جلسة 22 من يناير سنة 1970
برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: سليم راشد أبو زيد، ومحمد صدقي البشبيشي, ومحمد سيد أحمد حماد, وعلي عبد الرحمن.
--------------
(32)
الطعن رقم 496 لسنة 35 القضائية
استيلاء. "الإخلال بالالتزام المترتب عليه". تعويض. مسئولية.
استيلاء وزارة التربية والتعليم على عقار بناء على القانون 76 لسنة 1947. التزامها برده عند انتهاء الاستيلاء بالحالة التي كان عليها وقت الاستلام. إخلالها بهذا الالتزام يوجب عليها التعويض.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن اللواء أمين منصور لودن أقام الدعوى رقم 2910 سنة 1952 كلي القاهرة ضد وزارة التربية والتعليم وسيد أحمد عمر وقال شرحاً لها، إنه بمقتضى عقد إيجار مؤرخ أول يونيه سنة 1948 استأجر منه المدعى عليه الثاني العقار المبين بالصحيفة لاستعماله مقراً لروضة أطفال الجامعة العربية، وأن هذا المستأجر قد أساء استعمال العين المؤجرة وأحدث بها تغييرات وأزال أشجار الحديقة وأقام عليها مبان جديدة على ما هو ثابت في دعوى إثبات الحالة رقم 3641 سنة 1950 مستعجل القاهرة - ولهذا فقد رفع عليه الدعوى رقم 3208 سنة 1951 مدني كلي القاهرة بطلب إخلاء العين المؤجرة وتسليمها إليه مع ملحقاتها - وفي 6/ 1/ 1953 حكمت المحكمة له بطلباته، وما أن صدر هذا الحكم حتى لجأ المستأجر المذكور إلى وزارة التربية والتعليم فأصدرت بتاريخ 14/ 1/ 1953 القرار الوزاري رقم 10502 بالاستيلاء جبراً على هذا العقار، ونفذته يوم صدوره بأن استلمت العقار بمقتضى محضر تسليم وقامت بدورها بتسليمه للمدعى عليه الثاني، فحالت بذلك دون تنفيذ حكم الإخلاء، الأمر الذي اضطره لرفع الدعوى رقم 658 سنة 8 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري بطلب إلغاء قرار الاستيلاء وقد حكمت له بطلباته. وحينئذ قام المدعى عليه الثاني بهدم المباني التي كان قد أقامها على العين المؤجرة. وإذ كان قد نص في عقد الإيجار على أن تكون المباني التي يحدثها المستأجر بالعين المؤجرة ملكاً للمؤجر بغير مقابل وعلى منع المستأجر من إزالتها، وكانت هذه المباني قد سلمت للوزارة على أثر صدور قرار الاستيلاء، فإن المدعى عليهما يكونان مسئولين عن تعويضه عن هدمها، وقد قدرت قيمة هذا التعويض في دعوى إثبات الحالة رقم 4166 سنة 1952 مستعجل القاهرة بمبلغ 400 ج عن المباني التي هدمت ومبلغ 63 ج و250 م عن التلفيات التي أحدثها المستأجر بمباني العين المؤجرة، هذا بالإضافة إلى أن لجنة التعويضات بمحافظة القاهرة كانت قد قدرت التعويض عن مقابل عدم الانتفاع بهذا العقار بعد الاستيلاء عليه بمبلغ 17 ج شهرياً، وأنه عارض في هذا التقدير في الدعوى رقم 4263 سنة 1960 كلي القاهرة وقد قضي فيها برفع هذا التعويض إلى مبلغ 28 ج شهرياً، وأن الوزارة سددت التعويض عن مقابل عدم الانتفاع بالعقار بواقع 17 ج شهرياً عن المدة من يناير سنة 1952 حتى مايو سنة 1953، ثم امتنعت عن الدفع بعد ذلك حتى تاريخ تسليم العقار إليه في آخر ديسمبر سنة 1953، ولهذا فقد رفع هذه الدعوى وانتهى فيها إلى طلب إلزام المدعى عليهما بأن يدفعا له مبلغ 862 ج و780 م، منه مبلغ 475 ج و250 م قيمة التعويض المستحق عن هدم المباني التي أحدثها المستأجر بالعين المؤجرة وصارت ملكاً للمدعي بنص العقد، والتعويض المستحق عن التلفيات التي أحدثها المستأجر بالمباني الأصلية للعين المذكورة ومبلغ 178 ج قيمة الفرق بين التعويض الشهري الذي كانت تدفعه له الوزارة بواقع 17 ج شهرياً والتعويض المحكوم به وقدره 28 ج شهرياً وذلك حتى شهر مايو سنة 1953، ومبلغ 196 ج قيمة التعويض الشهري عن المدة من 1/ 6/ 1953 حتى آخر ديسمبر سنة 1953، وطلبت وزارة التربية والتعليم رفض الدعوى. وفي 25/ 12/ 1961 حكمت المحكمة أولاً بإلزام وزارة التربية والتعليم بأن تدفع للمدعي مبلغ 662 ج و250 م والمصاريف المستحقة على هذا المبلغ (ثانياً) وقبل الفصل في طلب مبلغ 196 ج بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي ما تدون بمنطوق هذا الحكم. واستأنفت الوزارة الشق الأول من هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبة إلغاءه ورفض الدعوى وقيد هذا الاستئناف برقم 427 سنة 79 ق وقد توفى المستأنف عليه اللواء أمين منصور لودن أثناء نظر الاستئناف، وحل ورثته محله في الخصومة، وفي 20/ 5/ 1965 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام وزارة التربية والتعليم بأن تدفع للورثة مبلغ 178 ج ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير، وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنون على طلب نقض الحكم، وطلبت المطعون عليها الأولى رفض الطعن، وصممت النيابة العامة على رأيها الوارد في مذكرتها وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنون في أسباب طعنهم أن الحكم المطعون فيه قضى برفض طلب التعويض عن هدم وإتلاف المباني استناداً إلى أن وزارة التربية والتعليم غير مسئولة عن هذا التعويض، وهو منه خطأ ومخالفة للقانون إذ أن مسئولية الوزارة هي مسئولية أصلية أساسها التزام قانوني برد العين المستولى عليها إلى مالكها بالحالة التي كانت عليها وقت الاستلام، وأن الإخلال بهذا الالتزام يوجب مسئوليتها ولا يحول دون ذلك إلا القوة القاهرة وهو أمر لم يثبت في الدعوى.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المادة الأولى من القانون رقم 76 سنة 1947 قد خولت وزير التربية والتعليم بموافقة مجلس الوزراء سلطة إصدار قرارات بالاستيلاء على أي عقار خال يراه لازماً لحاجة الوزارة أو معاهد التعليم على اختلاف أنواعها، ونصت الفقرة الأخيرة منها على أن "يتبع في هذا الشأن الأحكام المنصوص عليها في المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945" كما نصت المادة 45 من هذا المرسوم بقانون على أن "تقوم الوزارة قبل الاستيلاء على المؤن والأماكن والمواد المطلوبة بجرد تلك الأشياء جرداً وصفياً في حضور صاحب الشأن فيه أو بعد دعوته للحضور بخطاب مسجل، وفي نهاية الاستيلاء يتبع نفس الإجراء لمعاينة الاستهلاك الاستثنائي أو تقويم المباني أو هلاك المواد" ومؤدى ذلك أن استيلاء وزارة التربية والتعليم على عقار عملاً بالسلطة المخولة لها بمقتضى القانون رقم 76 لسنة 1947 يرتب في ذمتها عند انتهاء الاستيلاء لأي سبب من الأسباب التزاماً قانونياً برد هذا العقار إلى صاحبه بالحالة التي كان عليها وقت الاستلام، فإن أخلت بهذا الالتزام وجب عليها تعويض مالك العقار عما أصابه من ضرر بسبب هذا الإخلال. ولما كان الواقع الذي سجله الحكم المطعون فيه أن مورث الطاعنين كان قد أجر العقار المملوك له إلى السيد/ سيد أحمد عمر لاستعماله مقراً لمدرسة، ونص في عقد الإيجار على أن تكون المباني التي يحدثها المستأجر في العين المؤجرة ملكاً للمؤجر بغير مقابل ويمتنع على المستأجر إزالتها - وأن المستأجر أقام مبان على أرض الحديقة الملحقة بالعقار المؤجر وأن المؤجر استصدر بعد ذلك حكماً على المستأجر بإخلاء العين المؤجرة وتسليمها إليه - وعلى أثر صدور هذا الحكم، الذي أنهى العلاقة بين الإيجارية أصدر وزير التربية والتعليم بتاريخ 14/ 1/ 1963 القرار رقم 10502 بالاستيلاء على العقار المذكور، ونفذته الوزارة يوم صدوره واستلمت العقار بما فيه من مبان كان المستأجر قد أقامها بالعين المؤجرة ثم قامت بدورها بتسليمه للمستأجر السابق سيد أحمد عمر، وإذ كان قرار الاستيلاء قد ألغي بالحكم رقم 658 سنة 6 قضائية الصادر من محكمة القضاء الإداري فإن وزارة التربية والتعليم - وعلى ما سبق بيانه - تلتزم برد العقار إلى صاحبه بالحالة التي كان عليها وقت استلامه. لما كان ذلك وكان الثابت بالحكم المطعون فيه أن بعض المباني التي كانت مقامة على العين وقت الاستيلاء عليها قد هدمت وبعضها أتلف، وكان ذلك قبل تسليم العقار المستولى عليه إلى صاحبه فإن الوزارة تكون مسئولة عن تعويض المالك عما أصابه من ضرر بسبب ذلك، ولا يغير من هذا النظر أن تكون الوزارة قد عهدت بحيازة العقار المستولى عليه إلى المستأجر السابق، وأن يكون هو الذي هدم المباني، ذلك أن العلاقة التي كانت تربطه بالمالك قد انقضت بصدور حكم الإخلاء ونشأت علاقة جديدة بين المالك وبين الوزارة بموجب قرار الاستيلاء، من مقتضاها التزام الوزارة بأن ترد العين لمالكها بالحالة التي كانت عليها عند استلامها، ولما كان الحكم المطعون فيه قد جرى في قضائه على خلاف هذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق