باسم الشعب
محكمة النقض
الدائرة المدنية
دائرة الاثنين (ج)
برئاسة السيد المستشار / حسن حسن منصور " نائب رئيس المحكمة
" وعضوية السادة المستشارين / عبد السلام المزاحى ، ياسر نصر أحمد صلاح فوزى
حمدان " نواب رئيس المحكمة " وحضور السيد رئيس النيابة / رزق محسن .
وحضور أمين السر السيد / أحمد حجازى .
فى الجلسة العلنية المنعقدة بمقر المحكمة بدار القضاء العالى بمحافظة
القاهرة .
فى يوم الاثنين 1 من ربيع الآخر لسنة 1442 ه الموافق 16 من نوفمبر
لسنة 2020م.
أصدرت الحكم الآتى :
فى الطعن المقيد فى جدول المحكمة برقم 3707 لسنة 90 ق .
المرفوع من : -
......... المقيمون / ..... - مدينة 6 أكتوبر
- محافظة الجيزة. حضر عنهم الأستاذ / ..... المحامى.
ضد
.....المقيم / ..... - مدينة 6 أكتوبر -
محافظة الجيزة .
2- وزير العدل بصفته الرئيس الأعلى لمصلحة الشهر العقارى والتوثيق .
موطنه القانونى / هيئة قضايا الدولة- مبنى المجمع الحكومى - ميدان
التحرير - محافظة القاهرة .
3- رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بصفته .
مقرها / مدخل مدينة الشيخ زايد - محافظة الجيزة .
4- رئيس جهاز مدينة السادس من أكتوبر بصفته .
مقرها / الحى السابع - مدينة السادس من أكتوبر - محافظة الجيزة .
-لم يحضر عنهم أحد .
-------------
" الوقائع "
فى يوم 16/2/2020 طعن بطريق النقض فى حكم محكمة استئناف القاهرة
" مأمورية الجيزة " الصادر بتاريخ 8/1/2020 فى الاستئنافين رقمى 307 ،
511 لسنة 136 ق ، وذلك بصحيفة طلب فيها الطاعنين الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى
الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه.
ثم أودعت النيابة مذكرتها أبدت فيها الرأي برفض الطعن .
وبجلسة 19/10/2020 عُرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة فرأت أنه
جدير بالنظر .
وبجلسة اليوم سمع الطعن أمام هذه الدائرة على ما هو مبين بمحضر الجلسة
حيث صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها والمحكمة أصدرت الحكم بالجلسة ذاتها .
------------------
" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضى
المقرر/ عبد السلام المزاحى " نائب رئيس المحكمة " والمرافعة ، وبعد
المداولة :-
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق -
تتحصل فى أن الطاعن الأول أقام على المطعون ضدهم الدعوى رقم 2487 لسنة 2017 مدنى
كلى 6 أكتوبر ، بطلب الحكم على المطعون ضده الأول - فى مواجهة المطعون ضدهم
بصفاتهم من الثانى إلى الرابع - بإلغاء التوكيلات أرقام 4186 (ب) لسنة 2004 ، 3777
(ب) لسنة 2004 ، 103 (ح) لسنة 2017 توثيق ثان طنطا ، مع ما يترتب على ذلك من آثار،
أخصها محوها من سجلات الشهر العقارى ، وقال بياناً لذلك : إنه يمتلك كامل أرض
وبناء قطعة الأرض المبينة بالصحيفة ، بالشراء من جهاز مدينة 6 أكتوبر ، بعد تنازل
من كانت مخصصة له من أعضاء جمعية البناء والإسكان للعاملين بوزارة التعمير ، ورغبة
منه فى إنهاء إجراءات الترخيص والبناء ، والتنازل عن تلك الأرض بجهاز مدينة السادس
من أكتوبر لصالحه ، أصدر للمطعون ضده الأول التوكيلين الأول والثاني لهذا الغرض ،
ورغم انتهاء الوكالة بإنجاز الوكيل العمل الموكل به ، إلا أن المطعون ضده الأول ،
استغل هذين التوكيلين ، وأصدر التوكيل الأخير بالتنازل عن الأرض عين التداعى إلى
زوجته المطعون ضدها الأخيرة ، ومن ثم أقام الدعوى ، وأثناء تداولها ، أدخل الطاعن
الأول المطعون ضدها الأخيرة خصماً فى الدعوى ، بطلب الحكم عليها مع المطعون ضده
الأول بذات الطلبات ، كما تدخلت كل من الطاعنتين الثانية والثالثة هجومياً فى الدعوى
، بطلب الحكم بإلغاء التوكيلات سالفة البيان ومحوها من سجلات مكتب الشهر العقارى
المختص ، وصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 27/5/2005 المتضمن بيع الطاعن الأول لهما
والمطعون ضدها الأخيرة حصة عقارية شائعة قدرها 18 قيراطاً ، فى كامل قطعة الأرض
عين التداعى ، وطلبتا احتياطياً توجيه اليمين الحاسمة إلى المطعون ضده الأول
بالصيغة الآتية : " أقسم بالله العظيم وبكتابه الكريم، بأن التوكيلين الأول
والثانى الصادرين لى من الطاعن الأول بشأن قطعة الأرض عين النزاع، والمملوكة له ،
كانا بمثابة عقد بيع أو بناء على عقد بيع صادرين منه لى ، وأنهما لم يكونا صادرين
منه لغرض استخراج التراخيص وإدخال المرافق فقط ، وأننى لا أعلم بالتصرف بالبيع
الصادر من الطاعن الأول إلى الطاعنتين الثانية والثالثة والمطعون ضدها الخامسة ،
بموجب عقد البيع المؤرخ 27/5/2005 ، والله على ما أقول شهيد " ، وإلى المطعون
ضدها الأخيرة بالصيغة الآتية : " أقسم بالله العظيم وبكتابه الكريم ، بأننى
لا أعلم أن التوكيلين الأول والثانى الصادرين من شقيقى الطاعن الأول إلى زوجى
المطعون ضده الأول ، بشأن الأرض عين النزاع كانا بغرض بناؤها وإدخال المرافق لها
لكونه مهندس مدنى ، وأعلم أنهما كانا بغرض شراء تلك الأرض ، وأن زوجى سالف الذكر
قام بسداد كامل ثمنها لشقيقى المذكور ، وأن التوكيل الأخير الصادر لى من زوجى كان
بغرض بيع الأرض وبناء ذلك العقار لى ، وأننى قمت بسداد كامل ثمنها ، والله على ما
أقول شهيد " ، وبتاريخ 24/11/2018 حكمت المحكمة وفى موضوع الدعوى والتدخل
الهجومى برفضهما ، استأنف الطاعن الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 307 لسنة 136 ق.
القاهرة " مأمورية الجيزة " ، كما استأنفته الطاعنتان الثانية والثالثة
بالاستئناف رقم 511 لسنة 136 ق. ، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئنافين ، قضت بتاريخ
8/1/2020 بتأييد الحكم المستأنف ، طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض ، وأودعت
النيابة مذكرة ، وأبدت فيها الرأى برفض الطعن ، وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة -
في غرفة مشورة - حددت جلسة لنظره ، وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إنه لما كان من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - بأنه لما كان
مفاد نص المادة 253 من قانون المرافعات ، أنه يجوز لمحكمة النقض كما هو الشأن
بالنسبة للخصوم وللنيابة العامة ، إثارة الأسباب المتعلقة بالنظام العام ، ولو لم
يسبق التمسك بها أمام محكمة الموضوع أو فى صحيفة الطعن ، كما أنه من المقرر أنه لا
يكفى فيمن يختصم فى الطعن، أن يكون طرفاً فى الدعوى التى صدر فيها الحكم المطعون
فيه ، بل يجب أن يكون قد نازع خصمه أمامها فى طلباته ، أو نازعه خصمه فى طلباته هو
، وأن تكون له مصلحة فى الدفاع عن الحكم المطعون فيه حين صدوره ، فإذا لم توجه
إليه طلبات ، ولم يقض له أو عليه بشىء، فإن الطعن بالنسبة له يكون غير مقبول ؛ لما
كان ذلك ، وكان المطعون ضدهما الثالث والرابع بصفتيهما لم يقض لهما أو عليهما بشىء
، ولم تتعلق أسباب الطعن بهما ، ومن ثم لا يكون للطاعنين مصلحة فى اختصامهما فى
الطعن ، ومن ثم يكون بالنسبة لهما غير مقبول .
وحيث إنه - فيما عدا ما تقدم - فإن الطعن يكون قد استوفى أوضاعه
الشكلية .
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون ، على الحكم المطعون فيه ، الخطأ فى تطبيق
القانون، ومخالفة الثابت بالأوراق ، والقصور فى التسبيب ، والفساد فى الاستدلال ،
والإخلال بحق الدفاع ، وفى بيان ذلك يقولون : إن الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم
المطعون فيه ، قضى برفض دعوى الطاعن الأول ، وتدخل الطاعنتين الثانية والثالثة
الهجومى فيها ، بطلب إلغاء الوكالتين الصادرتين من الطاعن الأول للمطعون ضده الأول
، تأسيساً على أن عبارات التوكيلين قد تضمنت صراحة حق الأخير فى البيع لنفسه أو
للغير ، فلا يجوز إلغاء الوكالة إلا بموافقة الطرفين ، رغم أنهم تمسكوا أمام محكمة
الموضوع بدرجتيها ، بأن هاتين الوكالتين لم تكونا مقررتين لمصلحة المطعون ضده
الأول (الوكيل) ، وإنما بغرض إنهاء إجراءات ترخيص وإقامة بناء على الأرض عين النزاع
، والتى أشرف على بنائها لكونه مهندس مدنى، وليس بغرض التصرف فيها سواء لنفسه أو
للغير ، وقدموا عقد البيع المؤرخ 27/2/2005 المتضمن بيع الطاعن الأول للطاعنتين
الثانية والثالثة والمطعون ضدها الأخيرة ، لكل منهن حق الربع مشاعاً فى أرض
التداعى ، والمحكوم بصحة توقيعه عليه ، بموجب الحكم الصادر فى الدعوى رقم 4276
لسنة 2005 مدنى كلى طنطا ، وتعامل الطاعن الأول باسمه مع كافة الجهات الحكومية ،
باعتباره مالكاً لأرض التداعى ، وبتفويض منهن كباقى الملاك ، لإدخال المرافق
للبناء الذى أقيم عليها فى غضون عام 2010 ، وذلك يدل على أن المطعون ضده الأول قد
ارتكب غشاً مبطل للتصرف ، بإصداره التوكيل رقم 103 (ح) لسنة 2017 توثيق ثان طنطا
بالتصرف فى الأرض عين النزاع للمطعون ضدها الأخيرة ، بناءاً على التوكيل الصادر له
من الطاعن الأول رقم 4186 (ب) لسنة 2004 توثيق ثان طنطا ، رغم أن تلك الوكالة قد
زال محلها بإقامة بناء على أرض النزاع ، كما تمسكوا بطلب إحالة الدعوى للتحقيق
لإثبات أن تلك الوكالة لم تكن مقررة لصالح المطعون ضده الأول ، ولم تنطو على أى
تصرف لصالحه ، وإنما كانت بغرض إنهاء إجراءات ترخيص وبناء أرض النزاع ، بما يحق
لهم وفقاً لنص المادة 715 من القانون المدنى إلغائها بإرادتهم المنفردة ، إلا أن
الحكم المطعون فيه خالف هذا النظر ، وأعرض عن دلالة ذلك العقد ، والتفت عن طلب
الإحالة للتحقيق ، بما يعيبه ، ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى سديد ، ذلك بأنه من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة -
أن النص فى المادة 715 من القانون المدنى ، على أنه : " (1) يجوز للموكل فى
أى وقت أن يُنهى الوكالة أو يقيدها ولو وجد اتفاق يخالف ذلك ..... ، (2) على أنه
إذا كانت الوكالة صادرة لصالح الوكيل أو لصالح أجنبى ، فلا يجوز للموكل أن ينهى
الوكالة أو يُقيدها ، دون رضاء من صدرت الوكالة لصالحه " ، يدل وعلى ما ورد
بالأعمال التحضيرية للقانون المدنى، أن الوكالة - كأصل عام - عقد غير لازم ، فيجوز
للموكل بإرادته المنفردة عزل الوكيل أو إنهاء وكالته أو تقييدها ، ولو وجد اتفاق
يحظر عليه ذلك ، لأن جواز عزل الموكل للوكيل ، قاعدة متعلقة بالنظام العام ، ولا
يجوز الاتفاق على ما يخالفها ، إلا أنه - استثناء من هذا الأصل - إذا كانت الوكالة
صادرة لصالح الوكيل أو لأجنبى ، فلا يجوز للموكل عزل الوكيل أو تقييد وكالته
بإرادته المنفردة ، بل لابد أن يوافقه على ذلك من صدرت الوكالة لصالحه ، فإذا
استقل الموكل بعزل الوكيل أو تقييد وكالته ، دون رضا من صدرت لصالحه ، فإن تصرفه
يكون باطلاً ، وتبقى الوكالة سارية وتنصرف آثارها إلى الموكل ، ويقصد بالمصلحة
الواردة بهذا النص ، هى كل منفعة تعود على الوكيل أو الغير من استمرار الوكالة ،
أو كل ضرر يقع بسبب إلغائها ، ويجب أن تكشف عنها نصوص عقد الوكالة ، بشكل قاطع
وصريح ، أو تكشف عنها أموراً واقعية - تقف عليها المحكمة وفقاً لكل حالة على حده -
تدل على أن إلغاء الوكالة أو تقييدها ، يفوت على من صدرت الوكالة لصالحه المنفعة
من إبرامها ، ولا يكفى استخلاصها من النص فى عقد الوكالة ، على حق الوكيل فى البيع
للنفس أو الغير ، إذ إن هذه العبارة بذاتها لا تقطع بتوافر المصلحة ، ما لم
تساندها أدلة وقرائن تستنبطها المحكمة من الواقع فى الدعوى ، ويقع على عاتق الوكيل
أو الغير ، إثبات توافر هذه المصلحة، وتقديم الدليل عليها ، وتستخلصها المحكمة من
الأدلة المطروحة عليها ، باعتبارها من مسائل الواقع ، بشرط أن يكون استخلاصها
سائغاً ، وكان من المقرر - فى قضاء هذه المحكمة - أن أسباب الحكم تعتبر مشوبة
بالفساد فى الاستدلال إذا انطوت على عيب يمُس سلامة الاستنباط ، ويتحقق ذلك إذا
استندت المحكمة فى اقتناعها إلى أدلة غير صالحة من الناحية الموضوعية للاقتناع بها
، أو إلى فهم خاطئ للعناصر الواقعية التى تثبت لديها ؛ لما كان ذلك ، وكان الحكم
الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه ، قد أقام قضاءه برفض الدعوى الأصلية والتدخل
الهجومى فيها ، على سند من أن عقدى الوكالة رقمى 4186 (ب) لسنة 2004 ، 3777 (ب)
لسنة 2004 توثيق طنطا ثان ، الصادرين من الطاعن الأول للمطعون ضده الأول ، ورد
النص فيهما على حق الأخير فى البيع للنفس أو للغير ، رغم أن هذا النص على البيع
للنفس وللغير ، لا ينهض بذاته دليلاً على أن الوكالة صادرة لصالح المطعون ضده
الأول ، كما أنهم تمسكوا فى دفاعهم أمام محكمة الموضوع ، بأن تلك الوكالة لم تكن
مقررة لمصلحة المطعون ضده الأول ، ولكن قُصد منها إنهاء إجراءات ترخيص وإقامة بناء
على الأرض عين النزاع ، والتى أشرف على بنائها باعتباره مهندس مدنى ، كما طلبوا من
المحكمة إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ذلك ، إلا أن الحكم المطعون فيه خالف هذا
النظر، وأعرض عن بحث دلالة المستند المقدم منهم ، والتفت عن هذا الطلب ، بما يعيبه
بالقصور فى التسبيب ، والخطأ فى تطبيق القانون ، والفساد فى الاستدلال ، والإخلال
بحق الدفاع ، مما يوجب نقضه لهذا السبب ، دون حاجة لبحث باقى أسباب الطعن ، على أن
يكون مع النقض الإحالة .
لذلك
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه ، وأحالت القضية إلى محكمة استئناف
القاهرة " مأمورية الجيزة " وألزمت المطعون ضدهما الأول والخامسة
المصروفات ، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق