الصفحات

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 22 مايو 2023

الطعن 102 لسنة 32 ق جلسة 10 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 ق 76 ص 558

جلسة 10 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام.

---------------

(76)
الطعن رقم 102 لسنة 32 القضائية

(أ، ب) نقض. "الأحكام التي لا يجوز الطعن فيها".
(أ) الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية. عدم جواز الطعن فيها بالنقض إلا لمخالفة قواعد الاختصاص المتعلق بوظيفة المحاكم.
(ب) النعي بالقصور في التسبيب لا يجوز الطعن به أمام محكمة النقض في هذه الأحكام لخروجه عن الأحوال المنصوص عليها في المادتين 2 و3 من القانون رقم 57 لسنة 1959.
(ج) قوة الشيء المحكوم به. إثبات. "القرائن القانونية". مسئولية. تعويض.
الحكم الجنائي الصادر بالبراءة إذا كان مبنياً على عدم العقاب على الفعل قانوناً لانتفاء القصد الجنائي أو لسبب آخر لا يحوز قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية ولا يمنعها من البحث فيما إذا كان الفعل مع تجرده من صفة الجريمة قد نشأ عنه ضرر يستوجب التعويض أم لا.

---------------
1 - لا تجيز المادة الثانية من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية لمخالفة قواعد الاختصاص إلا إذا خالف الحكم قاعدة من قواعد الاختصاص المتعلق بوظيفة المحاكم.
2 - النعي بالقصور في التسبيب لا يجوز الطعن به أمام محكمة النقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية لخروجه عن الأحوال المنصوص عليها في المادتين الثانية والثالثة من القانون رقم 57 لسنة 1959.
3 - إن الحكم الجنائي الصادر بالبراءة إذا كان مبنياً على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون سواء كان ذلك لانتفاء القصد الجنائي أو لسبب آخر فإنه طبقاً لصريح نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية لا تكون له قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية وبالتالي فإنه لا يمنع تلك المحاكم من البحث فيما إذا كان هذا الفعل مع تجرده من صفة الجريمة قد نشأ عنه ضرر يصح أن يكون أساساً للتعويض أم لا.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن مورث المطعون ضدهم أقام على الطاعن الدعوى رقم 759 سنة 1959 أمام محكمة شبرا الجزئية طالباً الحكم بإلزامه بمبلغ أربعمائة جنيه وقال في بيان دعواه إنه بموجب اتفاق تاريخه 18 من أغسطس سنة 1950 قد عهد إليه المقاول سليمان عوض الله - القيام ببناء وعمل أعتاب مسلحة لمنزل الطاعن وأنه تنفيذاً لهذا الاتفاق قام بنقل الأخشاب اللازمة لذلك إلى المنزل المذكور وبتاريخ 19 من أكتوبر سنة 1950 أوقع المطعون ضده حجزاً استحقاقياً على تلك الأخشاب ثم أعقب ذلك برفع الدعوى رقم 2037 سنة 1950 مدني شبرا التي قضي له فيها بإلزام الطاعن بتسليمه الأخشاب المذكورة مع تثبيت الحجز الاستحقاقي الموقع عليها وجعله نافذاً وعلى الرغم من صيرورة هذا الحكم انتهائياً فقد امتنع الطاعن عن تسليمه الأخشاب مما ألحق به ضرراً يقدره بمبلغ 280 جنيهاً علاوة على قيمة الأخشاب التي اختلسها الطاعن والتي قدرها بمبلغ 120 جنيهاً، دفع الطاعن بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة قولاً منه بأن مورث المطعون ضدهم لم يختصم المدين الأصلي الذي صدر ضده أمر الحجز كما دفع بعدم اختصاص المحكمة الجزئية نوعياً بنظر الدعوى، وبتاريخ 5 من أكتوبر سنة 1957 قضت محكمة أول درجة برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وقبل الفصل في الاختصاص بندب خبير لتقدير قيمة الأخشاب وتقدير قيمة ما أصاب مورث المطعون ضدهم من ضرر وما فاته من ربح بسبب حرمانه من استعمال تلك الأخشاب في المقاولات التي عهد بها إليه في المدة من وقت الحكم بتسليمها في 18 من نوفمبر سنة 1952 حتى صدور هذا الحكم وما كانت تغله أو أجرها للغير - وإذ قدم الخبير تقريره الذي انتهى فيه إلى أن الأخشاب قيمتها مبلغ 125 ج و150 م وأن ما فاته من ربح بسبب عدم استغلال الأخشاب يقدر بمبلغ 344 ج و500 م حكمت المحكمة في 20 من ديسمبر سنة 1958 برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة نوعياً بنظر الدعوى وباختصاصها وبإلزام الطاعن بأن يدفع لمورث المطعون ضدهم مبلغ 400 ج والمصروفات - استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 193 سنة 1959 محكمة القاهرة الابتدائية - طالباً القضاء أصلياً - بعدم اختصاص المحكمة الجزئية نوعياً بنظر الدعوى واحتياطياً بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها في الجنحة رقم 8376 سنة 1951 شبرا أو القضاء برفض الدعوى موضوعاً وتمسك بدفاعه ودفوعه التي أبداها أمام محكمة أول درجة وأسس دفعه بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها على أنه قدم للمحاكمة في الجنحة المشار إليها بتهمة تبديد الأخشاب موضوع النزاع وأن مورث المطعون ضدهم قد ادعى قبله مدنياً ومحكمة جنح شبرا قضت في 24 من مارس سنة 1952 ببراءته من التهمة المسندة إليه وبرفض الدعوى المدنية وقد أصبح هذا الحكم انتهائياً حائزاً قوة الشيء المقضى به فيتقيد به القاضي المدني - وبتاريخ 30 من يناير سنة 1962 حكمت المحكمة الاستئنافية برفض الاستئناف وبتأييد الحكم المستأنف وأقامت قضاءها برفض الدفع بعدم الاختصاص على أن الدعوى موضوعها طلب تعويض عن الضرر الناشئ عن ارتكاب جنحة فتختص بها محكمة المواد الجزئية مهما تكن قيمتها طبقاً لنص المادة 46 فقرة هـ من قانون المرافعات - واستندت في قضائها برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها إلى أن الحكم الجنائي قضى ببراءة الطاعن من تهمة التبديد لانتفاء القصد الجنائي لديه فلا يقيد القاضي المدني في النزاع الحالي - كما أن الطاعن لم يقدم ما يدل على أن مورث المطعون ضدهم قد أدعى قبله مدنياً أمام محكمة الجنح - وأقرت المحكمة أسباب الحكم المستأنف فيما يتعلق بموضوع الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها رأيها بعدم جواز الطعن - ولدى نظره أمام هذه الدائرة أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون في مسألة من مسائل الاختصاص المتعلق بالنظام العام إذ لم يقض بعدم اختصاص القاضي الجزئي بنظر الدعوى وفي بيان ذلك يقول إن مورث المطعون ضدهم قد طلب إلزام الطاعن بأن يدفع له مبلغ 400 ج من ذلك مبلغ 120 ج قيمة الأخشاب والباقي تعويضاً له عما لحقه من ضرر بسبب امتناع الطاعن عن تسليم تلك الأخشاب إليه مما يجعل الدعوى متضمنة طلبين ناشئين عن سبب قانوني واحد ومن ثم يكون تقديرها لتعيين المحكمة المختصة بنظرها باعتبار قيمة مجموع هذين الطلبين عملاً بما تنص عليه المادة 41 من قانون المرافعات - وإذ كانت قيمة الدعوى على هذا الأساس تجاوز مائتين وخمسين جنيهاً فإنه لذلك كان يتعين على المحكمة الجزئية التي رفعت إليها الدعوى - والاختصاص النوعي من النظام العام - أن تقضي ولو من تلقاء نفسها بعدم الاختصاص - ولما كانت تلك المحكمة قد قضت برفض الدفع بعدم الاختصاص وفصلت في موضوع الدعوى وهي غير مختصة بالفصل فيه فإن قضاءها يكون مخالفاً للقانون في شأن قواعد الاختصاص كما أن الحكم المطعون فيه قد وقع في نفس المخالفة بقضائه في الموضوع بتأييد الحكم المستأنف.
وحيث إنه لما كانت المادة الثانية من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض لا تجيز الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية لمخالفة قواعد الاختصاص إلا إذا خالف الحكم قاعدة من قواعد الاختصاص المتعلق بوظيفة المحاكم وقد أكدت هذا المعنى المذكرة الإيضاحية بقولها "لما كان الأصل أن الطعن بطريق النقض لا يرد إلا بالنسبة للأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف وأن الطعن في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية في قضايا استئناف أحكام المحاكم الجزئية إنما أجيز استثناء على هذا الأصل فقد رؤى قصر هذا الاستثناء على الأحكام الصادرة في مسائل الاختصاص المتعلق بوظيفة المحاكم وذلك نظراً لما لهذه الأحكام من خطر" لما كان ذلك، وكان ما يعيبه الطاعن على الحكم المطعون فيه هو مخالفته قواعد الاختصاص النوعي فإن طعنه بهذا السبب يكون غير جائز.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون بمخالفته نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأنه وقد قضي ببراءته من المحكمة الجنائية في قضية الجنحة رقم 8376 سنة 1951 شبرا التي اتهم فيها بتبديد الأخشاب موضوع الدعوى فإن هذا الحكم يكون له عملاً بالمادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية قوة الشيء المحكوم به أمام المحكمة المدنية في الدعوى المطروحة لكن محكمة الاستئناف لم تر داعياً لضم قضية الجنحة المذكورة وأهدرت حجية الحكم الجنائي استناداً إلى ما قالته من أن حكم البراءة قد بني على عدم توافر القصد الجنائي فحسب وأنه لذلك لا يقيد القاضي المدني - ويرى الطاعن أن هذا الذي استند إليه الحكم لا يتفق مع القواعد القانونية السليمة إذ أن القصد الجنائي هو الركن المعنوي في الجريمة وبدونه لا يكون هناك جريمة كما أن القضاء بالبراءة قد بني على عدم وجود ما يثبت وجود عقد الأمانة وبذلك يكون الحكم المطعون فيه بإهداره حجية الحكم الجنائي قد خالف القانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد سجل في تقريراته أن حكم البراءة في قضية الجنحة رقم 8376 سنة 1951 شبرا بني على عدم توافر القصد الجنائي وليس على عدم ثبوت واقعة استلام الطاعن للأخشاب موضوع الدعوى مما رتب عليه الحكم المطعون فيه عدم جواز التحدي بحجية الحكم الجنائي في هذه الدعوى - وهذا الذي انتهى إليه الحكم صحيح في القانون ذلك أن الحكم الجنائي الصادر بالبراءة إذا كانت مبنياً على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون سواء كان ذلك لانتفاء القصد الجنائي أو لسبب آخر فإنه طبقاً لصريح نص المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية لا تكون له قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية وبالتالي فإنه لا يمنع تلك المحكمة من البحث فيما إذا كان هذا الفعل مع تجرده من صفة الجريمة قد نشأ عنه ضرر يصح أن يكون أساساً للتعويض أم لا - أما ما يدعيه الطاعن بسبب النعي من أن حكم البراءة قد بني على عدم وجود ما يثبت عقد أمانة فإنه قول لا يؤبه له لعدم تقديم الطاعن دليلاً ما على صحة هذا الادعاء مما يتعين معه اعتبار ما ذكره الحكم في هذا الشأن من ابتناء حكم البراءة على انتفاء القصد الجنائي حجة غير منقوضة ومن ثم فإن النعي بهذا السبب المؤسس على مخالفة الحكم المطعون فيه للمادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية يكون غير جائز - لأنه ليس هناك مخالفة لقضاء الحكم الجنائي.
وحيث إن حاصل السبب الثالث من أسباب الطعن أن الحكم المطعون فيه قد عاره قصور في التسبيب ذلك أن الطاعن نفى أمام المحكمة الاستئنافية قيام أية علاقة تعاقدية بينه وبين مورث المطعون ضدهم - إلا أن هذه المحكمة قد التفتت عن هذا الدفاع وقضت في موضوع الدعوى بتأييد الحكم الابتدائي لنفس الأسباب الواردة به وهي أسباب قاصرة عن حمل ما انتهت إليه من قضاء مما يجعل حكمها مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا السبب مما لا يجوز الطعن به أمام محكمة النقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الابتدائية بهيئة استئنافية وذلك لخروجه عن الأحوال المنصوص عليها في المادة الثانية من القانون رقم 57 لسنة 1959 وما نصت عليه المادة الثالثة منه.
وحيث إنه لما تقدم - يكون الطعن - غير جائز بجميع أسبابه ويتعين القضاء بعدم جوازه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق