جلسة 14 من إبريل سنة 1970
برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، وأحمد حسن هيكل، وعباس حلمي عبد الجواد، وإبراهيم علام.
----------------
(96)
الطعن رقم 51 لسنة 36 القضائية
(أ) نقل بحري. "أطراف سند الشحن". تحكيم. "شرط التحكيم في سند الشحن".
سند الشحن. اعتبار المرسل إليه طرفاً فيه. تكافؤ مركزه - عندما يطالب بتنفيذ عقد النقل - ومركز الشاحن. التزامه بشرط التحكيم الوارد به.
(ب) نقض. "السبب الجديد". قانون. "القانون الأجنبي".
الاستناد إلى قانون أجنبي. واقعة يجب على الخصوم إقامة الدليل عليها. التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض. غير جائز.
(ج) تحكيم. "تنفيذ التحكيم". دعوى. "شروط قبول الدعوى". نقل بحري. اختصاص. "اختصاص ولائي".
شرط التحكيم في العقد. منع المحاكم من نظر النزاع. شرطه. أن يكون تنفيذ التحكيم ممكناً. جواز التجاء صاحب الشأن إلى المحاكم وعرض النزاع عليها باعتبارها صاحبة الولاية العامة للفصل في جميع المنازعات إلا ما استثنى بنص خاص.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن وزارة التموين (الطاعنة) أقامت الدعوى رقم 493 سنة 1963 كلي الإسكندرية على الشركة المطعون ضدها وطلبت الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 1281 جنيه و988 مليم، وقالت بياناً لدعواها إنها تعاقدت مع الشركة العامة للتجارة الدولية على شراء كمية من الدقيق الألماني تم شحنها على الباخرة "كونا فلي" التي تمثلها المطعون ضدها، وعند تفريغ الرسالة تبين وجود عجز في الوزن وتلف في محتوياتها مما دعاها إلى ندب خبراء لمعاينة الرسالة وإثبات حالتها، ثم قامت بالاحتجاج لدى الشركة المطعون ضدها بكتابين مؤرخين في 18 و22 من إبريل سنة 1963 وإذ كانت هذه الشركة مسئولة عما أصاب البضاعة من عجز وتلف وتلتزم بتعويض الضرر الناشئ عنه وهو ما تقدره بالمبلغ المطالب به فقد أقامت دعواها بطلباتها السابقة. ومحكمة أول درجة قضت بتاريخ 19 إبريل سنة 1964 بإلزام الشركة المطعون ضدها بأن تدفع للطاعنة مبلغ 1140 ج و891 م. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 271 سنة 20 ق الإسكندرية كما استأنفته الشركة المطعون ضدها بالاستئناف رقم 308 سنة 20 ق وفيه دفعت بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم في مشارطة إيجار السفينة الناقلة التي أحالت إليها سندات الشحن. وبتاريخ 24 من نوفمبر سنة 1965 قضت محكمة الاستئناف بعد أن ضمت الاستئنافين بإلغاء الحكم المستأنف وبقبول الدفع المبدى من المطعون ضدها وبعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد، مبناه خطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم أقام قضاءه بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم تأسيساً على أن إحالة سندات الشحن إحالة عامة إلى النصوص التي تضمنتها مشارطة إيجار السفينة يجعل شرط التحكيم الوارد بمشارطة الإيجار مندمجاً في سندات الشحن وملزماً للطاعنة باعتبارها طرفاً ذا شأن فيها. وهذا من الحكم خطأ في تطبيق القانون من أربعة أوجه (الأول) أن الحكم وإن ألزم الطاعنة أن تتبع طريق التحكيم في النزاع موضوع الدعوى إلا أنه لا يمكنها من الناحية القانونية أن تتبع هذا الطريق لأن شرط التحكيم يوجب اختيار المحكمين من بين رجال التجارة المقيمين في لندن، وقد استقر قضاء مجلس اللوردات الإنجليزي على أن الإحالة العامة بسند الشحن إلى مشارطة الإيجار ليس من شأنها أن تجعل شرط التحكيم الوارد بهذه المشارطة مندمجاً في سند الشحن ومؤدى هذا القضاء هو تعذر عرض النزاع على التحكم وحرمان الطاعنة من المطالبة بحقوقها سواء أمام جهات القضاء أو هيئات التحكيم (والثاني) أن البائع لا يعتبر وكيلاً عن الطاعنة عند إبرامه عقد النقل لأن العقد الذي تم بينه وبين الطاعنة هو البيع "سيف" الذي يلتزم البائع بموجبه بإبرام عقد النقل باعتباره أصيلاً فيه لا نائباً عن المشتري، وإذ ينظم هذا العقد العلاقة بين الناقل والشاحن في شأن نقل البضاعة المبيعة ولم تكن الطاعنة طرفاً فيه فإن ما يتضمنه من نصوص خاصة بتحديد طريقة التحكيم للفصل في المنازعات التي قد تثور بسبب تنفيذه لا يمتد أثره إليها ولا تلتزم بأحكامه (والثالث) أن المادة 99 من قانون التجارة البحري حددت البيانات الواجب توافرها في سند الشحن، وهذه المادة وإن جعلت السند حجة في الإثبات لا بين أطرافه فحسب بل وفي مواجهة الغير أيضاً، إلا أن هذه الحجية بالنسبة للغير لا يجوز أن تتعدى البيانات التي يعتبر السند معداً بطبيعته لإثباتها وهي البيانات المتعلقة بالبضاعة، وعلى ذلك فلا يجوز التحدي قبل الطاعنة بما ورد في سند الشحن خاصاً بشرط التحكيم لأنها ليست طرفاً في هذا السند (والرابع) قرر الحكم أن الطاعنة تعتبر ملزمة بشرط التحكم لعلمها به من نسخة سند الشحن المسلمة إليها، هذا في حين أن سند الشحن تحكمه قاعدة عدم جواز الاحتجاج بالدفوع على الحامل حسن النية مما يترتب عليه لإعمال شرط التحكيم، وجوب إقامة الدليل على سوء نية الطاعنة.
وحيث إن النعي بأوجهه الثلاثة الأخيرة مردود بأن المادة 99 من قانون التجارة البحري توجب ذكر اسم المرسل إليه في سند الشحن، كما أن المادة 100 من هذا القانون أوجبت أن يكتب سند الشحن من أربع نسخ أصلية يوقع عليها من كل من الشاحن والربان وخصت المرسل إليه بإحدى هذه النسخ، ثم جاءت المادة 101 من هذا القانون مقررة أن سند الشحن المحرر بالكيفية السالف ذكرها (أي في المادتين 99 و100 المشار إليهما) يكون معتمداً بين جميع المالكين وهم من عبر عنهم في النص الفرنسي لهذه المادة Les parties interesseés au chargement أي الأطراف ذوو الشأن في الشحن. ولما كان الربط بين هذه المادة الأخيرة والمادتين السابقتين عليها يفيد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن قانون التجارة البحري يجعل من المرسل إليه طرفاً ذا شأن في سند الشحن باعتباره صاحب المصلحة في عملية الشحن يتكافأ مركزه - حينما يطالب بتنفيذ عقد النقل - ومركز الشاحن، وأنه يرتبط بسند الشحن كما يرتبط به الشاحن ومنذ ارتباط الأخير به. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى في نطاق سلطته الموضوعية إلى أن سندات الشحن قد تضمنت الإحالة إلى شرط التحكيم الوارد في مشارطة الإيجار، فإن مقتضى هذه الإحالة أن يعتبر شرط التحكيم ضمن شروط سندات الشحن، فتلتزم به الطاعنة لوروده في نسخ سندات الشحن المرسلة إليها باعتبارها في حكم الأصيل فيها. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى على أساسه بعدم قبول الدعوى فإنه لا يكون مخالفاً للقانون. والنعي في وجهه الأول غير مقبول، ذلك أنه لما كان الدفاع الذي تثيره الطاعنة بهذا الوجه يخالطه واقع كان يجب عرضه على محكمة الموضوع لأن الاستناد إلى قانون أجنبي هو - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - واقعة يجب على الخصوم إقامة الدليل عليها. وكانت الطاعنة لم تقدم ما يثبت أنها تمسكت بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع، فإنه يكون سبباً جديداً لا يجوز التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض، غير أن هذه المحكمة ترى أن تنوه إلى أنه لما كان منع المحاكم من نظر النزاع لا يكون إلا إذا كان تنفيذ التحكيم ممكناً، وإذ تدعي الطاعنة بسبب النعي أنه قد استحال عليها عرض النزاع على التحكيم لأن شرط التحكيم الوارد بالمشارطة يوجب اختيار المحكمين من بين رجال التجارة المقيمين في لندن، وأن ذلك يفيد أن للمحكمين بصفاتهم هذه اعتباراً لدى المحتكمين، ولأن قضاء مجلس اللوردات الإنجليزي قد استقر على أن الإحالة العامة بسند الشحن إلى مشارطة الإيجار ليس من شأنها أن تجعل شرط التحكيم الوارد بالمشارطة مندمجاً في سند الشحن، فإنه يترتب على هذا الذي تقول به الطاعنة - إن صح - أن يزول التحكيم ويصبح كأن لم يكن. ويكون للطاعنة - للمطالبة بحقها وحتى لا تحرم من عرض منازعتها على أية جهة - للفصل فيها - أن تلجأ إلى المحاكم لعرض النزاع عليها من جديد لأنها هي صاحبة الولاية العامة في الفصل في جميع المنازعات إلا ما استثني منها بنص خاص.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.
(1) نقض 7 فبراير سنة 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 300.
(2) نقض 26 يوليه سنة 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 1493.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق