جلسة 27 من مايو سنة 1964
برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: لطفي علي أحمد، ومحمد ممتاز محمد نصار، وإبراهيم محمد عمر هندي، ومحمد نور الدين عويس.
---------------
(115)
الطعن رقم 17 لسنة 32 ق "أحوال شخصية"
أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالأجانب". قانون. "تنازع القوانين من حيث المكان". مواريث. نظام عام.
تطبيق القانون الأجنبي. شرطه. عدم مخالفته للنظام العام أو للآداب في مصر. أحكام المواريث المستندة إلى نصوص قاطعة في الشريعة الإسلامية. اعتبارها من النظام العام في حق المسلمين في مصر. كون المتوفاة والخصوم الذين يتنازعون تركتها مسلمين. امتناع تطبيق أحكام القانون الأجنبي لاختلافهما مع أحكام الشريعة الإسلامية وقانون المواريث. لا مخالفة للقانون.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 75 لسنة 1960 القاهرة الابتدائية (أحوال شخصية أجانب) بعريضة رفعتها إلى السيد رئيس المحكمة بتاريخ أول مايو سنة 1960 طلبت فيها وفي مذكراتها ومرافعاتها الختامية الحكم بثبوت وفاة المرحومة الشريفة زينب عمر السقاف الفرنسية الجنسية والمسلمة الديانة بتاريخ 6/ 1/ 1959 بالفيلا المملوكة لها بشارع شجرة الدر رقم 2 بالزمالك وانحصار ارثها فيها من غير شريك ولا وارث أو من يستحق وصية واجبة واعتبار الإشهاد الصادر بتاريخ 18/ 2/ 1959 في غيبتها والمقيد برقم 8 سنة 1959 تركات أجانب محكمة القاهرة الابتدائية كأن لم يكن واعتبار جميع الآثار التي ترتبت عليه باطلة، وقالت في بيان دعواها إن والدتها المرحومة الشريفة زينب عمر السقاف توفيت في 6/ 1/ 1959 وانحصر إرثها فيها بغير شريك ولا وارث آخر سواها، ونظراً لأن المطعون عليه الثاني وهو زوج المتوفاة استصدر في غيبتها بتاريخ 18/ 2/ 1959 إعلام وفاة ووراثة تضمن انحصار ارثها فيه وفي المطعون عليه الأول بوصفه أخاً لها دون المدعية مع أنهما لا يرثانها طبقاً لأحكام القانون الفرنسي الواجبة التطبيق إعمالاً لقاعدة الإسناد المقررة في المادة 17 من القانون المدني المصري والتي تقضى باستحقاقها لتركة والدتها المتوفاة - فقد انتهت إلى طلب الحكم لها بطلباتها السابقة وبتاريخ 7/ 3/ 1961 حكمت المحكمة حضورياً: أولاً - بإلغاء إشهاد الوفاة والوراثة الصادر بتاريخ 18/ 2/ 1959 تركات أجانب واعتباره كأن لم يكن. ثانياً - بثبوت وفاة المرحومة الشريفة زينب عمر السقاف الفرنسية الجنسية والمسلمة الديانة بالقاهرة في 6/ 1/ 1959 وانحصار إرثها في ورثتها الشرعيين وهم زوجها بهيج عبد الحميد إبراهيم وابنتها الشريفة هدى أحمد السقاف وشقيقها إبراهيم السقاف للزوج الربع وللبنت النصف وللأخ الشقيق الباقي تعصيباً دون وارث أو شريك غيرهم ودون أن تترك المتوفاة وصية. ثالثاً - إلزام المدعية والمدعى عليه الثاني مصروفات هذه الدعوى مناصفة فيما بينهما وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات - استأنف المطعون عليه الثاني بهيج عبد الحميد إبراهيم هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه فيما قضى به من إلغاء الإشهاد والمؤرخ 18/ 2/ 1959 وقيد استئنافه برقم 56 سنة 78 قضائية وكذلك استأنفته الطاعنة فرعياً طالبة إلغاءه فيما قضى به من اشتراك المطعون عليهما معها في ميراث المتوفاة والحكم لها بطلباتها أمام محكمة أول درجة وقيد استئنافها برقم 78 سنة 78 ق - وبتاريخ 28/ 2/ 1962 حكمت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام كل من المستأنفين بمصاريف استئنافه مع المقاصة في أتعاب المحاماة، وقد طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد بالتقرير، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه المحكمة حيث صممت الطاعنة على طلبها نقض الحكم، ولم يحضر المطعون عليه الأول ولم يبد دفاعاً وحضر المطعون عليه الثاني وطلب رفض الطعن كما صممت النيابة على رأيها الذي ضمنته مذكرتها طالبة رفض الطعن.
وحيث إن الطاعن أقيم على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله فيما قضى به من انحصار ارث المتوفاة "في ورثتها الشرعيين وهم زوجها وابنتها وشقيقها" - وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم المذكور وإن سلم بأنها ابنة المتوفاة التي كانت مسلمة ديانة فرنسية جنسية وأن القانون الواجب التطبيق هو القانون الفرنسي الذي يؤدي في تطبيقه حسبما جاء بالمادتين 741 و745 - إلى أن الطاعنة باعتبارها ابنة للمتوفاة ترث التركة كلها وتحجب الزوج والأخ - إلا أنه قد أخطأ فيما قرره من قيام التعارض بين قواعد الميراث في القانون الفرنسي وبين قواعد الميراث في الشريعة الإسلامية ومن وجوب تنحية القانون الفرنسي وتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وقانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 على واقعة الدعوى استناداً إلى أن قواعد الميراث في القانون الفرنسي تخالف النظام العام في مصر - في حين أن نطاق النظام العام في مسائل الأحوال الشخصية لا يقوم على فكرة من العقيدة الدينية وأن تعارض القانون الواجب التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية مع قواعد الشريعة الإسلامية لا يعني وجوب استبعاد القانون الواجب التطبيق والقول بغير ذلك من شأنه أن يجعل قاعدة الإسناد المقررة في المادة 17 من القانون المدني لغواً ولا عمل لها.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أنه وفقاً للمادة 28 من القانون المدني لا يجوز تطبيق أحكام قانون أجنبي عينته نصوص القانون إذا كانت هذه الأحكام مخالفة للنظام العام أو للآداب في مصر، وإذ كان تطبيق القانون الفرنسي على واقعة الدعوى من شأنه حرمان كل من الزوج والأخ من الإرث بينما أن الشريعة الإسلامية وأحكام قانون المواريث رقم 77 لسنة 1943 المستمدة منها تعتبرهما من أصحاب الفروض والعصبات وكانت أحكام المواريث الأساسية التي تستند إلى نصوص قاطعة في الشريعة تعتبر في حق المسلمين من النظام العام في مصر إذ هي وثيقة الصلة بالنظام القانوني والاجتماعي الذي استقر في ضمير الجماعة بحيث يتأذى الشعور العام عند عدم الاعتداد بها وتغليب قانوني أجنبي عليها بما لا يسع القاضي الوطني معه أن يتخلى عنها ويطبق غيرها في الخصومات التي ترفع إليه متى كان المورث فيها من المسلمين - إذا كان ذلك، وكان الثابت في الدعوى أن المتوفاة مسلمة وأن الخصوم الذين يتنازعون تركتها مسلمون - وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في الدعوى على أن "النظام العام المصري في دائرة الأحوال الشخصية يقوم على فكرة من الإسلام ولذلك فإنه يتعين في هذه الحالة الامتناع عن تطبيق أحكام القانون الأجنبي متى اختلفت مع أحكام الشريعة الإسلامية وقانون الميراث المستقاة من القرآن..." فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق