جلسة 14 مايو سنة 1964
برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.
------------
(106)
الطعن رقم 395 لسنة 27 القضائية
(أ) إجارة "إيجار الأماكن". "القانون 121 لسنة 1947". اختصاص. "الاختصاص النوعي". حكم. "الطعن في الأحكام". دعوى. "تكييف الدعوى".
المنازعات التي تشير إليها المادة 15 من القانون 121 لسنة 1947. المقصود بها جميع المنازعات الإيجارية التي يستلزم الفصل فيها تطبيق أحكام هذا التشريع الاستثنائي. الدعوى بطلب تخفيض الأجرة واسترداد ما دفع زائداً على الحد الأقصى الذي يحدده هذا القانون، من المنازعات الإيجارية في معنى المادة 15 منه. اختصاص المحكمة الابتدائية بنظرها. عدم قابلية الحكم الصادر فيها للطعن.
(ب) إجارة "إيجار الأماكن". "القانون 121 لسنة 1947". "طلب تخفيض الأجرة". تقادم. بطلان. نظام عام.
الاتفاق على أجرة تزيد على الحد الأقصى المقرر بالقانون 121 لسنة 1947. بطلانه، تعلق هذا البطلان بالنظام العام. الدعوى بطلب تخفيض تلك الأجرة، جواز رفعها في أي وقت ولو بعد انقضاء العلاقة الإيجارية ما دام لم يسقط الحق في رفعها بالتقادم. لا يصح اعتبار سكوت المستأجر مدة من الزمن نزولاً منه عن الحق المطالب به. هذا النزول صريحاً كان أو ضمنياً يقع باطلاً ولا يعتد به.
(ج) إجارة. "إيجار الأماكن". "القانون 121 لسنة 1947". اختصاص. "اختصاص نوعي". دعوى. "تكييف الدعوى".
الدعوى بطلب استرداد ما دفع زائداً على الأجرة القانونية، من المنازعات الإيجارية الناشئة عن تطبيق القانون 121 لسنة 1947. اختصاص المحكمة الابتدائية بنظرها. جواز رفعها بعد انقضاء العلاقة التأجيرية.
(د) إجارة "إيجار الأماكن". "القانون 121 لسنة 1947". "الإصلاحات والتحسينات الجديدة".
الإصلاحات والتحسينات الجديدة التي يدخلها المؤجر في العين قبل التأجير، تقويمها وإضافة ما يقابل انتفاع المستأجر بها إلى الأجرة المحددة وفقاً للقانون 121 لسنة 1947 جواز الاتفاق على ذلك في عقد الإيجار أو في اتفاق لاحق، والعمل بهذا الاتفاق ما لم يثبت المستأجر أن القصد منه هو التحايل على أحكام القانون. اعتبار كل ميزة جديدة يوليها المؤجر للمستأجر في حكم تلك التحسينات. من ذلك الترخيص للمستأجر في حق التأجير من الباطن بعد أن كان محروماً منه.
(هـ) إجارة. إيجار الأماكن". "القانون 121 لسنة 1947". التجديدات والإصلاحات" اختصاص. "اختصاص نوعي". حكم. "الطعن في الأحكام".
القيام بتجديدات أو إصلاحات في المباني المنشأة قبل 1/ 1/ 1944 لا يخرجها عن القيود الواردة في القانون 121 لسنة 1947. للمالك إضافة زيادة مقابل تكاليفها على أجرة شهر إبريل سنة 1941. اختصاص المحكمة الابتدائية بنظر المنازعات في هذا الشأن. عدم قابلية حكمها للطعن.
2 - إذا كانت الدعوى بطلب تخفيض الأجرة مبناها بطلان الاتفاق على أجرة تزيد على الحد الأقصى المقرر بالقانون 121 لسنة 1947 وكان هذا البطلان - على ما يبين من نصوص هذا القانون - بطلاناً مطلقاً لتعلقه بالنظام العام، فإن هذه الدعوى يصح رفعها في أي وقت ولو بعد انقضاء العلاقة الإيجارية ما دام لم يسقط الحق في رفعها بالتقادم ولا يصح اعتبار سكوت المستأجر مدة من الزمن نزولاً منه عن الحق المطالب به لأن هذا النزول صريحاً كان أو ضمنياً يقع باطلاً ولا يعتد به.
3 - الدعوى بطلب استرداد ما دفع زائداً على الأجرة القانونية تعتبر من المنازعات الناشئة عن تطبيق القانون رقم 121 لسنة 1947 في معنى المادة 15 منه، ومن ثم تختص بنظرها وفقاً لهذا القانون المحكمة الابتدائية سواء رفعت تلك الدعوى مستقلة أو مندمجة في دعوى تخفيض الأجرة، ويصح رفعها ولو بعد انقضاء العلاقة التأجيرية ولا يجوز للمؤجر دفعها في هذه الحالة بزوال صفة المستأجر عن رافعها لأنه إنما يطالب بالاسترداد عن مدة كانت له فيها هذه الصفة.
4 - المستفاد من أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 أن الإصلاحات والتحسينات الجديدة التي يكون المؤجر قد أدخلها في العين المؤجرة قبل التأجير تقوم ويضاف مقابل انتفاع المستأجر بها إلى الأجرة التي تحدد على الأسس التي قررها ذلك القانون، وقد يتفق على ذلك بين المؤجر والمستأجر في عقد الإيجار ذاته أو في اتفاق لاحق ويعمل بما اتفق عليه الطرفان ما لم يثبت المستأجر أن القصد من هذا الاتفاق هو التحايل على أحكام القانون، فعندئذ يقوم القاضي بالتقدير. ويعتبر في حكم التحسينات التي يدخلها المؤجر في العين المؤجرة كل ميزة جديدة يوليها المؤجر للمستأجر كما لو كان محروماً من حق التأجير من الباطن ورخص له المؤجر في هذا الحق.
5 - مجرد القيام بتجديدات أو إصلاحات في المباني المنشأة قبل أول يناير سنة 1944 لا يخرج هذه المباني عن القيود الواردة في القانون رقم 121 لسنة 1947، وإنما يجيز للمالك إضافة زيادة مقابل تكاليفها على أجرة شهر إبريل سنة 1941، ومن ثم فإن المحكمة الابتدائية تختص بنظر المنازعات في هذا الشأن ويكون حكمها فيها غير قابل للطعن.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهما بصفتهما حارسين قضائيين على شركة زاما، أقاما على الطاعن أمام دائرة الإيجارات بمحكمة القاهرة الابتدائية الدعوى رقم 3445 سنة 1955 وقالا في بيانها إن الشركة المذكورة كانت تشغل بطريق الإيجار في المدة من 1/ 6/ 1946 حتى 31/ 1/ 1953 الطابقين الأول والأرضي من عمارة الطاعن الكائنة بشارع شريف بالقاهرة وكذلك شقتين بالطابق الثاني وغرفتين بالسطح، وقد اتضح للشركة بعد إخلائها العين المؤجرة أن الأجرة التي كان الطاعن يستأديها منها تزيد على الأجرة القانونية والتي كان يدفعها المستأجرون السابقون، ومن أجل ذلك طلبا بدعواهما هذه الحكم بتخفيض الأجرة وبإلزام الطاعن بأن يرد إليهما مبلغ 3736 جنيهاً و560 مليماً قيمة ما قبضه أكثر مما هو مستحق له قانوناً طبقاً لأحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 - دفع الطاعن بعدم اختصاص دائرة الإيجارات بنظر الدعوى تأسيساً على أن الحق المخول في ذلك القانون للمستأجر في طلب خفض الأجرة وفي استرداد ما دفعه منها زيادة عن الحد الأقصى - هذا الحق إنما هو مقرر للمستأجر الذي لا يزال عقده قائماً، وهو أمر غير متوافر في واقعة هذا النزاع لأن شركة زاما قد تركت الأعيان المؤجرة جميعها من قبل رفع الدعوى الحالية بنحو ثلاث سنين وبذلك يكون عقدها قد انقضى من ذلك التاريخ. وبتاريخ 19/ 5/ 1956 حكمت المحكمة "برفض الدفع بعدم اختصاصها اختصاصاً استثنائياً بالفصل في موضوع النزاع" وحددت جلسة لنظر الموضوع ومناقشة طرفي الخصومة فيه - ولدى نظره عاد الطاعن ودفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى في شقها الخاص برد فرق الأجرة تأسيساً على أن ولايتها الاستثنائية لا تمتد إلى هذا الطلب - وتحصل دفاعه في الموضوع في أن الزيادة التي قبضها في مدة الإجارة كانت مقابل ما أحدثه من إنشاءات في المكان المؤجر وما أدخله عليه من تحسينات - وبتاريخ 10/ 11/ 1956 حكمت المحكمة: أولاً - برفض الدفع بعدم الاختصاص ثانياً - بتخفيض أجرة أعيان النزاع... واعتبارها مبلغ 186 جنيهاً و376 مليماً شهرياً خلال مدة استئجار الشركة... في الفترة من 1/ 6/ 1946 إلى 31/ 1/ 1953. ثالثاً - بإلزام المدعى عليه - الطاعن - أن يدفع للمدعيين بصفتهما - المطعون عليهما - مبلغ 1137 جنيهاً و544 مليماً قيمة الفرق بين الأجرة المدفوعة والأجرة الواجبة قانوناً - استأنف الطاعن هذا الحكم والحكم السابق لدى محكمة استئناف القاهرة وطلب إلغاء وصف الحكم الثاني بأنه انتهائي والأمر بوقف تنفيذه لحين الفصل في الاستئناف ثم إلغاء الحكمين المذكورين والقضاء بعدم اختصاص دائرة الإيجارات بنظر الدعوى واحتياطياً رفض الدعوى وقد قيد هذا الاستئناف برقم 1155 لسنة 73 ق ودفع المطعون عليهما بعدم جوازه لانتهائية الحكم طبقاً لنص المادة 15 من القانون رقم 121 لسنة 1947 - وبتاريخ 26/ 1/ 1957 حكمت المحكمة برفض الدفع وبجواز الاستئناف وبإلغاء وصف حكم محكمة الدرجة الأولى بأنه حكم انتهائي وبوقف تنفيذه لحين الفصل في موضوع هذا الاستئناف وحددت جلسة لنظر هذا الموضوع - وأقامت قضاءها على أن الحكم الصادر في الدفع بعدم الاختصاص يقبل الاستئناف دائماً - وبتاريخ 26/ 11/ 1957 حكمت برفض الاستئناف وبتأييد الحكمين المستأنفين فيما قضيا به من رفض الدفع بعدم اختصاص دائرة الإيجارات وباختصاصها وقد ذكرت محكمة الاستئناف في أسباب هذا الحكم أن الطلب الاحتياطي من طلبات المستأنف والخاص بإلغاء الحكم الثاني، المستأنف فيما قضى به في الموضوع، غير جائز نظره استئنافياً لانتهائية الحكم الصادر في الموضوع وعدم قابليته لأي طعن عملاً بالفقرة الرابعة من المادة 15 من القانون رقم 121 لسنة 1947 - طعن الطاعن بطريق النقض في هذا الحكم وقدمت النيابة العامة مذكرة برأيها المتضمن طلب نقض الحكم - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وبتاريخ 7/ 6/ 1961 قررت إحالته إلى هذه الدائرة، وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن المطعون عليه الثاني دفع في المذكرة المقدمة منه بعدم قبول الطعن استناداً إلى أنه أعلن إلى المطعون عليه الأول بمحل إقامته بشارع المعهد السويسري رقم 17 بالزمالك حالة أنه مسجون تنفيذاً لعقوبة محكوم عليه بها وكان يتعين تسليم الإعلان الخاص به لمأمور السجن وفق ما تقضى به المادة 14/ 8 من قانون المرافعات - وهذا الدفع عار عن الدليل إذ لم يقدم صاحبه دليلاً على صحته وليس في أوراق الطعن ما يفيد أن المطعون عليه الثاني كان مسجوناً وقت إعلان الطعن إليه - ويتعين لذلك رفضه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفته لقواعد الاختصاص النوعي ولنص المادة 15 من القانون رقم 121 لسنة 1947 بشأن إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين - وفي بيان ذلك يقول إن الدعوى أقيمت بطلب تخفيض الأجرة بعد انقضاء عقد الإيجار بحوالي ثلاث سنين ولم يفطن الحكم المطعون فيه إلى أن دائرة الإيجارات لا تختص بنظر دعوى تخفيض الأجرة إلا إذا كان عقد الإيجار قائماً واعتبر أن ولاية هذه الدائرة تقوم ولو كانت الرابطة الإيجارية قد انتهت بترك المستأجر للأماكن المؤجرة اختياراً مع أن اختصاصها بحماية المستأجر مشروط بقيام هذه الصفة فيه، فإذا زالت عنه لا يكون هناك محل لإعمال أحكام قانون الإيجار الاستثنائي وبالتالي لا تكون دائرة الإيجارات مختصة بدعوى تخفيض الأجرة وتبعاً لذلك لا تكون أيضاً مختصة بدعوى رد الأجرة التي هي في أصلها ليست دعوى إيجارية لأن مبناها ليس هو عقد الإيجار وإنما هو قبض المدعى عليه المبلغ بغير حق أو بغير سبب وما دامت ولاية دائرة الإيجارات بدعوى التخفيض قد زالت بانتهاء العلاقة الإيجارية فإن دعوى الرد تخرج حتماً من ولايتها وتعود إلى الاختصاصي القضائي الأصلي - ولا وجه لاستناد الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه، في قضائه برفض الدفع بعدم الاختصاص إلى أن الأحكام الواردة في القانون رقم 121 لسنة 1947 بشأن تحديد الأجرة تعتبر من النظام العام، وذلك أن تحديد مقدار الأجرة التي يدفعها المستأجر لا يتصل أمره بالنظام العام إلا بالقدر الذي يتمكن به المستأجر من دخول العين المؤجرة والبقاء فيها - هذا إلى أن سند الطاعن في استحقاقه الزيادة في الأجرة هو عقد الإيجار المعقود بينه وبين المستأجرين الأصليين اللذين كانا قد اتفقا معه في سنة 1946 على هذه الزيادة مقابل ترخيصه لهما بالتأخير من الباطن واستحداثه إنشاءات في العين المؤجرة - وقد تبودلت بينه وبينهما عدم مكاتبات في هذا الشأن ووافقت المطعون عليها كتابة بتاريخ 17/ 7/ 1946 على ما هو وارد في تلك المكاتبات وتعهدت بتنفيذ جميع التعهدات التي التزم بها المستأجران الأصليان - ويقول الطاعن إنه سواء كان السيدان واصف ونحاس المستأجران الأصليان هما اللذان أوفياه الأجرة المتنازع على تحديد مقدارها أو أن تكون المستأجرة من باطنهما - شركة زاما المطعون عليها - هي التي أوفته بها، فإن التزام المستأجرين الأصليين بما تعهدا به وموافقة شركة زاما على هذه التعهدات، وأثر هذه الموافقة - كل ذلك - لا يحكمه القانون الاستثنائي وإنما يحكمه القانون المدني، وترتيباً على ذلك تخضع الأحكام التي تصدرها المحكمة الابتدائية فيما ينشأ من منازعات في هذا الشأن لطريق الطعن وفقاً للقواعد العامة لأن المستفاد من نص المادة 15 سالفة الذكر أنه إذا أثيرت أمام دائرة الإيجارات منازعة موضوعية لا يحكمها القانون الاستثنائي فإن الحكم في هذه المنازعة يكون قابلاً للطعن وفقاً للقواعد العامة - ويضيف الطاعن أن شركة زاما بدورها، قبلت في سنة 1948 أن تزيد الأجرة نظير موافقة الطاعن على الترخيص لها بأن تؤجر من الباطن غرفاً ومكاتب بالدور الثاني من العين المؤجرة وذلك بقصد الاستغلال وبذلك يكون قد انعقد بين الطرفين اتفاق خاص موضوعه المضاربة في تأجير هذه الأماكن، وهذا الاتفاق لا يخضع للقانون الاستثنائي وإنما يخضع للقانون المدني لأن عقد الإيجار الذي يستهدف الاتجار بالأماكن المؤجرة عن طريق المضاربة في الأجر لا يدخل في دائرة القانون الاستثنائي ولا تختص دائرة الإيجارات بنظر المنازعات المتعلقة به بل تكون هذه المنازعات من اختصاص القضاء العادي - هذا إلى أنه بعد سنة 1944 أقيم بالعين المؤجرة مسرح ومطعم وناد خاص ومقصف للخمور ومباني أخرى - واستحداث هذه المنشآت الأساسية، في ذلك التاريخ يخرج أيضاً النزاع عن ولاية التخفيض المقررة لدائرة الإيجارات عملاً بحكم الفقرة الأخيرة من المادة الرابعة من القانون سالف الذكر - وكذلك يخرج عن الولاية الاستثنائية لدائرة الإيجارات الفصل فيما أثير في الدعوى خاصاً بتعهد شركة زاما في سنة 1951 بزيادة الأجرة نظير التغييرات التي وافق الطاعن على إجرائها في الأماكن المؤجرة لتمكين الشركة من مضاعفة استغلالها لهذه الأماكن عن طريق التأجير من الباطن - وأخيراً يقول الطاعن إنه قدم لمحكمة الموضوع المستندات الدالة على الاتفاقات السالف الإشارة إليها إلا أن المحكمة تجاهلتها مع أنها قد ولدت له قبل المطعون عليها حقوقاً مالية خاصة يحميها القانون العام الذي نشأت في ظله ومن ثم فما كان يصح أن يصير الحكم المطعون فيه قضاء محكمة الدرجة الأولى في شأن المنازعات التي أثيرت حول هذه الحقوق انتهائياً غير قابل للطعن.
وحيث إن هذا النعي مردود في جميع أوجهه بأن المادة 15 القانون رقم 121 لسنة 1947 تنص على أنه (ترفع المنازعات الناشئة عن تطبيق هذا القانون إلى المحكمة الابتدائية المختصة) والمقصود بالمنازعات التي تشير إليها هذه المادة جميع المنازعات الإيجارية التي يستلزم الفصل فيها تطبيق حكم من أحكام هذا التشريع الاستثنائي وإذ كانت الدعوى الحالية هي منازعة بين المؤجر والمستأجر بشأن تحديد الأجرة المستحق دفعها قانوناً وتستند رافعتها وهي المستأجرة (المطعون عليها) في طلب تخفيض هذه الأجرة واسترداد ما دفعته زائداً على الحد الأقصى إلى أحكام ذلك التشريع فإن هذه الدعوى تعتبر من المنازعات الإيجارية المشار إليها في المادة 15 من القانون سالف الذكر والتي تختص بنظرها المحكمة الابتدائية ويكون حكمها فيها غير قابل للطعن عملاً بنص الفقرة الرابعة من المادة المذكورة، وإذ كانت الدعوى بطلب تخفيض الأجرة مبناها بطلان الاتفاق على أجرة تزيد على الحد الأقصى المقرر بهذا التشريع وكان هذا البطلان على ما يبين من نصوص ذلك القانون بطلاناً مطلقاً لتعلقه بالنظام العام فإن هذه الدعوى يصح رفعها في أي وقت ولو بعد انقضاء العلاقة الإيجارية ما دام لم يسقط الحق في رفعها بالتقادم ولا يصح اعتبار سكوت المستأجر مدة من الزمن نزولاً منه عن الحق المطالب به لأن هذا النزول صريحاً كان أو ضمنياً يقع باطلاً ولا يعتد به - وإذ كانت المادة السادسة من القانون سالف الذكر قد نصت على أنه (... ويحكم برد ما حصل زائداً على الأجرة المستحقة قانوناً أو باستقطاعه من الأجرة التي يستحق دفعها، كما يحكم برد أي مبلغ أي مبلغ إضافي يكون المؤجر قد اقتضاه من المستأجر مباشرة أو عن طريق الوسيط في الإيجار) - فإن الدعوى بطلب استرداد ما دفع زائداً على الأجرة القانونية تعتبر كذلك من المنازعات الناشئة عن تطبيق القانون رقم 121 لسنة 1947 في معنى المادة 15 منه ومن ثم تختص بنظرها وفقاً لهذا القانون المحكمة الابتدائية سواء رفعت تلك الدعوى مستقلة أو مندمجة في دعوى تخفيض الأجرة ويصح رفعها أمام دوائر الإيجارات بهذه المحكمة ولو بعد انقضاء العلاقة التأجيرية ولا يجوز للمؤجر دفعها في هذه الحالة بزوال صفة المستأجر عن رافعها لأنه إنما يطالب بالاسترداد عن مدة كانت له فيها هذه الصفة ولما كان المستفاد من أحكام القانون رقم 121 لسنة 1947 أن الإصلاحات والتحسينات الجديدة التي يكون المؤجر قد أدخلها في العين المؤجرة قبل التأجير تقوم ويضاف ما يقابل انتفاع المستأجر بها، إلى الأجرة التي تحدد على الأسس التي قررها ذلك القانون - وقد يتفق على ذلك بين المؤجر والمستأجر في عقد الإيجار ذاته أو في اتفاق لاحق ويعمل بما اتفق عليه الطرفان ما لم يثبت المستأجر أن القصد من هذا الاتفاق هو التحايل على أحكام القانون، فعندئذ يقوم القاضي بالتقدير - ويعتبر في حكم التحسينات التي يدخلها المؤجر في العين المؤجرة كل ميزة جديدة يوليها المؤجر للمستأجر كما لو كان محروماً من حق التأجير من الباطن ورخص له المؤجر في هذا الحق، وكان القانون رقم 121 لسنة 1947 قد افترض أن المستأجر قد يؤجر من الباطن المكان الذي استأجره ووضع لهذه الحالة حكماً خاصاً في المادة الرابعة يقضي بأنه (لا يجوز أن تزيد الأجرة المتفق عليها في عقود الإيجار التي أبرمت منذ أول مايو سنة 1941 على أجرة شهر إبريل سنة 1941 أو أجرة المثل لذلك الشهر إلا بمقدار ما يأتي... على أنه إذا كانت هذه الأماكن مؤجرة بقصد استغلالها مفروشة أو أجرت مفروشة جاز زيادة الأجرة إلى 70% من الأجرة المتفق عليها أو أجر المثل) لما كان ذلك، فإن ما أثاره الطاعن في الدعوى خاصاً بتخويل شركة زاما التأجير من الباطن وبأن زيادة الأجرة تمت باتفاق حصل بينه وبين الشركة المطعون عليها والمستأجرين الأصليين المؤجرين لها، مقابل استحداثه إنشاءات وتعديلات في الأماكن المؤجرة - هذه المنازعة من جانب الطاعن لا تحول دون اختصاص المحكمة المعينة في القانون رقم 121 لسنة 1947 بنظر الدعوى لأن الفصل في هذه المنازعات هو مما يرجع فيه أيضاً إلى أحكام ذلك القانون - أما عن استناد الطاعن في تمسكه بعدم انطباق أحكام هذا التشريع الاستثنائي إلى استحداث إنشاءات أساسية أقيمت في العين المؤجرة بعد سنة 1944 - فإنه لما كان مجرد القيام بتجديدات أو إصلاحات في المباني المنشأة قبل أول يناير سنة 1944 لا يخرج هذه المباني عن القيود الواردة في القانون رقم 121 لسنة 1947 وإنما يجيز للمالك إضافة زيادة - مقابل تكاليفها - على أجرة شهر إبريل سنة 1941 - فإن دائرة الإيجارات بالمحكمة الابتدائية تختص بنظر المنازعة في هذا الشأن ويكون حكمها فيها غير قابل للطعن.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.
(1) راجع نقض 14/ 3/ 1963 الطعن 173 س 28 ق السنة 14 ص 293.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق