جلسة أول يناير سنة 1952
برياسة حضرة صاحب السعادة
أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد حسني بك إبراهيم
خليل بك وإسماعيل مجدي بك وباسيلي موسى بك المستشارين.
----------------
(137)
القضية رقم 487 سنة 21
القضائية
حريق.
القصد الجنائي في جريمة
الإحراق يتحقق بتعمد وضع النار في الشيء مع العلم بأنه مملوك للغير. الباعث لا
يعتد به.
-----------------
القصد الجنائي في جريمة
الإحراق يتحقق متى تعمد الجاني وضع النار في الشيء وكان عالماً أن هذا الشيء مملوك
لغيره بقطع النظر عما يكون لديه من باعث إذ لا تؤثر البواعث على قيام الجريمة.
الوقائع
اتهمت النيابة العمومية
هؤلاء الطاعنين، بأنهم بناحية الشماسه مركز رشيد مديرية البحرية: وضعوا النار
عمداً في الساقية المبينة بالمحضر لأبي النجاة وعباس السيد أبو زيد بأن ألقوا
عليها بكمية من قش الأرز وأشعلوا النار به فامتدت إلى أجزاء الساقية وأحرقتها،
وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمادة 253 من قانون
العقوبات فقرر بذلك. ومحكمة جنايات إسكندرية قضت عملاً بمادة الاتهام والمادة 17
من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين الثلاثة بالحبس مع الشغل لمدة سنتين. فطعن
المحكوم عليهم الثلاثة في الحكم بطريق النقض... الخ.
المحكمة
من حيث إن الطاعن الثالث
قد توفى فيتعين الحكم بانقضاء الدعوى بوفاته.
وحيث إن مبنى هذا الطعن
هو أن الحكم المطعون فيه حين دان الطاعنين بأنهما: "وضعا النار عمداً قي
الساقية" قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك بأن المدافع عنهما تمسك بأنه على فرض
صحة نسبة الحريق إليهما، فإنهما غير مسئولين جنائياً، إذ أن وضع النار إنما حدث
بأمر مالك الساقية لسبب يتعلق به وبتصريح منه وبإجازته، ولم يتخلف عنه ضرر مادي
للغير. وفي بيان الأمر قال إن المالكين كانا متهمون بإحداث حريق في ساقية مملوكة
لآخر، وكانا بحاجة إلى خلق دفاع عن نفسيهما يتمثل في إحداث حريق مماثل للحريق الذي
اتهما فيه، فيتيسر بذلك لهما سبيل الدفاع وإبعاد الشبهة عنهما، وكان من مقومات هذا
التدبير ندب ابن شقيقهما له، فاستعان عليه بباقي الطاعنين، يدل على ذلك ما تكشف من
التحقيق عن الحادث وسببه، كما يدل عليه ما تفيده أقوال المالكين للساقية المحترقة،
وهما وإن كانا لم يصرحا بأن الإذن بالإحراق قد صدر عنهما، إلا أن المحكمة نفسها
ذكرت أن الطاعنين إنما استهدفوا بعملهم محضر مصلحة المالكين بتدبير دفاع لهما في
التهمة التي كانت من موجهة إليهما، مما يفيد صحة هذا الدفاع وتكون الواقعة على هذا
الأساس غير معاقب عليها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه
بين واقعة الدعوى وذكر الأدلة التي استخلص منها ثبوتها وتعرض لدفاع الطاعنين
المشار إليه فقال:
"وحيث إن الدفاع كذلك ذهب
إلى أن المتهمين غير مسئولين جنائياً عن تهمة إحداث الحريق لأن المفروض أنهم إنما
فعلوا ذلك الإحراق بأمر مالكي الساقية، ومتى كان الحريق قد تم بأمر مالك الساقية
ولم يحدث ضرراً مادياً للغير، فلا عقاب عليه عملاً بالمادة 254 عقوبات. وحيث إن
هذا القول لا يمكن الأخذ به لأن مالكي الساقية لم يقولا في التحقيقات بأنهما أمرا
المتهمين بالإحراق ساقيتهم، ولم يقل أحد من المتهمين بالجلسة ولا بالتحقيقات بذلك،
وعليه فلا محل للأخذ بهذا الدفاع الذي لا سند له من التحقيقات ولا شهادة
الشهود". كما قال في استعمال الرأفة معهما: "وحيث إنه نظراً لظروف
الدعوى وملابساتها ولأن المتهمين إنما فعلوا ذلك بقصد تهيئة دفاع لصاحب الساقية
نفسه المقبوض عليه، ولأن النار لم ينتقل ضررها إلى غير هذه الساقية، ترى المحكمة
تطبيق المادة 17 عقوبات، والاكتفاء بحبسهم".
ولما كان الأمر كذلك،
وكانت المحكمة فيما ساقته في الرد على الدفاع، وما ذكرته عن أسباب الرأفة، ما يفيد
أنها نفت عن المالك أنه أمر بإحداث الحريق، أو أنه حدث بموافقته، وأن الطاعنين إنما
قاما به أثناء وجود المالك بالسجن ومن تلقاء نفسيهما مستهدفين ما ظنا أن له فيه
مصلحة - لما كان ذلك، فإن المحكمة حين دانت الطاعنين لا تكون قد خالفت القانون في
شيء، لأن القصد الجنائي في هذه الجريمة يتحقق متى تعمد الجاني وضع النار في الشيء،
وكان عالماً بأن هذا الشيء مملوك لغيره، بقطع النظر عما يكون لديه من باعث، إذ لا
تؤثر البواعث على قيام الجريمة.
وحيث إنه لما تقدم يكون
الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق