الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

الثلاثاء، 6 مايو 2025

الطعن 1681 لسنة 91 ق جلسة 16 / 2 / 2022 مكتب فنى 73 ق 34 ص 260

جلسة 16 من فبراير سنة 2022
برئاسة السيد القاضي/ محمد أبو الليل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة/ سامح سمير عامر، محمد أحمد إسماعيل " نائبي رئيس المحكمة " ود. محمد عصام الترساوي وهشام بهلول.
-----------------
(34)
الطعن رقم 1681 لسنة 91 القضائية
(1) نقض " أسباب الطعن بالنقض: السبب المجهل ".
وجوب اشتمال صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بني عليها وإلا كان باطلًا. م 253 مرافعات. مقصوده. تحديد أسباب الطعن وتعريفها تعريفًا دقيقًا نافيًا عنه الغموض أو الجهالة بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه إلى الحكم وموضعه وأثره في قضائه. مؤداه. عدم بيان الطاعنة بوجه النعي ماهية الطلبات الجديدة التي أغفل الحكم المطعون فيه الرد عليها وأوردتها في مذكراتها. أثره. نعي مجهل.
(2) تحكيم " تسبيب حكم التحكيم ".
الغاية من الشكل. مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض. تحقق الغاية أو عدم تحققها في حالة معينة. موضوعي. مؤداه. التزام القاضي في تسبيب حكمه ببيان ذلك بطريقة محددة. " مثال: بشأن تحقق الغاية من حدوث المداولة بتوقيع المحكمين على حكم التحكيم دون اشتراط توقيعهم على جميع صفحاته ".
(3) تحكيم " استقلال المحكم وحياده ".
وجوب استقلال المحكم عن طرفي التحكيم والتزامه الحياد بينهما. غياب الاستقلال أو الحياد. أثره. احتمال الميل في الحكم. وجوب إفصاح المحكم عن أي علاقات يمكن أن تعطي انطباعًا بوجود احتمال انحياز لأحد الأطراف. علة ذلك. المواد 16 /3 و18 /1 و53/1"ه" ق التحكيم في المواد المدنية والتجارية. " مثال: بشأن استقلال وحيدة المحكم وإفصاحه عن وجود خصومة بين أحد موكليه وأحد موكلي وكيل الشركة المطعون ضدها ليس من شأنها وجود تعارض مصالح أو التأثير على حيدته واستقلاله في موضوع النزاع الراهن ".
(4) تحكيم " إجراءات رد المحكم ".
تنظيم محكمة التحكيم وتشكيلها وتسمية المحكمين والشروط التي يجب توافرها في المحكم وإجراءات رده. خضوع هذه المسائل لإرادة طرفي التحكيم واتفاقهما. الاستثناء. اللجوء لمحكمة استئناف القاهرة المشار إليها في م 9 ق 27 لسنة 1994 حال عدم الاتفاق عليها أو عدم تنفيذه. علة ذلك. منح الحرية لطرفي التحكيم لتنظيمها بالكيفية التي تناسبهما اتساقًا مع نظام التحكيم ونزول طرفيه عن حقهما في الالتجاء إلى القضاء العادي أو الخضوع لولايته بشأن منازعتهما.
(5- 7) تحكيم " القواعد الآمرة والمكملة في قانون التحكيم ".
(5) القواعد الإجرائية الآمرة التي استهدفتها بعض نصوص قانون التحكيم. علة تشريعها. الأساس في تقرير جزاء البطلان عند مخالفتها. مناطه. تفسير الغاية من الإجراء في نطاق التحكيم. مسألة قانونية. مؤداه. خضوعها لرقابة محكمة النقض. علة ذلك.
(6) إغفال القواعد الإجرائية غير الآمرة في قانون التحكيم والمكملة لما نقص من إرادة طرفي التحكيم. مؤداه. عدم بطلان حكم التحكيم. علة ذلك.
(7) جزاء بطلان حكم التحكيم لمخالفة القواعد المنظمة لإجراءات إصداره. مناطه. قواعد القانون الإجرائي التي اتجهت إرادة طرفي التحكيم إلى إعماله. خلو القواعد من تقرير ذلك الجزاء. مؤداه. لا بطلان. علة ذلك.
(8، 9) تحكيم " الاتفاق على التحكيم ".
(8) قيام التحكيم. شرطه. رضاء الأطراف به كوسيلة تحسم كل أو بعض المنازعات التي تنشأ بينهم. مفاده. إرادة المتعاقدين توجده وتحدد نطاقه.
(9) اتفاق الأطراف على حصول التحكيم وفقًا للقواعد الإجرائية النافذة في أي منظمة أو مركز تحكيم في مصر أو خارجها. مؤداه. اعتبار هذه القواعد جزءًا من مضمون اتفاقهم على التحكيم ذاته. لازمه. اعتبارها قواعد تكميلية اختيارية يلتزم بها الأطراف حتمًا عند عدم تضمين اتفاقهم ما يخالفها كليًا أو جزئيًا.
(10 -12) تحكيم " إجراءات رد المحكم ".
(10) اتفاق الطرفين على خضوع التحكيم لقاعدة مركز أو منظمة للتحكيم في مصر أو خارجها. مؤداه. خضوع التحكيم لقواعد ذلك المركز الخاصة بالرد. م 25 ق 27 لسنة 1994. أثره. عدم جواز تجاهل طرفي التحكيم هذه الإجراءات واتباع ما نص عليه ق 27 لسنة 1994 في هذا الشأن. سريان التحكيم في مصر أو خارجها واعتباره تحكيمًا وطنيًا أم دوليًا. لا أثر له. الاستثناء. خلو لائحة مركز التحكيم المختار من إجراءات خاصة بالرد أو عدم اتفاق الطرفين على تطبيقها.
(11) إخضاع طرفي التحكيم لقواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي. مؤداه. خضوع رد المحكمين فيه لإجراءات الرد التي تنص عليها لائحته. اعتبار القرار الصادر في طلب الرد ذا صفة قضائية رغم عدم اعتبار ما يصدره المركز أو أحد هيئاته قضاءً. لا أثر له. علة ذلك. عدم مخالفته للدستور أو للنظام العام في مصر. مثال.
(12) اختيار طرفي الدعوى التحكيمية إجراءات معينة للتحكيم أو الاتفاق على الخضوع لقواعد مركز معين. مؤداه. خضوع مسألة رد واستبدال أحد المحكمين أو هيئة التحكيم بأكملها وإزالة العقبات المثارة بشأن إجراءات الدعوى التحكيمية لقواعد المركز. أثره. عدم جواز تطبيق نظام وقواعد الرد الواردة في قانون المرافعات. علة ذلك. م 25 ق 27 لسنة 1994. شرطه. عدم تعارض تلك القواعد مع قاعدة إجرائية آمرة في التشريع المصري. م 22 من القانون المدني. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر. صحيح.
(13) تحكيم " سلطة هيئة التحكيم ".
هيئة التحكيم. لها أن تعيد فتح باب المرافعة في أي وقت قبل صدور قرار التحكيم. شرطه. وجود ضرورة لذلك. مؤداه. قرار إنهاء الخصومة أو إعادة فتح باب المرافعة فيها من سلطة هيئة التحكيم تعمله من تلقاء نفسها وفقًا لظروف النزاع واكتمال أدلة الخصومة ومستنداتها. التفات الحكم المطعون فيه عن طلب فتح باب المرافعة إذ إن قبوله أو رفضه حق أصيل للهيئة. صحيح.
(14) تحكيم " ماهيته ".
التحكيم. ماهيته. طريق استثنائي لفض المنازعات قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية وإرادة المتعاقدين هي التي توجده وتحدد نطاقه.
(15–17) تحكيم " حالات بطلان حكم التحكيم ".
(15) تحديد حالات البطلان في م 53 ق 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم. مؤداه. عدم جواز الطعن عليه لسبب آخر خلاف ما أوردته هذه المادة.
(16) تعييب قضاء هيئة التحكيم في موضوع النزاع والطعن في سلامة فهمها لحقيقة الواقع في الدعوى ورجمه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال. لا يتسع له مجال نطاق دعوى البطلان. علة ذلك. أن دعوى بطلان حكم التحكيم ليست طعنًا عليه بالاستئناف فلا تتسع لإعادة النظر في موضوع النزاع وتعييب قضاء الحكم فيه. مؤداه. قاضي دعوى البطلان ليس له مراجعة حكم التحكيم لتقدير ملاءمته أو مراقبة حسن تقدير المحكمين. علة ذلك. اختلاف دعوى الإبطال عن دعوى الاستئناف.
(17) تمسك الشركة الطاعنة بالطعن على حكم التحكيم للقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والتناقض في الأسباب بالرغم من أن ما تمسكت به لا يتسع له نطاق دعوى البطلان ويخرج عن حالاته الواردة على سبيل الحصر في المادة 53 من القانون 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية. مؤداه. التزام الحكم المطعون فيه هذا النظر إذ قضى برفض دعوى بطلان حكم التحكيم. صحيح.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المادة 253 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بني عليها الطعن وإلا كان باطلًا إنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتُعرف تعريفًا واضحًا كاشفًا عن المقصود منها كشفًا نافيًا عنها الغموض والجهالة، بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه ومن ثم فإن كل سبب يراد به التحدي به يجب أن يكون مبينًا بيانًا دقيقًا. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لم تبين ماهية الطلبات الجديدة التي تنعى على الحكم المطعون فيه أنه أغفل الرد عليها وأوردتها في مذكراتها فإن النعي يكون نعيًا مجهلًا غير مقبول.
2- النص في المادة (20) من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أن "يكون الإجراء باطلًا إذا نص القانون صراحة على بطلانه أو إذا شابه عيب لم تتحقق بسببه الغاية من الإجراء، ولا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء" يدل على أن الأساس في تقرير البطلان هو تحقق الغاية من الشكل أو عدم تحققها دون تفرقة بين حالة النص على البطلان أو عدم النص عليه، وذلك أيًا كان العمل الإجرائي ولو كان حكمًا قضائيًا، وسواء تعلق الشكل بالمصلحة الخاصة أو بالنظام العام حماية للمصلحة العامة، عندما تكون مخالفة الشكل من شأنها المساس بأسس التقاضي وضمانات المتقاضي، كتخلف مبدأ المواجهة القضائية سواء في الإجراءات أو في الإثبات بما يسمى حضورية الأدلة، وكل ما يخل بحق الدفاع، ويعتبر تفسير ما هي الغاية من الشكل القانوني مسألة قانونية يخضع فيها القاضي لرقابة محكمة النقض، فلا يستطيع أن يذهب إلى أن الغاية من الشكل هي غاية معينة غير تلك التي أرادها المشرع، بيد أن تحقق الغاية في حالة معينة أو عدم تحققها مسألة موضوعية من سلطة قاضي الموضوع الذي لا يلزم إلا بتسبيب حكمه تسبيبًا كافيًا بأن يبين بطريقة محددة تحقق الغاية من عدمه، فإذا حكم بالبطلان المنصوص عليه رغم تحقق الغاية أو رفض الحكم بالبطلان غير المنصوص عليه رغم إثبات تخلف الغاية كان الحكم مخالفًا للقانون واجب الإلغاء إذا طعن فيه. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة حكم التحكيم والمقدم من الطاعنة رفق صحيفة الطعن بالنقض موضوع التداعي أن صفحته الأخيرة اشتملت على توقيع أعضاء هيئة التحكيم التي أصدرته، وهو ما يدل على حصول المداولة بينهم فيما تضمنه أسباب الحكم ومنطوقه على النحو الذي تطلبه القانون وتتحقق به الغاية التي استهدفها المشرع من النص على توقيع المحكمين على حكم التحكيم – دون أن يشترط توقيعهم على جميع صفحاته – وهي التحقق من حدوث مداولة قبل إصداره، وإذ لم تثبت الطاعنة أو تدع عدم حصول مداولة بين أعضاء هيئة التحكيم قبل إصدار حكم التحكيم فإنه يكون مبرأً من عيب البطلان لهذا السبب، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه في قضائه إلى هذه النتيجة التي تتفق وصحيح القانون فإن النعي عليه يضحى على غير أساس.
3- النص في المادة 16 /3 من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية على أن "يكون قَبول المُحَكَم القيام بمهمته كتابةً، ويجب عليه أن يُفصح عند قَبوله عن أية ظروف من شأنها إثارة شكوك حول استقلاله أو حيدته"، وفي المادة 18/1 من ذات القانون على أنه "لا يجوز رد المُحَكَم إلا إذا قامت ظروف تثير شكوكًا جدية حول حيدته أو استقلاله"، وفي المادة 53 منه على أنه "1- لا تُقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا في الأحوال الآتية.... (ه) إذا تم تشكيل هيئة التحكيم أو تعيين المُحَكَمين على وجه مخالف للقانون أو لاتفاق الطرفين"، يدل على أن المؤهل الأساسي للمحكم هو استقلاله عن طرفي التحكيم والتزامه الحياد بينهما، وأن غياب أحدهما تترجح معه مخاطر عدم الحكم بغير ميل، كأن تتوافر لدى المحكم معلومات سابقة عن النزاع نتيجة سبق تقديمه خدمات استشارية أو فنية؛ لأن هذه المعلومات ستكون معبرة قطعًا عن وجهة نظر طرف واحد، وهو ما يوجب على المحكم أن يفصح عن أي علاقات يمكن أن تعطي انطباعًا بوجود احتمال انحياز لأحد الأطراف، ويظل هذا الواجب القانوني بالإفصاح قائمًا على عاتق المحكم - لما قد يُستجد من ظروف لم تكن قائمة عند قبوله التحكيم - حتى صدور حكم التحكيم، ومن ثم فإن كتمانه لهذه الظروف أو العلاقات وعدم إفصاحه عنها لطرفي التحكيم يؤثر على مظهر الإجراءات والثقة في عدالتها، ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن رئيس هيئة التحكيم ومحكم الشركة المطعون ضدها قد أقرا قبل الشروع في الدعوى التحكيمية بحيدتهما واستقلالهما وعدم وجود أي ظروف من شأنها أن تثير الشك في حيدتهما واستقلالهما فضلًا عن قيام الأخير بالإفصاح لاحقًا عن عمله محاميًا لموكل تربطه خصومة بأحد موكلي وكيل الشركة المطعون ضدها مما يضطره للقاء وكيل الشركة المطعون ضدها لإجراء المفاوضات اللازمة بشأن تلك الخصومة، وأنه لا يوجد أي تعارض مصالح، ولا شأن لذلك في التأثير على حيدته واستقلاله (في موضوع النزاع الراهن)، ومن ثم يكون النعي غير صحيح.
4- النص في الفقرتين الأولى والثالثة من المادة 19 من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية المعدلة بالقانون رقم 8 لسنة 2000 على أن "1- يقدم طلب الرد كتابة إلى هيئة التحكيم مبينًا فيه أسباب الرد خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ علم طالب الرد بتشكيل هذه الهيئة أو بالظروف المبررة للرد، فإذا لم يتنح المحكم المطلوب رده خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ تقديم الطلب يحال بغير رسوم إلى المحكمة المشار إليها في المادة (9) من هذا القانون للفصل فيه بحكم غير قابل للطعن 2-.... 3- لا يترتب على تقديم طلب الرد وقف إجراءات التحكيم، وإذا حكم برد المحكم ترتب على ذلك اعتبار ما يكون قد تم من إجراءات التحكيم بما في ذلك حكم المحكمين كأن لم يكن"، والنص في المادة 25 من ذات القانون على أن "لطرفي التحكيم الاتفاق على الإجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم بما في ذلك حقهما في إخضاع هذه الإجراءات للقواعد النافذة في أي منظمة أو مركز تحكيم في جمهورية مصر العربية أو خارجها فإذا لم يوجد مثل هذا الاتفاق كان لهيئة التحكيم مع مراعاة أحكام هذا القانون أن تختار إجراءات التحكيم التي تراها مناسبة" يدل - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون - أن المشرع جعل تنظيم محكمة التحكيم وتشكيلها وتسمية المحكمين والشروط التي يجب توافرها في المحكم وإجراءات رده خاضعًا لإرادة طرفي التحكيم وترك مجالٍ رحبٍ في كل هذه الأمور للاتفاق، ولكنه أقام محكمة استئناف القاهرة المشار إليها في المادة (9) من هذا القانون لتكون سلطة لملء الفراغات التي تنشأ عن عدم وجود الاتفاق أو عدم تنفيذه؛ إذ إنه أفسح الحرية لطرفي التحكيم - احترامًا لإرادتهما - لتنظيمه بالكيفية التي تناسبهما لكون هذه الحرية هي عماد نظام التحكيم إذا فقدها فقد هويته وكلما زاد مقدارها زادت ثقة طرفي التحكيم فيه وزاد اطمئنانهما إلى الحكم الذي ينتهى إليه، فترك المشرع للطرفين حرية اختيار القواعد التي تسري على إجراءات التحكيم بما فيها قواعد رد المحكمين وتلك التي تطبق على موضوع النزاع، ووضع المشرع لكل هذه الحريات قواعد احتياطية لتطبق عندما لا يوجد الاتفاق، إذ إن التحكيم في الأساس قضاءٌ اتفاقيٌ يختاره الطرفان خصيصًا للفصل في النزاع القائم بينهما فينبغي ألا يكون عليه سلطان إلا لما يتفق عليه الطرفان وذلك لنزول طرفيه عن حقهما في الالتجاء إلى القضاء العادي أو الخضوع لولايته بشأن منازعتهما.
5- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الأصل في القواعد الإجرائية الآمرة التي استهدفتها بعض نصوص قانون التحكيم والتي تسري على أي تحكيم يقع داخل مصر إنما شُرعت بغية حماية إجراءات التقاضي الأساسية والتي يتعين اتباعها تحقيقًا لمقتضى المصلحة العامة، وكان الأساس في تقرير جزاء البطلان عند مخالفة تلك القواعد هو تحقيق الغاية من الإجراء أو عدم تحققها في حالة النص عليه صراحة، ويُعد تفسير الغاية من الإجراء في نطاق التحكيم مسألة قانونية يخضع فيها قاضي دعوى البطلان لرقابة محكمة النقض؛ باعتبار أن حكم التحكيم يُعد فصلًا في خصومة كانت في الأصل من اختصاص القضاء.
6- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن القواعد الإجرائية غير الآمرة والتي استهدف المشرع من نصوصها تكملة ما نقص من إرادة طرفي التحكيم لا تكون واجبة التطبيق إلا عند عدم الاتفاق عليها، ومن ثم فلا يؤدي إغفالها إلى بطلان حكم التحكيم؛ إذ هي مقررة في الأصل لحماية مصلحة خاصة فإذا ما قام رضاء أطراف النزاع واتفاقهم على التنازل عنها كسبيل لحسم النزاع تعين إنفاذ ما تم الاتفاق عليه وإطراح إجراءات التقاضي العادية، فلا يسوغ إجبار الأطراف على إعمال ما اتجهت إرادتهم إلى إهماله.
7- إذ كان إصدار حكم التحكيم هو إجراء من إجراءات الخصومة التحكيمية فإن الفصل في مدى سلامته من عدمه يكون بالنظر إلى موافقته لقواعد القانون الإجرائي الذي يحكم إجراءات تلك الخصومة والتي تم الاتفاق عليها من قبل الأطراف؛ ذلك أن جزاء البطلان لمخالفة القواعد المنظمة لإجراءات إصدار حكم التحكيم إنما يكون مرجعه قواعد القانون الإجرائي الذي اتجهت إرادة طرفي التحكيم صراحة إلى إعماله على المنازعة التحكيمية دون سواه، فإذا خلت تلك القواعد من تقرير ذلك الجزاء كان التحكيم بمنأى عن البطلان.
8- التنظيم القانوني للتحكيم إنما يقوم على رضاء الأطراف وقبولهم به كوسيلة لحسم كل أو بعض المنازعات التي تنشأ بينهم بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية، فإرادة المتعاقدين هي التي توجد التحكيم وتحدد نطاقه من حيث المسائل التي يشملها والقانون الواجب التطبيق وتشكيل هيئة التحكيم وسلطاتها وإجراءات التحكيم.
9- اتفاق الأطراف على حصول التحكيم وفقًا للقواعد الإجرائية النافذة في أي منظمة أو مركز تحكيم في جمهورية مصر العربية أو خارجها فإن هذه القواعد تصبح جزءًا من مضمون اتفاقهم على التحكيم ذاته بما تصبح قواعد تكميلية اختيارية يلتزم بها الأطراف حتمًا عند عدم تضمين اتفاقهم ما يخالفها كليًا أو جزئيًا.
10- اتفاق الطرفين على إخضاع التحكيم لقواعد مركز أو منظمة للتحكيم سواء في مصر أو في الخارج فإن هذا التحكيم يخضع لقواعد المركز الخاصة بالرد إعمالًا لنص المادة 25 من قانون التحكيم المار ذكرها، فلا يجوز لأي من طرفي التحكيم عند وجود مثل هذا الاتفاق تجاهل هذه الإجراءات وتقديم طلب الرد وفقًا للإجراءات التي ينص عليها قانون التحكيم المصري ويكون الأمر كذلك سواء جرى هذا التحكيم في مصر أو في الخارج وسواء كان التحكيم تحكيمًا وطنيًا أم تحكيمًا دوليًا، فإذا كان مركز التحكيم المختار لا تتضمن لائحته إجراءات خاصة بالرد أو لم يتفق الطرفان على تطبيق القواعد الإجرائية الخاصة بهذا المركز فعندئذ تُطبق إجراءات الرد الواردة في قانون التحكيم الواجب التطبيق في هذه الحالة.
11- التحكيم الذي يتفق الطرفان على إخضاعه لقواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي يتم رد المحكم فيه وفقًا لإجراءات الرد التي تنص عليها لائحة هذا المركز، وإذا كان صحيحًا أن القرار الصادر في طلب الرد يُعتبر قرارًا ذا صفة قضائية والمركز أو أحد هيئاته لا يُصدر قضاء فإنه يكفي فيمن في المركز وهو يفصل في طلب الرد أن يحترم المبادئ الأساسية في المواجهة واحترام حق الدفاع، وليس في ذلك إهدارٌ لحق التقاضي فقد أجاز المشرع للأطراف استعمال حق التقاضي أمام هيئة التحكيم وليس أمام المحكمة وخولهم الحق في الخضوع لنظام إجرائي لمركز تحكيم يختارونه بدلًا من إجراءات قضاء الدولة، فيكون بذلك قيام هذا المركز بتطبيق قواعده بالفصل في طلب الرد ليس فيه مخالفة للدستور أو إخلالٌ بالنظام العام في مصر. لما كان ذلك، وكان الثابت من أوراق الدعوى التحكيمية اتفاق طرفيها إعمالًا للشرط الوارد في محضر الاستلام الملحق بعقد التوريد المؤرخ 6/8/2017 - والذي لا خلاف عليه بينهما - اتفاقهما على تطبيق قواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي عند الفصل في أي نزاع أو خلاف ينشأ بينهما فيما يتعلق بالعقد مثار التداعي، وإذ جرى التحكيم المطروح موضوع دعوى البطلان في نطاق قواعد وإجراءات مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم فإن الأثر المباشر الذي يترتب عليه أن تعتبر قواعده وضوابطه هي النافذة بحسبانها متممة لاتفاق طرفي التحكيم اللذين قبلا اللجوء إليها وفق مفهوم المواد 5، 6، 25 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994.
12- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن اختيار طرفي الدعوى التحكيمية إجراءات معينة للتحكيم أو الاتفاق على الخضوع لقواعد مركز معين فإن هذا الاتفاق يتضمن إعمال الضوابط الإجرائية الاتفاقية لقواعد المركز المختار ووفقًا لقواعده باعتبارها الشريعة الإجرائية الاتفاقية ومنها مسألة رد واستبدال أحد المحكمين أو هيئة التحكيم بأكملها وإزالة العقبات المثارة بشأن إجراءات الدعوى التحكيمية وذلك كله يتم وفقًا للقواعد المنصوص عليها بالمركز بما لا يجوز لأي من أطراف التحكيم مخالفته منفردًا والتمسك بإعمال قواعد إجرائية أخرى، إذ إن اتباع الإجراءات والقواعد المتفق عليها بنظام المركز يعد أمرًا لازمًا يستبعد أي دور للقضاء في شأن تعيين ورد واستبدال المحكمين إذ يخضع ذلك كله للإجراءات الخاصة بلائحة المركز المختار في حالة وجودها والاتفاق عليها إعمالًا لنص المادة 25 من قانون التحكيم المار ذكرها باعتباره القانون الإجرائي الخاص الواجب التطبيق إعمالًا لاتفاق الأطراف وانصراف إرادتهم إليه باللجوء إلى قواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، وبما مفاده: أنه لا مجال لتطبيق نظام وقواعد الرد الواردة في قانون المرافعات لأن هذا النظام استبعده أطراف التحكيم مقدمًا بإسناد الاختصاص إلى قواعد المركز المشار إليه في إدارة الدعوى التحكيمية وهو اختصاص نوعي مبدئي لإجراءات دعوى التحكيم التي تجرى في إطاره من أجل ضمان تطبيق قواعده الصادرة في إطار القواعد الإجرائية المنطبقة متى كانت لا تتعارض مع قاعدة إجرائية آمرة في التشريع المصري إعمالًا لحكم المادة 22 من القانون المدني؛ باعتبار أن نطاق الدعوى التحكيمية - وعلى خلاف الحال في القضاء - يملك الأطراف فيه قدر من المرونة التي تسعها فكرة التحكيم ذاتها وطبيعتها الاتفاقية الخاصة والقواعد التي يمليها عليها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض دعوى البطلان على سند من أن هيئة التحكيم طبقت القواعد الإجرائية لمركز التحكيم المختار من قبل طرفي الدعوى التحكيمية في شأن رد المحكم إعمالًا للمادة 13/1 منها باعتبارها القانون الإجرائي لهم فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة تتفق وصحيح القانون ويضحى النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
13- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن لهيئة التحكيم أن تقرر من تلقاء نفسها أو بناء على طلب من أحد الطرفين إعادة فتح باب المرافعة في أي وقت قبل صدور قرار التحكيم إذا رأت ضرورة ذلك نظرًا لوجود ظروف استثنائية، مؤداه أن قرار إنهاء الخصومة أو إعادة فتح باب المرافعة فيها هو حق أصيل بيد هيئة التحكيم تعمله من تلقاء نفسها وفقًا لظروف النزاع واكتمال أدلة الخصومة ومستنداتها، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن طلب فتح باب المرافعة ولم يرد عليه فإن ذلك هو حق أصيل للهيئة في قبول أو رفض تلك الطلبات ويكون الحكم المطعون فيه قد انتهى صحيحًا وفقًا لصحيح القانون.
14- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن التحكيم هو طريق استثنائي لفض المنازعات قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات، وأن التنظيم القانوني للتحكيم إنما يقوم على أن إرادة المتعاقدين هي التي توجد التحكيم وتحدد نطاقه من حيث المسائل التي يشملها والقانون الواجب التطبيق وتشكيل هيئة التحكيم وسلطاتها وإجراءات التحكيم.
15- مؤدى تحديد حالات البطلان في المادة 53 من القانون 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية أنه لا يجوز الطعن بالبطلان لسبب آخر خلاف ما أورده نص هذه المادة.
16- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه إذا كان تعييب قضاء هيئة التحكيم في موضوع النزاع والطعن في سلامة فهمها لحقيقة الواقع في الدعوى ورجمه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال فلا يتسع له مجال نطاق دعوى البطلان لما هو مقرر من أن دعوى بطلان حكم التحكيم ليست طعنًا عليه بالاستئناف فلا تتسع لإعادة النظر في موضوع النزاع وتعييب قضاء ذلك الحكم فيه، وأنه ليس لقاضي دعوى البطلان مراجعة حكم التحكيم لتقدير ملاءمته أو مراقبة حسن تقدير المحكمين يستوي في ذلك أن يكون المحكمون قد أصابوا أو أخطأوا عندما اجتهدوا في تكييفهم للعقد لأنهم حتى لو أخطأوا فإن خطأهم لا ينهض سببًا لإبطال حكمهم؛ لأن دعوى الإبطال تختلف عن دعوى الاستئناف.
17- إذ كان ما تتمسك به الشركة الطاعنة طعنًا على حكم التحكيم الصادر من مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي من تعييبه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وتناقض في الأسباب هي أسباب لا يتسع لها نطاق دعوى البطلان، وتخرج عن حالاته الواردة على سبيل الحصر في المادة 53 من القانون 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض دعوى بطلان حكم التحكيم فإنه يكون قد وافق صحيح القانون، ويكون النعي على غير أساس.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن– تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت الدعوى رقم.... لسنة 137 ق تحكيم أمام محكمة استئناف القاهرة قبل الشركة المطعون ضدها بطلب الحكم ببطلان حكم التحكيم الصادر بتاريخ 28/6/2020 في الدعوى التحكيمية المقيدة برقم.... لسنة 2018 لدى مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي بإلزام كل طرف بالعديد من المبالغ النقدية والادعاءات المادية، وبيانًا لذلك قالت إنه بموجب العقد المؤرخ 6/8/2017 أسندت للشركة المطعون ضدها توريد وشحن وتسليم أجهزة ومعدات مركز رياضي وتخليصها جمركيًا لحسابها، وعلى إثر تقاعس المطعون ضدها عن تنفيذ تلك الالتزامات لجأت إلى التحكيم إعمالًا للشرط الوارد في محضر الاستلام الملحق بالعقد سالف البيان، ووجهت المطعون ضدها دعوى تحكيمية قبل الطاعنة ثم صدر الحكم المشار إليه، وبتاريخ 9/12/2020 قضت المحكمة برفض دعوى البطلان، وقضاء هذا الحكم هو محل الطعن بالنقض. أودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه. عُرِضَ الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتقول في بيان الشق الأول من الوجه الأول من السبب الأول بأنها تمسكت أمام محكمة الموضوع ببطلان حكم التحكيم لإخلاله بحقها في الدفاع وما يقتضيه من مبدأ المواجهة بين الخصوم المتعلق بالنظام العام، ذلك لتضمنه مسائل لم يسبق طرحها بين الخصوم أو بين هيئة التحكيم والخصوم، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن الرد على ذلك الدفاع على الرغم من قيامها بتقديم المستندات المؤيدة له فإنه يكون معيبًا مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول؛ وذلك بأن المقرر - في قضاء هذه المحكمة- أن المادة 253 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن تشتمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التي بني عليها الطعن وإلا كان باطلًا إنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتُعرف تعريفًا واضحًا كاشفًا عن المقصود منها كشفًا نافيًا عنها الغموض والجهالة، بحيث يبين منها العيب الذي يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره في قضائه ومن ثم فإن كل سبب يراد به التحدي به يجب أن يكون مبينًا بيانًا دقيقًا. لما كان ذلك، وكانت الطاعنة لم تبين ماهية الطلبات الجديدة التي تنعى على الحكم المطعون فيه أنه أغفل الرد عليها وأوردتها في مذكراتها؛ فإن النعي يكون نعيًا مجهلًا غير مقبول.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالشق الثاني من الوجه الأول من السبب الأول بأنها تمسكت أمام محكمة الموضوع ببطلان حكم التحكيم لإخلاله بمبدأ المداولة المتعلق بالنظام العام، ذلك أن الرأي النهائي للمحكم المعارض وضع عقب اطلاعه على المسودة المسلمة إليه والتي لم تتضمن التعديل والحذف الوارد ببعض أجزاء حكم التحكيم النهائي، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن الرد على ذلك الدفاع المؤيد بالمستندات فإنه يكون معيبًا مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي على غير أساس؛ ذلك بأن النص في المادة (20) من قانون المرافعات المدنية والتجارية على أن "يكون الإجراء باطلًا إذا نص القانون صراحةً على بطلانه أو إذا شابه عيب لم تتحقق بسببه الغاية من الإجراء، ولا يحكم بالبطلان رغم النص عليه إذا ثبت تحقق الغاية من الإجراء" يدل على أن الأساس في تقرير البطلان هو تحقق الغاية من الشكل أو عدم تحققها دون تفرقة بين حالة النص على البطلان أو عدم النص عليه وذلك أيًا كان العمل الإجرائي ولو كان حكمًا قضائيًا، وسواء تعلق الشكل بالمصلحة الخاصة، أو بالنظام العام حماية للمصلحة العامة، عندما تكون مخالفة الشكل من شأنها المساس بأسس التقاضي وضمانات المتقاضي، كتخلف مبدأ المواجهة القضائية سواء في الإجراءات أو في الإثبات بما يسمى حضورية الأدلة، وكل ما يخل بحق الدفاع، ويعتبر تفسير ما هي الغاية من الشكل القانوني مسألة قانونية يخضع فيها القاضي لرقابة محكمة النقض، فلا يستطيع أن يذهب إلى أن الغاية من الشكل هي غاية معينة غير تلك التي أرادها المشرع، بيد أن تحقق الغاية في حالة معينة أو عدم تحققها مسألة موضوعية من سلطة قاضي الموضوع الذي لا يلزم إلا بتسبيب حكمه تسبيبًا كافيًا بأن يبين بطريقة محددة تحقق الغاية من عدمه، فإذا حكم بالبطلان المنصوص عليه رغم تحقق الغاية أو رفض الحكم بالبطلان غير المنصوص عليه رغم إثبات تخلف الغاية كان الحكم مخالفًا للقانون واجب الإلغاء إذا طعن فيه. لما كان ذلك، وكان البين من مطالعة حكم التحكيم والمقدم من الطاعنة رفق صحيفة الطعن بالنقض موضوع التداعي أن صفحته الأخيرة اشتملت على توقيع أعضاء هيئة التحكيم التي أصدرته، وهو ما يدل على حصول المداولة بينهم فيما تضمنه أسباب الحكم ومنطوقه على النحو الذي تطلبه القانون وتتحقق به الغاية التي استهدفها المشرع من النص على توقيع المحكمين على حكم التحكيم – دون أن يشترط توقيعهم على جميع صفحاته – وهي التحقق من حدوث مداولة قبل إصداره، وإذ لم تثبت الطاعنة أو تدع عدم حصول مداولة بين أعضاء هيئة التحكيم قبل إصدار حكم التحكيم فإنه يكون مبرأً من عيب البطلان لهذا السبب، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه في قضائه إلى هذه النتيجة التي تتفق وصحيح القانون فإن النعي عليه يضحى على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالشق الأول من الوجه الثاني من السبب الأول من أن مفاد المادتين رقمي 16 /3 من قانون التحكيم و11 /3 من قواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم اشتراط تقديم المحكم إقرارًا مكتوبًا بحيديته واستقلاله قبل مباشرة مهام عمله، وإذ لم يفصح رئيس هيئة التحكيم ومحكم الشركة المطعون ضدها عن علاقتهما بمحامي الشركة الأخيرة التزامًا بالمادة 11/1 من قواعد المركز آنف الذكر، فمن ثم يكون حكم التحكيم باطلًا عملًا بالمادة 53/1/ ه من قانون التحكيم، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر على الرغم من قيامها بتقديم المستندات المؤيدة لأقوالها فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول؛ ذلك أن النص في المادة 16 /3 من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية على أن "يكون قبول المحكم القيام بمهمته كتابةً، ويجب عليه أن يُفصح عند قبوله عن أية ظروف من شأنها إثارة شكوك حول استقلاله أو حيدته"، وفي المادة 18/ 1 من ذات القانون على أنه "لا يجوز رد المحكم إلا إذا قامت ظروف تثير شكوكًا جدية حول حيدته أو استقلاله"، وفي المادة 53 منه على أنه "1- لا تُقبل دعوى بطلان حكم التحكيم إلا في الأحوال الآتية:... (ه) إذا تم تشكيل هيئة التحكيم أو تعيين المحكمين على وجه مخالف للقانون أو لاتفاق الطرفين" يدل على أن المؤهل الأساسي للمحكم هو استقلاله عن طرفي التحكيم والتزامه الحياد بينهما، وأن غياب أحدهما تترجح معه مخاطر عدم الحكم بغير ميل، كأن تتوافر لدى المحكم معلومات سابقة عن النزاع نتيجة سبق تقديمه خدمات استشارية أو فنية؛ لأن هذه المعلومات ستكون معبرة قطعًا عن وجهة نظر طرف واحد، وهو ما يوجب على المحكم أن يفصح عن أي علاقات يمكن أن تعطي انطباعًا بوجود احتمال انحياز لأحد الأطراف، ويظل هذا الواجب القانوني بالإفصاح قائمًا على عاتق المحكم - لما قد يُستجد من ظروف لم تكن قائمة عند قبوله التحكيم - حتى صدور حكم التحكيم، ومن ثم فإن كتمانه لهذه الظروف أو العلاقات وعدم إفصاحه عنها لطرفي التحكيم يؤثر على مظهر الإجراءات والثقة في عدالتها، ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن رئيس هيئة التحكيم ومحكم الشركة المطعون ضدها قد أقرا قبل الشروع في الدعوى التحكيمية بحيدتهما واستقلالهما وعدم وجود أي ظروف من شأنها أن تثير الشك في حيدتهما واستقلالهما فضلًا عن قيام الأخير بالإفصاح لاحقًا عن عمله محاميًا لموكل تربطه خصومة بأحد موكلي وكيل الشركة المطعون ضدها مما يضطره للقاء وكيل الشركة المطعون ضدها لإجراء المفاوضات اللازمة بشأن تلك الخصومة، وأنه لا يوجد أي تعارض مصالح، ولا شأن لذلك في التأثير على حيدته واستقلاله ( في موضوع النزاع الراهن )، ومن ثم يكون النعي غير صحيح.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالشق الثاني من الوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بدفاع مؤداه اختصاص المحكمة المنصوص عليها بالمادة 9 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994 بنظر طلبات رد المحكمين عملًا بالمادة 19 من ذات القانون وعدم جواز الاتفاق على خلاف ذلك لما فيه من مخالفة للاختصاص النوعي المتعلق بالنظام العام، إلا أن الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر وقضى برفض دعوى بطلان حكم التحكيم تأسيسًا على أن قرار هيئة التحكيم بإحالة طلب الرد المقدم منها لإحدى اللجان التابعة لمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي دون إحالته إلى محكمة استئناف القاهرة يوافق صحيح القانون لاتفاق الطرفين على إخضاع التحكيم للقواعد الإجرائية لهذا المركز ومنها الخاصة برد المحكمين والتي لا تتعلق بالنظام العام واعتد بإجراءات التحكيم التي اتخذت قبل رد المحكم، بما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود؛ ذلك أن النص في الفقرتين الأولى والثالثة من المادة 19 من القانون رقم 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية المعدلة بالقانون رقم 8 لسنة 2000 على أن "1- يقدم طلب الرد كتابة إلى هيئة التحكيم مبينًا فيه أسباب الرد خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ علم طالب الرد بتشكيل هذه الهيئة أو بالظروف المبررة للرد، فإذا لم يتنح المحكم المطلوب رده خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ تقديم الطلب يحال بغير رسوم إلى المحكمة المشار إليها في المادة (9) من هذا القانون للفصل فيه بحكم غير قابل للطعن. 2-.... 3- لا يترتب على تقديم طلب الرد وقف إجراءات التحكيم، وإذا حكم برد المحكم ترتب على ذلك اعتبار ما يكون قد تم من إجراءات التحكيم بما في ذلك حكم المحكمين كأن لم يكن"، والنص في المادة 25 من ذات القانون على أن "لطرفي التحكيم الاتفاق على الإجراءات التي تتبعها هيئة التحكيم بما في ذلك حقهما في إخضاع هذه الإجراءات للقواعد النافذة في أي منظمة أو مركز تحكيم في جمهورية مصر العربية أو خارجها فإذا لم يوجد مثل هذا الاتفاق كان لهيئة التحكيم مع مراعاة أحكام هذا القانون أن تختار إجراءات التحكيم التي تراها مناسبة" يدل - وعلى ما أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية لهذا القانون - أن المشرع جعل تنظيم محكمة التحكيم وتشكيلها وتسمية المحكمين والشروط التي يجب توافرها في المحكم وإجراءات رده خاضعًا لإرادة طرفي التحكيم وترك مجالٍ رحبٍ في كل هذه الأمور للاتفاق ولكنه أقام محكمة استئناف القاهرة المشار إليها في المادة (9) من هذا القانون لتكون سلطة لملء الفراغات التي تنشأ عن عدم وجود الاتفاق أو عدم تنفيذه، إذ إنه أفسح الحرية لطرفي التحكيم - احترامًا لإرادتهما - لتنظيمه بالكيفية التي تناسبهما لكون هذه الحرية هي عماد نظام التحكيم إذا فقدها فقد هويته وكلما زاد مقدارها زادت ثقة طرفي التحكيم فيه وزاد اطمئنانهما إلى الحكم الذي ينتهى إليه، فترك المشرع للطرفين حرية اختيار القواعد التي تسري على إجراءات التحكيم بما فيها قواعد رد المحكمين وتلك التي تطبق على موضوع النزاع، ووضع المشرع لكل هذه الحريات قواعد احتياطية لتطبق عندما لا يوجد الاتفاق؛ إذ إن التحكيم في الأساس قضاءً اتفاقيًا يختاره الطرفان خصيصًا للفصل في النزاع القائم بينهما فينبغي ألا يكون عليه سلطان إلا لما يتفق عليه الطرفان وذلك لنزول طرفيه عن حقهما في الالتجاء إلى القضاء العادي أو الخضوع لولايته بشأن منازعتهما. لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل في القواعد الإجرائية الآمرة التي استهدفتها بعض نصوص قانون التحكيم والتي تسري على أي تحكيم يقع داخل مصر إنما شُرعت بغية حماية إجراءات التقاضي الأساسية والتي يتعين اتباعها تحقيقًا لمقتضى المصلحة العامة، وكان الأساس في تقرير جزاء البطلان عند مخالفة تلك القواعد هو تحقيق الغاية من الإجراء أو عدم تحققها في حالة النص عليه صراحة، ويُعد تفسير الغاية من الإجراء في نطاق التحكيم مسألة قانونية يخضع فيها قاضي دعوى البطلان لرقابة محكمة النقض؛ باعتبار أن حكم التحكيم يُعد فصلًا في خصومة كانت في الأصل من اختصاص القضاء، إذ من المقرر أن القواعد الإجرائية غير الآمرة والتي استهدف المشرع من نصوصها تكملة ما نقص من إرادة طرفي التحكيم لا تكون واجبة التطبيق إلا عند عدم الاتفاق عليها، ومن ثم فلا يؤدي إغفالها إلى بطلان حكم التحكيم؛ إذ هي مقررة في الأصل لحماية مصلحة خاصة فإذا ما قام رضاء أطراف النزاع واتفاقهم على التنازل عنها كسبيل لحسم النزاع تعين إنفاذ ما تم الاتفاق عليه وإطراح إجراءات التقاضي العادية، فلا يسوغ إجبار الأطراف على إعمال ما اتجهت إرادتهم إلى إهماله، ولما كان إصدار حكم التحكيم هو إجراء من إجراءات الخصومة التحكيمية فإن الفصل في مدى سلامته من عدمه يكون بالنظر إلى موافقته لقواعد القانون الإجرائي الذي يحكم إجراءات تلك الخصومة والتي تم الاتفاق عليها من قبل الأطراف، ذلك أن جزاء البطلان لمخالفة القواعد المنظمة لإجراءات إصدار حكم التحكيم إنما يكون مرجعه قواعد القانون الإجرائي الذي اتجهت إرادة طرفي التحكيم صراحة إلى إعماله على المنازعة التحكيمية دون سواه، فإذا خلت تلك القواعد من تقرير ذلك الجزاء كان التحكيم بمنأى عن البطلان؛ لأن التنظيم القانوني للتحكيم إنما يقوم على رضاء الأطراف وقبولهم به كوسيلة لحسم كل أو بعض المنازعات التي تنشأ بينهم بمناسبة علاقة قانونية معينة عقدية أو غير عقدية، فإرادة المتعاقدين هي التي توجد التحكيم وتحدد نطاقه من حيث المسائل التي يشملها والقانون الواجب التطبيق وتشكيل هيئة التحكيم وسلطاتها وإجراءات التحكيم، فإذا ما اتفق الأطراف على حصول التحكيم وفقًا للقواعد الإجرائية النافذة في أي منظمة أو مركز تحكيم في جمهورية مصر العربية أو خارجها فإن هذه القواعد تصبح جزءًا من مضمون اتفاقهم على التحكيم ذاته بما تصبح قواعد تكميلية اختيارية يلتزم بها الأطراف حتمًا عند عدم تضمين اتفاقهم ما يخالفها كليًا أو جزئيًا. لما كان ذلك وإعمالًا لما تقدم، فإن اتفاق الطرفين على إخضاع التحكيم لقواعد مركز أو منظمة للتحكيم سواء في مصر أو في الخارج فإن هذا التحكيم يخضع لقواعد المركز الخاصة بالرد إعمالًا لنص المادة 25 من قانون التحكيم المار ذكرها، فلا يجوز لأي من طرفي التحكيم عند وجود مثل هذا الاتفاق تجاهل هذه الإجراءات وتقديم طلب الرد وفقًا للإجراءات التي ينص عليها قانون التحكيم المصري ويكون الأمر كذلك سواء جرى هذا التحكيم في مصر أو في الخارج وسواء كان التحكيم تحكيمًا وطنياً أم تحكيمًا دوليًا، فإذا كان مركز التحكيم المختار لا تتضمن لائحته إجراءات خاصة بالرد أو لم يتفق الطرفان على تطبيق القواعد الإجرائية الخاصة بهذا المركز فعندئذ تُطبق إجراءات الرد الواردة في قانون التحكيم الواجب التطبيق في هذه الحالة، وعلى هذا فإن التحكيم الذي يتفق الطرفان على إخضاعه لقواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي يتم رد المحكم فيه وفقًا لإجراءات الرد التي تنص عليها لائحة هذا المركز، وإذا كان صحيحًا أن القرار الصادر في طلب الرد يُعتبر قرارًا ذا صفة قضائية والمركز أو أحد هيئاته لا يُصدر قضاء فإنه يكفي فيمن في المركز وهو يفصل في طلب الرد أن يحترم المبادئ الأساسية في المواجهة واحترام حق الدفاع، وليس في ذلك إهدارٌ لحق التقاضي فقد أجاز المشرع للأطراف استعمال حق التقاضي أمام هيئة التحكيم وليس أمام المحكمة وخولهم الحق في الخضوع لنظام إجرائي لمركز تحكيم يختارونه بدلًا من إجراءات قضاء الدولة، فيكون بذلك قيام هذا المركز بتطبيق قواعده بالفصل في طلب الرد ليس فيه مخالفة للدستور أو إخلالٌ بالنظام العام في مصر. لما كان ذلك، وكان الثابت من أوراق الدعوى التحكيمية اتفاق طرفيها إعمالًا للشرط الوارد في محضر الاستلام الملحق بعقد التوريد المؤرخ 6/8/2017 - والذي لا خلاف عليه بينهما - اتفاقهما على تطبيق قواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي عند الفصل في أي نزاع أو خلاف ينشأ بينهما فيما يتعلق بالعقد مثار التداعي، وإذ جرى التحكيم المطروح موضوع دعوى البطلان في نطاق قواعد وإجراءات مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم فإن الأثر المباشر الذي يترتب عليه أن تعتبر قواعده وضوابطه هي النافذة بحسبانها متممة لاتفاق طرفي التحكيم اللذين قبلا اللجوء إليها وفق مفهوم المواد 5، 6، 25 من قانون التحكيم رقم 27 لسنة 1994، إذ من المقرر أن اختيار طرفي الدعوى التحكيمية إجراءات معينة للتحكيم أو الاتفاق على الخضوع لقواعد مركز معين فإن هذا الاتفاق يتضمن إعمال الضوابط الإجرائية الاتفاقية لقواعد المركز المختار ووفقًا لقواعده باعتبارها الشريعة الإجرائية الاتفاقية ومنها مسألة رد واستبدال أحد المحكمين أو هيئة التحكيم بأكملها وإزالة العقبات المثارة بشأن إجراءات الدعوى التحكيمية وذلك كله يتم وفقًا للقواعد المنصوص عليها بالمركز بما لا يجوز لأي من أطراف التحكيم مخالفته منفردًا والتمسك بإعمال قواعد إجرائية أخرى، إذ إن اتباع الإجراءات والقواعد المتفق عليها بنظام المركز يعد أمرًا لازمًا يستبعد أي دور للقضاء في شأن تعيين ورد واستبدال المحكمين إذ يخضع ذلك كله للإجراءات الخاصة بلائحة المركز المختار في حالة وجودها والاتفاق عليها إعمالًا لنص المادة 25 من قانون التحكيم المار ذكرها باعتباره القانون الإجرائي الخاص الواجب التطبيق إعمالًا لاتفاق الأطراف وانصراف إرادتهم إليه باللجوء إلى قواعد مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي، وبما مفاده: أنه لا مجال لتطبيق نظام وقواعد الرد الواردة في قانون المرافعات؛ لأن هذا النظام استبعده أطراف التحكيم مقدمًا بإسناد الاختصاص إلى قواعد المركز المشار إليه في إدارة الدعوى التحكيمية وهو اختصاص نوعي مبدئي لإجراءات دعوى التحكيم التي تجرى في إطاره من أجل ضمان تطبيق قواعده الصادرة في إطار القواعد الإجرائية المنطبقة متى كانت لا تتعارض مع قاعدة إجرائية آمرة في التشريع المصري إعمالًا لحكم المادة 22 من القانون المدني، باعتبار أن نطاق الدعوى التحكيمية - وعلى خلاف الحال في القضاء - يملك الأطراف فيه قدر من المرونة التي تسعها فكرة التحكيم ذاتها وطبيعتها الاتفاقية الخاصة والقواعد التي يمليها عليها، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض دعوى البطلان على سند من أن هيئة التحكيم طبقت القواعد الإجرائية لمركز التحكيم المختار من قبل طرفي الدعوى التحكيمية في شأن رد المحكم إعمالًا للمادة 13/1 منها باعتبارها القانون الإجرائي لهم فإنه يكون قد انتهى إلى نتيجة تتفق وصحيح القانون ويضحى النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث تنعى الطاعنة بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه أن هيئة التحكيم رفضت الاستجابة لطلبها فتح باب المرافعة لإلزام المطعون ضدها بتقديم المستندات الدالة على إخلالها بتنفيذ التزاماتها التعاقدية الواردة بعقد التوريد، إلا أن الحكم المطعون فيه التفت عن إيراد ذلك الدفاع أو الرد عليه مما يعيبه ويستوجـب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود؛ ذلك لأن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن لهيئة التحكيم أن تقرر من تلقاء نفسها أو بناء على طلب من أحد الطرفين إعادة فتح باب المرافعة في أي وقت قبل صدور قرار التحكيم إذا رأت ضرورة ذلك نظرًا لوجود ظروف استثنائية، مؤداه أن قرار إنهاء الخصومة أو إعادة فتح باب المرافعة فيها هو حق أصيل بيد هيئة التحكيم تعمله من تلقاء نفسها وفقًا لظروف النزاع واكتمال أدلة الخصومة ومستنداتها، وإذ التفت الحكم المطعون فيه عن طلب فتح باب المرافعة ولم يرد عليه فإن ذلك هو حق أصيل للهيئة في قبول أو رفض تلك الطلبات ويكون الحكم المطعون فيه قد انتهى صحيحًا وفقًا لصحيح القانون.
وحيث تنعى الطاعنة بالوجهين الثاني والثالث من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه بأن حكم التحكيم إذ أورد في مدوناته أن قيامها بتحرير محضر التسليم مع المطعون ضدها يعد قبولًا منها لمنح المطعون ضدها مهلة إضافية لتنفيذ التزاماتها، هذا بالإضافة إلى تنازلها عن حقها في التمسك بالشرط الجزائي وغرامات التأخير على الرغم من إيراده ثبوت تأخر المطعون ضدها في تنفيذ التزاماتها التعاقدية مما يعيبه بالتناقض في الأسباب علاوة على مخالفته للثابت بالمستندات المقدمة منها والتي تضمنت إقرار المطعون ضدها بمسئوليتها عن التأخير في التسليم، وأن القواعد والشروط الواردة في عقد التوريد ومحضر التسليم التي حررتهما مع الشركة المطعون ضدها هي القانون الواجب التطبيق بشأن النزاع الماثل وإذ استبعدت هيئة التحكيم تطبيقها بشأن تأخير المطعون ضدها في تنفيذ التزامها وحق الطاعنة في الحصول على التعويض الاتفاقي وغرامات التأخير فمن ثم يكون حكم التحكيم باطلًا، وإذ أغفل الحكم المطعون فيه إيراد ذلك الدفاع أو الرد عليه مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله؛ ذلك أن المقرر- في قضاء هذه المحكمة- أن التحكيم هو طريق استثنائي لفض المنازعات قوامه الخروج عن طرق التقاضي العادية وما تكفله من ضمانات، وأن التنظيم القانوني للتحكيم إنما يقوم على أن إرادة المتعاقدين هي التي توجد التحكيم وتحدد نطاقه من حيث المسائل التي يشملها والقانون الواجب التطبيق وتشكيل هيئة التحكيم وسلطاتها وإجراءات التحكيم، وأن مؤدى تحديد حالات البطلان في المادة 53 من القانون 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية أنه لا يجوز الطعن بالبطلان لسبب آخر خلاف ما أورده نص هذه المادة، وأنه إذا كان تعييب قضاء هيئة التحكيم في موضوع النزاع والطعن في سلامة فهمها لحقيقة الواقع في الدعوى ورجمه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال فلا يتسع له مجال نطاق دعوى البطلان لما هو مقرر من أن دعوى بطلان حكم التحكيم ليست طعنًا عليه بالاستئناف فلا تتسع لإعادة النظر في موضوع النزاع وتعييب قضاء ذلك الحكم فيه، وأنه ليس لقاضي دعوى البطلان مراجعة حكم التحكيم لتقدير ملاءمته أو مراقبة حسن تقدير المحكمين يستوي في ذلك أن يكون المحكمون قد أصابوا أو أخطأوا عندما اجتهدوا في تكييفهم للعقد لأنهم حتى لو أخطأوا فإن خطأهم لا ينهض سببًا لإبطال حكمهم؛ لأن دعوى الإبطال تختلف عن دعوى الاستئناف. لما كان ذلك، وكان ما تتمسك به الشركة الطاعنة طعنًا على حكم التحكيم الصادر من مركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدولي من تعييبه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وتناقض في الأسباب هي أسباب لا يتسع لها نطاق دعوى البطلان، وتخرج عن حالاته الواردة على سبيل الحصر في المادة 53 من القانون 27 لسنة 1994 بشأن التحكيم في المواد المدنية والتجارية، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى برفض دعوى بطلان حكم التحكيم فإنه يكون قد وافق صحيح القانون، ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم، يتعين رفض الطعن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق