الدعوى 29 لسنة 39 ق "منازعة تنفيذ" جلسة 2 / 11 / 2019
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثانى من نوفمبر سنة 2019م،
الموافق الخامس من ربيع أول سنة 1441 هـ.
برئاسة السيد المستشار / سعيد مرعى عمرو رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيرى طه النجار ورجب عبد الحكيم سليم
والدكتــور حمدان حسـن فهمى والدكتــور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبدالجواد
شبل وطارق عبد العليم أبو العطا نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشرى رئيس
هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمـد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 29 لسنة 39
قضائية "منازعة تنفيذ".
المقامة من
شريف شكرى جرجس
ضـد
وزيـر المالية، بصفته الرئيـس الأعلى لمصلحة الضرائب المصريـة على
المبيعات "الضرائب على المبيعات سابقًا"
الإجراءات
بتاريخ الأول من شهر أكتوبر سنة 2017، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى
قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بالاستمرار في تنفيذ الحكم
الصادر من المحكمة الدستورية العليا بجلسة 15/4/2007، في الدعوى رقم 232 لسنة 26
قضائية "دستورية"، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ، وعدم الاعتداد بحكمي النقض
الصادريــن من محكمة استئناف القاهرة "دائرة نقـض الجنح" بجلسة 25/12/2010،
في الطعـن رقم 34968 لسنة 75 قضائية، وبجلسة 20/2/2017، في الطعن رقم 2478 لسنة 6
قضائية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار
الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق –
في أن النيابة العامة قدمت المدعى – وهو مقاول- إلى المحاكمة الجنائية أمام محكمة
جنح التهرب الضريبي بالقاهرة، في الجنحة رقم 415 لسنة 1998، جنح تهرب ضريبى، متهمة
إياه بأنه خلال الفترة من 5/3/1992، وحتى يناير سنة 1995، بدائرة قسم قصر النيل،
تهرب من أداء الضريبة على المبيعات المستحقة عن نشاطه في مجال المقاولات، بعدم
التقدم للمصلحة للتسجيل، وعدم تقديم الإقرار عنها في المواعيد المحددة قانونًا.
فقضت تلك المحكمة بجلسة 10/7/2001، حضوريًّا بتغريمه ألف جنيه، وإلزامه بأن يؤدى
إلى مصلحة الضرائب مبلغ (65595,99) جنيهًا، والضريبة الإضافية بواقع 2/1% عن كل
أسبوع تأخير من تاريخ الاستحقاق وحتى تاريخ السداد، وتعويضًا قَدرته المحكمة بنسبة
10% من قيمة الضريبة. لم يرتض المدعى ووزير المالية بصفته هذا الحكم، فطعنا عليه
أمام محكمة شمال القاهرة، دائرة الجنح المستأنفة، بالاستئناف رقم 266 لسنة 2001
جنح مستأنف التهرب الضريبي، التي قضت بجلسة 25/12/2004، بتعديل الحكم المستأنف،
إلى إلزام المتهم (المدعى) بأن يؤدى لمصلحة الضرائب على المبيعات قيمة الضريبة
المستحقة بواقع 32380 جنيهًا، وتعويضًا بمبلغ ألف جنيه، والتأييد فيما عـــدا ذلك.
لم يرتض المدعى، والمدعى عليه هذا القضاء، فطعنا عليه بالنقض الذى قُيد برقم 34968
لسنة 75 قضائية، وبجلسة 25/12/2010، قضت محكمة استئناف القاهرة، دائرة طعون نقض
الجنح، بقبول الطعن شكلاً، وبنقض الحكم المطعون فيه جزئيًّا في خصوص الدعوى
المدنية فقط، وبعدم قبول الطعن بالنقض المقدم من المدعى فيما عدا ذلك. وإذ عاودت
محكمة الجنح المستأنفة نظر الاستئناف مرة أخرى، بهيئة مغايرة، وقضت بجلسة
9/7/2011، بهيئة مغايرة، بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددًا في موضوع الدعوى
الجنائية بعناصرها كافة – خلافًا لقضاء حكم النقض-، بتغريم المتهم ألف جنيه،
وإلزامه بأن يؤدى لمصلحة الضرائب على المبيعات قيمة الضريبة المستحقة وقدرها
(65595.99) جنيهًا، والضريبة الإضافية بواقــــــع نصف في المائة عن كل أسبوع أو
جزء منه تأخير من تاريخ الاستحقاق وحتى تاريخ الأداء، ولم تقض بالتعويض. فطعن
المدعى والمدعى عليه مرة أخرى على هذا الحكم بالنقض، أمام محكمة استئناف القاهرة،
دائرة طعون نقض الجنـــح، بالطعـــن رقم 2478 لسنة 6 قضائية، التى نظرت الطعن في غرفة
مشورة، وقررت بجلسة 20/2/2017، عدم جواز الطعن المقدم من المدعى، وعدم قبول طعن
المدعى عليه موضوعًا.
وحيث إن المدعى يرى في حكمي النقض سالفي البيان، وما قضت به من إلزامه
بالضريبة العامة على المبيعات عن نشاطه في مجال المقاولات عقبة تحول دون تنفيذ حكم
المحكمة الدستورية العليا الصادر في القضية رقم 232 لسنة 26 قضائية
"دستورية"، بجلسة 15/4/2007، بعدم دستورية استحقاق هذه الضريبة عن خدمات
التشغيل للغير قبل نفاذ القانون رقم 11 لسنة 2002.
وحيث إن منازعة التنفيذ - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – قوامها أن
التنفيذ قد اعترضته عوائق تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه،
وتعطل أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان،
ومـــن ثم تكون عـــوائق التنفيذ القانونيـة هى ذاتهـا موضـــوع منازعـــة التنفيذ
أو محلها، تلك المنازعة التى تتوخى في ختام مطافها إنهاء الآثار المصاحبة لتلك
العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها
وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان
التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية نص تشريعي،
فإن حقيقة مضمونه، ونطــاق القواعــد القانونية التي يضمها، والآثار المتولــدة
عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي التي تحـدد جميعها شكل
التنفيذ وصورته الإجماليـة، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة
الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة
1979 - لهدم عوائق التنفيذ التى تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها في مواجهة
الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها
في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائـق-
سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجهـا- ولو كانت تشريعًا أو حكمًا قضائيًّا أو
قرارًا إداريًّا أو عملاً ماديًّا، حائلة دون تنفيذ أحكامها أو مقيدة لنطاقها.
ثانيها: أن يكون إسنادها إلى تلك الأحكام، وربطهـا منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم
تكن لها بهــا من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة
عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تُعـد طريقًا للطعن
في الأحكام القضائيـة، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن المحكمة الدستوريـة العليـا سـبق لهـا أن قضـت بجلسة
15/4/2007، في الدعوى رقم 232 لسنة 26 قضائية "دستورية":
"أولاً: بعدم دستورية عبارة "خدمات التشغيل للغير"
الواردة قرين المسلسل رقم (11) من الجدول رقم (2) المرافق لقانون الضريبة العامة على
المبيعات الصادر بالقانون رقم 11 لسنة 1991 المعدل بالقانون رقم 2 لسنة 1997.
ثانيًا: بعدم دستورية صدر المادة (2) من القانون رقم 11 لسنة 2002
بتفسير بعض أحكام قانون الضريبة العامة على المبيعات الصـادر بالقانون رقم 11 لسنة
1991 الذى ينص على أنه "مع مراعاة الأثر الكاشف لهذا القانـون".
ثالثًا: رفض ما عدا ذلك من الطلبات"، ونُشر هذا الحكم في الجريدة
الرسمية بعددها رقم 16 (تابع) بتاريخ 19/4/2007.
وكان مؤدى هذا القضاء عدم دستورية تطبيق أحكام الضريبة العامة على
المبيعات في مجال خدمات التشغيل للغير على الوقائع الناشئة قبل 22 إبريل سنة 2002،
تاريخ العمل بالقانون رقم 11 لسنة 2002، لعدم دستورية هذا الفرض الضريبي قبل هذا
التاريخ.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الحكم الجنائي المنازع في تنفيذه قد
خلص إلى تأييد إدانة المدعى عن جريمة التهرب الضريبي من أداء الضريبة العامة على
المبيعات، وتأسست إدانة المدعى على تأييد استحقاق مصلحة الضرائب لدين الضريبة
المقضي به على المدعى عن نشاطه الخدمي في مجال المقاولات خلال الفترة من 5/3/1992،
وحتى يناير سنة 1995، وامتناعه عن سداد هذه المستحقات الضريبية عن هذه المدة،
منتهيًا إلى عقابه عن هذا الامتناع، وإلزامه بسداد هذه الضريبة، والضريبة الإضافية
على التفصيل السالف. لما كان ذلك، وكان مقتضى قضاء هذه المحكمة في الدعوى
الدستورية المشار إليها امتناع تطبيق هذه الفريضة الضريبية، على الوقائع السابقة
لتاريخ العمل بالقانون رقم 11 لسنة 2002 المشار إليه، الأمر الذى تكون مسئولية
المدعى الجنائية قد فقدت أساسها، ولم تعد قائمة. لما كان ذلك، فإن قضاء حكم النقض
الصادر من محكمة استئناف القاهرة (دائرة نقض الجنح) بجلسة 25/12/2010، في الطعن
رقم 34968 لسنة 75 قضائية، وقرار غرفة المشورة في الطعن بالنقض رقم 2478 لسنة 6
قضائية، الصادر بجلسة 20/2/2017، فيما تضمناه من تأييد لإدانة المتهم (المدعى) عن
واقعة التهرب من أداء الضريبة على المبيعات، أسوة بمنهج محكمة الجنح المستأنفة، في
حكميها الصادريـن بجلستي 25/12/2004، و9/7/2011، في الجنحة المستأنفة رقم 266 لسنة
2001 جنح مستأنف التهرب الضريبي، بإدانة المدعى، المعدلين لحكم محكمة جنح التهرب الضريبي
بالقاهـرة الصادر بجلسـة 10/7/2001، في الجنحة الضريبية رقم 415 لسنة 1998،
بإلزامه بسداد الضريبة عن خدمات التشغيل للغير، وكذا الضريبة الإضافية، يكونا قد
طبقا الضريبة العامة على المبيعات في مجال "خدمات التشغيل للغير"، خلال
فترة المحاسبة موضوع التداعي التي دين بها المدعى، مفترضة سريان الضريبة العامة
على المبيعات على الخدمات التى يقوم بها، دون إعمال أثر الحكم الصادر من هذه
المحكمة بجلسة 15/4/2007، في الدعوى رقم 232 لسنة 26 قضائية "دستورية"
المشار إليه، الأمر الذى يُعد معه هذان الحكمان عقبة في تنفيذ حكم المحكمة
الدستورية العليا آنف البيان، مما يتعين معه القضاء بإزالتها.
ولا ينال من ذلك، دفاع هيئة قضايا الدولة بعدم جواز إعمال الأثر
الرجعى للحكم الصادر في القضية المشار إليها، لتعلقها بنصوص ضريبية، إعمالًا لنص
الفقرة الثالثة من المادة (49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون
رقم 48 لسنة 1979، المستبدلة بالقرار بقانون رقم 168 لسنة 1998، التي استثنت
الأحكام الصادرة بعدم الدستورية في المسائل الضريبية من الأثر الرجعى، فذلك مردود
من جهة، أن الحكم المنازع في تنفيذه هو حكم جنائي لا يرد عليه الاستثناء الوارد
بالفقرة الثالثة من المادة (49) من قانون هذه المحكمة، الذى يقتصر أثره على الحكم
بعدم دستورية نص ضريبي. ومن جهة أخرى ، فإن مناط إعمال هذا الاستثناء في المسائل
الضريبية استقرار المركز القانوني للدين الضريبي على نحو بات قبل صدور الحكم القاضي
بعدم دستورية الفرض الضريبي، ولا كذلك المنازعات الضريبية التي لم ينحسم أمرها
بحكم بات إلا بعد صدور الحكم القاضي بعدم الدستورية. متى كان ذلك، وكانت المنازعة
الضريبية محل الاتهام الذى يحكم عنه المدعى لم ينحسم أمرها أمام القضاء الموضوعي
إلا بصدور حكمى النقض الصادرين بجلسة 25/12/2010، و20/2/2017، ومن ثم فإن المطالبة
بإعمال هذا الاستثناء من الأثر الرجعى يكون قد جاء على غير أساس متعين الرفض.
وحيث إنه عن طلب وقف تنفيذ الحكم الصادر من محكمة النقض، فإنه يُعد
فرعًا من أصل النزاع في الدعوى المعروضة، وإذ انتهت المحكمة إلى القضاء في موضوع
الدعوى على النحو السالف البيان، فإن هذا الطلب يصير غير ذى موضوع.
فلهـذه الأسبـاب
حكمت المحكمة بالاستمرار في تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية
العليا بجلسة 15/4/2007، في الدعوى رقم 232 لسنة 26 قضائية "دستورية، وعدم
الاعتداد بالحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة (دائرة طعون نقض الجنح) الصادر
بجلسة 25/12/2010، في الطعن بالنقض رقم 34968 لسنة 75 قضائية، وقرار غرفة المشورة
الصـادر من المحكمة ذاتها بجلسة 20/2/2017، في الطعـــــن بالنقض رقم 2478 لسنة 6
قضائية، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.