الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 4 مايو 2023

الطعن 5 لسنة 14 ق جلسة 2 / 11 / 1944 مج عمر المدنية ج 4 ق 155 ص 431

جلسة 2 نوفمبر سنة 1944

برياسة حضرة نجيب مرقس بك المستشار وبحضور حضرات: أحمد نشأت بك ومحمد المفتي الجزايرلي بك وأحمد محمد حسن بك وأحمد علي علوبة بك المستشارين.

---------------

(155)
القضية رقم 5 سنة 14 القضائية

أ - نقض وإبرام. حكم. إعلانه. 

طلب المحكوم له إلى المحكوم عليه أن ينفذ الحكم بالطريق الودي. هذا منه لا يدل على قبوله الحكم ورضائه به، مما يفيد تنازله عن حقه في الطعن فيه.
ب - حجز ما للمدين لدى الغير. 

الغرض الذي ترمي إليه المادة 429 مرافعات. ترتيب جزاء على المحجوز لديه الذي يعمل على حرمان الحاجز من حقه، وتعويض للحاجز عما يصيبه من ضرر. هذا الجزاء أو التعويض لا يكون، على الإطلاق، بقدر المبلغ المحجوز، الحكم على المحجوز لديه بدفع بعض هذا المبلغ أو الحكم بعدم إلزامه بشيء منه. كلاهما جائز. تقدير ذلك يكون على حسب ظروف كل دعوى.
(المادة 429 مرافعات)

--------------
1 - إذا كان المحكوم له، عقب صدور الحكم، لم يصدر منه إلا أنه أعلنه إلى المحكوم عليهم، ثم أرسل إليهم وكيله المحامي كتاباً يدعوهم فيه إلى تنفيذه بالطريق الودي وبدفع المبالغ المحكوم بها، فهذا منه لا يدل على أنه قبل الحكم ورضيه وتنازل بذلك عن حقه في الطعن عليه بطريق النقض. وخصوصاً إذا كان الوكيل قد حرص على أن يذكر في المخالصة التي أثبتها على الصورة التنفيذية للحكم: "وذلك مع حفظ كافة الحقوق الأخرى"، فإن حق الطعن بطريق النقض يدخل في مدلول تلك الحقوق.
2 - إن القانون إذ أجاز بالمادة 429 مرافعات الحكم على المحجوز لديه، متى ثبت غشه وتدليسه، بدفع القدر الواقع به الحجز، إنما أراد أن يرتب جزاءً على المحجور لديه إذا ما تعمد العمل على حرمان الحاجز من استيفاء حقه، وتعويضاً للحاجز عما يكون قد أصابه من ضرر. لكن ذلك ليس القصد منه أن استحقاق المحجوز لديه للجزاء والحاجز للتعويض يكون على الإطلاق، في كل الأحوال، بقدر المبلغ المحجوز كاملاً. إذ قد يكون الحاجز لم يصبه ضرر ما، أو قد يكون أصابه ضرر ولكن يسير، كأن يكون قد استوفى حقه كله أو بعضه من طريق آخر، أو قد يتبين أن ما في ذمته ليس إلا قدراً ضئيلاً بالنسبة إلى القدر المحجوز به، أو قد يكون أوقع من أجل دينه الواحد تحت يد عدة أشخاص حجوزاً كل واحد منها بقدر الدين كله، إلى غير ذلك من الحالات التي حدت بالشارع في هذا النص على ألا يجعل الحكم على المحجوز لديه بالقدر الواقع به الحجز وجوبياً، مما مفاده أنه كما يجوز إلزام المحجوز لديه بالقدر المحجوز به كله أو عدم إلزامه بشيء يجوز أيضاً إلزامه بجزء منه فقط. وذلك حسبما يتراءى للمحكمة من ظروف كل دعوى وملابساتها ومقتضى الحال فيها.


الوقائع

تتحصل وقائع هذا الطعن في أن الطاعن رفع الدعوى رقم 175 سنة 1928 بمحكمة طنطا الابتدائية على محمد أحمد عبد الغفار طالباً الحكم عليه بمبلغ 1000 ج قيمة سند مستحق الدفع في 31 ديسمبر سنة 1927 مع الفوائد بواقع 9% من تاريخ الاستحقاق حتى الوفاء. وأثناء سير الدعوى وصل إلى علم الطاعن أن المدين محمد أحمد عبد الغفار باع إلى إسماعيل بك الملواني مورث المطعون عليهم أطياناً بثمن يبلغ نحو 18000 ج وأنه لم يدفع إلا قدراً يسيراً منه دون أكثره الذي لا يزال في ذمته. فاستصدر الطاعن أمراً بتوقيع الحجز التحفظي تحت يد الملواني بك على ما يكون في ذمته للمدين من ثمن الأطيان، ووقع الحجز بتاريخ 17 مارس سنة 1928 وعينت جلسة 11 إبريل سنة 1928 للحكم بتثبيته.
وبجلسة 3 مايو سنة 1928 قرر الحاضر عن الملواني بك أنه ليس في ذمة موكله شيء مطلقاً للمدين وأن البيع لم يتم بالكلية. وفي هذه الجلسة صدر الحكم بإلزام المدين بدفع مبلغ 1000 جنيه مع الفوائد بواقع 6% من تاريخ 31 ديسمبر سنة 1927 لحين الوفاء والمصاريف و300 قرش أتعاباً للمحاماة وبتثبيت الحجز التحفظي الموقع تحت يد إسماعيل بك الملواني وجعله نافذاً.
وفي 19 سبتمبر سنة 1934 رفع الطاعن الدعوى رقم 75 سنة 1935 بمحكمة طنطا الابتدائية على إسماعيل الملواني بك طالباً الحكم عليه شخصياً بمبلغ 1634 ج و130 م (تفصيله 1000 ج قيمة السند و600 ج فوايد لغاية يوليه سنة 1934 ر31 ج و130 م قيمة المصاريف الرسمية المدفوعة و300 قرش أتعاب المحاماة) مع الفوائد بواقع 9% من أول أغسطس سنة 1934 لحين الوفاء مستنداً إلى أن الإقرار الصادر عنه بجلسة 3 مايو سنة 1928 كان غير صحيح ومشوباً بالغش والتدليس بقصد الإضرار بالطاعن. وبتاريخ 18 إبريل سنة 1935 حكم برفض الدعوى لأنه تبين للمحكمة أن شراء الملواني بك لأطيان محمد أحمد عبد الغفار صدر به عقد بيع ابتدائي يوم 26 فبراير سنة 1928 ذكر فيه أن الثمن 17600 ج دفع منه يومئذ 1000 ج ثم 2000 يوم 3 مارس سنة 1928، والباقي اتفق في العقد على أن يقوم المشترون بدفعه في الديون المسجلة على الأطيان المبيعة والأطيان الأخرى المرهونة معها، فإقراره يوم 3 مايو سنة 1928 بأنه ليس في ذمته شيء يكون صحيحاً. يؤيد ذلك سكوت المدعي عن رفع دعواه من سنة 1928 حتى سنة 1934.
فرفع الطاعن استئنافاً عن هذا الحكم على ورثة الملواني بك طلب به إلغاء الحكم المستأنف وإلزام ورثة المرحوم إسماعيل الملواني بك بأن يدفعوا من تركة مورثهم مبلغ 634 ج و130 م والفوائد بواقع 9% من أول أغسطس سنة 1934 لحين الوفاء والمصاريف عن الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماة - ومحكمة الاستئناف رأت أنه كان يجب على الملواني بك أن يقرر الواقع كما هو ولا ينكر حصول البيع بالكلية، كما أنه قد كذب أيضاً في تقريره بجلسة 3 مايو سنة 1928 أنه ليس للمدين شيء في ذمته إذ أنه من يوم هذا الإقرار لم يكن قد دفع فعلاً شيئاً من باقي الثمن، وكون هذا الباقي متفقاً على دفعه للبنك لا ينفي أنه في ذمته ما دام لم يدفعه. على أنه عمد إلى دفع مبلغ 7090 ج منه في اليوم التالي للإقرار ولحكم تثبيت الحجز، وذلك المبلغ جزء من باقي الثمن لا كله. واستخلصت المحكمة أيضاً من مكاتبات البنك العقاري أن باقي الثمن لم يخصص فعلاً لوفاء الديون التي كانت على الأطيان المبيعة دون سواها مما يقطع في تواطؤ مورث المستأنف عليهم مع المدين إضراراً بالمستأنف، وأن إقراره بجلسة 3 مايو سنة 1928 كان كاذباً، وأنه تعمد إخفاء بيان ما في ذمته غشاً وتدليساً "مما يستلزم الحكم عليه بدفع القدر الذي وقع الحجز عليه طبقاً للحكم الصادر بتثبيت الحجز بتاريخ 3 مايو سنة 1928 وهو ألف جنيه وفوائده بواقع 9% سنوياً من تاريخ الاستحقاق الحاصل في 31 ديسمبر سنة 1927 مع الاكتفاء بسريان هذه الفوائد إلى يوم صدور الحكم سالف الذكر لأن ذلك هو المبلغ الذي فوته مورث المستأنف عليهم فعلاً على المستأنف بفعله، دون حساب الفوائد المترتبة للمبلغ المذكور بعد ذلك التي لا ترى المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها محلاً للحكم بها". وبتاريخ 14 إبريل سنة 1943 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام المستأنف عليهم بأن يدفعوا من تركة مورثهم المرحوم إسماعيل بك الملواني للمستأنف مبلغ ألف جنيه مصري وفوائد هذا المبلغ بواقع 9% سنوياً من تاريخ 31 ديسمبر سنة 1927 لغاية 3 مايو سنة 1928 وألزمتهم بكامل المصاريف عن الدرجتين وبمبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة.
لم يعلن هذا الحكم إلى الطاعن وقد قرر الطعن فيه بطريق النقض في 30 من نوفمبر سنة 1943 بتقرير أعلن للمطعون ضدهم إلخ إلخ.


المحكمة

من حيث إن المطعون عليهم يدفعون بعدم قبول الطعن شكلاً بمقولة إن الطاعن قبل الحكم المطعون فيه ورضيه بعد صدوره مما يفيد تنازله عن حقه في الطعن فيه بطريق النقض، مستندين إلى خطاب مرسل إليهم منه.
وحيث إن نص هذا الخطاب هو "حضرة صاحب العزة إبراهيم بك الملواني بعد التحية. حاولت الاتصال بكم تلفونياً بخصوص تنفيذ الحكم الصادر من محكمة الاستئناف لموكلي محمد أفندي أمين نور الدين ضد ورثة المرحوم إسماعيل بك الملواني بتاريخ 14 إبريل سنة 1943 والمعلن لجميع الورثة. ولكن مع الأسف لم أجدكم، وسبق أن تكلمت مع الأستاذ محمد بك نجيب محمد المحامي وأرسلت له خطاباً بتاريخ 13 يونيو سنة 1943 بخصوص التنفيذ بالطريق الودي. فأرجو الاتفاق على ميعاد لدفع المبالغ المحكوم بها ودياً حيث إني فضلت الاتصال المباشر قبل السير في إجراءات التنفيذ. وفي انتظار الرد تفضل بقبول التحية. حنفي أبو العلا المحامي (إمضاء) حرر في 29 يونيو سنة 1943". وليس في ذلك ما يدل على تنازل الطاعن عن حقه في الطعن بل إن وكيله قد حرص - في المخالصة التي أثبتها على الصورة التنفيذية للحكم - على أن يذكر "وذلك مع حفظ كافة الحقوق الأخرى". وبطبيعة الحال فإن حق الطعن بطريق النقض يدخل تحت مدلول تلك الحقوق.
وحيث إنه لذلك يتعين رفض هذا الدفع. ولما كان الطعن قد حاز شكله القانوني فيكون مقبولاً شكلاً.
وحيث إن سبب الطعن يتحصل في أن المحكمة إذ قضت بالفوائد حتى 3 مايو سنة 1928 فقط لا لغاية الوفاء تكون لم تحكم بكل القدر الذي وقع الحجز عليه، لأن الحكم الصادر يوم 3 مايو سنة 1928 بتثبيت الحجز الحاصل عن مبلغ ألف جنيه قضى بفوائد هذا المبلغ بواقع 9% من تاريخ الاستحقاق في 31 ديسمبر سنة 1927 لحين الوفاء. وبذلك تكون قد أخطأت في تطبيق المادة 429 مرافعات التي تجعل المحكمة ملزمة - في حالة مساءلة المحجوز لديه بمقتضاها - بأن تحكم عليه بكل القدر الذي وقع الحجز بسببه كاملاً غير منقوض.
وحيث إن القانون أراد بالمادة 429 مرافعات إلزام المحجور لديه متى ثبت غشه وتدليسه بدفع القدر الواقع به الحجز جزاءً وفاقاً لعمله على حرمانه الحاجز من استيفاء حقه وتعويضاً للحاجز عن الضرر الواقع له بذلك، لكن استحقاق كل ذلك الجزاء وكل ذلك التعويض ليس مضطرداً على حد سواء في جميع الدعاوى. فقد يبين أن الحاجز لم يصبه ضرر، أو إنما أصابه ضرر جزئي كأن يكون الحاجز قد استوفى حقه كله أو بعضه من طريق آخر. وقد يبين أن المحجوز لديه ليس في ذمته شيء للمدين، أو أن الذي في ذمته شيء تافه بالنسبة إلى القدر المحجوز به. وقد يكون الحاجز نفسه أوقع من أجل دين واحد حجوزات كل منها بقدر الدين كله تحت يد عدة أشخاص، إلى غير ذلك من الحالات التي يتجلى فيها أن استحقاق كل محجوز لديه للجزاء، واستحقاق الحاجز للتعويض في كل حجز بقدر المبلغ المحجوز كاملاً، ليس من العدل والإنصاف. فمن أجل ذلك جاء النص بجواز الحكم عليه بالقدر الواقع به الحجز، مما يتضمن طبعاً إلزامه بالقدر المحجوز به كله أو بعضه فقط أو عدم إلزامه بشيء منه. وذلك متروك لتقدير المحكمة حسبما يتراءى لها من ظروف كل دعوى وملابساتها ومقتضى الحال فيها. ولا سبيل بعد ذلك إلى القول بأن القاضي مقيد إما بالحكم بالقدر كله، وإما بعدم الحكم بشيء أصلاً.
وحيث إنه متى كان ذلك كذلك فلا محل للنعي على الحكم بأنه أخطأ في تطبيق القانون ويتعين رفض الطعن موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق