الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الجمعة، 16 مايو 2025

الطعن 8239 لسنة 87 ق جلسة 22 / 2 / 2020 مكتب فني 71 ق 36 ص 328

جلسة 22 من فبراير سنة 2020
برئاسة السيد القاضي / فرحان عبد الحميد بطران نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / حازم عبد الرؤوف ، عادل ماجد وهشام الجندي نواب رئيس المحكمة وتامر الجمال .
----------------
(36)
الطعن رقم 8239 لسنة 87 القضائية
(1) رد . توظيف أموال . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
التزام المحكمة برد المبالغ المستحقة لأصحابها طبقاً للمادة 21 من القانون 146 لسنة 1988 . شرطه : أن يكون المودع ممثلاً في الدعوى الجنائية أمام المحكمة . استبعاد المبلغ الخاص به كونه غير ممثل في الدعوى لعدم إجراء تحقيق بشأنه من قبل النيابة تنفيذاً لقرار المحكمة . صحيح . نعي النيابة في هذا الخصوص . غير مقبول . أساس وحد ذلك ؟
مثال .
(2) توظيف أموال . إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . قصد جنائي .
المادتان 1 و21 من القانون 146 لسنة 1988 . مفادهما ؟
جريمتا تلقي الأموال من الجمهور لتوظيفها أو استثمارها والامتناع عن رد المبالغ المستحقة لأصحابها . لا يشترط لإثباتهما طريقاً خاصاً . كفاية اقتناع المحكمة بوقوعهما من أي دليل أو قرينة مهما كانت قيمة المال . تحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي فيهما . غير لازم . حد ذلك ؟
(3) توظيف أموال . دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
دفع الطاعن بعدم توافر أركان جريمة تلقي أموال لتوظيفها لوجود علاقة قرابة وجيرة بينه والمجني عليهم . موضوعي . لا يستأهل رداً . استفادته من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم .
(4) محكمة الموضوع " سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى " " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " . إثبات " شهود " . حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " .
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى . موضوعي . ما دام سائغاً .
عدم التزام المحكمة الأخذ بالأدلة المباشرة . لها استخلاص صورة الدعوى بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية . حد ذلك ؟
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
أخذ المحكمة بشهادة الشهود . مفاده ؟
تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها . لا يعيب الحكم . ما دام استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه .
الجدل في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها . موضوعي .
(5) إثبات " خبرة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
إيراد الحكم مضمون تقرير الهيئة العامة للرقابة المالية . النعي عليه بخلاف ذلك . غير مقبول .
(6) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
للمحكمة التعويل على تحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة .
ترديد التحريات لما أبلغ به المجني عليه . لا ينال من صحتها . مفاد ذلك ؟
الجدل الموضوعي في تقدير أدلة الدعوى . غير جائز أمام محكمة النقض .
(7) دفوع " الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
النعي بأن الواقعة تشكل جنحة سبق صدور أحكام بشأنها . دفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها . جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض . شرط ذلك ؟
خلو محاضر الجلسات ومدونات الحكم من تمسك الطاعن صراحة بالدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها . أثره : عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض .
مثال .
(8) إثبات " أوراق رسمية " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
للمحكمة الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية . ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها . النعي في هذا الشأن . غير مقبول .
(9) نقض " أسباب الطعن . تحديدها " .
نعي الطاعن على الحكم إغفاله الرد على أوجه دفاع لم يكشفها بأسباب طعنه . غير مقبول . علة ذلك ؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان يشترط للحكم بالعقوبات المنصوص عليها بالمادة ۲۱ من القانون رقم 146 لسنة ۱۹۸۸ في شأن الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها ومن بينها رد المبالغ المستحقة إلى أصحابها أن تكون الخصومة الجنائية قد انعقدت بشأنهم ، وكان البيّن من مطالعة المفردات المضمومة أن اسم المودع / .... لم يرد بأمر الإحالة أو قائمة أدلة الثبوت ، بل إنه قد قدم بلاغاً إلى المحامي العام الأول لنيابة .... بتاريخ .... ، فأحاله الأخير بتاريخ .... إلى المحكمة بدون تحقيق لإرفاقه بالقضية المنظورة ، وبجلسة .... قررت المحكمة إحالة الطلبات المقدمة من باقي المجني عليهم إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها نحو إجراء تحقيقات تكميلية وتقديمها إلى المحكمة وذلك وفقاً لحكم المادة 214 مكرر من قانون الإجراءات الجنائية والتي جرى نصها على أنه : " إذا صدر بعد صدور الأمر بالإحالة ما يستوجب إجراء تحقيقات تكميلية فعلى النيابة العامة أن تقوم بإجرائها وتقدم المحضر إلى المحكمة " ، إلا أنه لم يثبت بالأوراق إجراء ثمة تحقيق من قبل النيابة العامة بشأن الطلب المقدم من المودع / .... تنفيذاً لقرار المحكمة ، ومن ثم يكون قد أضحى غير ممثلاً في الدعوى الجنائية ولم تنعقد الخصومة الجنائية بشأنه . لما كان ذلك ، وكان التزام المحكمة برد المبلغ المستحق يتحقق فقط متى كان الشخص المودع ممثلاً في الدعوى الجنائية أمام المحكمة وهو ما يبرر ما تناهت إليه المحكمة من استبعاد المبلغ الخاص به ، ومن ثم يكون طعن النيابة العامة في هذا الخصوص حرياً بالرفض طالما كان عدم التحقيق في الواقعة - تنفيذاً لقرار المحكمة - راجعاً إلى تقصير من المحامي العام لنيابة .... ذاته .
2- لما كان الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم توجيه الدعوة للجمهور لتلقي الأموال وتلقيها لتوظيفها على خلاف أحكام القانون والامتناع عن ردها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال المجني عليهم وما ثبت بكتاب الهيئة العامة للرقابة المالية ومن نماذج أوراق الدعاية التي نشرها بين عموم المواطنين وعقود الاتفاق المحررة بين المتهم والمجني عليهم ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وكانت المادة الأولى من القانون رقم 146 لسنة 1988 في شأن الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها قد حظرت على غير الشركات المقيدة في السجل المعد لذلك بهيئة سوق المال أن تتلقى أموالاً من الجمهور بأية عملة أو أية وسيلة تحت أي مسمى لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة بها سواء كان هذا الغرض صريحاً أو مستتراً ، ونصت المادة ۲۱ من القانون على أن : " كل من تلقى أموالاً على خلاف أحكام هذا القانون أو امتنع عن رد المبالغ المستحقة لأصحابها كلها أو بعضها يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد عن مثلي ما تلقاه من أموال أو ما هو مستحق منها ويحكم على الجاني برد المبالغ المستحقة إلى أصحابها .... " ، لما كان ذلك ، وكان لا يشترط لإثبات جريمتي تلقي الأموال من الجمهور لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة بها على خلاف الأوضاع المقررة قانوناً والامتناع عن رد المبالغ المستحقة لأصحابها – المنصوص عليهما في المادتين الأولى والحادية والعشرين من القانون سالف الذكر – طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة ، بل يكفي كما هو الحال في سائر الجرائم - بحسب الأصل - أن تقتنع المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - بوقوع الفعل المكون لهما من أي دليل أو قرينة تقدم إليها مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة ، وكان ما أورده الحكم كافياً وسائغاً في التدليل على توافر جرائم تلقي الأموال من الجمهور لتوظيفها واستثمارها على خلاف أحكام القانون وتلقيها والامتناع عن رد الأموال المستحقة لأصحابها بأركانهما المادية والمعنوية ، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في هذه الجرائم بل يكفي أن يكون ما أورده من وقائع وظروف دالاً على قيامه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .
3- لما كان نعي الطاعن بالتفات المحكمة عما ساقه من أوجه دفاع تشهد بعدم توافر أركان الجرائم المسندة إليه وأن العلاقة التي تربطه بالمجني عليهم هي قرابة وجيرة يُعد من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وبحسب الحكم كيما يستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعن ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئیات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله .
4- من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ، وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق – كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، ومتى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن كافة ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً .
5- لما كان الحكم قد أورد مضمون ما ورد بتقرير الهيئة العامة للرقابة المالية - على خلاف ما ينعاه الطاعن بأسباب طعنه - فإن النعي على الحكم بالقصور في بيان مؤدى هذا الدليل يكون في غير محله .
6- لما كان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، ولا ينال من صحتها أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليهم لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من تعويل على تحريات الشرطة رغم عدم جديتها في التدليل على مقارفته لما أدين به ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد .
7- لما كان النعي بأن الواقعة - بفرض صحتها - لا تشكل سوى جنحة خيانة أمانة سبق صدور أحكام بشأنها هو في حقيقته دفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها ، لما كان ذلك ، وكان الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وإن كان متعلقاً بالنظام العام وتجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ، إلا أنه يشترط لقبوله أن تكون مقوماته واضحة من مدونات الحكم أو تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبوله بغير تحقيق موضوعي لأن هذا التحقيق خارج عن وظيفة محكمة النقض ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن دفاع الطاعن اقتصر على القول بأنه " فيما يتعلق بالشق الجنائي تم الفصل فيه بالأحكام في قضايا الجنح " ،وهي عبارة مرسلة مجهلة لا تفيد الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها ، وكانت باقي محاضر الجلسات قد خلت من تمسك الطاعن بهذا الدفع ، كما أن مدونات الحكم قد خلت من مقومات صحة هذا الدفع التي تكشف عن مخالفة الحكم للقانون وخطئه في تطبيقه ، فإن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لا تكون مقبولة .
8- من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة ، فإن النعي على الحكم بأنه لم يعرض لدفاع الطاعن القائم على نفي التهمة والتفاته عما قدمه من مستندات رسمية تأييداً له يكون في غير محله .
9- لما كان الطاعن لم يكشف في أسباب طعنه عن أوجه الدفاع التي ينعي على الحكم عدم الرد عليها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى وهل تحوي دفاعاً جوهرياً مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه أم أنه من قبيل الدفاع الموضوعي الذي يكفي القضاء بالإدانة أخذاً بأدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة رداً عليها بل ساق قوله في هذا الصدد مرسلاً مجهلاً ، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه :
1- وجه الدعوة للجمهور عن طريق الإعلان بتوزيع منشورات وأوراق دعاية عن نشاطه في تلقي الأموال لتوظيفها واستثمارها والمشاركة بها في مجال تأجير السيارات وذلك بعد العمل بأحكام قانون الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها الصادر بالقانون رقم 146 لسنة 1988 حال كونه من غير الشركات المساهمة التي تطرح أسهمها للاكتتاب العام والمقيدة بالسجل المعد لذلك بالهيئة العامة للرقابة المالية على النحو المبين بالتحقيقات .
2- تلقى أموالاً من الجمهور بلغت جملتها مليون وثمانمائة وستة وثلاثين ألف وخمسمائة جنيه مصري لتوظيفها واستثمارها في مجال تأجير السيارات نظير عائد دوري يصرف بقيم مختلفة على النحو المبين بالتحقيقات .
3- امتنع عن رد الأموال موضوع الاتهام السابق والمستحقة للمجني عليهم والتي تلقاها منهم بعد العمل بأحكام قانون الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها الصادر بالقانون رقم 146 لسنة ۱۹۸۸ على النحو المبين بالتحقيقات .
وأحالته إلى محكمة جنايات .... الاقتصادية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1/1 ، 2 ، 21 /1-4 ، 26 من قانون الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها الصادر بالقانون رقم 146 لسنة ۱۹۸۸ ولائحته التنفيذية ، مع إعمال نص المادة 32/1 من قانون العقوبات ، بمعاقبة / .... بالسجن لمدة خمس سنوات وبتغريمه مائة ألف جنيه عما أسند إليه وإلزامه برد مبلغ مليونين وأربعمائة وواحد وستين ألف وخمسمائة جنيه لأصحابها المودعين وبإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة بلا مصروفات وألزمته بالمصاريف الجنائية .
فطعن المحكوم عليه والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة

بالنسبة للطعن المقدم من النيابة العامة :
من حيث إن النيابة العامة تنعي على الحكم المطعون فيه أنه إذا دان المطعون ضده بجرائم توجيه الدعوة للجمهور لتلقي الأموال وتلقيها لتوظيفها على خلاف أحكام القانون والامتناع عن ردها قد شابه قصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون ، ذلك أنه بعد أن قضى بمعاقبة المتهم بالسجن والغرامة ألزمه برد مبلغ مليونين وأربعمائة وواحد وستين ألف جنيه المستحق لأصحابها المودعين حال كون المبالغ المتعین ردها مليونين وخمسمائة وإحدى عشر ألف وخمسمائة جنيه دون أن يكشف عن أسباب عدم التزامه برد المبالغ المستحقة للمودع / .... ، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
من حيث إنه يشترط للحكم بالعقوبات المنصوص عليها بالمادة ۲۱ من القانون رقم 146 لسنة ۱۹۸۸ في شأن الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها ومن بينها رد المبالغ المستحقة إلى أصحابها أن تكون الخصومة الجنائية قد انعقدت بشأنهم ، وكان البيّن من مطالعة المفردات المضمومة أن اسم المودع / .... لم يرد بأمر الإحالة أو قائمة أدلة الثبوت ، بل إنه قد قدم بلاغاً إلى المحامي العام الأول لنيابة .... بتاريخ .... ، فأحاله الأخير بتاريخ .... إلى المحكمة بدون تحقيق لإرفاقه بالقضية المنظورة ، وبجلسة .... قررت المحكمة إحالة الطلبات المقدمة من باقي المجني عليهم إلى النيابة العامة لاتخاذ شئونها فيها نحو إجراء تحقيقات تكميلية وتقديمها إلى المحكمة وذلك وفقاً لحكم المادة 214 مكرر من قانون الإجراءات الجنائية والتي جرى نصها على أنه : " إذا صدر بعد صدور الأمر بالإحالة ما يستوجب إجراء تحقيقات تكميلية فعلى النيابة العامة أن تقوم بإجرائها وتقدم المحضر إلى المحكمة " ، إلا أنه لم يثبت بالأوراق إجراء ثمة تحقيق من قبل النيابة العامة بشأن الطلب المقدم من المودع / .... تنفيذاً لقرار المحكمة ، ومن ثم يكون قد أضحى غير ممثلاً في الدعوى الجنائية ولم تنعقد الخصومة الجنائية بشأنه . لما كان ذلك ، وكان التزام المحكمة برد المبلغ المستحق يتحقق فقط متى كان الشخص المودع ممثلاً في الدعوى الجنائية أمام المحكمة وهو ما يبرر ما تناهت إليه المحكمة من استبعاد المبلغ الخاص به ، ومن ثم يكون طعن النيابة العامة في هذا الخصوص حرياً بالرفض طالما كان عدم التحقيق في الواقعة - تنفيذاً لقرار المحكمة - راجعاً إلى تقصير من المحامي العام لنيابة .... ذاته . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن المقدم من النيابة العامة في هذا الشأن يكون على غير أساس متعیناً رفضه موضوعاً .

بالنسبة للطعن المقدم من المحكوم عليه :
من حيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم توجيه الدعوة للجمهور لتلقي الأموال وتلقيها لتوظيفها على خلاف أحكام القانون والامتناع عن ردها قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه دانه رغم انتفاء القصد الجنائي لديه حيث أنه مارس مهامه كوكيل للمجني عليهم في تجارة السيارات وفقاً لعقود الاتفاق المبرمة معهم والمقدمة في الأوراق ، سيما وقد خلت الأوراق من أنه وجه الدعوة للجمهور والإعلان عن نشاطه وأنه تربطه بالمجني عليهم علاقات الجوار والقربى بما ينفي أركان الجرائم المسندة إليه ، ملتفتاً عن دفاعه في هذا الشأن ، واعتنق صورة مجافية للواقع والحقيقة استخلصها بما لا ينتجه من أقوال الشهود التي عوَّل عليها رغم تناقضها ، وعلى التقرير الفني دون أن يورد مضمونه ، وعلى تحريات المباحث رغم عدم جديتها ، سيما وأنها جاءت مرددة لأقوال المجني عليهم وخلت من ذكر عقود الاتفاق بين الطاعن والمجني عليهم ومن الدليل على صحة واقعة الإعلان عن النشاط المحظور ، ولم يتفطن الحكم إلى صدور أحكام ضد الطاعن عن إيصالات الأمانة المتعلقة بذات الموضوع ، ملتفتاً عما قدمه من مستندات مؤيدة لدفاعه ، ولم يعرض لأوجه الدفاع التي ساقها المدافع عن الطاعن إيراداً ورداً ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم توجيه الدعوة للجمهور لتلقي الأموال وتلقيها لتوظيفها على خلاف أحكام القانون والامتناع عن ردها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال المجني عليهم وما ثبت بكتاب الهيئة العامة للرقابة المالية ومن نماذج أوراق الدعاية التي نشرها بين عموم المواطنين وعقود الاتفاق المحررة بين المتهم والمجني عليهم ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وكانت المادة الأولى من القانون رقم 146 لسنة 1988 في شأن الشركات العاملة في مجال تلقي الأموال لاستثمارها قد حظرت على غير الشركات المقيدة في السجل المعد لذلك بهيئة سوق المال أن تتلقى أموالاً من الجمهور بأية عملة أو أية وسيلة تحت أي مسمى لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة بها سواء كان هذا الغرض صريحاً أو مستتراً ، ونصت المادة ۲۱ من القانون على أن : " كل من تلقى أموالاً على خلاف أحكام هذا القانون أو امتنع عن رد المبالغ المستحقة لأصحابها كلها أو بعضها يعاقب بالسجن وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه ولا تزيد عن مثلي ما تلقاه من أموال أو ما هو مستحق منها ويحكم على الجاني برد المبالغ المستحقة إلى أصحابها .... " ، لما كان ذلك ، وكان لا يشترط لإثبات جريمتي تلقي الأموال من الجمهور لتوظيفها أو استثمارها أو المشاركة بها على خلاف الأوضاع المقررة قانوناً والامتناع عن رد المبالغ المستحقة لأصحابها – المنصوص عليهما في المادتين الأولى والحادية والعشرين من القانون سالف الذكر – طريقة خاصة غير طرق الاستدلال العامة ، بل يكفي كما هو الحال في سائر الجرائم - بحسب الأصل - أن تقتنع المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - بوقوع الفعل المكون لهما من أي دليل أو قرينة تقدم إليها مهما كانت قيمة المال موضوع الجريمة ، وكان ما أورده الحكم كافياً وسائغاً في التدليل على توافر جرائم تلقي الأموال من الجمهور لتوظيفها واستثمارها على خلاف أحكام القانون وتلقيها والامتناع عن رد الأموال المستحقة لأصحابها بأركانهما المادية والمعنوية ، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن توافر القصد الجنائي في هذه الجرائم بل يكفي أن يكون ما أورده من وقائع وظروف دالاً على قيامه - كما هو الحال في الدعوى الراهنة - ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان نعي الطاعن بالتفات المحكمة عما ساقه من أوجه دفاع تشهد بعدم توافر أركان الجرائم المسندة إليه وأن العلاقة التي تربطه بالمجني عليهم هي قرابة وجيرة يُعد من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ، وبحسب الحكم كيما يستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى الطاعن ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئیات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه اطرحها ، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ، وهي في ذلك ليست مطالبة بالأخذ بالأدلة المباشرة بل لها أن تستخلص صورة الدعوى كما ارتسمت في وجدانها بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق – كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ، ومتى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وكان تناقض رواية الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ما دام استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن كافة ما يثيره الطاعن في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في واقعة الدعوى وتقدير أدلتها مما تستقل به محكمة الموضوع ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الحكم قد أورد مضمون ما ورد بتقرير الهيئة العامة للرقابة المالية - على خلاف ما ينعاه الطاعن بأسباب طعنه - فإن النعي على الحكم بالقصور في بيان مؤدى هذا الدليل يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها قرينة معززة لما ساقته من أدلة أساسية ، ولا ينال من صحتها أن تكون ترديداً لما أبلغ به المجني عليهم لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ ، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من تعويل على تحريات الشرطة رغم عدم جديتها في التدليل على مقارفته لما أدين به ينحل إلى جدل موضوعي في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما يخرج عن رقابة محكمة النقض ، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان النعي بأن الواقعة - بفرض صحتها - لا تشكل سوى جنحة خيانة أمانة سبق صدور أحكام بشأنها هو في حقيقته دفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها ، لما كان ذلك ، وكان الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها وإن كان متعلقاً بالنظام العام وتجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض ، إلا أنه يشترط لقبوله أن تكون مقوماته واضحة من مدونات الحكم أو تكون عناصر الحكم مؤدية إلى قبوله بغير تحقيق موضوعي لأن هذا التحقيق خارج عن وظيفة محكمة النقض ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن دفاع الطاعن اقتصر على القول بأنه " فيما يتعلق بالشق الجنائي تم الفصل فيه بالأحكام في قضايا الجنح " ، وهي عبارة مرسلة مجهلة لا تفيد الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها ، وكانت باقي محاضر الجلسات قد خلت من تمسك الطاعن بهذا الدفع ، كما أن مدونات الحكم قد خلت من مقومات صحة هذا الدفع التي تكشف عن مخالفة الحكم للقانون وخطئه في تطبيقه ، فإن إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لا تكون مقبولة . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة ، فإن النعي على الحكم بأنه لم يعرض لدفاع الطاعن القائم على نفي التهمة والتفاته عما قدمه من مستندات رسمية تأييداً له يكون في غير محله . لما كان ذلك ، وكان الطاعن لم يكشف في أسباب طعنه عن أوجه الدفاع التي ينعي على الحكم عدم الرد عليها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى وهل تحوي دفاعاً جوهرياً مما يتعين على المحكمة أن تعرض له وترد عليه أم أنه من قبيل الدفاع الموضوعي الذي يكفي القضاء بالإدانة أخذاً بأدلة الثبوت التي اطمأنت اليها المحكمة رداً عليها بل ساق قوله في هذا الصدد مرسلاً مجهلاً ، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون مقبولاً . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعیناً رفضه موضوعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق