الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 5 مايو 2023

الطعن 491 لسنة 44 ق جلسة 31 / 5 / 1978 مكتب فني 29 ج 2 ق 265 ص 1367

جلسة 31 من مايو سنة 1978

برئاسة السيد المستشار محمد أسعد محمود نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الدكتور إبراهيم صالح، محمد الباجوري، صلاح نصار وإبراهيم فراج.

---------------

(265)
الطعن رقم 491 لسنة 44 القضائية

(1) إثبات "الإقرار". نقض "السبب الجديد".
الإقرار القضائي. ماهيته. لمحكمة الموضوع تحصيل توافر أركانه. النعي بأن الخصم أقر إقراراً قضائياً أمام محكمة الموضوع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
(2) دعوى.
تقديم مستندات في فترة حجز الدعوى للحكم. شرطه. لا يكفي إعلان الخصم بالحافظة ولو تضمنت فحوى المستند.

--------------
1 - الإقرار وفقاً لنص المادة 103 من قانون الإثبات هو اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعي بها وذلك أثناء سير الدعوى، وتحصيل توافر الأركان اللازمة لاعتبار الإقرار الصادر من أحد الخصوم إقراراً قضائياً ملزماً له - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من الأمور التي يخالطها واقع مما يترك أمر تقديره لمحكمة الموضوع، وإن كان الثابت أن الطاعنة لم تتمسك أمامها بهذا الدفاع، فإنه لا يقبل منها التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض.
2 - شرط تقديم مستندات في فترة حجز الدعوى للحكم هو أن تكون المحكمة قد صرحت بتقديها واطلع الخصوم عليها، وليس يكفي في ذلك إعلان الحافظة ولو تضمنت فحوى المستند ما دام لم يثبت اطلاع الخصم عليه بذاته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 29 لسنة 1972 مدني أمام محكمة الجيزة الابتدائية ضد الطاعنة وأخرتين بطلب الحكم بإخلائهن من الشقة المبينة بالصحيفة وتسليمها لها خالية، وقالت شرحاً لها أنه بموجب عقد مؤرخ 29/ 9/ 1962 استأجرت منها والدتهن شقة بالمنزل رقم....... بالدقي بالقاهرة؛ وإذ كانت المستأجرة عند وفاتها منفردة؛ بعد أن تزوجت بناتها وأقمن بعيداً عن العين المؤجرة؛ وانتهت بذلك العلاقة الإيجارية؛ ولجأت الطاعنة وأختاها رغم ذلك إلى تأجير العين مفروشة دون الحصول على إذن كتابي منها بذلك؛ فقد أقامت الدعوى. وبتاريخ 29/ 4/ 1972 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبيت المطعون عليها أن المتوفاة كانت تقيم بمفردها بشقة النزاع إلى أن توفيت في 1/ 11/ 1970 دون بناتها المتزوجات - الطاعنة وشقيقتاها - والمقيمات مع أزواجهن بعيداً عن شقة النزاع وأنهن قد أجرتاها مفروشة لآخرين؛ وبعد سماع شهود الطرفين عادت وحكمت بتاريخ 15/ 3/ 1973 برفض الدعوى. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 3199 لسنة 90 ق القاهرة طالبة القضاء لها بطلباتها وبتاريخ 25/ 4/ 1974 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإخلاء الطاعنة وأختيها من شقة النزاع. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأته جديراً بالنظر؛ وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب، تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم أقام قضاءه على سند من ثبوت عدم إقامتها مع والدتها بشقة النزاع وقت وفاتها، في حين أن المطعون عليها سلمت في صحيفة الاستئناف المرفوع منها بأن الطاعنة بعد أن تزوجت عادت للإقامة مع والدتها بشقة النزاع قبل وفاتها على سبيل الاستضافة، وهو إقرار قضائي يلزمها بمجرد صدوره ولا يجوز لها العدول عنه أو تغيير فحواه، وكان يتعين على الحكم أن يأخذها بدلالته مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن النعي غير مقبول، ذلك أنه لما كان الإقرار وفقاً لنص المادة 102 من قانون الإثبات هو اعتراف الخصم أمام القضاء بواقعة قانونية مدعى بها وذلك أثناء سير الدعوى، وكان تحصيل توافر الأركان اللازمة لاعتبار الإقرار الصادر من أحد الخصوم إقراراً قضائياً ملزماً له - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من الأمور التي يخالطها واقع مما يترك أمر تقديره لمحكمة الموضوع، وكان الثابت من الطاعنة لم تتمسك أمامها بهذا الدفاع، فإنه لا يقبل منها التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بباقي الأسباب على الحكم المطعون فيه، الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم أقام قضاءه على سند من أنها لم تكن تقيم بالعين المؤجرة مع والدتها وقت وفاتها أخذاً بأقوال شاهدي المطعون عليهما وأن العلاقة الإيجارية انتهت بهذه الوفاة، حالة أنه وإن تضمنت صحيفة الدعوى واقعة وفاة والدة الطاعنة إلا أن المطعون عليها لم تتخذ منها سبباً للإخلاء، بل أسست دعواها على واقعة التأجير مفروشاً للغير دون أذن الأمر الذي يجعل الحكم قد بني على سبب مغاير لذلك الذي أسست عليه الدعوى. بالإضافة إلى أن الحكم أخذ بمدلول أقوال شاهدي المطعون عليها بعد أن وصفها بالغموض مستنداً إلى وضوح إفادتها عدم إقامة الطاعنة بشقة النزاع مع والدتها وقت الوفاة، خلافاً لما تفيده، من توافر هذه الإقامة، ودون أن يورد مضمون شهادتهما ووجه الوضوح الذي أزال ما بها من غموض أو يفند شهادة شاهدي الطاعنة والأدلة المؤيدة التي ركن إليها الحكم الابتدائي في قضائه برفض الدعوى. هذا إلى أن محكمة الاستئناف استبعدت ما قدمته الطاعنة من مستندات في فترة حجز الدعوى للحكم بحجة عدم التصريح بتقديمها وعدم اطلاع خصومها عليها بينما سبق تقديمها أمام محكمة أول درجة واطلع الخصوم عليها، ورغم استبعادها لها فقد ناقشت بعضها وأعرضت عن البعض الآخر، وهو ما يعيب الحكم بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن النعي مردود، ذلك أنه لما كان سبب الدعوى هو الواقعة التي يستمد منها المدعي الحق في الطلب، وهو ما لا تملك المحكمة تغييره، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليها أقامت دعواها بالإخلاء على سببين أحدهما انتهاء العلاقة الإيجارية بوفاة المستأجرة - والدة الطاعنة - وعدم إقامة أي من بناتها معها وقتذاك تبعاً لإقامتهن مع أزواجهن، والثاني قيامهن بتأجير العين المؤجرة مفروشة لآخرين دون أذن كتابي، فإن الحكم المطعون فيه إذ استند في قضائه إلى ثبوت قيام أول السببين يكون قد التزم نطاق الدعوى ولم يغير من سببها أو يضيف إليها جديداً لم تكن مؤسسة عليه، لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع سلطة تقدير أقوال الشهود والقرائن واستخلاص ما تقتنع به منها متى كان استخلاصها سائغاً ولا مخالفة فيه للثابت بالأوراق، وكان للمحكمة الاستئنافية أن تستخلص من أقوال الشهود ما تطمئن إليه ولو كان مخالفاً لما استخلصته محكمة الدرجة الأولى، دون أن تلزم في هذه الحالة ببيان الأسباب الداعية أو بالرد استقلالاً على أسباب الحكم الابتدائي الذي ألغته ما دام حكمها محمولاً على أسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، وكان حكم محكمة أول درجة حصل أقوال شاهدي المطعون عليها على أن المدعية - المطعون عليها - أشهدت "... كلاً من.... و... فشهد الأول ويسكن بالسيدة زينب أن عين النزاع تقع بشارع...... رقم 6 بالدور الثاني بعد الأرض وأن والدة المدعى عليها الأولى - الطاعنة - كانت تشغل العين وأنها توفيت سنة 1970 وأن ابنتها... - المدعى عليها الأولى - كانت تقيم معها منذ ست سنوات ومعها زوجها ولا يعرف لمن يسدد الإيجار ولكن الذي تسدده المدعى عليها الأولى وأجاب على سؤال من محامي المستأنفة - المطعون عليها - بأن... المدعى عليها الأولى تزوج منذ ست سنوات وتركت العين وأنها تقيم مع زوجها بشارع....... رقم 10 وتقيم معه بصفة دائمة وأضاف بأنه لا يعرف المدعى عليها الأولى شخصياً، وبسؤال الشاهد عما إذا كان تم تأجير شقة النزاع للغير أجاب بأن الشقة المواجهة بيع فرشها، وأجاب على سؤال من محامي المدعى عليهم عما إذا كانت عين النزاع قد تم بيعها وتأجيرها أجاب بالنفي وأن المدعى عليهم أحياناً يحضروا إليها، وشهد الثاني وهو مكوجي مقيم بإمبابة بأن المستأجر الأصلية..... كانت تقيم ومعها ابنتها..... بصفة دائمة منذ سبع أو ثماني سنوات وأن المستأجر الأصلية توفيت منذ حوالي سنتين، وبسؤال الشاهد عما إذا كانت المدعى عليها الأولى تقيم مع والدتها وزوجها عندما تزوجت قرر أنها تقيم بشارع......... ولا يعرف ما إذا كان تم تأجير الشقة من الباطن من عدمه ولا يعرف من يسدد الإيجار أو ما إذا كانت المالكة وافقت على التأجير من عدمه وأضاف الشاهد بأنه لا يرى المدعى عليها الأولى بالعين واستطرد أنه كان يكوي للمدعى عليها الأولى قبل زواجها ووالدتها وبعد الزواج كان يكوي لوالدتها ثم قرر بأن شقة النزاع تقع على اليمين بالنسبة للصاعد على السلم..."، فإن هذه الأقوال تحتمل إفادة ما خلص إليه الحكم المطعون فيه من أن المطعون عليها لم تكن تقيم بشقة النزاع مع والداتها وقت وفاتها وإنما كانت تقيم مع زوجها في مكان آخر ولا على الحكم إذا ما أخذ بمدلول هاتين الشهادتين ورجحهما على شهادة شاهدي الطاعنة لأن تقدير أقوال الشهود واستخلاص الواقع منها مما يستقل به قاضي الموضوع الذي له أن يأخذ بمعنى للشهادة تحتمله عباراتها دون معنى آخر ولو كان محتملاً، كما لا تثريب عليه إذا لم يورد جميع أقوال الشهود إذ حسبه أن يشير إلى مضمونها وفقاً لفصيلاتها الواردة بالحكم الابتدائي بما ينبئ عن مراجعتها، ومن ثم فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الصدد لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل لا يقبل أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم وكان شرط تقديم مستندات في فترة حجز الدعوى للحكم هو أن تكون المحكمة قد صرحت بتقديمها واطلع الخصوم عليها، وليس يكفي في ذلك إعلان الحافظة ولو تضمنت فحوى المستند ما دام لم يثبت اطلاع الخصم عليه بذاته، وكان البين من الأوراق أن المحكمة لم تصرح للخصوم بتقديم مستندات في فترة حجز الدعوى للحكم، كما أن الطاعنة اكتفت بإعلان المطعون عليها بوجه الحافظة دون أن تدلل على ثبوت اطلاعها على المستندات ذاتها، فإن استبعاد الحكم لهذه المستندات ليس فيه، ما يعاب، لا يغير من ذلك استناد الحكم المطعون فيه لبعضها من واقع سبق إثبات فحواها بحكم محكمة أول درجة طالما لم تنع الطاعنة على مضمون هذه المستندات بمخالفة الثابت بالأوراق، ولا يرتب ذلك إخلالاً بحق الدفاع. لما كان ما سلف وكانت محكمة الموضوع غير ملزمة بتتبع الخصوم في مختلف مناحي أقوالهم وحججهم والرد استقلالاً على كل منهما فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق