جلسة 11 مارس سنة 1952
برياسة حضرة صاحب السعادة
أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك وكيل
المحكمة وإبراهيم خليل بك وحافظ سابق بك ومصطفى حسن بك المستشارين.
----------------
(209)
القضية رقم 901 سنة 21
القضائية
أ - وضع الأحكام والتوقيع
عليها.
تكفل قانون تحقيق
الجنايات وقانون تشكيل محاكم الجنايات بتنظيم ذلك. لا محل للرجوع إلى قانون
المرافعات.
ب وجـ - علنية الجلسة.
تقييد دخول قاعة الجلسة
بتصاريح. لا يتنافى مع العلانية. عدم تمسك الطاعن أمام محكمة الموضوع بأن هذه
التصاريح إنما أعطيت لأشخاص معينين بالذات ومنعت عن آخرين. لا يقبل منه أن يثير
ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
---------------
1 - إن قانون تحقيق
الجنايات وقانون تشكيل محاكم الجنايات قد يكفلا بتنظيم وضع الأحكام الصادرة في
المواد الجنائية والتوقيع عليها وبيان واجب القضاء وحقوق ذوي الشأن في هذا الخصوص.
ولما كان للقاضي بموجب أحكام القانونين المشار إليهما وما استقر عليه قضاء هذه
المحكمة في تفسيرها أن يوقع على هذه الأحكام في ظرف ثمانية أيام من يوم النطق بها
وأنه إذا تجاوزها فيكون لأطراف الخصومة أن يطلبوا إلى محكمة النقض إعطاءهم مهلة
يقدمون فيها أسباب طعنهم على الحكم بعد التوقيع عليه وأن الحكم لا يبطل إلا إذا
انقضت مدة ثلاثين يوماً من يوم صدوره دون التوقيع عليه، وإذن فلا يكون ثمة محل
للرجوع إلى قانون المرافعات.
2 - متى كان يبين من
الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة وعلى الحكم المطعون فيه أنه قد أثبت بها أن
المحاكمة قد جرت في جلسات علنية وأن الحكم صدر وتلي علناً، فإن ما يثيره الطاعن من
تقييد دخول قاعة الجلسة بتصاريح لا يتنافى مع العلانية إذ أن المقصود من ذلك هو
تنظيم الدخول.
3 - ما دام الطاعن لم
يتمسك أمام محكمة الموضوع بأن تصاريح دخول قاعة الجلسة إنما أعطيت لأشخاص معينين
بالذات ومنعت عن آخرين، فإنه لا يسمع منه ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعن بأنه في يوم أول سبتمبر سنة 1948 الموافق 27 شوال سنة 1367 بدائرة قسم
المحمودية بمحافظة إسكندرية: قتل بمبه حسن الفقي عمداً بأن ضربها بساطور علي رأسها
وجسمها قاصداً قتلها فأحدث بها الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتي
أودت بحياتها وقد تلت هذه الجناية جناية أخرى هي شروعه في قتل قطوطه محمود حجاج
عمداً التي جاءت إلى مسكن المجني عليها سالفة الذكر عندما أحست بحركة غير عادية
فيه وذلك بأن اعتدى عليها بالساطور فأصابها في رأسها ووجهها عدة ضربات قاصداً
قتلها فأحدث بها الإصابات المبينة بالتقرير الطبي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل
لإرادة المتهم فيه وهو إسعاف المجني عليها بالعلاج. وطلبت من قاضي الإحالة إحالته
إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمادة 234/ 1 - 2 من قانون العقوبات. فقرر بذلك.
وفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات إسكندرية دفع الحاضر مع المتهم ببطلان
الإجراءات التي اتخذها الضابطان سعد محمد عقل أفندي ويوسف فوزي أفندي وما ترتب
عليها. والمحكمة المشار إليها قضت فيها حضورياً بتاريخ 22 مارس سنة 1951 عملاً
بمادة الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات أولاً - برفض الدفع الخاص
ببطلان الإجراءات التي اتخذها الضابطان سعد محمد عقل أفندي ويوسف فوزي أفندي وما
ترتب عليها وبصحتها. وثانياً: - بمعاقبة سعد إسكندر عبد المسيح بالأشغال الشاقة
المؤبدة.
فطعن الطاعن في هذا الحكم
بطريق النقض... الخ.
المحكمة
حيث إن محصل الوجه الأول
أن الحكم المطعون فيه مشوب بالبطلان لعدم إيداع مسودته يوم صدوره إذ نظرت القضية
بجلسات 17 و18 و19 مارس سنة 1951 ثم أجل النطق بالحكم إلى جلسة 22 منه حيث صدر في
ذلك اليوم وقد قدم الطاعن شهادة رسمية ثبتت أن المسودة لم تودع ملف الدعوى حتى يوم
5 من أبريل سنة 1951 - وتطبيقاً للفقرتين الثانية والثالثة من المادة 346 من قانون
المرافعات يكون الحكم باطلاً لعدم إيداع مسودته يوم صدوره.
وحيث إن قانون تحقيق
الجنايات وقانون تشكيل محاكم الجنايات قد تكفلا بتنظيم وضع الأحكام الصادرة في
المواد الجنائية والتوقيع عليها وبيان واجب القضاة وحقوق ذوي الشأن في هذا الخصوص.
ولما كان للقاضي بموجب أحكام القانونين المشار إليهما وما استقر عليه قضاء هذه المحكمة
في تفسيرها أن يوقع على هذه الأحكام في ظرف ثمانية أيام من يوم النطق بها وأنه إذا
تجاوزه فيكون لأطراف الخصومة أن يطلبوا على محكمة النقض إعطاءهم مهلة يقدمون فيها
أسباب طعنهم على الحكم بعد التوقيع عليه، وأن الحكم لا يبطل إلا إذا انقضت مدة
ثلاثين يوماً من يوم صدوره دون التوقيع عليه. لما كان ذلك فلا يكون ثمة محل للرجوع
إلى قانون المرافعات.
وحيث إن مؤدي الوجه
الثاني أن إجراءات المحاكمة وقعت باطلة لعدم توفر العلانية في الجلسات التي نظرت
فيها الدعوى والتي صدر فيها الحكم ذلك لأن الدخول لقاعة الجلسة لم يكن مسموحاً به
إلا لمن يحمل تصريحاً بذلك مطبوعاً ومرقوماً برقم متتابع ومختوماً بخاتم المحكمة
وموقعاً عليه من رئيس الهيئة التي نظرت القضية، وقد أحال الطاعن في تفصيل هذا
الوجه على الوجه المماثل من أوجه الطعن في القضية رقم 4450 جنايات كرموز سنة 1950
التي حكم فيها بمعاقبته بالإعدام في نفس الجلسة.
وحيث إنه يبين من الاطلاع
على محاضر جلسات المحاكمة وعلى الحكم المطعون فيه أنه قد أثبت بها أن المحاكمة جرت
في جلسات علنية وأن الحكم صدر وتلي علناً. لما كان ذلك وكان الثابت في وجه الطعن
المماثل والمقدم منه في القضية رقم 4450 جنايات كرموز سنة 1950 التي فصل في الطعن
فيها مع هذا الطعن، فإن ما يثيره الطاعن من تقييد دخول قاعة الجلسة بتصاريح لا
يتنافى مع العلانية إذ أن المقصود من ذلك كان هو تنظيم الدخول، وأن ما ادعاه
الطاعن من أن التصاريح إنما أعطيت لأشخاص معينين بالذات ومنعت عن آخرين لا تسمع
منه ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض ما دام هو لم يتمسك بشيء من ذلك أمام محكمة
الموضوع أثناء المحاكمة، فإن ما يثيره في هذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن الوجه الثالث
يجمل في القول بأن الطاعن دفع ببطلان التحقيقات التي تولاها الضابطان سعد محمد عقل
أفندي ويوسف فوزي أفندي وما ترتب عليها من إجراءات وبطلان الدليل المستمد منها وفي
بيان ذلك يقول إن الضابطين المذكورين أجريا تحقيقاً مع أثنين من الشهود في الوقت
الذي كانت النيابة فيه تباشر التحقيق في الحادث وكان الفاعل الحقيقي مقبوضاً عليه
وقتذاك وزعماً أنهما كلفا من رئيسهما بإجراء تحريات فعلما من الشاهدين بأن هناك
شخصاً يتردد على المنزل الذي وقع فيه الحادث يدعي سعد واستمرا في هذه التحريات إلى
أن تبين لهما أن الطاعن هو ذلك الشخص وأن إحدى الشاهدتين استعرفت عليه وعند ذلك
طلبا منه السماح بتفتيش منزله فأذن لهما وإذ فتشاه وجدا به بذلة بنية اللون تقارب
في لونها البذلة التي ذكرتها الشاهدة. ولما تجمعت لديهما هذه المعلومات تقدما إلى
وكيل النيابة الذي أثبت أن الضابطين تقدما ومعهما الطاعن وأبلغاه بأن التحريات دلت
على أنه الفاعل فرأى سؤالهما تفصلاً وأثبت أقوالهما بمحضر التحقيق ثم أجرت النيابة
بعد ذلك عرض الطاعن على الشاهدة الثانية، وكانت قد عرفت منهما أوصافه وأنه يتميز
بلون شعر رأسه الأحمر. ويضيف الطاعن في الوجه الرابع أنه دفع ببطلان عملية
الاستعراف والعرض التي تمت على شاهدتي الإثبات وذلك لأن الضابطين ناقشا إحدى
الشاهدتين أمام الأخرى في أوصافه وعرض عليها صوراً فوتوغرافية له ثم صحباها لمحله
حيث شاهدته واستوثقت منه. كما أنه وقت أن عرض على الشاهدة الثانية كانت تعرف أنه
مميز بلون شعره الأحمر ولم يكن بين المعروضين من يتوفر به هذا الوصف مما يجعل
الدليل المستمد من تعرف الشاهدتين غير سليم. قال الطاعن كل ذلك في دفاعه إلا أن
المحكمة اطرحته وردت عليه رداً غير سديد.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه قد تعرض لما يثيره الطاعن فقال "وحيث إن الدفاع قدم بالجلسة دفاعاً
قانونياً ببطلان جميع الإجراءات التي اتخذها الضابطان سعد محمد عقل أفندي ويوسف
فوزي أفندي وما ترتب عليها من إجراءات وبالجملة بطلان جميع الأدلة المستمدة منها
وقال شرحاً لدفاعه إن هذه الإجراءات جاءت مخالفة لنص المادتين 11 و27 من قانون
تحقيق الجنايات إذ كان يتعين على الضابطين قبل ذهابهما إلى محل الحادث أن يتحصلا
على ترخيص بذلك من وكيل النيابة المختص وأنه يلزم تحرير محاضر بهذه الإجراءات.
وحيث إن الدفع على وجهه هذا غير سليم إذ أن المقصود من المادتين 11 و27 أنه يجب
على مأمور الضبطية القضائية في حالة تلبس الجاني بالجناية أن يتوجه بلا تأخير إلى
محل الواقعة ويحرر ما يلزم من المحاضر ويثبت حقيقة وجود الجناية وكيفية وقوعها
وحالة المحل الذي وقعت فيه ويسمع شهادة من كان حاضراً أو من يمكن الحصول منه على
إيضاحات بشأن الواقعة وفاعلها "المادة 11" وأن يخطر النيابة العمومية
بتوجهه إلى محل الواقعة "المادة 27" وأنه يتصفح أوراق التحقيق تبين أن
رجال الضبطية القضائية عندما انتقلوا إلى محل الحادث عقب وقوعه مباشرة وقاموا
بالإجراءات التي يتطلبها القانون من البيانات المطلوبة إذ حرر الجاويش محمد زكي
عبد الحميد بنقطة غيط العنب محضراً بما اتبعه من سؤال المجني عليها وكذلك قام
اليوزباشي مصطفى البوريني أفندي معاون بوليس قسم المحمودية بتحرير محضراً بدأه في
الساعة 6 و 45 دقيقة مساء أثبت فيه بلاغ الحادث وما أثبته من انتقال للمنزل
والمعاينة وسأل من انتقل إلى محل الحادث أول الأمر وهو نوري عبيد أفندي وبعض شهود
الحادث - كما أثبت من أوراق التحقيق أن محقق البوليس قام بإخطار النيابة به - وإذا
كان عرض الدفاع من الدفع الذي تقدم به هو عن إجراءات التحريات التي قام بها
الضابطان سعد محمد عقل أفندي ويوسف فوزي أفندي فإنها تحريات قام بها الضابطان
لمساعدة محقق النيابة في الوصول إلى معرفة الحقيقة وأن قيام النيابة بالتحقيق لا
يكون سبباً في قعود مأموري الضبطية القضائية عن أداء واجبهم في الاستمرار في البحث
والتحري لمساعدة النيابة في عملها" ثم استطرد بعد ذلك إلى قوله "وحينئذ
فقيام الضابطين بعمل التحريات وطبيعي أن هذه التحريات تستلزم أخذ معلومات ومناقشة
بعض الأشخاص لا يلزم ترخيص بشأنها من النيابة وإنما يشترط فقط كما قررت محكمة
النقض تحرير محاضر بها - ولكن ظاهر في الوقت نفسه أن الغرض من تحرير هذه المحاضر
إنما ليكون تحت نظر النيابة جميع ما باشره مأمورو الضبطية القضائية أثناء
تحرياتهم. وفي قضيتنا الحالية قام رجال الضبطية القضائية بذكر جميع الوقائع التي
باشروها وذلك للمحقق نفسه الذي أثبتها في محضره وذلك عقب إجراء هذه التحريات
مباشرة. وأكثر من ذلك فإن عدم تحرير المحاضر لا يترتب عليه البطلان حتى ولو كان
ضرورياً وذلك لأن تحرير المحاضر إنما يقصد به تنظيم الأعمال الإدارية الداخلية
بالنسبة لمأموري الضبطية القضائية بحيث إذا خالفوها تكون موضعاً لمؤاخذة إدارية أن
وجدت لا أن تكون أساساً لبطلان أتموه من أعمال. ومن جهة أخرى فإن الإخطار قد تم
فعلاً بالطريقة التي أثبتها محقق النيابة عند بدء أخذ أقوالهم عندما أخطروه
تليفونياً وأعقب ذلك أن أمر بإحضارهم وسمع أقوالهم. كما أنه ليس للدفاع أن يعترض
على قيام ضباط المباحث بالقبض على المتهم عندما استصحبوا معهم الفتاة رشيدة محمد
مصطفى ذلك لأنهم بعد أن تحصلوا على معلومات تجعلهم يشتبهون في أن المتهم هو مرتكب
الحادث ثم بعد أن ترقى هذه الشبهة إلى الدليل القوي عندما أدلت رشيدة محمد مصطفى
إلى رجال المباحث بأوصاف مرتكب الحادث ووجدوها أنها منطبقة على المتهم عندئذ يحوز
لهؤلاء قانوناً أن يقبضوا على المتهم وأن يجروا تفتيشه وتفتيش مسكنه بغير إذن
أيضاً"
ولما كان ما قاله الحكم
من ذلك صحيحاً في القانون وكانت المآخذ التي ينعاها الطاعن على عمليتي العرض
والتعرف مما يتعلق بالتحقيق من الناحية الفنية وطريق السير فيه ومباشرة أعماله
وذلك مما يخضع لتقدير محكمة الموضوع لمبلغ قوة الدليل في الإثبات فإذا كانت
المحكمة مع ذلك قد أخذت بهذا التعرف وبنتيجة العرض واستندت إليهما في الإدانة
فإنما ذلك مرجعه إلى اطمئنانها إلى صحة هذا الدليل مع علمها بكل الظروف التي أحاطت
به فلا يصح التعقيب عليها في ذلك.
وحيث إن الوجه الخامس
يتأدى هو وما أورده الطاعن تحت عنوان "مجموعة أوجه طعن أخرى" في أن
الحكم المطعون فيه جاء قاصراً في استظهار الواقعة على الوجه الصحيح وإقامة التصوير
الذي ذهب إليه من أن القصد من ارتكبها كان السرقة على فروض واحتمالات لا تستند إلى
الواقع أو الماديات أو الثابت بالأوراق ثم أسس الإدانة على أدلة يشوبها التناقض
وفساد الاستدلال هذا إلى عدم عنايته بتحقيق دفاع الطاعن أو الرد عليه مع أنه استند
في نفي التهمة إلى أدلة مادية هي عدم وجود آثار مقاومة به أو آثار دماء بالبدلة
التي ضبطت لديه ولا بالأظافر التي أخذت منه ولا بمسكن المجني عليها أو بالطريق
الذي قيل إنه هرب منه. كل أولئك يقطع بأن الطاعن لم يكن هو القاتل بل إن مرتكب
الحادث هو أحد أقارب المجني عليها الذي اتجهت إليه الشبهة من بادئ الأمر ثم اتجه
التحقيق وجهة أخرى لعبت به يد التلفيق بقصد إفلات الفاعل الحقيقي.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بين واقعة الدعوى وأورد الأدلة على ثبوتها في حق الطاعن وهي أدلة من شأنها أن
تؤدي إلى ما ترتب عليها ثم تعرض لدفاعه المشار إليه بأوجه الطعن ففندها واطرحها
للأسباب السائغة التي ذكرها، ولما كان الأمر كذلك، وكان ما يثيره الطاعن في هذه
الأوجه لتعلقه بموضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها لا يخرج في حقيقته عن محاولة فتح
باب المناقشة فيها من جديد فإنه لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
ويتحصل الوجهان السادس
والسابع في القول بأن الطاعن اتهم في جناية أخرى هي القضية رقم 4450 سنة 1950
كرموز التي نظرت وحكم فيها في نفس الجلسة بمعاقبته بالإعدام وقد قرر الطعن في ذلك
الحكم وهو منظور مع الطعن الحالي وقد نظرت القضيتان معا أمام محكمة الجنايات وسعت
النيابة جهدها في تحميل إحدى القضيتين على الأخرى إذ مع اختلاف زمن وقوع الجريمتين
فإنه بمجرد أن حدد يوم لنظر القضية الأخرى أمام محكمة الجنايات في دور شهر فبراير
سنة 1951 وبعد أن أغلق ذلك الدور وكان قد حدد فيه قضايا أخرى استبعدت تلك القضايا
وأقحمت القضية الحالية على نفس الدور لنظرهما معاً ثم نظرت هذه القضية أولا وأجل
النطق بالحكم فيها لجلسة 22 مارس سنة 1951 ثم بدئ في نظر القضية الأخرى يوم 19 منه
في جلستين صباحية ومسائية وأجل الحكم فيها لنفس اليوم المحدد للنطق بالحكم في
الدعوى الحالية. ولما كانت هذه الملابسات لا يستفاد منها إلا العمل على تحميل كل
من القضيتين على الأخرى وقد ظل هذا التحميل عالقاً بهما حتى الحكم فيهما مما يحتمل
معه أن يكون لتقدير الدليل والعقوبة في إحداهما أثر في الأخرى فإنه يتعين في حالة
قبول النقض في القضية الأخرى أن يقبل أيضاً في هذه الدعوى.
وحيث إنه لا يبين من
الحكم المطعون فيه أنه كان للاتهام المسند إلى الطاعن في الدعوى الأخرى المشار
إليها تأثير في النظر الذي انتهت إليه المحكمة في الدعوى الحالية سواء أكان ذلك من
ناحية الثبوت أم من ناحية تقدير العقوبة. لما كان ذلك وكان تعجيل هذه الدعوى
لنظرها مع الدعوى الأخرى لا يعني أن المحكمة قد تأثرت في قضائها في كل من الدعويين
بغير عناصرها أو أقامت حكمها على غير الأسباب التي اطمأنت إليها -وكان الواضح من
محضر الجلسة أن الطاعن لم يعترض على هذا التعجيل وكان تقدير العقوبة في حدود النص
المقرر للجريمة من صميم اختصاص قاضي الموضوع بغير معقب، كما كانت ظروف الدعوى التي
تقتضي رأفة القضاة طبقاً لنص المادة 17 من قانون العقوبات هي الأخرى مما يرجع على
مطلق تقدير القاضي. لما كان ما تقدم فإن ما يثيره الطاعن يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم جميعه
يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق