الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 24 يوليو 2024

القضية 86 لسنة 24 ق جلسة 11 / 1 / 2004 دستورية عليا مكتب فني 11 ج 1 دستورية ق 28 ص 185

جلسة 11 يناير سنة 2004

برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي - رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إلهام نجيب نوار وماهر سامي يوسف ومحمد خيري طه وسعيد مرعي عمرو والدكتور عادل عمر شريف وتهاني محمد الجبالي. وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.

-------------------

قاعدة رقم (28)
القضية رقم 86 لسنة 24 قضائية "دستورية"

1 - المحكمة الدستورية العليا "ولاية - رقابة دستورية - محلها".
ولاية هذه المحكمة في شأن الرقابة على دستورية التشريع لا تنبسط إلا على القانون بمعناه الموضوعي باعتباره منصرفاً إلى النصوص القانونية التي تتولد عنها مراكز عامة مجردة سواء وردت هذه النصوص في تشريعات أصلية أم فرعية.
2 - لائحة "تكييفها يتحدد بمجال سريانها - لائحة البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي - سريانها على العاملين به والعاملين بالبنوك التابعة له - عدم اختصاص".
النص الطعين قد ورد في لائحة نظام العاملين بالبنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي وفروعه وبنوك التنمية بالمحافظات، وكانت هذه اللائحة، وإن صدرت عن مجلس إدارة البنك الرئيسي، متوخياً بها تقرير القواعد القانونية التي تنظم أوضاع العاملين بالبنوك التابعة، إلا أن تعلق أحكام هذه اللائحة بعمال تلك البنوك، الذين يخضعون أصلاً لقواعد القانون الخاص، وبمجال نشاطها في دائرة هذا القانون، لا يجعلها تنظيماً إدارياً عاماً، وإنما الشأن فيها، شأن كل لائحة، يتحدد تكييفها بمجال سريانها. فكلما كان هذا المجال متصلاً مباشرة بمنطقة القانون الخاص، انحسرت الصفة الإدارية عنها، ولو كانت الجهة التي أصدرتها تعتبر من أشخاص القانون العام. أثر ذلك: اللائحة التي اندرج تحتها نص المادة 112 الطعين، وفي مجال سريان أحكامها في شأن البنوك التابعة للبنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي، لا تعتبر تشريعاً بالمعنى الموضوعي، ولا تمتد إليها، بالتالي، الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة في شأن الشرعية الدستورية.

-------------------
1 - وحيث إن الدستور قد عهد بنص المادة (175) منه إلى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بتولي الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه المبين في القانون؛ وبناء على هذا التفويض أصدر المشرع قانون هذه المحكمة مبيناً اختصاصاتها، محدداً ما يدخل في ولايتها حصراً، مستبعداً من مهامها ما لا يندرج تحتها. فخولها اختصاصاً منفرداً بالرقابة على دستورية القوانين واللوائح، مانعاً أية جهة من مواجهتها فيه، مفصلاً طرائق هذه الرقابة وكيفيتها، وذلك ضماناً منه لمركزية الرقابة على المشروعية الدستورية، وتأميناً لاتساق ضوابطها وتناغم معاييرها، وصولاً من بعد إلى بناء الوحدة العضوية لأحكام الدستور، بما يكفل تكاملها وتجانسها، مؤكداً أن اختصاص هذه المحكمة - في مجال مباشرتها الرقابة القضائية على الدستورية - ينحصر في النصوص التشريعية أياً كان موضوعها أو نطاق تطبيقها أو الجهة التي أقرتها أو أصدرتها. فلا تنبسط ولايتها في شأن الرقابة القضائية على الدستورية إلا على القانون بمعناه الموضوعي باعتباره منصرفاً إلى النصوص القانونية التي تتولد عنها مراكز عامة مجردة، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التي أقرتها السلطة التشريعية، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية في حدود صلاحيتها التي ناطها الدستور بها؛ وأن تنقبض تلك الرقابة - بالتالي - عما سواها.
2 - وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه ولئن كان البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي من أشخاص القانون العام باعتباره هيئة عامة قابضة، إلا أن جميع البنوك التابعة له تعمل بوصفها شركات مساهمة يتعلق نشاطها بتطبيق قواعد القانون الخاص، وبالوسائل التي ينتهجها هذا القانون، فلا تنصهر البنوك التابعة في الشخصية المعنوية للبنك الرئيسي، بل يكون لها استقلالها وذاتيتها من الناحيتين المالية والإدارية في الحدود التي يبينها القانون. وقد صدر هذا القضاء مستنداً إلى ما قضت به الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 117 لسنة 1976 في شأن البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي من تحويل المؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعي والتعاوني إلى هيئة عامة قابضة ذات شخصية اعتبارية مستقلة تسمى البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي، وما قررته الفقرة الثانية من ذات المادة من تبعية بنوك التسليف الزراعي والتعاوني القائمة بالمحافظات، والمنشأة طبقاً للقانون رقم 105 لسنة 1964 بإنشاء المؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعي والتعاوني والبنوك التابعة لها بالمحافظات، وتسميتها بنوك التنمية الزراعية. وكذلك استناداً إلى حكم المادة (25) من القانون رقم 117 لسنة 1976 المشار إليه، والتي قضت بالعمل فيما لا يتعارض وأحكام هذا القانون بالأحكام المنصوص عليها في القانون رقم 105 لسنة 1964 المشار إليه - المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1965 - والذي كانت المادة (5) منه تقضي بتحويل فروع بنك التسليف الزراعي والتعاوني في المحافظات إلى بنوك للائتمان الزراعي والتعاوني تتخذ كلاً منها شكل الشركة المساهمة. وأيضاً ما قضت به المادتان (16 و17) من القانون رقم 117 لسنة 1976 المشار إليه من أن تباشر مجالس إدارة هذه الفروع - وباعتبارها بنوكاً تابعة - اختصاصاتها على الوجه المبين بالقانون رقم 105 لسنة 1964، وعلى ضوء أنظمتها الأساسية، وأن يكون للبنك الرئيسي، ولكل من البنوك التابعة موازنة خاصة يتم إعدادها وفقاً للقواعد الخاصة بموازنة الجهاز المصرفي؛ وهو ما يؤكد في مجموعه أن الفواصل القانونية لا تنماع بين البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي وبين البنوك التابعة التي لا يعتبر العاملون فيها موظفين عامين يديرون مرفقاً عاماً، بل يباشر هؤلاء العاملون مهامهم في بنوك تجارية بمعنى الكلمة، تزاول نشاطها في الحدود المنصوص عليها في قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي (وهو القانون رقم 120 لسنة 1975 الملغى، والذي حل محله القانون رقم 88 لسنة 2003) ويرتبط عمالها بها بوصفها أرباباً للعمل، ووفق الشروط التي يرتضونها.
وحيث إن النص الطعين قد ورد في لائحة نظام العاملين بالبنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي وفروعه وبنوك التنمية بالمحافظات، وكانت هذه اللائحة، وإن صدرت عن مجلس إدارة البنك الرئيسي، متوخياً بها تقرير القواعد القانونية التي تنظم أوضاع العاملين بالبنوك التابعة، إلا أن تعلق أحكام هذه اللائحة بعمال تلك البنوك، الذين يخضعون أصلاً لقواعد القانون الخاص، وبمجال نشاطها في دائرة هذا القانون، لا يجعلها تنظيماً إدارياً عاماً، وإنما الشأن فيها، شأن كل لائحة، يتحدد تكييفها بمجال سريانها. فكلما كان هذا المجال متصلاً مباشرة بمنطقة القانون الخاص، انحسرت الصفة الإدارية عنها، ولو كانت الجهة التي أصدرتها تعتبر من أشخاص القانون العام. كذلك، فإن سريان هذه اللائحة على كل من العاملين في البنك الرئيسي والبنوك التابعة، لا يزيل الحدود التي تفصل هذه البنوك عن بعضها البعض. فلا زال لكل منهما شخصيته القانونية المستقلة، ودائرة نشاط لها نظامها القانوني الخاص بها. وفي إطار هذه الدائرة وحدها تتحدد حقيقة الرابطة القانونية بينها وبين عمالها.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان النزاع المعروض يتعلق بواحد من العاملين في أحد الفروع التابعة للبنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي، هو فرع البنك بكوم حمادة، ومنصباً على نص المادة (112) من لائحة نظام العاملين بالبنك، والخاص بالمقابل النقدي لرصيد الأجازات، متحدياً دستوريته، وكان قد تبين أن العاملين بالفروع التابعة للبنك الرئيسي ليسوا موظفين عموميين، وإنما يرتبطون بجهة عملهم بعلاقة تعاقدية رضائية في دائرة القانون الخاص، تنحسر معها الصفة التنظيمية العامة عن لائحة شئون توظفهم. لما كان ذلك، فإن اللائحة التي اندرج تحتها نص المادة 112 الطعين، وفي مجال سريان أحكامها في شأن البنوك التابعة للبنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي، لا تعتبر تشريعاً بالمعنى الموضوعي، ولا تمتد إليها، بالتالي، الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة في شأن الشرعية الدستورية.


الإجراءات

بتاريخ التاسع من مارس سنة 2002، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالباً الحكم بعدم دستورية المادة (112) من لائحة نظام العاملين بالبنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي وفروعه وبنوك التنمية بالمحافظات، المعمول بها اعتباراً من 23/ 3/ 1985، وتعديلها في 29/ 6/ 1986، وذلك قبل تعديلها في 12/ 12/ 2000.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم أصلياً: بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا بنظر الدعوى، واحتياطياً: برفضها. كما قدم البنك المدعى عليه الثالث مذكرة طلب فيها الحكم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، في حين قدم البنك المدعى عليه الرابع مذكرة طلب فيها الحكم: أصلياً بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى، واحتياطياً: بعدم قبولها، ومن باب الاحتياط الكلي برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - حاصلها أن المدعي كان قد أقام الدعوى رقم 151 لسنة 2001 عمال كلي كوم حمادة، ضد المدعى عليه الرابع، طالباً إلزامه أن يؤدي إليه قيمة المقابل النقدي لرصيد الإجازات المستحقة للمدعي، بالإضافة إلى الفائدة القانونية المستحقة. وأثناء تداول الدعوى أمام محكمة دمنهور الابتدائية - مأمورية كوم حمادة - دفع المدعي بعدم دستورية المادة (112) من لائحة نظام العاملين بالبنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي وفروعه وبنوك التنمية بالمحافظات، قبل تعديلها في 12/ 12/ 2000، والتي وضعت حداً أقصى أربعة أشهر لصرف المقابل النقدي لرصيد الأجازات الاعتيادية. وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعي بإقامة الدعوى الدستورية، فقد أقام الدعوى المعروضة.
وحيث إن البت في اختصاص المحكمة الدستورية العليا ولائياً بنظر دعوى بذاتها سابق بالضرورة على الخوض في شرائط قبولها أو الفصل في موضوعها، إذ لا يتصور أن تفصل هذه المحكمة في توافر شروط اتصال الخصومة القضائية بها وفقاً للأوضاع المنصوص عليها في قانونها قبل أن تتحقق من أن النزاع موضوعها، يدخل ابتداءً في ولايتها.
وحيث إن الدستور قد عهد بنص المادة (175) منه إلى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بتولي الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه المبين في القانون؛ وبناء على هذا التفويض أصدر المشرع قانون هذه المحكمة مبيناً اختصاصاتها، محدداً ما يدخل في ولايتها حصراً، مستبعداً من مهامها ما لا يندرج تحتها. فخولها اختصاصاً منفرداً بالرقابة على دستورية القوانين واللوائح، مانعاً أية جهة من مواجهتها فيه، مفصلاً طرائق هذه الرقابة وكيفيتها، وذلك ضماناً منه لمركزية الرقابة على المشروعية الدستورية، وتأميناً لاتساق ضوابطها وتناغم معاييرها، وصولاً من بعد إلى بناء الوحدة العضوية لأحكام الدستور، بما يكفل تكاملها وتجانسها، مؤكداً أن اختصاص هذه المحكمة - في مجال مباشرتها الرقابة القضائية على الدستورية - ينحصر في النصوص التشريعية أياً كان موضوعها أو نطاق تطبيقها أو الجهة التي أقرتها أو أصدرتها. فلا تنبسط ولايتها في شأن الرقابة القضائية على الدستورية إلا على القانون بمعناه الموضوعي باعتباره منصرفاً إلى النصوص القانونية التي تتولد عنها مراكز عامة مجردة، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التي أقرتها السلطة التشريعية، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التي تصدرها السلطة التنفيذية في حدود صلاحيتها التي ناطها الدستور بها؛ وأن تنقبض تلك الرقابة - بالتالي - عما سواها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه ولئن كان البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي من أشخاص القانون العام باعتباره هيئة عامة قابضة، إلا أن جميع البنوك التابعة له تعمل بوصفها شركات مساهمة يتعلق نشاطها بتطبيق قواعد القانون الخاص، وبالوسائل التي ينتهجها هذا القانون، فلا تنصهر البنوك التابعة في الشخصية المعنوية للبنك الرئيسي، بل يكون لها استقلالها وذاتيتها من الناحيتين المالية والإدارية في الحدود التي يبينها القانون. وقد صدر هذا القضاء مستنداً إلى ما قضت به الفقرة الأولى من المادة الأولى من القانون رقم 117 لسنة 1976 في شأن البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي من تحويل المؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعي والتعاوني إلى هيئة عامة قابضة ذات شخصية اعتبارية مستقلة تسمى البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي، وما قررته الفقرة الثانية من ذات المادة من تبعية بنوك التسليف الزراعي والتعاوني القائمة بالمحافظات، والمنشأة طبقاً للقانون رقم 105 لسنة 1964 بإنشاء المؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعي والتعاوني والبنوك التابعة لها بالمحافظات، وتسميتها بنوك التنمية الزراعية. وكذلك استناداً إلى حكم المادة (25) من القانون رقم 117 لسنة 1976 المشار إليه، والتي قضت بالعمل فيما لا يتعارض وأحكام هذا القانون بالأحكام المنصوص عليها في القانون رقم 105 لسنة 1964 المشار إليه - المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1965 - والذي كانت المادة (5) منه تقضي بتحويل فروع بنك التسليف الزراعي والتعاوني في المحافظات إلى بنوك للائتمان الزراعي والتعاوني تتخذ كلاً منها شكل الشركة المساهمة. وأيضاً ما قضت به المادتان (16 و17) من القانون رقم 117 لسنة 1976 المشار إليه من أن تباشر مجالس إدارة هذه الفروع - وباعتبارها بنوكاً تابعة - اختصاصاتها على الوجه المبين بالقانون رقم 105 لسنة 1964، وعلى ضوء أنظمتها الأساسية، وأن يكون للبنك الرئيسي، ولكل من البنوك التابعة موازنة خاصة يتم إعدادها وفقاً للقواعد الخاصة بموازنة الجهاز المصرفي؛ وهو ما يؤكد في مجموعه أن الفواصل القانونية لا تنماع بين البنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي وبين البنوك التابعة التي لا يعتبر العاملون فيها موظفين عامين يديرون مرفقاً عاماً، بل يباشر هؤلاء العاملون مهامهم في بنوك تجارية بمعنى الكلمة، تزاول نشاطها في الحدود المنصوص عليها في قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي (وهو القانون رقم 120 لسنة 1975 الملغى، والذي حل محله القانون رقم 88 لسنة 2003) ويرتبط عمالها بها بوصفها أرباباً للعمل، ووفق الشروط التي يرتضونها.
وحيث إن النص الطعين قد ورد في لائحة نظام العاملين بالبنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي وفروعه وبنوك التنمية بالمحافظات، وكانت هذه اللائحة، وإن صدرت عن مجلس إدارة البنك الرئيسي، متوخياً بها تقرير القواعد القانونية التي تنظم أوضاع العاملين بالبنوك التابعة، إلا أن تعلق أحكام هذه اللائحة بعمال تلك البنوك، الذين يخضعون أصلاً لقواعد القانون الخاص، وبمجال نشاطها في دائرة هذا القانون، لا يجعلها تنظيماً إدارياً عاماً، وإنما الشأن فيها، شأن كل لائحة، يتحدد تكييفها بمجال سريانها. فكلما كان هذا المجال متصلاً مباشرة بمنطقة القانون الخاص، انحسرت الصفة الإدارية عنها، ولو كانت الجهة التي أصدرتها تعتبر من أشخاص القانون العام. كذلك، فإن سريان هذه اللائحة على كل من العاملين في البنك الرئيسي والبنوك التابعة، لا يزيل الحدود التي تفصل هذه البنوك عن بعضها البعض. فلا زال لكل منهما شخصيته القانونية المستقلة، ودائرة نشاط لها نظامها القانوني الخاص بها. وفي إطار هذه الدائرة وحدها تتحدد حقيقة الرابطة القانونية بينها وبين عمالها.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان النزاع المعروض يتعلق بواحد من العاملين في أحد الفروع التابعة للبنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي، هو فرع البنك بكوم حمادة، ومنصباً على نص المادة (112) من لائحة نظام العاملين بالبنك، والخاص بالمقابل النقدي لرصيد الأجازات، متحدياً دستوريته، وكان قد تبين أن العاملين بالفروع التابعة للبنك الرئيسي ليسوا موظفين عموميين، وإنما يرتبطون بجهة عملهم بعلاقة تعاقدية رضائية في دائرة القانون الخاص، تنحسر معها الصفة التنظيمية العامة عن لائحة شئون توظفهم. لما كان ذلك، فإن اللائحة التي اندرج تحتها نص المادة 112 الطعين، وفي مجال سريان أحكامها في شأن البنوك التابعة للبنك الرئيسي للتنمية والائتمان الزراعي، لا تعتبر تشريعاً بالمعنى الموضوعي، ولا تمتد إليها، بالتالي، الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة في شأن الشرعية الدستورية.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى، ومصادرة الكفالة، وألزمت المدعي المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق