الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 28 ديسمبر 2018

الطعن 4822 لسنة 82 ق جلسة 6 / 2 / 2013 مكتب فني 64 ق 21 ص 200

جلسة 6 من فبراير سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / حسين الجيزاوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / فؤاد حسن ، رضا سالم ، مجدي عبدالرازق وطارق بهنساوي نواب رئيس المحكمة .
---------------
(21)
الطعن 4822 لسنة 82 ق
(1) تسهيل استيلاء على أموال أميرية . تربح . إضرار عمدي . جريمة " أركانها " . إثبات " بوجه عام " " قرائن ". اشتراك . حكم " بيانات التسبيب " " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب معيب ".
وجوب اشتمال حكم الإدانة على الأسباب التي بني عليها وإلَّا كان باطلاً .
المراد بالتسبيب المعتبر قانوناً ؟
إثبات الاشتراك بطريق الاستنتاج استناداً إلى القرائن . جائز . حد ذلك ؟
جريمة تسهيل الاستيلاء على مال بغير حق طبقاً للمادة 113 عقوبات . مناط تحققها؟
جريمة التربح المنصوص عليها بالمادة 115 عقوبات . مناط تحققها ؟
جناية الإضرار العمدي طبقاً للمادة 116 مكرراً عقوبات. أركانها؟
مثال لتسبيب معيب لحكم صادر بالإدانة في جرائم تسهيل الاستيلاء بغير حق على أراضي مملوكة للدولة والتربح والإضرار العمدي والاشتراك فيها .
(2) أمر الإحالة . تسهيل استيلاء على أموال أميرية . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . دفوع " الدفع ببطلان إجراءات المحاكمة " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " .
الدفع ببطلان المحاكمة تأسيساً على أن تأشيرات الطاعن كانت بخصوص مساحات أخرى من الأراضي غير التي وردت بأمر الإحالة . جوهري . وجوب الرد عليه . إغفال الحكم ذلك . إخلال بحق الدفاع .
(3) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب معيب " .
التفات الحكم عن المستندات المقدمة من الطاعنين لنفي الاتهام أو إبدائه الرأي في مدلولها رغم إشارتها إليها . قصور وإخلال بحق الدفاع .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما مجمله " أنه بتاريخ .... تقدم المتهم الثاني - الطاعن الثاني - رئيس مجلس إدارة شركة .... بخمسة طلبات للمتهم الأول - الطاعن الأول - بصفته وزير .... لتقنين وضع يد شركته وتأجير مساحة 4500 فدان بناحية .... وأشر المتهم الأول بصفته سالفة الذكر على الطلبات بتأشيرات مؤداها البدء في اتخاذ الإجراءات وبتحرير عقد إيجار لمدة ثلاث سنوات تمهيداً للتملك فجاوز بذلك حدود سلطاته ودون العرض على مجلس إدارة الهيئة ودون وجود أي معاينة من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية تفيد زراعة الأرض محل الطلبات وبتاريخ .... تم تشكيل لجنة من الإدارة المركزية للملكية والتصرف بالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية لمعاينة الأرض محل الطلبات وانتهت في محضر معاينتها إلى رفض الطلب لعدم جدية الشركة الطالبة في أعمال الاستصلاح ، وبتاريخ .... تم إعادة المعاينة وانتهت إلى رفض الطلب لأسباب حاصلها عدم وجود زراعات بالمساحة وضع يد الشركة قبل صدور القانون 148 لسنة 2006 الخاص بتقنين وضع اليد ، الموقع المحدد على الخريطة المقدم من الشركة مغاير تماماً لموقع المساحة التي تم الإرشاد عنها بالطبيعة ، مساحة الطلبات 4500 فدان بينما المساحة التي تم الإرشاد عنها 10105 أفدنة ، وجود مقترح مقدم من محافظة .... لإنشاء مدينة .... على ذات المساحة ، وبتاريخ .... تم إخطار المتهم الثاني برفض طلباته للأسباب آنفة البيان وعلى الرغم من ذلك قام بالتصرف بالبيع في الأرض المشار إليها للعديد من المنتفعين استناداً واستغلالاً لتأشيرات المتهم الأول على الطلبات المقدمة منه بشأن تقنين وضع يده ورغم أن هذه التأشيرات لم تنفذ من الهيئة صاحبة الولاية طبقاً للقانون ورفض جميع الطلبات وعدم تحرير عقد إيجار له وأن الأرض مازالت في ملكية الدولة ولم يتم تأجيرها أو ترخيص أي وضع قانوني لها وفقاً لما ورد بتقرير الإدارة المركزية لخبراء الكسب غير المشروع والأموال العامة ، كما أنه لم يصدر قرار من الجهة المختصة بإزالة التعديات على الأرض كما هو متبع واستند الحكم في إدانة الطاعنين إلى أقوال شهود الإثبات والتي أورد مؤداها وحصل دفاع الطاعنين وأورد بعض المبادئ القضائية وانتهى إلى إدانة الطاعنين في قوله : " وحيث إن المحكمة تطمئن إلى أدلة الثبوت سالفة البيان وتأخذ بها وتبين منها أن ما نسب إلى المتهمين قائم في حقهما من قيام المتهم الأول بإصدار تأشيرات على طلبات مقدمة من المتهم الثاني إليه خارج حدود اختصاصه تعتبر في مضمونها الموافقة على اتخاذ إجراءات تقنين وضع يده على الأرض محل الجريمة استغلها المتهم الثاني وتمكن من عقد صفقات بيع وتصرفات أخرى لمشترين حسني النية " . لما كان ذلك ، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بني عليها وإلَّا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب المعتبر الذى يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي إنبنى عليها الحكم والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو القانون، ولكى يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان مفصل جلى بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به ، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذى قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام التي يجب أن تبنى على الجزم واليقين على الواقع الذى يثبته الدليل المعتبر، ولا تؤسس بالظن والاحتمال على الفروض والاعتبارات المجردة ، وكان من المقرر أن مناط جواز إثبات الاشتراك بطريق الاستنتاج استناداً إلى القرائن أن تكون هذه القرائن منصبة على واقعة التحريض أو الاتفاق أو المساعدة ، وأن يكون استخلاص الحكم للدليل المستمد منها سائغاً ولا يتجافى مع المنطق والقانون ، وكان من المقرر - أيضاً - أن جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 من قانون العقوبات لا تقوم طبقاً للمادة 113 من هذا القانون إلَّا إذا كان الجاني موظفاً عاماً وأن يكون المال المعتدى عليه ملكاً لإحدى الجهات المشار إليها وأن يستغل الموظف سلطات وظيفته كى يمد الغير بالإمكانيات التي تبيح له الاستيلاء بغير حق على ذلك المال أو يزيل عن طريقه العقبات التي كانت تحول دون ذلك ، ويتعين أن يعلم المتهم أن من شأن فعله الاعتداء على ملكية المال وأن تتجه إرادته إلى تسهيل استيلاء الغير على مال الجهة بقصد حرمانها من ملكها نهائياً مع علمه ببقية عناصر الجريمة ، كما أن جريمة التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون العقوبات لا تتحقق إلَّا إذا استغل الموظف العام بالمعنى الذي حددته المادة 119 مكرراً من القانون ذاته وظيفته وحصل أو حاول أن يحصل لنفسه على ربح أو منفعة بحق أو بغير حق أو لغيره بدون حق وذلك من عمل من أعمال وظيفته سواء كان ذلك أثناء تقرير العمل أو المداولة في اتخاذه أو التصديق عليه أو تعديله على نحو معين أو تنفيذه أو إبطاله أو إلغائه ويقتضى قيامها أن تتجه إرادة الموظف إلى الحصول على ربح لنفسه أو لغيره بدون حق من وراء أحد أعمال وظيفته مع علمه بذلك ، وأنه إذا كان الحصول على الربح أو محاولة الحصول عليه هو لنفع الغير بدون حق وجب أن تتجه إرادة الجاني إلى هذا الباعث وهو نفع الغير بدون حق ، وكان من المقرر أن جناية الإضرار العمدى المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً من قانون العقوبات لا تتحقق إلا بتوافر أركان ثلاثة " الأول " صفة الجاني وهى أن يكون موظفاً عاماً بالمعنى الذى حددته المادة 119 مكرراً من القانون ذاته . " الثاني " أن يصدر عن الجاني فعل يحقق به الإضرار بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل بها أو يتصل بها بحكم عمله أو بأموال الغير أو مصالحهم المعهود بها إلى تلك الجهة ولو لم يترتب على الجريمة أي نفع شخصي له . " الثالث " القصد الجنائي وهو اتجاه إرادة الجاني إلى إلحاق الضرر بالأموال أو المصالح السالف بيانها والعمل من أجل إحداثه مع علمه ببقية عناصر الجريمة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يبيِّن بوضوح وتفصيل - سواء في معرض إيراده واقعة الدعوى أو في سرده لأدلة الثبوت فيها - الأفعال التي قارفها الطاعن الأول لارتكاب جرائم التسهيل للطاعن الثاني الاستيلاء بغير حق وبنية التملك لأرض الهيئة العامة للتعمير والمشروعات الزراعية والحصول بدون وجه حق على ربح من عمل من أعمال وظيفته والإضرار العمدى بأموال تلك الهيئة ، وكيف أن وظيفته طوعت له تسهيل استيلاء الطاعن الثاني بغير حق - أي خلافاً لما تنص به القوانين واللوائح - على أراضي أملاك الدولة وأن تظفيره بالربح كان من خلال استيلائه على تلك الأراضي ، سيما وأن تأشيرات الطاعن الأول على طلبات الطاعن الثاني والتي أفصح الحكم المطعون فيه عن مضمونها - في مدوناته - لا تفيد بذاتها ارتكاب الجرائم التي دين بها ، يضاف إلى ذلك أنها لا تكفى للتدليل على توافر القصد الجنائي لها إذ لا تعدو أن تكون حديثاً عن الأفعال التي قارفها دون أن يدلل الحكم على أنها كانت مصحوبة بنية ارتكابه الجرائم المسندة إليه ـ هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه لم يبيِّن ماهية الوقائع والأفعال التي قارفها كل من الطاعنين والمثبتة لارتكابهما جريمة الاشتراك - معاً - بطريق الاتفاق والمساعدة في تسهيل الاستيلاء بغير حق على المال العام والإضرار به والتربح ، ولم يستظهر الحكم عناصر هذا الاشتراك وطريقته واتحاد نيتهما على ارتكابهما الفعل المتفق عليه ، كما لم يورد الدليل على أن الطاعن الأول كان يعلم علم اليقين بانتواء الطاعن الثاني لارتكاب جريمة الاستيلاء على أراضي أملاك الدولة المتمثلة في الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية ، والإضرار به والتربح منه ، إذ لم يكشف الحكم على أن الطاعن الأول كان على علم باستغلال الطاعن الثاني للتأشيرات على الطلبات المقدمة منه بتقنين وضع يده ببيع جزء من تلك الأراضي لأشخاص آخرين أو أنه كان على علم مسبق برفض الجهة لتلك الطلبات أو أنها طلبت منه إصدار قرار بإزالة وضع اليد ، إنما اكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها مقصد الحكم في شأن الواقع المعروض الذى هو مدار الأحكام ولا يتحقق به الغرض الذى قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان والجزم واليقين ، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه .
2- لما كان البيِّن من الاطلاع على محضر جلسة .... أن دفاع الطاعن الأول قام على أن تأشيراته كانت بخصوص مساحة 4500 فدان ولم يتعلق بمساحة 10105 فدان الواردة بأمر الإحالة مما يؤدى إلى بطلان محاكمته عملاً بنص المادتين 307 ، 308 من قانون الإجراءات الجنائية ، وكان الحكم المطعون فيه وإن أورد الدفاع المار ذكره في مدوناته بيد أنه التفت عنه ولم يدل برأيه فيه رغم جوهريته - في خصوصية هذه الدعوى - إذ يترتب عليه - إن صح - أن يتغير وجه النظر في تهمة تسهيل الاستيلاء التي دان الطاعن بها ، فضلاً عن أنه كان لازماً على محكمة الموضوع أن تحققه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه أو ترد عليه بما يفنده بأسباب كافية وسائغة تؤدى إلى اطراحه أما هي ولم تفعل فإنها تكون قد أخلت بحق الدفاع .
3- لما كان الطاعنان قد أشارا بأسباب طعنهما أن المحكمة التفتت عن المستندات المقدمة منهما والتي يتمسكان بدلالتها على نفى الاتهام المسند إليهما ، وكان الحكم المطعون فيه وإن أشار إلى تلك المستندات المقدمة منهما إلَّا أنه لم يعن ببحثها ولم يبد رأياً في مدلولها وفى حق دفاعهما المستند إليها بل اجتزأت المحكمة الرد على جميع أوجه الدفاع والدفوع المبداة من الطاعنين بعبارة عامة مجملة أوردتها في عجز حكمها ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً فوق قصوره في البيان بالإخلال بحق الدفاع .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما : أ- المتهم الأول: 1- بصفته موظفاً عاماً " وزير .... السابق " سهل للثاني الاستيلاء على الأرض المملوكة للدولة والبالغ مساحتها 10105 فدان والكائنة بناحية .... ، وكان ذلك بأن وافق على تقنين وضع يده عليها وتأجيرها له تمهيداً لتملكها بالمخالفة لنص المادة 113 من القانون رقم 143 لسنة 1981 بشأن تملك الأراضي الصحراوية والمادة الثالثة من قرار مجلس الوزراء رقم 350 لسنة 2007 ، فتمكن المتهم الثاني بذلك من الاستيلاء على الأرض وبيعها لآخرين حسني النية .
 2- بصفته آنفة البيان تحصل للمتهم الثاني على ربح ومنفعة من عمل من أعمال وظيفته وتمثل هذا الربح وتلك المنفعة في استيلاء كل منهما على الأرض المملوكة للدولة والمبينة بالاتهام السابق .
3- بصفته آنفة البيان أضر عمداً بأموال ومصالح الجهة التي يعمل بها وهى " وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي " وبأموال ومصالح " الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية" التي يتصل بها بحكم عمله ، بأن ارتكب الجرائم " موضوع الاتهامات السابقة " والتي ترتب عليها ضرراً مالي بأموال الهيئة بلغت قيمته 1975387 جنيها تسعة عشر مليوناً وسبعمائة وثلاثة وخمسين ألفاً وثلاثمائة وسبعة وثمانين جنيهاً . ب - المتهم الثاني : اشترك مع موظف عام هو " المتهم الأول" بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب الجرائم "موضوع الاتهامات الأول والثاني والثالث" بأن أمده بالطلبات والبيانات والمعلومات الخاصة بالأرض المراد الاستيلاء عليها "موضوع الاتهام الأول" فأشر على هذه الطلبات بما يفيد البدء في اتخاذ إجراءات التملك ، فتمت الجريمة بناءً على هذا الاتفاق وتلك المساعدة .
وأحالتهما إلى محكمة جنايات .... لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
وادعى كل من .... و.... مدنياً قبل المتهمين بمبلغ خمسين ألفاً وواحد جنيه علي سبيل التعويض المؤقت .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 40/ ثانياً وثالثاً ، 41 ، 43 ، 113/ 1 ، 115 ، 116 مكرراً/1 ، 119/أ ، ب ، 119 مكرراً/ أ من قانون العقوبات مع إعمال المادتين 17 ، 32 من القانون ذاته بمعاقبتهما بالسجن لمدة ثلاث سنوات لما نسب إليهما وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة .
فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
من حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان أولهما بجرائم تسهيل الاستيلاء على أراضي مملوكة للدولة والحصول لغيره بدون وجه حق على ربح والإضرار العمدى بالمال العام ، وثانيهما بالاشتراك بطريق الاتفاق والمساعدة في ارتكاب الجرائم المنوه عنها سلفاً ، قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأن أسبابه جاءت مبهمة مجملة لا يمكن الوقوف منها على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به العناصر القانونية للجرائم التي دانهما بها ، فضلاً عن اشتراكهما في ارتكابها ، وأغفل دفاع الطاعن الأول بأن تأشيراته على الطلبات المقدمة من الطاعن الثاني كانت بخصوص مساحة 4500 فدان ولم تتعلق بمساحة 10105 فدان الواردة بأمر الإحالة والثابت من المعاينة والخرائط المساحية أن موقعها مغاير لموقع المساحة الأولى ، ولم يعرض لمستنداتهما المقدمة منهما والتي تمسكا بدلالتها على نفى الاتهام المسند إليهما ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما مجمله " أنه بتاريخ .... تقدم المتهم الثاني - الطاعن الثاني - رئيس مجلس إدارة شركة .... بخمسة طلبات للمتهم الأول - الطاعن الأول - بصفته وزير .... لتقنين وضع يد شركته وتأجير مساحة 4500 فدان بناحية .... وأشر المتهم الأول بصفته سالفة الذكر على الطلبات بتأشيرات مؤداها البدء في اتخاذ الإجراءات وبتحرير عقد إيجار لمدة ثلاث سنوات تمهيداً للتملك فجاوز بذلك حدود سلطاته ودون العرض على مجلس إدارة الهيئة ودون وجود أي معاينة من الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية تفيد زراعة الأرض محل الطلبات وبتاريخ .... تم تشكيل لجنة من الإدارة المركزية للملكية والتصرف بالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية لمعاينة الأرض محل الطلبات وانتهت في محضر معاينتها إلى رفض الطلب لعدم جدية الشركة الطالبة في أعمال الاستصلاح ، وبتاريخ .... تم إعادة المعاينة وانتهت إلى رفض الطلب لأسباب حاصلها عدم وجود زراعات بالمساحة وضع يد الشركة قبل صدور القانون 148 لسنة 2006 الخاص بتقنين وضع اليد ، الموقع المحدد على الخريطة المقدم من الشركة مغاير تماماً لموقع المساحة التي تم الإرشاد عنها بالطبيعة ، مساحة الطلبات 4500 فدان بينما المساحة التي تم الإرشاد عنها 10105 أفدنة ، وجود مقترح مقدم من محافظة .... لإنشاء مدينة .... على ذات المساحة ، وبتاريخ .... تم إخطار المتهم الثاني برفض طلباته للأسباب آنفة البيان وعلى الرغم من ذلك قام بالتصرف بالبيع في الأرض المشار إليها للعديد من المنتفعين استناداً واستغلالاً لتأشيرات المتهم الأول على الطلبات المقدمة منه بشأن تقنين وضع يده ورغم أن هذه التأشيرات لم تنفذ من الهيئة صاحبة الولاية طبقاً للقانون ورفض جميع الطلبات وعدم تحرير عقد إيجار له وأن الأرض مازالت في ملكية الدولة ولم يتم تأجيرها أو ترخيص أي وضع قانوني لها وفقاً لما ورد بتقرير الإدارة المركزية لخبراء الكسب غير المشروع والأموال العامة ، كما أنه لم يصدر قرار من الجهة المختصة بإزالة التعديات على الأرض كما هو متبع " واستند الحكم في إدانة الطاعنين إلى أقوال شهود الإثبات والتي أورد مؤداها وحصل دفاع الطاعنين وأورد بعض المبادئ القضائية وانتهى إلى إدانة الطاعنين في قوله " وحيث إن المحكمة تطمئن إلى أدلة الثبوت سالفة البيان وتأخذ بها وتبين منها أن ما نسب إلى المتهمين قائم في حقهما من قيام المتهم الأول بإصدار تأشيرات على طلبات مقدمة من المتهم الثاني إليه خارج حدود اختصاصه تعتبر في مضمونها الموافقة على اتخاذ إجراءات تقنين وضع يده على الأرض محل الجريمة استغلها المتهم الثاني وتمكن من عقد صفقات بيع وتصرفات أخرى لمشترين حسني النية " . لما كان ذلك ، وكان الشارع يوجب في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية أن يشتمل الحكم بالإدانة على الأسباب التي بني عليها وإلَّا كان باطلاً ، والمراد بالتسبيب المعتبر الذي يحفل به القانون هو تحديد الأسانيد والحجج التي إنبنى عليها الحكم والمنتجة هي له سواء من حيث الواقع أو القانون، ولكي يحقق التسبيب الغرض منه يجب أن يكون في بيان مفصل جلي بحيث يتيسر الوقوف على مبررات ما قضى به ، أما إفراغ الحكم في عبارات عامة معماة أو وضعه في صورة مجملة مجهلة فلا يحقق الغرض الذى قصده الشارع من إيجاب تسبيب الأحكام التي يجب أن تبنى على الجزم واليقين على الواقع الذى يثبته الدليل المعتبر، ولا تؤسس بالظن والاحتمال على الفروض والاعتبارات المجردة ، وكان من المقرر أن مناط جواز إثبات الاشتراك بطريق الاستنتاج استناداً إلى القرائن أن تكون هذه القرائن منصبة على واقعة التحريض أو الاتفاق أو المساعدة ، وأن يكون استخلاص الحكم للدليل المستمد منها سائغاً ولا يتجافى مع المنطق والقانون ، وكان من المقرر - أيضاً - أن جريمة تسهيل الاستيلاء بغير حق على مال لإحدى الجهات المبينة في المادة 119 من قانون العقوبات لا تقوم طبقاً للمادة 113 من هذا القانون إلَّا إذا كان الجاني موظفاً عاماً وأن يكون المال المعتدى عليه ملكاً لإحدى الجهات المشار إليها وأن يستغل الموظف سلطات وظيفته كي يمد الغير بالإمكانيات التي تبيح له الاستيلاء بغير حق على ذلك المال أو يزيل عن طريقه العقبات التي كانت تحول دون ذلك ، ويتعين أن يعلم المتهم أن من شأن فعله الاعتداء على ملكية المال وأن تتجه إرادته إلى تسهيل استيلاء الغير على مال الجهة بقصد حرمانها من ملكها نهائياً مع علمه ببقية عناصر الجريمة ، كما أن جريمة التربح المنصوص عليها في المادة 115 من قانون العقوبات لا تتحقق إلَّا إذا استغل الموظف العام بالمعنى الذى حددته المادة 119 مكرراً من القانون ذاته وظيفته وحصل أو حاول أن يحصل لنفسه على ربح أو منفعة بحق أو بغير حق أو لغيره بدون حق وذلك من عمل من أعمال وظيفته سواء كان ذلك أثناء تقرير العمل أو المداولة في اتخاذه أو التصديق عليه أو تعديله على نحو معين أو تنفيذه أو إبطاله أو إلغائه ويقتضى قيامها أن تتجه إرادة الموظف إلى الحصول على ربح لنفسه أو لغيره بدون حق من وراء أحد أعمال وظيفته مع علمه بذلك ، وأنه إذا كان الحصول على الربح أو محاولة الحصول عليه هو لنفع الغير بدون حق وجب أن تتجه إرادة الجاني إلى هذا الباعث وهو نفع الغير بدون حق ، وكان من المقرر أن جناية الإضرار العمدى المنصوص عليها في المادة 116 مكرراً من قانون العقوبات لا تتحقق إلا بتوافر أركان ثلاثة " الأول " صفة الجاني وهى أن يكون موظفاً عاماً بالمعنى الذي حددته المادة 119 مكرراً من القانون ذاته . " الثاني " أن يصدر عن الجاني فعل يحقق به الإضرار بأموال أو مصالح الجهة التي يعمل بها أو يتصل بها بحكم عمله أو بأموال الغير أو مصالحهم المعهود بها إلى تلك الجهة ولو لم يترتب على الجريمة أي نفع شخصي له . " الثالث " القصد الجنائي وهو اتجاه إرادة الجاني إلى إلحاق الضرر بالأموال أو المصالح السالف بيانها والعمل من أجل إحداثه مع علمه ببقية عناصر الجريمة . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه لم يبيِّن بوضوح وتفصيل - سواء في معرض إيراده واقعة الدعوى أو في سرده لأدلة الثبوت فيها - الأفعال التي قارفها الطاعن الأول لارتكاب جرائم التسهيل للطاعن الثاني الاستيلاء بغير حق وبنية التملك لأرض الهيئة العامة للتعمير والمشروعات الزراعية والحصول بدون وجه حق على ربح من عمل من أعمال وظيفته والإضرار العمدى بأموال تلك الهيئة ، وكيف أن وظيفته طوعت له تسهيل استيلاء الطاعن الثاني بغير حق - أي خلافاً لما تنص به القوانين واللوائح - على أراضي أملاك الدولة وأن تظفيره بالربح كان من خلال استيلائه على تلك الأراضي ، سيما وأن تأشيرات الطاعن الأول على طلبات الطاعن الثاني والتي أفصح الحكم المطعون فيه عن مضمونها - في مدوناته - لا تفيد بذاتها ارتكاب الجرائم التي دين بها ، يضاف إلى ذلك أنها لا تكفى للتدليل على توافر القصد الجنائي لها إذ لا تعدو أن تكون حديثاً عن الأفعال التي قارفها دون أن يدلل الحكم على أنها كانت مصحوبة بنية ارتكابه الجرائم المسندة إليه ـ هذا فضلاً عن أن الحكم المطعون فيه لم يبيِّن ماهية الوقائع والأفعال التي قارفها كل من الطاعنين والمثبتة لارتكابهما جريمة الاشتراك - معاً - بطريق الاتفاق والمساعدة في تسهيل الاستيلاء بغير حق على المال العام والإضرار به والتربح ، ولم يستظهر الحكم عناصر هذا الاشتراك وطريقته واتحاد نيتهما على ارتكابهما الفعل المتفق عليه ، كما لم يورد الدليل على أن الطاعن الأول كان يعلم علم اليقين بانتواء الطاعن الثاني لارتكاب جريمة الاستيلاء على أراضي أملاك الدولة المتمثلة في الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية ، والإضرار به والتربح منه ، إذ لم يكشف الحكم على أن الطاعن الأول كان على علم باستغلال الطاعن الثاني للتأشيرات على الطلبات المقدمة منه بتقنين وضع يده ببيع جزء من تلك الأراضي لأشخاص آخرين أو أنه كان على علم مسبق برفض الجهة لتلك الطلبات أو أنها طلبت منه إصدار قرار بإزالة وضع اليد ، إنما اكتفى في ذلك كله بعبارات عامة مجملة ومجهلة لا يبين منها مقصد الحكم في شأن الواقع المعروض الذى هو مدار الأحكام ولا يتحقق به الغرض الذى قصده الشارع من إيجاب تسبيبها من الوضوح والبيان والجزم واليقين ، فإن الحكم يكون مشوباً بالقصور في التسبيب بما يوجب نقضه . لما كان ذلك ، وكان يبين من الاطلاع على محضر جلسة .... أن دفاع الطاعن الأول قام على أن تأشيراته كانت بخصوص مساحة 4500 فدان ولم يتعلق بمساحة 10105 فدان الواردة بأمر الإحالة مما يؤدى إلى بطلان محاكمته عملاً بنص المادتين 307 ، 308 من قانون الإجراءات الجنائية ، وكان الحكم المطعون فيه وإن أورد الدفاع المار ذكره في مدوناته بيد أنه التفت عنه ولم يدل برأيه فيه رغم جوهريته - في خصوصية هذه الدعوى - إذ يترتب عليه - إن صح - أن يتغير وجه النظر في تهمة تسهيل الاستيلاء التي دان الطاعن بها ، فضلاً عن أنه كان لازماً على محكمة الموضوع أن تحققه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه أو ترد عليه بما يفنده بأسباب كافية وسائغة تؤدى إلى اطراحه أما هى ولم تفعل فإنها تكون قد أخلت بحق الدفاع ، يضاف إلى ذلك أن الطاعنين قد أشارا بأسباب طعنهما أن المحكمة التفتت عن المستندات المقدمة منهما والتي يتمسكان بدلالتها على نفي الاتهام المسند إليهما ، وكان الحكم المطعون فيه وإن أشار إلى تلك المستندات المقدمة منهما إلَّا أنه لم يعن ببحثها ولم يبد رأياً في مدلولها وفي حق دفاعهما المستند إليها بل اجتزأت المحكمة الرد على جميع أوجه الدفاع والدفوع المبداة من الطاعنين بعبارة عامة مجملة أوردتها في عجز حكمها ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً فوق قصوره في البيان بالإخلال بحق الدفاع . لمَّا كان ما تقدم ، فإنه يتعين نقض الحكم المطعون فيه والإعادة بالنسبة للطاعنين معاً دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن المقدمة منهما .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق