جلسة 24 من فبراير سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: إبراهيم الجافي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد، وسليم راشد أبو زيد.
-----------------
(60)
الطعن رقم 229 لسنة 31 القضائية
(أ) نقض "الصفة في الطعن". محاماة.
تقديم المحامي المقرر بالطعن التوكيل الصادر إليه من الطاعن الأول عن نفسه وبصفته وكيلاً عن باقي الطاعنين. تصريح الأخيرين في توكيلهم للطاعن الأول بتوكيل محامين للطعن بالنقض نيابة عنهم. اعتبار الطعن مقرراً به ممن له صفة.
(ب) حكم. "منطوق الحكم".
عدم اقتصار منطوق الحكم على رفض الدعوى وقضاؤه بثبوت ملكية المدعى عليه وهو ما كان يجب ذكره في الأسباب. ليس ذلك قضاء بما لم يطلبه الخصوم، ولا أثر له على سلامة الحكم.
(ج) دعوى. "انقطاع سير الخصومة". بطلان.
بطلان الإجراءات المترتبة على انقطاع سير الخصومة بطلان نسبي قرره القانون لمصلحة من شرع الانقطاع لحمايته وهم خلفاء المتوفى ومن قام مقام من فقد أهليته أو زالت صفته. ليس لغيرهم أن يحتج بهذا البطلان.
(د) محكمة الموضوع. تقادم. "تقادم مكسب".
تقدير أدلة الدعوى والوقائع المؤدية إلى كسب الملكية بمضي المدة الطويلة مما تستقل به محكمة الموضوع.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الأحكام المطعون فيها وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن ورثة علي حسن البدري (المطعون ضدهم عدا الأول) أقاموا الدعوى رقم 1857/ 162 سنة 32 قضائية أمام محكمة المنصورة الابتدائية المختلطة على الطاعنين ووقف الخانكي (المطعون ضده الأول) طالبين الحكم أصلياً بأن قطعة الأرض المبينة بصحيفة الدعوى لا تدخل ضمن أعيان وقف الخانكي - واحتياطياً وفيما إذا قضي بأن تلك الأرض كلها أو بعضها تدخل ضمن أعيان ذلك الوقف بفسخ عقد البيع المسجل في 9 من يونيه سنة 1935 برقم 176 مع إلزام ورثة كحيل "الطاعنين" برد الثمن والفوائد مع التضمينات وقالوا شرحاً لدعواهم إنه بمقتضى وذلك العقد اشترى مورثهم المرحوم علي حسن البدري من ورثة كحيل "الطاعنين" قطعة أرض كائنة بمدينة دمياط مساحتها 655.69 متراً مربعاً مبينة الحدود والمعالم بالعقد وبالصحيفة بثمن قدره 1771 ج و92 م وبعد أن أقاموا عليها منزلاً بلغت تكاليفه 10000 ج رفع وقف الخانكي ضدهم الدعوى رقم 74 سنة 1935 أمام محكمة المنصورة الابتدائية الشرعية بطلب استحقاقه لتلك الأرض وقضت تلك المحكمة للوقف بطلباته ولهذا فقد رفعوا هذه الدعوى بطلباتهم السابقة وفي أول مايو سنة 1939 قضت محكمة المنصورة المختلطة برفض الدفع المقدم من وقف الخانكي بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وباختصاصها بنظرها وقبل الفصل في الموضوع بالانتقال إلى أرض النزاع بمصاحبة خبير يقوم بتطبيق مستندات الطرفين على الطبيعة لبيان ما إذا كانت أرض النزاع تدخل أولاً تدخل ضمن أعيان وقف الخانكي المبينة بحجته وفي 29 من مارس سنة 1943 قضت المحكمة بندب ثلاثة خبراء لأداء ذات المهمة وبعد أن قدم الخبراء الثلاثة تقريرهم قضت بجلسة 8 من فبراير سنة 1949 بالتصديق على تقرير الخبراء الثلاثة المودع بملف الدعوى وبسقوط حق وقف الخانكي بمضي المدة بالنسبة لأرض النزاع المبينة بصحيفة الدعوى فرفعت زليخة إبراهيم زهدي ناظرة الوقف الاستئناف رقم 97 سنة 1 ق أمام محكمة استئناف المنصورة طالبة إلغاء الحكم الصادر بجلسة أول مايو سنة 1939 والحكم الصادر بجلسة 8 من فبراير سنة 1949 والقضاء بعدم اختصاص المحكمة المختلطة بنظر الدعوى وفي الموضوع برفضها وأثناء سير الاستئناف تنازل وقف الخانكي عن الدفع بعدم اختصاص المحكمة المختلطة بنظر الدعوى وقد توفيت الناظرة زليخة إبراهيم زهدي وحلت محلها في الاستئناف الناظرة سنية مصطفى زهدي التي ظلت توالي السير فيه حتى توفيت وحل محلها السيد/ محمد مصطفى زهدي الذي عينه القضاء المستعجل حارساً على أعيان الوقف بالحكم رقم 1790 سنة 1953 مدني مستعجل القاهرة وفي 30 يناير سنة 1960 دفع حسين علي البدري بانقضاء الخصومة بمضي خمس سنوات على آخر إجراء صحيح فيها وفي 24 من مارس سنة 1960 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وبرفض الدفع المبدى من المطعون ضده حسين علي البدري بانقضاء الخصومة بخمس سنوات ثم قضت في 27 من يونيه سنة 1960 قبل الفصل في موضوع الاستئناف بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المستأنف عليهم "الطاعنون" وورثة علي حسن البدري المطعون ضدهم بكافة طرق الإثبات أن قسطنطين كحيل وورثته من بعده قد وضعوا اليد على العين موضوع النزاع وضع يد هادئ وبطريقة علنية ومستمرة لا غموض فيها بصفتهم ملاك لها مدة ثلاث وثلاثين سنة قبل رفع الدعوى الشرعية وبعد أن سمعت المحكمة شهود الطرفين قضت بتاريخ 30 من مارس سنة 1961 في الدعوى الأصلية بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من سقوط حتى وقف مصطفى الخانكي بمضي المدة فيما يتعلق بقطعة الأرض موضوع النزاع وباعتباره مالكاً لما مقداره 272.98 متراً مربعاً شيوعاً في القطعة المذكورة باعتبارها أرضاً فضاء وأقامت قضاءها على أن الأرض موضوع النزاع تدخل في حجة وقف الخانكي إذ كان يشترك فيها بحق النصف مع وقف أوخى باش الذي تصرف فيها لورثة كحيل الطاعنين بحجة البدل المؤرخة أول رجب سنة 1258 هـ وأن هذا البدل لا يحتج به على وقف الخانكي وأن الثابت من تقرير الخبراء الثلاثة والذي تأخذ به المحكمة أن تلك الأرض مملوكة على الشيوع لوقف الخانكي وورثة كحيل يخص الوقف فيها 272.98 متراً مربعاً ويخص الورثة 382.98 متراً مربعاً وأن الورثة المذكورين عجزوا عن إثبات امتلاكهم لحصة الوقف بالتقادم المكسب وفي 29 من إبريل سنة 1961 طعن الطاعنون في الأحكام الثلاثة الصادرة في 24 من مارس سنة 1960 و27 من يونيه سنة 1960 و30 من مارس سنة 1961 بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض على دائرة الفحص فقررت بجلسة 22 فبراير سنة 1964 إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصر الطاعنون على طلب نقض تلك الأحكام ودفع المطعون ضده الأول بعدم قبول الطعن ورأت النيابة في مذكرتها الثانية رفض هذا الدفع وتمسكت بما جاء في مذكرتها الأولى وبالجلسة المحددة لنظر الطعن صممت النيابة على هذا الرأي.
وحيث إن المطعون ضده الأول دفع بعدم قبول الطعن من الطاعنات الثلاثة شيزير وفارود وماري كحيل للتقرير به من غير ذي صفة وقال شرحاً للدفع إن الدكتور حسن زكي الإبراشي المحامي قرر بالطعن بصفته وكيلاً عن السيد نيقولا هيجلند كحيل عن نفسه وبصفته وكيلاً عن شيزير كحيل وفارود كحيل وماري كحيل بالتوكيل رقم 15454 سنة 1958 عام القاهرة ولم يقدم وقت التقرير بالطعن التوكيل الصادر من هؤلاء إلى نيقولا هيجلند كحيل وبالتالي يكون الطعن منهن مقرراً به من غير ذي صفة.
وحيث إن هذا الدفع غير سديد ذلك أنه يبين من الاطلاع على الملف أن محامي الطاعنين الذي قرر بالطعن أودع وقت التقرير به التوكيل الصادر إليه من نيقولا هيجلند كحيل عن نفسه وبصفته وكيلاً عن الطاعنات الثلاثة شيزير وفارود وماري كحيل كما أودع بتاريخ 14 من مارس سنة 1964 صورة رسمية من التوكيل الرسمي الصادر من هؤلاء الطاعنات إلى الطاعن الأول نيقولا هيجلند كحيل في 6 من يناير سنة 1943 وهو تاريخ سابق على التقرير بالطعن ويبين منها أن التوكيل الصادر منهن إليه يتسع للتصريح له في توكيل المحامين للطعن بالنقض نيابة عنهن وبذلك يكون الطعن من هؤلاء الطاعنات مقرراً به من ذي صفة ويتعين لذلك رفض الدفع.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه والصادر في 30 من مارس سنة 1961 الخطأ في القانون وفي بيان ذلك قالوا إن ورثة علي حسن البدري "المطعون ضدهم" أقاموا الدعوى بطلب ملكية الأرض موضوع النزاع وكان وقف الخانكي مدعى عليه فيها واقتصر دفاعه على طلب رفضها ولم يطلب القضاء له بملكيتها ولكن الحكم المطعون فيه تجاوز طلبات الوقف وقضى بثبوت ملكيته للأرض موضوع النزاع وهو خطأ في القانون.
وحيث إن هذا النعي غير منتج ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أن ورثة علي حسن البدري أقاموا الدعوى ضد وقف الخانكي المطعون ضده الأول وضد الطاعنين طالبين الحكم أصلياً بأن أرض النزاع لا تدخل كلها أو بعضها ضمن أعيان وقف الخانكي وكان هذا الوقف يطلب رفض الدعوى تأسيساً على أن الأرض مملوكة له ولما قضت محكمة الدرجة الأولى بسقوط حق وقف الخانكي في تلك الأرض بمضي ثلاث وثلاثين سنة استأنف الوقف هذا الحكم وتمسك بأن الأرض مملوكة له وتدخل ضمن أعيانه ولما كان الحكم في الاستئناف المرفوع من وقف الخانكي يقتضي الفصل في ملكية أرض النزاع وهل هي للوقف المذكور أم للطاعنين وقد انتهى الحكم على ما يبين من أسبابه إلى أن الوقف يملك جزء فيها وأن الطاعنين عجزوا عن إثبات اكتسابهم ملكية هذا الجزء بالتقادم الطويل فبقي على ملك الوقف، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يقتصر في منطوقه على إلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من سقوط حق وقف الخانكي بمضي المدة في الأرض محل النزاع وعلى رفض الدعوى بل ضمن هذا المنطوق النص على اعتبار الوقف مالكاً لما ثبتت ملكيته له وهو ما كان يجب ذكره في الأسباب فإن ذلك من الحكم لا يؤثر على سلامته ولا يعتبر منه قضاء للوقف بما لم يطلبه ويكون النعي على الحكم في هذا الخصوص غير منتج.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم الصادر بجلسة 24 من مارس سنة 1960 قد أخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك قال الطاعنون إن الخصومة في الاستئناف كانت منقطعة بحكم المادة 294 مرافعات من يوم 14 من سبتمبر سنة 1952 وهو تاريخ صدور المرسوم بقانون رقم 180 سنة 1952 بإلغاء الوقف على غير الخيرات وأيلولة ملكية أعيان الوقف إلى المستحقين كل بقدر حصته فزالت صفة ناظر الوقف في تمثيلهم منذ ذلك التاريخ أو في القليل منذ وفاة السيدة سنية إبراهيم زهدي في 28 من ديسمبر سنة 1952 وترتب على هذا الانقطاع بطلان الإجراءات التي تمت أثناءه وظلت الخصومة منقطعة لمدة تزيد على خمس سنوات دون أن يتخذ فيها أي إجراء صحيح وعلى هذا الأساس دفع حسين علي البدري "المطعون ضده" بانقضاء الخصومة بمضي خمس سنوات على آخر إجراء صحيح فيها ورفضت المحكمة هذا الدفع استناداً إلى أن الدعوى سارت في طريقها منذ رفعها دون أن يصدر فيها حكم بالشطب أو بالوقف أو بالانقطاع ودون أن يطلب الحكم بانقطاع الخصومة وأن مدة التقادم لا تبدأ إلا من الوقت الذي يصدر فيه حكم بشطب الدعوى أو وقفها أو انقطاع السير فيها وهذا من الحكم خطأ في القانون إذ انقطاع الخصومة يحصل بقوة القانون وبغير حاجة إلى حكم به والإجراءات التي تتخذ أثناء الانقطاع تقع باطلة.
وحيث إنه لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن الذي أبدى الدفع بانقضاء الخصومة بمضي خمس سنوات هو المطعون ضده حسين علي البدري وقد أسسه على أن الخصومة قد انقطعت بقوة القانون بسبب زوال صفة ناظر الوقف منذ صدور المرسوم بقانون رقم 180 سنة 1952 في 14 من سبتمبر سنة 1952 أو في القليل من تاريخ وفاة الناظرة السيدة/ سنية إبراهيم زهدي في 28 من ديسمبر سنة 1952 وأن الإجراءات التي تمت في الاستئناف ابتداء من أحد هذين التاريخين قد وقعت باطلة وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن بطلان الإجراءات المترتب على انقطاع سير الخصومة هو بطلان نسبي قرره القانون لمصلحة من شرع الانقطاع لحمايته تمكيناً له من الدفاع عن حقوقه وهم خلفاء المتوفى ومن يقومون مقام من فقد أهليته أو زالت صفته فلا يحق لغيرهم أن يحتج بهذا البطلان فإنه ما كان لحسين علي البدري أو للطاعنين أن يحتجوا بالبطلان الناشئ عن انقطاع سير الخصومة بسبب زوال صفة ممثل الوقف أو وفاته ولا يكون للطاعنين بالتالي أن يعيبوا على الحكم المطعون فيه اعتباره هذه الإجراءات صحيحة إذ أنها تعتبر صحيحة بالنسبة إليهم وترتيباً على ذلك فإن الدفع بانقطاع الخصومة المؤسس على بطلان تلك الإجراءات يكون منهار الأساس ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضي برفضه لم يخالف القانون.
حيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في التسبيب وفي بيان ذلك قال الطاعنون إنهم تمسكوا في مذكرتهم الختامية أمام محكمة الاستئناف بأن ملكية أرض النزاع آلت إليهم بالحجة الشرعية المؤرخة أول رجب سنة 1258 هـ وأن السيدة عائشة خاتون كانت تمثل في هذه الحجة وقفي أوضى باشى والخانكي وأن حجة وقف الخانكي صريحة في الإبقاء على ملكية وقف أوضى باشى لأرض النزاع وأن البدل الذي أجرته السيدة/ عائشة خاتون إلى الطاعنين صحيح وأن محمد حسيب الخانكي الناظر على وقف الخانكي صادق على حجة ملكيتهم في سنة 1276 وأنه لا يحق للنظار اللاحقين أن يتعرضوا للطاعنين في ملكيتهم لهذه الأرض وأن الحكم المطعون فيه لم يرد على هذا إلا بقوله إن حجة البدل المؤرخة أول رجب سنة 1258 هـ لا يحتج بها على وقف الخانكي دون أن يوضح السبب في عدم إمكان هذا الاحتجاج مما يجعل الحكم مشوباً بقصور يبطله.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه يبين من الحكم المطعون أنه رد على هذا الدفاع بقوله "وحيث إنه لا نزاع في أن الأرض موضوع النزاع داخلة في حجة الوقف الذي يمثله المستأنف (وقف الخانكي) إذ كان يشترك فيها بحق النصف مع وقف أوضى باشى الذي أعطاها لمورث ورثة كحيل بحجة البدل المؤرخة أول رجب سنة 1258 وأن هذا البدل لا يعتبر حجة على وقف الخانكي كما جاء في الحكم المستأنف بحق" وظاهر من هذا الذي قرره الحكم المطعون فيه أنه أخذ بأسباب الحكم الابتدائي في هذا الصدد ولما كان الطاعنون لم يقدموا صورة رسمية من الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه عند رده على دفاع الطاعنين في هذا الخصوص واكتفوا بتقديم صورة عرفية لا يعتد بها في إثبات الطعن فإن النعي في هذا الخصوص يكون غير مقبول.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم الصادر في 27 من يونيه 1960 والذي قضى بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت ورثة البدري المطعون ضدهم وورثة كحيل الطاعنين أن قسطنطين كحيل وورثته من بعده قد وضعوا اليد على أرض النزاع مدة 33 سنة قبل رفع الدعوى الشرعية - قد أخطأ في القانون لأن وضع يد الطاعنين كان ثابتاً من التحقيق الذي أجرته الحكومة في سنة 1887 على أثر قيام نزاع بينها وبينهم على ملكية هذه الأرض ومن خريطة فك الزمام التي وضعت في سنة 1888 والتي ثبت منها أن أرض النزاع ملك لهم وفي حيازتهم وعليها مبان مملوكة لهم ومما أثبته الخبير في الدعوى رقم 265 سنة 31 ق من أن مورثهم كان يضع يده على تلك الأرض وقد أهدر الحكم كل هذه المستندات الرسمية وأجاز إثبات عكسها بالبينة كما أخطأ الحكم إذا سقط حجية خريطة فك الزمام التي وضعتها الحكومة لمجرد ادعاء المطعون ضده الأول بتزييفها دون أن يطعن عليها بالتزوير.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كانت الأوراق التي يستند إليها الطاعنون في سبب الطعن ليس لها حجية ملزمة أو قاطعة في إثبات وضع يدهم وكان تقدير أدلة الدعوى والوقائع المؤدية إلى كسب الملكية بمضي المدة الطويلة هو مما تستقل به محكمة الموضوع متى اعتمدت على أسباب من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها وكانت الأدلة التي استند إليها الحكم المطعون فيه مستمدة من أوراق الدعوى ومستخلصة منها استخلاصاً سائغاً ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها فإن ما يثيره الطاعنون في شأن عدم كفاية هذه الأدلة وكفاية أدلتهم التي لم تأخذ بها المحكمة يكون جدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في الموازنة بين الأدلة التي يدلي بها الخصوم وتقدير كفايتها أو عدم كفايتها ومثل هذا الجدل لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الخامس على الحكم الصادر في 27 يونيه سنة 1960 الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ذلك أنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف بأن نفس الواقف في وقف الخانكي سبق أن أقر لمورثهم إقراراً قضائياً بخروج أرض النزاع من وقف الخانكي فقد ذكر في الحجة الشرعية المؤرخة 17 شعبان سنة 1254 أنه ليس له ولا لوقفه أي حق على القطعة الواقعة بحري الجسر السلطاني الذي حل محله شارع اللوزي حسبما يبين من تقرير الخبراء وهو الشارع الذي تقع فيه حالياً أرض النزاع - لكن محكمة الاستئناف أهدرت هذا الإقرار وأحالت الدعوى إلى التحقيق وانتهت من هذا التحقيق إلى أن الوقف هو المالك وذلك على خلاف ما أقر به الواقف وبذلك جاء الحكم المطعون فيه مشوباً بالقصور ومخطئاً في القانون.
وحيث إنه لما كان الطاعنون لم يقدموا لمحكمة النقض دليلاً على تمسكهم بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع سوى صورة عرفية لمذكرة وهذه الصورة ما دامت غير رسمية فلا يعتد بها ولهذا فإن نعيهم بهذا السبب يكون عارياً من الدليل كما لا يجوز للطاعنين التحدي بهذا الدفاع الذي يخالطه واقع لأول مرة أمام محكمة النقض ما داموا لم يثبتوا سبق عرضه على محكمة الموضوع.
وحيث إنه لما تقدم يكون النعي برمته غير سديد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق