أقام قضاءه على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت استناداً إلى ما أورده من أدلة أن الطاعن ألقى بزجاجة بها حامض كبريتيك على المجني عليه فأحدث به الإصابات الموصوفة بأوراق علاجه وبالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف عنها فقد إبصار العين اليمنى وانقلاب جفنها السفلي للخارج، وأورد الحكم مؤدى أوراق العلاج والتقرير الطبي الشرعي في قوله "وقد أورى التقرير الطبي وأوراق علاج المجني عليه بالمستشفى أن المجني عليه أصيب بحروق من الدرجة الأولى والثانية في الوجه واليد اليمنى والصدر، كما أشار التقرير الطبي الشرعي إلى أن المجني عليه أصيب من جراء الحادث بجرح رضي بأعلى يمين مقدم الجبهة يحدث من مثل القذف بزجاجة، كما وجدت به عدة إصابات نتيجة ملامسة الجلد لمادة كاوية تبين من التحليل أنها حامض كبريتيك مركز وتعدد وصف تلك الإصابات تفصيلاً بالتقرير وتخلف لدى المجني عليه من جرائها عاهة مستديمة تتمثل في فقد إبصار العين اليمنى وانقلاب الجفن السفلي للخارج مما يؤدي إلى فقد القدرة على غلق العينين تماماً بالإضافة إلى إعاقة بنهاية حركة بسط العنق وحركته الجانبية نحو اليمين وتيبس المرفق الأيمن ومن شأنه ذلك تقليل كفاءته عن العمل بنحو ستين في المائة" فإن ما أورده الحكم - على السياق المتقدم - يوفر في حق الطاعن ارتكابه فعلاً عمدياً ارتبط بتخلف العاهة ارتباط السبب بالمسبب ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنحى يكون غير سديد.
3 - الأصل أنه لا يشترط أن تتطابق أقوال الشهود على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون من شأنها أن تؤدي إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله كل منهم بالقدر الذي رواه مع ما رواه الآخرون.
4 - لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده منها الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه.
5 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أورد أقوال شاهدة النفي ثم أفصح عن عدم اطمئنانه إليها، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بما ترتاح إليه من الأدلة، كما أن لها أن تزن أقوال الشهود وأن تنزلها المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب وأن تعرض عن قاله شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا يجوز الخوض بشأنه لدى محكمة النقض.
6 - لما كن مقتضى تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات في حالة الجرائم المرتبطة أن يحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم، ومن ثم فإن سبق معاقبة الطاعن عن الجنحة المرتبطة بجناية إحداث العاهة المستديمة لا يمنع من محاكمته عن هذه الجناية، لأن العقوبة التي قضى عليه بها عن الجنحة ليست هي التي يقررها القانون للجريمتين المرتبطتين، وهي عقوبة جناية العاهة بوصفها أشد العقوبتين، ولذلك تكون محاكمة الطاعن عن جناية إحداث العاهة هي الوسيلة إلى التطبيق الصحيح للقانون. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في رده على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب..... عمداً بأن قذفه بزجاجة بها مادة كاوية (حامض كبريتيك مركز) فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد ما تتمتع به العين اليمنى من إبصار وانقلاب الجفن السفلي للخارج مما يقلل من كفاءته وقدرته على العمل بنحو 60%. وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ 20000 جنيه على سبيل التعويض. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 240/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبته بالسجن لمدة ثلاث سنوات وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ 20000 جنيه تعويضاً نهائياً.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه، أنه إذ دانه بجريمة ضرب نشأت عنه عاهة مستديمة وألزمه بالتعويض قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك أنه أغفل بيان إصابات المجني عليه وأحال في ذلك إلى التقرير الطبي الشرعي مكتفياً بعبارة مرسلة لا تكفي لبيان رابطة السببية بين الفعل والعاهة التي تخلفت بالمجني عليه، كما عول - ضمن ما عول عليه - في إدانة الطاعن على شهادة كل من....... و....... رغم أن أقوالهما - كما حصلها الحكم لا تجدي في إثبات ارتكاب الطاعن للجريمة، وأطرح الحكم أقوال شاهدة النفي...... رغم صدق شهادتها، ورد بما لا يصلح رداً على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في القضية رقم..... لسنة..... جنح...... التي قضي فيها بإدانة الطاعن بجريمة مرتبطة. كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحداث العاهة المستديمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال المجني عليه وسائر شهود الإثبات ومن التقرير الطبي الابتدائي والتقرير الطبي الشرعي، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه، وأن إثبات علاقة السببية في المواد الجنائية، مسألة موضوعية ينفرد بتقديرها قاضي الموضوع، فلا تجوز المجادلة في ذلك أمام محكمة النقض، ما دام الحكم قد أقام قضاءه على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت استناداً إلى ما أورده من أدلة أن الطاعن ألقى بزجاجة بها حامض كبريتيك على المجني عليه فأحدث به الإصابات الموصوفة بأوراق علاجه وبالتقرير الطبي الشرعي والتي تخلف عنها فقد إبصار العين اليمنى وانقلاب جفنها السفلي للخارج، وأورد الحكم مؤدى أوراق العلاج والتقرير الطبي الشرعي في قوله "وقد أورى التقرير الطبي وأوراق علاج المجني عليه بالمستشفى أو المجني عليه أصيب بحروق من الدرجة الأولى والثانية في الوجه واليد اليمنى والصدر، كما أشار التقرير الطبي الشرعي إلى أن المجني عليه أصيب من جراء الحادث بجرح رضي بأعلى يمين مقدم الجبهة يحدث من مثل القذف بزجاجة، كما وجدت به عدة إصابات نتيجة ملامسة الجلد لمادة كاوية تبين من التحليل أنها حامض كبريتيك مركز وتعدد وصف تلك الإصابات تفصيلاً بالتقرير وتخلف لدى المجني عليه من جرائها عاهة مستديمة تتمثل في فقد إبصار العين اليمنى وانقلاب الجفن السفلي للخارج مما يؤدي إلى فقد القدرة على غلق العينين تماماً بالإضافة إلى إعاقة بنهاية حركة بسط العنق وحركته الجانبية نحو اليمين وتيبس المرفق الأيمن ومن شأن ذلك تقليل كفاءته عن العمل بنحو ستين في المائة". فإن ما أورده الحكم - على السياق المتقدم - يوفر في حق الطاعن ارتكابه فعلاً عمدياً ارتبط بتخلف العاهة ارتباط السبب بالمسبب، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا المنحى يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد نقل عن شهود الإثبات الثلاثة الأول أن الطاعن قذف أولهم وهو المجني عليه بزجاجة الحامض فأصابه، كما نقل عن الشاهدين.. أنهما شاهدا الزجاجة تقذف من محل الطاعن فتصيب المجني عليه، وكان الأصل أنه لا يشترط أن تتطابق أقوال الشهود على الحقيقة التي وصلت إليها المحكمة بجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون من شأنها أن تؤدي إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله كل منهم بالقدر الذي رواه مع ما رواه الآخرون، كما لا يلزم أن تكون الأدلة التي اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي، فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده منها الحكم ومنتجة في اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص الإدانة استخلاصاً سائغاً من مجموع ما أورده من عناصر، فإن ما يثيره الطاعن من عدم جدوى الاستدلال بأقوال الشاهدين الأخيرين من شهود الإثبات لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد أقوال شاهدة النفي ثم أفصح عن عدم اطمئنانه إليها، وكان من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تأخذ بما ترتاح إليه من الأدلة، كما أن لها أن تزن أقوال الشهود وأن تنزلها المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب وأن تعرض عن قاله شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به، فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون مجادلة في تقدير المحكمة لأدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا يجوز الخوض بشأنه لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان مقتضى تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات في حالة الجرائم المرتبطة أن يحكم بالعقوبة المقررة لأشد تلك الجرائم، ومن ثم فإن سبق معاقبة الطاعن عن الجنحة المرتبطة بجناية إحداث العاهة المستديمة لا يمنع من محاكمته عن هذه الجناية، لأن العقوبة التي قضى عليه بها عن الجنحة ليست هي التي يقررها القانون للجريمتين المرتبطتين، وهي عقوبة جناية العاهة بوصفها أشد العقوبتين، ولذلك تكون محاكمة الطاعن عن جناية إحداث العاهة هي الوسيلة إلى التطبيق الصحيح للقانون وإذ كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر في رده على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن المصاريف المدنية.

الثلاثاء، 19 أكتوبر 2021

الطعن 33 لسنة 2020 ق جلسة 3 / 2 / 2021

باسم الشعب

محكمة النقض

الدائرة الجنائية الأربعاء ( أ )

المؤلفة برئاسة السيد القاضي/ عاصم الغايش " نائب رئيس المحكمة " وعضوية السادة القضاة / علي حسن علي ومحمد هلالي وجمال حسن جوده " نواب رئيس المحكمة " ومحمد يوسف .

وحضور رئيس النيابة العامة لدى محكمة النقض السيد/ شريف مجدي.

وأمين السر السيد / موندي عبد السلام .

في الجلسة المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالي بمدينة القاهرة .

في يوم الأربعاء 21 من جمادى الآخر سنة 1442 ه الموافق 3 من فبراير سنة 2021 م.

أصدرت الحكم الآتي :

في الطعن المقيد في جدول المحكمة برقم 33 لسنة 2020 القضائية .
المرفوع من:
النيابة العامة " الطاعنة "
ضد:
وليد محمد حسين الشيخ علي " المطعون ضده "

------------
الوقائع
اتهمت النيابة العامة وليد محمد حسين الشيخ على في القضايا أرقام 225، 1091، 1092، 1537، 6696، 6697، 6695، 4368 لسنة 2016 جنح قسم الدقي، بوصف أنه في تاريخ سابق لتاريخ تحرير المحاضر بدائرة قسم الدقي - محافظة الجيزة:-
- بدد المبلغ النقدي المبين قدراً بالأوراق والمملوك للمجني عليهم/ محب أحمد عمران، مني زين سعد، زين سعد عبد العزيز، عصام عبد الله حسن محمد العشري ، والمسلمة إليه على سبيل الأمانة لتوصيلهم إلى كلا من/ إبراهيم عبد السلام أحمد، محمد زين سعد، عزت سعد عبد العزيز ، إلَّا أنه اختلس تلك المبالغ لنفسه وامتنع عن توصيلها إضرارًا بمالكيها.
وأحالته إل محكمة جنح الدقي لمحاكمته عملاً بالمادة 341 من قانون العقوبات.
والمحكمة المذكورة قضت بجلسة 16 من فبراير سنة 2016 غيابياً بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسمائة جنية لإيقاف التنفيذ والمصروفات الجنائية.
وإذ عارض ، قضت المحكمة بتاريخ 25 من أكتوبر سنة 2016 بقبول المعارضة شكلاً ، وفي الموضوع برفضها ، وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه ، والمصروفات الجنائية ، وإلزام المتهم بأن يؤدي للمدعي بالحق المدني مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت ، والمصروفات ، وخمسين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.
فطعن على تلك الأحكام بالاستئناف والمعارضة الاستئنافية في بعضها ، وقررت محكمة الجنح المستأنفة ضم جميع القضايا إلى القضية رقم 1091 لسنة 2016 جنح الدقي ، والمستأنفة برقم 21372 لسنة 2016 مستأنف شمال الجيزة.
ومحكمة الجنح المستأنفة - بهيئة استئنافية - قضت بجلسة 29 من نوفمبر سنة 2017 بقبول المعارضة الاستئنافية شكلاً ، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه ، وبقبول الاستئناف شكلاً ، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ، والقضاء مجدداً بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى ، وإحالة الأوراق للنيابة العامة لاتخاذ شئونها فيه تأسيساً على أن الواقعة تثير شبهة جناية تلقي أموال من الجمهور لتوظيفها بغير ترخيص من الهيئة العامة للرقابة المالية والامتناع عن ردِّها لأصحابها ، والمؤثمة بالقانون رقم 146 لسنة 1988 في شأن الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها.
وقد باشرت النيابة العامة التحقيقات وانتهت فيها نيابة الشئون المالية والتجارية بتاريخ 4 من فبراير سنة 2019 إلى استبعاد شبهة الجنايتين المثارتين بالأوراق، فأُعيد تقديم الأوراق إلى المحكمة الجزئية بموجب نص المادة 341 من قانون العقوبات.
فقضت محكمة الدقي الجزئية بتاريخ 26 من مارس سنة 2019 بعدم جواز نظر الدعوي لاستنفاذ ولايتها.
وبتاريخ 4 من مايو سنة 2019 أمر السيد المستشار النائب العام بإلغاء الأمر الصادر بتاريخ 4 من مايو سنة 2019 بالأوجه لإقامة الدعوي الجنائية واستيفاء التحقيقات، ونفاذا لذلك القرار استأنفت النيابة العامة بالتحقيقات.
وبتاريخ 8 من يناير سنة 2020 انتهت نيابة الشئون المالية والتجارية باستبعاد شبهة الجنايتين المثارتين بالأوراق.
فتقدمت النيابة العامة بمذكرتين ، وطلبت في ختامهما عرض الأوراق على محكمة النقض لتعيين المحكمة المختصة للفصل في النزاع.
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة .

---------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر ، وبعد المداولة قانونًا.
من حيث إن مبنى الطلب المقدم من النيابة العامة هو أن محكمة جنح مستأنف شمال الجيزة قضت في الجنحة رقم 21372 لسنة 2016 جنح مستأنف الجيزة بقبول المعارضة الاستئنافية شكلًا ، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه ، وبقبول الاستئناف شكلًا ، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ، والقضاء مُجَدَّدًا بعدم اختصاص المحكمة نوعيًا بنظر الدعوى ، وإحالة الأوراق إلى النيابة العامة لاتِّخاذ ما يلزم قانونًا على سند انطوائها على شبهة جناية تلقي أموال من أشخاص لتوظيفها واستثمارها مقابل عائد ، خلافًا للأوضاع المقررة قانونًا والامتناع عن ردِّها لأصحابها ، وإذ باشرت النيابة العامة التحقيقات ، فقد انتهت إلى استبعاد شبهة الجناية المثارة في الأوراق، ومن ثم ، فإن محكمة الجنايات سوف تقضي حتمًا بعدم اختصاصها نوعيًا فيما لو أُحِيلت إليها الدعوى مما يؤذن للنيابة العامة أن تطلب إلى محكمة النقض تعيين المحكمة المختصة بالفصل في الدعوى إعمالًا للمادة 227 من قانون الإجراءات الجنائية .
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية ضد وليد محمد حسين الشيخ على لارتكابه جريمة تبديد المبالغ النقدية المبينة قدرًا بالأوراق ، والمملوكة للمجني عليهم/ مُحِب أحمد عمران ، منى زين سعد ، زين سعد عبد العزيز ، عصام عبد الله حسن محمد العشري ، والمسلمة إليه على سبيل الأمانة لتوصيلها إلى كل من إبراهيم عبد السلام أحمد ، محمد زين سعد ، عزت سعد عبد العزيز ، إلَّا أنه اختلس تلك المبالغ لنفسه ، وامتنع عن توصيلها إضرارًا بمالكيها ، وطلبت عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات ، وأحالته إلى محكمة جنح الدقي الجزئية لمحاكمته ، فقضت المحكمة المذكورة بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل ، وكفالة خمسمائة جنيه ، لإيقاف التنفيذ ، والمصروفات الجنائية ، فعارض ، فقضي بقبول المعارضة شكلًا ، وفي الموضوع برفضها ، وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه ، والمصروفات الجنائية ، وإلزام المتهم بأن يؤدِّي للمُدَّعِي بالحق المدني مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض المدني المؤقت ، والمصروفات ، وخمسون جنيهًا مقابل أتعاب المحاماة، ولم يرتضِ هذا القضاء ، فطعن عليه بطريق الاستئناف والمعارضة الاستئنافية ، فقُضي بقبول المعارضة الاستئنافية شكلًا ، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المعارض فيه ، وبقبول الاستئناف شكلًا ، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجددًا بعدم اختصاص المحكمة نوعيًا بنظر الدعوى ، وإحالة الأوراق للنيابة العامة لاتِّخاذ شئونها حيال شبهة الجناية المثارة بالأوراق ، وإذ تولَّت النيابة العامة تحقيق الواقعة ، فقد انتهت إلى استبعاد شبهة جنايتي تلقي الأموال من الجمهور لتوظيفها واستثمارها بغير ترخيص من الهيئة العامة للرقابة المالية والامتناع عن رد تلك الأموال لأصحابها ، واعتبار الواقعة جنحة بالمادة 341 من قانون العقوبات ، وإذ أُعيد تقديم القضية إلى محكمة جنح الدقي ، فقد قضت بعدم جواز نظر القضية لاستنفاذ المحكمة ولايتها فيها . لما كان ذلك، وكان البيِّن من الاطلاع على المفردات المضمومة أن النيابة العامة باشرت التحقيق نفاذًا لحكم محكمة جنح مستأنف الدقي ، وأعدَّت نيابة الشئون المالية والتجارية مذكرة انتهت فيها إلى استبعاد شبهة جناية تلقي أموال من أشخاص لتوظيفها واستثمارها بدون ترخيص من الهيئة العامة للرقابة المالية ، والامتناع عن ردِّها لأصحابها والتصرف فيها على أساس الجنحة المؤثمة بالمادة 341 من قانون العقوبات ، وطلبت عرض الأوراق على محكمة النقض لتعيين المحكمة المختصة إعمالًا للمادة 227 من قانون الإجراءات الجنائية . ولما كان ما خلصت إليه النيابة العامة في شأن استبعاد شبهة جناية تلقِّي أموال من أشخاص لتوظيفها واستثمارها بغير ترخيص والامتناع عن ردِّها لأصحابها من الأوراق ، إنما يُعَدّ منها أمرًا ضمنيًا بألَّا وجه لإقامة الدعوى الجنائية عن تلك الجنحة ، وقد صار هذا الأمر نهائيًا وله حجيته التي تمنع من العودة إلى الدعوى الجنائية ما دام قائمًا لم يلغ ، فلا يجوز مع بقائه قائمًا لم يلغ إقامة الدعوى عن ذات الواقعة التي صدر الأمر فيها ؛ لأن له في نطاق حجيته المؤقتة ما للأحكام قوة الأمر المقضي ، مما يحول دون رفع الدعوى أمام محكمة الجنايات ، ولو بناء على وصف آخر ، فضلًا عن أن الواقعة تشكِّل جنحة التبديد المؤثمة بالمادة 341 من قانون العقوبات خلافًا لما ذهبت إليه محكمة الجنح المستأنف في حكمها . لما كان ذلك ، وكانت محكمة الجنح المستأنفة قد أخطأت بتخليها عن نظر الدعوى، وكانت محكمة الجنايات سوف تقضي حتمًا بعدم اختصاصها بنظر الدعوى فيما لو أُحيلت إليها بعد أن صار قرار استبعاد شبهة الجناية من الأوراق نهائيًا ، مما يوفِّر وقوع التنازع السلبي بين المحكمتين ؛ ذلك أن التنازع قد يقيمه حكم واحد ، فيجيز للنيابة العامة تقديم طلب تعيين المحكمة المختصة بنظر الدعوى دون انتظار صدور حكم آخر من محكمة أخرى ، وذلك حرصًا على العدالة ، وتجنُّب تعطيلها ، ولكن شرط ذلك أن تكون الأوراق قاطعة بذاتها ودون إعمال السلطة التقديرية للمحكمة بقيام هذا التنازع ، وإذ كان مؤدى نص المادتين 226 ، 227 من قانون الإجراءات الجنائية ، بجعل طلب تعيين المحكمة المختصة منوطًا بالجهة التي يُطْعَن أمامها في أحكام المحكمتين المتنازعتين أو إحداهما ، فإن الفصل في الطلب المقدم من النيابة العامة بشأن هذا التنازع السلبي القائم ، إنما ينعقد لمحكمة النقض باعتبارهما الجهة التي يُطْعَن أمامها في أحكام الجنح ومحكمة الجنايات عندما يصح الطعن قانونًا . لما كان ما تقدم ، فإنه يتعيَّن قبول طلب النيابة العامة ، وتعيين محكمة جنح مستأنف شمال الجيزة محكمة مختصة بنظر الدعوى .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة : بقبول طلب النيابة العامة وتعيين محكمة جنح مستأنف شمال الجيزة بنظر الدعوى بالفصل فيها .