برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ أحمد عبد الحميد حسن عبود نائب رئيس
مجلس الدولة
وعضوية السادة الأساتذة المستشارين/ السيد إبراهيم السيد الزغبي وأحمد
محفوظ محمد القاضي وكامل سليمان محمد سليمان ومحمود شعبان حسين رمضان. نواب رئيس
مجلس الدولة
-----------------
1 - قرار إداري.
دعوى الإلغاء- حجية الحكم الصادر بالإلغاء- الحكم الصادر بالإلغاء
يقطع النزاع حول حقٍّ قائم، ويؤدي إلى اعتباره قائمًا منذ تاريخ نشوئه بالسبب
المنشئ له، وليس من تاريخ صدور الحكم، ودون أن يتوقف ذلك على تدخل الجهة الإدارية-
ما قد تصدره جهة الإدارة من قرارٍ كإجراءٍ تنفيذي بحت لإزالة القرار الملغى
تنفيذًا للحكم لا يضيفُ جديدًا، ولا يعدو أن يكون تأكيدًا للأثر القانوني الذي
تحقق سلفًا بمقتضى حكم الإلغاء.
2 - مجلس الدولة.
شئون الأعضاء- التعيين في
وظيفة (مندوب مساعد)- صدورُ حكمٍ لاحق لانتهاء ميعاد التقدم لشغل الوظيفة بتعديل
تقدير نجاح الطالب في كلية الحقوق على نحوٍ جعله مُستوَفِيا شروط التقدم لشغلها،
يجعلُ القرار الصادر بالامتناع عن قبول طلب تعيينه وحرمانه من المزاحمة بين أقرانه
على شغل تلك الوظيفة مخالِفًا للقانون، مُستوجِب الإلغاء.
-----------------
الوقائع
بتاريخ 18/9/2011 أودع الأستاذ/... المحامي بالنقض بصفته وكيلا عن
الطاعن صحيفة أودعت ابتداء قلم كتاب محكمة القضاء الإداري (الدائرة الأولى)،
قُيِّدَت بجدولها برقم 54289 لسنة 65ق، طالبًا في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا،
وفي الموضوع بوقف تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبي بالامتناع عن قبول طلب الطاعن
للتعيين بوظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة ومعاون بالنيابة
الإدارية، مع ما يترتب على ذلك من آثار، وتنفيذ الحكم بمسودته دون إعلان، على سندِ
أنه حصل على ليسانس الحقوق من جامعة أسيوط دور مايو 2007 بتقدير مقبول، ولحدوث خطأ
مادي في حساب درجاته، أقام الدعوى رقم 12055 لسنة 18ق أمام محكمة القضاء الإداري
(الدائرة الأولى) بأسيوط، ثم قام بالطعن على حكم محكمة القضاء الإداري المذكور
سالفًا أمام المحكمة الإدارية العليا (الدائرة السادسة- موضوع)، وقُيِّدَ بجدولها
برقم 6930 لسنة 54ق. عليا، وبجلسة 6/7/2011 قضت المحكمة المتقدمة بحكمها القاضي
بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه في الشق الثاني، وبقبول
الدعوى شكلا وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، على
النحو المبين بالأسباب، وإلزام الجامعة المطعون ضدها المصروفات.
وتنفيذًا لهذا الحكم أصدرت كلية الحقوق جامعة أسيوط شهادةً تفيد حصوله
على تقدير (جيد)، وعلى إثر ذلك تقدم بطلبات لتعيينه في الهيئات السابقة، إلا أنها
رفضت بحث طلبه، بما يمثل قرارًا سلبيا بالامتناع عن قبول هذا الطلب، بعد أن حصل الطاعن
على التقدير اللازم لشغل هذه الوظائف، مما حداه على إقامة هذه الدعوى ابتداء أمام
محكمة القضاء الإداري، للحكم له بطلباته المبينة سالفًا.
وتدوولت الدعوى بالجلسات على النحو الثابت بمحاضرها، إلى أن أصدرت
المحكمة المتقدمة حكمها القاضي بعدم اختصاصها نوعيا بنظر الدعوى، وأمرت بإحالتها
إلى الدائرة الثانية بالمحكمة الإدارية العليا للاختصاص.
وتنفيذًا لذلك تم إحالة الدعوى إلى هذه المحكمة، وقُيِّدَت بجدولها
برقم 12345 لسنة 58ق. عليا، وتدوول نظر الطعن أمام هيئة مفوضي الدولة، وبجلسة
20/11/2012 عدَّل الطاعن طلباته إلى الحكم بقبول الطعن شكلا، وبصفة مستعجلة بوقف
تنفيذ ثم إلغاء القرار السلبي بامتناع الجهات المطعون ضدها عن استيفاء إجراءات
قبول طلب تعيينه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها السير في الإجراءات اللازمة
لتعيينه في إحدى الجهات المشار إليها.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرًا بالرأي القانوني، ارتأت فيه
-للأسباب الواردة به- الحكم بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء قرارات الجهات الإدارية
المطعون ضدها بالامتناع عن قبول طلبات تعيين الطاعن في أدنى الوظائف القضائية بها،
مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها اتخاذ الإجراءات التي اتبعتها الجهة الإدارية
مع المتقدمين لشغل هذه الوظيفة من دفعة 2007، على النحو المبين بالأسباب، وإلزام
الجهة الإدارية المصروفات فيما عدا الرسوم.
وتدوول نظر الطعن بجلسات هذه المحكمة على النحو الثابت بمحضرها،
وبجلسة 21/4/2013 قدم الطاعن مذكرةً بتعديل طلباته بذات التعديل السابق الذي
قُدِّمَ أمام هيئة مفوضي الدولة بجلسة 20/11/2012، وبجلسة 8/6/2013 قررت المحكمة
إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم مع مذكرات في أسبوعين، وخلال الأجل المضروب لم
تُقَدَّم أيةُ مذكراتٍ، وصدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
---------------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، والمداولة.
وحيث إن التكييف السليم لطلبات الطاعن هو الحكم بقبول الطعن شكلا،
وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ ثم إلغاء قرارات الجهة الإدارية المطعون ضدها السلبية
بالامتناع عن قبول طلب تعيينه في الهيئات المشار إليها، والسير في اتخاذ الإجراءات
اللازمة لتعيينه في أدنى الوظائف القضائية في كل منها، مع ما يترتب على ذلك من
آثار.
وحيث إن القرارات السلبية لا تتقيد بمواعيد وإجراءات دعوى الإلغاء،
وإذ استوفى الطعن جميع شروطه وأوضاعه الشكلية، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
وحيث إن الفصل في الموضوع يُغني عن الفصل في الشق العاجل من الطعن.
وحيث إنه عن الموضوع، فإن عناصر المنازعة تخلص -حسبما يبين من
الأوراق- في أن الطاعن حصل على ليسانس الحقوق من جامعة أسيوط في دور مايو 2007
بتقدير عام مقبول، فقام بالطعن على نتيجته لعدم حصوله على درجات الرأفة، وقضت
المحكمة الإدارية العليا (الدائرة السادسة- موضوع) في الطعن رقم 6930 لسنة 54ق.
عليا بجلسة 6/7/2011 على الحكم في الشق العاجل من الدعوى رقم 12055 لسنة 18ق.
(قضاء إداري- الدائرة الأولى- أسيوط) بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء الحكم
المطعون فيه، وفي الشق الثاني بقبول الدعوى شكلا، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه،
وما يترتب على ذلك من آثار، على النحو المبين بالأسباب، ومنها أحقية الطاعن في
الحصول على درجات الرأفة، وتمَّ رفعُ تقديرَه من (مقبول) إلى (جيد)، وتنفيذًا لهذا
الحكم قامت الجامعة المطعون ضدها بتصحيح تقديره من (مقبول) إلى (جيد).
وحيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن الأحكام الصادرة بالإلغاء تكون
حجة على الجميع، وتلك نتيجةٌ لا مَعدى عنها إدراكًا للطبيعة العينية لدعوى
الإلغاء؛ حيث تنصب الدعوى على مخاصمة القرار الإداري في ذاته، فإذا حُكِم
بالإلغاء، فإن الجهة الإدارية تلتزم بتنفيذ الحكم، دون أن يكون لها أن تمتنع عن
التنفيذ أو تتقاعس عنه على أي وجهٍ من الوجوه؛ نزولا على حجية الأحكام والتزامًا
بسيادة القانون، وأن حكم الإلغاء يحقِّق بذاته إعدام الأثر القانوني المباشر
للقرار منذ صدوره، دون أن يتوقف ذلك على تدخل الجهة الإدارية، بيد أنه جرى الأمر
على أن تصدر جهةُ الإدارة قرارًا كإجراءٍ تنفيذي بحت لإزالة القرار الملغي تنفيذًا
للحكم، قيامًا بواجبها الذي تفرضه عليها الصيغة التنفيذية التي تُذيل بها الأحكام
القضائية، وهذا القرار لا يعدو أن يكون تأكيدًا للأثر القانوني الذي تحقق سلفًا
بمقتضي حكم الإلغاء، ولا يضيف جديدًا في هذا المجال، فهو محض تأكيد لِما تضمنه
الحكم، باعتبار أن المحكوم له إنما يستمد حقه مباشرةً من الحكم ذاته الحائز لقوة
الشيء المحكوم فيه، لا من القرار الصادر تنفيذًا له، ومن ثم فلا مناص -والأمر
كذلك- من القول بأن الأحكام الصادرة بالإلغاء إنما تكون نافذةً بمجرد صدورها، كما
أنه من المسلَّم به أن مقتضى الحكم الصادر بإلغاء القرار المطعون فيه هو إعدام
القرار ومحو آثاره من وقت صدوره، في الخصوص وبالمدى الذي حدَّده، ومن ثم كان
لزامًا أن يكون التنفيذ موزونًا بميزان القانون في تلك النواحي والآثار كافة؛ حتى
يُعَاد وضعُ الأمور في نصابها القانوني الصحيح، وللأحكام كقاعدةٍ عامة أثرٌ كاشف،
فالحكم لا ينشئ حقا غير موجود، وإنما يقطع النـزاع حول حقٍّ قائم بما يكفله له من
حماية تؤكِّده بعد أن كان محلَ نزاعٍ، مما يؤدي إلى اعتبار الحق قائمًا من تاريخ
نشوئه بالسبب المنشئ له، وليس من تاريخ صدور الحكم.
وحيث إنه وهديا على ما تقدم، ولما كان الثابت من الأوراق أن الطاعن
حُرِمَ من فرصته في التقدم بطلبه إلى مجلس الدولة، والنيابة الإدارية، وهيئة قضايا
الدولة، لدى إعلان كل منها عن قبول دفعته بأدنى الدرجات الوظيفية في كل منها، ولم
يتسنَّ له أن يكون من عِداد المتقدِّمين لشغل تلك الوظيفية؛ بسبب الإعلان عن
نتيجته على نحوٍ يخالف الوجه الصحيح، وظلت هذه النتيجة محل نزاع قضائي، لم يُحسَم
إلا بصدور حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 6930 لسنة 54ق. عليا جلسة
6/7/2011، الذي كشف عن حقيقة ما يستحقه من مرتبة نجاحٍ، حيث أعادت كلية حقوق أسيوط
مرتبة نجاحه لتكون (جيد)، ومن ثم فإن ذلك الحكم قد كشف عن أن الطاعن كان في وقت
الإعلان عن قبول دفعته (2007) في الوظائف المشار إليها مُستوفِيا لشروط التقدم
إليها، من حيث التقدير، لحصوله على تقدير (جيد) بدلا من (مقبول)، الأمر الذي يضحى
معه قرار الجهات الإدارية المدعى عليها بالامتناع عن قبول طلب تعيينه، وحرمانه من
المزاحمة بين أقرانه على شغل إحدى هذه الوظائف، يضحى مخالفًا للقانون، مُستوجِبَ
الإلغاء، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها قبول طلبه، والسير في اتخاذ الإجراءات
التي تتَبِعُها الجهاتُ المطعون ضدها لشغل أدنى الوظائف في كل منها، تنفيذًا لحجية
الحكم المشار إليه.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفي الموضوع بإلغاء القرارات الإدارية
السلبية للجهات الإدارية المطعون ضدها بالامتناع عن قبول طلب تعيين الطاعن في أدنى
الوظائف القضائية في كلٍّ منها، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أخصها اتخاذ
الإجراءات التي اتبَعَتها كلٌّ منها مع المتقدمين لشغل هذه الوظيفية من دفعة 2007.