الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 4 يوليو 2017

الطعن 32 لسنة 66 ق جلسة 15 / 5 / 2008 مكتب فني 59 ق 94 ص543

برئاسة السيد القاضي/ محمود رضا الخضيري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ محمود سعيد محمود، رفعت أحمد فهمي، نادر السيد وخالد عبد المجيد نواب رئيس المحكمة.
-----------
- 1  إصلاح زراعي "بيع الأراضي المملوكة للإصلاح الزراعي ".
الأراضي الموزعة على المنتفعين بالإصلاح الزراعي بموجب شهادات توزيع. شهرها بطريق الإيداع في مكاتب الشهر العقاري دون رسوم. خضوعها للقيود المنصوص عليها في المرسوم بق 178 لسنة 1952. الأراضي التي يتم بيعها بطريق الممارسة وفقاً للمادة السادسة ق 3 لسنة 1986. خضوعها لأحكام العقد فيما تضمنته من حقوق أو التزامات لطرفيه. المواد 3، 5، 6 ق 3 لسنة 1986 ولائحته التنفيذية.
النص في المادتين الثالثة والخامسة من القانون رقم 3 لسنة 1986 في شأن تصفية بعض الأوضاع المترتبة على قوانين الإصلاح الزراعي على أن "..... وتصدر الهيئة العامة للإصلاح الزراعي شهادة توزيع للمنتفع ومن معه من المقبولين في بحث التوزيع أو إلى الورثة عنهم مشاعاً حسب الأحوال، وذلك متى ثبت إلزامهم وقيامهم بالواجبات المقررة قانوناً بالنسبة للمنتفعين وإلا اتخذت الإجراءات القانونية اللازمة لإلغاء التوزيع عليهم وبمراعاة الأحكام التي تضمنتها اللائحة التنفيذية لهذا القانون "وأن يتم شهر شهادات التوزيع التي تصدر وفقاً لأحكام هذا القانون بطريق الإيداع بمكاتب الشهر العقاري المختصة دون رسوم" ونص في اللائحة التنفيذية في البند الأخير من الاشتراطات العامة على أن "تعتبر أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 وتعديلاته جزءاً لا يتجزأ من الأحكام المنصوص عليها في هذه الشهادة"، وكان النص في المادة السادسة من ذات القانون على أنه "... فيما عدا الأراضي الخاضعة للقانون رقم 50 لسنة 1969 ... يجوز لمجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي التصرف في أراضي الإصلاح الزراعي بالممارسة لواضعي اليد عليها بالثمن الذي تقدره اللجنة العليا لتقدير أثمان أراضي الدولة وذلك بالشروط ووفقاً للضوابط والأوضاع التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون" وكانت اللائحة التنفيذية الصادر بها قرار وزير الزراعة رقم 877 لسنة 1986 لم تتضمن أي حظر على المشترين بالممارسة في شأن التصرف فيها للغير فإن مفاد هذه النصوص أن الأراضي الموزعة على المنتفعين بالإصلاح الزراعي بموجب شهادات توزيع يتم شهرها بطريق الإيداع في مكاتب الشهر العقاري دون رسوم هي التي تخضع للقيود المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 أما التي يتم بيعها بطريق الممارسة وفقاً للمادة السادسة سالفة الذكر فإنها تخضع لأحكام العقد فيما تضمنته من حقوق أو التزامات لطرفيه.
- 2  إصلاح زراعي "بيع الأراضي المملوكة للإصلاح الزراعي".
ثبوت أن الأرض محل التداعي بيعت للطاعنين من الأول حتى الخامس عشر بالممارسة بموجب عقدين وفقاً لأحكام المادة السادسة ق 3 لسنة 1986 وخلو نصوص العقدين النهائيين المرجع النهائي في العلاقة بين الطرفين من أي التزام أو قيد عليهم بعدم التصرف في الأرض المباعة لهم للغير. إقامة الحكم المطعون فيه قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف الصادر برفض دعوى الفسخ وبفسخ العقدين وشطب تسجيلهما لتصرف الطاعنين في الأرض المباعة لهم قبل انقضاء خمس سنوات على إبرام العقد النهائي رغم عدم مخالفتهم لأحكام القانون أو شروط العقدين. خطأ وفساد.
إذ كان البين من الأوراق أن الأرض محل التداعي قد بيعت للطاعنين من الأول حتى الخامس عشر بالممارسة بالعقدين المؤرخين 1/4/1991 وفقاً لأحكام المادة السادسة من القانون رقم 3 لسنة 1986 وقد خلت نصوص العقدين النهائيين المحررين بين الهيئة المطعون ضدها والطاعنين وهما المرجع النهائي في العلاقة بين الطرفين من أي التزام أو قيد عليهم بعدم التصرف في الأرض المباعة لهم للغير فإن قيامهم ببيعها للطاعن السادس عشر وآخرين لا يكون مخالفاً لأحكام القانون أو شروط عقدي البيع سالفي الذكر وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف الصادر برفض دعوى الفسخ وبفسخ العقدين وشطب تسجيلهما لتصرفهما في الأرض المباعة لهم قبل انقضاء خمس سنوات على إبرام العقد النهائي فإنه يكون معيباً (بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال).
-----------
الوقائع
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول بصفته أقام الدعوى رقم ..... لسنة 1994 مدني أسيوط الابتدائية "مأمورية منفلوط" على الطاعنين وباقي المطعون ضدهم بطلب الحكم بشطب تسجيل عقدي البيع المشهرين برقمي 2605، 2606 لسنة 1993 شهر القوصية وقال بياناً لذلك إنه بموجب عقدين مؤرخين 1/4/1991 باعت الهيئة التي يمثلها لورثة كل من ....، .... قطعة أرض زراعية وقد تعهد المشترون بعدم تبويرها أو البناء عليها وأن تأخذ حكم الأراضي الموزعة من الإصلاح الزراعي في التزامهم بالانضمام إلى الجمعيات التعاونية الزراعية الخاضعة لإشراف الهيئة كما أن العقدين تضمنا شرطاً فاسخاً صريحاً في حالة إخلال المشترين بتلك القيود، وبعد أن تم تسجيل العقدين قام الطاعنون بتبوير الأرض والبناء عليها وتصرفوا فيها بالبيع للطاعن السادس عشر وكان ذلك قبل مضي خمس سنوات على إبرام العقد النهائي وبالمخالفة لأحكام المرسوم بقانون 178 لسنة 1952 فقد أقام الدعوى. حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة. استأنف المطعون ضده الأول بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم ..... لسنة 70ق أسيوط وفيه قضت المحكمة بفسخ عقدي البيع المؤرخين 1/4/1991 وشطب تسجيلهما بالشهر العقاري. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعي به الطاعنون على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال ذلك أنه قضى بفسخ عقدي البيع المؤرخين 1/4/1991 وشطب تسجيلهما تأسيساً على أن المشترين وهم الطاعنون من الأول حتى الخامس عشر قد تصرفوا في الأرض محل العقدين بالبيع للطاعن السادس عشر وآخرين قبل انقضاء خمس سنوات على إبرام العقد النهائي بالمخالفة لنص المادة الرابعة عشرة من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 في حين أن الهيئة العامة للإصلاح الزراعي قد باعت لهم الأرض بطريق الممارسة وبالثمن الذي قدرته اللجنة العليا لتقدير أثمان أراضي الدولة وفقاً لحكم المادة السادسة من القانون رقم 6 لسنة 1983 والتي لم تحظر على المشترين التصرف فيها بالبيع للغير فضلاً عن أن العقدين قد خليا من النص على مثل هذا الحظر مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كان النص في المادتين الثالثة والخامسة من القانون رقم 3 لسنة 1986 في شأن تصفية بعض الأوضاع المترتبة على قوانين الإصلاح الزراعي على أن "..... وتصدر الهيئة العامة للإصلاح الزراعي شهادة توزيع للمنتفع ومن معه من المقبولين في بحث التوزيع أو إلى الورثة عنهم مشاعاً حسب الأحوال، وذلك متى ثبت إلزامهم وقيامهم بالواجبات المقررة قانوناً بالنسبة للمنتفعين وإلا اتخذت الإجراءات القانونية اللازمة لإلغاء التوزيع عليهم وبمراعاة الأحكام التي تضمنتها اللائحة التنفيذية لهذا القانون "وأن يتم شهر شهادات التوزيع التي تصدر وفقاً لأحكام هذا القانون بطريق الإيداع بمكاتب الشهر العقاري المختصة دون رسوم" ونص في اللائحة التنفيذية في البند الأخير من الاشتراطات العامة على أن "تعتبر أحكام المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 وتعديلاته جزءاً لا يتجزأ من الأحكام المنصوص عليها في هذه الشهادة"، وكان النص في المادة السادسة من ذات القانون على أنه "..... فيما عدا الأراضي الخاضعة للقانون رقم 50 لسنة 1969 ..... يجوز لمجلس إدارة الهيئة العامة للإصلاح الزراعي التصرف في أراضي الإصلاح الزراعي بالممارسة لواضعي اليد عليها بالثمن الذي تقدره اللجنة العليا لتقدير أثمان أراضي الدولة وذلك بالشروط ووفقاً للضوابط والأوضاع التي تحددها اللائحة التنفيذية لهذا القانون" وكانت اللائحة التنفيذية الصادر بها قرار وزير الزراعة رقم 877 لسنة 1986 لم تتضمن أي حظر على المشترين بالممارسة في شأن التصرف فيها للغير، فإن مفاد هذه النصوص أن الأراضي الموزعة على المنتفعين بالإصلاح الزراعي بموجب شهادات توزيع يتم شهرها بطريق الإيداع في مكاتب الشهر العقاري دون رسوم هي التي تخضع للقيود المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 أما التي يتم بيعها بطريق الممارسة وفقاً للمادة السادسة سالفة الذكر فإنها تخضع لأحكام العقد فيما تضمنته من حقوق أو التزامات لطرفيه. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن الأرض محل التداعي قد بيعت للطاعنين من الأول حتى الخامس عشر بالممارسة بالعقدين المؤرخين 1/4/1991 وفقاً لأحكام المادة السادسة من القانون رقم 3 لسنة 1986 وقد خلت نصوص العقدين النهائيين المحررين بين الهيئة المطعون ضدها والطاعنين وهما المرجع النهائي في العلاقة بين الطرفين من أي التزام أو قيد عليهم بعدم التصرف في الأرض المباعة لهم للغير فإن قيامهم ببيعها للطاعن السادس عشر وآخرين لا يكون مخالفاً لأحكام القانون أو شروط عقدي البيع سالفي الذكر، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف الصادر برفض دعوى الفسخ وبفسخ العقدين وشطب تسجيلهما لتصرفهما في الأرض المباعة لهم قبل انقضاء خمس سنوات على إبرام العقد النهائي فإنه يكون معيباً بما يوجب نقضه
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم.

عدم دستورية منع سماع الدعاوى عن العين المؤجرة غير المقيدة بالوحدة المحلية

الطعن 116  لسنة 22 ق " دستورية " المحكمة الدستورية العليا جلسة 6 / 5 /2017
منشور في الجريدة الرسمية العدد 19 مكرر أ في 15/ 5/ 2017 ص 3
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من مايو سنة 2017 م، الموافق التاسع من شعبان سنة 1438 هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: الدكتور حنفي علي جبالي وسعيد مرعي عمرو والدكتور حمدان حسن فهمي ومحمود محمد غنيم وحاتم حمد بجاتو والدكتور عبد العزيز محمد سالمان نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 116 لسنة 22 قضائية "دستورية".

---------
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعين كانوا قد أقاموا الدعوى رقم 156 لسنة 2000 إيجارات كلي، أمام محكمة الجيزة الابتدائية، ضد المدعي عليه الثاني، بطلب الحكم بانتهاء العلاقة الإيجارية للشقة المفروشة الكائنة بالدور ...... بالعقار رقم ...... شارع البطل أحمد عبد العزيز بالمهندسين - جيزة، وذلك اعتبارا من آخر ديسمبر 1999، وإخلائه منها، وتسليمها لهم بما فيها من مفروشات، وإلزامه بدفع مبلغ ألفي جنيه شهريا اعتبارا من أول يناير سنة 2000 مقابل الانتفاع والتعويض حتى تمام التسليم. وذلك على سند من القول بأنه استأجر من مورثهم الشقة المشار إليها لمدة ثلاثة أشهر، تم الاتفاق على استمرارها بحيث ينتهي العقد في 31 ديسمبر 1995، مع جواز إنهائه قبل ذلك شريطة إخطار المستأجر بالإخلاء، وإذ أخطروا المستأجر بالإخلاء، فلم يمتثل، أقاموا ضده الدعوى رقم 1295 لسنة 1994 مستعجل الجيزة، ابتغاء رد حيازة العين المؤجرة، وقضى برفضها لعدم وجود عقد إيجار مقيد لدى الوحدة المحلية، فأقاموا الدعوى الموضوعية ابتغاء القضاء بالطلبات سالفة البيان. وأثناء نظر الدعوى بجلسة 2000/5/8 دفع الحاضر عن المدعين بعدم دستورية المادة (43) من القانون 49 لسنة 1977 المشار إليه، والمادة (25) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع، وصرحت للمدعين برفع الدعوى الدستورية، أقاموا دعواهم المعروضة
بتاريخ العشرين من يونيو سنة 2000، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طلبا للحكم بعدم دستورية نص المادة (43) من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، والمادة (25) من لائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير الإسكان والتعمير رقم 99 لسنة 1978
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

----------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إن المادة (43) من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر تنص على أن "لا تسمع دعاوى المؤجر كما لا تقبل الطلبات المقدمة منه الناشئة أو المترتبة على تطبيق أحكام المادتين (39، 40) إلا إذا كانت العقود المبرمة وفقا لها مقيدة على الوجه المنصوص عليه في المادة السابقة، ولا يجوز للمؤجر الاستناد إلى العقود غير المقيدة لدى أي جهة من الجهات". 
ونصت المادة (25) من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه الصادرة بقرار وزير الإسكان والتعمير رقم 99 لسنة 1978 على أن "تتولى الوحدة المحلية المختصة قيد الطلبات فور تقديمها في سجلات بتسلسل القيد فيها بأرقام متتالية ويجب أن يتضمن هذا السجل اسم المؤجر والمستأجر وجنسيته ورقم بطاقته الشخصية أو العائلية ومحل إقامته ومدة الإيجار والغرض منه وبدايته ونهايته وقيمة الأجرة، ويختم العقد الذي يتم قيده بالسجل بخاتم شعار الجمهورية الخاص بالوحدة المحلية بعد إثبات رقم وتاريخ قيده". 
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى -، مناطها أن يتحقق ارتباط بينها وبين المصلحة التي تقوم عليها الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسائل الدستورية لازما للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان النزاع الموضوعي ينصب على طلب المدعين إنهاء العلاقة الإيجارية للعين محل التداعي والمؤجرة مفروشة للمدعي عليه الثاني وتسليمها لهم بما فيها من مفروشات، مع التعويض، وكان نص المادة (43) من القانون 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر يحول دون سماع دعوى المؤجر لعدم قيد عقد الإيجار لدى الوحدة المحلية، فإن المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى تكون متحققة بالنسبة لهذا النص دون سواه
وحيث إن المدعين ينعون على النص المطعون فيه مخالفته لمبدأ المساواة بين المؤجر والمستأجر بشأن عقود الإيجار المفروش مستلزما قيدها لدى الوحدة المحلية، مرتبا جزاء عدم سماع دعوى المؤجر وعدم قبول أي طلبات مقدمة منه قبل إجراء القيد، حين أتاح ذلك لمستأجر العين، بما يجعل من عقد الإيجار ملزما من جانب واحد، وبما يترتب عليه تمكين المستأجر من اغتصاب ملك المؤجر مهدرا الحماية المقررة لحق الملكية، ومخلا بالحق في التقاضي، عاصفا بمبدأ خضوع الدولة للقانون، بما يخالف أحكام المواد (32، 34، 40، 65، 68) من دستور 1971
وحيث إن الرقابة على دستورية القوانين من حيث مطابقتها للقواعد الموضوعية التي نظمها الدستور، إنما تخضع لأحكام الدستور القائم دون غيره، إذ إن هذه الرقابة إنما تستهدف أصلا - على ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - صون الدستور القائم، وحمايته من الخروج على أحكامه، ذلك أن نصوص هذا الدستور تمثل دائما القواعد والأصول التي يقوم عليها نظام الحكم، ولها مقام الصدارة بين قواعد النظام العام التي يتعين التزامها ومراعاتها وإهدار ما يخالفها من التشريعات، باعتبارها أسمى القواعد الآمرة. ومن ثم فإن هذه المحكمة تباشر رقابتها على النص المطعون عليه - الذي ما زال قائما ومعمولا بأحكامه - من خلال أحكام الدستور الحالي الصادر سنة 2014، باعتباره الوثيقة الدستورية السارية
وحيث إن السياسة التشريعية الرشيدة يتعين أن تقوم على عناصر متجانسة، فإن قامت على عناصر متنافرة نجم عن ذلك افتقار الصلة بين النصوص مراميها، بحيث لا تكون مؤدية إلى تحقيق الغاية المقصودة منها لانعدام الرابطة المنطقية بينهما، تقديرا بأن الأصل في النصوص التشريعية - في الدولة القانونية - هو ارتباطها عقلا بأهدافها، باعتبار أن أي تنظيم تشريعي ليس مقصودا لذاته، وإنما هو مجرد وسيلة لتحقيق تلك الأهداف، ومن ثم يتعين دائما استظهار ما إذا كان النص المطعون فيه يلتزم إطارا منطقيا للدائرة التي يعمل فيها، كافلا من خلالها تناغم الأغراض التي يستهدفها، أو متهادما مع مقاصده أو مجاوزا لها، ومناهضا بالتالي لمبدأ خضوع الدولة للقانون المنصوص عليه في المادة (94) من الدستور
وحيث إن الدستور - إعلاء من جهته لدور الملكية الخاصة، وتوكيدا لإسهامها في صون الأمن الاجتماعي - كفل حمايتها لكل فرد - وطنيا كان أم أجنبيا - ولم يجز المساس بها إلا على سبيل الاستثناء، وفي الحدود التي يقتضيها تنظيمها، باعتبارها عائدة - في الأغلب الأعم من الأحوال - إلى جهد صاحبها، بذل من أجلها الوقت والعرق والمال، وحرص بالعمل المتواصل على إنمائها وأحاطها بما قدره ضروريا لصونها، معبدا بها الطريق إلى التقدم، كافلا للتنمية أهم أدواتها، محققا من خلالها إرادة الإقدام، هاجعا إليها لتوفر ظروفا أفضل لحرية الاختيار والتقرير مطمئنا في كنفها إلى يومه وغده، مهيمنا عليها ليختص دون غيره بثمارها ومنتجاتها وملحقاتها، فلا يرده عنها معتد، ولا يناجز سلطته في شأنها خصم ليس بيده سند ناقل لها، ليعتصم بها من دون الآخرين، وليلتمس من الدستور وسائل حمايتها التي تعينها على أداء دورها، وتقيها تعرض الأغيار لها سواء بنقضها أو انتقاصها من أطرافها
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحماية التي كفلها الدستور للملكية الخاصة تفترض ألا ترهق القيود التي يفرضها عليها - في إطار وظيفتها الاجتماعية - جوهر بنيانها، وألا يكون من شأنها تعطيل الانتفاع بها بما يفقدها علة وجودها، وينحدر بالحماية المقررة لها إلى ما يفرغها من مضمونها، ذلك أن صون الملكية الخاصة وإعاقتها لا يجتمعان، وكلما تدخل المشرع مقوضا بنيانها من خلال قيود ترهقها إلى حد ابتلاعها كان عمله افتئاتا عليها منافيا للحق فيها
وحيث إن ما نصت عليه المواد (4، 53، 97، 98) من الدستور القائم الصادر سنة 2014 - وتردد حكمها في الدساتير المصرية السابقة - من أن المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات العامة، وأن حق التقاضي من الحقوق العامة المكفولة للكافة، وأن حق الدفاع مكفول، مؤداه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الناس كافة لا يتمايزون فيما بينهم في مجال حقهم في اللجوء إلى قاضيهم الطبيعي، ولا في نطاق القواعد الإجرائية والموضوعية التي تحكم الخصومة عينها، ولا في فعالية ضمانة الدفاع للحقوق التي يطلبونها، ولا في اقتضائها، وفق مقاييس واحدة عند توافر شروط طلبها، ولا في طرق الطعن التي تنظمها، بل يجب أن يكون للحقوق ذاتها قواعد موحدة، سواء في مجال التداعي بشأنها، أو الدفاع عنها، أو استئدائها، أو الطعن في الأحكام الصادرة فصلا فيها، ولا يجوز بالتالي أن يعطل المشرع إعمال هذه القواعد في شأن فئة بذاتها من المواطنين، ولا أن يقلص دور الخصومة القضائية التي يعتبر ضمان الحق فيها والنفاذ إليها طريقا وحيدا لمباشرة حق التقاضي، ولا أن يجرد هذه الخصومة من الترضية القضائية التي يعتبر إهدارها أو تهوينها إخلالا بالحماية التي يكفلها الدستور القائم للحقوق جميعها، وأكد عليها بما نص عليه في المادة (92) منه، بأن "الحقوق والحريات اللصيقة بشخص المواطن لا تقبل تعطيلا ولا انتقاصا. ولا يجوز لأي قانون ينظم ممارسة الحقوق والحريات أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها". 
وحيث إن الدستور بما نص عليه في المادة (97) منه من أن "التقاضي حق مصون ومكفول للكافة ......"، قد دل على أن هذا الحق في أصل شرعته، وهو حق للناس كافة لا يتمايزون فيما بينهم في مجال اللجوء إليه، وإنما تتكافأ مراكزهم القانونية في سعيهم لرد العدوان على حقوقهم دفاعا عن مصالحهم الذاتية. وقد حرص الدستور على ضمان إعمال هذا الحق في محتواه المقرر دستوريا بما لا يجوز معه قصر مباشرته على فئة دون أخرى، أو إجازته في حالة بذاتها دون سواها، أو إرهاقه بعوائق منافية لطبيعته، لضمان أن يكون النفاذ إليه حقا لكل من يلوذ به، غير مقيد في ذلك إلا بالقيود التي يقتضيها تنظيمه، والتي لا يجوز بحال أن تصل في مداها إلى حد مصادرته. وبذلك يكون الدستور قد كفل الحق في الدعوى لكل مواطن، وعزز هذا الحق بضماناته التي تحول دون الانتقاص منه، وأقامه أصلا للدفاع عن مصالحهم الذاتية وصونها من العدوان عليها، وجعل المواطنين سواء في الارتكان إليه، بما مؤداه أن غلق أبوابه دون أحدهم إنما ينحل إلى إهداره، ويكرس الإخلال بالحقوق التي يدعيها
لما كان ما تقدم، وكان المشرع بموجب المادة (42) من القانون رقم 49 لسنة 1977 المشار إليه، قد ألزم المؤجر بأن يقيد عقود الإيجار المفروش التي تبرم تطبيقا لأحكام المادتين (39، 40) من ذلك القانون لدى الوحدة المحلية المختصة، وألزم هذه الجهة بإخطار مصلحة الضرائب شهريا بما يتجمع لديها من بيانات في هذا الشأن، ورتب المشرع في المادة (43) من ذلك القانون - النص المطعون فيه - على عدم قيد هذه العقود عدم سماع دعاوى المؤجر، وعدم قبول الطلبات المقدمة منه الناشئة أو المترتبة على تطبيق أحكام المادتين المشار إليهما، كما حظرت عليه الاستناد إلى العقود غير المقيدة لدى أية جهة من الجهات، مستهدفا من ذلك - على نحو ما أوردته المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون - "سد الطريق أمام بعض من يقومون بالتأجير المفروش دون أداء ما تستحقه الخزانة العامة من ضرائب، وذلك بتهربهم من الإخطار مع عدم وجود جزاءات رادعة تحول دون ذلك، حيث أوجب المشروع قيد عقود الإيجار المفروشة لدى الوحدة المحلية المختصة، لتقوم هذه الجهات بإخطار مصلحة الضرائب أولا بأول بما يتجمع لديها من بيانات، وقد رتب المشروع أثرا خطيرا على عدم القيد، يتمثل في عدم سماع الدعاوى أو المنازعات وعدم قبول الطلبات الناشئة أو المترتبة عن عقود غير مقيدة، كما لا تصلح تلك العقود للاستناد إليها لدى أي جهة من الجهات، وهو أثر فعال يؤدي إلى جدية القيد، وأن المتهرب سيناله ضرر محقق إذ لا يستطيع أن يستأدى حقوقه قبل الطرف الآخر إلا إذا كان العقد مقيدا، فضلا عن أنه يتعذر على الخزانة العامة بغير هذا الإجراء أن تستأدي حقوقها المشروعة قبل القائمين بالتأجير المفروش". 
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الحق الذي يحميه القانون غير منفك عن وسيلة حمايته، بولوج سبيل الدعوى لطرح المطالبة بالحق على القضاء. وكان حق التقاضي من الحقوق العامة التي كفلت الدساتير المساواة بين المواطنين فيها، وكان النص المطعون فيه قد حرم طائفة من المواطنين - هم مؤجرو الوحدات المفروشة الذين لم يقيدوا عقود إيجاراتهم لدى الوحدة المحلية المختصة - من هذا الحق مع تحقق مناطه - وهو قيام المنازعة حول إخلاء الشقة المؤجرة، معطلا في شأنهم الحق في اقتضاء حقوقهم والدفاع عنها، مقلصا دور الخصومة القضائية، موصدا لطريق التقاضي أمامهم، ومجردا الخصومة القضائية التي تقام بشأن حقوقهم من الترضية القضائية التي يعتبر إهدارها أو تهوينها إخلالا بالحماية الدستورية المكفولة للحقوق جميعها، بما يعد مصادرة للحق في التقاضي، وإنكارا للعدالة في أخص مقوماتها، ونكولا عن الخضوع للقانون
وحيث كان ذلك، وكان القيد الذي أوجده النص المطعون فيه قد افتئت على الحق في الملكية الخاصة لهذه الشقق التي لم تقيد عقود إيجارها لدى الوحدة المحلية، إذ كبلها بقيد يحول دون أحد صور الانتفاع بها، مقلصا بذلك من دائرتها، جاعلا منها حقا لا يقترن بوسيلة لحمايته، مقيدا لمباشرة الحقوق التي تتفرع عنها، في غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية، كما يتضمن حرمانا للمالكين من الفائدة الاقتصادية التي يمكن أن تعود عليهم من ذلك، بما ينتقص منها في أحد جوانبها
ولا ينال مما تقدم، قالة أن ما قرره المشرع بالنص المطعون فيه يدخل في نطاق سلطته التقديرية، وتخير أنسب الحلول للمشكلات التي يواجهها؛ ذلك أن السلطة التقديرية التي يملكها المشرع في موضوع تنظيم الحقوق، لازمها أن يفاضل بين بدائل متعددة مرجحا من بينها ما يراه أكفل بتحقيق المصالح المشروعة التي قصد إلى حمايتها، غير أن الحدود التي يتصور أن يبلغها هذا التنظيم لا يجوز بحال أن ينفلت مداها إلى ما يعد حرمانا من الحق في التقاضي مع تحقق مناطه، بما يرتبه ذلك من الافتئات على حق الملكية، والنيل من جوهرها، واقتلاع المزايا التي تنتجها بما يؤدي إلى سيطرة آخرين فعلا عليها، وإنما يعد مجاوزة من قبل المشرع لحدود الضوابط التي رسمها الدستور للمشرع وهو بصدد تنظيمه لحقي الملكية والتقاضي
كما لا يقدح فيما تقدم قالة أن المشرع بإقراره النص المطعون فيه التزم إطار الوظيفة الاجتماعية للملكية الخاصة، لإمكان تحميلها ببعض القيود التي تقتضيها الضرورة الاجتماعية، فذلك مردود بأن الحماية التي كفلها الدستور للملكية الخاصة في إطار وظيفتها الاجتماعية يفترض ألا ترهق القيود التي يفرضها المشرع عليها بنيانها، وألا يكون من شأنها تعطيل الانتفاع بها بما يفقدها علة وجودها، وينحدر بالحماية المقررة لها إلى ما دون مستوياتها الموضوعية، ولا أن يكون ذلك سبيلا لتسلب الدولة من الالتزام الدستوري الملقى على عاتقها بالمادة (38) من الدستور بالارتقاء بالنظام الضريبي، وتبني النظم الحديثة التي تحقق الكفاءة واليسر والأحكام في تحصيل الضرائب، وتكفل تحقيق التوازن بين حق الدولة في تحصيل الضريبة كمورد مهم وأساسي للموازنة العامة للدولة، والتزام المواطنين بأدائها، باعتباره واجبا وطنيا، وأن التهرب منه يعد جريمة، وبين صيانة الحقوق والحريات الأخرى للمواطنين، وعدم المساس بأصلها وجوهرها، وهو ما حرص الدستور على توكيده بنص المادة (27) منه باعتباره قيدا والتزاما دستوريا على الدولة في اختيارها للنظام الاقتصادي الذي تنتهجه، بحيث تراعى فيه تحقيق التوازن بين مصالح الأطراف المختلفة في العلاقة القانونية محل التنظيم، إعلاء لقيم العدل الذي حرص الدستور على كفالته في المادة (4) منه، باعتباره أساسا لبناء المجتمع، وصون وحدته الوطنية، واحتراما من المشرع للأطر المحددة لسلطته في تنظيم الحقوق والحريات التي عينتها المادة (92) من الدستور، ذلك لا يجوز للدولة أن تتذرع بمصلحتها في اقتضاء دين الضريبة لتقرير جزاء على الإخلال بها يجاوز في مداه الحدود المنطقية التي يقتضيها صون مصلحتها الضريبية. ذلك أن الأصل في الجزاء - جنائيا كان أم مدنيا أم ماليا أم تأديبيا - أن يتعلق بأفعال بذواتها يعينها المشرع، فلا يكون الجزاء ملائما إلا إذا كان متناسبا معها ومتدرجا بقدر خطورتها ووطأتها على الصالح العام، وإلا صار الجزاء غلوا غير مقبول. متى كان ذلك، وكانت لا توجد علاقة منطقية بين تحصيل الضرائب على تأجير الشقق المفروشة، وبين ما أورده النص المطعون فيه من اعتبار عدم قيد عقد إيجارها سببا لعدم سماع دعوى المؤجر، كما أنه لا يتصل بطبيعة العلاقة الإيجارية بين المؤجر والمستأجر، وما تقرره من حقوق والتزامات بين طرفيها، ليضحى ما فرضه مساسا بحق الملكية، وإعاقة لحق التقاضي، وإهدارا لمبدأي المساواة والعدل
وحيث إنه متى كان ما تقدم، فإن النص المطعون فيه يغدو مخالفا لنصوص المواد (4، 35، 38، 92، 94، 97) من الدستور، مما يتعين معه القضاء بعدم دستوريته
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص المادة (43) من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

عدم دستورية التمييز بين المنتهية خدمتهم بالمعاش المبكر عن المنتهية بالمعاش القانوني (السن أو العجز أو الوفاة)

الطعن 61  لسنة 31 ق " دستورية " المحكمة الدستورية العليا جلسة 6 / 5 /2017
منشور في الجريدة الرسمية العدد 19 مكرر أ في 15/ 5/ 2017 ص 14
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من مايو سنة 2017م، الموافق التاسع من شعبان سنة 1438هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيري طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمي إسكندر ومحمود محمد غنيم وحاتم حمد بجاتو والدكتور محمد عماد النجار نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت الحكم الآتي 
في القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 61 لسنة 31 قضائية "دستورية".

----------
الوقائع
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أن المدعي كان قد التحق بالعمل لدى إحدى شركات القطاع العام بتاريخ 1964/1/24، وقدم استقالته وفقا لنظام المعاش المبكر بتاريخ 1984/11/15، وفقا لنص البند (5) من المادة (18) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، ولم يكن عمره حينذاك يجاوز الأربعين سنة، مما أدى إلى انتقاص معاشه عن الأجر الأساسي بنسبة 15% عملا بنص الفقرة الأولى من المادة (23) من القانون المشار إليه، وعدم احتساب معاش عن الأجر المتغير، وفقا لنص الفقرة الثانية من تلك المادة. وإذ ارتأى أن تسوية معاشه عن الأجرين الأساسي والمتغير لم يتم وفق صحيح القانون، فقد تظلم منه بتاريخ 2006/1/30، لدى اللجنة المختصة بهيئة التأمين الاجتماعي، ولرفضها التظلم، أقام بتاريخ 2006/4/9، الدعوى رقم 1845 لسنة 2006 عمال، أمام محكمة المنصورة الابتدائية، ضد المدعى عليهما الثالث والرابع، طالبا الحكم بأحقيته في إعادة تسوية معاشه عن الأجرين الأساسي والمتغير، من تاريخ إحالته إلى المعاش، وصرف ما يستحق له من فروق تأمينية حتى صدور الحكم في الدعوى. وبجلسة 2008/11/27، قضت المحكمة بسقوط حقه بالتقادم الخمسي، إعمالا لنص المادة (1/375) من القانون المدني، لمرور أكثر من عشرين سنة من تاريخ إحالته للمعاش المبكر، وتقديم تظلمه إلى اللجنة المختصة بهيئة التأمين الاجتماعي. ولم يصادف هذا القضاء قبول المدعي، فطعن عليه بالاستئناف رقم 818 لسنة 60 قضائية، أمام محكمة عمال مستأنف المنصورة، طالبا الحكم بإلغاء الحكم المستأنف، والقضاء مجددا له بطلباته. وحال نظر الاستئناف بجلسة 2009/2/15، دفع بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (23) من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه، والجدول رقم (8) المرافق له، وإذ قدرت المحكمة جدية الدفع، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، فأقام الدعوى المعروضة
بتاريخ الثامن من مارس سنة 2009، أو دع المدعي صحيفة هذه الدعوى، قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبا الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (23) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 وتعديلاته، والجدول رقم (8) المرافق له، وأحقيته في تسوية معاشه عن الأجر الأساسي والأجر المتغير، دون خصم أي نسبة منه لفارق السن، وصرف الفروق المستحقة له عن تلك التسوية
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم أصليا بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة، واحتياطيا برفضها. وقدمت الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي مذكرة، طلبت فيها الحكم أولا: بعدم قبول الدعوى بشأن الطعن على دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (23) المطعون عليها لسابقة الفصل في دستوريتها في القضية الدستورية رقم 310 لسنة 24 قضائية، بجلسة 2008/5/4، ثانيا: برفض الدعوي بشأن الطعن على دستورية الفقرة الأولى من تلك المادة
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها
ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة بجلسة 2017/4/1 إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم، مع التصريح بتقديم مذكرات في أسبوع، أودعت خلاله الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي مذكرة، طلبت فيها الحكم أصليا برفض الدعوى، واحتياطيا - في حالة القضاء بعدم الدستورية - إعمال أثر هذا الحكم من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية. وأودع كل من المدعي وهيئة قضايا الدولة مذكرة، صمم فيها على طلباته.

--------------
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة
وحيث إنه عن الدفع المبدى من الهيئة القومية للتأمين الاجتماعي بعدم قبول الدعوى بشأن الطعن على دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (23) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، لسابقة صدور حكم بعدم دستوريتها في القضية رقم 310 لسنة 24 قضائية "دستورية"، بجلسة 2008/5/4. فمردود بأن الدفع بعدم الدستورية المبدى من المدعي أمام محكمة الموضوع لم يشمل نص تلك الفقرة، كما لم يضمن صحيفة دعواه الدستورية طعنا عليها، مما يتعين معه الالتفات عن هذا الدفع
وحيث إن المادة (23) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 - قبل استبدالها بالقانون رقم 107 لسنة 1987، ثم إلغائها بالقانون رقم 130 لسنة 2009 - كانت تنص فقرتها الأولى على أن "يخفض المعاش المستحق لتوافر الحالة المنصوص عليها في البند (5) من المادة (18) بنسبة تقدر تبعا لسن المؤمن عليه في تاريخ استحقاق الصرف وفقا للجدول رقم (8) المرافق". 
وقد ورد بالجدول المشار إليه نسب خفض المعاش تبعا لسن المؤمن عليه في تاريخ استحقاق الصرف، لتكون 15% لمن هم أقل من 45 سنة، 10% لمن هم بين 45 سنة وأقل من 50 سنة، و5% لمن هم بين 50 سنة وأقل من 60 سنة
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة، وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية، مناطها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم في المسألة 
الدستورية لازما للفصل في الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع. متى كان ذلك، وكان النزاع الموضوعي، في شق منه، يتعلق بطلب إعادة تسوية معاش المدعي عن الأجر الأساسي، دون استقطاع نسبة منه نظير خروجه إلى المعاش المبكر بالاستقالة قبل بلوغه 45 سنة في تاريخ استحقاق المعاش، على نحو ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة (23) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، قبل استبدالها بالقانون رقم 107 لسنة 1987، والجدول رقم (8) المرافق للقانون المشار إليه، وذلك في مجال إعماله على هذا النص، فإن الفصل في مدى دستورية نص تلك الفقرة يرتب انعكاسا أكيدا ومباشرا على الطلبات في الدعوى الموضوعية وقضاء محكمة الموضوع فيها، ومن ثم تتوافر للمدعي مصلحة شخصية مباشرة في الطعن عليها
وحيث إنه لا يغير من ذلك أن نص المادة (23) من القانون رقم 79 لسنة 1975 المشار إليه، قد تم استبداله بالقانون رقم 107 لسنة 1987، ثم إلغاؤه بالقانون رقم 130 لسنة 2009، ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن استبدال المشرع لقاعدة قانونية بغيرها، أو إلغاءها، لا يحول دون الطعن عليها بعدم الدستورية من قبل من طبقت عليه خلال فترة نفاذها، وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة إليه، تتحقق بإبطالها مصلحته الشخصية المباشرة، ذلك أن الأصل في تطبيق القاعدة القانونية، هو سريانها على الوقائع التي تتم في ظلها وحتى إلغائها، فإذا ألغيت هذه القاعدة، أو حلت محلها قاعدة قانونية أخرى، فإن القاعدة الجديدة تسري من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القانونية القديمة من تاريخ إلغائها، وبذلك يتحدد النطاق الزمني لسريان كل من القاعدتين، فما نشأ مكتملا في ظل القاعدة القانونية القديمة من المراكز القانونية، وجرت آثارها خلال فترة نفاذها، يظل خاضعا لحكمها وحدها. متى كان ذلك، فإن استبدال النص المطعون فيه بالقانون رقم 107 لسنة 1987، ثم إلغاءه بموجب المادة الثالثة من القانون رقم 130 لسنة 2009، لا يمنع هذه المحكمة من إعمال رقابتها الدستورية عليه، باعتباره قد طبق على المدعي خلال فترة نفاذه، وترتب بمقتضاه آثار قانونية بالنسبة له
وحيث إنه لا ينال مما تقدم، الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى لانتفاء المصلحة، تأسيسا على أن المدعي أقام دعواه الموضوعية بعد أن صار ربط المعاش نهائيا، فضلا عن سقوط حقه في المطالبة بفروق المعاش بالتقادم الخمسي، ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه يكفي لتوافر شرط المصلحة في الدعوى الدستورية أن يكون الحكم فيها مؤثرا في مسألة كلية أو فرعية تدور حولها رحى الخصومة في الدعوى الموضوعية، دون أن يمتد ذلك لبحث شروط قبول تلك الدعوى، أو مدى أحقية المدعي في الدعوى الدستورية في طلباته أمام محكمة الموضوع، والتي تختص المحكمة الأخيرة – وحدها - بالفصل فيها
وحيث إن المدعي ينعي على النص المطعون فيه تقويضه نظام التأمين الاجتماعي الذي تتكفل الدولة بمقتضاه تهيئة أفضل الظروف التي تفي باحتياجات من تقرر لمصلحتهم والارتقاء بمعيشتهم، ومخالفته مبدأ المساواة بتمييزه في الحقوق التأمينية بين من انتهت خدمته بالمعاش المبكر، ومن انتهت خدمته ببلوغ السن القانونية للإحالة إلى المعاش، رغم وفاء كل من أفراد الطائفتين بالتزاماته التأمينية، وتساويهم بالتالي في المركز القانوني، واعتدائه على حقوقهم الشخصية التي سعى الدستور إلى صونها، الأمر الذي يشكل إخلالا بأحكام المواد (7، 17، 34، 40) من دستور سنة 1971 الذي أقيمت الدعوى المعروضة في ظل العمل بأحكامه، المقابلة لنصوص المواد (8، 17، 35، 53) من الدستور القائم الصادر في 2014/1/18
وحيث إنه من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن حماية هذه المحكمة للدستور إنما تنصرف إلى الدستور القائم، إلا أنه إذا كان هذا الدستور ليس ذا أثر رجعي، فإنه يتعين إعمال أحكام الدستور السابق الذي صدر القانون المطعون عليه في ظل العمل بأحكامه، طالما أن هذا القانون قد عمل بمقتضاه إلى أن تم إلغاؤه أو استبدال نص آخر به خلال مدة سريان أحكامه. متى كان ذلك، وكان نص المادة (23) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون 79 لسنة 1975 قد تم استبداله بالقانون رقم 107 لسنة 1987، ثم إلغاؤه بالقانون رقم 130 لسنة 2009، وذلك قبل العمل بأحكام الدستور القائم الصادر بتاريخ 2014/1/18، ومن ثم فإنه يتعين الاحتكام في شأن دستورية النص المطعون فيه إلى ما ورد في دستور سنة 1971، الذي صدر القانون المشتمل على هذا النص، وعمل بمقتضاه إلى أن تم إلغاؤه في ظل العمل بأحكامه
وحيث إن ما نعاه المدعي على النص المطعون فيه سديد في مجمله، ذلك أن دستور سنة 1971 قد حرص في المادة (17) منه على دعم التأمين الاجتماعي حين ناط بالدولة مد خدماتها في هذا المجال إلى المواطنين بجميع فئاتهم في الحدود التي يبينها القانون، من خلال تقرير ما يعينهم على مواجهة بطالتهم أو عجزهم عن العمل أو شيخوختهم، ذلك أن مظلة التأمين الاجتماعي التي يحدد المشرع نطاقها، هي التي تفرض بمداها واقعا أفضل يؤمن المواطن في غده، وينهض بموجبات التضامن الاجتماعي التي يقوم عليها المجتمع وفقا لنص المادة (7) من ذلك الدستور، بما يؤكد أن الرعاية التأمينية ضرورة اجتماعية بقدر ما هي ضرورة اقتصادية، وأن غايتها أن تؤمن المشمولين بها في مستقبل أيامهم عند تقاعدهم أو عجزهم أو مرضهم، وأن تكفل الحقوق المتفرعة عنها لأسرهم بعد وفاتهم، بما مؤداه أن التنظيم التشريعي للحقوق التي كفلها المشرع في هذا النطاق يكون مجافيا أحكام الدستور منافيا لمقاصده إذا تناول هذه الحقوق بما يهدرها
وحيث إن الأصل في المعاش متى توافر أصل استحقاقه وفقا للقانون، فإنه ينهض التزاما على الجهة التي تقرر عليها مترتبا في ذمتها بقوة القانون، بحيث إذا توافرت في المؤمن عليه الشروط التي تطلبها القانون لاستحقاق المعاش أستقر مركزه القانوني بالنسبة إلى هذا المعاش بصفة نهائية، ولا يجوز من بعد التعديل في العناصر التي قام عليها أو الانتقاص منه
وحيث إن المشرع قد استهدف من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975 التأمين ضد مخاطر بذاتها تندرج تحتها الشيخوخة والعجز والوفاة وغيرها من أسباب انتهاء الخدمة التي عددتها المادة (18) من القانون المشار إليه، ومن بينها حالات انتهاء الخدمة لغير الأسباب التي عددتها البنود (1، 2، 3) من هذه المادة، والتي يدخل فيها المعاش المبكر، متى كانت مدة الاشتراك في التأمين لا تقل عن 240 شهرا، ليفيد المؤمن عليه الذي يخضع لأحكام هذا النص، وتوافرت له شروط استحقاق المعاش عن الأجر الأساسي، من المزايا التأمينية المقررة به عند تحقق الخطر المؤمن منه، فإذا ما تقرر له معاش عن مدة اشتراكه في التأمين عن هذا الأجر، واستقر مركزه القانوني بالنسبة لهذا المعاش، بات حقه فيه، والوفاء به كاملا دون نقصان أو تعديل، التزاما قانونيا في ذمة الجهة المختصة لا تستطيع منه فكاكا، وهو ما لم يلتزمه النص المطعون فيه الذي انتقص من هذه المزايا والمتعلقة بالمعاش المستحق عن الأجر الأساسي، بتخفيضه بنسبة تقدر تبعا لسن المؤمن عليه في تاريخ استحقاق صرف المعاش وفقا للجدول رقم (8) المرافق لهذا القانون، والذي ورد به مقدار هذا الخفض بنسب تتراوح بين 5% و15%، بما مؤداه انتقاص قيمة المعاش المستحق عن هذا الأجر، والذي توافر أصل استحقاقه وفقا للقانون، الأمر الذي يتعارض مع كفالة الدولة لخدمات التأمين الاجتماعي الواجبة وفقا للمادة (17) من دستور سنة 1971
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن صور التمييز المجافية للدستور وإن تعذر حصرها، إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق أو الحريات التي كفلها الدستور أو القانون، وذلك بإنكار أصل وجودها أو تعطيل أو انتقاص آثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم المساواة بين المؤهلين للانتفاع بها. كما أن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون، المنصوص عليه في المادة (40) من دستور سنة 1971، والذي رددته الدساتير المصرية المتعاقبة جميعها، بحسبانه ركيزة أساسية للحقوق والحريات على اختلافها، وأساسا للعدل والسلام الاجتماعي، غايته صون الحقوق والحريات في مواجهة صور التمييز التي تنال منها أو تقيد ممارستها، باعتباره وسيلة لتبرير الحماية القانونية المتكافئة التي لا تمييز فيها بين المراكز القانونية المتماثلة، وقيدا على السلطة التقديرية التي يملكها المشرع في مجال تنظيم الحقوق، والتي لا يجوز بحال أن تؤول إلى التمييز بين المراكز القانونية التي تتحدد وفق شروط موضوعية يتكافأ المواطنون من خلالها أمام القانون، فإن خرج المشرع على ذلك، سقط في حمأة المخالفة الدستورية
وحيث كان ما تقدم، فإن ما قرره النص المطعون فيه من تخفيض المعاش المستحق عن الأجر الأساسي على النحو السالف بيانه، لمن تنتهي خدمتهم بالاستقالة (المعاش المبكر) يكون منطويا على تمييز تحكمي بين هذه الفئة وبين غيرهم من المؤمن عليهم، والتي تنتهي خدمتهم ببلوغ السن القانونية أو العجز أو الوفاة، رغم تكافؤ مراكزهم القانونية، لكونهم جميعا مؤمنا عليهم، أوجب نص المادة (17) من الدستور على الدولة كفالة حقهم في المعاش. وكان هذا التمييز غير مستند إلى أسس موضوعية يقوم عليها، ذلك أن الخطر المؤمن ضده متوافر في شأن أفراد الفئتين، وجميعهم قاموا بسداد اشتراكات التأمين عن الأجر الأساسي، وخلال المدد المقررة، بما يتوافر معه أصل استحقاق المعاش لكل منهم، ومن ثم يكون النص المطعون فيه معارضا لمبدأ مساواة المواطنين أمام القانون
وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا جرى على أن الحماية التي أظل بها الدستور الملكية الخاصة، لضمان صونها من العدوان عليها وفقا لنص المادة (34) من دستور سنة 1971 تمتد إلى الأموال جميعها دون تمييز بينها، باعتبار أن المال هو الحق ذو القيمة المالية سواء كان هذا الحق شخصيا أم عينيا أم كان من حقوق الملكية الأدبية أو الفنية أو الصناعية. لما كان ذلك، وكان الحق في صرف معاش الأجر الأساسي إذا توافرت شروط استحقاقه ينهض التزاما على الجهة التي تقرر عليها، وعنصرا إيجابيا من عناصر ذمة صاحب المعاش أو المستحقين عنه، تتحدد قيمته وفقا لأحكام قانون التأمين الاجتماعي بما لا يتعارض مع أحكام الدستور، فإن النص المطعون فيه وقد ترتب عليه انتقاص المعاش المستحق لمن انتهت خدمتهم بالاستقالة (المعاش المبكر) رغم توافر شروط استحقاقهم وفقا لمدة اشتراكهم وقيمة أقساط التأمين المقررة عن هذه المدة، فإنه يشكل عدوانا على حق الملكية الخاصة المصون دستوريا بمقتضى نص المادة (34) من دستور سنة 1971
وحيث إنه في ضوء ما تقدم يكون النص المطعون فيه مخالفا لأحكام المواد (7، 17، 34، 40) من دستور سنة 1971، بما يتعين معه القضاء بعدم دستوريته، وما يترتب على ذلك من سقوط الجدول رقم (8) المرافق لذلك القانون في مجال إعمال النص المحكوم بعدم دستوريته
وحيث إن هذه المحكمة، تقديرا منها للآثار المالية التي ستترتب على الأثر الرجعي للقضاء بعدم دستورية النص المطعون فيه، فإنها تعمل الرخصة المخولة لها بنص المادة (49) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وتحدد اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية تاريخا لسريان آثاره، وذلك دون إخلال باستفادة المدعي من الحكم الصادر بعدم دستورية النص المطعون فيه
فلهذه الأسباب 
حكمت المحكمة
أولا: بعدم دستورية نص الفقرة الأولى من المادة (23) من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، قبل استبدالها بالقانون رقم 107 لسنة 1987، وسقوط الجدول رقم (8) المرافق للقانون المشار إليه، في مجال إعمال هذا النص
ثانيا: بتحديد اليوم التالي لنشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية تاريخا لإعمال آثاره
ثالثا: بإلزام الحكومة المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

الاثنين، 3 يوليو 2017

مناط ولاية المحكمة الدستورية العليا تفسير النصوص التشريعية

الطعن 1 لسنة 38 ق " تفسير تشريعي " المحكمة الدستورية العليا جلسة 6 / 5 /2017
منشور في الجريدة الرسمية العدد 19 مكرر أ في 15/ 5/ 2017 ص 110
باسم الشعب 
المحكمة الدستورية العليا 
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت السادس من مايو سنة 2017م، الموافق التاسع من شعبان سنة 1438هـ
برئاسة السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق رئيس المحكمة 
وعضوية السادة المستشارين: محمد خيري طه النجار والدكتور عادل عمر شريف وبولس فهمي إسكندر والدكتور حمدان حسن فهمي ومحمود محمد غنيم والدكتور محمد عماد النجار نواب رئيس المحكمة 
وحضور السيد المستشار الدكتور/ طارق عبد الجواد شبل رئيس هيئة المفوضين 
وحضور السيد/ محمد ناجي عبد السميع أمين السر 
أصدرت القرار الآتي 
في طلب التفسير رقم 1 لسنة 38 قضائية "تفسير تشريعي" المقدم من وزير العدل بناء على طلب رئيس مجلس النواب

------------
الوقائع
بتاريخ 24 أكتوبر 2016، ورد إلى المحكمة خطاب وزير العدل بطلب تفسير نص الفقرة الثانية من المادة (1) من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 1997
وأودعت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها التقرير بأن الفقرة الثانية من المادة (1) من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية المشار إليه، تعني أن موافقة الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة على التحكيم في العقود الإدارية يقتصر على مبدأ اللجوء إلى التحكيم في تلك العقود، دون حاجة إلى توقيع الوزير أو موافقته بعد ذلك على عقد مشارطة التحكيم
وبعد تحضير الطلب، أودعت هيئة المفوضين تقريرا برأيها
ونظر الطلب على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار القرار فيه بجلسة اليوم.

-----------
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، والمداولة
حيث إن وزير العدل - بناء على طلب رئيس مجلس النواب - قدم إلى هذه المحكمة طلبا بتفسير نص الفقرة الثانية من المادة (1) من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 المعدل بالقانون رقم 9 لسنة 1992، والتي تنص على أنه "وبالنسبة إلى منازعات العقود الإدارية يكون الاتفاق على التحكيم بموافقة الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة، ولا يجوز التفويض في ذلك"، أشار فيه إلى أن النائب/ ...... عضو مجلس النواب طلب إلى رئيس المجلس مخاطبة وزير العدل لطلب تفسير هذا النص، والذي بناء عليه أعدت الأمانة العامة للمجلس مذكرة ضمنتها، أن النص المذكور أثار خلافا في التطبيق بين دوائر المحكمة الإدارية العليا؛ إذ ذهبت الدائرة الثالثة بها بحكمها الصادر بجلسة 2005/5/17 في الطعن رقم 3603 لسنة 48 قضائية عليا، إلى أن موافقة المحافظ - باعتباره من يتولى اختصاصات الوزير قانونا - على اللجوء إلى طريق التحكيم يكفي لتحقيق قصد المشرع من الإجراء الجوهري الذي تطلبه النص المشار إليه، وأنه ليس بلازم أن يوقع أو يوافق بعد ذلك على مشارطة التحكيم، باعتبارها تستمد شرعيتها أصلا من الموافقة السابقة، وتتضمن عادة الاتفاق على أسماء المحكمين والإجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم أثناء نظر النزاع، والموضوعات محل الخلاف بين الطرفين والتي سيتم الفصل فيها، وهي لا شك تزيد أو تنقص حتى حجز دعوى التحكيم للحكم، وذلك تبعا لما اتفق عليه الطرفان في هذا الشأن، على حين تراءي للدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا أثناء نظرها للطعن رقم 8256 لسنة 56 قضائية عليا، خلافا لذلك، أنه يتعين لقيام وصحة مشارطة التحكيم في منازعات العقود الإدارية موافقة الوزير المختص - أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة - عليها، دون الاكتفاء بموافقته على اختيار ولوج طريق التحكيم، ما لم يتضمن المحرر الذي تمت على أساسه الموافقة على اللجوء إلى التحكيم، تحديدا لموضوع التحكيم وجميع المسائل التي يشملها التحكيم، وإلا كانت المشارطة باطلة، وبطل تبعا لذلك حكم التحكيم، لتوافر حالة من حالات بطلانه المنصوص عليها في المادة (53) من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية المار ذكره. وفي ضوء ذلك قررت المحكمة إحالة الطعن إلى الدائرة المشكلة طبقا لنص المادة (54 مكررا) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1984. وعرض الأمر على تلك الدائرة التي انتهت بجلسة 2016/3/5 إلى وجوب توقيع الوزير المختص أو من يتولى اختصاصه بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة على اتفاق (مشارطة) التحكيم دون غناء عن ذلك بموافقتهم المبدئية على الالتجاء إلى التحكيم لفض النزاع المثار، وببطلان اتفاق التحكيم بطلانا مطلقا عند توقيعه من غير من وسد إليهم المشرع اختصاص الموافقة عليه، وإعادة الطعن للدائرة المختصة للفصل فيه، وذلك تأسيسا على أن مؤدى نصوص قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية المشار إليه أنه يجب أن يكون الطرف المعبر عن إرادة الجهة الإدارية في اتفاق التحكيم هو من أولاه المشرع الاختصاص بالتعبير عن إرادة تلك الجهة وفقا للفقرة الثانية من المادة (1) من هذا القانون، والتي قصرت ذلك على الوزير المختص أو من يتولى اختصاصاته بالنسبة للأشخاص الاعتبارية العامة، ولم تجز لهم التفويض فيه، بحيث يباشر كل منهم إبرام العقد دون غيره بحسبانه الأقدر على مراعاة الصالح العام وتقدير متطلباته، بما يستوي معه في ذلك الموافقة من حيث المبدأ أو الموافقة على اتفاق (مشارطة) التحكيم، وذلك بالنظر لخطورة هذا الاتفاق واتصاله بالعقود الإدارية، وما يترتب عليه من نقل الاختصاص بنظر النزاع من ولاية القاضي الطبيعي إلى هيئة التحكيم لتفصل فيه بحكم حائز لحجية الأمر المقضي، ومن ثم فقد غدا مباشرة تلك الصلاحيات بواسطة من عينهم القانون لمباشرتها من القواعد المتعلقة بالنظام العام، يؤدي مخالفتها إلى بطلان الاتفاق. وتأسيسا على ما تقدم خلصت الأمانة العامة لمجلس النواب إلى طلب تفسير النص المشار إليه، من المحكمة الدستورية العليا، طبقا لنص المادة (192) من الدستور، والمادتين (26، 33) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وفي ضوء ذلك طلب رئيس مجلس النواب من وزير العدل التقدم بطلب لتفسير ذلك النص، وبناء عليه قدم الطلب المعروض
وحيث إن البين من نص المادة (192) من الدستور الحالي أنه قد وسد إلى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها الاختصاص بتفسير النصوص التشريعية، ويعتبر قرارها بالتفسير على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - غير منشئ لحكم جديد بل مندمجا في النص موضوعه، وجزءا لا يتجزأ منه، وساريا بالتالي منذ نفاذه، وكأنه صدر ابتداء بالمعنى الذي تضمنه قرار التفسير، بوصفه إرادة المشرع التي حمل النص القانوني عليها منذ صدوره، بعد تجلية المحكمة لدلالتها ضمانا لوحدة تطبيقها، ومن أجل ذلك جعل نص المادة (195) من الدستور، والمادة (26) من قانون هذه المحكمة المشار إليه، قرارها بالتفسير ملزما للكافة وجميع سلطات الدولة، بما فيها جهات القضاء المختلفة، وتكون له الحجية المطلقة بالنسبة لهم، وذلك رغبة من المشرعين الدستوري والعادي في توحيد التفسير بالنسبة للنصوص التشريعية، وضبط تأويلها، بما يحول دون تشتتها وتعدد مشاريها، وتباين تطبيقاتها، وما يؤدي إليه ذلك من إهدار لمبدأي العدالة والمساواة بين المخاطبين بأحكامها المتماثلة مراكزهم القانونية، التي حرص الدستور على كفالتهما في المادتين (4، 53) منه، باعتبارهما أساسا لبناء المجتمع وصون وحدته الوطنية، كما يصادم مبدأي سيادة القانون وخضوع الدولة للقانون، التي حرص الدستور على توكيدهما في المادة (94) منه، وغني عن الذكر أن اختصاص المحكمة الدستورية العليا بالتفسير لا يحول دون مباشرة السلطة التشريعية حقها في إصدار التشريعات التفسيرية، كما لا يصادر حق جهات القضاء الأخرى في تفسير القوانين، وإنزال تفسيرها على الواقعة المعروضة عليها، وكل ذلك ما دام لم يصدر بشأن النص تفسير ملزم من المحكمة الدستورية العليا
وحيث إن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن استعمال السلطة المخولة لها في مجال اختصاصها بتفسير النصوص التشريعية، مشروط بأن يكون للنصوص المراد تفسيرها أهمية جوهرية - لا ثانوية أو عرضية - تتحدد بالنظر إلى طبيعة الحقوق التي تنظمها ووزن المصالح المرتبطة بها، وأن تكون هذه النصوص - فوق أهميتها - قد أثار تطبيقها فيما بين القائمين على إنفاذ أحكامها، خلافا حادا يتعلق بمضمونها أو أثارها، ويقتضي ذلك أن يكون خلافهم مستعصيا على التوفيق، متصلا بتلك النصوص عند إعمالها، مؤديا إلى تعدد تأويلاتها، لتختل وحدة المعايير اللازمة لضبطها، مما يحتم رد هذه القاعدة إلى مضمون موحد يتحدد على ضوء قصد المشرع منها عند إقرارها، ضمانا لتطبيقها تطبيقا متكافئا بين المخاطبين بها
وحاصل ذلك أن الدستور الحالي وقد ناط بالمحكمة الدستورية العليا دون غيرها ولاية تفسير النصوص التشريعية، فإن مؤدى ذلك ولازمه أن استنهاض ولايتها تلك لا يتأتى إلا إذا صار الخلاف حول تطبيقها - كما سلف البيان - حادا مستعصيا على التوفيق، ليكون اللجوء إليها ملاذا أخيرا ونهائيا. متى كان ذلك، وكان الخلاف في الحالة المعروضة قد اقتصر نطاقه على ما تردد بين الدائرتين الأولى والثالثة بالمحكمة الإدارية العليا، بشأن أحوال تطبيق النص محل طلب التفسير المعروض وفروضه، وقد عرض على الدائرة المشكلة بمقتضى نص المادة (54) مكررا من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1984، التي أستهدف المشرع بإنشائها - على ما أوضحت المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 136 لسنة 1984 المشار إليه - علاج حالات اختلاف الأحكام الصادرة من دوائر المحكمة الإدارية العليا أو تلك التي ترى فيها تلك المحكمة العدول عن مبدأ قانوني قررته في أحكام سابقة صادرة منها، وقد أصدرت تلك الدائرة قرارها المتقدم في خصوص هذا الخلاف بجلسة 2016/3/5، لينتفي بذلك مناط قيام الخلاف الذي يستنهض ولاية هذه المحكمة في التفسير، الأمر الذي يصير معه الطلب المعروض غير مقبول
فلهذه الأسباب 
قررت المحكمة عدم قبول الطلب.