جلسة 20 من يناير سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / سمير مصطفى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / سعيد فنجري ، صفوت أحمد عبد المجيد ، أسامة درويش وضياء الدين جبريل زيادة نواب رئيس المحكمـة .
------------------
(15)
الطعن 81514 لسنة 76 ق
(1) استدلالات . إثبات " بوجه عام " . تفتيش " إذن التفتيش.
إصداره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
دفوع " الدفع ببطلان إذن التفتيش " .
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن
التفتيش . موضوعي .
(2) تفتيش
" إذن التفتيش . إصداره " . دفوع " الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط
والتفتيش " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل
" .
الدفع بصدور إذن التفتيش بعد الضبط والتفتيش .
موضوعي . كفاية اطمئنان المحكمة إلى وقوعهما بناءً على الإذن أخذاً بالأدلة
السائغة التي أوردتها . رداً عليه .
(3) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها
في تقدير أقوال الشهود " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
لمحكمة الموضوع الإعراض عن قالة شهود النفي . ما دامت لا تثق
بما شهدوا به . الإشارة إلى أقوالهم . غير لازمة . علة ذلك ؟
انتهاء الحكم إلى ثبوت
الواقعة على الصورة التي اعتنقها من أقوال المجني عليه والتحريات . كفايته .
(4) إثبات " بوجه عام " " شهود "
. محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة
الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن
. ما لا يقبل منها " .
استخلاص
الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد . مفاده ؟
عدم التزام الأحكام بأن تورد من أقوال الشهود
إلَّا ما تقيم عليه قضاءها .
سرد المحكمة روايات الشاهد إن تعددت وبيان وجه
أخذها بما اقتنعت به . غير لازم . حسبها إيراد ما تطمئن إليه منها واطراح ما عداه
.
تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم أو مع غيرهم .
لا يعيب الحكم . شرط ذلك؟
بيان المحكمة واقعة الدعوى على الصورة التي
استقرت في وجدانها وإيراد أدلة الثبوت عليها . لا عيب .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل أمام محكمة
النقض . غير جائز .
(5) دفوع " الدفع بتلفيق التهمة " . نقض
" أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الدفع بتلفيق الاتهام . موضوعي . إثارته لأول
مرة أمام محكمة النقض . غير مقبولة .
(6) حجية الشيء
المحكوم فيه . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " حجيته " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
وجوب أن يكون القاضي مطلق الحرية في
محاكمته للمتهم .
الحكم الصادر
في واقعة أخرى على المتهم ذاته أو التناقض بين حكم القاضي وحكم سبق صدوره من قاض
آخر . لا يقيده .
الجدل
الموضوعي أمام محكمة النقض . غير جائز .
(7) هتك عرض . جريمة " أركانها " . إكراه . إثبات " بوجه عام " "
شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه .
تسبيب غير معيب " .
ركن
القوة في جريمة هتك العرض . مناط توافره ؟
تحدث
الحكم استقلالاً عن ركن القوة في جريمة هتك العرض . غير لازم . شرط ذلك ؟
للمحكمة
استخلاص حصول الإكراه من الوقائع وأقوال الشهود.
إثبات الحكم زعم الطاعن للمجني
عليهما قدرته على علاجهما من الأمراض وإعادة زوج إحداهما لها فسلب إرادتهما وحسر عنهما
ملابسهما ولامس بيده مواضع عفتهما أخذاً بأقوال المجني عليهما والتحريات . كاف
لإثبات توافر جريمة هتك العرض بالقوة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن
بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت
إشراف محكمة الموضوع ، التي متى اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بُني عليها إذن
التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فلا معقب
عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وإذ كانت المحكمة قد سوغت الإذن بالتفتيش
وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها
أصلها الثابت في الأوراق ؛ فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد .
2- من المقرر أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش يُعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه
اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة
السائغة التي أوردتها ، ولما كانت المحكمة قد عرضت لدفع الطاعن في هذا الصدد
واطرحته برد كاف وسائغ ؛ فإن منعاه في هذا الخصوص لا يكون له محل .
3- لما
كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به ، وهي غير ملزمة بالإشارة
إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها ، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت
التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها ، وكان
الحكم المطعون فيه قد ساق على ثبوت الواقعة لديه على الصورة التي اعتنقها أدلة
استمدها من أقوال المجني عليهما وتحريات المباحث ولا ينازع الطاعن في أن لها
مأخذها الصحيح من الأوراق ؛ فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً .
4- من
المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها
على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى
أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق
، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى
محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، والأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن
ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ،
وأن الأحكام لا تلتزم بأن تورد من أقوال الشهود إلَّا ما تقيم عليه قضاءها ، وأن
المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إن تعددت وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به ،
بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ، وأن تناقض الشهود وتضاربهم
في أقوالهم أو مع أقوال غيرهم لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة
من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وكانت المحكمة قد بيَّنت واقعة
الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها ، وأوردت أدلة الثبوت المؤدية إليها ؛
ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ،
ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات بدعوى تناقض أقوالهم ؛
ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير
الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ، ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها
بشأنه أمام محكمة النقض .
5- لما كان البيِّن من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن
الطاعن لم يثر ما يبديه في مذكرة أسباب الطعن من تلفيق الاتهام ، وكان هذا الدفع من الدفوع الموضوعية التي
كان يتعين عليه التمسك بها أمام محكمة الموضوع ؛ فإنه لا يسوغ له إثارته لأول مرة
أمام محكمة النقض .
6- من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهماً يجب أن
يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في واقعة أخرى
على ذات المتهم ، ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت
لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي
الآخر . لما كان ذلك ؛ فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن لا
يعدو أن يكون جدلاً في تقدير الدليل يهدف إلى التشكيك فيما خلصت إليه المحكمة في
يقين مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ؛ ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد
يكون غير قويم .
7- من المقرر أن ركن
القوة في جناية هتك العرض يتوافر كلما كان الفعل المكون لها قد وقع بغير رضاء من
المجني عليها سواء باستعمال المتهم في سبيل تنفيذه مقصده من وسائل القوة أو
التهديد أو غير ذلك مما يؤثر في المجني عليها فيعدمها الإرادة ويقعدها عن المقاومة
، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن ركن القوة في جريمة هتك العرض متى كان
فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه ، وللمحكمة أن تستخلص من
الوقائع التي شملها التحقيق ومن أقوال الشهود حصول الإكراه ، وكان الحكم المطعون
فيه قد أثبت أخذاً بأقوال المجني عليهما وتحريات المباحث التي اطمأن إليها أن
الطاعن زعم للمجني عليهما قدرته على علاجهما من الأمراض وإعادة زوج المجني عليها
الأولى لها بعد أن هجرها فسلب بذلك إرادتهما وحسر عن كل منهما ملابسهما ولامس بيده
مواضع العفة في كل منهما ؛ فإن هذا الذي أورده الحكم كاف لإثبات توافر جريمة هتك العرض بالقوة بأركانها ؛ ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن
في هذا الشأن يكون في غير محله .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : 1 - هتك عرض
المجني عليهما .... و.... وكان ذلك بالقوة ؛ بأن استغل زعمه لهما بقدرته على
علاجهما من السحر ومس الجان بالاستعانة بقراءة التمائم فسلب بذلك إرادتهما ، وحسر
عنهما ملابسهما ولامس بيده مواضع عفتهما وذلك على النحو المبين بالتحقيقات . 2 –
توصل إلى الاستيلاء على المبالغ النقدية المملوكة للمجني عليهما ، وكان ذلك
باستعماله طرقاً احتيالية كان من شأنها إيهامهما بوجود واقعة مزورة في صورة واقعة
صحيحة ؛ بأن زعم لهما قدرته المشار إليها بالتهمة الأولى لعلاجهما مما كانتا تعانيانه فاستولى منهما على تلك المبالغ بناءً على
ذلك الزعم وهذا الإيهام على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... لمعاقبته طبقا
للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 268 /1،
336 من قانون العقوبات وإعمال وتطبيق المادتين 17 ، 32 من ذات القانون بمعاقبته
بالحبس مع الشغل لمدة سنتين .
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض
.... إلخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن مما ينعاه
الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي هتك العرض بالقوة والنصب قد
شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ؛ ذلك أنه ردَّ بما لا يصلح رداً
على دفعيه ببطلان الإذن الصادر من النيابة العامة بالقبض والتفتيش لابتنائه على
تحريات غير جدية ، وبطلان إجراءات الضبط والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما
بدلالة ما قررته المجني عليها الأولى بأقوالها من أنها هي التي أبلغت بالواقعة
لاسترداد ما دفعته للطاعن من نقود وظلت بقسم الشرطة حتى تم ضبطه في حضورها ، وأعرض
في هذا الشأن عن أقوال شاهدي النفي ، وعول الحكم على أقوال المجني عليهما رغم عدم
معقوليتها وتناقضهما في أقوالهما مما يدل على تلفيق الاتهام ، وعولت المحكمة في
قضائها بالإدانة – ضمن ما عولت – على تحريات الشرطة بعد أن اطمأنت إليها في حين
قضت محكمة أخرى في جناية مرتبطة ببراءة الطاعن لعدم اطمئنانها إلى ذات التحريات ،
واستدل الحكم على توافر ركن القوة من مجرد أقوال مرسلة ودون أن يستند إلى دليل فني
؛ مما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى
بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد
على ثبوتهما في حقه أدلة مستمدة من أقوال المجني عليهما .... ، .... والرائد .... ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما
رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات
وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل
الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع ،
التي متى اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بُني عليها إذن التفتيش
وكفايتها لتسويغ إجرائه وأقرت النيابة على تصرفها في هذا الشأن فلا معقب عليها في
ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وإذ كانت المحكمة قد سوَّغت الإذن بالتفتيش
وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها
أصلها الثابت في الأوراق ؛ فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد . لما
كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بصدور
الإذن بعد الضبط والتفتيش يُعد دفاعاً موضوعياً يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة
إلى وقوع الضبط والتفتيش بناءً على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي
أوردتها ، ولما كانت المحكمة قد عرضت لدفع الطاعن في هذا الصدد واطرحته برد كاف وسائغ ؛ فإن منعاه في هذا الخصوص لا يكون له
محل . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تعرض عن قالة
شهود النفي ما دامت لا تثق بما شهدوا به ، وهي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما
دامت لم تستند إليها ، وفي قضائها بالإدانة لأدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على
أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود فأطرحتها ، وكان الحكم المطعون فيه قد ساق
على ثبوت الواقعة لديه على الصورة التي اعتنقها أدلة استمدها من أقوال المجني
عليهما وتحريات المباحث ولا ينازع الطاعن في أن لها مأخذها الصحيح من الأوراق ؛
فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة
الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود
وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما
يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً
مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وأن وزن أقوال
الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير
الذي تطمئن إليه بغير معقب ، والأصل أنه متى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك
يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن
الأحكام لا تلتزم بأن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها ، وأن المحكمة غير ملزمة بسرد روايات الشاهد إن تعددت
وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به ، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه
وتطرح ما عداه ، وأن تناقض الشهود وتضاربهم في أقوالهم أو مع أقوال غيرهم لا يعيب
الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ، وكانت المحكمة قد بيَّنت واقعة
الدعوى على الصورة التي استقرت في وجدانها ، وأوردت أدلة الثبوت المؤدية
إليها ؛ ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة
واقتنعت بها ، ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات بدعوى تناقض
أقوالهم ؛ ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد إنما ينحل إلى جدل موضوعي في
تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ، ولا يجوز مجادلتها فيه أو مصادرة
عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك ، وكان البيِّن من مطالعة محاضر
جلسات المحاكمة أن الطاعن لم يثر ما يبديه في مذكرة أسباب الطعن من تلفيق الاتهام
، وكان هذا الدفع من الدفوع الموضوعية التي كان يتعين عليه التمسك بها أمام محكمة
الموضوع ؛ فإنه لا يسوغ له إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان
من المقرر أن القاضي وهو يحاكم متهماً يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة
غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في واقعة أخرى على ذات المتهم ، ولا مبال بأن
يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم
السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر . لما كان ذلك ؛ فإن
ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً في
تقدير الدليل يهدف إلى التشكيك فيما خلصت إليه المحكمة في يقين مما لا يجوز إثارته
أمام محكمة النقض ؛ ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير قويم . لما كان
ذلك ، وكان من المقرر أن ركن القوة في جناية هتك العرض يتوافر كلما كان الفعل المكون
لها قد وقع بغير رضاء من المجني عليها سواء باستعمال المتهم في سبيل تنفيذه مقصده
من وسائل القوة أو التهديد أو غير ذلك مما يؤثر في المجني عليها فيعدمها الإرادة
ويقعدها عن المقاومة ، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن ركن القوة في جريمة
هتك العرض متى كان فيما أورده من وقائع وظروف ما يكفي للدلالة على قيامه ،
وللمحكمة أن تستخلص من الوقائع التي شملها التحقيق ومن أقوال الشهود حصول الإكراه
، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أخذاً بأقوال المجني عليهما وتحريات المباحث
التي اطمأن إليها أن الطاعن زعم للمجني عليهما قدرته على علاجهما من الأمراض
وإعادة زوج المجني عليها الأولى لها بعد أن هجرها فسلب بذلك إرادتهما وحسر عن كل
منهما ملابسهما ولامس بيده مواضع العفة في كل منهما ؛ فإن هذا الذي أورده الحكم
كاف لإثبات توافر جريمة هتك العرض بالقوة بأركانها ؛ ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن
في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن يكون على غير أساس ،
متعيناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق