بسم الله الرحمن الرحيم
باسم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حاكم دبي
محكمة التمييز
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم 21-12-2022 بمقر محكمة التمييز بدبي
في الطعــن رقــم 5 لسنة2022 الهيئة العامة لمحكمة التمييز
طاعن:
شركة البحيرة الوطنية للتأمين .
مطعون ضده:
المحيط الأزرق لنقل الركاب بالحافلات المؤجرة ش.ذ.م.م
حشمت على خان بركت على خان
انا اجيو
مرتضى اسماعيل رامبورى
الحكم المطعون فيه:
الصادر بالطعن رقم 2022/383 طعن مدني
بتاريخ 17-11-2022
أصـدرت الحكـم التـالي
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير التلخيص الذي تلاه بالجلسة القاضي المقررـ سعد زويل ــ والمداولة:
حيث إن الوقائـع ــ على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنين في الطعن بالتمييز رقم 392 لسنة 2022 مدني كلي أقاما المنازعة رقم 1076 لسنة 2020 منازعات تأمين دبي على المطعون ضدهم بطلب الحكم بإلزامهم بأن يؤدوا للطاعن الأول مبلغ 17،016،904(سبعة عشر مليوناً وستة عشر ألفاً وتسعمائة وأربعة دراهمٍ ) ، وأن يؤدوا للطاعنة الثانية مبلغ 5،000،000 (خمسة ملايين درهمٍ) تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية والفائدة القانونية بواقع 9% من تاريخ قيد الشكوى وحتى تمام السداد، تأسيساً على أنه بتاريخ 2/3/2020 وحال قيادة المطعون ضده الأول المركبة رقم 80937 خصوصي دبي M ــ والمملوكة للمطعون ضدها الثانية والمؤمن عليها لدى المطعون ضدها الثالثة ــ تسبب بخطئه في إصابة الطاعن الأول وأحدث به الإصابات المبينة بالتقرير الطبي المرفق ، وقد أدين قائد المركبة بحكم بات في الدعوى الجزائية رقم 667 لسنة 2020 جنح ومخالفات المرور ، وإذ حاق به وبالطاعنة الثانية ( زوجته ) أضرارٌ مادية ومعنوية من جرّاء الحادث ويقدر التعويض الجابر لها بالمبلغ المطالب به ، ومن ثم رفعا منازعتهما ، وبتاريخ 23/11/2020 قررت اللجنة إلزام المطعون ضدها الثالثة بأن تؤدي للطاعن الأول مبلغ ( 1،000،000 ) مليون درهم تعويضاً مادياً وأدبياً ، ومبلغ ( 10،000 ) عشرة آلاف درهمٍ للطاعنة الثانية تعويضاً معنوياً والفائدة القانونية بواقع 9% سنوياً من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً ، طعنت المطعون ضدها الثالثة على هذا الحكم بالدعوى رقم 2389 لسنة 2020 مدني جزئي بطلب الحكم بإلغاء القرار المطعون عليه والقضاء مجدداً بصفة أصلية بعدم اختصاص لجنة تسوية وحل المنازعات التأمينية ولائياً بنظر المنازعة الماثلة عملاً بنص المادة (4) من القرار رقم (33) لسنة 2019 الصادر عن مجلس إدارة هيئة التأمين في شأن نظام لجان تسوية وحل المنازعات التأمينية ، واحتياطياً بعدم قبول المنازعة لرفعها قبل الأوان لعدم عرض الطاعن الأول على الطب الشرعي لتحديد ما به من إصابات ونسبة العجز أو العاهات المستديمة ليتم تقدير التعويض المناسب له وفقاً لما سينتهى إليه التقرير الطبي ، وعلى سبيل الاحتياط الكلي: رفض المنازعة برمتها لعدم صحتها وثبوتها وعدم قبولها بالنسبة للطاعنة الثانية لرفعها من غير ذي صفة ، وعلى سبيل احتياط الاحتياط: بتطبيق أحكام الأرش والدية على إصابات الطاعن الأول حال تقديم تقرير طبي رسمي نهائي ورفض المطالبة بالفوائد القانونية التأخيرية بنسبة 9 % ، تأسيساً على أن القرار المطعون فيه قد صدر باطلاً لعدم اشتماله على الأسباب التي بُني عليها إذ قرر عدم اختصاص اللجنة بالنسبة للشكوى ضد المطعون ضدهما الثالثة والرابعة واختصاصها بالنسبة لها ، وبالغ في تقدير التعويض معولاً في ذلك على تقرير طبي غير معتمد وصادر من مستشفى خاص ، فضلاً عن مساهمة الطاعن الأول في إحداث الضرر ، ولم يبحث كل عنصر من عناصر التعويض على حدة ، ولم يراع في تقدير التعويض قواعد الدية والأرش المقررة ، كما قرر تعويض الطاعنة الثانية ــ زوجة الطاعن الأول ــ رغم عدم علاقتها بموضوع النزاع ، ومن ثم فقد أقامت الدعوى ، كما طعن الطاعنان على هذا القرار بالدعوى رقم 189 لسنة 2020 مدني كلي بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهم بالتضامن والتكافل والتضامم فيما بينهم بأن يؤدوا للطاعن الأول مبلغ 17.016.904 (سبعة عشر مليوناً وستة عشر ألفاً وتسعمائة وأربعة دراهمٍ) ، وأن يؤدوا للطاعنة الثانية مبلغ 200.000.00 ( مائتي ألف درهم ) أي ما جملته 17.216.904 (سبعة عشر مليوناً ومئتان وستة عشر ألفاً وتسعمائة وأربعة دراهمٍ ) والفائدة القانونية عن هذا المبلغ بواقع 9% سنوياً من تاريخ المطالبة وحتي السداد التام ، تأسيساً على أنهما لحقهما أضرارٌ مادية ومعنوية من جرّاء ذلك الحادث ، يقدر التعويض الجابر لها بالمبلغ المطالب به ، ومن ثم فقد أقاما الدعوى ،
وبتاريخ 14/03/2021 حكمت المحكمة أولاً : في الطعن رقم ( 2389 / 2020) مدني جزئي : بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد القرار المطعون فيه ، وفي موضوع الدعوى رقم ( 189/2020 ) مدني كلي : بعدم قبول الدعوى لرفعها بغير الطريق الذي رسمه القانون بالنسبة للمطعون ضدها الثالثة ، وبإلزام المطعون ضدهما الأول والثانية بالتضامن بأن يؤديا للطاعن الأول مبلغ ( 200،000 ) مائتي ألف درهم تعويضاً ، والفائدة القانونية بواقع ( 9% ) سنوياً من تاريخ صيرورة الحكم نهائياً وحتى السداد التام ، ورفضت ما عدا ذلك من طلبات ،
استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 709 لسنة 2021 مدني ، واستأنفته المطعون ضدها الثالثة بالاستئناف رقم 712 لسنة 2022 مدني ، كما استأنفته المطعون ضدها الثانية بالاستئناف رقم 718 لسنة 2022 مدني ، وبتاريخ 30 / 9 / 2021 قضت المحكمة في موضوع الاستئناف رقم ( 712 / 2021 ) بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به والقضاء مجدداً بإلغاء قرار لجنة تسوية وحل المنازعات التأمينية المطعون فيه وبرفضها ، وفي موضوع الاستئناف رقم ( 709/2021 ) بإلغاء الحكم المستأنف في هذا الشق وإعادة الدعوى لمحكمة أول درجة للفصل في موضوعها بالنسبة للمطعون ضدها الثالثة / شركة البحيرة الوطنية للتأمين ، وبوقف السير في نظر باقي أسباب الاستئناف رقم ( 709/2021 ) ، وفي موضوع الاستئناف رقم ( 718/2021 ) لحين فصل محكمة أول درجة في الشق من الدعوى المتعلق بالمطعون ضدها الثالثة ، وبعد إحالة الدعوى لمحكمة أول درجة وقيدها أمامها بذات الرقم السابق حكمت بتاريخ 17-01-2022 برفض الدعوى ، استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 199 لسنة 2022 مدني ، وقررت المحكمة ضم هذا الاستئناف للاستئنافين رقمي 709 و 718 لسنة 2021 مدني للارتباط ، وبتاريخ 7 / 7 / 2022 قضت المحكمة في الاستئناف رقم ( 199 /2022 ) بإلغاء الحكم المستأنف الصادر بتاريخ 17/01/2022 فيما قضى به من رفض الدعوى قبل الشركة المطعون ضدها الثالثة والقضاء مجددًا بإلزامها بالتضامم مع المطعون ضدهما الأول والثانية بالتعويض المقضي به في الاستئناف رقم ( 709 / 2021 ) مدني ، وفي موضوع الاستئناف رقم ( 709 / 2021 ) مدني بتعديل الحكم المستأنف محل هذا الاستئناف في شأن مبلغ التعويض المقضي به بالنسبة للطاعن الأول ، وبإلغائه فيما قضي به من رفض طلب التعويض عن الضرر الأدبي بالنسبة للطاعنة الثانية والقضاء مجدداً بإلزام المطعون ضدهما الأول والثانية بالتضامن فيما بينهما وبالتضامم مع الشركة المطعون ضدها الثالثة بأن يؤدوا للطاعن الأول مبلغ ( 1،000،000 ) مليون درهم كتعويض عن الأضرار المادية والأدبية ، وبأن يؤدوا للطاعنة الثانية مبلغ ( 10،000 ) عشرة آلاف درهمٍ كتعويض عن الضرر الأدبي ، وفي موضوع الاستئناف رقم ( 718 /2021 ) مدني بتعديل الحكم المستأنف محل هذا الاستئناف في شأن مقدار الفائدة المقضي بها بجعلها ( 5% ) وبتأييده فيما عدا ما تقدم بالبند ( ثانياً ) ،
طعنت المطعون ضدها الثالثة ( المدعى عليها) في هذا الحكم بالتمييز رقم 383 لسنة 2022 مدني بصحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بتاريخ 3 / 8 / 2022 طلبت فيها الحكم ببطلان الحكم المطعون فيه والحكم بعدم اختصاص لجنة تسوية وحل المنازعات التأمينية ولائياً بنظر المنازعة الماثلة واحتياطياً عدم قبول المنازعة لرفعها قبل الأوان ، وعلى سبيل الاحتياط الكلي رفض المنازعة برمتها ، كما طعن الطاعنان في ذات الحكم بالطعن بالتمييز رقم 392 لسنة 3033 مدني بصحيفة أودعت مكتب إدارة الدعوى بتاريخ 4 / 8 / 2022 طلبت فيها نقضه ، قدم محامي المطعون ضدها الثالثة مذكرة بدفاعها في الميعاد طلب فيها رفض الطعن، وإذ عُرض الطعنان على الدائرة المدنية الأولى المختصة بهذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنهما جديران بالنظر وحددت جلسة لنظرهما ، وبها ضمت الطعن الثاني للطعن الأول للارتباط وليصدر فيهما حكم واحد ، ثم قررت بجلستها المعقودة بتاريخ 17 / 11 / 2022 وعملاً بنص الفقرة الثانية من البند (أ ) من المادة (20 ) من القانون رقم 13 لسنة 2016 بشأن السلطة القضائية في إمارة دبي إحالتهما إلى الهيئة العامة لمحكمة التمييز للنظر في العدول عن المبدأ الذي قرره حكم التمييز السابق رقم 147 لسنة 2021 مدني " بأن اختصاص لجان تسوية المنازعات التأمينية قاصرٌ على المنازعات التأمينية التي تكون مع شركة التأمين فقط يطالبها فيها المؤمن لهم والمستفيدون والمتضرّرون بما لهم من حقوق قبلها فيخرج من اختصاص هذه اللجان الأنزعة التي تتضمن مع شركة التأمين أطرافًا آخرين ليسوا خصومًا للشركة ولم يوجهوا لها أية طلبات ولا تتعلق المطالبة بضمان شركة التأمين للضرر المؤمن منه ، ورتب على ذلك أن المنازعة تكون برمتها من اختصاص المحاكم صاحبة الولاية العامة حتى ولو كانت في شق منها تختص به اللجان وطالما أن هؤلاء الأطراف الآخرين في النزاع يعدّون خصومًا حقيقيين ولم يقصد من جلبهم التحايل و إخراج المنازعة من اختصاص اللجان ، ذلك أن اختصاص لجان حل وتسوية المنازعات التأمينية هو اختصاص استثنائي ولذا يتعين الالتزام بحدوده وعدم تجاوز ما عناه القانون في تحديده للمنازعات التي تدخل في اختصاص اللجنة ، لما في ذلك من الافتئات على الاختصاص الأصيل للمحاكم صاحبة الولاية العامة وهي مسالة متعلقة بالنظام العام .
لما كان ذلك وكان المطعون ضدهما الأول والثانية لم يقتصرا في شكواهما أمام لجنة تسوية وحل المنازعات التأمينية على مخاصمة شركة التأمين الطاعنة وإنما وجّها مطالبتهما بالتعويض إليها وإلى شركة السياحة المطعون ضدها الثالثة مالكة السيارة مرتكبة الحادث المؤمن منه ، فإن المنازعة بهذه المثابة تخرج برمتها عن اختصاص لجنة التأمين وينعقد الاختصاص بها للمحاكم صاحبة الولاية العامة ، وإذ تصدّت لجنة التأمين للفصل في النزاع وألزمت شركة التأمين الطاعنة بالتعويض الذي قدرته وأيّد الحكم المطعون فيه قرارها ، فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه.
وحيث إنه بعد إعادة قيد الطعنين برقم 5 لسنة 2022 هيئة عامة حددت جلسة لنظرهما.
--------------
وحيث إن النص في المادة 4 من قرار رئيس مجلس إدارة هيئة التأمين رقم 33 لسنة 2019 بشأن نظام لجان تسوية وحل المنازعات التأمينية على أنه " تختص اللجان بتسوية وحل المنازعات التأمينية لكافة أنواع وفروع التأمين الناشئة عن شكاوى المؤمن لهم أو المستفيدين أو المتضررين أصحاب الصفة أو المصلحة في المنازعة التأمينية ضد الشركة فقط ومهما كانت قيمتها سواء كانت مقدرة القيمة أو غير مقدرة القيمة " يدل على أنه وإن كان للمؤمن لهم أو المستفيدين أو المتضررين أصحاب الصفة أو المصلحة في المنازعة التأمينية الحق في رفع الدعوى أمام المحاكم صاحبة الولاية العامة في حالة اختصام آخرين مع شركة التأمين كالمتسبب في حصول الضرر والمسؤول عنه بحسب الأحوال ، إلا هذا القرار قد تضمن أنه في حال رفع سالفي الذكر منازعتهم أمام لجان تسوية المنازعات التأمينية على شركة التأمين لمطالبتها بما لهم من حقوق قبلها أن تكون المنازعات التأمينية قاصرة على الشركة فقط ، ولما كان النص في الفقرة الثانية من المادة 13 من اللائحة التنظيمية لقانون الإجراءات المدنية ــ المعمول بها في تاريخ إصدار هذا الحكم ـــ على أنه " وإذا كان الإجراء باطلاً في شق منه فإن هذا الشق وحده الذي يبطل " فهي تنظم انتقاص العمل الباطل بحيث إذا كان شق من الإجراء غير معيب فإنه يمكن أن يبقى صحيحاً رغم تعييب الآخر ولا يرد هذا إلا على العمل الإجرائي المركب من أجزاء قابلة للتجزئة أو الانقسام دون العمل الإجرائي البسيط أو غير القابل للتجزئة أو الانقسام فتعييب شق من العمل الإجرائي من هذا النوع الأخير يؤدّي إلى بطلان العمل الإجرائي كله ، وكان الطاعنان في الطعن بالتمييز رقم 392 لسنة 2022 مدني كلي أقاما المنازعة رقم 1076 لسنة 2020 منازعات تأمين دبي على كل من شركة التأمين ومالك وسائق المركبة المتسببة في الحادث بطلب التعويض عما حاق بهما من أضرار استناداً إلى وثيقة التأمين بالنسبة لشركة التأمين وإلى المسؤولية التقصيرية لكلٍّ من مالك وسائق المركبة ، فإنهما يكونان ملتزمين بدين واحد له مصدران مختلفان، ومن ثم تتضامم ذمتاهما في هذا الدين دون أن تتضامن ،ويكون موضوع الدعوى قابلاً للتجزئة ، لازم ذلك ومقتضاه أنه إذا عُرضت المنازعة التأمينية ــ القابل موضوعها للتجزئة ــ على لجان حل وتسوية المنازعات التأمينية وقد تضمنت أطرافاً أخرى مع شركة التأمين لا تتعلق المطالبة قبلهم بضمان تلك الشركة للضرر المؤمن منه ، فإن ذلك لا ينال من اختصاص هذه اللجان بنظرها طالما أن المنازعة قد رُفعت صحيحة على شركة التأمين واكتملت لها موجبات قبولها رغم عدم قبولها بالنسبة لمن لا يجوز اختصامهم أمام تلك اللجان ، وذلك تغليباً لموجبات صحة إجراءات الدعوى واكتمالها على أسباب بطلانها أو قصورها باعتبار أن الغاية من الإجراءات هي وضعها في خدمة الحق وذلك بتمكين الصحيح من الباطل ليصححه لا تسليط الباطل على الصحيح فيبطله.
وحيث إن الهيئة العامة لمحكمة التمييز قد انتهت بالأغلبية المنصوص عليها في الفقرة (ب) من المادة (20) من القانون رقم 13 لسنة 2016 بشأن السلطة القضائية إلى الأخذ بالمبدأ الجديد الذي أقرته والعدول عن المبدأ الذي قرره حكم التمييز السابق رقم 147 لسنة 2021 مدني والفصل في الطعنين على هذا الأساس.
وحيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية
وحيث إن الطعن رقم 383 لسنة 2022 مدني أقيم على سبعة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، إذ خالف الحكم البات الصادر في الاستئناف رقم 712 لسنة 2021 مدني بتاريخ 30/9/2021، بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به والقضاء مجدداً بإلغاء قرار لجنة تسوية وحل المنازعات التأمينية المطعون فيه وبرفضها في مواجهتها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن من الأصول المقررة أن قضاء الحكم ليس هو منطوق الحكم وحده، وإنما هو ذات القول الفصل في الدعوى أيًّا كان موضعه سواء كان في الأسباب أو في المنطوق، باعتبار أن أسباب الحكم المرتبطة بمنطوقه ارتباطاً وثيقاً وحدة واحدة لا تتجزأ يرد عليها ما يرد على المنطوق من قوة الأمر المقضي، وأسباب الحكم تكون دائماَ هي المرجع في تفسير منطوقه وتحديد مداه والوقوف على حقيقة ما فصلت فيه المحكمة. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 30/ 9 / 2021 قد قضى برفض المنازعة التأمينية بالنسبة للمطعون ضدهما الثالثة والرابعة لعدم وجوب اختصامهما أمام لجان تسوية وحل المنازعات التأمينية لكون مطالبتهما تستند إلى أحكام المسئولية التقصيرية وليس واقعة التأمين ، فلا تعدُّ من قبيل المنازعات التأمينية التي تختص بها لجان تسوية وحل المنازعات التأمينية وينعقد الاختصاص بنظر الدعوى بالنسبة لهما للمحاكم صاحبة الولاية ، وبالتالي فإن قضاء الحكم المطعون فيه الصادر بتاريخ 7 / 7 / 2022 بإلزام الشركة الطاعنة بالتضامن مع سائق ومالك المركبة بأن يؤدوا للمطعون ضده الأول مبلغ 1،000،000 درهم كتعويض عن الأضرار المادية والأدبية ، وبأن يؤدوا للمطعون ضدها الثانية مبلغ 10،000 درهم كتعويض عن الضرر الأدبي لا يتعارض أو يتناقض مع الحكم السابق وفقاً للأسباب التي ترتبط بالمنطوق في كلا الحكمين ، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه لا يستند إلى أساسٍ قانونيٍّ سليمٍ .
وحيث إن الطاعنة تنعى باقي أوجه الطعن رقم 383 لسنة 2022 مدني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، إذ قرر مسؤوليتها رغم عدم عرض المطعون ضده الأول على الطب الشرعي لتحديد ما حاق به من إصابات ونسبة العجز ليتم تقدير التعويض المناسب له وفقاً لما خلُص إليه من تقرير طبي نهائي ، وعوّل على تقرير طبي غير معتمد صادر من مستشفى خاص يحتمل فيه شبهة مجاملة ومحاباة للمطعون ضده الأول ،وأن زعم الأخير بأن إصاباته جسيمة وتسببت في فقده الوعي والشلل النصفي تبيّن عدم صحتها ، ذلك أن الثابت بتقرير الشرطة وبالحكم الجزائي أن المطعون ضده الأول قد تم تدوين أقواله وهو بكامل وعيه ، وأنه بعد الحادث بقرابة شهرين و نصف أصدر توكيل لوكيله القانوني ، وأن الثابت من بطاقة الهوية الإماراتية الخاصة به ومن تجديد إقامته بجواز سفره أنه ما زال على رأس عمله ولم يُفْصل منه ، وأن الحكم لم يراع في تقدير التعويض مساهمة المطعون ضده الأول في وقوع الحادث من خلال عدم التزامه بالمسار المخصص لراكبي الدراجات الهوائية وقضى للمطعون ضدهما بتعويض جزافي مجمل دون بيان أسس هذا التقدير ولم يُعمل قواعد الدية والأرش المقررة شرعاً ،كما قضى بالتعويض عن الأضرار الأدبية رغم شمولها بالتعويض عن الأضرار الجسدية ، وأن الحكم ساير قرار اللجنة في القضاء بتعويض للمطعون ضدها الثانية رغم عدم وجود صفة لها في رفع المنازعة لأنه لم يثبت وجودها بمسرح الحادث ، وأنه لم يثبت ما يفيد عجز المطعون ضده الأول جنسياً بشكل قاطع ، ومن ثم فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن حاصل ما ينعى به الطاعنان ــ في الطعن رقم 392لسنة 2022 مدني ــ على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت والقصور في التسبيب، إذ قضى بمبلغ تعويض - يتناسب مع الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بهما، وأنهما قدما مستندات تثبت مدى الضرر الذي أصابهما ، إذ أصبح الطاعن الأول طريح الفراش وعاجزاً عن الحركة وتنوع عجزه ما بين عجز كلي دائم وجزئي دائم وعجز جزئي مؤقت ، وأنه أجرى العديد من العمليات الجراحية ونتج عن الحادث إصابته بعدة إعاقات وإنهاء عقد عمله وفقده مورد رزقه ولم يتمكن من الالتحاق بأي عمل آخر ، وأن الحكم قضي للطاعنة الثانية بتعويض بمبلغ 10?000 درهم ، لا يتناسب مع ما أصابها من أضرارٍ أدبيةٍ وهي ترى شريك حياتها طريح الفراش وقد أصبح عجزه دائماً وقد حرمت من حقوقها الزوجية ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بما يستوجب نقضه .
وحيث إن النعي بأسباب الطعنين في جملته مردود ، ذلك أن من المقرر ــ في قضاء هذه المحكمة ــ إعمالاً لنص المادتين (( 50 )) من قانون الإثبات و (( 269 )) من قانون الإجراءات الجزائية أن للحكم الجزائي البات الصادر في موضوع الدعوى الجزائية بالإدانة أو بالبراءة حجية تلتزم بها المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فُصل فيها بحكم بات فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها فإذا فصلت المحكمة الجزائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحكمة المدنية أن تعيد بحثها ويتعيّن عليها أن تلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها ، وامتنع إعادة بحثها لما يترتب على ذلك من مخالفة الحجية التي حازها الحكم الجزائي السابق وهي حجية تسري على الكافة ولو لم يكونوا خصوماً في الدعوى الجزائية فإذا ما أثبت الحكم الجزائي توافر الخطأ في جانب المتهم وقضى بإدانته فإنه لا يقبل منه إعادة إثارة المنازعة أمام المحكمة المدنية لنفي خطأ المتهم أو أن خطأ المجني عليه استغرق خطأ المتهم ، ومن المقرر أن لكل شخص الحق في سلامة جسده والتعدّي عليه وإحداث إصابات به يُعد ُّ ضرراً يُوجب التعويض عنه وهو نوع من أنواع الضرر المادي الذي يلحق بالمضرور ولو لم يترتب عليه المساس بقدرته على الكسب أو تكبده خسائر أو نفقات في العلاج وهذا الضرر الجسماني المعبر عنه بجراح الجسد يشمل التعويض عن العجز الصحي المؤقت والعجز الجزئي الدائم وأن تحقق الأذى الجسماني يصاحبه آلام جسدية وينشأ عنه آلام نفسية وحزناً وغماً وأسى وهذا هو الضرر المعنوي الذي يسوغ التعويض عنه ، ومن المقرر أيضاً أن تحديد عناصر الضرر وتقدير التعويض الجابر له من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع ما دامت أنها بيّنت عناصر الضرر التي تدخل في حساب التعويض ومدى أحقية المضرور في التعويض عنها ، ومن المقرر أيضاً أنه لا يوجد ما يمنع من تقدير التعويض عن الضرر المادي في ضوء ما تنص عليه المادة 292 من قانون المعاملات المدنية بقدر ما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب، ولو جاوز التعويض الذي يقدر طبقاً لهذا النص قيمة الأرش ، ومن المقرر أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تحصيل وفهم الواقع في الدعوى وفي تقدير الأدلة المقدمة ومنها تقارير الخبرة الطبية المقدمة في الدعوى ، فلها الأخذ بها واستخلاص ثبوت الضرر منها متى اطمأنت إليها ورأت فيها ما يقنعها ويتفق مع ما ارتأت أنه وجه الحق في الدعوى ، كما أنها صاحبة السلطة في استخلاص علاقة السببية بين الخطأ والضرر وفي تقدير مدى مساهمة المضرور أو الغير في إحداث الضرر الذي ارتكبه الفاعل متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة بما له أصل ثابت بالأوراق، ويقع عبء إثبات مساهمة المضرور أو الغير على عاتق من يدعي توافر هذه المساهمة ، لما كان ذلك ، وكانت المحكمة المطعون في حكمها بعد أن عوّلت على الحكم الجزائي البات رقم ( 667/2020 ) جنح ومخالفات المرور في ثبوت خطأ قائد المركبة المتسببة في الحادث لقيادته المركبة دون حذر وانتباه وترك مسافة كافية مما أدّى إلى صدمه المضرور ، مارست سلطتها في تقدير لجنة تسوية وحل المنازعات التأمينية ومحكمة أول درجة لمبلغ التعويض المطالب به ورأت أن مبلغ التعويض لا يكافئ الأضرار التي حاقت بالمضرورين فقررت زيادة المبلغ المقضي به على ما أوردته في أسباب حكمها من أن (( ما أثارته المستأنفة بأن خطأ المضرور ( المستأنف ضده الأول ) هو السبب المباشر في إحداث الضرر توصلاً لنفي الخطأ عن قائد المركبة تابعها وبالتبعية انتفاء مسئوليتها عن التعويض ... فيه مناقضة لحجية الحكم الجزائي رقم 667 لسنة 2020 جنح ومخالفات المرور والذي أصبح نهائياً وباتاً بفوات مواعيد الطعن عليه والقاضي بإدانة المستأنف ضده الرابع تابع المستأنفة لتسببه في إحداث إصابة المستأنف ضده الأول لقيادته المركبة دون حذر وانتباه وترك مسافة كافيةٍ مما أدّى إلى صدمه المضرور ، ...
وبخصوص ما تمسك به كل مستأنف في الاستئنافين رقمي 709 و718 لسنة 2021 مدني تعييباً علي قضاء الحكم المستأنف في شأن تقديره لمبلغ التعويض المحكوم به ....لما كان الثابت من مطالعة صورتي التقريرين الطبيين الصادرين من مستشفى راشد وكذلك المستشفى الأمريكي بدبي أنهما قد بيّنا إصابات المستأنف الأول في الاستئناف رقم 709 لسنة 2021 مدني منها ما ترتب عليه إعاقة جزئية دائمة تمثلت في عيوب في الحقل البصري للعينين ، وشلل أُحادي في الطرف الأيمن ، وضعف الانتصاب ، وزيادة معدلات التبول والسلس البولي ، كما يعاني من إعاقة كاملة مؤقتة تمثلت في ضعف للطرف السفلي الأيمن ، فضلاً عن أنه يعاني من مشاكل شديدة في الإدراك والذاكرة واكتئاب وقلق ويحتاج إلى العلاج النفسي والعصبي ولا يستطيع الحركة والتنقل دون مساعدة ، ويحتاج للعلاج الطبيعي )) وكانت المحكمة تطمئن إلى هذين التقريرين الطبيين وتأخذ بهما وتعول عليهما في بيان الإصابات التي لحقت بالمستأنف الأول أصلياً بما لا ترى معه موجباً بندب طبيب آخر لإعادة فحصه بعد أن وجدت فيهما ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل في موضوعها ، ولما كانت تلك الإصابات التي لحقت بالمستأنف الأول أصلياً تُعد أضرارًا ماديةً وجسديةً ، كما أصابه أضرارٌ أدبية تمثلت فيما ألمّ به من آلام نفسية وحزن وأسى ولوعةٍ جرّاء ما لحقة من إصابات جسيمة إلا أن في مجال تقديرها للتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بالمستأنف الأول أصلياً في ضوء جسامة تلك الإصابات على نحو ما سلف بيانه ، فإن المحكمة ترى زيادة مبلغ التعويض للمستأنف الأول بجعله مبلغًا وقدره ( 1،000،000 ) مليون درهم وترى في أن هذا التقدير هو التعويض المناسب والملائم والكافي لجبر ما أصابه من أضرار مادية وجسدية وأدبية ، وإذ خلت الأوراق من ثمة دليل على إصابة المستأنفة الثانية زوجة المضرور بأضرارٍ مادية من جرّاء إصابة الأخير مما يتعين رفض طلبها بالتعويض عن تلك الأضرار، إلا أنها قد لحقها أضرارٌ أدبية تمثلت فيما ألمّ بها من آلام نفسية وحزن وأسى ولوعةٍ جرّاء ما لحق زوجها المضرور من إصابات جسيمة من جرّاء ذلك، ومن ثم فإن المحكمة تقدر لها مبلغ ( 10.000) عشرة آلاف درهم كتعويض كافي وجابر لما أصابها من أضرار أدبية بما لازمه إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى برفض طلبها عن التعويض عن الضرر الأدبي والقضاء مجدداً به ))، وإذ كان هذا الذي خلُص إليه الحكم المطعون فيه سائغاً وله أصل ثابت بالأوراق ولا مخالفة فيه للقانون وكافياً لحمل قضائه ومما يدخل في نطاق سلطة محكمة الموضوع في بيان عناصر الضرر وفي تقدير التعويض المستحق للمضرورين ، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بأسباب الطعنين لا يعدو أن يكون مجرد جدل فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره واستخلاصه من واقع الأدلة المطروحة عليها في الدعوى بغرض الوصول إلى نتيجة مغايرة لتلك التي انتهت إليها ، وهو ما لا يُقبل إثارته أمام محكمة التمييز .
وحيث إنه ولما تقدم يتعيّن رفض الطعنين.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة منعقدة بالهيئة العامة برفض الطعنين وألزمت كلَّ طاعن بمصروفات طعنه وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة مع مصادرة مبلغ التأمين في كل طعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق