جلسة 10 من يوليه سنة 1991
برئاسة السيد المستشار/ وليم رزق بدوي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: طه الشريف، أحمد أبو الحجاج نائبي رئيس المحكمة، شكري العميري وعبد الصمد عبد العزيز.
----------------
(218)
الطعن رقم 1688 لسنة 59 القضائية
تعويض "تقديره". استئناف.
جواز إدماج المحكمة الضررين المادي والأدبي معاً وتقدير التعويض عنهما بغير تخصيص. تعديل محكمة الاستئناف للحكم الابتدائي وقصرها التعويض على أحد هذين العنصرين. أثره. وجوب النزول بالتعويض عن القدر المحكوم به ابتدائياً. عدم جواز تعرض محكمة الاستئناف لأمر غير مطروح عليها أو أن تسوئ مركز المستأنف أو زيادة التعويض المحكوم عليه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 15015 مدني كلي جنوب القاهرة على الطاعن بصفته بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدي له مبلغ 100000.00 مائة ألف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقته من جراء اعتقاله وتعذيبه - وقال بياناً لذلك إنه بتاريخ 24/ 3/ 1959 تم اعتقاله وأودع معتقل أبي زعبل ثم نقل منه إلى سجن الفيوم حتى أُفرج عنه في غضون سنة 1964 وتعرض خلال هذه الفترة للتعذيب من تابعي الطاعن بصفته وإذ ناله من جراء ذلك أضراراً مادية وأدبية يستحق تعويضاً عنها. فقد أقام الدعوى بطلباته. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع الشهود قضت للمطعون ضده بمبلغ خمسة آلاف جنيه تعويضاً عن الضررين. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 3334 سنة 105 ق القاهرة. وبتاريخ 12/ 2/ 1989 قضت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وإذ عُرِضَ الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله وفي بيان ذلك يقول إنه ولئن كان لمحكمة الموضوع أن تُدمِج الضررين المادي والأدبي معاً وتقدر التعويض عنهما بغير تخصيص لمقداره عن كل منهما إلا أنه من المتعين عليها إذا رأت عدم توافر إحداهما أن تستنزل من حكمها ما يقابله من مبالغ قدرتها كتعويض عنه - وإذ قضى الحكم الابتدائي للمطعون ضده بمبلغ خمسة آلاف جنيه تعويضاً عن الضررين المادي والأدبي واستأنفته الطاعنة ورأت المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه عدم توافر عناصر الضرر المادي للمطعون ضده لانعدام دليله مما كان يتعين معه أن تستنزل من مبلغ التعويض المقضي به له ما يقابله من التعويض عن الضرر المادي ولا يزيد في مقداره بالنسبة للضرر الأدبي لا يُضار بطعنه - وإذ ما خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك انه لما كان المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أنه لا يعيب الحكم أن يدمج الضررين المادي والأدبي معاً ويقدر التعويض عنهما بغير تخصيص لمقداره عن كل منهما ولا يحول ذلك دون قيام الحقيقة الواقعة وهي أن كل عنصر من هذين العنصرين كان له حسابه في تحديد مقدار التعويض المقضي به. ومن ثم إذا استأنف محكوم ضده حكماً قضى بإلزامه بأداء تعويض عن أضرار مادية وأدبية ولم يكن هذا الحكم قد حدد مقدار ما خص كل عنصر منهما من التعويض ورأت محكمة الاستئناف عدم الأحقية في التعويض بالنسبة لأحد هذين العنصرين فقد وجب عليه عندئذ أن تخصم ما يقابل ذلك العنصر من التعويض المقضي به ابتدائياً وهو ما يقضي بطريق اللزوم النزول به عن المقدار الذي صدر به الحكم المستأنف، وأنه لا يجوز لمحكمة الاستئناف أن تتعرض للفصل في أمر غير مطروح عليها أو أن تسوئ مركز المستأنف بالاستئناف الذي قام هو برفعه أو تزيد من مقدار التعويض عن العنصر الآخر لمخالفة ذلك لقاعدة ألا يُضار الطاعن بطعنه. لما كان ذلك، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن بصفته بعد أن قضى الحكم الابتدائي بإلزامه بأن يؤدى للمطعون ضده مبلغ خمسة آلاف جنيه تعويضاً عما لحقه من أضرار مادية وأدبية من جراء اعتقاله وتعذيبه واستأنف هذا الحكم وخلصت المحكمة إلى استبعاد عنصر الضرر المادي بالنسبة إليه لانعدام دليله مما كان يتعين معه أن يستنزل من مبلغ التعويض المقضي به ما يقابل هذا العنصر دون أن يعرض لإعادة تقديره للضرر الأدبي الذي خلص إلى توافر عناصره في حقه أو تزيد فيه - إذ لم يكن مطروحاً عليه حتى لا يُضار الطاعن من طعنه. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
ولما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق