الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الأربعاء، 5 ديسمبر 2018

الطعن 798 لسنة 87 ق جلسة 10 / 10 / 2018 مكتب فني 69 ق 141 ص 989

جلسة 10 من أكتوبر سنة 2018
برئاسة السيد القاضي/ إسماعيل عبد السميع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ حسام قرني، سمير عبد المنعم، الدسوقي الخولي ومحمد الإتربي نواب رئيس المحكمة.
-------------
(141)
الطعن رقم 798 لسنة 87 القضائية
(1) نقض " الخصوم في الطعن بالنقض : الخصوم بصفة عامة " .
الاختصام في الطعن بالنقض . عدم كفاية أن يكون المختصم خصماً في الدعوى التى صدر فيها الحكم المطعون فيه . وجوب أن يكون خصماً حقيقياً وذا صفة فى تمثيله بالخصومة .
(2) دعوى " شروط قبول الدعوى : الصفة : الصفة الإجرائية : تمثيل بنك التنمية والائتمان الزراعي بالوجه القبلى أمام القضاء " .
بنك التنمية والائتمان الزراعي للوجه القبلي . استقلال شخصيته الاعتبارية عن البنك الرئيسي بالقاهرة . يمثله رئيس مجلس إدارته أمام القضاء . م 1 ق 117 لسنة 1976 بشأن البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي . اختصام المطعون ضده الثاني رئيس مجلس إدارة البنك الرئيسى في الطعن . غير مقبول .
(4،3) عمل " أجر : استحقاق الاجر" " علاقة عمل : العاملون بالبنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى " .
(3) مجلس إدارة البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى . هو السلطة المهيمنة على شئونه وتصريف أموره . أثره . له دون غيره وضع اللوائح المتعلقة بنظام العاملين به . م 11 ق 117 لسنة 1976 .
(4) صدور لائحة جديدة لنظام العاملين بالبنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعي والبنوك التابعة له فى 1 /4 /2006 . مؤداه . استحداث هيكل جديد للوظائف والأجور . أثره . نقل العاملين إلى الوظائف والروابط المالية الجديدة اعتباراً من تاريخ صدورها بعد إعادة تقييم وتعادل وظائفهم وأجورهم . شرطه . ألا يسبق الأحدث الأقدم منهم وألا ينتقص من أجورهم وبدلاتهم والمزايا التي كانت مقررة لهم قبل العمل بأحكامها . المواد 128، 129، 131 من اللائحة . قضاء الحكم المطعون فيه للمطعون ضده بما يجاوز الأجر المستحق له وفقاً للائحة نظام العاملين المنطبقة . مخالفة للثابت بالأوراق ومخالفة للقانون وخطأ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون خصماً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل ينبغي أن يكون خصماً حقيقياً وذا صفة في تمثيله بالخصومة.
2- إذ كان البنك الطاعن وقبل صدور القانون رقم 84 لسنة 2016 بشأن البنك الزراعي المصري والمعمول به اعتباراً من 1/3/2017 يتمتع بالشخصية الاعتبارية المستقلة عن البنك المطعون ضده الثاني ويمثله رئيس مجلس إدارته أمام القضاء وفي مواجهة الغير إعمالاً للمادة الأولى من القانون 117 لسنة 1976 بشأن البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي، وكان النزاع المطروح في الطعن الماثل يدور حول أحقية ما يدعيه المطعون ضده الأول من مستحقات مالية لدى البنك الطاعن ناتجة عن إعادة هيكلة الأجور فإن البنك الطاعن يكون هو صاحب الصفة المعنى بهذه الخصومة، ويضحى اختصام المطعون ضده الثاني في الطعن بالنقض اختصاماً لغير ذي صفة ومن ثم غير مقبول.
3- إذ كان نص المادة 11 من القانون رقم 117 لسنة 1976 في شأن البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي – المنطبق على واقعة النزاع – قد جرى على أن "مجلس إدارة البنك الرئيسي هو السلطة العليا المهيمنة على شئونه وتصريف أموره ويكون له جميع السلطات اللازمة للقيام بالأعمال التي تقتضيها أغراض البنك وعلى الأخص ما يأتي:- (1) ... (2) ... (3) الموافقة على مشروعات اللوائح الداخلية المتعلقة بالشئون المالية والإدارية وإصدار اللوائح المتعلقة بنظم العاملين بالبنك الرئيسي والبنوك التابعة ومرتباتهم وأجورهم والمكافآت والمزايا والبدلات الخاصة وتحديد فئات بدل السفر لهم في الداخل والخارج دون التقيد بالنظم والقواعد المنصوص عليها في نظام العاملين المدنيين بالدولة والصادر بالقرار بقانون رقم 58 لسنة 1971 ونظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقرار بقانون رقم 61 لسنة 1971 ويكون ذلك في إطار لوائح البنوك التجارية ... ".
4- نفاذاً لتفويض القانون رقم 117 لسنة 1976 صدرت لائحة نظام العاملين بالبنك الرئيسي والبنوك التابعة له للعمل بها اعتباراً من 1/4/2006، وكان النص في المادة (128) منها على أن "ينقل العاملون الموجودون بالخدمة في 31/3/2006 وفقاً لقواعد النقل والتعادل إلى الوظائف والمجموعات الوظيفية والروابط المالية الجديدة اعتباراً من 1/4/2006 ويكون ترتيب الأقدمية بين المنقولين بمراعاة أقدمياتهم في الوظائف السابقة وقواعد النقل"، والنص في مادتها (129) على أن "يحتفظ العاملون بالأجور والرواتب والبدلات والمزايا التي كانت مقررة لهم قبل اعتماد هذه اللائحة دون نقصان، ويسرى ما استجد من مزايا بهذه اللائحة اعتباراً من أول أبريل 2006"، والنص في المادة (131) من هذه اللائحة على أن "يعمل بجداول الوظائف والأجور والعلاوات والبدلات المرافقة للائحة نظام العاملين بالبنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي والبنوك التابعة له اعتباراً من 1/4/2006"، والنص في جدول الوظائف والأجور المرفق باللائحة على تحديد بداية الربط المالي للدرجة المالية لأدنى الوظائف بمبلغ 60 جنيهاً شهرياً ولوظيفة مدير إدارة بمبلغ 210 جنيهاً شهرياً، وتقسيم وظائف البنك إلى ثلاث مجموعات نوعية رئيسية منها المجموعة القانونية، يدل على أن البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي وفي إطار إعادة تنظيم العمل وتحقيقاً للمساواة بين العاملين، استحدث هيكلاً جديداً للوظائف والأجور تتضمن إعادة هيكلة الوظائف وترتيبها في مجموعات نوعية جديدة وإعادة هيكلة الأجور بزيادة بداية مربوط الربط المالي للدرجات المالية المقررة لهذه الوظائف على أن ينقل العاملين إلى الوظائف والروابط المالية الجديدة اعتباراً من 1/4/2006 بعد إعادة تقييم وتعادل وظائفهم وأجورهم طبقاً لأحكام هذه اللائحة شريطة ألا يسبق الأحدث الأقدم منهم وألا يترتب على هذا النقل الانتقاص من أجورهم وبدلاتهم والمزايا التي كانت مقررة لهم قبل العمل بأحكام هذه اللائحة. لما كان ذلك، وكان الثابت من التسوية التي أجراها البنك الطاعن للمطعون ضده نفاذاً لأحكام اللائحة السالف بيانها والمشار إليها بتقرير الخبير المقدم في الدعوى والمرفق بملف الطعن، أن الأجر الأساسي للمطعون ضده الأول قبل إجراء هذه التسوية كان مقداره 271,17 جنيهاً شاملاً العلاوة الاستثنائية البالغ مقدارها 38,54 جنيهاً، وأن هذا الأجر أصبح بعد إعادة تسويته وفقاً لهيكل الأجور الجديد مبلغ مقداره 344,67 جنيهاً بزيادة قدرها 73,46 جنيهاً، ومفاد ذلك أن إعادة تسوية الأجر طبقاً لجدول الأجور والعلاوات والبدلات المرفق باللائحة الجديدة لم يترتب عليها الانتقاص من الأجر الذى كان يتقاضاه قبل العمل بهذه اللائحة، ومن ثم فإن دعواه بالمطالبة بالعلاوة مثار النزاع وبما يخالف الأجر المحدد لوظيفته بجدول الأجور المرفق باللائحة -الواجبة التطبيق على واقعة النزاع- تكون فاقدة لسندها القانونى، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى للمطعون ضده بالعلاوة الاستثنائية مثار النزاع وبما يجاوز الأجر المستحق له وفقاً للائحة نظام العاملين بمقولة إنها تم استبعادها من الأجر بعد إعادة تسويته فإنه يكون فضلاً عن مخالفته الثابت بالأوراق قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل فى أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم ... لسنة 2015 عمال بنى سويف الابتدائية على الطاعن - بنك التنمية والائتمان الزراعي للوجه القبلي - والمطعون ضده الثاني - البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي- بطلب الحكم بأحقيته في إعادة صرف العلاوة الاستثنائية وقدرها 20% من الأجر الأساسي التي تم استبعادها من راتبه بتاريخ 20/8/2006 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية، وقال بياناً لها إنه عُين بالبنك الطاعن بتاريخ 2/5/2001 على وظيفة محامى، وبتاريخ 11/6/2005 قرر البنك منح العاملين لديه علاوة استثنائية مقدارها 20% من الأجر الأساسي يتم صرفها اعتباراً من 1/6/2005 واستمر في صرف هذه العلاوة حتى قام البنك بإعادة تسوية الأجور نفاذاً للائحة المعمول بها اعتباراً من 1/4/2006 ترتب عليها استبعاد العلاوة الاستثنائية من مرتبه رغم النص في هذه اللائحة على أحقية العاملين بالاحتفاظ بكامل مرتباتهم دون نقصان، ومن ثم فقد أقام الدعوى بطلباته السالفة، ندبت المحكمة خبيراً، وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 31/3/2016 بأحقية المطعون ضده الأول للعلاوة مثار النزاع وإلزام الطاعن والمطعون ضده الثاني متضامنين بإعادة تسوية مرتبه والفوائد القانونية بواقع 4% من تاريخ المطالبة القضائية. استأنف البنك الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم ... لسنة 54 ق بنى سويف، كما استأنفه البنك المطعون ضده الثاني أمام ذات المحكمة بالاستئناف رقم ... لسنة 54 ق، وبتاريخ 9/11/2016 حكمت المحكمة في الاستئناف الثاني بإلغاء الحكم المستأنف في خصوص ما قضى به على المطعون ضده الثاني وبعدم قبول الدعوى بالنسبة له، وفي الاستئناف الأول بسقوط حق المطعون ضده الأول في متجمد العلاوة مثار النزاع عن الخمس سنوات السابقة على رفع الدعوى وتأييده فيما عدا ذلك. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثاني ورفض الطعن بالنسبة للطاعن، عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من النيابة بعدم قبول الطعن بالنسبة للبنك المطعون ضده الثاني أن الحكم المطعون فيه قضى بعدم قبول الدعوى بالنسبة له وأن أسباب الطعن لا تتعلق به.
وحيث إن المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون خصماً في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل ينبغي أن يكون خصماً حقيقياً وذا صفة في تمثيله بالخصومة، ولما كان البنك الطاعن وقبل صدور القانون رقم 84 لسنة 2016 بشأن البنك الزراعي المصري والمعمول به اعتباراً من 1/3/2017 يتمتع بالشخصية الاعتبارية المستقلة عن البنك المطعون ضده الثاني ويمثله رئيس مجلس إدارته أمام القضاء وفي مواجهة الغير إعمالاً للمادة الأولى من القانون 117 لسنة 1976 بشأن البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي، وكان النزاع المطروح في الطعن الماثل يدور حول أحقية ما يدعيه المطعون ضده الأول من مستحقات مالية لدى البنك الطاعن ناتجة عن إعادة هيكلة الأجور فإن البنك الطاعن يكون هو صاحب الصفة المعنى بهذه الخصومة، ويضحى اختصام المطعون ضده الثاني في الطعن بالنقض اختصاماً لغير ذي صفة ومن ثم غير مقبول.

وحيث إن الطعن وفيما عدا ما تقدم قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك يقول إنه نفاذاً للمادة 128 من لائحة نظام العاملين الصادرة عن البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي السارية على العاملين لديه والمعمول بها اعتباراً من 1/4/2006 فقد تم إعادة تقييم وتعادل للأجور بين المعينين حديثاً والمعينين قديماً وإعادة تسوية الأجور المستحقة لهم وفقاً لهذا التعادل وإعمالاً لجدول الأجور الجديد المرفق باللائحة والمتضمن زيادة بداية مربوط الدرجات المالية لجميع الوظائف، وأصبح الأجر الأساسي للمطعون ضده بعد إعادة تسويته مقداره 344,67 جنيهاً شاملاً العلاوة الاستثنائية البالغ مقدارها 38,54 جنيهاً بعد أن كان قبل التسوية 271,17 جنيهاً، ومن ثم فلا أحقية له في طلب إضافة هذه العلاوة بعد إجراء التسوية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى بأحقية المطعون ضده الأول في هذه العلاوة، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى في محله، ذلك أنه لما كان نص المادة 11 من القانون رقم 117 لسنة 1976 في شأن البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي – المنطبق على واقعة النزاع – قد جرى على أن "مجلس إدارة البنك الرئيسي هو السلطة العليا المهيمنة على شئونه وتصريف أموره ويكون له جميع السلطات اللازمة للقيام بالأعمال التي تقتضيها أغراض البنك وعلى الأخص ما يأتي:- (1) ... (2) ... (3) ... الموافقة على مشروعات اللوائح الداخلية المتعلقة بالشئون المالية والإدارية وإصدار اللوائح المتعلقة بنظم العاملين بالبنك الرئيسي والبنوك التابعة ومرتباتهم وأجورهم والمكافآت والمزايا والبدلات الخاصة وتحديد فئات بدل السفر لهم في الداخل والخارج دون التقيد بالنظم والقواعد المنصوص عليها في نظام العاملين المدنيين بالدولة والصادر بالقرار بقانون رقم 58 لسنة 1971 ونظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقرار بقانون رقم 61 لسنة 1971 ويكون ذلك في إطار لوائح البنوك التجارية ..." ونفاذاً لهذا التفويض صدرت لائحة نظام العاملين بالبنك الرئيسي والبنوك التابعة له للعمل بها اعتباراً من 1/4/2006، وكان النص في المادة (128) منها على أن "ينقل العاملون الموجودون بالخدمة في 31/3/2006 وفقاً لقواعد النقل والتعادل إلى الوظائف والمجموعات الوظيفية والروابط المالية الجديدة اعتباراً من 1/4/2006 ويكون ترتيب الأقدمية بين المنقولين بمراعاة أقدمياتهم في الوظائف السابقة وقواعد النقل"، والنص في مادتها (129) على أن "يحتفظ العاملون بالأجور والرواتب والبدلات والمزايا التي كانت مقررة لهم قبل اعتماد هذه اللائحة دون نقصان، ويسرى ما استجد من مزايا بهذه اللائحة اعتباراً من أول أبريل 2006"، والنص في المادة (131) من هذه اللائحة على أن "يعمل بجداول الوظائف والأجور والعلاوات والبدلات المرافقة للائحة نظام العاملين بالبنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي والبنوك التابعة له اعتباراً من 1/4/2006"، والنص في جدول الوظائف والأجور المرفق باللائحة على تحديد بداية الربط المالي للدرجة المالية لأدنى الوظائف بمبلغ 60 جنيهاً شهرياً ولوظيفة مدير إدارة بمبلغ 210 جنيهاً شهرياً، وتقسيم وظائف البنك إلى ثلاث مجموعات نوعية رئيسية منها المجموعة القانونية، يدل على أن البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي وفي إطار إعادة تنظيم العمل وتحقيقاً للمساواة بين العاملين، استحدث هيكلاً جديداً للوظائف والأجور تتضمن إعادة هيكلة الوظائف وترتيبها في مجموعات نوعية جديدة وإعادة هيكلة الأجور بزيادة بداية مربوط الربط المالي للدرجات المالية المقررة لهذه الوظائف على أن ينقل العاملين إلى الوظائف والروابط المالية الجديدة اعتباراً من 1/4/2006 بعد إعادة تقييم وتعادل وظائفهم وأجورهم طبقاً لأحكام هذه اللائحة شريطة ألا يسبق الأحدث الأقدم منهم وألا يترتب على هذا النقل الانتقاص من أجورهم وبدلاتهم والمزايا التي كانت مقررة لهم قبل العمل بأحكام هذه اللائحة. لما كان ذلك، وكان الثابت من التسوية التي أجراها البنك الطاعن للمطعون ضده نفاذاً لأحكام اللائحة السالف بيانها والمشار إليها بتقرير الخبير المقدم في الدعوى والمرفق بملف الطعن، أن الأجر الأساسي للمطعون ضده الأول قبل إجراء هذه التسوية كان مقداره 271,17 جنيهاً شاملاً العلاوة الاستثنائية البالغ مقدارها 38,54 جنيهاً، وأن هذا الأجر أصبح بعد إعادة تسويته وفقاً لهيكل الأجور الجديد مبلغ مقداره 344,67 جنيهاً بزيادة قدرها 73,46 جنيهاً، ومفاد ذلك أن إعادة تسوية الأجر طبقاً لجدول الأجور والعلاوات والبدلات المرفق باللائحة الجديدة لم يترتب عليها الانتقاص من الأجر الذى كان يتقاضاه قبل العمل بهذه اللائحة، ومن ثم فإن دعواه بالمطالبة بالعلاوة مثار النزاع وبما يخالف الأجر المحدد لوظيفته بجدول الأجور المرفق باللائحة - الواجبة التطبيق على واقعة النزاع - تكون فاقدة لسندها القانوني، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى للمطعون ضده بالعلاوة الاستثنائية مثار النزاع وبما يجاوز الأجر المستحق له وفقاً للائحة نظام العاملين بمقولة إنها تم استبعادها من الأجر بعد إعادة تسويته فإنه يكون فضلاً عن مخالفته الثابت بالأوراق قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه، بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم تعين الحكم في الاستئناف رقم ... لسنة 54 ق بني سويف بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

دستورية الزام الجمعيات التعاونية بسداد أرباحها لحساب الضمان الاجتماعي


القضية رقم 261 لسنة 24 ق " دستورية " جلسة 6 /5 / 2012
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد، السادس من مايو سنة 2012م، الموافق الخامس عشر من جمادى الآخرة سنة 1433هـ .
برئاسة السيد المستشار / فاروق أحمد سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : الدكتور/ حنفى على جبالى وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه والدكتور/ عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور/ حمدان حسن فهمى . نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / حاتم حمد بجاتو رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 261 لسنة 24 قضائية " دستورية ".
المقامة من
السيد/ خلف عبد اللطيف علي الدين
بصفته رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية الاستهلاكية لمحافظة سوهاج
ضد
1- السيد رئيس الجمهورية
2- السيد رئيس مجلس الوزراء
3- السيد وزير الشئون الاجتماعية
4- السيد محافظ سوهاج
5- السيد رئيس مجلس إدارة الاتحاد التعاوني الاستهلاكي لمحافظة سوهاج
الإجراءات
بتاريخ الثامن من سبتمبر سنة 2002 ، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى ، قلم كتاب المحكمة ، طالبًا الحكم بعدم دستورية البند الخامس من الفقرة (ب) من المادة (24) من قانون الضمان الاجتماعى رقم 30 لسنة 1977.
 وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها،طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
 وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
 ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعى عليهما الثالث والرابع في الدعوى الماثلة - وزير الشئون الاجتماعية ومحافظ سوهاج- كانا قد أقاما الدعوى رقم 1389 لسنة 1999 مدنى كلى سوهاج، ضد كل من المدعى بصفته رئيسًا لمجلس إدارة الجمعية التعاونية الاستهلاكية بسوهاج، والمدعى عليه الأخير – رئيس مجلس إدارة الاتحاد التعاونى الاستهلاكى لمحافظة سوهاج- بطلب الحكم : أولاً: بندب خبير تكون مهمته الاطلاع على الحسابات الختامية للمدعى عليهما بصفتيهما، عن السنوات 1981، 1984، 1985، 1986، 1987، 1988، 1989، 1998، وحساب النسبة القانونية المستحقة للصندوق المحلي لمساعدات الضمان التابع لكل من المدعى عليهما الثالث والرابع، وفق ما تقرره أحكام القانونين رقمى 30 لسنة 1977، 109 لسنة 1975. ثانياً: بإلزام المدعي والمدعى عليه الأخير، بأن يؤديا للمدعى عليهما الثالث والرابع ما يقرره تقرير الخبير المنتدب مما يستحق لحساب الصندوق المشار إليه، عن سنوات المطالبة السالف بيانها- وذلك نظرًا لتقاعس الجمعية التعاونية الاستهلاكية بسوهاج عن أداء ما يقرره قانون الضمان الاجتماعى من أيلولة نصف نسبة 15% من فائض نشاط الجمعية ، لتمويل الصندوق المحلى لمساعدات الضمان التابع لمديرية الشئون الاجتماعية بسوهاج، على نحو ما تنص عليه أحكام المادة (24) من قانون الضمان الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 30 لسنة 1977. وبجلسة 19/11/2001 قضت محكمة سوهاج الابتدائية بإلزام المدعى والمدعى عليه الأخير بأداء مبلغ سبعة وسبعين ألف وتسعمائة وسبعين جنيهًا إجمالي استحقاق الصندوق المحلى لمساعدات الضمان بسوهاج، تلتزم الجمعية التعاونية الاستهلاكية بسوهاج بأداء ثلثيه للصندوق المذكور، وأداء الثلث المتبقي للصندوق التعاوني الاستهلاكي المركزي بالقاهرة ، وذلك استنادًا إلى ما انتهى إليه خبير الدعوى في تقريره. طعن المدعى والمدعى عليه الأخير على هذا القضاء، الأول بالاستئناف رقم 1723 لسنة 76 ق . سوهاج، والثاني بموجب الاستئناف رقم 1729 لسنة 76 ق. سوهاج . وبتاريخ 26/2/2002 قررت محكمة الاستئناف ضم الطعنين للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد. وأثناء نظرهما دفع المدعى بعدم دستورية نص البند الخامس من الفقرة (ب) من المادة (24) من قانون الضمان الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 30 لسنة 1977، لمخالفته للمواد 29 ، 30 ، 31، 34، 35 ، 36 ، 40 من الدستور. وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت برفع الدعوى الدستورية ، فقد أقام المدعى دعواه الماثلة .
وحيث إن نص البند (5) من الفقرة (ب) من المادة (24) من قانون الضمان الاجتماعي – المطعون عليه – والصادر بالقانون رقم 30 لسنة 1977، قد جرى على أن : تنشأ الصناديق المحلية التالية بالمديريات الإقليمية :
أ- ............
ب - صندوق للمساعدات، ويكون تمويله من الموارد الآتية :
1- ......... 2- ............ 3 - ....... 4 ..........
5- 50% من النسبة المقررة لحساب الخدمات الاجتماعية من فائض أرباح الجمعيات التعاونية . ويفرد لكل من المساعدات الشهرية ومساعدات الدفعة الواحدة ومساعدات الإغاثة حساب مستقل يشمل إيراداته ومصروفاته.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية ، وهى شرط لقبولها، مناطها– وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، ويتحدد مفهوم هذا الشرط باجتماع شرطين: أولهما: أن يقيم المدعى – في الحدود التى اختصم فيها النص المطعون عليه - الدليل على أن ضررًا واقعيًّا قد لحق به، وثانيهما: أن يكون مرد هذا الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت رحى النزاع في الدعوى الموضوعية تدور حول إلزام المدعى بصفته بسداد ما هو مستحق عليه لحساب صندوق المساعدات المنصوص عليه في البند (5) من الفقرة (ب) من المادة 24 من قانون الضمان الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 30 لسنة 1977، والذى يقرر أيلولة 50% من النسبة المقررة لحساب الخدمات الاجتماعية من فائض أرباح الجمعيات التعاونية إلى صندوق المساعدات المنشأ بهذا الخصوص، ومن ثم تغدو مصلحة المدعى الشخصية المباشرة ، في الطعن الدستوري الماثل، نعيا على هذا النص، قائمة ومحققة ، مما يتوافر معه، والحال هذه، للدعوى الدستورية شرط المصلحة اللازم لقبولها، محددة النطاق فيما تضمنه البند (5) من الفقرة (ب) من المادة 24 من قانون الضمان الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 30 لسنة 1977، من تخصيص نسبة 50% من النسبة المقررة لحساب الخدمات الاجتماعية من فائض أرباح الجمعيات الاستهلاكية لتمويل صندوق المساعدات المحلية بالوحدات الإقليمية .
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد اطرد على أن إلغاء النص التشريعي المطعون فيه لا يحول دون النظر والفصل في الطعن بعدم الدستورية من قبل من طبق عليهم ذلك القانون خلال فترة نفاذه وترتبت بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة إليهم، تبعًا لذلك توافرت لهم مصلحة شخصية في الطعن بعدم دستوريته. وإذ كان النص المطعون عليه قد طبق في حق الجمعية المدعية ويمثل سند مطالبتها بالمبالغ المذكورة ، فإن إلغاء النص المذكور ضمن نصوص القانون رقم 30 لسنة 1977 الذى ألغى بالقانون رقم 137 لسنة 2010 بإصدار قانون الضمان الاجتماعى ، والذى قرر في مادته ( الأولى إصدار) تطبيقه على كل المستفيدين بأحكام القانون الأول- لا يحول دون بقاء مصلحة الجمعية المدعية قائمة ومعينة في الطعن على هذا النص بعدم الدستورية .
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن حماية هذه المحكمة للدستور، إنما تنصرف إلى الدستور القائم، إلا أنه إذا كان هذا الدستور ليس ذا أثر رجعى ، فإنه يتعين إعمال أحكام الدستور السابق الذى صدر القانون المطعون عليه في ظل العمل بأحكامه، طالما أن هذا القانون قد عمل بمقتضاه إلى أن تم إلغاؤه أو استبدال نص آخر به خلال مدة سريان ذلك الدستور. متى كان ذلك، وكان النص المطعون عليه قد تم إلغاؤه بموجب القانون رقم 137 لسنة 2010، قبل نفاذ الإعلان الدستورى الصادر بتاريخ 30 مارس سنة 2011، ومن ثم فإنه لا يمكن الاحتكام إلى ما ورد بأحكام ذلك الإعلان الدستورى فيما يتعلق بالنص المطعون فيه، وإنما يتعين الاحتكام بشأنه إلى ما ورد بدستور سنة 1971، الذى صدر القانون المشتمل على النص المطعون عليه في ظل العمل بأحكامه، وتم العمل بذلك النص إلى أن تم إلغاء القانون بكامله واستبدل به قانون جديد خلال مدة سريان ذلك الدستور.
وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون فيه إخلاله بالحماية المقررة للملكية التعاونية ، والعدوان عليها، باعتبارها ملكية خاصة ، وإهدار حقها في الإدارة الذاتية ، والمساس بحرمتها بما يسمح بالاستيلاء على أموالها، فضلاً عن إخلال هذا النص بمبدأ المساواة بين جميع أصحاب الملكيات الخاصة بالنسبة للحقوق التى كفلها الدستور لهم على ملكياتهم- وذلك بالمخالفة لأحكام المواد 29 ، 30 ، 31، 34، 35 ، 36 ، 40 من دستور عام 1971.
وحيث إن ما نعاه المدعى على النص المطعون فيه جملة ، مردود عليه تفصيلاً فيما يلى :
أولاً: أنه إذا كانت الملكية التعاونية تُعد إحدى صور الملكية الثلاثة التى نُص عليها في المادة (29) من دستور سنة 1971، فإنها تختلف عن الملكية العامة والملكية الخاصة ، حيث قصد بها ملكية الجمعيات التعاونية ، ويكفل القانون رعايتها، ويضمن لها الإدارة الذاتية – على نحو ما ورد في المادة (31) من الدستور. وهى بهذا المفهوم تتمايز بالكلية عن كلا نوعى الملكية المتقدمين – من حيث طبيعة عناصر كل منها سواء شخص المالك في كل، أو أهدافه المبتغاة ، أو وسائل تسيير المشروع، وقد حظيت الملكية التعاونية برعاية دستورية من الدولة على النحو السالف بيانه، وتمثل ذلك في إحدى تطبيقات هذه الرعاية ، بالدعم الذى قدمته الدولة للجمعيات التعاونية الاستهلاكية – موضوع الدعوى الماثلة - فيما تضمنه قانون التعاون الاستهلاكى الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1975 من النص على امتيازات لتلك الجمعيات تشمل عدم جواز تملك أموالها بالتقادم وإعطائها أولوية الحصول على قروض، وتخصيص مبالغ سنوية بموازنة الدولة لإعانتها، وتمتعها بالمزايا المقررة لشركات القطاع العام، فضلاً عن عدد من التخفيضات في أجور النقل، والإعفاءات من الضرائب والرسوم – وهذه الامتيازات هى نوع من المساندة الاجتماعية تقدمها الدولة لجمعيات التعاون الاستهلاكى ابتغاء تمكينها من الاضطلاع بأهدافها في خدمة المجتمع، فلا يكون مجافيًا أو مناقضًا للمبادئ التعاونية أن يتم تحميل هذه الجمعيات بقدر من الالتزامات الاجتماعية نظير ما يقدمه المجتمع لها من مزايا وتيسيرات، وبما ينفى مخالفة ذلك أو تصادمه مع نصوص المواد 29 ، 30 ، 31 من دستور سنة 1971.
ثانياً: أن النص المطعون عليه، والذى تقرر بموجبه استقطاع 50% من تلك النسبة المقرر احتجازها للخدمات الاجتماعية – يحيل في ذلك إلى المادة رقم (61) من قانون التعاون الاستهلاكى الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1975 – التى تقضى بأن يوزع الفائض الناتج عن نشاط الجمعية على الوجه الآتى : (أ) ...
(ب)........(ج) 15% لحساب الخدمات الاجتماعية التى يحددها مجلس الإدارة .
وقد وردت عبارة " الخدمات الاجتماعية " – السالف ذكرها – مطلقة دون تحديد يستدل منه أنها قصرت الاستفادة من هذه الخدمات على أعضاء الجمعية التعاونية الاستهلاكية فقط، يظاهر هذا النظر، ما نصت عليه المادة (63) من القانون المذكور من أن " يتولى مجلس إدارة الجمعية صرف ثلثى حصيلة مخصص الخدمات الاجتماعية في منطقة عمل الجمعية . كما يتولى مجلس إدارة الاتحاد التعاونى الاستهلاكى المركزى صرف باقى هذه الحصيلة على مستوى الجمهورية ".
ومؤدى ما تقدم أن المشرع قدّر أن تتحمل الجمعيات التعاونية الاستهلاكية نصيبًا من الكلفة الاجتماعية تتفق مع فلسفة وجود هذه الجمعيات وأهدافها، وأسس التضامن الاجتماعى التى نص الدستور عليها، وتحدد هذا الإسهام المالى في نسبة من صافى أرباح الجمعية ، المخصصة بحسب الأصل – أى وفقا للقانون ذاته – لحساب الخدمات الاجتماعية التى يقرر هذا النص سلطة مجلس الإدارة في توجيهها لما ترتأيه من أوجه الخدمات الاجتماعية ، فإذا ما قَدّر المشرع تعيين وجه من أوجه هذه الخدمات الاجتماعية ، وعينها في دعم صناديق المساعدات المحلية التى ينشئها النص المطعون عليه – للصرف منها في الغرض ذاته الذى خصصت له هذه الأموال أصلاً، فإنه ينتفى عن النص المطعون عليه أى شبهة في الادعاء بعدوانه على الملكية التعاونية أو حقوق الجمعيات التعاونية ، أو إهدار مبدأ الإدارة الذاتية لهذه الجمعيات أو الاستيلاء بغير حق على أموالها فيما يمكن أن يُعد صورة من صور التأميم أو المصادرة ، بما يدرأ عن النص المطعون عليه مخالفته للمواد 34 ، 35 ، 36 من الدستور.
ثالثاً: إن ملاءمات التشريع – وعلى ما اطرد عليه قضاء هذه المحكمة – هى أخص مظاهر السلطة التقديرية للمشرع العادى ، مالم يقيدها الدستور بحدود وضوابط يتعين على التشريع التزامها، وإلا عُدّ مخالفًا للدستور، ومن ثم يكون من حق المشرع العادى أن يستقل بوضع القواعد القانونية التى يراها محققة للمصلحة العامة ، متى كان في ذلك ملتزما بالدستور وقواعده، ويفسر هذا القضاء ما قرره المشرع في النص المطعون عليه من حكم خاص بالنسبة للملكية التعاونية لا يمتد تطبيقه إلى الملكية الخاصة بما يحقق التوازن بين روابط أطراف هاتين الملكيتين بالأوضاع الاجتماعية السائدة ، وبين حقوق وواجبات وإمكانات كل طرف، وحجم ومستوى ما يتمتع به من مزايا وتيسيرات، وما يتقرر عليه من أعباء أو تكاليف، ووجه الصالح العام المبتغى من كل نوع، وبالنظر إلى قدر الامتيازات الهائلة التى منحها قانون التعاون الاستهلاكى للجمعيات التعاونية الاستهلاكية على التفصيل الوارد آنفًا، والدعم الذى يقرره القانون الأخير لتلك الجمعيات، وبمراعاة أن تقديم هذا الدعم مشروط بأدائها للوظيفة الاجتماعية التى يبين المشرع حدودها، وغايتها تحقيق الخير المشترك للفرد والجماعة ، وهذا كله يدحض أى شبهة في الإخلال بمبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة (40) من الدستور.
وحيث إنه تأسيسًا على ما تقدم ، وإذ كان النص المطعون عليه – محددا النطاق على نحو ما ورد سالفًا، لا يناقض أيا من نصوص الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى ، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

حجز بنك ناصر الاجتماعي على الأموال يستند لنص خاص بخلاف قانون الحجز الإداري


القضية رقم 262 لسنة 29 ق "دستورية " جلسة 6 / 2 / 2011
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد ، السادس من فبراير سنة 2011 م ، الموافق الثالث من ربيع الأول سنة 1432هـ.
برئاسة السيد المستشار/ فاروق أحمد سلطان  رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: سعيد مرعى عمرو والدكتور/ عادل عمر شريف وبولس فهمى إسكندر والدكتور/ حمدان حسن فهمى ومحمود محمد غنيم والدكتور/ حسن عبد المنعم البدراوى              نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار/ حاتم حمد بجاتو رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن          أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 262 لسنة 29 قضائية "دستورية " .
المقامة من
السيد/ فكرى أبو حامد عبدالحميد
ضد
1- السيد رئيس الجمهورية
2- السيد رئيس مجلس الوزراء
3- السيد محافظ الفيوم بصفته الرئيس الأعلى للوحدات المحلية
4- السيد وزير المالية
5- السيد المستشار وزير العدل بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الشهر العقارى والتوثيق
6- السيد رئيس مجلس إدارة بنك ناصر الاجتماعى
الإجراءات
بتاريخ الحادى والعشرين من شهر نوفمبر سنة 2007 ، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طالباً الحكم بعدم دستورية الفقرتان (ح ، ى ) من المادة (1) من قانون الحجز الإدارى الصادر بالقانون رقم 308 لسنة 1955 فيما لم تتضمناه من استعمال هذا الحق في حالة الضرورة ، لمخالفته للمواد (40 ، 64 ، 65 ، 68) من الدستور . 
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة ، طلبت في ختامها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن الهيئة العامة لبنك ناصر الاجتماعى كانت قد أوقعت ، بتاريخ 23/5/2006 حجزًا إداريًا على منقولات المدعى ، وفاءً لدين في ذمته يتمثل في القيمة الإيجارية للأرض التى يضع يده عليها والمملوكة للهيئة المذكورة ، وإذ بدد المدعى تلك المنقولات ، فقد قدمته النيابة العامة للمحاكمة الجنائية في الجنحة رقم 9774 لسنة 2006 جنح مركز الفيوم ، بطلب عقابه بالمادتين (341 ، 342) من قانون العقوبات ، والمادتين (3 ، 51) من قانون الحجز الإدارى .  وبجلسة 10/9/2006 قضت المحكمة غيابياً بمعاقبة المتهم – المدعى في الدعوى الماثلة – بالحبس شهر مع الشغل وكفالة 20 جنيهاً لوقف التنفيذ ، فعارض المدعى وقضى باعتبار المعارضة كأن لم تكن ، فأقام المدعى استئنافاً قضى فيه غيابياً بعدم قبوله شكلاً لرفعه بعد الميعاد ، فعارض في هذا الحكم ، وبجلسة 11/11/2007 دفع بعدم دستورية الفقرتان (ح ، ى ) من المادة (1) من قانون الحجز الإداري الآنف الذكر ، فقررت المحكمة التأجيل لجلسة 25/11/2007 لاتخاذ إجراءات الطعن بعدم الدستورية ، فأقام المدعى الدعوى الماثلة .
وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن المصلحة الشخصية المباشرة ، وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية ، مؤداها ألا تفصل المحكمة في غير المسائل الدستورية التى يؤثر الحكم فيها على النزاع الموضوعي ، ويتحدد مفهوم هذا الشرط بأن يقيم المدعى الدليل على أن ضررًا واقعياً قد لحق به ، وأن يكون هذا الضرر عائدًا إلى النص المطعون فيه ، فإذا كان الاخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه ، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة ، ذلك أن إبطال النص التشريعي ، محل الطعن ، في هذه الحالة لن يحقق للمدعى أية فائدة يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها .
وحيث إن المادة (1) من القانون رقم 308 لسنة 1955 في شأن الحجز الإداري تنص على أنه "يجوز أن تتبع إجراءات الحجز الإداري المبينة بهذا القانون عند عدم الوفاء بالمستحقات الآتية في مواعيدها المحددة بالقوانين والمراسيم والقرارات الخاصة بها ....:
(أ).....   (ب) .... (ج) .....  (د) .... ،(ه) إيجارات أملاك الدولة الخاصة ومقابل الانتفاع بأملاكها العامة ، سواء في ذلك ما كان بعقد أو مستغلاً بطريق الخفية . (و) ..... ، (ز) ....، (ح) ما يكون مستحقاً لوزارة الأوقاف وغيرها من الأشخاص الاعتبارية العامة من المبالغ المتقدمة ، وكذلك ما يكون مستحقاً لوزارة الأوقاف بصفتها ناظرًا أو حارسًا من إيجارات أو أحكار أو أثمان الاستبدال للأعيان التي تديرها الوزارة ، (ط) .... ، (ى ) المبالغ الأخرى التى نصت القوانين الخاصة بها على تحصيلها بطريق الحجز الإداري " .
وحيث إن القانون رقم 66 لسنة 1971 بإنشاء هيئة عامة باسم بنك ناصر الاجتماعي ، قد نص في المادة (12) منه على أن "يكون للأموال المستحقة للهيئة لدى الغير بمقتضى أحكام هذا القانون امتياز عام على جميع أموال المدين تستوفى مباشرة بعد المصروفات القضائية ، وللهيئة تحصيل أموالها بطريق الحجز الإداري ".  وهذا النص لا مراء هو نص خاص بالنظر للنص العام الوارد محل الفقرة (ح) من قانون الحجز الإداري المطعون فيها.  فإذا كان ذلك ، وكان الحجز الإداري الذى أوقعه بنك ناصر الاجتماعي على أموال المدعى قد استند إلى هذا النص الخاص ، فإن إبطال النص التشريعي العام ، ومحله الفقرة (ح) المار ذكرها، لن يحقق للمدعى أية فائدة يتغير بها مركزه القانوني ، بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها ، وتكون مصلحة المدعى في الطعن عليه منتفية .
وحيث إنه عن نص الفقرة (ى ) من المادة (1) من قانون الحجز الإداري المطعون فيها أيضًا ، فلما كان قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن النص المذكور يحيل في شأن تحديد المبالغ التي تتبع إجراءات الحجز الإداري لاقتضائها إلى القوانين الخاصة بها ، ولم يتضمن هذا النص ، في ذاته ، حكمًا موضوعيًا محددًا مس حقاً للمدعى ، فإن مصلحته في الطعن عليه ، والحال هذه ، تكون منتفية .
وحيث إنه متى كان ما تقدم جميعه ، فقد تعين القضاء بعدم قبول الدعوى برمتها .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى ، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .

قوانين التنظيمات النقابية المهنية من القوانين المكملة للدستور (القانون رقم 100 لسنة 1993)


القضية رقم 198 لسنة 23 ق " دستورية "جلسة 2 / 1 / 2011
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد الثانى من يناير سنة 2011م ، الموافق السابع والعشرين من المحرم سنة 1432 هـ  .
برئاسة السيد المستشار / فاروق أحمد سلطان  رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين/ ماهر البحيرى ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى وماهر سامى يوسف وبولس فهمى اسكندر  نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / حاتم حمد بجاتو   رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن   أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 198 لسنة 23 قضائية " دستورية " .
المقامة من
السيد الأستاذ / عبد العظيم جودة مصطفى ماجد
ضد
1.  السيد وزير العدل
2.  السيد المستشار رئيس محكمة جنوب القاهرة الابتدائية
3.  السيد رئيس مجلس الوزراء
4.  السيد الأستاذ نقيب المحامين
" الإجراءات "
بتاريخ العاشر من شهر يوليو سنة 2001، أودع المدعى ، صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالباً الحكم بعدم دستورية القانون رقم 100 لسنة 1993 بشأن ضمانات ديمقراطية التنظيمات النقابية المهنية ، المعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1995، خاصة المواد الثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسادسة مكرراً والتاسعة من هذا القانون.
وقدمت هيئة قضايا الدولة ثلاث مذكرات، طلبت في الأولى رفض الدعوى ، وفى الثانية والثالثة الحكم، أصلياً: بعدم قبول الدعوى ، واحتياطياً: برفضها. كما قدمت نقابة المحامين مذكرة بذات الطلبات .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، حيث طلب الحاضر عن نقابة المحامين تأجيل نظر الدعوى لنظرها مع الدعوى رقم 167 لسنة 24 ق "دستورية " وضمهما للارتباط.
وقررت المحكمة إصدار الحكم في الدعوى بجلسة اليوم .
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع -على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل في أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 5656 لسنة 55 قضائية ، أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة ، ضد المدعى عليهما الأول والثانى ، بطلب الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبى للجنة القضائية المشرفة على انتخابات نقيب وأعضاء مجلس نقابة القاهرة الفرعية للمحامين بالامتناع عن فرز الأصوات، وإعلان نتيجة الانتخابات التى أجريت يومى 18 مارس و25 مارس سنة 2001، وذلك لحين الفصل في الطعن موضوعاً بإلغاء ذلك القرار وما يترتب على ذلك من آثار قانونية ، أخصها تشكيل مجلس نقابة القاهرة الفرعية للمحامين. وأثناء نظر محكمة القضاء الإدارى لذلك الطعن، دفع المدعى بعدم دستورية القانون رقم 100 لسنة 1993 المشار إليه، والمعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1995، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية دفعه، وصرحت له برفع الدعوى الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة .
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى من وجهين، الأول: التجهيل بالنصوص التشريعية المطعون عليها، لخلو تصريح محكمة الموضوع من تعريف بها، يكون محدداً بذاته لما هيتها، وكاشفاً عن حقيقة محتواها، مما مؤداه: أن هذا التصريح قد ورد على غير محل، ومن ثم تكون الدعوى الماثلة قد اتصلت بالمحكمة بالمخالفة للأوضاع المنصوص عليها في قانونها، والثاني : أن المشرع الدستوري قد أجرى تعديلاً على نص المادة (194) من الدستور، حدد بمقتضاه المواد الدستورية التى احتوت أحكامها ما يعد من القوانين المكملة للدستور، ولم يرد من بينها القانون المطعون بعدم دستوريته، الأمر الذى تنتفى معه مصلحة المدعى في الدعوى الماثلة . وهذا هو أيضاً ما استندت إليه نقابة المحامين في طلب الحكم بعدم قبول الدعوى .
وحيث إن هذا الدفع مردود في وجهه الأول بأن المدعى إذ طعن أمام محكمة الموضوع بعدم دستورية القانون رقم 100 لسنة 1993 المعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1995 بأكمله، وكان التصريح الصادر عنها برفع الدعوى الدستورية قد تعلق بهذا القانون في جملة أحكامه، فإن هذا التصريح يكون منصرفاً على كامل القانون المطعون عليه، بما في ذلك النصوص التى عينها المدعى بذواتها، ومردود في وجه الثاني ، بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأوضاع الشكلية للنصوص القانونية تتحدد على ضوء ما قررته في شأنها أحكام الدستور التي فرضها، ذلك أن النصوص المدعى مخالفتها للدستور من جوانب شكلية ، لا يتصور إخضاعها لغير الأوضاع الإجرائية التى كان ممكناً إدراكها عند إقرارها أو إصدارها . متى كان ذلك، وكان القانون المطعون عليه رقم 100 لسنة 1993 المعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1995، صدر قبل تعديل نصى المادتين (194، 195) من دستور سنة 1971 طبقاً لنتيجة الاستفتاء الذى جرى في 26/3/2007، فإن لازم ذلك ومؤداه: أن تتحدد الأوضاع الشكلية لنصوص ذلك القانون في شأن إقرارها وإصدارها على ضوء ما قررته أحكام المادة (195) من الدستور قبل تعديلها سالف الإشارة إليه. وإذ كان من المقرر أيضاً في قضاء هذه المحكمة ضرورة وجود صلة حتمية بين الدعويين الدستورية والموضوعية ، لازمها أن يكون قضاؤها في أولاهما مؤثراً في النزاع الموضوعى المرتبط بها، ومقتضاها أن يكون هذا النزاع قائماً عند الفصل في الدعوى الدستورية ، وإلا فقد الحكم الصادر فيها جدواه بعد أن لم يعد ثمة موضوع يمكن إنزال قضاء المحكمة الدستورية العليا عليه. متى كان ذلك، وكان الطعن بعدم الدستورية يدور حول حقوق وأوضاع سابقة على الفصل في الدعوى الدستورية ، وكان ما يتوخاه الطاعن من إبطال القانون الطعين، هو إلغاء آثاره كي لا يطبق في النزاع الموضوعى ، فإن حرمان الطاعن من الحصول على هذه الترضية القضائية -بعد قيام موجبها- يعتبر إهداراً للغاية النهائية لحق التقاضى الذى حرص الدستور في المادة (68) منه على ضمانه للناس كافة ، بما يكون معه التمسك بزوال مصلحة الطاعن في دعواه الماثلة ، لا سند له من القانون. ومن ثم يكون الدفع بعدم قبول الدعوى بوجهيه المذكورين قد ورد على غير محل حرياً بالالتفات عنه.
وحيث إنه عن طلب الحاضر عن نقابة المحامين ضم الدعوى رقم 167 لسنة 24 ق "دستورية " إلى الدعوى الماثلة لارتباط موضوعهما، فإنه لما كانت الدعوى رقم 167 لسنة 24 ق "دستورية " لم تحدد بعد جلسة لنظرها أمام المحكمة وكانت الدعوى الماثلة مهيأة للفصل فيها، فإن المحكمة تلتفت عن هذا الطلب .
وحيث إن المدعى ينعى على القانون رقم 100 لسنة 1993 المشار إليه والمعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1995 انطواءه على عيب شكلى لصدوره دون عرض مشروعه على مجلس الشورى ، بالمخالفة لنصى المادتين (194، 195) من الدستور، وعيب موضوعى هو انحرافه التشريعى لإخلاله بالمبادئ الدستورية المقررة في شأن تكافؤ الفرص لجميع المواطنين، والمساواة بينهم، والحق في إنشاء نقابات على أساس ديمقراطى ، وحق الانتخاب والترشح وإبداء الرأى ، وسيادة القانون، وهى المبادئ المنصوص عليها بالمواد (8، 40، 56، 62، 64، 65) من الدستور .
وحيث إن الأصل في الرقابة التى تباشرها هذه المحكمة على دستورية النصوص التشريعية أنها رقابة شاملة تتناول كافة المطاعن الموجهة إليها أياً كانت طبيعتها، وأنها بالتالى لا تقتصر على العيوب الموضوعية التى تقوم على مخالفة نص تشريعى للمضمون الموضوعى لقاعدة واردة في الدستور، وإنما تمتد هذه الرقابة إلى المطاعن الشكلية التى تقوم في مبناها على مخالفة نص تشريعى للأوضاع الإجرائية التى تطلبها الدستور، سواء في ذلك ما كان منها متصلاً باقتراح النصوص التشريعية أو إقرارها أو إصدارها.
وحيث إنه من المقرر -وعلى ما اطرد عليه قضاء هذه المحكمة - أن التحقق من استيفاء النصوص القانونية لأوضاعها الشكلية يعتبر أمراً سابقاً بالضرورة على الخوض في عيوبها الموضوعية ، ذلك أن الأوضاع الشكلية للنصوص القانونية هى من مقوماتها، لا تقوم إلا بها ولا يكتمل بنيانها أصلاً في غيابها، وبالتالى تفقد بتخلفها وجودها كقاعدة قانونية تتوافر لها خاصية الإلزام، ولا كذلك عيوبها الموضوعية ، إذ يفترض بحثها أن تكون هذه النصوص مستوفية لأوضاعها الشكلية ، ذلك أن المطاعن الشكلية -وبالنظر إلى طبيعتها- لا يتصور أن يكون تحريها وقوفاً على حقيقتها، تالياً للنظر في المطاعن الموضوعية ، ولكنها تتقدمها، ويتعين على المحكمة الدستورية العليا أن تتقصاها -من تلقاء نفسها- بلوغاً لغاية الأمر فيها، ولو كان نطاق الطعن المعروض عليها من حصراً في المطاعن الموضوعية دون سواها، منصرفاً إليها وحدها .
وحيث إن المادة (195) من الدستور قبل تعديلها المار بيانه كانت تنص على أن "يؤخذ رأى مجلس الشورى فيما يلى : 1- ......... 2- مشروعات القوانين المكملة للدستور. 3- ........ 4- ...... 5- ..... 6- ...... ويبلغ المجلس رأيه في هذه الأمور إلى رئيس الجمهورية ومجلس الشعب".
وحيث إن مؤدى ذلك -وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن عرض مشروعات هذه القوانين على مجلس الشورى ليقول كلمته فيها لا يكون إلا وجوبياً، فلا فكاك منه ولا محيص عنه، ولا يسوغ التفريط فيه أو إغفاله، وإلا تقوض بنيان القانون برمته من أساسه، فإذا تحققت المحكمة من تخلف هذا الإجراء، تعين إسقاط القانون المشوب بذلك العوار الشكلي بكامل النصوص التي تضمنها، ولبات لغواً-بعدئذ- التعرض لبحث اتفاق بعضها مع الأحكام الموضوعية للدستور أو منافاتها لها.
وحيث إن الدستور - قبل تعديله في 26 مارس سنة 2007 - لم يكن يتضمن تحديداً للقوانين المكملة للدستور أو ما يعين على إيضاح معناها، وبلوغاً لهذا التحديد، استقر قضاء هذه المحكمة على أن ثمة شرطين يتعين اجتماعهما معاً لاعتبار مشروع قانون معين مكملاً للدستور، (أولهما) أن يكون الدستور ابتداء قد نص صراحة في مسألة بعينها على أن يكون تنظيمها بقانون أو وفقاً لقانون أو في الحدود التى يبينها القانون أو طبقاً للأوضاع التي يقررها، فإن هو فعل، دل ذلك على أن هذا التنظيم بلغ في تقديره درجة من الأهمية والثقل لا يجوز معها أن يعهد به إلى أداة أدنى ، (ثانيهما) أن يكون هذا التنظيم متصلاً بقاعدة كلية مما جرت الوثائق الدستورية على احتوائها وإدراجها تحت نصوصها، وتلك هى القواعد الدستورية بطبيعتها التى لا تخلو منها في الأعم أية وثيقة دستورية ، والتى يتعين كى يكون التنظيم التشريعي مكملا لها أن يكون محدداً لمضمونها، مفصلاً لحكمها، مبيناً لحدودها. بما مؤداه: أن الشرط الأول، وإن كان لازماً كأمر مبدئي يتعين التحقق من توافره قبل الفصل في أية نزاع حول ما إذا كان مشروع القانون المعروض يُعَد أولا مكملاً للدستور، إلا أنه ليس شرطاً كافياً، بل يتعين لاعتبار المشروع كذلك أن يقوم الشرطان معاً متضافرين، استبعاداً لكل مشروع قانون لا تربطه أية صلة بالقواعد الدستورية الأصيلة ، بل يكون غريباً عنها مقحماً عليها. واجتماع هذين الشرطين مؤداه: أن معيار تحديد القوانين المكملة للدستور، والتي يتعين أن يؤخذ فيها رأى مجلس الشورى قبل تقديمها إلى السلطة التشريعية ، لا يجوز أن يكون شكلياً صرفاً، ولا موضوعياً بحتاً، بل قوامه مزاوجة بين ملامح شكلية ، وما ينبغى أن يتصل بها من العناصر الموضوعية .
وحيث إن البين من استقراء الدساتير المصرية المتعاقبة حرصها على النص على كفالة الحق في تكوين النقابات وذلك وفق عبارة نص المادة (55) من دستور سنة 1956، ونص المادة (41) من دستور سنة 1964، وهو الحد الذى جاوزه دستور سنة 1971 بتقريره مبدأ الديمقراطية النقابية ، إذ نص في الفقرة الأولى من المادة (56) منه على أن "إنشاء النقابات والاتحادات على أساس ديمقراطي حق يكفله القانون، وتكون لها الشخصية الاعتبارية ". ومؤدى ما تقدم أن المشرع الدستوري عنى بأن يكون لأعضاء النقابة الحق في أن يختاروا بأنفسهم وفى حرية قيادتهم النقابية التي تعبر عن إرادتهم وتنوب عنهم، وكذا حقهم في صياغة أنظمة النقابة وبرامجها، وتنظيم إدارتها وأوجه نشاطها في حرية تامة ، كذلك فإن الديمقراطية النقابية في محتواها المقرر دستورياً لازمها أن يكون الفوز داخل النقابة بمناصبها المختلفة مرتبطاً بإرادة أعضائها الحرة الواعية ، وفاء بأهدافها، وضماناً لتقدمها في الشئون المختلفة التي تقوم عليها، توكيداً لديمقراطية العمل الوطني في واحد من أدق مجالاته وأكثرها اتصالاً به.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد تواتر على أن الديمقراطية النقابية التي كرسها، وأقام صرحها نص المادة (56) من الدستور، تحتم أن يكون التنظيم النقابي قائماً وفق مقاييس ديمقراطية يكون القانون كافلاً لها، توكيداً لأهمية وخطورة المصالح التى يمثلها، وعمق اتصالها بالحقوق المقررة قانوناً لأعضائها، فلا ينحاز العمل النقابي لمصالح جانبية لبعضهم محدودة أهميتها، بل يكون تقدمياً بالضرورة ، متبنياً نهجاً مقبولاً من جموعهم، وقابلا للتغيير على ضوء إرادتهم . كما وأن الديمقراطية النقابية تعتبر مفترضاً أولياً لوجود حركة نقابية تستقل بذاتيتها ومناحي نشاطها، وبها يكون العمل النقابي إسهاماً جماعياً في المجتمع المدنى ، متى كان هذا العمل منفتحاً لكل الآراء، قائماً على فرص حقيقية لتداولها وتفاعلها، بما يوفق بينها قدر الإمكان أو يبدلها بغيرها، فلا يكون العمل النقابي إملاءً أو التواءً، بل تراضياً والتزاماً، وإلا كان مجاوزاً الحدود التي ينبغي أن يترسمها.
وحيث عُنيت المواثيق الدولية ودساتير الدول المختلفة - العربية منها والأجنبية - على ترسيخ المفهوم الديمقراطي للنقابات، ودورها في الضمير العالمي والوطني ، وتمهيد الطريق أمامها للنهوض بواجباتها في خدمة المجتمع، ومن ذلك ما نصت عليه الفقرة الرابعة من المادة (3) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10/12/1948 من أن "لكل شخص الحق في أن ينشئ وأن ينضم إلى نقابات حماية لمصلحته"، كما نصت المادة (22) من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن " لكل فرد الحق في حرية تكوين الجمعيات مع الآخرين بما في ذلك حق إنشاء النقابات والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه، ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسته هذا الحق إلا تلك التى ينص عليها القانون وتشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي لصيانة الأمن القومي أو السلام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم". وعلى الهدى ذاته، رددت الوثائق الدستورية في عديد من الدول - على اختلاف نظمها السياسية وتوجهاتها الاقتصادية وموروثاتها الثقافية - مفاهيماً وأحكاماً قاطعة الدلالة على أن حق تكوين النقابات على أسس ديمقراطية إنما هو من الأصول الدستورية التي لا مراء فيها . متى كان ما تقدم، فإن القانون رقم 100 لسنة 1993 بشأن ضمانات ديمقراطية التنظيمات النقابية المهنية والمعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1995 المطعون فيه يكون قد توافر في شأنه العنصران الشكلي والموضوعي اللازمان لارتقائه إلى مصاف القوانين المكملة للدستور، التي أوجبت المادة (195) من الدستور، قبل تعديلها طبقاً لنتيجة الاستفتاء الذى جرى في 26/3/2007، أخذ رأى مجلس الشورى في مشروعه، وإذ لم يقم بالأوراق دليل على عرض مشروع القانون المشار إليه على مجلس الشورى ، بل ثبت من كتاب أمين عام مجلس الشورى رقم 87 بتاريخ 30/8/2004 -المرفق بالأوراق- أنه لم يسبق لمجلس الشورى أن ناقش مشروع القانون المذكور لأخذ رأيه فيه، فإنه يكون مشوباً بمخالفة نص المادة (195) من الدستور قبل تعديلها .
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان العيب الدستوري المشار إليه قد شمل القانون المطعون عليه بتمامه، فإن القضاء بعدم دستوريته برمته يكون متعيناً، دون حاجة إلى الخوض فيما اتصل ببعض نصوصه من مظنة انطوائها على عوار دستورى موضوعى .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية القانون رقم 100 لسنة 1993 بشأن ضمانات ديمقراطية التنظيمات النقابية المهنية المعدل بالقانون رقم 5 لسنة 1995، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماه.