جلسة 20 من يونيه سنة 1978
برياسة السيد المستشار صلاح الدين حبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد صدقي العصار، زكي الصاوي صالح، جمال الدين عبد اللطيف وعبد الحميد المرصفاوي.
-----------------
(289)
الطعن رقم 397 لسنة 45 القضائية
(1) دعوى "انقطاع سير الخصومة".
بلوغ الخصم سن الرشد لا يؤدي بذاته إلى انقطاع سير الخصومة. علة ذلك. مثول النائب القانوني عن القاصر بعد البلوغ دون تنبيه المحكمة إلى ذلك. أثره. استمرار نيابته عنه نيابة اتفاقية بعد أن كانت قانونية.
(2) تأمين. نقض حكم "ما يعد قصوراً".
حق شركة التأمين في الرجوع على مالك السيارة المؤمن بما دفعته من تعويض للمضرور. مناطه. أن يكون المالك قد وافق على قيادة مرتكب الحادث للسيارة دون رخصة قيادة. عدم استظهار الحكم هذه الموافقة أو علاقة التبعية. قصور.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليها الأولى عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر أقامت الدعوى رقم 103 لسنة 1969 مدني القاهرة الابتدائية التي قيدت فيما بعد برقم 1750 لسنة 1971 مدني جنوب القاهرة الابتدائية ضد..... بصفته ولياً على ابنه الطاعن وضد المطعون عليهما الثاني والثالث وطلبت الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا إليها مبلغ ثلاثة آلاف جنيه، وقالت بياناً للدعوى إنه حكم نهائياً في الجنحة رقم 4547 سنة 1965 الأزبكية بإدانة المطعون عليه الثاني لأنه تسبب بخطئه في موت مورثها المرحوم...... بأن صدمه بسيارة كان يقودها وأحدث به إصابات أودت بحياته، وإذ كان المطعون عليه المذكور مسئولاً عن التعويض عن الأضرار التي لحقت بها وبأولادها من جراء هذا الحادث، وكان كل من الطاعن والمطعون عليه الثالث مسئولين كذلك عن هذا التعويض، الأول باعتباره متبوعاً لمرتكب الحادث والثاني باعتباره مؤمناً لديه من حوادث السيارة، فقد أقامت الدعوى بطلبها سالف البيان. وبجلسة 22/ 11/ 1973 طلب المطعون عليه الثالث الحكم بإلزام والد الطاعن بصفته بما عسى أن يحكم به عليه للمطعون عليها الأولى وبتاريخ 27/ 12/ 1973 حكمت المحكمة لكل من المطعون عليهما الأولى والثالث بطلباته. استأنف والد الطاعن بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم 735 سنة 91 ق مدني القاهرة كما استأنفه المطعون عليه الثالث بالاستئناف رقم 784 سنة 91 ق مدني القاهرة. وبعد أن أمرت المحكمة بضم الاستئناف الثاني للاستئناف الأول حكمت في 17/ 2/ 1975 بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض الحكم وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه البطلان، وفي بيان ذلك يقول أن المطعون عليها الأولى أقامت الدعوى أمام المحكمة الابتدائية بصحيفة أعلنت له وللمدعى عليهما الآخرين في 26/ 5/ 1978، 2، 9/ 6/ 1968 ووجه إليه المدعى عليه الثالث دعوى الضمان الفرعية في 22/ 11/ 1973 وقد اختصم في كلا الدعويين الأصلية والفرعية في شخص والده بصفته ولياً عليه، وإذ انقطع سير الخصومة في 25/ 8/ 1968 ببلوغه سن الرشد ولم توجه إليه إجراءات التقاضي بعد زوال صفة من كان يمثله، فإن جميع الإجراءات التي اتخذت والأحكام التي صدرت في الخصومة بعد حصول ذلك الانقطاع - ومنها الحكم المطعون فيه - تكون باطله بحكم القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن المادة 294 من قانون المرافعات السابق - الواجبة التطبيق على واقعة الدعوى - تنص على أن ينقطع سير الخصومة بحكم القانون بوفاة أحد الخصوم أو بفقده أهلية الخصومة أو بزوال صفته من كان يباشر الخصومة عنه من النائبين ومفاد ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مجرد وفاة الخصم أو فقده أهلية الخصومة يترتب عليه لذاته انقطاع سير الخصومة أما بلوغ الخصم سن الرشد فإنه لا يؤدي بذاته إلى انقطاع سير الخصومة وإنما يحصل هذا الانقطاع بسبب ما يترتب على البلوغ من زوال صفة من كان يباشر الخصومة عن القاصر. ولما كان الثابت من الأوراق أن الدعوى رفعت ابتداء ضد والد الطاعن بصفته ولياً عليه واستمرت إجراءات التقاضي أمام المحكمة الابتدائية على هذا النحو دون أن ينبه الطاعن أو والده المحكمة إلى التغيير الذي طرأ على حالته ببلوغه سن الرشد وترك والده يحضر عنه بعد البلوغ حتى صدر الحكم الابتدائي فاستأنفه والد الطاعن بصفته هذه، كما اختصم بهذه الصفة في الاستئناف الذي رفعه المطعون عليه الثالث وحضر أمام محكمة الاستئناف وباشر إجراءات التقاضي إلى أن صدر الحكم المطعون فيه، فإن حضور الوالد أمام محكمة أول درجة وإقامته للاستئناف وحضوره فيه يكون في هذه الحالة بقبول الطاعن ورضائه وتظل صفة والده قائمة في تمثيله في الخصومة بعد بلوغه سن الرشد وينتج هذا التمثيل كل آثاره القانونية ويكون الحكم الصادر في الدعوى ابتدائياً واستئنافياً كما لو كان الطاعن قد باشر بنفسه الخصومة بعد بلوغه، ولا ينقطع سير الخصومة في هذه الحالة لأنه إنما ينقطع بزوال صفة النائب في تمثيل الأصيل وهي لم تزل هنا بل تغيرت فقط فأصبحت نيابة اتفاقية بعد أن كانت نيابة قانونية. لما كان ذلك وكان الطاعن لم يتمسك أمام محكمة الموضوع بعدم صحة تمثيل والده له بعد بلوغه سن الرشد فلا سبيل إلى إثارة هذا الجدل لدى محكمة النقض لتعلقه بأمر موضوعي.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أنه دفع أمام محكمة الموضوع بانتفاء علاقة التبعية بينه وبين المطعون عليه الثاني وبأنه لم يسمح له بقيادة السيارة التي وقع بها الحادث، غير أن الحكم الابتدائي قضى بإلزامه بالتعويض دون أن يستظهر قيام تلك العلاقة بينه وبين المطعون عليه المذكور كما قضى في الدعوى الفرعية بطلبات المطعون عليه الثالث قبله دون أن يستظهر أن قيادة المطعون عليه الثاني للسيارة بدون رخصة قيادة كانت بعلم الطاعن. وإذ أيد الحكم المطعون فيه الحكم المستأنف لأسبابه فإنه يكون معيباً بالقصور.
وحيث إن هذا النص صحيح، ذلك أنه لما كان قوام علاقة المتبوع بالتابع هو ما للأول على الثاني من سلطة فعلية في رقابته وفي توجيهه، وكان مؤدى البند الخامس فقرة جـ من الشروط العامة الملحقة بنموذج وثيقة التأمين الذي صدر به قرار وزير المالية والاقتصاد رقم 152 لسنة 1955 تنفيذاً لحكم المادة الثانية من القانون رقم 652 لسنة 1955 أن حق شركة التأمين في الرجوع على مالك السيارة المؤمن له لاسترداد ما تكون قد دفعته من تعويض للمضرور في حادث وقع من تلك السيارة، مناطه أن يكون ذلك المالك قد وافق على قيادة مرتكب الحادث لسيارته دون أن يكون حاصلاً على رخصة قيادة. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي قد قضى بإلزام الطاعن بالتعويض باعتباره متبوعاً للمطعون عليه الثاني الذي وقع منه الخطأ، دون أن يورد الدليل على قيام تلك التبعية مكتفياً بما قرره من أن المطعون عليه المذكور ارتكب الحادث أثناء قيادته سيارة الطاعن في حين أن ملكية السيارة لا تتحقق بها وحدها علاقة التبعية الموجبة لمسئولية مالكها، كما حكم على الطاعن في دعوى الضمان الفرعية استناداً إلى أن المطعون عليه الثاني قاد السيارة التي ارتكب بها الحادث دون أن يكون حائزاً على رخصة قيادة ولم يستظهر ما إذا كان ذلك قد حدث بموافقة الطاعن أم لا، فإن الحكم المطعون فيه إذ أيد الحكم الابتدائي لأسبابه يكون معيباً بالقصور بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق