جلسة 11 يناير سنة 2004
برئاسة السيد المستشار/ ممدوح مرعي - رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: حمدي محمد علي ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور وعلي عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصي والدكتور حنفي علي جبالي، وحضور السيد المستشار/ نجيب جمال الدين علما - رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن - أمين السر.
-----------------
قاعدة رقم (4)
القضية رقم 18 لسنة 23 قضائية "تنازع"
1 - دعوى فض تناقض الأحكام النهائية "مناط قبولها: اختلاف جهات القضاء".
طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين طبقاً للبند ثالثاً من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، مناطه: أن يكون أحد الحكمين صادراً من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد حسما موضوع النزاع في جوانبه كلها أو بعضها وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معاً، بما مؤداه أن النزاع الذي بسبب الأحكام وتنعقد لهذه المحكمة ولاية الفصل فيه، هو الذي يقوم بين أحكام أكثر من جهة من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي.
2 - ملكية "اختصاص جهة القضاء العادي بنظر منازعتها - قضاء عسكري".
الفصل في المنازعات المتعلقة بتحقيق الملكية وإثباتها أو انتفائها يدخل ابتداءً في اختصاص القضاء العادي باعتباره صاحب الولاية العامة في نظر كافة المنازعات إلا ما استثنى بنص خاص، طبقاً للمادة 15 من قانون السلطة القضائية، وليس في قانون الأحكام العسكرية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1966 ما يعقد للقضاء العسكري اختصاصاً مزاحماً للقضاء العادي في هذا الشأن.
الإجراءات
بتاريخ الحادي عشر من نوفمبر سنة 2001 أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة، بطلب الحكم بالاعتداد بحكمي جهة القضاء المدني الصادر أولهما في الدعوى رقم 12 لسنة 1992 مدني كلي مطروح، وثانيهما في الدعوى رقم 62 لسنة 1997 مدني تنفيذ مطروح، دون الحكم الصادر من المحكمة العسكرية العليا في الجناية رقم 83 لسنة 1996 جنايات عسكرية مطروح، مع الأمر بصفة مستعجلة بوقف تنفيذه لحين الفصل في النزاع.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبالعرض على السيد المستشار رئيس المحكمة أمر برفض طلب وقف التنفيذ.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل في أن المدعي الأول كان قد اشترى من السيد/ عوض ختال علواني قطعتي أرض فضاء بناحية عزبة الأفراد بمحافظة مطروح، كما قام المدعي الثاني وإخوته بشراء قطعة أرض بذات الناحية وتم إشهار عقدي البيع الأول تحت رقم 89 لسنة 1983 والثاني تحت رقم 68 لسنة 1986، وإذ قامت القوات المسلحة بوضع يدها على الأراضي محل عقدي البيع المذكورين، فقد ثار نزاع بينها وبين المدعيين انتهى بقيام الأخيرين بإبرام عقد هبة للقوات المسلحة عن مساحة 14500 م2 من الأرض المذكورة مقابل تخليها عن باقي المساحة وأشهر هذا العقد تحت رقم 31 لسنة 1989، إلا أنه إزاء قيام القوات المسلحة سنة 1992 بالإعلان عن بيع جزء من قطعة الأرض الموهوبة لها فقد بادر المدعيان برفع الدعوى رقم 12 لسنة 1992 مدني أمام محكمة مرسى مطروح الابتدائية بطلب بطلان عقد الهبة المشار إليه حيث قضت المحكمة برفض الدعوى، وإذ أعدت هيئة الرقابة الإدارية تقريراً انتهت فيه إلى أن العقد سند ملكية البائع للمدعيين مزور فقد تمت إحالتهما للمحكمة العسكرية العليا بالقضية رقم 83 لسنة 1996 جنايات عسكرية بتهمة استعمال محرر مزور لشهر عقدي البيع رقمي 89 لسنة 1983 و68 لسنة 1986 وعقد الهبة رقم 31 لسنة 1989، حيث قضت المحكمة في أول الأمر ببراءتهما، إلا أن هذا الحكم لم يتم التصديق عليه، وأعيدت محاكمتهما فقضت المحكمة بجلسة 15/ 10/ 1997 بحبس كل من المتهمين سنة مع الشغل والنفاذ وإلزامهما برد العقار المغتصب للقوات المسلحة ومصادرة المحرر المزور. وعند قيام القوات المسلحة بتنفيذ الحكم الأخير باسترداد قطعة الأرض محل النزاع عارض بنك فيصل الإسلامي - بصفته مالكاً لحصة من هذه الأرض بطريق الشراء من المدعي الأول - وأقام الدعوى رقم 62 لسنة 1997 تنفيذ مطروح أمام محكمة مرسى مطروح الجزئية التي قضت بجلسة 28/ 6/ 2001 في منازعة تنفيذ موضوعية بعدم الاعتداد بالتنفيذ الذي تم من قبل القوات المسلحة.
وحيث ارتأى المدعيان أن ثمة تناقضاً بين حكم القضاء العسكري الذي أثبت ملكية أرض النزاع للقوات المسلحة وأبطل العقود أرقام 89 لسنة 1983 و68 لسنة 1986 و31 لسنة 1989 لابتنائها على عقد مزور، وحكمي القضاء العادي بصحة الهبة الصادرة من المدعيين إلى القوات المسلحة، وبعدم الاعتداد بالتنفيذ الذي تم، فقد أقاما الدعوى الماثلة بغية فض هذا التناقض.
وحيث إن مناط قبول طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين طبقاً للبند ثالثاً من المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو أن يكون أحد الحكمين صادراً من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد حسما موضوع النزاع في جوانبه كلها أو بعضها وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معاً، متى كان ذلك، وكان البين من الأوراق أن محكمة مرسى مطروح الابتدائية قد اعتدت بحكمها الصادر في الدعوى رقم 12 لسنة 1992 مدني بعقد الهبة الصادر من المدعيين للقوات المسلحة وقضت برفض دعواهما ببطلان هذا العقد، كما أن محكمة مرسى مطروح الجزئية حين قضت بحكمها الصادر في الدعوى رقم 62 لسنة 1997 مدني تنفيذ مطروح بعدم الاعتداد بما تم من تنفيذ حكم القضاء العسكري الصادر في القضية رقم 83 لسنة 1996 جنايات عسكرية مطروح، قد أسست قضاءها على ما ثبت لها من عدم ملكية القوات المسلحة لأرض النزاع، وقد أصبح هذان الحكمان - حسبما يبين من الشهادة الصادرة من محكمة استئناف إسكندرية بتاريخ 14/ 7/ 2001 والشهادة الصادرة من محكمة مرسى مطروح بتاريخ 30/ 10/ 2001 والمودعتين بالأوراق - نهائيين بعدم استئنافهما وذلك في حين أن حكم المحكمة العسكرية العليا أسس قضاءه في الدعوى رقم 83 لسنة 1996 جنايات عسكرية مطروح بحبس المدعيين وإلزامهما برد العقار المغتصب موضوع الدعوى للقوات المسلحة، إلى ما ثبت لدى المحكمة من أنهما تعديا على أرض فضاء مملوكة للقوات المسلحة وانتفعا بها ببيع جزء منها وهبة جزء آخر، ومن ثم فإن حكمي القضاء المدني يكونان قد تصادما مع حكم القضاء العسكري، بحيث يتعذر اجتماع تنفيذهما مع الحكم الأخير، وبالتالي فإن مناط التناقض يكون متحققاً.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة، قد جرى على أن المفاضلة التي تجريها المحكمة بين الحكمين النهائيين المتناقضين، لتحدد على ضوئها أيهما أحق بالاعتداد به عند التنفيذ، إنما يتم على أساس ما قرره المشرع من قواعد لتوزيع الولاية بين جهات القضاء المختلفة.
وحيث إن من المقرر أن الفصل في المنازعات المتعلقة بتحقيق الملكية وإثباتها أو انتفائها يدخل ابتداءً في اختصاص القضاء العادي باعتباره صاحب الولاية العامة في نظر كافة المنازعات إلا ما استثنى بنص خاص، طبقاً للمادة 15 من قانون السلطة القضائية، وليس في قانون الأحكام العسكرية الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1966 ما يعقد للقضاء العسكري اختصاصاً مزاحماً للقضاء العادي في هذا الشأن.
وحيث إن القضاء العسكري أقام حكمه الصادر بإدانة المدعيين على أنهما غير مالكين لأرض النزاع مفنداً أسانيد كسبهما للملكية، لما كان ذلك، وكان من المقرر - حسبما سلف البيان - أن توافر السبب المكسب للملكية بشرائطه المقررة قانوناً هو مما يدخل الفصل فيه في اختصاص القضاء العادي، فإن حكم القضاء العسكري ببحث ملكية المدعيين وإثبات هذه الملكية للقوات المسلحة دونهما - الأمر الذي عارضه الحكم الصادر من محكمة مرسى مطروح الجزئية في الدعوى رقم 62 لسنة 1997 مدني تنفيذ مطروح - يكون قد سلب اختصاصاً قصره القانون على جهة القضاء العادي، وإذ كان مناط المفاضلة بين الحكمين المتناقضين لتحديد الأولى منهما بالتنفيذ إنما يقوم - وفقاً لما سبق ذكره - على بيان الجهة التي اختصها المشرع بولاية الفصل في الخصومة القضائية على أساس من القواعد التي عين بها المشرع لكل جهة قضائية نصيبها من المنازعات المنوطة بالفصل فيها، فإن الحكمين الصادرين من جهة القضاء العادي، دون الحكم الصادر من القضاء العسكري يكونان هما الأحق بالتنفيذ.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بالاعتداد بالحكمين النهائيين الصادرين من جهة القضاء العادي في الدعويين رقمي 12 لسنة 1992 مدني كلي مطروح و62 لسنة 1997 مدني تنفيذ مطروح دون الحكم الصادر من القضاء العسكري في الجناية رقم 83 لسنة 1996 جنايات عسكرية مطروح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق