الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 9 يوليو 2024

الدعوى رقم 84 لسنة 22 ق دستورية عليا "دستورية" جلسة 8 / 6 / 2024

باسم الشعب

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثامن من يونيه سنة 2024م،

الموافق الثاني من ذي الحجة سنة 1445ه.

برئاسة السيد المستشار/ بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم ومحمود محمد غنيم والدكتور عبد العزيز محمد سالمان وطارق عبد العليم أبو العطا وعلاء الدين أحمد السيد وصلاح محمد الرويني نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ عبد الرحمن حمدي محمود  أمين السر

أصدرت الحكم الآتي

في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 84 لسنة 22 قضائية "دستورية"

المقامة من

طه إبراهيم أبو شعيشع

ضد

1 – رئيس مجلس الشعب (مجلس النواب حاليًّا)

2- رئيس مجلس الوزراء

3- وزير العدل

--------------

الإجراءات

بتاريخ السابع والعشرين من أبريل سنة 2000، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبًا الحكم بعدم دستورية نص الفقرة الثانية من المادة (30) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 142 لسنة 1964 بنظام السجل العيني.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.

وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

-------------

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.

حيث إن الوقائع تتحصل – على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – في أن المدعي أقام أمام محكمة كفر الشيخ الابتدائية الدعوى رقم 760 لسنة 1997 مدني كلي حكومة، ضد المدعى عليه الثالث بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الشهر العقاري والسجل العيني، وآخر، طالبًا الحكم، أصليًّا: بإلغاء أمر التقدير الصادر من مصلحة الشهر العقاري والسجل العيني بكفر الشيخ في المطالبة رقم 1724 لسنة 1996/ 1997 واعتبارها كأن لم تكن، واحتياطيًّا: بإلزام مشهري قيد حق الإرث في المحرر رقم 123 لسنة 1994 عرائض سجل عيني كفر الشيخ بالرسوم محل المطالبة؛ على سند من أنه أُعلن بأمر تقدير رسوم بإلزامه بسداد مبلغ 17996 جنيهًا، المفروضة على العقد المشهر المار بيانه، على الرغم من أن قيد حق الإرث لا يُعد تصرفًا ناقلًا للملكية، وعلى فرض أن الرسم المشار إليه يستحق على قيد حق الإرث، فإن الملتزم بسداده هم الورثة، وهو ليس من بينهم؛ مما حدا به إلى إقامة دعواه. وحال نظرها دفع بعدم دستورية نص المادة (30) من القانون رقم 142 لسنة 1964 بنظام السجل العيني، وبعد أن قدرت المحكمة جدية الدفع وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية، أقام الدعوى المعروضة.

وحيث إن المادة (30) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 142 لسنة 1964 بنظام السجل العيني، قبل استبدالها بالمادة الثالثة من القانون رقم 83 لسنة 2006، تنص على أنه " يجب قيد حق الإرث إذا اشتملت التركة على حقوق عينية عقارية بقيد السندات المثبتة لحق الإرث مع قوائم جرد التركة التي يجب أن تتضمن نصيب كل وارث، وإلى أن يتم هذا القيد لا يجوز للوارث أن يتصرف في حق من هذه الحقوق.

ويكون قيد حق الإرث في خلال خمس سنوات من تاريخ وفاة المورث بدون رسم، أما بعد ذلك فلا يقبل القيد إلا بعد أداء الرسم المفروض على نقل الملكية أو الحق العيني. وتبدأ مدة الخمس سنوات بالنسبة إلى حقوق الإرث القائمة من تاريخ نفاذ القرار المشار إليه في المادة الثانية من قانون الإصدار".

وحيث إن من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن المصلحة الشخصية المباشرة - وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، بما مؤداه أن تفصل المحكمة الدستورية العليا في الخصومة من جوانبها العملية، وليس من معطياتها النظرية أو تصوراتها المجردة، وهو ما يقيد تدخلها في تلك الخصومة القضائية، ويرسم تخوم ولايتها، فلا تمتد لغير المطاعن التي يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعي، وبالقدر اللازم للفصل فيها، ومؤداه ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين يمسهم الضرر من جراء سريان النص المطعون فيه عليهم، سواء أكان الضرر وشيكًا يتهددهم، أم كان قد وقع فعلًا. ويتعين دومًا أن يكون الضرر منفصلًا عن مجرد مخالفة النص المطعون فيه للدستور، مستقلًّا بالعناصر التي يقوم عليها، ممكنًا تحديده وتسويته بالترضية القضائية، عائدًا في مصدره إلى النص المطعون فيه، فإذا لم يكن النص قد طُبق على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التي يدعيها لا يعود إليه؛ دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة؛ ذلك أن إبطال النص التشريعي في هذه الصور جميعًا، لن يحقق للمدعي أية فائدة عملية، يمكن أن يتغير بها مركزه القانوني بعد الفصل في الدعوى الدستورية عما كان عليه قبلها.

وحيث إن المقرر – أيضًا - في قضاء هذه المحكمة أن الخطأ في تأويل أو تطبيق النصوص القانونية لا يوقعها في حمأة المخالفة الدستورية، إذا كانت صحيحة في ذاتها، وأن الفصل في دستورية النصوص القانونية المدعى مخالفتها للدستور، لا يتصل بكيفية تطبيقها عملًا، ولا بالصورة التي فهمها القائمون على تنفيذها، وإنما مرد اتفاقها مع أحكام الدستور أو خروجها عليه إلى الضوابط التي فرضها الدستور على الأعمال التشريعية جميعًا.

وحيث إن النص المطعون فيه، وبصريح عباراته، وواضح دلالاته، ينطوي على خطاب موجه للورثة ليبادروا إلى قيد حق الإرث في السجل العيني إثباتًا لملكيتهم وتنظيمًا لها، وضمانًا للتعامل في الحقوق العقارية وفق أسس ثابتة، أخذًا بمبدأ القوة المطلقة للقيد بالسجل، وتحقيقًا لهذا الغرض حرص المشرع على دفع الورثة إلى المبادرة لقيد هذا الحق بقيد السندات المثبتة له مع قوائم جرد التركة التي يجب أن تتضمن نصيب كل وارث، وجعل هذا القيد بدون رسم إذا تم خلال السنوات الخمس التالية لوفاة المورث، أما بعد فوات هذه المدة فلا يقبل القيد إلا بأداء الرسوم المقررة لنقل الملكية أو الحق العيني، وحظر النص – في جميع الأحوال - على الوارث أن يتصرف في أي من حقوق التركة العينية قبل إتمام هذا القيد، وبذلك لا يكون المشرع بهذا التنظيم قد خاطب غير الورثة في شأن قيد حق الإرث، ويكون هؤلاء أو أحدهم – دون غيرهم من المتصرف إليهم في العقارات الموروثة بوجه من أوجه التصرفات التي ترد على الحقوق العينية العقارية - مكلفًا قانونًا بمباشرة إجراءات القيد بالسجل العيني أو سداد الرسوم المقررة لذلك حال استحقاقها، وإنما تقع تبعة ذلك على الوارث وحده. لما كان ذلك، وكان المدعي ليس من الورثة، فإن الضرر الذي يدعيه لا يكون مرده إلى النص المطعون فيه، وإنما إلى فهم غير صحيح لأحكامه؛ ومن ثم فلا تكون له مصلحة في الطعن على دستوريته، ولزامه القضاء بعدم قبول الدعوى.

فلهذه الأسباب

      حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق