الصفحات

تحميل وطباعة هذه الصفحة

Print Friendly and PDF

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 11 مايو 2023

الطعن 1926 لسنة 38 ق جلسة 16 / 12/ 1968 مكتب فني 19 ج 3 ق 225 ص 1103

جلسة 16 من ديسمبر سنة 1968

برئاسة السيد المستشار/ محمد صبري وعضوية السادة المستشارين: محمد محفوظ، ومحمود العمراوي، ومحمود عطيفه، والدكتور أحمد محمد إبراهيم.

-----------------

(225)
الطعن رقم 1926 لسنة 38 القضائية

(أ) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". إثبات. "إثبات بوجه عام".
لا يعيب الحكم استناده إلى ما يعتبر من العلم العام في صدد استدلاله على صحة تصوير شهود الإثبات للواقعة.
(ب، جـ، د، هـ، و) حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب" إثبات "شهادة".
(ب) لا يؤثر في الحكم ما يقع فيه من سهو مادي.
(ج) لا يعيب الحكم استناده إلى أقوال شهود النفي في إطراح دفاع الطاعن. ما دام سائغاً.
(د) حق محكمة الموضوع في استمداد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه.
(هـ) حق محكمة الموضوع في التعويل على أقوال الشاهد في أي مرحلة.
(و) الخطأ في تحديد مصدر الدليل. لا يضيع أثره. ما دام له أصل صحيح في الأوراق.
(ز) جريمة. "أركان الجريمة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
آلة الاعتداء. ليست من الأركان الجوهرية في الجريمة.
(ح، ط) نقض. "أسباب الطعن بالنقض. ما لا يقبل منها". إثبات "خبرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
(ح) الجدل الموضوعي. لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
(ط) النعي على المحكمة عدم إجراء تحقيق لم يطلب منها. غير جائز.

-----------------
1 - متى كان قول الحكم بأن العرف قد جرى في الريف على حدوث منازعات بين الجيران بسبب التنازع على مياه الري أو أجران الدرس قد سيق بصدد الاستدلال على صحة تصوير شهود الإثبات للواقعة وبيان الباعث عليها دون أن يكون لها أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها، وكان العلم بحدوث مثل هذه المنازعات بين الجيران هو من العلم العام بما يجري بين الناس في الريف، فإن النعي على الحكم بالاستناد في هذا الشأن إلى غير الثابت في الأوراق يكون نعياً غير سديد.
2 - إن مجرد السهو المادي الذي وقع فيه الحكم لا يؤثر في سلامته.
3 - متى كان الواضح من مدونات الحكم أنه عول في إدانة الطاعن على أقوال شهود الإثبات من وقوع الحادث بالصورة التي اعتنقها، وكان استناد الحكم إلى أقوال شاهدي النفي في إطراح دفاع الطاعن الموضوعي سائغاً لأنهما إذ شهدا أنهما انصرفا من الجرن وتركا الطاعن به لحراسته فإن شهادتهما لا تتعارض البتة مع تصوير شهود الإثبات للواقعة ولا تتسق مع ما أشهدهما الطاعن عليه من أنه لم يكن بالجرن وقت الحادث وبالتالي يكون منعى الطاعن في غير محله.
4 - لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه.
5 - لمحكمة الموضوع أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها.
6 - إن الخطأ في تحديد مصدر الدليل لا يضيع أثره ما دام له أصل صحيح في الأوراق، ومن ثم فإنه لا يقدح في سلامة الحكم أن يكون قد ذكر أنه استخلص أقوال الشهود مما أدلوا به في محضر جلسة المحاكمة وفي التحقيق الابتدائي مع أنها لم ترد إلا في أحدهما دون الآخر، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا محل له.
7 - إن آلة الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية في الجريمة، فلا يجدي الطاعن ما ينعاه على الحكم من قالة التناقض في وصف آلة الاعتداء إذ وصفها تارة بأنها ماسورة من الحديد، وتارة أخرى بأنها قطعة من الحديد، ذلك أن الماسورة الحديد لا تعدو أن تكون قطعة من حديد.
8 - لا يجوز إثارة الجدل الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض.
9 - لا يقبل من الطاعن أن ينعى على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 7 يونيه سنة 1967 بدائرة مركز طما محافظة سوهاج: ضرب بخيت إبراهيم بخيت جاد الله بقطعة حديد على رأسه فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادة 236/ 1 من قانون العقوبات. فقرر بذلك، وادعى مدنياً إبراهيم بخيت جاد الله "والد المجني عليه" قبل المتهم بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت ومحكمة جنايات سوهاج قضت في الدعوى حضورياً عملاً بالمادتين 236/1 من قانون العقوبات و304/ 2 من قانون الإجراءات الجنائية بمعاقبة المتهم بالسجن مدة خمس سنوات وإلزامه أن يدفع للمدعي بالحق المدني إبراهيم بخيت جاد الله مبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف المدنية فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة الضرب المفضي إلى الموت قد شابه التناقض في التسبيب والخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال، ذلك بأنه أورد - وهو بصدد بيانه لواقعة الدعوى - أن محمود عبد الغفار شقيق الطاعن هو الذي ضرب المجني عليه ولكنه انتهى إلى إدانة الطاعن بارتكاب هذه الجريمة فلا يعرف إن كانت المحكمة قد أرادت إدانة الطاعن أم إدانة شقيقه كما أقامت المحكمة قضاءها بالإدانة على الفرض والاحتمال وعلى ما ليس له سند في الأوراق إذ قال الحكم وهو في سبيل إثبات الواقعة إن العرف في الريف قد جرى على قيام مشاحنات بين الجيران بسبب الري وكذا أثناء الدراس وهذا العرف لا سند له في الأوراق فضلاً عن أن العرف لا يؤخذ به في المسائل الجنائية كما أطرح الحكم شهادة شاهد النفي لأسباب غير سائغة وأخذ بشهادة شهود الإثبات في التحقيقات وبالجلسة رغم ما بينها من تعارض كما وصف آلة الاعتداء تارة بأنها ماسورة من الحديد وتارة بأنها قطعة من الحديد ولهذا الاختلاف أثره لأن ما يتخلف بالمجني عليه من إحداهما يغاير ما يتخلف عن الأخرى كما عول الحكم على ما جاء بالتقرير الطبي الشرعي من جواز حدوث إصابة المجني عليه من ماسورة حديد مع أنه لو كان قد علم بأن الأدلة التي قيل بصفة قاطعة أنها استعملت في الحادث هي سيخ من الحديد لكان من الجائز أن ينتهي إلى أن مثل هذا السيخ لا يحدث الإصابة التي برأس المجني عليه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله "إن يعقوب جاد الله إبراهيم كان يعمل في جرنه يوم 7 يونيه سنة 1967 وكان المتهم أحمد عبد الغفار حسن - الطاعن - يعمل هو الآخر في جرن مجاور له هو وشقيقيه محمود وعبد اللاه وفي خلال عملهما شاهد يعقوب جاد الله المتهم سالف الذكر يبعثر قش القمح من جرنه على الأرض بغية إفساح الطريق لمرور الهواء لجرنه هو. ولما حاول منعه والحد من بعثرته اعتدى عليه هو وشقيقيه بالضرب، وحضر على أثر استغاثته إخوة المجني عليه المرحوم بخيت إبراهيم بخيت والشاهد محمود حسن أحمد وقد بادر أخوة المجني عليه المرحوم بخيت إبراهيم (المجني عليه) بصفع محمود عبد الغفار على وجهه وتماسكا إلا أن محمود حسن أحمد فرقهما عن بعضهما، فعاود محمود عبد الغفار أخ المتهم الإمساك بالمجني عليه وضربه بماسورة حديد ضربة واحدة على رأسه دون أن يقصد من ذلك قتله فسقط على الأرض وأصيب بالإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته.. وإن الواقعة بصورتها المتقدمة لقاطعة بأن المتهم - الطاعن - ضرب المجني عليه في الزمان والمكان سالفي التحديد بخيت إبراهيم بخيت بقطعة من الحديد على رأسه ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته قد ثبت صحتها وتوفرت الأدلة عليها من أقوال كل من يعقوب جاد الله إبراهيم ومحمود حسن أحمد وعلام محمد إسماعيل التي وردت بالتحقيقات وبجلسة المحاكمة ومما بان من تقرير الصفة التشريحية" والبين من سياق عبارة الحكم أن المتهم الطاعن هو الذي ضرب المجني عليه بماسورة من الحديد. أما قول الحكم "فعاود محمود عبد الغفار أخ المتهم الإمساك بالمجني عليه وضربه بماسورة حديد ضربة واحدة على رأسه" فالواضح بغير شبهة أنه سقط من هذه الجملة لفظ "المتهم" بعد كلمة "ضربه" يؤيد ذلك ما استطرد إليه الحكم بعد ذلك مباشرة من ترديد أن المتهم الطاعن هو وحده الذي ضرب المجني عليه بالماسورة ولو كان ما قصدت إليه المحكمة هو أن محمود عبد الغفار قد ضرب المجني عليه لما وصفته بأنه شقيق المتهم خاصة إذا لوحظ أن الدعوى الجنائية قد رفعت على متهم واحد هو الطاعن ويؤكد ذلك ما ردده الحكم في أكثر من موضع من مدوناته بأن المتهم الطاعن هو وحده الذي ضرب المجني عليه بالماسورة فأصابه ومن ثم فإن ما وقع فيه الحكم لا يعدو أن يكون مجرد سهو مادي لا يؤثر في سلامته، ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك وكانت قالة الحكم بأن العرف قد جرى في الريف على حدوث منازعات بين الجيران بسبب التنازع على مياه الري أو أجران الدرس فإنها سيقت بصدد الاستدلال على صحة تصوير شهود الإثبات للواقعة وبيان الباعث عليها دون أن يكون لها أثر في منطق الحكم أو في النتيجة التي انتهى إليها وكان العلم بحدوث مثل هذه المنازعات بين الجيران هو من العلم العام بما يجري بين الناس في الريف ومن ثم فإن النعي على الحكم بالاستناد في هذا الشأن إلى غير الثابت في الأوراق يكون نعياً غير سديد. لما كان ذلك وكان الحكم قد عول وهو بصدد إطراحه دفاع الطاعن بشأن عدم وجوده بالجرن وقت الحادث إلى أقوال شهود الإثبات فضلاً عن قالة شاهدي النفي وذلك في قوله "يضاف إلى ذلك أن كلاً من صادق جبره متى وعبد الله سلامه سليمان - شاهدي النفي - وهما من عمال الدراوة قد كذبا المتهم فيما قرره من أنه لم يكن موجوداً بالجرن وقت الحادث فشهدا في التحقيق أمام النيابة أن المتهم أحمد عبد الغفار حسن كان موجوداً في جرنه المجاور لجرن المجني عليه وأنهما - أي الشاهدان المذكوران - كانا يقومان بدراوة القمح في جرنه أثناء وجوده به ثم لما اشتدت الرياح وتعذر عليهما الاستمرار في الدوارة غادرا الجرن وبقي المتهم ليحرسه. أما تواجده بمنزل خلف الله خلف فكان بعد وقوع الحادث وضربه المجني عليه وهربه - كما قال الخفير النظامي علام محمد إسماعيل - بناحية الدمر ليثبت حضوره لدى خلف الله خلف. وهذا لا يجديه فتيلاً بعد ما شهد جميع الشهود على أنه كان موجوداً بالجرن وقت أن قامت المشاجرة وأنه اعتدى بالضرب على المجني عليه بماسورة حديد كانت لديه وبعد ما اطمأنت المحكمة إلى صدق ما شهد به شهود الإثبات الذين أيدت أقوالهم بما أسفر عنه تقرير الصفة التشريحية من وجود إصابات رضية بالمجني عليه نشأت عنها وفاته ومن ثم يتعين إطراح دفاع المتهم وعدم التعويل عليه". ولما كان الواضح من مدونات الحكم أنه عول في إدانة الطاعن على أقوال شهود الإثبات يعقوب جاد الله إبراهيم ومحمود حسن أحمد وعلام محمد إسماعيل من وقوع الحادث بالصورة التي اعتنقها الحكم، وكان استناد الحكم إلى أقوال شاهدي النفي في إطراح دفاع الطاعن الموضوعي سائغاً لأنهما إذ شهدا أنهما انصرفا من الجرن وتركا الطاعن به لحراسته فإن شهادتهما لا تتعارض البتة مع تصوير شهود الإثبات للواقعة ولا تتسق مع ما أشهدهما الطاعن عليه من أنه لم يكن بالجرن وقت الحادث وبالتالي يكون منعى الطاعن في غير محله. لما كان ذلك، وكان ما حصله الحكم من أقوال شهود الإثبات له أصله الثابت في الأوراق، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في أن تستمد اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه، ولها أن تعول على أقوال الشاهد في أي مرحلة من مراحل الدعوى ما دامت قد اطمأنت إليها فإنه لا يقدح في سلامة الحكم أن يكون قد ذكر أنه استخلص أقوال الشهود مما أدلوا به في محضر جلسة المحاكمة وفي التحقيق الابتدائي مع أنها لم ترد إلا في أحدهما دون الآخر، ذلك بأن الخطأ في تحديد مصدر الدليل - بفرض وقوعه - لا يضيع أثره ما دام له أصل صحيح في الأوراق ويكون ما يثيره الطاعن في هذا الصدد لا محل له. لما كان ذلك؛ وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم من قالة التناقض في وصف آلة الاعتداء إذ وصفها تارة بأنها ماسورة من الحديد وتارة أخرى بأنها قطعة من الحديد فإنه مردود بأنه فضلاً عن أن الماسورة الحديد لا تعدو أن تكون قطعة من حديد فإن آلة الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية في الجريمة فلا يجدي الطاعن المنازعة في هذا الخصوص. أما القول باحتمال تغير رأي الطبيب الشرعي لو علم أن الضرب كان بسيخ من الحديد لا بماسورة من الحديد فهو جدل موضوعي لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض وما دام الطاعن لم يطلب من المحكمة تحقيقاً معيناً في هذا الصدد فلا يقبل منه أن ينعى عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس واجب الرفض موضوعاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق