جلسة 15 من يناير سنة 2022
برئاسة السيـد القاضي / عطية زايد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة القضاة / حمدي الصالحي، أيمن كريم، شريف بشر وأحمد رجب نواب رئيس المحكمة.
-----------------
(15)
الطعن رقم 1397 لسنة 74 القضائية
(2،1) نقض ": إضافة ميعاد المسافة إلى ميعاد الطعن بالنقض ".
(1) ميعاد الطعن بالنقض. للطاعن أن يضيف إليه ميعاد المسافة بين موطنه وبين مقر المحكمة التي يودع قلم كتابها صحيفة الطعن. علة ذلك.
(2) ثبوت أن المسافة بين مدينة بني مزار محافظة المنيا موطن الطاعنة وبين مقر محكمة النقض التي أودعت صحيفة الطعن قلم كتابها تجاوز مائتي كيلو مترًا. موجبه. إضافة ميعاد مسافة مقداره أربعة أيام على ميعاد الطعن. م 16 مرافعات. إيداع صحيفة الطعن خلالها. أثره. إقامة الطعن في الميعاد القانوني.
(4،3) إيجار " تشريعات إيجار الأماكن : حظر تقاضي مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار ".
(3) لمالك المبنى المنشأ اعتبارًا من 31/7/1981 تاريخ العمل بالقانون 136 / 1981 تقاضي مقدم إيجار من المستأجر لا يجاوز أجرة سنتين. بطلان كل شرط أو تعاقد يتم بالمخالفة لذلك بطلانًا مطلقًا. مقتضاه. إلزام كل من يحصل على مبالغ بالمخالفة لما تقدم بردها إلى من أداها فضًلا عن الجزاءات الأخرى والتعويض. م 6، 25 ق 136 لسنة 1981.
(4) المنازعة بين المالك والمستأجر بشأن المبالغ الزائدة التي تقاضاها الأول ويلزم بردها للمستأجر تطبيقاً للمادتين ٦، 25 ق ١٣٦ لسنة ١٩٨١. التزام محكمة الموضوع بقول كلمتها فيها باعتبارها مسألة أولية لازمة للفصل في دعوى الإخلاء المعروضة عليها.
(5) إيجار " تشريعات إيجار الأماكن : الإخلاء لعدم الوفاء بالأجرة ".
الحكم بالإخلاء للتأخر في الوفاء بالأجرة. شرطه. ثبوت تخلف المستأجر عن الوفاء بها معدلة بالزيادة أو النقصان طبقاً لما نصت عليه قوانين إيجار الأماكن وألا تكون محل منازعة جدية من المستأجر في مقدارها أو استحقاقها.
(6) محكمة الموضوع " سلطتها في فهم الواقع في الدعوى ".
لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع في الدعوى. شرطه. أن يكون استخلاصها سائغاً ومؤدياً إلى النتيجة التي انتهت إليها. خضوعها لرقابة محكمة النقض في تكييف هذا الفهم وتطبيق القانون.
(7) نقض " سلطة محكمة النقض ".
لمحكمة النقض إعطاء الوقائع الثابتة بالحكم المطعون فيه تكييفها القانوني الصحيح. شرطه. ألا تعتمد فيه على غير ما حصلته محكمة الموضوع من وقائع.
(8- 10) التزام " انقضاء الالتزام بما يعادل الوفاء : المقاصة القانونية في الإيجار ".
(8) تمسك الطاعنة بإجراء المقاصة القانونية بين ما تقاضاه المطعون ضده منها بالزيادة عن مقدم الإيجار المسموح به قانونًا وبين دين الأجرة المستحق في ذمتها توقياً للحكم بالإخلاء. موجبه. التزام محكمة الموضوع بحسم هذا الخلاف قبل الفصل في دعوى الإخلاء في ضوء المادتين ٣٦٢، ٣٦٥ مدني.
(9) المقاصة. تضمنها معنى الوفاء الإجباري. مؤداه. عدم إجبار المدين على دفع دين متنازع فيه أو غير معلوم مقداره. أثرها. انقضاء الدينين بقدر الأقل منهما من وقت تلاقيهما متوافرة فيهما شروطهما.
(10) إيراد الحكم المطعون فيه ردًا على دفاع الطاعنة الجوهري بإجراء المقاصة القانونية أن المبالغ المطالب بإجراء المقاصة فيها غير حالة رغم أن المبالغ المسددة منها للمطعون ضده بالزيادة عن مقدم الإيجار المسموح به يجب ردها إليه ويبطل كل اتفاق بشأنها. خطأ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن للطاعن أن يضيف إلى الميعاد المحدد للطعن بالنقض ميعاد مسافة بين موطنه وبين مقر المحكمة التي يودع قلم كتابها صحيفة الطعن لما يقتضيه هذا الإيداع من حضور الطاعن في شخص محاميه إلى هذا القلم.
2- إذ كان موطن الطاعنة - على ما يبين من الأوراق – بمدينة بني مزار محافظة المنيا، وكانت المسافة بينه وبين مقر محكمة النقض بمدينة القاهرة التي أودعت صحيفة الطعن قلم كتابها تجاوز مائتي كيلو متر، وجب أن يُزاد على ميعاد الطعن ميعاد مسافة مقداره أربعة أيام وفقاً لنص المادة 16 من قانون المرافعات، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد صدر في 16/3/2004 وأودعت صحيفة الطعن في 18/5/2004، فإن الطعن يكون قد أُقيم في حدود الميعاد القانوني بعد إضافة ميعاد المسافة.
3- المقرر - في قضاء محكمة النقض – أنه يجوز لمالك المبنى المنشأ اعتباراً من 31/7/1981 ( تاريخ العمل بالقانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر ) أن يتقاضى من المستأجر مقدم إيجار لا يجاوز أجرة سنتين بالشروط التي نصت عليها المادة السادسة من القانون رقم 136 لسنة 1981، ويقع باطلاً بطلاناً مطلقاً كل شرط أو تعاقد يتم بالمخالفة لنص المادة المذكورة، ويلزم كل من يحصل على مبالغ بالمخالفة له بردها إلى من أداها – فضلاً عن الجزاءات الأخرى والتعويض – عملاً بنص المادة 25 من ذات القانون.
4- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه إذا ثارت منازعة جدية بين المالك والمستأجر في دعوى الإخلاء بسبب التأخر في الوفاء بالأجرة بشأن المبالغ الزائدة عن الأجرة التي تقاضاها الأول ويلزم بردها إلى المستأجر، تطبيقاً لحكم هاتين المادتين ( المادتان 6، 25 من القانون 136 لسنة 1981 )، فيجب على محكمة الموضوع أن تعرض لهذا الخلاف وتقول كلمتها فيه باعتبارها مسألة أولية لازمة للفصل في دعوى الإخلاء المعروضة عليها، ثم تقضي فيه بعد ذلك على ضوء ما يكشف عنه بحثها.
5- المقرر - في قضاء محكمة النقض – أنه يشترط للحكم بالإخلاء لهذا السبب ( التأخر في الوفاء بالأجرة ) ثبوت تخلف المستأجر عن الوفاء بالأجرة معدلة بالزيادة أو النقصان طبقاً لما نصت عليه قوانين إيجار الأماكن، وألا تكون الأجرة متنازعاً عليها من جانب المستأجر منازعة جدية سواء في مقدارها أو استحقاقها.
6- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أنه وإن كان لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع في الدعوى، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استخلاصها قائماً على اعتبارات سائغة ومؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها، وهي تخضع لرقابة محكمة النقض في تكييف هذا الفهم، وفي تطبيق ما ينبغي تطبيقه من أحكام القانون.
7- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن لهذه المحكمة الأخيرة ( محكمة النقض ) أن تعطي الوقائع الثابتة بالحكم المطعون فيه تكييفها القانوني الصحيح، ما دامت لا تعتمد فيه على غير ما حصلته محكمة الموضوع من وقائع.
8- إذ كان البين من الأوراق وما سجله الحكم المطعون فيه أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بدفاع حاصله أن المطعون ضده تقاضى منها مبلغ 4000 جنيه كمقدم إيجار عند تحرير عقد إيجار الشقة محل النزاع، وهو ما يجاوز مقدم إيجار السنتين الجائز استيفاؤهما قانوناً، على أن يخصم منه نصف الأجرة المستحقة عليها بواقع 25 جنيهاً شهرياً على النحو الذي أثبته الحكم الصادر في الدعوى رقم... لسنة 1997 مدني كلي مساكن ( بني مزار )، ومن ثم يكون المطعون ضده مديناً لها بما تقاضاه منها بالزيادة عن مقدم الإيجار المسموح به قانوناً، وطلبت في دعواها المنضمة إجراء المقاصة القانونية بين هذا الدين الواجب الأداء وبين دين الأجرة المستحقة له في ذمتها توقياً للحكم بالإخلاء، مما كان يتعين على محكمة الموضوع أن تحسم هذا الخلاف قبل الفصل في دعوى الإخلاء على هدى ما تقضي به المادتان 362، 365 من القانون المدني، من وجوب أن يكون الدين خالياً من النزاع محققاً لا شك في ثبوته في ذمة المدين، وأن يكون معلوم المقدار.
9- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن المقاصة تتضمن معنى الوفاء الإجباري، فلا يجبر المدين على دفع دين متنازع فيه أو غير معلوم مقداره، وينقضي الدينان بقدر الأقل منهما، إذ يستوفي كل دائن حقه من الدين الذي في ذمته وينصرف هذا الانقضاء إلى الوقت الذي يتلاقى فيه الدينان متوافرة فيهما شروطهما.
10- إذ أورد الحكم المطعون فيه رداً على دعوى الطاعنة ودفاعها سالف الذكر أن المبالغ التي تطالب بإجراء المقاصة فيها غير حالة الأداء بإجمالي المبلغ وإنما يخصم منها 25 جنيهاً شهرياً وفقاً لما اتفق عليه وقت تحرير العقد، حال أن المبالغ المسددة منها للمطعون ضده بالزيادة عن مقدم الإيجار المسموح به يجب ردها إليها، ويبطل كل اتفاق بشأنها – على ما سلف بيانه -، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون مما جره الى إغفال بحث توافر شروط المقاصة القانونية، وأثر ذلك على اعتبار الطاعنة مدينة بالأجرة المطالب بها من عدمه توصلاً لبيان مدى صحة التكليف بالوفاء السابق على رفع الدعوى – وهو دفاع جوهري من شأنه – لو صح – أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، مما يعيبه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الـذي تـلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام على الطاعنة الدعوى رقم... لسنة ۲۰۰2 أمام محكمة المنيا الابتدائية " مأمورية بنى مزار " بطلب الحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/11/1993 وإخلاء الشقة المبينة به والتسليم، وقال بياناً لذلك : إنه بموجب هذا العقد استأجرت الطاعنة منه تلك الشقة لقاء أجرة مقدارها 50 جنيهاً شهرياً، وأنه استلم منها مقدم إيجار يخصم منه نصف الأجرة على أن تسدد الطاعنة النصف الآخر شهرياً، وإذ امتنعت عن سداد الأجرة عن الفترة من أول مارس عام 2000 حتى آخر ديسمبر 2001 بخلاف رسم النظافة بواقع 2% وما يستجد رغم تكليفها بالوفاء فأقام الدعوى، كما أقامت الطاعنة على المطعون ضده الدعوى رقم... لسنة 2002 أمام ذات المحكمة بطلب الحكم بإجراء المقاصة القانونية بين ما هو مستحق عليها للمطعون ضده من دين أجرة الشقة محل النزاع، وما هو مستحق لها قبله، وقالت إنه تقاضى منها مقدم إيجار مقداره أربعة آلاف جنيه أثبتته بالحكم الصادر في الدعوى رقم... لسنة 1997 محكمة المنيا الابتدائية " مأمورية بنى مزار " يخصم منه مبلغ 25 جنيهاً شهرياً منذ بدء الإجارة في 1/11/1993، ويستحق لها في ذمته مبلغ 1875 جنيهًا باقي المقدم المدفوع كان يجب خصمه من مبلغ الأجرة المطالب به في الدعوى الأولى اعتباراً من 1/3/2000، ولما كان هذا الدين المستحق في ذمته معين المقدار وحال الأداء، فقد أقامت الدعوى. ضمت المحكمة الدعويين، وحكمت في الدعوى الأولى بالطلبات، وفي الثانية بالرفض. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم... لسنة 39 ق بنى سويف " مأمورية المنيا "، وبتاريخ 16/3/2004 قضت المحكمة بالتأييد. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة- حددت جلسة لنظــره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن للطاعن أن يضيف إلى الميعاد المحدد للطعن بالنقض ميعاد مسافة بين موطنه وبين مقر المحكمة التي يودع قلم كتابها صحيفة الطعن لما يقتضيه هذا الإيداع من حضور الطاعن في شخص محاميه إلى هذا القلم، ولما كان موطن الطاعنة - على ما يبين من الأوراق– بمدينة بنى مزار محافظة المنيا، وكانت المسافة بينها وبين مقر محكمة النقض بمدينة القاهرة التي أودعت صحيفة الطعن قلم كتابها تجاوز مائتي كيلو مترًا وجب أن يُزاد على ميعاد الطعن ميعاد مسافة مقداره أربعة أيام وفقاً لنص المادة 16 من قانون المرافعات، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد صدر في 16/3/2004 وأودعت صحيفة الطعن في 18/5/2004، فإن الطعن يكون قد أُقيم في حدود الميعاد القانوني بعد إضافة ميعاد المسافة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أُقيم على ثلاثة أسباب تنعى بها الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه، والقصور في التسبيب، والفساد في الاستدلال، ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك تقول : إنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بطلب إجراء المقاصة القانونية بين ما هو مستحق عليها للمطعون ضده من دين أجرة الشقة محل النزاع المطالب به، وما هو مستحق لها قبله من مقدم الإيجار المدفوع بالزيادة، إذ تقاضى منها مقدم إيجار مقداره 4000 جنيه يخصم منه مبلغ 25 جنيهاً شهرياً بما يعادل نصف القيمة الإيجارية، وهو ما أثبته الحكم النهائي الصادر في الدعوى رقم... لسنة 1997 مدنى كلي مساكن بنى مزار، وأنها دائنة له بمبلغ 1875 جنيهاً من مقدم الإيجار، وإذ يطالبها المطعون ضده بمبلغ 561 جنيهاً، ومن ثم تكون هي صاحبة الدين الأكبر وتبرأ ذمتها من دين الأجرة عن الفترة المطالب بها وحتى 31/3/2003، إلا أن الحكم رفض طلبها وقضى بفسخ العقد والإخلاء تأسيساً على أن هذا المبلغ غير حال الأداء ولا تتوافر فيه شروط إعمال المقاصة قانوناً، بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأنه من المقرر أنه يجوز لمالك المبنى المنشأ اعتباراً من 31/7/1981 أن يتقاضى من المستأجر مقدم إيجار لا يجاوز أجرة سنتين بالشروط التي نصت عليها المادة السادسة من القانون رقم 136 لسنة 1981، ويقع باطلاً بطلاناً مطلقاً كل شرط أو تعاقد يتم بالمخالفة لنص المادة المذكورة، ويلزم كل من يحصل على مبالغ بالمخالفة له بردها إلى من أداها – فضلاً عن الجزاءات الأخرى والتعويض – عملاً بنص المادة 25 من ذات القانون، وأنه إذا ثارت منازعة جدية بين المالك والمستأجر في دعوى الإخلاء بسبب التأخر في الوفاء بالأجرة بشأن المبالغ الزائدة عن الأجرة التي تقاضاها الأول ويلزم بردها إلى المستأجر، تطبيقاً لحكم هاتين المادتين، فيجب على محكمة الموضوع أن تعرض لهذا الخلاف وتقول كلمتها فيه باعتبارها مسألة أولية لازمة للفصل في دعوى الإخلاء المعروضة عليها، ثم تقضي فيه بعد ذلك على ضوء ما يكشف عنه بحثها، إذ يشترط للحكم بالإخلاء لهذا السبب ثبوت تخلف المستأجر عن الوفاء بالأجرة معدلة بالزيادة أو النقصان طبقاً لما نصت عليه قوانين إيجار الأماكن، وألا تكون الأجرة متنازعاً عليها من جانب المستأجر منازعة جدية سواء في مقدارها أو استحقاقها، كما أنه من المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أنه وإن كان لمحكمة الموضوع سلطة فهم الواقع في الدعوى، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون استخلاصها قائماً على اعتبارات سائغة ومؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها، وهي تخضع لرقابة محكمة النقض في تكييف هذا الفهم، وفي تطبيق ما ينبغي تطبيقه من أحكام القانون، كما أن لهذه المحكمة الأخيرة أن تعطي الوقائع الثابتة بالحكم المطعون فيه تكييفها القانوني الصحيح، ما دامت لا تعتمد فيه على غير ما حصلته محكمة الموضوع من وقائع. لما كان ذلك، وكان البين من الأوراق وما سجله الحكم المطعون فيه أن الطاعنة تمسكت أمام محكمة الموضوع بدرجتيها بدفاع حاصله أن المطعون ضده تقاضى منها مبلغ 4000 جنيه كمقدم إيجار عند تحرير عقد إيجار الشقة محل النزاع، وهو ما يجاوز مقدم إيجار السنتين الجائز استيفاؤهما قانوناً، على أن يخصم منه نصف الأجرة المستحقة عليها بواقع 25 جنيهاً شهرياً على النحو الذي أثبته الحكم الصادر في الدعوى رقم... لسنة 1997 مدني كلي مساكن ( بني مزار)، ومن ثم يكون المطعون ضده مديناً لها بما تقاضاه منها بالزيادة عن مقدم الإيجار المسموح به قانوناً، وطلبت في دعواها المنضمة إجراء المقاصة القانونية بين هذا الدين الواجب الأداء وبين دين الأجرة المستحقة له في ذمتها توقياً للحكم بالإخلاء، مما كان يتعين على محكمة الموضوع أن تحسم هذا الخلاف قبل الفصل في دعوى الإخلاء على هدى ما تقضي به المادتان 362، 365 من القانون المدني من وجوب أن يكون الدين خالياً من النزاع محققاً لا شك في ثبوته في ذمة المدين، وأن يكون معلوم المقدار اعتباراً بأن المقاصة – على ما جرى به قضاء هذه المحكمة – تتضمن معنى الوفاء الإجباري، فلا يجبر المدين على دفع دين متنازع فيه أو غيــر معلوم مقداره، وينقضي الدينان بقدر الأقل منهما، إذ يستوفى كل دائن حقه من الدين الذي في ذمته وينصرف هذا الانقضاء إلى الوقت الذي يتلاقى فيه الدينان متوافرة فيهما شروطهما، وإذ أورد الحكم المطعون فيه رداً على دعوى الطاعنة ودفاعها سالف الذكر أن المبالغ التي تطالب بإجراء المقاصة فيها غير حالة الأداء بإجمالي المبلغ وإنما يخصم منها 25 جنيهاً شهرياً وفقاً لما اتفق عليه وقت تحرير العقد، حال أن المبالغ المسددة منها للمطعون ضده بالزيادة عن مقدم الإيجار المسموح به يجب ردها إليها، ويبطل كل اتفاق بشأنها – على ما سلف بيانه-، فإنه يكون معيباً بالخطأ في تطبيق القانون مما جره إلى إغفال بحث توافر شروط المقاصة القانونية، وأثر ذلك على اعتبار الطاعنة مدينة بالأجرة المطالب بها من عدمه توصلاً لبيان مدى صحة التكليف بالوفاء السابق على رفع الدعوى وهو دفاع جوهري من شأنه – لو صح – أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى، مما يعيبه ويوجب نقضه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق