جلسة 15 من نوفمبر سنة 1956
برياسة السيد محمد فؤاد جابر المستشار، وبحضور السادة: اسحق عبد السيد، ومحمد عبد الواحد على، ومحمد متولى عتلم، وإبراهيم عثمان يوسف المستشارين.
--------------
(128)
القضية رقم 43 سنة 23 القضائية
(أ) حكم "بياناته". إفلاس.
القرار الصادر بتقدير أتعاب وكيل الدائنين. تضمين هذا القرار اسم الملتزم بالأتعاب وصفة الالتزام بها أو أية بيانات أخرى سوى التقدير نفسه. غير لازم. المادتان 249 و366 تجارى.
(ب) إفلاس. معارضة. نقض.
المعارضة في تقدير أتعاب وكيل الدائنين. نطاقها. المادة 249/ 2 تجارى.
(ج) دفاع. حكم "تسبيبه".
نعى غير منتج لعدم استناده إلى أساس قانوني. إغفال الحكم الرد على ما يتمسك به الخصم في هذا الصدد. لا قصور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق - تتحصل في أنه بتاريخ 1/ 5/ 1951 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية في القضية رقم 109 سنة 1947 تجارى إفلاس المرفوعة على الطاعنة من محمد على الدبيكي بانحلال حالة اتحاد الدائنين وبتقدير مبلغ 200 جنيه قيمة أتعاب ومصاريف وكيل الدائنين الأستاذ يوسف دويدار الخبير بمكتب خبراء مصر (المطعون عليه) ينفذ به لصالح خزانة وزارة العدل. وعارضت الطاعنة في التقدير، وبتاريخ 22/ 5/ 1951 قضت المحكمة بقبول المعارضة شكلاً ورفضها موضوعا وتأييد أمر التقدير المعارض فيه. فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم بالقضية رقم 477 سنة 68 ق لدى محكمة استئناف القاهرة التي قضت بتاريخ 28/ 4/ 1952 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف، فقررت الطاعنة الطعن في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية ورأت النيابة العامة قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا. وحيث إن الطعن بنى على سببين: يتحصل السبب الثاني منهما والشق الأول من السبب الأول في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب ذلك أن الطاعنة تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بأن القرار الصادر من المحكمة التي أشهرت الإفلاس بتقدير أتعاب وكيل الدائنين طبقا للمادة 249 تجارى يعتبر حكما يجب أن تتوافر فيه شروط صحة الأحكام فيتعين أن يصدر ضد الملتزمين بأتعاب السنديك على وجه التحديد بالاسم وبصفة الملزومية إن كانت تضامنية أو موزعة عليهم بنسبة معينة وأن يحدد فيه وعاء الالتزام إن كان من أموالهم الخاصة أم أموال روكية الدائنين، ولكن الحكم قد خلا من بيان ذلك مما يجعله باطلا جوهريا لفقدانه أركان الحكم الأساسية ولصدوره على غير ذي صفة إذ كان ينبغي أن تقدر أتعاب وكيل الدائنين على أموال التفليسة وأن يدفع منها بطريق الامتياز قبل إجراء التوزيع لا أن يقضى به على المفلسة (الطاعنة) في حين أنها لا تضامن بينها وبين روكية الدائنين. والحكم الابتدائي إذ قضى بتأييد قرار التقدير الباطل يكون باطلا مثله لصدوره على غير ذي صفة إلا أن هذا الدفاع الهام لم يحظ برد من الحكم المطعون فيه مما يجعله مشوبا بالقصور فضلا عن الخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي بشطريه مرود أولا: بأن المادة 249 من قانون التجارة إذ أجازت لوكلاء المداينين "أن يأخذوا بعد أداء حساب إدارتهم تعويضا تعينه المحكمة لهم بناء على تقرير من مأمور التفليسة" قصدت إلى أن المحكمة التي حكمت بإشهار الإفلاس تقدر لهم ما يستحقونه من الأجر عن أتعابهم ومن المصاريف التي تكبدوها في سبيل القيام بما وكل إليهم وأن يأخذوا هذا الذي تقدره لهم المحكمة على الوجه المعين في القانون وهو ما نصت عليه المادة 366 من قانون التجارة من أنه "يستنزل من النقود المتحصلة... مصاريف إدارة التفليسة ومن ضمنها أجرة وكلاء المداينين... وكذلك المبالغ المدفوعة للمداينين الممتازين ويوزع الباقي على جميع المداينين بنسبة مقادير ديونهم..." وحاصل ذلك أن يستولى وكلاء المداينين على التعويض المقدر لهم بطريق الامتياز من أموال التفليسة أينما وجدت فليس بلازم إذن أن يتضمن القرار الصادر بتقدير أتعاب وكيل الدائنين المعين فى التفليسة اسم الملتزم بهذه الأتعاب وصفة الالتزام بها أو أية بيانات أخرى عن هذا التعويض سوى التقدير نفسه الذى عينته المحكمة ما دام مفهوما بمقتضى أحكام القانون أن هذا التعويض يستحق بطريق الامتياز من أموال التفليسة وأن الأمر به ينفذ على هذه الأموال بالتقدم على ما عداه من الديون (العادية) وأنه وإن لم تكف أموال التفليسة لسداده يصبح شأنه شأن كافة الديون غير المدفوعة في التفليسة وتسرى عليه أحكامها فى القانون. ومرود ثانيا - بأن ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 249 من قانون التجارة من أنه "يجوز المعارضة في تقدير التعويض المذكور من أي شخص ذي شأن في ذلك إذا حصلت في ظرف خمسة عشر يوما من تاريخ التقدير" يفيد أن المعارضة التي أجازها القانون في "تقدير التعويض" إنما هي قاصرة على الأسس التي يقوم عليها استحقاق هذا التعويض وتحديد مقداره فمتى كانت الطاعنة قد عارضت في القرار الصادر بتقدير أتعاب المطعون عليه وبنت معارضتها حسبما جاء في دفاعها أمام محكمة الاستئناف على القول بعدم وجود صفة لها في الالتزام بهذه الأتعاب وتعييب شكل القرار المعارض فيه لعدم بيان اسم الملتزم بالأتعاب وصفة الالتزام وكان هذا النعي غير منتج لعدم استناده إلى أساس قانوني على ما سلف بيانه فإن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم المستأنف القاضي برفض المعارضة ولم يرد على ما تمسكت به الطاعنة في هذا الصدد لا يكون قد أخطأ في القانون ولا شابه قصور فى التسبيب.
وحيث إن الشق الثاني من السبب الأول يتحصل في أن الحكم المطعون فيه جاء قاصر التسبيب في رده على دفاع الطاعنة بشأن أسس تقدير أتعاب المطعون عليه ذلك أنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف بأن وكيل الدائنين باعتباره وكيلا بأجر مسئول عن تقصيره ولا يستحق أجره إلا إذا كان قد نفذ الوكالة تنفيذا كاملا وأنه ينبغي في تقدير الأجر أن تراعى المحكمة أهمية العمل الذى أداه وما بذله فيه من جهد ومهارة وما عاد على جماعة الدائنين من فائدة، وقد عددت الطاعنة فى دفاعها أوجه التقصير التي نسبتها لوكيل الدائنين التابع لمكتب الخبراء المطعون عليه وهي تخلص في أنه استبدل بحكم من محكمة الإفلاس في 21/ 4/ 1949 بناء على ما ثبت لها من تقصيره وبعد شكوى الطاعنة فضلا عن أنه أهمل فى تقدير موجودات التفليسة وفى الكشف عن استحقاق الطاعنة لديون لدى نحاس فيلم وأنه قصر فى جرد بعض مشتملات التفليسة كما تبين مما كشف عنه السنديك الذى عين خلفا له والذى استطاع أن يخفض بعض الديون وأن يسددها كلها ثم فاض للطاعنة كثير إلا أن الحكم المطعون فيه لم يرد على أى وجه من هذه الأوجه واكتفى بسرد الأعمال التي قام بها وكيل الدائنين كما جاءت فى تقريره مع أن ذلك لا ينهض ردا على المطاعن الجوهرية الموجهة إليه مما لو تنبهت إليه المحكمة لتغير به وجه الرأي في قضائها.
وحيث إن هذا النعى مردود بما أورده الحكم المطعون فيه من: "أنه تبين من الاطلاع على حكم استبدل السنديك الصادر في 21/ 4/ 1949 أن المحكمة أثنت على إدارة المستأنف عليه لأعمال التفليسة وقالت في حكمها إنه بذل مجهودا مشكور في أداء مهمته وكانت إجراءاته وأعماله سليمة وذكرت المحكمة أن الاستبدال يرجع إلى منشور أصدرته وزارة العدل إلى المحاكم يتضمن طلبها عدم تعيين خبراء موظفين حراسا أو وكلاء للدائنين لأن تعيينهم يعطل أعمالهم وقد يترتب عليه بعض المسئوليات ومن ثم يكون طعن المستأنفة في إدارة المستأنف عليه لأعمال التفليسة قد فصلت فيه محكمة أول درجة بأنه طعن على غير أساس والواقع هو أن المستأنف عليه في المدة التي باشر فيها أعمال التفليسة من تاريخ تعيينه وكيلا للدائنين في 29/ 12/ 1947 إلى تاريخ انتهاء مهمته في 21/ 4/ 1949 قد قام بها خير قيام كما تدل على ذلك محاضر أعماله والتقارير المقدمة منه إلى مأمور التفليسة وعددها تسعة..." وبعد أن ذكر الحكم ما قام به وكيل الدائنين من أعمال وما عرض له من صعاب بسبب ما لجأت إليه الطاعنة من تهريب بعض ممتلكاتها ومن التواطؤ مع الغير على رفع إحدى القضايا انتهى إلى القول "وحيث إنه ظاهر مما تقدم ومما هو مدوّن بتقارير المستأنف عليه ومحاضر أعماله أنه لم يقع من جانبه أى تقصير مما زعمته المستأنفة بل إن تصرفاته كلها تدل على اهتمامه وحرصه على مصلحة التفليسة وإن كان وكيل الدائنين الذى خلفه قد ذلل الاتفاق مع الدائنين على استمرار أعمال (التفليسة) بدلا من تصفيتها مما ترتب عليه تسوية ديونها من إيراد الأفلام السينمائية ومن ثم بيع فيلا الإسكندرية فهذا لا يغمط المستأنف عليه ما قام به في مدة إدارته للتفليسة من مجهودات رغم العراقيل التي كان يلقاها من جانب المستأنفة ومن ثم ترى المحكمة أن التعويض المحكوم به للمستأنف عليه غير مبالغ فيه ويتناسب مع ما قام به من أعمال لمصلحة التفليسة" وهذا الذى قرره الحكم المطعون فيه يتضمن بيان الحقيقة التي اقتنعت بها المحكمة وأوردت دليلها من أسباب حكم الاستبدال الصادر في 21/ 4/ 1949 ومن واقع مستندات الدعوى بما يكفى للرد على جميع حجج الطاعنة صراحة أو ضمنا بغير حاجة إلى تعقبها في مختلف أقوالها والرد استقلالا على كل منها.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق