القضية رقم 261 لسنة 24 ق " دستورية " جلسة 6 /5 / 2012
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد، السادس من مايو سنة 2012م،
الموافق الخامس عشر من جمادى الآخرة سنة 1433هـ .
برئاسة السيد المستشار / فاروق أحمد سلطان رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : الدكتور/ حنفى على جبالى وماهر سامى يوسف
ومحمد خيرى طه والدكتور/ عادل عمر شريف ورجب عبد الحكيم سليم والدكتور/ حمدان حسن
فهمى . نواب رئيس المحكمة
وحضور السيد المستشار / حاتم حمد بجاتو رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / محمد ناجى عبد السميع أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 261 لسنة 24
قضائية " دستورية ".
المقامة من
السيد/ خلف عبد اللطيف علي الدين
بصفته رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية الاستهلاكية لمحافظة سوهاج
ضد
1- السيد رئيس الجمهورية
2- السيد رئيس مجلس الوزراء
3- السيد وزير الشئون الاجتماعية
4- السيد محافظ سوهاج
5- السيد رئيس مجلس إدارة الاتحاد التعاوني الاستهلاكي لمحافظة سوهاج
الإجراءات
بتاريخ الثامن من سبتمبر سنة 2002 ، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى ،
قلم كتاب المحكمة ، طالبًا الحكم بعدم دستورية البند الخامس من الفقرة (ب) من
المادة (24) من قانون الضمان الاجتماعى رقم 30 لسنة 1977.
وقدمت هيئة قضايا الدولة
مذكرة بدفاعها،طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت
هيئة المفوضين تقريرًا برأيها .
ونُظرت الدعوى على النحو
المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل
في أن المدعى عليهما الثالث والرابع في الدعوى الماثلة - وزير الشئون الاجتماعية
ومحافظ سوهاج- كانا قد أقاما الدعوى رقم 1389 لسنة 1999 مدنى كلى سوهاج، ضد كل من
المدعى بصفته رئيسًا لمجلس إدارة الجمعية التعاونية الاستهلاكية بسوهاج، والمدعى
عليه الأخير – رئيس مجلس إدارة الاتحاد التعاونى الاستهلاكى لمحافظة سوهاج- بطلب
الحكم : أولاً: بندب خبير تكون مهمته الاطلاع على الحسابات الختامية للمدعى عليهما
بصفتيهما، عن السنوات 1981، 1984، 1985، 1986، 1987، 1988، 1989، 1998، وحساب
النسبة القانونية المستحقة للصندوق المحلي لمساعدات الضمان التابع لكل من المدعى
عليهما الثالث والرابع، وفق ما تقرره أحكام القانونين رقمى 30 لسنة 1977، 109 لسنة
1975. ثانياً: بإلزام المدعي والمدعى عليه الأخير، بأن يؤديا للمدعى عليهما الثالث
والرابع ما يقرره تقرير الخبير المنتدب مما يستحق لحساب الصندوق المشار إليه، عن
سنوات المطالبة السالف بيانها- وذلك نظرًا لتقاعس الجمعية التعاونية الاستهلاكية
بسوهاج عن أداء ما يقرره قانون الضمان الاجتماعى من أيلولة نصف نسبة 15% من فائض
نشاط الجمعية ، لتمويل الصندوق المحلى لمساعدات الضمان التابع لمديرية الشئون
الاجتماعية بسوهاج، على نحو ما تنص عليه أحكام المادة (24) من قانون الضمان الاجتماعي
الصادر بالقانون رقم 30 لسنة 1977. وبجلسة 19/11/2001 قضت محكمة سوهاج الابتدائية
بإلزام المدعى والمدعى عليه الأخير بأداء مبلغ سبعة وسبعين ألف وتسعمائة وسبعين
جنيهًا إجمالي استحقاق الصندوق المحلى لمساعدات الضمان بسوهاج، تلتزم الجمعية
التعاونية الاستهلاكية بسوهاج بأداء ثلثيه للصندوق المذكور، وأداء الثلث المتبقي
للصندوق التعاوني الاستهلاكي المركزي بالقاهرة ، وذلك استنادًا إلى ما انتهى إليه
خبير الدعوى في تقريره. طعن المدعى والمدعى عليه الأخير على هذا القضاء، الأول
بالاستئناف رقم 1723 لسنة 76 ق . سوهاج، والثاني بموجب الاستئناف رقم 1729 لسنة 76
ق. سوهاج . وبتاريخ 26/2/2002 قررت محكمة الاستئناف ضم الطعنين للارتباط وليصدر
فيهما حكم واحد. وأثناء نظرهما دفع المدعى بعدم دستورية نص البند الخامس من الفقرة
(ب) من المادة (24) من قانون الضمان الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 30 لسنة 1977،
لمخالفته للمواد 29 ، 30 ، 31، 34، 35 ، 36 ، 40 من الدستور. وإذ قدرت المحكمة
جدية الدفع، وصرحت برفع الدعوى الدستورية ، فقد أقام المدعى دعواه الماثلة .
وحيث إن نص البند (5) من الفقرة (ب) من المادة (24) من قانون الضمان الاجتماعي
– المطعون عليه – والصادر بالقانون رقم 30 لسنة 1977، قد جرى على أن : تنشأ
الصناديق المحلية التالية بالمديريات الإقليمية :
أ- ............
ب - صندوق للمساعدات، ويكون تمويله من الموارد الآتية :
1- ......... 2- ............ 3 - ....... 4 ..........
5- 50% من النسبة المقررة لحساب الخدمات الاجتماعية من فائض أرباح
الجمعيات التعاونية . ويفرد لكل من المساعدات الشهرية ومساعدات الدفعة الواحدة
ومساعدات الإغاثة حساب مستقل يشمل إيراداته ومصروفاته.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية ، وهى شرط
لقبولها، مناطها– وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن يكون ثمة ارتباط بينها
وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة
الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، ويتحدد مفهوم
هذا الشرط باجتماع شرطين: أولهما: أن يقيم المدعى – في الحدود التى اختصم فيها
النص المطعون عليه - الدليل على أن ضررًا واقعيًّا قد لحق به، وثانيهما: أن يكون
مرد هذا الأمر في هذا الضرر إلى النص التشريعي المطعون عليه.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكانت رحى النزاع في الدعوى الموضوعية تدور
حول إلزام المدعى بصفته بسداد ما هو مستحق عليه لحساب صندوق المساعدات المنصوص
عليه في البند (5) من الفقرة (ب) من المادة 24 من قانون الضمان الاجتماعي الصادر
بالقانون رقم 30 لسنة 1977، والذى يقرر أيلولة 50% من النسبة المقررة لحساب
الخدمات الاجتماعية من فائض أرباح الجمعيات التعاونية إلى صندوق المساعدات المنشأ
بهذا الخصوص، ومن ثم تغدو مصلحة المدعى الشخصية المباشرة ، في الطعن الدستوري
الماثل، نعيا على هذا النص، قائمة ومحققة ، مما يتوافر معه، والحال هذه، للدعوى
الدستورية شرط المصلحة اللازم لقبولها، محددة النطاق فيما تضمنه البند (5) من
الفقرة (ب) من المادة 24 من قانون الضمان الاجتماعى الصادر بالقانون رقم 30 لسنة
1977، من تخصيص نسبة 50% من النسبة المقررة لحساب الخدمات الاجتماعية من فائض
أرباح الجمعيات الاستهلاكية لتمويل صندوق المساعدات المحلية بالوحدات الإقليمية .
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد اطرد على أن إلغاء النص التشريعي المطعون
فيه لا يحول دون النظر والفصل في الطعن بعدم الدستورية من قبل من طبق عليهم ذلك
القانون خلال فترة نفاذه وترتبت بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة إليهم، تبعًا لذلك
توافرت لهم مصلحة شخصية في الطعن بعدم دستوريته. وإذ كان النص المطعون عليه قد طبق
في حق الجمعية المدعية ويمثل سند مطالبتها بالمبالغ المذكورة ، فإن إلغاء النص
المذكور ضمن نصوص القانون رقم 30 لسنة 1977 الذى ألغى بالقانون رقم 137 لسنة 2010
بإصدار قانون الضمان الاجتماعى ، والذى قرر في مادته ( الأولى إصدار) تطبيقه على
كل المستفيدين بأحكام القانون الأول- لا يحول دون بقاء مصلحة الجمعية المدعية
قائمة ومعينة في الطعن على هذا النص بعدم الدستورية .
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن حماية هذه المحكمة للدستور،
إنما تنصرف إلى الدستور القائم، إلا أنه إذا كان هذا الدستور ليس ذا أثر رجعى ،
فإنه يتعين إعمال أحكام الدستور السابق الذى صدر القانون المطعون عليه في ظل العمل
بأحكامه، طالما أن هذا القانون قد عمل بمقتضاه إلى أن تم إلغاؤه أو استبدال نص آخر
به خلال مدة سريان ذلك الدستور. متى كان ذلك، وكان النص المطعون عليه قد تم إلغاؤه
بموجب القانون رقم 137 لسنة 2010، قبل نفاذ الإعلان الدستورى الصادر بتاريخ 30
مارس سنة 2011، ومن ثم فإنه لا يمكن الاحتكام إلى ما ورد بأحكام ذلك الإعلان
الدستورى فيما يتعلق بالنص المطعون فيه، وإنما يتعين الاحتكام بشأنه إلى ما ورد
بدستور سنة 1971، الذى صدر القانون المشتمل على النص المطعون عليه في ظل العمل
بأحكامه، وتم العمل بذلك النص إلى أن تم إلغاء القانون بكامله واستبدل به قانون
جديد خلال مدة سريان ذلك الدستور.
وحيث إن المدعى ينعى على النص المطعون فيه إخلاله بالحماية المقررة
للملكية التعاونية ، والعدوان عليها، باعتبارها ملكية خاصة ، وإهدار حقها في الإدارة
الذاتية ، والمساس بحرمتها بما يسمح بالاستيلاء على أموالها، فضلاً عن إخلال هذا
النص بمبدأ المساواة بين جميع أصحاب الملكيات الخاصة بالنسبة للحقوق التى كفلها
الدستور لهم على ملكياتهم- وذلك بالمخالفة لأحكام المواد 29 ، 30 ، 31، 34، 35 ،
36 ، 40 من دستور عام 1971.
وحيث إن ما نعاه المدعى على النص المطعون فيه جملة ، مردود عليه
تفصيلاً فيما يلى :
أولاً: أنه إذا كانت الملكية التعاونية تُعد إحدى صور الملكية الثلاثة
التى نُص عليها في المادة (29) من دستور سنة 1971، فإنها تختلف عن الملكية العامة
والملكية الخاصة ، حيث قصد بها ملكية الجمعيات التعاونية ، ويكفل القانون رعايتها،
ويضمن لها الإدارة الذاتية – على نحو ما ورد في المادة (31) من الدستور. وهى بهذا
المفهوم تتمايز بالكلية عن كلا نوعى الملكية المتقدمين – من حيث طبيعة عناصر كل
منها سواء شخص المالك في كل، أو أهدافه المبتغاة ، أو وسائل تسيير المشروع، وقد
حظيت الملكية التعاونية برعاية دستورية من الدولة على النحو السالف بيانه، وتمثل
ذلك في إحدى تطبيقات هذه الرعاية ، بالدعم الذى قدمته الدولة للجمعيات التعاونية
الاستهلاكية – موضوع الدعوى الماثلة - فيما تضمنه قانون التعاون الاستهلاكى الصادر
بالقانون رقم 109 لسنة 1975 من النص على امتيازات لتلك الجمعيات تشمل عدم جواز
تملك أموالها بالتقادم وإعطائها أولوية الحصول على قروض، وتخصيص مبالغ سنوية
بموازنة الدولة لإعانتها، وتمتعها بالمزايا المقررة لشركات القطاع العام، فضلاً عن
عدد من التخفيضات في أجور النقل، والإعفاءات من الضرائب والرسوم – وهذه الامتيازات
هى نوع من المساندة الاجتماعية تقدمها الدولة لجمعيات التعاون الاستهلاكى ابتغاء تمكينها
من الاضطلاع بأهدافها في خدمة المجتمع، فلا يكون مجافيًا أو مناقضًا للمبادئ
التعاونية أن يتم تحميل هذه الجمعيات بقدر من الالتزامات الاجتماعية نظير ما يقدمه
المجتمع لها من مزايا وتيسيرات، وبما ينفى مخالفة ذلك أو تصادمه مع نصوص المواد 29
، 30 ، 31 من دستور سنة 1971.
ثانياً: أن النص المطعون عليه، والذى تقرر بموجبه استقطاع 50% من تلك
النسبة المقرر احتجازها للخدمات الاجتماعية – يحيل في ذلك إلى المادة رقم (61) من
قانون التعاون الاستهلاكى الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1975 – التى تقضى بأن يوزع
الفائض الناتج عن نشاط الجمعية على الوجه الآتى : (أ) ...
(ب)........(ج) 15% لحساب الخدمات الاجتماعية التى يحددها مجلس
الإدارة .
وقد وردت عبارة " الخدمات الاجتماعية " – السالف ذكرها –
مطلقة دون تحديد يستدل منه أنها قصرت الاستفادة من هذه الخدمات على أعضاء الجمعية
التعاونية الاستهلاكية فقط، يظاهر هذا النظر، ما نصت عليه المادة (63) من القانون
المذكور من أن " يتولى مجلس إدارة الجمعية صرف ثلثى حصيلة مخصص الخدمات
الاجتماعية في منطقة عمل الجمعية . كما يتولى مجلس إدارة الاتحاد التعاونى
الاستهلاكى المركزى صرف باقى هذه الحصيلة على مستوى الجمهورية ".
ومؤدى ما تقدم أن المشرع قدّر أن تتحمل الجمعيات التعاونية
الاستهلاكية نصيبًا من الكلفة الاجتماعية تتفق مع فلسفة وجود هذه الجمعيات
وأهدافها، وأسس التضامن الاجتماعى التى نص الدستور عليها، وتحدد هذا الإسهام
المالى في نسبة من صافى أرباح الجمعية ، المخصصة بحسب الأصل – أى وفقا للقانون
ذاته – لحساب الخدمات الاجتماعية التى يقرر هذا النص سلطة مجلس الإدارة في توجيهها
لما ترتأيه من أوجه الخدمات الاجتماعية ، فإذا ما قَدّر المشرع تعيين وجه من أوجه
هذه الخدمات الاجتماعية ، وعينها في دعم صناديق المساعدات المحلية التى ينشئها
النص المطعون عليه – للصرف منها في الغرض ذاته الذى خصصت له هذه الأموال أصلاً،
فإنه ينتفى عن النص المطعون عليه أى شبهة في الادعاء بعدوانه على الملكية
التعاونية أو حقوق الجمعيات التعاونية ، أو إهدار مبدأ الإدارة الذاتية لهذه
الجمعيات أو الاستيلاء بغير حق على أموالها فيما يمكن أن يُعد صورة من صور التأميم
أو المصادرة ، بما يدرأ عن النص المطعون عليه مخالفته للمواد 34 ، 35 ، 36 من
الدستور.
ثالثاً: إن ملاءمات التشريع – وعلى ما اطرد عليه قضاء هذه المحكمة –
هى أخص مظاهر السلطة التقديرية للمشرع العادى ، مالم يقيدها الدستور بحدود وضوابط
يتعين على التشريع التزامها، وإلا عُدّ مخالفًا للدستور، ومن ثم يكون من حق المشرع
العادى أن يستقل بوضع القواعد القانونية التى يراها محققة للمصلحة العامة ، متى
كان في ذلك ملتزما بالدستور وقواعده، ويفسر هذا القضاء ما قرره المشرع في النص
المطعون عليه من حكم خاص بالنسبة للملكية التعاونية لا يمتد تطبيقه إلى الملكية
الخاصة بما يحقق التوازن بين روابط أطراف هاتين الملكيتين بالأوضاع الاجتماعية
السائدة ، وبين حقوق وواجبات وإمكانات كل طرف، وحجم ومستوى ما يتمتع به من مزايا
وتيسيرات، وما يتقرر عليه من أعباء أو تكاليف، ووجه الصالح العام المبتغى من كل
نوع، وبالنظر إلى قدر الامتيازات الهائلة التى منحها قانون التعاون الاستهلاكى
للجمعيات التعاونية الاستهلاكية على التفصيل الوارد آنفًا، والدعم الذى يقرره
القانون الأخير لتلك الجمعيات، وبمراعاة أن تقديم هذا الدعم مشروط بأدائها للوظيفة
الاجتماعية التى يبين المشرع حدودها، وغايتها تحقيق الخير المشترك للفرد والجماعة
، وهذا كله يدحض أى شبهة في الإخلال بمبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة (40)
من الدستور.
وحيث إنه تأسيسًا على ما تقدم ، وإذ كان النص المطعون عليه – محددا
النطاق على نحو ما ورد سالفًا، لا يناقض أيا من نصوص الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى ، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعى
المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق