جلسة 25 من مايو سنة 1978
برئاسة السيد المستشار نائب رئيس المحكمة عبد العال السيد وعضوية السادة المستشارين أحمد صلاح الدين زغو، الدكتور عبد الرحمن عياد، محمد فاروق راتب وعماد الدين بركات.
--------------
(260)
الطعن رقم 377 لسنة 46 القضائية
(1) حكم "الطعن في الحكم". تزوير.
قضاء الحكم الابتدائي في دعوى التزوير الفرعية. عدم جواز الطعن فيه استقلالاً. م 212 مرافعات.
(2) صورية.
الصورية المطلقة والصورية النسبية. ماهية. كل منهما.
(3) بيع. وصية. إرث. تركة.
القضاء باعتبار عقد البيع وصية نافذة في حدود ثلث التركة. إجازة بعض الورثة للوصية فيما جاوز الثلث. احتساب نصيبهم الميراثي منسوباً إلى ما جاوز الثلث في العقار المتصرف فيه وليس إلى باقي التركة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 717 سنة 1971 مدني كلي القاهرة - التي أصبح رقمها 1950 سنة 1971 مدني كلي شمال القاهرة - ضد الطاعن الأول والمرحوم...... مورث باقي الطاعنين وضد باقي المطعون عليهم والمرحومة....... مورثة كل من الطاعن الأول ومورث باقي الطاعنين للحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 2/ 8/ 1968 المتضمن بيع المرحومة....... (عمته ومورثة باقي الطاعنين والمطعون عليهم) له العقار المبين بالصحيفة وبالعقد مقابل ثمن قدره 4000 ج والتسليم وقال بياناً للدعوى إن المرحومة...... باعت له العقار المذكور وقبضت من الثمن مبلغ 3500 ج عند تحرير العقد والباقي قدره 500 ج ثم سداده من ريع العقار الذي كانت تستولى عليه بأكمله بعد التعاقد وذلك كالمتفق عليه بعقد البيع وتوفيت قبل التوقيع على العقد النهائي ورفض باقي الورثة تنفيذ هذا الالتزام فأقام الدعوى للحكم بطلباته، قدم المطعون عليه الأول إقراراً صادراً من باقي المطعون عليهم بصحة عقد البيع وباستلامهم لنصيبهم الموروث في باقي الثمن. ادعى مورث الطاعنين الثانية والثالث والرابع بتزوير عقد البيع بتقرير بقلم الكتاب في 29/ 6/ 1977 مستنداً في إثبات ذلك إلى أن العقد موقع عليه ببصمة ختم منسوب للمورثة دون بصمة أصبعها مع أنها اعتادت التوقيع على العقود ببصمتي الإصبع والختم معاً مما يدل على أن المطعون عليه الأول حصل على ختمها دون رضاها أو اصطنع ختماً لها وزور العقد. وبتاريخ 28/ 10/ 1971 قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات أن البائعة لم توقع ببصمة ختمها على العقد وبعد أن استمعت إلى أقوال شهود الطرفين ندبت خبير قسم أبحاث التزييف والتزوير لمضاهاة بصمة الختم المنسوب للبائعة والواردة بالعقد على بصمة ختمها الموقع بها على أصل بطاقتها الشخصية أو على أية أوراق رسمية أخرى وبعد أن أودع الخبير تقريره قضت في 21/ 12/ 1972 برد وبطلان عقد البيع. وبتاريخ 15/ 3/ 1973 حكمت برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم بطلباته. وقيد الاستئناف برقم 3342 سنة 90 ق وبتاريخ 21/ 12/ 1974 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رد وبطلان عقد البيع وبرفض دعوى التزوير وحددت جلسة لنظر الموضوع طعن الطاعن الأول ومورث باقي الطاعنين ببطلان عقد البيع واحتياطياً باعتباره وصية وبتاريخ 8/ 12/ 1975 قضت المحكمة باعتبار التصرف مضافاً إلى ما بعد الموت تسري عليه أحكام الوصية وحددت جلسة ليقدم الطرفان ما يدل على عناصر التركة. وفي 23/ 2/ 1976 حكمت بإلغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ العقد المؤرخ في 2/ 8/ 1968 بالنسبة لحصة قدرها 20 قيراط و9 و3/ 5 سهماً باعتبار التصرف مضافاً إلى ما بعد الموت. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم.
وحيث إن الطعن بني على أربعة أسباب ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون إنه لما كانت محكمة أول درجة قد قضت بتاريخ 21/ 12/ 1972 برد وبطلان عقد البيع وهو حكم قطعي تنتهي به الخصومة بالنسبة لدعوى التزوير الفرعية مما يجوز الطعن فيه على استقلال ولكن المطعون عليه الأول لم يطعن على ذلك الحكم بالاستئناف إلا مع الحكم الصادر في موضوع الدعوى الأصلية في 15/ 3/ 1973 بعد أن كانت قد انقضت مواعيد الاستئناف بالنسبة للحكم الأول فإن المحكمة إذ قضت بقبول استئناف الحكم الصادر في موضوع دعوى التزوير الفرعية شكلاً تكون قد أخطأت في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أن المشرع إذ نص في المادة 212 من قانون المرافعات على أنه "لا يجوز الطعن في الأحكام التي تصدر أثناء سير الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة إلا بعد صدور الحكم المنهي للخصومة كلها وذلك فيما عدا الأحكام الوقتية والمستعجلة والصادرة بوقف الدعوى والأحكام القابلة للتنفيذ الجبري" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن الخصومة التي ينظر إلى انتهائها وفقاً لهذا النص هي الخصومة الأصلية المنعقدة بين الطرفين لا تلك التي تثار عرضاً في خصوص دفع شكلي في الدعوى أو مسألة فرعية متعلقة بالإثبات فيها وإذ كان الحكم الصادر من محكمة أول درجة في 21/ 12/ 1972 قد اقتصر على الفصل في الادعاء بتزوير العقد وكان هذا القضاء لا تنتهي به الخصومة الأصلية المرددة بين الطرفين وهي طلب الحكم بصحة ونفاذ العقد، كما أنه ليس من الأحكام التي أباحت المادة المذكورة الطعن فيها على استقلال، فإن المحكمة إذ قضت بقبول استئناف الطاعن للحكم الصادر في الادعاء بالتزوير مع الحكم الصادر في الموضوع تكون قد التزمت صحيح القانون.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في استخلاص الواقع وفي بيان ذلك يقولون إن أوراق الدعوى انطوت على الأدلة القاطعة على تزوير العقد موضوع النزاع ومنها إقرار المطعون عليهما الأول والرابع بمحضر جلسة 3/ 3/ 1971 في القضية رقم 1241 لسنة 1971 مدني السيدة زينب - وبعد حوالي العام على وفاة البائعة - بأنها قامت بتأجير المنزل وتحصيل الإيجار وأنهما يقومان بذلك بعد وفاتها كما جاء بالإقرار أن المنزل "مملوك لعمتي....." وقد أهدر الحكم المطعون فيه دلالة هذا الإقرار بمقولة أن الإقرار جاء بصيغة الجمع فيما يتعلق بواقعتي التأجير وتحصيل الإيجار بينما بصيغة المفرد بالنسبة لواقعة ملكية المورثة للعقار مما يعيب الحكم بالخطأ في استخلاص الواقع لأن إقرار المطعون عليهما الأول والرابع بعد وفاة المورثة مؤداه أيلولة المنزل إليهما بالميراث عنها ويقطع بعدم حصول بيع وبالتالي تزوير العقد المطعون فيه ويؤكد ذلك الإقرار الصادر من المورثة بمحضر جلسة 23/ 3/ 1970 في القضية رقم 1156 سنة 1969 السيدة زينب بأن المحل الذي تم الحجز به يقع في ملكها بما يقيد عدم صدور عقد البيع المؤرخ 2/ 8/ 1968 منها لأنه إذا كان قد صدر منها حقاً لقالت إن العقار مملوك للمطعون عليه الأول وإذ نسب الحكم المطعون فيه الإقرار بملكية المورثة للعقار والوارد بصيغة المفرد في القضية 1241 سنة 1971 مدني السيدة زينب إلى المطعون عليه الرابع وحده دون الأول على أساس أن الأخير قدم مذكرة بجلسة 29/ 12/ 1971 ذكر فيها أن ملكية المنزل الذي به الدكان محل النزاع في تلك الدعوى، آلت إليه وأنه أعلن صحيفتها وأنذر مستأجري المنزل مكلفاً إياهم بسداد الأجرة إليه وباشر إجراءات الشهر العقاري في تواريخ سابقة على تاريخ الإقرار المشار إليه، وهذا لا يؤدي إلى ما استخلصه الحكم من انصراف الإقرار الفردي إلى المطعون عليه الرابع دون الأول فإنه يكون مشوباً بالقصور والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يجوز إثبات صحة الورقة أو تزويرها بكافة الطرق القانونية ومنها القرائن القضائية ومن ثم فلا على محكمة الموضوع إن هي أقامت قضاءها بصحة الورقة على ما اطمأنت إليه من القرائن ما دامت تؤدي إلى ما استخلصته منها. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد اعتمد في قضائه بصحة العقد على أن القرائن التي استند إليها الحكم المستأنف لا تدل على تزوير العقد وأقام قضاءه بصحة توقيع المورثة عليه على ما ثبت من قيامها بالتوقيع ببصمة ختمها فقط على عقد بيع ابتدائي صادر منها إلى شقيقتها...... بتاريخ 3/ 2/ 1946 وعلى عديد من عقود الإيجار وإيصالات تحصيل الأجرة وعلى قيامها بالتوقيع على مستندات أخرى ببصمة أصبعها فقط بينما جمعت بين الاثنين في التوقيع على بعض آخر منها وخلص من ذلك - في استخلاص سائغ - إلى أن المورثة لم تكن توقع بالختم وبصمة الأصبع معاً إلا بالنسبة للتصرفات التي يتم التوقيع عليها أمام الشهر العقاري فقط بينما اعتادت التوقيع بختمها وحده في تصرفاتها التي تمت قبل سنة 1969 ولم تلجأ إلى التوقيع ببصمة أصبعها إلا بعد هذا التاريخ وانتهى إلى صحة توقيعها على العقد المطعون عليه ببصمة ختمها لما ثبت من المضاهاة أنها وقعت بهذا الختم في 21/ 7/ 1968 على استمارة البطاقة الشخصية الخاصة بها وعلى استلامها لمقرراتها التموينية شهرياً، وأن الاتفاق على استيفاء باقي الثمن من الإيجار وعدم تقدير ما يدل على استلام البائعة له وقيامها ببيع العقار كله في السنة التالية لشرائها حصة فيه تستكمل بها ملكيتها له ليس فيه بذاته ما يدل على تزوير العقد، وكانت هذه القرائن التي أوردها الحكم المطعون فيه كافية لحمل قضائه برفض الادعاء بالتزوير وصحة العقد فإن تعييبه في أية دعامة أخرى - أياً كان وجه الرأي فيها - يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور، في بيان ذلك يقولون إن المحكمة الاستئنافية بعد أن استظهرت أن المطعون عليه الأول لم يدفع الثمن المدون بعقد البيع اعتبرت العقد وصية مع أن عدم دفع الثمن يجعل العقد صوري صورية مطلقة وإذ قضى الحكم المطعون فيه باعتباره وصية على سند من صوريته صورية نسبية يكون معيباً بالخطأ في القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كانت الصورية المطلقة هي تلك التي تتناول وجود العقد ذاته فيكون العقد الظاهر لا وجود له في الحقيقة أما الصورية النسبية فهي التي لا تتناول وجود العقد وإنما تتناول نوع العقد أو ركناً فيه أو شرطاً من شروطه أو شخص المتعاقدين وكان الحكم المطعون فيه قد اعتبر أن عقد البيع محل النزاع يستر وصية على عدة قرائن حاصلها عدم ثبوت سداد المطعون عليه لمقدم الثمن واحتفاظ المورثة بحيازة العقار المبيع حتى وفاتها وانتفاعها بغلته وسدادها الأموال الأميرية المقررة عليه وظهورها بمظهر المالك له، وكانت هذه القرائن التي أوردها الحكم - ومنها عدم سداد مقدم الثمن - لا تتناول وجود العقد ذاته بل تتناول نوعه إذ اقتصرت دلالتها على أن التصرف بهذا العقد لم يقصد به التنجيز خلاف الظاهر الذي أفرغ في صورة عقد بيع بل قصد به الإضافة إلى ما بعد الموت فإنه إذ خلص إلى أن هذا العقد صوري صورية نسبية وأنه يخفي وصية لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن الطاعنين ينعون السبب الرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم قدر قيمة التركة بمبلغ 8100 ج وقدر قيمة العقار موضوع النزاع بمبلغ 6000 ج فتكون قيمة القدر النافذ من الوصية في حدود ثلث التركة هو مبلغ 2700 ج ويكون الباقي من التركة 5400 ج، واستظهر الحكم أن المطعون عليه أجازوا الوصية فأضاف نصيبهم الميراثي في باقي التركة وهو بحق الثلث للمطعون عليهم الأربعة الأول أي 1800 ج وبحق التسع للمطعون عليها الخامسة أي 600 ج وانتهى إلى نفاذ الوصية في مبلغ 5100 ج نسبها إلى قيمة العقار وحده وهي 6000 ج مع أنه كان يتعين نسبتها إلى قيمة التركة كلها وهي 8100 ج فتكون الوصية نافذة في 20 س، 12 ط والصحيح هو احتساب الأنصبة الميراثية في الباقي من التركة وقدره 2100 ج بعد استنزال قيمة الوصية فيكون نصيب المطعون عليهم الأربعة الأول الثلث أي 700 ج، ويكون نصيب المطعون عليها الخامسة 600 ج وفق حكم محكمة ثاني درجة فيكون القدر النافذ من الوصية هو (2700 ج + 700 ج + 600 ج) = 4000 ج تنسب إلى مبلغ 8100 ج قيمة التركة كلها فيكون نصيب المطعون عليه الأول في المنزل 20 س، 11 ط والباقي وهو 4 س، 12 ط يؤول إلى الطاعنين وإذ قضى الحكم المطعون فيه بأن نصيب المطعون عليه الأول 9 س، 20 ط يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه قدر قيمة التركة بموافقة الورثة - وبغير نعي من الطاعنين - بمبلغ 8100 جنيه وقيمة العقار الموصى به 6000 جنيه وكانت هذه الوصية تنفذ قانوناً بقدر الثلث من التركة كلها أي في 2700 جنيه والباقي من قيمة العقار وهو 3300 ج لا تنفذ الوصية فيه إلا بإجازة الورثة كنص المادة 37 من القانون رقم 71 لسنة 1946 - ولما كان المطعون عليهم قد أجازوا الوصية فيما يجاوز الثلث وكان نصيب المطعون عليهم الأربعة الأول الثلث أي مبلغ 1100 ج والتسع للمطعون عليها الخامسة أي مبلغ 366 جنيهاً و666 مليماً ومجموع ذلك 1466 جنيهاً و666 مليماً يضاف إلى قيمة ثلث التركة وقدره 2700 ج فيكون القدر النافذ من الوصية مبلغ 4166 جنيهاً و666 مليماً وهو ما يمثل حصة قدرها و16 س و16 ط من 24 ط شيوعاً في العقار الموصى به فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف ذلك باحتساب النصيب الميراثي للمطعون عليهم منسوباً إلى باقي التركة وقدرها 5400 ج بعد استنزال 2700 ج قيمة الوصية النافذة قانوناً وقضى بصحة العقد في حصة من العقار قدرها 9 س، 20 ط من 24 ط يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه فيتعين القضاء في الاستئناف رقم 2342 سنة 90 ق القاهرة بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض الدعوى والحكم بصحة ونفاذ التصرف المؤرخ 2/ 8/ 1968 باعتباره وصية بالنسبة لحصة قدرها 16 س و16 ط من 24 ط شيوعاً في المنزل الموضح بصحيفة الدعوى وألزمت المستأنف عليهم من الخامس إلى الأخير (الطاعنين) بالمصاريف المناسبة عن الدرجتين مع المقاصة في أتعاب المحاماة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق