الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 5 مايو 2023

الطعن 595 لسنة 44 ق جلسة 31 / 5 / 1978 مكتب فني 29 ج 2 ق 266 ص 1373

جلسة 31 من مايو سنة 1978

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور إبراهيم صالح، محمد الباجوري، محمود رمضان وإبراهيم فراج.

-------------

(266)
الطعن رقم 595 لسنة 44 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن". إثبات "عبء الإثبات".
التأجير من الباطن. ماهيته. وجوب أن يكون لقاء جعل. عبء إثباته على عاتق المؤجر طالب الإخلاء. عجز المؤجر عن إثبات دفع الزوج مقابلاً لزوجته المستأجرة المقيم معها. انتفاء التأجير من الباطن.
(2) إيجار. أحوال شخصية.
إقامة الزوج مع زوجته المستأجرة وانتفاعه بالسكنى معها تبعاً لحقها في شغل المسكن. اعتبار الحكم المطعون فيه أن ذلك من قبيل الإبرام أو الاستضافة ولا يتعارض مع قوانين الأحوال الشخصية. لا خطأ.
(3) إيجار "إيجار الأماكن". قانون.
وفاة المستأجر الأصلي في ظل القانون 121 لسنة 1947. عدم انطباق حكم المادة 21 ق 52 لسنة 1969 على واقعة النزاع.

----------------
1 - يقصد بالتأجير من الباطن المعنى المراد في الشريعة العامة بتأجير المستأجر حقه في الانتفاع بالعين المؤجرة إليه إلى آخر لقاء جعل يتفق عليه بينهما يستوي أن يكون التأجير من الباطن وارداً على العين المؤجرة كلها أو بعضها فإذا انعدم الدليل على وجود مثل هذا الاتفاق بين المستأجر الأصلي ومن أشركه معه أو أحله محله في الانتفاع بالعين المؤجرة أو قامت إثارة من شك في حصوله انتفى التأجير من الباطن، وإقامة الدليل تقع على عاتق الذي يدعيه. لما كان ذلك وكان الواقع في الدعوى أخذاً من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن أقام دعواه بالإخلاء على سند من أنه عقب وفاة المستأجر الأصلي ظلت زوجته المطعون عليها الأولى - وولداه - المطعون عليهما الثاني والثالث مقيمين بالشقة ثم أجروا جزءاً منها إلى المطعون عليه الرابع، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أسس قضاءه برفض الدعوى على سند من أن المطعون عليه الأخير تزوج بالمطعون عليها الثالثة وأقام معها ومع ذويها بالشقة وهو ما لم يجادل فيه الطاعن، وأنه ليس هناك اتفاق قانوني على استغلال حق الإجارة أو على تقاضي مقابل عنها، فإن ذلك كاف لنفي واقعة التأجير من الباطن ولعجز الطاعن عن إقامة الدليل عليها.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يشترط للانتفاع بالامتداد القانوني بعد وفاة المستأجر في ظل العمل بأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 أن يكون المستفيدون من هذا الامتداد سواء من الورثة أو غيرهم مقيمين عادة مع المستأجر الأصلي عند وفاته، وإذ كان الطاعن لا يماري في إقامة المطعون عليها الثالثة مع والدها بشقة النزاع عند وفاته واستمرارها في البقاء بها بعدها وكان لعقد الإيجار طابع عائلي وجماعي لا ينشد منه المنتفع بالعين - سواء كان مستأجراً أو مستفيداً مما شرعته القوانين الاستثنائية استهدافاً لحماية شاغلي الأماكن المؤجرة ولحل أزمة الإسكان المستفحلة - مجرد السكن بمفرده بل ليعيش مع أفراد أسرته ولمن يقع عليهم عبء إيوائهم قانونياً أو أدبياً، فإن إقامة المطعون عليه الرابع مع زوجته المطعون عليها الثالثة وانتفاعه بالسكنى في جزء من شقة النزاع هو انتفاع متفرع عن حق زوجته وتابع لها في استمرارها في شغلها طالما بقيت هي فيه، ومن ثم فإن تكييف الحكم المطعون فيه لإقامة المطعون عليه الرابع بأنه إيواء أو استضافة ليس فيه ما يعاب، ولا محل للتذرع بأن الزوج وليس الزوجة هو الذي يفرض عليه الشريعة تهيئة مسكن الزوجية، لأن هذا الجدل فضلاً عن خروجه عن نطاق الدعوى الماثلة المتصل سببها بالتأجير من الباطن، فإن إقامة الزوج في منزل أسرة زوجته لا يتنافى البتة - حسبما قرر الحكم - مع أحكام قوانين الأحوال الشخصية.
3 - إذ كان البين من الأوراق أن واقعتي وفاة المستأجر الأصلي ثم زواج ابنته المطعون عليها الثالثة صادفتا محلهما في غضون سنتي 1961، 1964 أي في ظل سريان أحكام القانون 121 لسنة 1947 الذي لم يكن يتضمن نصاً مماثلاً للمادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969، وكان الحكم الذي تقضي به هذه المادة ليس له من أثر رجعي فلا يسري على واقعة النزاع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى 2454 لسنة 1971 مدني أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد المطعون عليهم بطلب الحكم بإخلائهم من العين المؤجرة وتسليمها إليه خالية. وقال بياناً لها أنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 9/ 1943 استأجر منه مورث المطعون عليهم الثلاثة الأول "زوج الأولى ووالد الثاني والثالثة" شقة بالمنزل المملوك له الكائن بشارع...... وأقام بها حتى توفى في سنة 1961، ثم تبقى بها زوجته وولداه - المطعون عليهم الثلاثة الأول - ، وإذ خالفوا شروط العقد وأجروها إلى المطعون عليه الرابع رغم حظر التأجير من الباطن، فقد أقام الدعوى، أجابت المطعون عليها الثالثة بأنها لم تؤجر شقة النزاع من الباطن وأنها تزوجت المطعون عليه الرابع الذي أقام معها منذ زواجهما في 15/ 11/ 1964. وبتاريخ 23/ 3/ 1972 حكمت المحكمة برفض الدعوى استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 414 سنة 28 ق الإسكندرية طالباً القضاء له بطلباته، وبتاريخ 16/ 3/ 1974 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر، وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه على سند من أن المطعون عليه الرابع - وهو زوج المطعون عليها الثالثة - يقيم بلا أجر، وأن إقامته بالعين هي بمثابة إيواء أو استضافة من جانب زوجته المطعون عليها الثالثة بصفتها مستأجرة أصلية بعد وفاة أبيها، فلا يعد مستأجراً من الباطن، في حين أن مفاد المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 أن التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار لا يشترط فيه المقابل وقد يكون عن العين كلها أو جزء منها، وأن المقصود بالإيواء والاستضافة هو الإقامة المؤقتة لأسباب عارضة وأن الشريعة الإسلامية توجب على الزوج أن يهيئ مسكن الزوجية لا أن تهيئة الزوجة له. هذا إلى أن الفقرة جـ من المادة 23 سالفة الذكر تبرر طلب الإخلاء إذا استعمل المستأجر المكان المؤجر أو سمح باستعماله بطريقة تخالف عقد الإيجار أو تضر بالمؤجر؛ وإثقال الأعباء على العين تبعاً لازدياد الأشخاص المقيمين بها من شأنه أن يضر بالمالك مما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي مردود؛ ذلك أن النص في المادة الثانية من القانون رقم 121 لسنة 1947 - المنطبقة على واقعة الدعوى والمقابلة للمادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان المؤجر ولو عند انتهاء المدة المتفق عليها إلا لأحد الأسباب الآتية: ( أ )..... (ب) إذا كان المستأجر قد أجر من الباطن المكان المؤجر بغير إذن كتابي صريح من المالك في تاريخ التأجير....." يدل على أنه لا يجوز للمؤجر إخراج المستأجر بعد انقضاء مدة العقد الأصلية ما دام قائماً بالتزاماته؛ إلا لأحد الأسباب التي حددتها المادة ومن بينها أن يؤجر المستأجر المكان المؤجر من باطنه بدون تصريح من المؤجر. ولما كان يقصد بالتأجير من الباطن في هذا الصدد المعنى المراد في الشريعة العامة بتأجير المستأجر حقه في الانتفاع بالعين المؤجرة إليه إلى آخر لقاء جعل يتفق عليه بينهما، يستوي أن يكون التأجير من الباطن وارداً على العين المؤجرة كلها أو بعضها، فإذا انعدام الدليل على وجود مثل هذا الاتفاق بين المستأجر الأصلي ومن أشركه معه أو أحله محله في الانتفاع بالعين المؤجرة؛ أو قامت أثارة من شك في حصوله انتفى التأجير من الباطن؛ وإقامة الدليل تقع على عاتق المؤجر الذي يدعيه. لما كان ذلك وكان الواقع في الدعوى أخذاً من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن أقام دعواه بالإخلاء على سند من أنه عقب وفاة المستأجر الأصلي ظلت زوجته المطعون عليها الأولى - وولداه - المطعون عليهما الثاني والثالث - مقيمين بالشقة؛ ثم أجروا جزءاً منها إلى المطعون عليه الرابع، وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أسس قضاءه برفض الدعوى على سند من أن المطعون عليه الأخير تزوج بالمطعون عليها الثالثة وأقام معها ومع ذويها بالشقة وهو ما لا يجادل فيه الطاعن، وأنه ليس هناك اتفاق قانوني على استغلال حق الإيجارة أو على تقاضي مقابل عنها، فإن ذلك كاف لنفي واقعة التأجير من الباطن ولعجز الطاعن عن إقامة الدليل عليها. لما كان ما تقدم وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يشترط للانتفاع بالامتداد القانوني بعد وفاة المستأجر في ظل العمل بأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 أن يكون المستفيدون من هذا الامتداد سواء من الورثة أو غيرهم مقيمين عادة مع المستأجر الأصلي عند وفاته، وكان الطاعن لا يعارض في إقامة المطعون عليها الثالثة مع والدها بشقة النزاع عند وفاته واستمرارها في البقاء بها بعدها، وكان لعقد الإيجار طابع عائلي وجماعي لا ينشد منه المنتفع بالعين - سواء كان مستأجراً أو مستقيماً مما شرعته القوانين الاستثنائية استهدافاً لحماية شاغلي الأماكن المؤجرة ولحل أزمة الإسكان المستفحلة - مجرد السكنى بمفرده بل ليعيش مع أفراد أسرته ولمن يقع عليهم عبء إيوائهم قانونياً أو أدبياً، فإن إقامة المطعون عليه الرابع مع زوجته المطعون عليها الثالثة وانتفاعه بالسكنى في جزء من شقة النزاع هو انتفاع متفرع عن حق زوجته وتابع لها في استمرارها في شقتها طالما بقيت هي فيها؛ ومن ثم فإن تكييف الحكم المطعون فيه لإقامة المطعون عليه الرابع بأنه إيواء أو استضافة ليس فيه ما يعاب. ولا محل للتذرع بأن الزوج - وليس الزوجة - هو الذي تفرض عليه الشريعة تهيئته مسكن الزوجية لأن هذا الجدل فضلاً عن خروجه عن متعلق الدعوى الماثلة المتصل سببها بالتأجير من الباطن، فإن إقامة الزوج في منزل أسرة زوجته لا يتنافى البتة - حسبما قرر الحكم - مع أحكام قوانين الأحوال الشخصية. لما كان ما سلف وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن أقام دعواه على أساس مخالفة شروط العقد وتأجير العين من الباطن إلى المطعون عليه الرابع بدون إذن كتابي صريح منه وكان ما أشار إليه الطاعن عبراً في مذكرته الشارحة أمام محكمة الموضوع من أن المطعون عليه الرابع استمرأ الإقامة المجانية مع أهل زوجته وأنه يدخر مرتبه دون دفع الضرائب ويستهلك المياه والمباني؛ لا يفيد التمسك على وجه صريح جازم بأن إيواء المطعون عليه الرابع يعتبر إساءة استعمال العين المؤجرة إلى الحد الذي يخول طلب الإخلاء وفق الفقرة جـ من المادة الثانية آنفة الذكر؛ وهو أمر يخالطه واقع لا يجوز له التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض؛ ويكون النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه على سند من أن المادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969 صريحة في استمرار عقد الإيجار بالنسبة لأولاد المستأجر المتوفى دون اشتراط إقامة مدة معينة بالنسبة لهم، وأن شرط الإقامة مدة معينة مطلوب بالنسبة لأقارب الدرجة الثالثة، والمطعون عليه الرابع ليس من أولاد المستأجر الأصلي ولا من أقاربه فلا يشترط بالنسبة له الإقامة مع المستأجر الأصلي قبل وفاته، في حين أن المادة 37 من القانون المدني تنص على أن أقارب أحد الزوجين يعتبرون في نفس القرابة والدرجة بالنسبة إلى الزوج الآخر والمطعون عليه الرابع زوج المطعون عليها الثالثة ابنة المستأجر الأصل فيعتبر بهذه المثابة قريباً من الدرجة الأولى - بالنسبة للمستأجر الأصلي، وكان يتعين إقامته معه قبل وفاته - مما يعيب الحكم بمخالفة القانون.
وحيث إن النعي غير منتج، ذلك أنه لما كان البين من الأوراق أن واقعتي وفاة المستأجر الأصلي ثم زواج ابنته المطعون عليها الثالثة صادفتا محلهما في غضون سنتي 1961، 1964 أي في ظل سريان أحكام القانون 121 لسنة 1947 الذي لم يكن يتضمن نصاً مماثلاً للمادة 21 من القانون رقم 52 لسنة 1969، وكان الحكم الذي تقضي به هذه المادة ليس له من أثر رجعي فلا يسري على واقعة النزاع. لما كان ذلك وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا بني الحكم على دعامتين كل منهما مستقلة عن الأخرى، وكان يصح بناء الحكم على إحداها وحدها، فإن النعي عليه في الدعامة الأخرى يكون غير منتج، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن على سند من أن المطعون عليه الرابع لا يعتبر مستأجراً من الباطن، وأن إقامته بالعين المؤجرة بطريق التبعية لزوجته المطعون عليها الثالثة، وكان هذا كاف لحمل قضائه، فإن النعي يكون غير منتج.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق