جلسة 11 مارس سنة 1952
برياسة حضرة صاحب السعادة
أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك ومحمد
أحمد غنيم بك وإسماعيل مجدي بك وباسيلي موسى بك المستشارين.
----------------
(208)
القضية رقم 419 سنة 21
القضائية
(أ) سرية الجلسة.
جعل الجلسة سرية محافظة
على النظام العام. من حق المحكمة.
(ب) المادة 41 من
الدستور. مرسوم صادر بين دوري الانعقاد. عدم دعوة البرلمان إلى اجتماع غير عادي
لعرضه عليه. لا جزاء على مخالفة ذلك.
(جـ) المرسوم بقانون رقم
117 لسنة 1946. لا مخالفة لأحكام الدستور.
)د) تفتيش.
تقدير الظروف المبررة له.
منوط بالنيابة تحت إشراف محكمة الموضوع.
)هـ) تفتيش.
تعيين الشخص الذي صدر
الإذن بتفتيشه وإسناد واقعة معينة إليه. لا يجديه التمسك بالبطلان بدعوى أن الإذن
قد يمتد فيشمل أشخاصاً أخرى.
-----------------
1 - من حق المحكمة أن
تأمر بجعل الجلسة سرية محافظة على النظام العام.
2 - إن المادة 41 من
الدستور وإن أوجبت دعوى البرلمان لاجتماع غير عادي لعرض المراسيم التي تصدرها
السلطة التنفيذية بين دوري الانعقاد بالاستناد إليها، إلا أنها لم ترتب جزاء على
مخالفة ذلك.
3 - إن المادة 14 من
الدستور وإن كفلت حرية الرأي والاعتقاد إلا أنها عقبت على ذلك بأن الإعراب عن
الفكر بالقول أو الكتابة... يكون في حدود القانون ذلك لأن حرية الإعراب عن الفكر
شأنها كشأن ممارسة سائر الحريات لا يمكن قيامها بالنسبة إلى جميع الأفراد إلا في
حدود احترام كل منهم لحريات غيره. وإذن فإن من شأن المشرع بل من واجبه بمقتضى
الدستور أن يبين تلك الحدود حتى لا يكون من وراء استعمال هذه الحريات الاعتداء على
حريات الغير وليس في أحكام المرسوم بقانون رقم 117 لسنة 1946 ما يمس حرية الرأي أو
يتجاوز ممارسة حرية الفرد لحرية التعبير عن فكره ووضع الحدود التي تضمن عدم المساس
بحريات غيره مما لا يصح معه النعي عليه بمخالفة أحكام الدستور من هذه الناحية.
4 - إن تقدير الظروف
المبررة للتفتيش منوط بالنيابة تحت إشراف محكمة الموضوع. فإذا كانت المحكمة قد
تبينت أن النيابة حين أصدرت إذنها في إجراء التفتيش كانت إزاء جريمة معينة وقد
وجدت التحريات والأبحاث التي أسس عليها الطلب جدية وكافية، فلا يكون هناك محل
للنعي عليه في هذا الشأن.
5 - ما دامت المحكمة قد
رأت أن الأشخاص الذين صدر الإذن بتفتيش مساكنهم معينون تعييناً كافياً، وأن هناك
واقعة معينة أسندت إليهم ويقتضي تحقيقها ضرورة التصدي لحريتهم أو حرية مسكنهم، فلا
يجدي الطاعن أن تمسك ببطلان التفتيش لنقص في البيان بدعوى أن الإذن بحاله قد يمتد
فيشمل مساكن أشخاص آخرين ليس هو بصاحب شأن في التحدث عنهم.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة
الطاعنين بأنهما في يوم 14 مايو سنة 1950 الموافق 27 رجب سنة 1369 بدائرة قسم
السيدة محافظة القاهرة أولاً: انضما إلى جمعية بالمملكة المصرية ترمي إلى سيطرة
طبقة اجتماعية على غيرها من الطبقات وإلى القضاء على طبقة اجتماعية وقلب نظم
الدولة الأساسية والاجتماعية والاقتصادية والقضاء على النظم الأساسية للهيئة
الاجتماعية وكان استعمال القوة والإرهاب والوسائل غير المشروعة ملحوظا في ذلك بأن
انضما إلى جمعية سرية تعمل على القضاء على طبقة الملاك والرأسماليين وسيادة الطبقة
العاملة وحكمها المطلق وإلغاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج ونقلها للدولة - كل
ذلك عن طريق خلق مجتمع مصري على غرار الوضع القائم في روسيا وبالأسلوب الثوري الذي
اتبعه لينين وستالين في الثورة الروسية وبتحريض العمال على الاغتصاب والاعتداء على
حق الغير في العمل وتحريضهم على بعض طائفة الملاك والرأسماليين تحريضاً من شأنه
تكدير السلم العام وثانياً: روجاً في المملكة المصرية لتغيير مبادئ الدستور
الأساسية والنظم الأساسية للهيئة الاجتماعية ولتسويد طبقة اجتماعية على غيرها من
الطبقات وللقضاء على طبقة اجتماعية ولقلب نظم الدولة الأساسية الاجتماعية
والاقتصادية ولهدم النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية وكان استعمال القوة والإرهاب
والوسائل غير المشروعة ملحوظاً في ذلك بأن انضموا إلي الجمعية السرية سالفة الذكر
وهي تعدل على تغيير مثل هذه المبادئ عن طريق إصدار نشرات وتأليف خلايا وترويج
الأفكار التي من شأنها قيام حكم الطبقة العاملة في مصر وسلطانها المطلق والقضاء
على طبقة الملاك والرأسماليين وإلغاء المملكة الخاصة لوسائل الإنتاج إتباعاً
للبرنامج الثوري الذين نادى به لينين وستالين واقتفاء لأسلوبهما الثوري الذي خلق
هذا الانقلاب في روسيا السوفيتية. وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهما إلى محكمة
الجنايات لمحاكمتهما بالمواد 98/ أ فقرة ثالثة و98/ ب فقرة أولى و98/ هـ من قانون
العقوبات. فقرر بذلك وفي أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات مصر دفع المتهمان
ببطلان القبض والتفتيش وما ترتب عليهما من إجراءات والمحكمة المذكورة قضت فيها
حضورياً بتاريخ 24 يناير سنة 1951 عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المادتين 32 و17
من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم الأول سيد طه شريف بالسجن ثلاث سنين وبمعاقبة
المتهمة الثانية إحسان محمد سعيد بالحبس مع الشغل لمدة سنتين مع تغريم كل منهما
خمسين جنيهاً وأمرت بمصادرة النقود والأوراق التي استعملت في ارتكاب الجريمة (وقد
ذكرت في أسباب الحكم أن الدفع غي غير محله). فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق
النقض... الخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن
الحكم المطعون فيه حين دان الطاعنين بالانضمام إلى جمعية "ترمي إلى سيطرة
طبقة على غيرها وإلى قلب نظم الدولة الأساسية باستعمال القوة والإرهاب والوسائل
غير مشروعة..... وبالترويج لتغيير مبادئ الدستور الأساسية والنظم الأساسية للهيئة
الاجتماعية...". جاء معيباً لخطئه في القانون وقيامه على إجراءات باطلة
ولإخلاله بحق الدفاع من استناده إلى أدلة غير مقبولة وغير متعلقة بإثبات وقائع
الجريمة. وفي بيان ذلك يقول الطاعن الأول أن المرسوم بقانون رقم 117 لسنة 1946 الذي
طبقته المحكمة في حقه باطل لمخالفته لنص المادة 41 من الدستور. إذ لم يدع البرلمان
إلى اجتماع غير عادي للنظر فيه ولم يعرض عليه ولم يقره فزال بذلك ما كان له من قوة
القانون كما أنه مخالف للمادتين 12 و14 من الدستور أيضاً لمنافاته لحرية الرأي
وحرية الاعتقاد. ثم إن التحقيق والمحاكمة قد جريا في جلسة سرية وكانت إجراءات
القبض والتفتيش باطلة، كما أن المحكمة قد منعته من الدفاع عن نفسه رغم ما أشار
إليه من أن المحامي الحاضر معه لا يمثل رأيه وقد أخذته المحكمة بنتيجة التفتيش على
زعم أنه المستأجر للمسكن مع أنه أنكر ذلك ولم يتعرف عليه مالك المنزل ويعيب على
النيابة أنها أجرت المضاهاة طبقاً للمادتين 95 و97 من قانون تحقيق الجنايات على
ورقة لم تكن مكتوبة بخطه - ورفضت أن تستكتبه لمضاهاة كاتبه على الخط الموجود
بالأوراق المضبوطة - وتقول الطاعنة الثانية إن الإذن بالتفتيش باطل لصدوره من
النيابة ضد شخص غير معين وغير متهم حين صدور الإذن، مما كان مقتضاه استصدار الإذن
من القاضي الجزئي عملاً بالمادة 30 من قانون تحقيق الجنايات فقد كانت التحريات
موجهة إلى الطاعن الأول وحده ولم تكن هناك تحريات أو شبهات ضد أحد من أصحاب
المنازل التي طلب تفتيشها بل لم تكن أسماؤهم ولا شخصياتهم معروفة كما لم ينسب
إليهم أي عمل معاقب عليه وإنما كانوا متهمين على وجه الاحتمال قصد بتفتيشهم البحث
عن أدلة قبل الطاعن الأول الذي لا يسكن هذه المنازل مما لا يصح معه الاكتفاء بصدور
إذن بالتفتيش من النيابة ويكون التفتيش الذي أجرى بناء على هذا الإذن باطلاً
لمخالفته للقانون - وتضيف الطاعنة أن الأدلة التي أوردتها المحكمة لا تؤدي إلى
الإدانة إذ استندت بجانب ما أسفر عنه التفتيش الباطل إلى سبق اتهامها وإلى شهادات
سماعية لا يصح الاعتماد عليها وإلي أدلة خاصة بأخلاقها وعلاقتها مع أهلها بل وقد
آخذتها بامتناعها عن الرد وطلبها أن تكون المحاكمة علنية.
وحيث إنه لما كان يبين من
مراجعة محاضر الجلسات أن المحكمة أمرت بجعل الجلسة سرية بناء على طلب النيابة
محافظة على "النظام العام" ولما كان ذلك من حقها بمقتضى القانون فإن ما
يثيره الطاعن الأول في هذا الخصوص لا يكون له محل. وأما ما يقوله عن بطلان المرسوم
بقانون رقم 17 لسنة 1946 فمردود بأن المادة 41 من الدستور وإن أوجبت دعوة البرلمان
لاجتماع غير عادي لعرض المراسيم التي تصدرها السلطة التنفيذية بين دوري الانعقاد
بالاستناد إليها إلا أنها لم ترتب جزاء على مخالفة ذلك. كما أن المادة 14 من
الدستور وإن كفلت حرية الرأي والاعتقاد إلا أنها عقبت على ذلك بأن الإعراب عن
الفكر بالقول أو الكتابة..... يكون في حدود القانون ذلك لأن حرية الإعراب عن الفكر
شأنها كشأن ممارسة سائر الحريات لا يمكن قيامها بالنسبة إلى جميع الأفراد إلا في
حدود احترام كل منهم لحريات غيره وإذن فإن من شأن المشرع بل من واجبه بمقتضى
الدستور أن يبين تلك الحدود حتى لا يكون من وراء استعمال هذه الحريات الاعتداء على
حريات الغير. وليس في أحكام المرسوم المشار إليه ما يمس حرية الرأي أو يتجاوز
تنظيم ممارسة الفرد لحرية التعبير عن فكره ووضع الحدود التي تضمن عدم المساس
بحريات غيره مما لا يصح معه النعي عليه بمخالفة أحكام الدستور من هذه الناحية -
وأما ما يشير إليه عن الإخلال بحق الدفاع فمرود بأن الطاعن وإن طلب جعل الجلسة
علنية وقال إن المحامي لا يمثله، إلا أن الثابت بمحاضر الجلسات أن الطاعن نفسه قد
طلب بعدها الكلام فاستجابت المحكمة لطلبه وسمحت له بالدفاع عن نفسه فتقدم بعد
مرافعة محاميه وأدلى بما لديه من دفاع - وأما ما يثيره في شأن الاستكتاب وأوراق
المضاهاة فلا يقبل منه. ذلك بأنه لم يطلب إلى المحكمة شيئاً عنه. وأما ما يقوله عن
نتيجة التفتيش وأخذه بها مع أن المسكن ليس له، فإنما هو جدل موضوعي مما لا تجوز
إثارته أمام محكمة النقض. وأما ما يقوله في شأن بطلان القبض والتفتيش بسبب مخالفة
القانون، فمرود بما أثبتته المحكمة من أنه إنما وقع بعد صدور الإذن من النيابة
بتفتيشه وتفتيش مسكنه وبعد أن تبين رجال الضبطية وجود قرائن تدل على وقوع الجناية
منه مما يبيح لهم القبض عليه وتفتيشه. هذا فضلاً عن أنه لم يتمسك أمام محكمة
الموضوع بشيء مما يثيره في طعنه في هذا الصدد، فلا يجوز له التمسك به لأول مرة
أمام محكمة النقض ما دام الحكم لم يتضمن بذاته ما يفيد صحة هذا الدفاع.
وحيث إن الطاعنة الثانية
تنعي على الإذن الصادر من النيابة أنه وقع باطلاً لعدم وروده عل شخص يعينه ولعدم
قيام جريمة ضد من صدر هذا الإذن ضده ذلك أنه لم تكن هناك تحريات في شأنهم ولم تكن
أشخاصهم معروفة بعد لدى البوليس بل كانت التحريات جميعها ضد الطاعن الأول وحده.
وحيث إن الحكم المطعون
فيه بين الواقعة في هذا الخصوص فقال "إنه اتصل بعلم القلم السياسي ببوليس
القاهرة أن من يدعي محمود السوداني يقوم بنشاط شيوعي غير مشروع وأنه على اتصال
ببعض الأفراد الذين يشايعونه هذا الرأي الإجرامي ويقومون معه بنشاط غير مشروع
تحقيقاً لهدف لا يقره القانون فأخذ رجال القلم السياسي يتابعون الرقابة على هذا
المتهم وكان دائم التردد على منازل بأحياء مختلفة تردداً يهدف إلى نقل تعليمات
قادة الحركة الشيوعية إلى أعضائها وظلت المراقبة تجري وقتاً دون أن يشعر بها محمود
السوداني بغية الوقوف على المركز الرئيسي للمنظمة الشيوعية ومعرفة أعضاء الخلية
التي ينظم فيها هذا المتهم غير أنه وصل إلى علم القلم السياسي أثناء ذلك أن محمود
السوداني سينتقل من القاهرة ليزاول نشاطه في جهة أخرى وأنه قد أزمع الاتصال بمصطفى
عباس فهمي المعروف بنشاطه الشيوعي والذي سبق اتهامه في القضية رقم 478 عسكرية عليا
سنة 1949هو والمتهمة الثانية إحسان محمد سعيد وقضى ببراءتهما فيها ـ فاستصدر
الأميرالاي محمد إبراهيم إمام بك رئيس القلم السياسي أمراً من النيابة العمومية
بتاريخ 13 مايو سنة 1950 بتفتيش محمود السوداني ومنزله الكائن بشارع العطار رقم 18
بالجيزة وأصحاب المنازل رقم 19 بشارع المنيرة و48 شارع قصر النيل و48 بشارع محفوظ
بشبرا و191 شارع فاروق و2 شارع القماش ببولاق ومن يوجد بهذه المنازل وقت التفتيش
وكان الأساس الذي صدر الأمر بناء عليه أن محمود السوداني يقوم مع الأشخاص الساكنين
في هذه المنازل بنشاط شيوعي وفي يوم 14 مايو سنة 1950 وكان مفعول الأمر لا زال
سارياً حدد المرشد للبوليس السياسي أن المقابلة بين محمود السوداني ومصطفى عباس
فهمي ستتم في هذا اليوم فقام الضابطان صادق حلاوه أفندي ومحمد المنياوي أفندي
بتكليف محمد بك إمام إبراهيم لضبط محمود السوداني ومن سيخلفه في نشاطه الإجرامي
فالتقى الضابطان بأحد المرشدين في صبيحة ذلك اليوم بميدان الأوبرا وبعد القليل من
انتظارهما حضر المتهم محمود السوداني فأشار لهما المرشد عليه وأخذا في تعقبه زهاء
الساعتين وهو يلتوي في سيره ويدور في مشيته حتى وصل على جنينة "قاميش"
المتفرعة من شارع المبتديان بقسم السيدة زينب وهناك التقى بمصطفى عباس فهمي وبدأ
بتسليمه جريدة كان يحملها وهذا التصرف هو رمز حركي وخشي الضابطان أن يتريثا خيفة
أن تكون الجريدة قد حوت أوراقًا يخشى ضياعها فبادرا بالقبض على محمود السوداني
ومصطفى عباس فهمي ولما سألا محمود السوداني عن اسمه قرر أن اسمه سيد طه شريف
ففتشاه على الفور "ثم تعرض للدفع بالبطلان فرفضه وقال عن التحريات "وحيث
إنه بالنسبة للفعل الذي صدر الأمر على أساسه فقد سبق أن بينت المحكمة أن النشاط
الشيوعي الذي بني إصدار الأمر عليه هو جريمة يعاقب عليها القانون - أما ما تمسك به
الدفاع من أن هذه الجريمة لم تكن تمت عناصرها تماماً يستتبع قيام جريمة تسيغ
التفتيش استنادا إلى ما شهد به طالب الإذن أمام المحكمة من أن تحرياته بأنه لم تكن
نضجت بعد فإنه ثابت من مراجعة أقوال الشاهد أن تحرياته بعد أن أسر إليه المرشد
حقيقة أمر المتهم الأول انتهت وثوقه من أن هذا المتهم له نشاط إجرامي وأنه يتردد
على المنازل التي ذكرها في أمر التفتيش ومن بينها منزل المتهمة الثانية اتصالاً
إجرامياً مبعثه مظاهرة من يتردد عليهم للجمعية أو للمبدأ الذي يقوم بنشره وأنه كان
عازماً على متابعة تحرياته للوصول إلى معرفة المقر الرئيسي لهذه الجمعية التي
ينتمي إليها المتهم ومن يتردد عليه. وحيث إنه يبين من هذا أن تحريات طالب الإذن
كانت قد نضجت تماماً بالنسبة للمتهمين في هذه الدعوى وكانت قد تركت لديه العقيدة
بارتكاب كل منهما للجريمة التي طلب الإذن على أساسها وأن استكمال التحريات إنما
كان ينصرف إلى معرفة غيرهما ممن يديرون هذه الحركة ويتولون الزعامة فيها"
وقالت عن التحديد إنه كان عن منازل "وجه إلى أصحابها تهمة الجناية التي يقوم
الطاعن الأول نيابة عن الجمعية الغير مشروعة بالاتصال بهم...وأنه كان يباشر نشاطه
الشيوعي عن طريق الاتصال بالمتضامنين معه ومن يشايعونه عقيدته في المساكن الكائنة
بالمنازل التي حددها طالب الإذن في طلبه". ومتى كان الأمر كذلك، وكانت
المحكمة قد تبينت أن النيابة حين أصدرت إذنها في إجراء التفتيش كانت إزاء جريمة
معينة وقد وجدت التحريات والأبحاث التي أسس عليها الطلب جدية وكافية. لما كان ذلك،
فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن لا يكون له محل إذ أن تقدير الظروف المبررة
للتفتيش منوط بالنيابة تحت إشراف محكمة الموضوع، كما أن هذا هو حكم ما تثيره
الطاعنة من بطلان بسبب عدم ورود الإذن على مسكن متهم معين بشخصه ما دامت المحكمة
قد رأت أن الأشخاص الذين صدر الإذن بتفتيش مساكنهم معينون تعييناً كافياً، وأن
هناك واقعة معينة أسندت إليهم ويقتضى تحقيقها ضرورة التصدي لحريتهم أو حرية
مسكنهم. وإذن فلا يجدي الطاعنة أن تتمسك بالبطلان لنقص في البيان بدعوى أن الإذن
بحالة قد يمتد فيشتمل مساكن أشخاص آخرين ليست هي بصاحبة شأن في التحدث عنهم.
وحيث عن الوجه الآخر
الخاص بالأدلة وقيمتها في الإثبات فهو لا يعدو كونه جدلاً موضوعياً في تقدير
الأدلة في الدعوى ومبلغ الاطمئنان إليها، ذلك بأن للمحكمة في سبيل تكوين عقيدتها
أن تستند في الإثبات إلى كافة الطرق القانونية بما فيها البينة وقرائن الأحوال
ويكفي أن يكون الدليل مؤدياً إلى ما رتبته عليه، ومتى كان كذلك فلا تصح مناقشتها
فيه أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون
الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق