جلسة 13 من يناير سنة 1970
برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، ومحمد نور الدين عويس، وأحمد حسن هيكل، ومحمد أسعد محمود.
---------------
(12)
الطعن رقم 447 لسنة 35 القضائية
نزع الملكية للمنفعة العامة. "تقدير التعويض". تعويض.
نزع ملكية جزء من العقار. وجوب مراعاة ما طرأ على قيمة الجزء الباقي من نقص أو زيادة بسبب أعمال المنفعة العامة. المبلغ الواجب خصمه أو إضافته إلى قيمة التعويض لا يزيد عن نصف القيمة المستحقة للمالك.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أنه بتاريخ 18/ 5/ 1950 صدر مرسوم لصالح مصلحة السكة الحديد - المطعون عليها - بنزع ملكية 6 ف و9 ط و1/ 2 س مملوكة للطاعنة وكائنة بمنية السيرج وعرضت المصلحة على الطاعنة مبلغ 900 ج ثمناً للفدان. ولما لم تقبله عرض الأمر على رئيس محكمة بنها الابتدائية فأصدر قراراً بندب مكتب الخبراء بوزارة العدل لتقدير ثمن الأرض المستولى عليها وقدم الخبير المنتدب وهو المهندس محمد كمال حسين تقريراً انتهى فيه إلى أن هذه الأرض تقع في قطعتين وقدر ثمن المتر في القطعة الأولى بمبلغ 75 قرشاً وفي القطعة الثانية بمبلغ 150 قرشاً فيكون الثمن جميعه على هذا الأساس مبلغ 38827 ج و555 م، وفي 10/ 2/ 1952 دفعت المطعون عليها إلى الطاعنة مبلغ 5732 ج و812 م على أساس الثمن الذي عرضته وهو 900 ج للفدان. عارض الطرفان في تقرير الخبير وقيدت معارضة الطاعن برقم 63 سنة 1952 بنها الابتدائية ومعارضة المطعون عليها برقم 136 سنة 1952 بنها الابتدائية، واستندت الطاعنة في معارضتها إلى أن تقدير الخبير لا يتناسب مع القيمة الحقيقية للأرض المستولى عليها وهي لا تقل عن أربعة جنيهات للمتر، وإلى أن الخبير أغفل تقدير قيمة الضرر الذي أصاب الجزء الباقي من ملكها بعد نزع الملكية وتقدره بمبلغ جنيهين للمتر، وطلبت مبلغ 114861 ج و360 م تعويضاً لها عن هذين الأمرين، وبتاريخ 31/ 12/ 1952 حكمت المحكمة بعدم قبول معارضة المصلحة المطعون عليها شكلاً وبإلزامها بأن تودع خزانة المحكمة لحساب الطاعنة 33094 ج و743 م مع فوائده ويمثل قيمة الفرق بين ما دفعته المطعون عليها وبين مجموع الثمن الذي قدره الخبير وبإلزامها بأن تدفع هذا الفرق للطاعنة في حالة عدم الإيداع، وبندب ثلاثة خبراء من مكتب خبراء وزارة العدل لتقدير ثمن الأرض المنزوعة ملكيتها. وبعد أن قدم الخبراء تقريرهم حكمت المحكمة بتاريخ 3/ 4/ 1956 بندب الخبير المهندس محمد كمال حسين لبيان المساحة الباقية من أرض الطاعنة بعد تنفيذ مرسوم نزع الملكية الصادر في 18/ 5/ 1950 وما إذا كان قد ترتب على نزع الملكية نقص في قيمة هذه المساحة ومقداره في المتر الواحد، وبرفض معارضة الطاعنة موضوعاً بالنسبة لمنازعتها في قيمة الجزء المستولى عليه. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 854 سنة 75 ق القاهرة واستأنفته المطعون عليها بالاستئنافات رقم 226 سنة 70 ق و1160 سنة 75 ق و1178 سنة 75 ق القاهرة، وبتاريخ 26/ 5/ 1959 حكمت محكمة الاستئناف بإلزام المطعون عليها بأن تدفع للطاعنة مبلغ 33094 ج و743 م وهو المودع على ذمتها بخزانة محكمة بنها الابتدائية ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. وبعد أن قدم الخبير المهندس محمد كمال حسين تقريره بشأن تحقيق الضرر الذي لحق المساحة الباقية من أرض الطاعنة بعد نزع الملكية حكمت محكمة أول درجة بتاريخ 30/ 5/ 1962 بإلزام المطعون عليها بأن تدفع للطاعنة مبلغ 2937 ج تعويضاً لها عن هذا الضرر. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 109 سنة 14 ق طنطا. وبتاريخ 19/ 5/ 1965 حكما محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الطاعنة. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وبالجلسة المحددة لنظر الطعن التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم أقام قضاءه برفض دعواها بشأن تعويض الضرر الذي لحق الجزء الذي لم تنزع ملكيته من أرضها تأسيساً على أن مفاد نص المادتين 13 و14 من القانون رقم 5 لسنة 1907 المعدل بالمرسوم بقانون 94 لسنة 1931 هو أن نزع الملكية بسبب أعمال المنفعة العامة إذا كان قاصراً على جزء من العقار فإنه يتعين عند تقدير ثمنه مراعاة ما يكون قد طرأ من زيادة أو نقص على قيمة الجزء الباقي الذي لم تنزع ملكيته بحيث يكون التقدير شاملاً العنصرين معاً، وأن تقدير ثمن الأرض المنزوعة ملكيتها قد أصبح نهائياً بالحكم الصادر بتاريخ 26/ 5/ 1959 في الاستئنافات رقم 226 سنة 70 ق و1160 سنة 75 ق و1178 سنة 75 ق و854 سنة 75 ق القاهرة سواء أدخل أو لم يدخل في التقدير ما أصاب باقي الملك من ضرر. وهذا من الحكم خطأ في تطبيق القانون لأن قانون نزع الملكية للمنفعة العامة إذ يمنح المالك حقاً يتمثل في قيمة العين المنزوعة ملكيتها وما أصاب باقي الملك من ضرر لم يحتم أن يكون الحكم بتقدير التعويض شاملاً الأمرين معاً، ذلك أن عناصر أحد الأمرين قد تستلزم تحقيقاً يطول مداه كما هو الحال في الدعوى الحالية إذ قضت المحكمة بثمن العين المنزوعة ملكيتها ثم ندبت خبيراً لتحقيق الضرر الذي لحق باقي الملك، هذا إلى أن الحكم الصادر في 26/ 5/ 1959 لم يحز قوة الأمر المقضي في الدعوى الحالية لعدم توافر وحدة الموضوع والسبب بين الدعويين، فضلاً عن أن ما قرره الحكم على النحو سالف البيان يخالف الثابت بالأوراق ذلك أن الخبير الذي قدر التعويض قرر عند مناقشته أمام محكمة أول درجة بجلسة 17/ 9/ 1952 أنه لم يدخل في تقديره قيمة الضرر الذي لحق باقي المساحة المتخلفة بعد نزع الملكية. كما أن محكمة الاستئناف لم تفصل في حكمها الصادر بتاريخ 26/ 5/ 1959 في تعويض هذا الضرر.
وحيث إن هذا النعي صحيح، ذلك أنه لما كانت المادة 13 من قانون نزع الملكية رقم 5 لسنة 1907 المعدل بالمرسوم بقانون رقم 94 لسنة 1931 المنطبق على الواقعة قد نصت على أنه "يقدر ثمن العقار في حالة نزع ملكيته بدون مراعاة زيادة القيمة الناشئة أو التي يمكن أن تنشأ من نزع الملكية, أما إذا كان نزع الملكية قاصراً على جزء منه فيكون تقدير ثمن هذا الجزء باعتبار الفرق بين قيمة العقار جميعه وبين قيمة الجزء الباقي منه للمالك" ونصت المادة 14 من هذا القانون على أنه "إذا زادت أو نقصت قيمة الجزء الذي لم تنزع ملكيته بسبب أعمال المنفعة العمومية فيجب مراعاة هذه الزيادة أو هذا النقصان. ولكن المبلغ الواجب إسقاطه أو إضافته لا يجوز أن يزيد في أي حال عن نصف القيمة التي يستحقها المالك بحسب أحكام المادة السابقة"، فإن مؤدى ذلك أنه يجب مراعاة ما يكون قد طرأ على قيمة الجزء الذي لم تنزع ملكيته بسبب أعمال المنفعة العامة من نقص أو زيادة بخصمه أو إضافته إلى ثمن الجزء المستولى عليه بحيث لا يزيد المبلغ الواجب خصمه أو إضافته عن نصف القيمة التي يستحقها المالك، فإذا تبين أن تقدير ثمن الجزء المستولى عليه لم يراع فيه ما طرأ من نقص أو زيادة على قيمة الجزء الذي لم تنزع ملكيته إعمالاً لحكم المادة 14 المشار إليها، فإنه يتعين على المحكمة أن تستكمل تحقيق هذا العنصر بالطريق الذي رسمه القانون. لما كان ذلك، وكان الثابت في الدعوى أن الطاعنة عارضت في تقرير الخبير الذي ندبه رئيس محكمة بنها الابتدائية تأسيساً على أن هذا التقدير ليس متناسباً مع القيمة الحقيقية للأرض المستولى عليها، فحسب بل وعلى أن الخبير أغفل تقدير قيمة الضرر الذي أصاب باقي ملكها بسبب نزع الملكية وطالبت بمبلغ 114861 ج و360 م تعويضاً لها عن هذين الأمرين، وكانت المحكمة التي طرحت عليها المعارضة - بعد أن حكمت بتاريخ 31/ 12/ 1952 بندب مكتب الخبراء لتقدير ثمن الأرض المنزوعة ملكيتها وأودع المكتب تقريره - حكمت بتاريخ 3/ 4/ 1956 برفض معارضة الطاعنة بالنسبة لتقدير ثمن الجزء المستولى عليه استناداً إلى أنها تعتمد تقرير الخبير محمد كمال حسين الذي ندبه رئيس المحكمة دون تقرير مكتب الخبراء كما حكمت بندب هذا الخبير لتحقيق ما لحق الجزء المتخلف من ضرر لأنه كما تبين من مناقشته بجلسة 17/ 9/ 1957 لم يتناول هذا الشق في تقريره السابق، وكان الطرفان قد استأنفا هذا الحكم بالاستئنافات رقم 854 سنة 75 ق و226 سنة 70 ق و1160 سنة 75 ق و1175 سنة 75 ق القاهرة، وحكمت المحكمة بتاريخ 26/ 5/ 1959 في هذه الاستئنافات بإلزام المطعون عليها بأن تدفع للطاعنة مبلغ 33094 ج 743 م قيمة الجزء المستولى عليه، ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات، ولم يتعرض هذا الحكم ولم يفصل في قيمة ما عسى أن يكون قد لحق الجزء الذي لم تنزع ملكيته من ضرر بسبب أعمال المنفعة العامة والذي كانت محكمة أول درجة قد ندبت خبيراً لتحقيقه. لما كان ما تقدم وكان يشترط لتطبيق قاعدة قوة الأمر المقضي أن تتوافر في الدعويين وحدة الموضوع والسبب والخصوم، فإنه لا محل للتمسك بحجية الحكم الصادر في 26/ 5/ 1959 بالنسبة لطلب التعويض عن الضرر المشار إليه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقرر أن تقدير ثمن الأرض المنزوعة ملكيتها قد أصبح نهائياً بالحكم الصادر بتاريخ 26/ 5/ 1959 سواء أدخل هذا الحكم أو لم يدخل في التقدير ما لحق باقي الملك من ضرر، ورتب الحكم المطعون فيه على ذلك قضاءه برفض طلب التعويض في هذا الخصوص، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وخالف الثابت بالأوراق مما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق