الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 23 ديسمبر 2018

الطعن 8789 لسنة 6 ق جلسة 30 / 9 / 2013 مكتب فني 64 ق 115 ص 761

جلسة 30 من سبتمبر سنة 2013
برئاسة السيد القاضي / زغلول البلشي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / رفعت حنا ، مهاد خليفة ، علي نور الدين الناطوري وحمودة نصار نواب رئيس المحكمة .
------------
(115)
الطعن 8789 لسنة 6 ق
(1) حكم " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . إثبات " بوجه عام " . جريمة " أركانها " . قصد جنائي . ازدراء الأديان . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .
بيان الواقعة بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وإيراد أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها واستعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً . لا قصور .
عدم التزام المحكمة الأخذ بالأدلة المباشرة . حد ذلك ؟
استدلال الحكم على توافر ركن العلانية بما ينتجه . كافٍ .
ورود طرق العلانية بالمادة 171 عقوبات على سبيل البيان لا الحصر .
إيراد الحكم صراحة سوء نية المتهم . غير لازم للحكم بالعقوبة . حد ذلك ؟
مثال لتدليل سائغ لحكم صادر بالإدانة في جريمتي التعدي بالقول على أحد الأديان الذي تؤدى شعائره علناً والتحريض على التمييز ضد طائفة من الناس بسبب الدين .
(2) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".
إثبات الحكم لمواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها . كفايته بياناً لمواد القانون التي حكم بمقتضاها .
مثال .
(3) محاماة . إجراءات " إجراءات محاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده . موكول لتقديره حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته .
(4) محكمة أول درجة . محكمة استئنافية . إجراءات" إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره".
المحكمة الاستئنافية تفصل على مقتضى الأوراق . ما لم تر هي لزوماً لإجراء تحقيق معين أو سماع شهادة شهود . شرط ذلك ؟
عدم طلب مناقشة الشاكي أو سماع شهادة شهود أمام محكمة أول درجة . أثره : عدم التزام المحكمة الاستئنافية بإجابته أو الرد عليه .
(5) إجراءات " إجراءات التحقيق " " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب التحقيق السابق على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن على الحكم .
النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة لإجرائه . غير جائز .
مثال .
(6) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه إيراد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه . تعقبه المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه . غير لازم . علة ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(7) تقرير التلخيص . بطلان . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تقرير التلخيص . ماهيته ؟ المادة 411 إجراءات .
ورود نقص أو خطأ بتقرير التلخيص . لا يبطل الحكم .
النعي على تقرير التلخيص بالقصور لأول مرة أمام محكمة النقض . غير جائز .
(8) ارتباط . عقوبة " عقوبة الجرائم المرتبطة " . ازدراء الأديان . نقض " حالات الطعن . الخطأ في تطبيق القانون " . محكمة النقض " سلطتها " .
تقدير توافر الارتباط وفقاً للمادة 32 عقوبات أو عدم توافره . موضوعي . شرط ذلك ؟
قضاء الحكم بعقوبة مستقلة لكل من جريمتي التعدي بالقول على أحد الأديان والتحريض على التمييز ضد طائفة من الناس . خطأ في تطبيق القانون . يوجب تصحيحه . أساس ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الحكم المطعون فيه الذي قضى بتأييد الحكم الابتدائي قد ذكر في مدوناته الألفاظ التي تلفظ بها الطاعن علانية على مرأى ومسمع من شهود الإثبات متعدياً على الدين الإسلامي ، فإنه يكون قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث ، وكان لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة من جماع الأدلة المطروحة وهي ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة ، بل أن لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ، وكان الحكم قد استدل على توافر ركن العلانية بما ينتجه مستنداً على ما حصله من أقوال الشهود بما مؤداه أن الطاعن قد عمد إلى إذاعة وإعلان الوقائع موضوع الدعوى بصوت عال داخل مكتب أحد الشهود بالمدرسة في وجود الشهود الآخرين وهو مكان يتواجد به أناس ، وهو ما يكفي للتدليل على توافر ركن العلانية ، ذلك أن طرق العلانية قد وردت في المادة 171 من قانون العقوبات على سبيل البيان لا على سبيل الحصر ، فإذا أثبت الحكم على المتهم أنه ردد العبارات التي استظهرها في مدوناته أمام عدة شهود وتم له ما أراد من استفاضة الخبر وذيوعه ، فإنه يكون قد استظهر توافر ركن العلانية ، كما هو معرف في القانون ، وكان لا يشترط في الحكم بالعقوبة أن يذكر فيه صراحة سوء نية المتهم ، بل يكفي أن يكون مجموع ما أورده في مدوناته يفيد ذلك - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - بما يتحقق به القصد الجنائي ، ومن ثم فإن دعوى القصور والتناقض في التسبيب تنحسر عن الحكم المطعون فيه.
2- لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أورد في ديباجته وصف الجريمتين المسندتين إلى الطاعن ذاكراً مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ، ثم بعد أن حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى أدلة الثبوت قال " وهو الأمر الذي تقضي معه المحكمة بإنزال العقوبة على المتهم / .... بمعاقبته بالحبس بأقصى العقوبة المقررة بتأييد الحكم المستأنف " ، فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون.
3- لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة ثاني درجة أن محامياً قد حضر مع الطاعن وقدم مذكرة بدفاعه ، وكان استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمراً موكولاً إلى تقديره هو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل ، لا سيما وأن محضر الجلسة المشار إليه قد خلا مما يدعيه الطاعن بوجه طعنه .
4- لما كان الأصل أن المحكمة الاستئنافية تفصل على مقتضى الأوراق ما لم تر هي لزوماً لإجراء تحقيق معين أو سماع شهادة شهود إلا ما كان يجب أن تجريه محكمة أول درجة ، وإذ كان محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة أول درجة قد خلا من تقدم الطاعن أو المدافع عنه بطلب مناقشة الشاكي أو سماع شهادة شهود ، فإن المحكمة الاستئنافية تكون غير ملزمة بإجابته أو حتى الرد عليه ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون قويماً .
5- لما كان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة العامة ومن بعدها المحكمة عن التحقق من صحة قوله الذي ادعاه بوجه طعنه لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن طلب من المحكمة تدارك النقص الذي يدعيه ، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود ، فإن ما يقول به الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل .
6- لما كان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه طرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بالتراخي في الإبلاغ وبتلاحق الإجراءات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
7- لما كان تقرير التلخيص وفقاً للمادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية هو مجرد بيان يتيح لأعضاء الهيئة الإلمام بمجمل وقائع الدعوى وظروفها وما تم فيها من تحقيقات وإجراءات ، ولم يرتب القانون على ما يشوب التقرير من نقص أو خطأ أي بطلان يلحق الحكم الصادر في الدعوى ، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يعترض على ما تضمنه التقرير ، فلا يجوز له من بعد النعي عليه بالقصور لأول مرة أمام محكمة النقض .
8- لما كان تقدير توافر الشروط المقررة في المادة 32 من قانون العقوبات أو عدم توافرها داخلاً في سلطة قاضي الموضوع ، له أن يقرر فيه ما يراه استناداً إلى الأسباب التي من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه ، إلا أنه متى كانت واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه تستوجب إعمال تلك المادة ، فإن عدم تطبيقها يكون من الأخطاء التي تقتضي تدخل محكمة النقض بتطبيق القانون على وجهه الصحيح استناداً إلى الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه من بيان الواقعة يتحقق به معنى الارتباط الوارد في الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات ، إذ إن عبارة الحكم تفيد أن جريمتي التعدي بالقول على أحد الأديان والتحريض على التمييز ضد طائفة من الناس قد نشأتا عن فعل واحد ، وهو ما يقتضي إعمال أحكام تلك المادة ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى فضلاً عن عقوبة جريمة التعدي بالقول على أحد الأديان بعقوبة مستقلة عن جريمة التحريض على التمييز ضد طائفة من الناس ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه لذلك نقض الحكم نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغائه فيما قضى به من عقوبة عن جريمة التحريض على التمييز ضد طائفة من الناس والاكتفاء بعقوبة جريمة التعدي بالقول على أحد الأديان .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائـع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه : 1- تعدى على الدين الإسلامي والتي تقام شعائره علناً بأن قام بترديد ألفاظ كاذبة تسيء للرسول الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وذلك علناً بمدرسة .... الإعدادية المشتركة .
2- حرض عمداً على التمييز بين طائفة من طوائف الناس المسلمين والمسيحيين وكان ذلك بسبب الدين بأن قام عمداً بترديد ألفاظ كاذبة علناً بمدرسة .... الإعدادية المشتركة بـ .... تسيء للرسول الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وكان ذلك تكدير للصلح والأمن العام على النحو المبين بالأوراق . وطلبت عقابه بالمواد 160/ 1 ، 161 /1 ، 171 /1 ، 176 من قانون العقوبات .
ومحكمة جنح .... قضت حضورياً أولاً : بحبس المتهم ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ وغرامة خمسمائة جنيه عن التهمة الأولى . ثانياَ : وبحسبه ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ عن التهمة الثانية .
استأنف ومحكمة .... الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف .
فطعن وكيل المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي التعدي بالقول على أحد الأديان - الدين الإسلامي - الذي تؤدى شعائره علناً والتحريض على التمييز ضد طائفة من الناس بسبب الدين مما يكدر السلم العام ران عليه البطلان وشابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وانطوى على الإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه لم يبين واقعة الدعوى وأدلة الإدانة إذ لم يستظهر وسيلة العلانية التي اتخذها الطاعن وكيفية التحريض الذي أتاه ، فضلاً عن تناقض أسبابه مع بعضها البعض واعتماده على أدلة ظنية تنبئ عن اضطراب فكرة الحكم عن الواقعة ، ثم أنه لم يشر إلى نص القانون الذي حكم بموجبه ، كما حرم الطاعن من إبداء دفاعه ومنع المحامين من الحضور للدفاع عنه إذ لم يسمح إلا لواحد منهم كلف بتقديم مذكرة بالدفاع دون مرافعة وأعرضت المحكمة عن إجابة طلبه بمناقشة الشاكي والشهود ، هذا إلى أن المحكمة عاقبت الطاعن بعقوبتين عن الجريمتين اللتين ودانته بهما مخالفة نص المادة 32 من قانون العقوبات ، كما أن النيابة العامة لم تتحقق فيما قالة الطاعن أي ما نسب إليه منقول عن إحدى القنوات التليفزيونية الفضائية ولم تعن المحكمة أيضاً بتحقيقه ولم تسمع شهود نفي ، ورغم التراخي في الإبلاغ عن الواقعة فقد تلاحقت الإجراءات بما يشير إلى عدم صدق الواقعة والتحريات التي أجريت حولها وعدم إعطاء الطاعن حقه في الدفاع عن نفسه ، هذا فضلاً عن قصور تقرير التلخيص ، مما يعيب الحكم بما يوجب نقضه .
ومن حيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه الذي قضى بتأييد الحكم الابتدائي قد ذكر في مدوناته الألفاظ التي تلفظ بها الطاعن علانية على مرأى ومسمع من شهود الإثبات متعدياً على الدين الإسلامي ، فإنه يكون قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما ، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث ، وكان لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة من جماع الأدلة المطروحة وهي ليست مطالبة بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة ، بل أن لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم من هذه الأدلة لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي ، وكان الحكم قد استدل على توافر ركن العلانية بما ينتجه مستنداً على ما حصله من أقوال الشهود بما مؤداه أن الطاعن قد عمد إلى إذاعة وإعلان الوقائع موضوع الدعوى بصوت عال داخل مكتب أحد الشهود بالمدرسة في وجود الشهود الآخرين وهو مكان يتواجد به أناس ، وهو ما يكفي للتدليل على توافر ركن العلانية ، ذلك أن طرق العلانية قد وردت في المادة 171 من قانون العقوبات على سبيل البيان لا على سبيل الحصر ، فإذا أثبت الحكم على المتهم أنه ردد العبارات التي استظهرها في مدوناته أمام عدة شهود وتم له ما أراد من استفاضة الخبر وذيوعه ، فإنه يكون قد استظهر توافر ركن العلانية ، كما هو معرف في القانون ، وكان لا يشترط في الحكم بالعقوبة أن يذكر فيه صراحة سوء نية المتهم ، بل يكفي أن يكون مجموع ما أورده في مدوناته يفيد ذلك - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - بما يتحقق به القصد الجنائي ، ومن ثم فإن دعوى القصور والتناقض في التسبيب تنحسر عن الحكم المطعون فيه . لما كان ذلك ، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أورد في ديباجته وصف الجريمتين المسندتين إلى الطاعن ذاكراً مواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ، ثم بعد أن حصل الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومؤدى أدلة الثبوت قال " وهو الأمر الذي تقضي معه المحكمة بإنزال العقوبة على المتهم / .... بمعاقبته بالحبس بأقصى العقوبة المقررة بتأييد الحكم المستأنف " ، فإن ما أورده الحكم يكفي في بيان مواد القانون التي حكم بمقتضاها بما يحقق حكم القانون . لما كان ذلك ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة ثاني درجة أن محامياً قد حضر مع الطاعن وقدم مذكرة بدفاعه ، وكان استعداد المدافع عن المتهم أو عدم استعداده أمراً موكولاً إلى تقديره هو حسبما يوحي به ضميره واجتهاده وتقاليد مهنته ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل ، لا سيما وأن محضر الجلسة المشار إليه قد خلا مما يدعيه الطاعن بوجه طعنه . لما كان ذلك ، وكان الأصل أن المحكمة الاستئنافية تفصل على مقتضى الأوراق ما لم تر هي لزوماً لإجراء تحقيق معين أو سماع شهادة شهود إلا ما كان يجب أن تجريه محكمة أول درجة ، وإذ كان محضر جلسة المحاكمة أمام محكمة أول درجة قد خلا من تقدم الطاعن أو المدافع عنه بطلب مناقشة الشاكي أو سماع شهادة شهود ، فإن المحكمة الاستئنافية تكون غير ملزمة بإجابته أو حتى الرد عليه ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن لا يكون قويماً . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن في خصوص قعود النيابة العامة ومن بعدها المحكمة عن التحقق من صحة قوله الذي ادعاه بوجه طعنه لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن على الحكم ، وكان لا يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الدفاع عن الطاعن طلب من المحكمة تدارك النقص الذي يدعيه ، فليس له من بعد أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلبه منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه بعد أن اطمأنت إلى صحة الواقعة كما رواها الشهود ، فإن ما يقول به الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة المتهم للجريمة المسندة إليه ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه ؛ لأن مفاد التفاته عنها أنه طرحها ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بالتراخي في الإبلاغ وبتلاحق الإجراءات لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها منها ، وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان تقرير التلخيص وفقاً للمادة 411 من قانون الإجراءات الجنائية هو مجرد بيان يتيح لأعضاء الهيئة الإلمام بمجمل وقائع الدعوى وظروفها وما تم فيها من تحقيقات وإجراءات ، ولم يرتب القانون على ما يشوب التقرير من نقص أو خطأ أي بطلان يلحق الحكم الصادر في الدعوى ، وكان الثابت بمحضر جلسة المحاكمة أن الطاعن أو المدافع عنه لم يعترض على ما تضمنه التقرير ، فلا يجوز له من بعد النعي عليه بالقصور لأول مرة أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان تقدير توافر الشروط المقررة في المادة 32 من قانون العقوبات أو عدم توافرها داخلاً في سلطة قاضي الموضوع ، له أن يقرر فيه ما يراه استناداً إلى الأسباب التي من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه ، إلا أنه متى كانت واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه تستوجب إعمال تلك المادة ، فإن عدم تطبيقها يكون من الأخطاء التي تقتضي تدخل محكمة النقض بتطبيق القانون على وجهه الصحيح استناداً إلى الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض ، وإذ كان ما أورده الحكم المطعون فيه من بيان الواقعة يتحقق به معنى الارتباط الوارد في الفقرة الأولى من المادة 32 من قانون العقوبات ، إذ إن عبارة الحكم تفيد أن جريمتي التعدي بالقول على أحد الأديان والتحريض على التمييز ضد طائفة من الناس قد نشأتا عن فعل واحد ، وهو ما يقتضي إعمال أحكام تلك المادة ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقضى فضلاً عن عقوبة جريمة التعدي بالقول على أحد الأديان بعقوبة مستقلة عن جريمة التحريض على التمييز ضد طائفة من الناس ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه لذلك نقض الحكم نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغائه فيما قضى به من عقوبة عن جريمة التحريض على التمييز ضد طائفة من الناس والاكتفاء بعقوبة جريمة التعدي بالقول على أحد الأديان .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق