جلسة 17 من أبريل سنة 2018
برئاسة السيد القاضي / محمد محمد سعيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / محمد متولي عامر، سامح عبد الله عبد الرحيم وعصام محمد أحمد عبد الرحمن نواب رئيس المحكمة وأحمد محمد سليمان .
-----------------
(56)
الطعن رقم 5224 لسنة 86 القضائية
(1) نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب " .
التقرير بالطعن في الميعاد دون إيداع أسبابه . أثره : عدم قبول الطعن شكلاً .
(2) ولي طبيعي . وكالة . نقض " التقرير بالطعن وإيداع الأسباب " " الصفة في الطعن " .
ولي القاصر . وكيل جبري بحكم القانون . له بهذه الصفة الطعن بطريق النقض . أثر ذلك : قبول الطعن شكلاً .
مثال .
(3) حكم " بيانات التسبيب " " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .
بيان الحكم واقعة الدعوى وإيراد مؤدى أدلة الثبوت في بيان وافٍ . لا قصور .
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم . متى كان مجموع ما أورده كافياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها .
(4) استدلالات . دفوع " الدفع بعدم جدية التحريات " .
اطمئنان المحكمة لصحة الإجراءات وجديتها . كفايته لاطراح الدفع بعدم جدية التحريات .
(5) استدلالات . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير جدية التحريات " .
للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة . حد ذلك ؟
(6) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير صحة الاعتراف " .
لمحكمة الموضوع الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وغيره . حد ذلك ؟
مثال .
(7) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
وزن أقوال الشهود وتقديرها . موضوعي .
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشاهد ؟
للمحكمة التعويل في قضائها على أقوال المجني عليه . ما دامت قد اطمأنت إليها . عدم التزامها بالرد على دفاع الطاعن الموضوعي في هذا الشأن . استفادته من أدلة الثبوت السائغة التي أوردتها .
(8) حكم " ما لا يعيبه في نطاق التدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
التناقض في أقوال الشاهد أو تضاربه في أقواله . لا يعيب الحكم . ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقواله استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه .
الجدل الموضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها . غير جائز أمام محكمة النقض .
(9) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير أقوال الشهود " .
لمحكمة الموضوع التعويل على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيق . ولو عدل عنها بعد ذلك . النعي على الحكم استناده إلى أقوال المجني عليه في محضر الشرطة رغم عدوله عنها بعد ذلك . غير مقبول .
(10) إجراءات " إجراءات التحقيق" . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تعييب الإجراءات السابقة على المحاكمة . لا يصح سبباً للطعن على الحكم .
مثال .
(11) دفوع " الدفع بنفي التهمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
الدفع بانتفاء الصلة بالواقعة وعدم وجود دليل عليها . موضوعي . لا يستأهل ردًا . حد ذلك ؟
(12) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم تقيد القاضي الجنائي بدليل معين . حقه في تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه . ما دام له مأخذه الصحيح من الأوراق .
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام محكمة النقض .
(13) محاماة . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .
وجوب أن يكون لكل متهم بجناية محام يدافع عنه . أمر الدفاع متروك للمحامي يتصرف فيه بما يرضي ضميره وما تهدى إليه خبرته .
انضمام المحامي إلى زميله . يتضمن معنى الإقرار بما ورد في مرافعة الأخير واعتبارها من وَضعِه بما يغنيه عن تكرارها . التزام الحكم هذا النظر . لا إخلال بحق الدفاع .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- لما كان الطاعنون وإن قرروا بالطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه في الميعاد إلا أنهم لم يقدموا أسبابًا لطعنهم ، ومن ثم فإن الطعن المقدم منهم يكون غير مقبول شكلًا .
2- لما كان البين من الأوراق أن المحامي / .... بصفته وكيلًا عن والد المحكوم عليه القاصر بموجب التوكيل الرسمي العام رقم .... قرر بالطعن بالنقض في الحكم الصادر ضد المحكوم عليه القاصر / .... وقدم التوكيل الذي يخوله حق الطعن نيابة عنه والثابت به أن المحكوم عليه قاصر مواليد .... إذ لم يبلغ من العمر إحدى وعشرين سنة في تاريخ التقرير بالطعن من واقع بطاقة الرقم القومي . لما كان ذلك ، وكان ولي القاصر هو وكيل جبري عنه بحكم القانون ينظر في القليل والجليل من شئونه الخاصة بالنفس والمال ، فله أن يرفع بهذه الصفة الطعن بطريق النقض وغيره في الأحكام التي تصدر على قاصره ولو تجاوز سن الطفل ، ومن ثم فإن الطعن يكون استوفى الشكل المقرر في القانون .
3- لما كان الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين والمحكوم عليهم الآخرين بها ، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلمامًا شاملًا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلًا أو نمطًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققًا لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور لا محل له .
4- لما كان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بعدم جدية التحريات استنادًا إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة الإجراءات التي أجراها الشاهد الأول وجديتها ، وهو ما يعد كافيًا للرد على ما أثاره الطاعن الثاني في هذا الخصوص ، فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون له محل .
5- من المقرر أن للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن الخامس في هذا الخصوص غير سديد .
6- من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع ، ومن ثم فلا تثريب على الحكم أنه عول على اعتراف المتهمين الثالث والسادس والسابع دليلًا قبل الطاعن الخامس ضميمه إلى باقي الأدلة ولو عدلوا عنه بعد ذلك ، فإنه لا يقبل من الطاعن الخامس مصادرتها في عقيدتها أو مجادلتها في أمر يتصل بحقها المطلق في تقدير أدلة الدعوى .
7- من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشاهد في محضر الشرطة متى استرسلت بثقتها إليها ، فإنه لا على الحكم إن هو اعتمد على شهادة المجني عليه ضمن ما اعتمد عليه في قضائه بالإدانة ، ويكون منعى الطاعن الخامس في هذا الشأن في غير محله . هذا فضلًا عن أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إذا ما عولت في قضائها على أقوال المجني عليه ما دامت قد اطمأنت إليها ، ولا إلزام عليها بالرد على دفاع الطاعن الموضوعي في هذا الشأن إذ الرد مستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردتها .
8- لما كان التناقض في أقوال الشاهد أو تضاربه في أقواله – بفرض حصوله –لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقواله استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه ، وكانت المحكمة - في الدعوى الماثلة – قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه التي حصلتها بما لا تناقض فيه ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما تستقل به ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض .
9- من المقرر أن لمحكمة الموضوع التعويل على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيق ولو عدل عنها بعد ذلك فإن النعي على الحكم استناده إلى أقوال المجني عليه في محضر الشرطة رغم عدوله عنها بعد ذلك لا يكون له محل .
10- لما كان ما يثيره الطاعن الثاني في شأن قصور تحقيقات النيابة العامة بعدم سؤال المجني عليه لا يعدو أن يكون تعييبًا للإجراءات السابقة على المحاكمة بما رآه من نقص في تحقيق النيابة لم يكن قد تمسك بطلب استكماله وهو ما لا يصح سببًا للطعن على الحكم .
11- من المقرر أن الدفع بانتفاء الصلة بالواقعة وعدم وجود دليل عليها من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا مادام الرد مستفادًا من أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة وأوردتها حكمها ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون مقبولًا .
12- لما كان الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بدليل معين إلا إذا نص على ذلك بالنسبة لجريمة معينة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه ، ما دام أن له مأخذه بالأوراق ، وكان ما يثيره الطاعن الثاني في شأن خلو الأوراق من شاهد رؤية على الواقعة ، لا يعدو جدلًا موضوعيًا في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا شأن لمحكمة النقض به ولا يثار أمامها .
13- من المقرر أن القانون وإن أوجب أن يكون بجانب كل متهم بجناية محامٍ يتولى الدفاع عنه أمام محكمة الجنايات إلا أنه لم يرسم للدفاع خططًا معينة لأنه لم يشأ أن يوجب على المحامي أن يسلك في كل ظرف خطة مرسومة بل ترك اعتمادًا على شرف مهنته واطمئنانًا إلى نبل أغراضها أمر الدفاع يتصرف فيه بما يرضي ضميره وعلى حسب ما تهديه خبرته في القانون ، وكان يبين من الاطلاع على محاضر الجلسات أنه بجلسة .... قد حضر محاميًا عن الطاعن الأول وانضم إليه في هذا الدفاع المحامي الحاضر عن الطاعن الثاني ، وكان من المقرر أن انضمام المحامي إلى زميله يتضمن معنى الإقرار بما ورد في مرافعة الأخير واعتبارها من وضعه بما يغنيه عن تكرارها ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر لدى اطراحه دفاع الطاعن الثاني في هذا الشأن ، فإنه يكون قد برئ من قالة البطلان أو الإخلال بحق الدفاع .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهم :
أولًا : سرقوا السيارة الرقيمة .... والهاتف المحمول المبين وصفًا وقيمة بالتحقيقات وكذا المبلغ المالي المبين قدرًا بها والمملوكين للمجني عليه / .... ، وكان ذلك بالطريق العام وبطريق الإكراه الواقع عليه حال كونهم أكثر من شخصين حاملين أسلحة نارية " بندقية ، فرد خرطوش " بأن استوقفوه مشهرين أسلحتهم المذكورة في وجهه مهددين بها إياه مطلقين عدة أعيرة نارية في الهواء ، فبثوا الرعب في نفسه ، وشلوا مقاومته ، وتمكنوا بتلك الوسيلة من إتمام السرقة على النحو المبين بالتحقيقات .
ثانيًا : حازوا وأحرزوا بغير ترخيص أسلحة نارية غير مششخنة بندقية ، فرد خرطوش .
ثالثًا : حازوا وأحرزوا ذخائر مما تستخدم على الأسلحة النارية موضوع الاتهام السابق دون أن يكون مرخصًا لهم في حيازتها أو إحرازها .
وأحالتهم إلى محكمة جنايات .... لمعاقبتهم طبقًا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة .
والمحكمة المذكورة قضت حضوريًا عملًا بالمواد 315/ أولًا ، ثانيًا عقوبات ، والمواد 1/1 ، 6 ، 26 /1 ، 4 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل بالقانونين رقمي 26 لسنة 1978 ، 165 لسنة 1981 ، والمرسوم بقانون رقم 6 لسنة 2012 ، والجدول رقم 2 الملحق بالقانون الأول ، مع إعمال المادة 32/2 من قانون العقوبات ، بمعاقبة كل منهم بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات عما أسند إليهم .
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض .... إلخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
أولًا : بالنسبة لطعن المحكوم عليهم الأول / .... والثالث / .... والرابع / .... والسادس / .... والسابع / .... والثامن / .... والتاسع / .... :
حيث إن الطاعنين وإن قرروا بالطعن بالنقض في الحكم المطعون فيه في الميعاد إلا أنهم لم يقدموا أسبابًا لطعنهم ، ومن ثم فإن الطعن المقدم منهم يكون غير مقبول شكلًا .
ثانيًا : بالنسبة لطعن المحكوم عليهما الثاني / .... والخامس / .... :
أ- بالنسبة لطعن المحكوم عليه الثاني / .... :
حيث إن البين من الأوراق أن المحامي / .... بصفته وكيلًا عن والد المحكوم عليه القاصر بموجب التوكيل الرسمي العام رقم .... قرر بالطعن بالنقض في الحكم الصادر ضد المحكوم عليه القاصر / .... وقدم التوكيل الذي يخوله حق الطعن نيابة عنه والثابت به أن المحكوم عليه قاصر مواليد .... إذ لم يبلغ من العمر إحدى وعشرين سنة في تاريخ التقرير بالطعن من واقع بطاقة الرقم القومي . لما كان ذلك ، وكان ولي القاصر هو وكيل جبري عنه بحكم القانون ينظر في القليل والجليل من شئونه الخاصة بالنفس والمال ، فله أن يرفع بهذه الصفة الطعن بطريق النقض وغيره في الأحكام التي تصدر على قاصره ولو تجاوز سن الطفل ، ومن ثم فإن الطعن يكون استوفى الشكل المقرر في القانون .
ب- بالنسبة لطعن المحكوم عليه الخامس / .... :
حيث إن الطاعنين ينعيا بمذكرتي أسباب طعنهما على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم السرقة بالطريق العام بطريق الإكراه مع تعدد الجناة وحمل السلاح وحيازة أسلحة نارية غير مششخنة " بندقية وفرد خرطوش " وذخيرة بدون ترخيص ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ، ذلك أنه جاء قاصرًا في بيان واقعة الدعوى بيانًا تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها في حق الطاعن الثاني ، ورد برد قاصر على الدفع بعدم جدية التحريات ، وأضاف الطاعن الخامس بأن الحكم عول في الإدانة على أقوال الضابط مجري التحريات رغم أنها لا تصلح بذاتها دليلًا للإدانة ، وعول على إقرار المتهمين الثالث والسادس في حقه بمحضر الشرطة رغم إنكارهم بالتحقيقات وبجلسة المحاكمة ، وعول على أقوال المجني عليه بمحضر جمع الاستدلالات والتي خلت من تحديد شخصية مرتكب الواقعة ، سيما وأنه لم تجر مواجهة بينه وبين أحد المتهمين ولم يتعرف عليهم ولم يسأل بالتحقيقات ولم يمثل أمام المحكمة ، وأضاف الطاعن الثاني بأن أقوال المجني عليه جاءت متناقضة بشأن عدد المتهمين فضلًا عن عدوله عن أقواله بمحضر جمع الاستدلالات وعدم اتهامه لأحد ، ولم يعرض الحكم لدفاعه بقصور تحقيقات النيابة العامة لعدم سؤال المجني عليـه ، وانتفاء صلته بالواقعة وعدم وجود شاهد رؤية أو دليل على الواقعة ، وأخيرًا انضم المدافع عن الطاعن الثاني إلى ما أبداه المدافع عن المتهم الأول من دفوعه ولم يبد دفاعًا حقيقيًا عن الطاعن ، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
حيث إن الحكم المطعون فيه قد بيَّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين والمحكوم عليهم الآخرين بها ، وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلمامًا شاملًا يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلًا أو نمطًا يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافيًا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققًا لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور لا محل له . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد اطرح الدفع بعدم جدية التحريات استنادًا إلى اطمئنان المحكمة إلى صحة الإجراءات التي أجراها الشاهد الأول وجديتها ، وهو ما يعد كافيًا للرد على ما أثاره الطاعن الثاني في هذا الخصوص ، فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون له محـل . لما كان ذلك ، وكان للمحكمة أن تعول في تكوين عقيدتها على ما جاء بتحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة ما دامت تلك التحريات قد عرضت على بساط البحث ، ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن الخامس في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة مطلقة في الأخذ باعتراف المتهم في حق نفسه وعلى غيره من المتهمين متى اطمأنت إلى صحته ومطابقته للحقيقة والواقع ، ومن ثم فلا تثريب على الحكم أنه عول على اعتراف المتهمين الثالث والسادس والسابع دليلًا قبل الطاعن الخامس ضميمه إلى باقي الأدلة ولو عدلوا عنه بعد ذلك ، فإنه لا يقبل من الطاعن الخامس مصادرتها في عقيدتها أو مجادلتها في أمر يتصل بحقها المطلق في تقدير أدلة الدعوى . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تأخذ بأقوال الشاهد في محضر الشرطة متى استرسلت بثقتها إليها ، فإنه لا على الحكم إن هو اعتمد على شهادة المجني عليه ضمن ما اعتمد عليه في قضائه بالإدانة ، ويكون منعى الطاعن الخامس في هذا الشأن في غير محله . هذا فضلًا عن أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذي تطمئن إليه ، ومتى أخذت المحكمة بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إذا ما عولت في قضائها على أقوال المجني عليه ما دامت قد اطمأنت إليها ، ولا إلزام عليها بالرد على دفاع الطاعن الموضوعي في هذا الشأن إذ الرد مستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التي أوردتها . لما كان ذلك ، وكان التناقض في أقوال الشاهد أو تضاربه في أقواله – بفرض حصوله – لا يعيب الحكم ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقواله استخلاصًا سائغًا لا تناقض فيه ، وكانت المحكمة - في الدعوى الماثلة – قد اطمأنت إلى أقوال المجني عليه التي حصلتها بما لا تناقض فيه ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي حول سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما تستقل به ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع التعويل على أقوال الشاهد في أية مرحلة من مراحل التحقيق ولو عدل عنها بعد ذلك فإن النعي على الحكم استناده إلى أقوال المجني عليه في محضر الشرطة رغم عدوله عنها بعد ذلك لا يكون له محل . لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعن الثاني في شأن قصور تحقيقات النيابة العامة بعدم سؤال المجني عليه لا يعدو أن يكون تعييبًا للإجراءات السابقة على المحاكمة بما رآه من نقص في تحقيق النيابة لم يكن قد تمسك بطلب استكماله وهو ما لا يصح سببًا للطعن على الحكم . لما كان ذلك ، وكان المقرر أن الدفع بانتفاء الصلة بالواقعة وعدم وجود دليل عليها من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل ردًا ما دام الرد مستفادًا من أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها المحكمة وأوردتها حكمها ، فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص لا يكون مقبولًا . لما كان ذلك ، وكان الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بدليل معين إلا إذا نص على ذلك بالنسبة لجريمة معينة وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه ، ما دام أن له مأخذه بالأوراق ، وكان ما يثيره الطاعن الثاني في شأن خلو الأوراق من شاهد رؤية على الواقعة ، لا يعدو جدلًا موضوعيًا في سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها مما لا شأن لمحكمة النقض به ولا يثار أمامها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون وإن أوجب أن يكون بجانب كل متهم بجناية محامٍ يتولى الدفاع عنه أمام محكمة الجنايات إلا أنه لم يرسم للدفاع خططًا معينة لأنه لم يشأ أن يوجب على المحامي أن يسلك في كل ظرف خطة مرسومة بل ترك اعتمادًا على شرف مهنته واطمئنانًا إلى نبل أغراضها أمر الدفاع يتصرف فيه بما يرضي ضميره وعلى حسب ما تهديه خبرته في القانون ، وكان يبين من الاطلاع على محاضر الجلسات أنه بجلسة .... قد حضر محاميًا عن الطاعن الأول وانضم إليه في هذا الدفاع المحامي الحاضر عن الطاعن الثاني ، وكان من المقرر أن انضمام المحامي إلى زميله يتضمن معنى الإقرار بما ورد في مرافعة الأخير واعتبارها من وضعه بما يغنيه عن تكرارها ، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر لدى اطراحه دفاع الطاعن الثاني في هذا الشأن ، فإنه يكون قد برئ من قالة البطلان أو الإخلال بحق الدفاع . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق